التصنيفات
الغذاء والتغذية

الشمندر، الشوندر، البنجر Beet

الشمندر نوع من الجذور الدرنية التي تكبر وتنمو داخل التربة، منه الشمندر الأحمر المعروف ومنه الشمندر السكري الذي يصنّع منه السكر. تنمو أوراق الشمندر الكبيرة إلى خارج التربة بشكل شبيه بالوردة (rosette)، صاعدة مباشرة من الجذر بلونها الأخضر الغامق الممشّح باللون الأحمر. يتميّز الشمندر بطعمه المميّز الحاد نوعا ما وبلونه الأحمر القاني الذي سرعان ما يلوّن ما هو على تماس به. وكأنه ينزف.

هذا اللون الجميل يتكوّن بسبب وجود مادة البيتاسيانين (Betacyanin) في الشمندر، والبيتاسيانين هذا، حسبما تشير العديد من الدراسات له قدرات كبيرة على محاربة مرض السرطان!
يستفاد من عصير الشمندر في بعض الدول الأوروبية لمعالجة مرضى السرطان، ويقول العلماء هناك أنّ للمادّة الملوّنة الموجودة فيه قدرة كبيرة على القضاء على الخلايا السرطانية.

هذا في أوروبا، أمّا في أميركا فيستفاد من الشمندر كدواء مهم في معالجة بعض الحالات المرضية التي تصيب الكبد، فله قدرة كبيرة على حماية خلايا الكبد ومنع ترسّب الدهون فيه (Fatty liver)، ويعود الفضل في ذلك لمركّب البيتاين (betaine) الموجود في الشمندر بوفرة.

والشمندر نوعان، أحدهما أبيض، وهو يعتبر المصدر الرئيسي الذي يأتي مباشرة بعد قصب السكر، بحيث يستفاد منه في صناعة السكر.
أما الثاني فهو الشمندر العادي الذي تعرفه غالبية الناس ويستهلكونه مسلوقا في أيام الشتاء الباردة كما تصنع منه المقبّلات والسلطات الشهية.

وفي دول الاتحاد السوفياتي السابق يستفاد من الشمندر على نطاق واسع لصنع أحد الأطباق التقليدية الشهيرة المسمّى (Borscht).
والبورشت هو عبارة عن حساء لذيذ مصنوع من الشمندر الطازج، يؤكل باردا أو حارا.

فوائد الشمندر

•    لمحاربة مرض السرطان
•    لحفظ الكبد ووظائفه
•    مصدر مهم للغلوتامين
•    منشّط ومقوّ للرياضيين
•    لحماية القلب وتقوية الدم

المركّبات الدوائية الفعّالة

Betaine
Folic acid
Beta cyanine
Phosphorus
Potassium
Glutamine
Manganese
Asparagine
Iron

مكونات الشمندر

يحتوي الشمندر على عدد من المركبّات الكيميائية الدوائية (phytochemical) المهمة التي تجعل منه دواء بكل ما للكلمة من معنى.

من أهمّ ما يحتويه الشمندر البيتاين (Betaine) وهو الدواء الذي يوصف لعلاج المرضى المصابين ب (homocystinuria). هذا المرض هو بسبب خلل جيني (genetic disorder) ينتج عنه نقص في الأنزيم الذي يحوّل الهموسيستئين homocysteine إلى ل – ميثيونين L-methionine، ويؤدي نقص الأنزيم هذا إلى تراكم الهموسيستئين في الدم وبالتالي ظهوره في البول.

هذه واحدة من دواعي استعمال البيتاين (Betaine) في الطب حيث يؤدّي إلى تحسن ملحوظ بنسبة 75%. إلاّ أنّ له استعمالات أخرى كثيرة من أهمها أنّه يوصف للمصابين بأمراض الكبد لما له من آثار حامية لخلايا الكبد ووظائفه (hepatoprotective effect) إضافة إلى أنّه يمنع ترسب الدهون في الكبد (Fatty liver) بل وأكثر من هذا فهو يساعد على التخلص من هذه الدهون المترسّبة، وهو أي البيتاين متوفّر في الصيدليات لمعالجة هذه الحالات المرضية الخاصّة. وهذا ما يفسّر التداوي بالشمندر لحماية الكبد في بعض الدول المتطورة ومنها أميركا، فعلى عكس أقراص البيتاين (Betaine capsules or tablets) التي قد تسبّب بعض العوارض الجانبية من قبيل حالة التهوع والاستفراغ والإسهال، ليس للشمندر هذه العوارض الجانبية ولذلك يستفاد من عصير الشمندر للتداوي في أميركا وفي عدد من الدول الأوروبية.

