التصنيفات
الباطنية

الصباغ الدموي، مرض اختزان الحديد Hemochromatosis

الصباغ الدموي هو عبارة عن شذوذ جيني يدفع الأمعاء إلى امتصاص كمية مفرطة من الحديد، وهو ما يدعى غالباً فرط امتصاص الحديد. أما فائض الحديد فيدخل مجرى الدم ويتكدس في بعض الأعضاء، خاصة الكبد. وعند إهمال الحالة، يؤدي المرض إلى تلف عضوي كما يسبب السكري واسمرار البشرة (وهو ما يدعى أحياناً “السكري الأسمر”). ولكن لحسن الحظ، من السهل علاج الصباغ الدموي، بعكس التهاب الكبد. وفي حال اكتشاف المرض باكراً، يمكن عموماً تفادي الإصابة بتلف دائم.

أعراض الصباغ الدموي

● تعب وضعف
● ألم في المفاصل.
● عجز جنسي أو فقدان الرغبة الجنسية.
● زيادة صباغ الجلد (اسمرار).
● زيادة العطش والتبوّل.

خلل جيني

في حالات نادرة، ينشأ فرط امتصاص الحديد عن الخضوع المتكرر لعمليات نقل دم أو عن فرط استهلاك الحديد في الأطعمة. غير أنّ أكثر أسباب المرض شيوعاً يعود إلى خلل يصيب إحدى الجينات التي تدعى جينة HFE، وقد تم اكتشافها عام 1996. ولكن من غير المعروف تماماً كيف تسبب الجينة فرط امتصاص الحديد. ويفترض الباحثون بأنها تحمل إشارة بروتين مزيّف يدفع الأمعاء إلى فرط امتصاص الحديد.

ووفقاً للتقديرات فإن واحداً من بين كل 10 أميركيين يحملون جينة HFE شاذة، معظمهم أميركيون من أصل أوروبي. والواقع أنّ حاملي الجينة، أي من لديهم نسخة واحدة منها، لا يعانون من مشاكل إجمالاً. ولا يظهر الصباغ الدموي عادةً سوى لدى الأشخاص الذين لديهم نسختين من الجينة الشاذة. وتشير الإحصاءات إلى أنّ واحداً من بين 200 إلى واحد من بين 400 أميركي يحملون نسختين عن الجينة، نتيجة لوراثتهم جينة شاذة واحدة من كلّ من الأبوين.

التعرف على المشكلة

تقوم الخطوة الأولى لتشخيص الصباغ الدموي بإجراء اختبار للدم يدعى اختبار الإشباع بناقلة الحديد. وفي حال أظهرت النتيجة وجود فائض من الحديد في الدم، يطلب الطبيب فحوصات إضافية لتحديد كميات الحديد وتقييم سلامة الكبد. وهي قد تشمل اختباراً جينياً لمعرفة ما إذا كان المريض يحمل نسختين شاذتين عن جينة HFE. ولتحديد امتداد المرض، قد يوصي الطبيب باختزاع عينة من الكبد.

والحقيقة أنّ كثيراً من الناس يعيشون مع مستويات مرتفعة من الحديد لسنوات ولا يتم تشخيص المرض لديهم لسوء الحظ إلا بعد إصابة الكبد ببعض التلف. كما أنّ تشخيص هذا الاضطراب غالباً ما يتأخر لدى النساء قبل سن اليأس بسبب ما يفقدنه من دم شهرياً. إذ تنخفض معدلات الحديد مؤخرة ظهور العوارض. أما معدل الوقت الفاصل بين بدء العوارض وتشخيص الصباغ الدموي فيتراوح بين 5 إلى 8 سنوات.

هل عليك الخضوع للفحص؟

ينصح بعض الخبراء، جميع الراشدين بالخضوع لاختبار الإشباع بناقلة الحديد مرة في حياتهم على الأقل، في سن الشباب عموماً، لقياس مستوى الحديد في دمهم. واختبار الكشف عن الصباغ الدموي غير مدرج عادةً في اختبارات الدم الروتينية. بالتالي، إن أردت إجراء الفحص عليك أن تتطلب ذلك بنفسك.

غير أنّ الخبراء لا يوصون جميع الراشدين بإجراء الاختبار الجيني نظراً لارتفاع كلفته من جهة، ولأن عدد الأشخاص الذين يعانون من فرط امتصاص الحديد وهم يحملون هذا الخلل الجيني غير معروف من جهة أخرى.