والمركّب الآخر الذي لا يقل أهمية هو البيتاسيانين (Betacyanine)، الملوّن الطبيعي للشمندر، والمحارب القوي لمرض السرطان.

ويحتوي الشمندر أيضا على عدد من الحوامض الأمينية (Amino acids) المهمة كالأسباراجين (asparagine) والغلوتامين (glutamine) وهذا الأخير هو حامض أميني ضروري يوصف في بعض الحالات الخاصة كفترة النقاهة من عمل جراحي أو إصابة ما أو بعد أية علة مرضية طالت مدّتها، لأنّ هذا الحامض الأميني ينقص من الجسم في حالات الكرب (stress) لذلك يستلزم الأمر التعويض عبر محلول تغذوي (TPN) يحتوي على الغلوتامين. والغلوتامين موجود أيضا في بعض الأقراص الدوائية (L-glutamine tab) المنشّطة التي توصف خصيصا للرياضيين وللأشخاص المهتمين بلياقة أجسامهم (sports and fitness products).

الشمندر: الإشارة الحمراء لوقف السرطان

يستعمل عصير الشمندر في بعض الدول الأوروبية كدواء فعّال لمعالجة مرضى السرطان، ويعتقد بعض العلماء أنّ للمادة الملوّنة فيه (Betacyanin) دورا بارزا في مكافحة هذا المرض العضال!
وهذا الأمر ليس بالأمر الجديد في تلك الدول بل إنّ الطب القديم والشعبي يمتلئ بالقصص والروايات التي تؤكّد على فوائد الشمندر وعصير الشمندر خاصة في معالجة مرض السرطان.
وكم هو سهل أيها القارئ العزيز أن تستفيد من الشمندر للوقاية من السرطان قبل الابتلاء به!!
طريقة صنع عصير الشمندر: يعصر الشمندر بواسطة عصّارة الخضار بنفس الطريقة التي يعصر بها الجزر ويمكن إضافة العسل أو السكر إليه عند تناوله.

الشمندر: لحفظ الكبد ووظائفه

يوصف الشمندر وعصيره في أميركا وبعض الدول الأوروبية للمصابين بأمراض الكبد ولذلك مبرّرات علمية أكيدة أهمها احتواء الشمندر على نسبة عالية من البيتاين (Betaine)، هذا المركّب الدوائي الذي اكتشف أوّل ما اكتشف في عصير الشمندر السكري وهو الآن يستعمل كدواء فعّال لحماية خلايا الكبد من السموم المتنوّعة التي يبتلعها الإنسان كالكحول والأدوية والمركّبات الكيميائية السامة!!
والأهم من هذا أنّ للبيتاين القدرة على منع ترسّب الدهون في الكبد، بل وأكثر من هذا فهو يساعد على إزالة الدهون المترسّبة في الكبد (lipotropic agent).

الشمندر: والغلوتامين الضروري في فترة النقاهة

لعلّ أهمّ ما يحتوي عليه الشمندر الحوامض الأمينية الموجودة فيه بوفرة، وعلى وجه الخصوص الغلوتامين (glutamine) الذي يستفاد منه في الطب في مجالات عدة.
ومن أهمّ طرق الاستفادة منه أنه يضاف إلى محلول التغذية الخاص بالمرضى الناقهين (في فترة النقاهة) والذين خضعوا حديثا لحادث أو صدمة أو جراحة أو حروق متعددة أو لمرض مزمن كالسرطان وغيره، ففي هذه الحالات الخاصّة تزداد حاجة الجسم إلى الغلوتامين الذي يصبح ضروريا ولازما ويجب أن يعطى لهؤلاء المرضى لكي يمنع حدوث أي انحلال أو ذوبان للعضلات (breakdown of muscle tissue) أو أيّ اختلال وضعف للمناعة في الجسم، وهو أمر شائع الحدوث في حالات الكرب (stress) هذه.

ولهذا، ففي مثل هذه الحالات، يجب إعطاء الغلوتامين للمريض بصفته أكثر الحوامض الأمينية وكذلك أكثر العناصر الغذائية (nutrients) التي يحتاجها جسم الإنسان.

ويعمل الغلوتامين أيضا على حماية الغشاء المخاطي لمجرى الجهاز الهضمي (هذا الغشاء قد يضعف في فترة النقاهة من الأمراض)، وهذا الأمر مهمّ جدا لأنه يمنع هجوم الميكروبات وتسلّلها إلى داخل الجسم في هذا الوضع الحساس ويمنع بالتالي الإصابة بالأمراض الجرثومية المتربّصة بالفرص (Secondary infection).

الشمندر: منشّط ومقوّ للرياضيين

يحتوي الشمندر على مواد سكريّة كالساكاروز (Saccharose) وقد تصل نسبته حتى حدود ال 27% في الشمندر السكري (pressed sugar beet) كما يحتوي عددا من السكريات الأخرى، الأحادية (Oligosaccharides) كالسكر المكرّر (refined sugar) والكيتوز (Ketose) والسكريات المتعدّدة (polysaccharides) ومنها الغالاكتان (galactans) وال (arabans) والبكتين (pectin).

إلاّ أنّ المادة المهمة الموجودة في الشمندر والتي ارتبط اسمها بالقدرة على تنشيط الجسم وتحفيزه هي مادة الغلوتامين (glutamine) وهي حامض أميني (amino acid) اشتهرت بأنها منشّطة للجسم، وهي موجودة في بعض المنتجات والأدوية الخاصة بالرياضيين (Sports and fitness products) كما يحتوي الشمندر أيضا على نسبة جيدة من الفوسفور (51 ملغ في الحصّة)، وهو أيضا مقوّ ومنشّط معروف (51 ملغ في الحصّة).

وقد أثبتت الدراسات أنّ للفوسفور قدرة كبيرة على تحفيز الرياضيين وتحسين أدائهم في المسابقات، وكثير من الرياضيين يبدأون بتناول أقراص الفوسفور قبل عدّة أيام على المباريات لأجل تحسين أدائهم الرياضي. ومن المهم معرفة أنّ الأغذية الغنية بالفوسفور لها نفس القدرة على تنشيط الجسم وذلك من دون العوارض الجانبية للأدوية!

من هنا، ينصح بالإكثار من تناول الشمندر لكلّ رياضي يسعى إلى كسب المراتب العليا بسبب غناه بالغلوتامين والفسفور والسكريات المنشّطة!

الشمندر: والفولات الحامي للجنين

إنّ أكثر ما ينصح به الأطباء عموما للمرأة التي تريد أن تنجب طفلا هو البدء يتناول أغذية غنية بالفولات (Folate) أو البدء بتناول أقراص الفوليك أسيد (Folic acid tablets) لمدة حتى قبل أن تصبح حاملا! فإنّ ذلك يخفّض من نسبة ولادة أطفال ذوي عيوب خلقية دماغية من قبيل (Spina bifida)، وهي حالة لا يكتمل فيها انغلاق المجرى العصبي لدى الجنين فيولد الطفل وخلاياه العصبية ظاهرة للعيان في منطقة الظهر.

وقد بيّنت الدراسات بما لا يقبل الشك أنّ تناول أغذية غنية بالفولات أو أقراص الفوليك أسيد هي العلاج الأقوى والموصوف عادة من قبل كل الأطباء للوقاية من حدوث هذه الظاهرة النادرة وكذلك من ظواهر أخرى كال anencephaly (وهي عدم وجود الدماغ لدى الجنين) وال (meningocele).

والشمندر هو من أغنى المصادر الغذائية بالفولات إذ تحتوي الحصّة الواحدة منه على 150 ميكروغراما من حامض الفوليك الضروري للمرأة الحامل وللجنين على حدّ سواء، ويحتاج الإنسان يوميا إلى 400 ميكروغراما من الفولات، وهو العنصر الغذائي الأهم الذي غالبا ما لا تأخذ السيدات كفايتهنّ منه.
فكم هو سهل تناول الشمندر اللذيذ ولو بشكل يومي كمصدر غنيّ بالفولات إضافة إلى المصادر الأخرى كالسبانخ والهليون والخضار المورقة.

الشمندر: قلب لحماية القلب (heart for the heart)

قد يكون الشمندر النبات الأشبه بالقلب (heart) لونا وشكلا وفي ذلك سرّ من أسرار الخلق والطبيعة، ففي الشمندر كنز من الفولات (Folate) الحامي للقلب وللعروق. والثابت علميا أنّ نقص حامض الفوليك يزيد من نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين (cardiovascular disease)، وقد يزيد أيضا من نسبة الإصابة بالسرطان ومرض الألزهايمر وكذلك الكآبة.

ويؤدّي نقص حامض الفوليك إلى الإصابة بنوع خاص من فقر الدم، هذه الحالة تسمّى (Megaloblastic anemia) وهي حالة شبيهة جدا بفقر الدم الحاصل نتيجة نقص الفيتامين B12.