ولكن، في حال إصابة أحد الأقارب المباشرين بالصباغ الدموي، كالأخ أو الأخت أو أحد الأبوين، قد تفضل إجراء اختبار جيني للتأكد من أنك لا تواجه خطر الإصابة. وإن اكتشفت بأنك تحمل نسختين شاذتين من جينة HFE قبل ظهور مضاعفات المرض، عليك بحث الحالة مع الطبيب لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث مشاكل في المستقبل. وتقوم الوسيلة الرئيسية لمنع فرط امتصاص الحديد على التخلص من بعض الدم (الفِصاد).

علاج الصباغ الدموي

سحب الدم للتخلص من الحديد

يقوم علاج الصبغ الدموي على إزالة فائض الحديد من الدم. فيخضع المريض لسحب دم بانتظام وهو ما يدعى طبياً “الفصاد”. ويتم أسبوعياً سحب باينت من الدم من أحد أوردة الذراع، تماماً كما يحدث عند وهب الدم. وتتكرر هذه العملية حتى يعود الحديد إلى مستواه الطبيعي.

ففي الحالات الطبيعية، يحتوي الجسد على 1.5 إلى 2 غرام من الحديد المخزن. أما الأشخاص المصابون بالصباغ الدموي، فقد يصل مستوى الحديد لديهم إلى 40 غراماً. وعند كل عملية سحب للدم، يتم التخلص من 250 ملغ فقط من الحديد. بالتالي، تستغرق إزالة فائض الحديد بكامله عدة شهور. وبعد استعادة المستوى الطبيعي لهذا المعدن، يحتاج معظم الأشخاص لتكرار سحب الدم من 4 إلى 8 مرات سنوياً لبقية حياتهم لمنع الحديد من التوضع.

وفي حال سبب المرض تلفاً في الكبد أو في أعضاء أخرى، على المصاب الخضوع للعلاج لمنع امتداد التلف إلى أعضاء إضافية. وقد يتمثل العلاج في الأدوية أو الجراحة.

تقليل نسبة الحديد في الغذاء

من غير الضروري أو المستحسن إزالة الحديد من الغذاء اليومي، بل يجب تجنب استهلاك ما يفوق الكمية التي ينصح بها يومياً، أي 18 ملغ. وأكثر المستحضرات غنىً بالحديد هي ملحقات الحديد ومتعدد الفيتامينات، التي قد ينصح الطبيب بتجنبها.

إضافة إلى خفض مستوى الحديد، على المريض أيضاً تجنب الكحول والحد من فرط استهلاك الفيتامين C. فالكحول يساعد على تفاقم اعتلال الكبد، فيما يسهل الفيتامين C امتصاص الحديد. بالتالي فإن فرط استهلاك هذا الفيتامين قد يزيد مستوى الحديد في الدم.

أمراض الكبد الموروثة الأخرى

ثمة اضطرابين آخرين يصيبان الكبد ويؤثران على الهضم، غير أنهما مرضين نادرين.

مرض ويلسون wilson disease

في هذه الحالة تتجمع في الجسد كميات فائضة من النحاس، مؤدية إلى تلف عضوي. وينشأ مرض ويلسون عن خلل جيني، شأنه في ذلك شأن الصباغ الدموي. وتبدأ العوارض بالظهور لدى جميع المصابين بالمرض تقريباً في سن الأربعين، وقد تشتمل على ألم في الكبد عند الضغط عليه ونقصان في الوزن وتعب بالإضافة إلى يرقان طفيف ومشاكل في الجهاز العصبي. وفي حال اكتشاف مرض ويلسون في مراحله المبكرة، يمكن علاجه بالأدوية التي تزيل فائض النحاس من الجسد.

قصور أو عوز مضاد التربسين ألفا -1 Alpha 1-antitrypsin deficiency

ينجم هذا الاضطراب عن خلل جيني يؤدي بالجسد إلى إنتاج أشكال غير طبيعية من بروتين مضاد تريبسين ألفا -1، وهو أنزيم مثبط. ومن شأن القصور أن يؤدي إلى اعتلال في الرئة والكبد. أما العلاج الوحيد لعلاج التلف اللاحق بالكبد فيتمثل بزراعة كبد جديد.