كيف يحمي حامض الفوليك من الإصابة بأمراض القلب والشرايين؟

تبيّن الدراسات أنّ ارتفاع معدل الحامض الأميني المعروف بالهموسيستئين أو ما يسمّى hyperhomocysteinemia هو عامل مترافق أو بالأحرى عامل مسبّب (risk factor) لأمراض القلب والشرايين. ولذلك فرضيات عدّة منها أنّ الهموسيستئين قد يؤدّي إلى انسداد وتصلّب الشرايين، ومنها أنّه قد يفعّل عملية أكسدة الكوليسترول الضار (LDL) ما يؤدّي بدوره إلى تصلّب الشرايين ومنها أنّه قد يحفّز عملية التصاق الصفائح (platelets) ببعضها البعض ما يؤدّي إلى تجلّط الدم.

وبغضّ النظر عن كيفية عمل الهموسيستئين وتأثيره الأكيد على زيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين، فإنّ ما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أنّ الفوليك أسيد يعمل على تخفيض نسبة الهموسيستئين في الدم، وذلك عن طريق تحويله إلى ميتيونين.

من هنا، فإنّ زيادة استهلاك الفولات تعني تلقائيا خفض نسبة الهموسيستئين في الدم وبالنتيجة خفض نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين وفي طليعتها السكتات القلبية والدماغية الخطيرة!
ويحتوي الشمندر على 150 ميكروغراما من الفوليك أسيد في الحصّة الواحدة أي أكثر من ثلث حاجة الجسم اليومية (400 ميكروغرام) من هذا الفيتامين الضروري من مجموعة فيتامينات B الأساسية.

كما يحتوي الشمندر على ثروة مهمة من البوتاسيوم (Potassium) وهو الملقّب أيضا بحامي القلب الأوّل!
فالبوتاسيوم يعمل على خفض ضغط الدم الشرياني المرتفع وهو يوصف من قبل أطباء القلب بكثرة وله تأثيرات واضحة ومهمّة في تخفيض ضغط الدم الشرياني الخفيف وحتى المتوسط (mild to moderate hypertension).

كما يلعب البوتاسيوم دورا مهما في الوقاية من الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية وهذا ما تثبته الإحصائيات الكثيرة حول العالم فالذين يستهلكون نظاما غذائيا غنيا بالبوتاسيوم لديهم نسب أقل من الإصابة بالسكتة القلبية أو الدماغية (38% أقل بحسب إحدى الدراسات) من أولئك الذين يستهلكون مقادير أقلّ من البوتاسيوم. وعلى عكس أقراص البوتاسيوم التي قد تصيب من يتناولها ببعض العوارض الجانبية كالإسهال والاستفراغ والنفخة، فإنّ تناول الأغذية الغنيّة بالبوتاسيوم ليس له أية عوارض على الإطلاق، والشمندر هو واحد من هذه الأغذية المهمّة والنافعة للحماية من الإصابة بأمراض القلب والشرايين الخطيرة وكذلك بعض أنواع مرض السرطان.. وهل هناك دواء ألذّ.

كيف تحصل على أفضل النتائج؟

● حبّات الشمندر الصغيرة ألذّ وأنفع
للاستفادة من الشمندر على أفضل وجه يفضّل اختيار الحبّات الصغيرة والمتوسطة الحجم منه فبهذا تستطيع الإفادة من الشمندر الطري اللذيذ حتى من دون الحاجة إلى تقشيره بل الاستفادة منه كاملا بعد سلقه لمدة قصيرة من الوقت!

● اطبخه بأقل وقت ممكن
يجب الاكتفاء بسلق الشمندر لأقل مدّة ممكنة من الزمن لأن المادة المحاربة للسرطان فيه تتأثر فعليا بالحرارة، لذا يفضّل اختيار حبات الشمندر الصغيرة التي لا تحتاج لوقت طويل على النار بل يكفي سلقها لعدّة دقائق فقط!

● لا تقطع الجذور قبل السلق
إنّ الطريقة المثلى لسلق الشمندر مع حفظ أكبر قدر ممكن من العناصر الغذائية والفيتامينات وكذلك اللون الأحمر القاني بداخله هي، أولا، بغسل الشمندر بعناية حتى لا تزول القشرة عنه، وثانيا، بالاحتفاظ بجذور الشمندر (root ends) كما هي من غير أن تقطع أو تمسّ.

● الشمندر المعلّب نافع أيضا
من الجيد أن تعرف عزيزي القارئ أنّه يمكنك الاستفادة من الشمندر في الموسم وخارجه أيضا، ففي غير موسمه تستطيع الإفادة من الشمندر المعلّب الموجود دائما في المحلات والمتاجر الكبرى فهو لا يقلّ قيمة عن ذاك الخارج توّا من التربة.