في بعض الأوقات، تغمرنا الضغوط لدرجة أننا نتجاهل أو نقلل من شأن الضغوط التي يشعر بها أطفالنا. وربما نعتقد أن الأطفال – خاصة الأطفال الصغار – لا يمكن أن يشعروا بأية ضغوط حقيقية، أو إذا كنا قد استطعنا التعامل مع الضغوط في طفولتنا، فليس هناك سبب يمنع أطفالنا من القيام بالمثل. وعندما ندرك أن أطفالنا يظهرون دلائل عقلية وجسدية على الضغوط الحادة، فربما يكون الوقت قد تأخر كثيرًا على منع المشكلات مبكرًا. إننا لسنا آباء وأمهات أنانيين أو غير واعين، ولكننا نستخدم الحوادث السابقة بطريقة لا تساعد في المواقف الحالية التي يواجهها أطفالنا.
التحدي
تغيرت العوامل المثيرة للضغوط بالنسبة للأطفال قبل مرحلة المراهقة – الأطفال فيما قبل سن المرحلة الثانوية في العادة – وازدادت على غرار الطريقة التي تحدث مع البالغين. وربما تغطي مثيرات الضغوط هذه مجموعة متنوعة من العوامل، من التعامل مع المواقف العائلية، والتعامل مع متطلبات الأصدقاء الذين ربما يكونون قساة دون قصد، وضغوط الأعباء الدراسية المتزايدة الصعوبة، واحتياجات الأنشطة الخارجية التي ربما تتجاوز قدراتك، إلى المرحلة التي لا يملك فيها الطفل وقتًا من أجل اللعب أو الاسترخاء. وتزداد هذه الضغوط بسبب التغيرات التي تطرأ على الهرمونات والأنظمة الجسدية الأخرى، التي تصاحب عملية النمو، وفي بعض الأوقات الصور والتوقعات السخيفة التي يتعرف عليها الأطفال من خلال وسائل الترفيه الحديثة والإعلانات. وربما تؤدي ضغوط الأطفال إلى نوعية الحالات الموهنة التي تتركها ضغوط البالغين نفسها، وتترك آثارًا عميقة على الصحة العامة للعائلة. ويتمثل التحدي في فهم حقيقة ضغوط الأطفال وطبيعتها، والمواضع التي تنبع منها الضغوط، والأمور التي تتسبب فيها الضغوط للأطفال، والبحث عن طرق لتقليل الضغوط من خلال الأنشطة المنزلية واليومية، وفي حالة الضرورة، البحث عن متخصصين يمكنهم المساعدة على تقليل الضغوط من خلال العلاج. وربما تعني رؤية الضغوط على أطفالك أن تتراجع وتجري تقييمًا صادقًا للأنماط السلوكية. ويجب أن تدرك أن هذه المعرفة مهمة للغاية من أجل الحفاظ على صحة أطفالك وعائلتك.
الحقائق
ربما يكون الأطفال عرضة للإصابة بالضغوط أكثر من البالغين، بسبب الكوارث التي تؤثر على حياتهم. وربما تؤدي الكوارث إلى الشعور بالقلق من الانفصال والعوامل الأخرى، التي تجعل من قبول شيء ربما يكون مجرد موقف مؤقت أمرًا صعبًا.
وربما تتنوع ردود أفعال الأطفال مع مرحلة النمو التي يمرون بها، والقدرة على التأقلم، ومدة استمرار مثيرات الضغوط، ومقدار الدعم الذي يتلقاه الطفل من العائلة، والأصدقاء، والمجتمع. وتتمثل أكثر ردود أفعال الأطفال أهمية تجاه الضغوط في:
– نقص التحكم الذاتي؛
– مص إصبع الإبهام أمام الناس؛
– النكوص في التدرب على استخدام دورة المياه؛
– التبول في الفراش؛
– تغير العادات الغذائية؛
– صعوبة التحدي والنوم؛
– البكاء الشديد؛
– النكوص إلى سلوكيات الأطفال الرضع؛
– التذمر والشكوى؛
– العدوانية؛
– نقص التركيز؛
– الشعور بخيبة الأمل؛
– نقص تقدير الذات مع السلوكيات العصبية؛
– نوبات الغضب.
ويعود جزء من مشكلة التعامل مع ضغوط الأطفال إلى دفع طفلك إلى التعبير عن مشاعره إليك. ونادرًا ما يمتلك الأطفال القدرة على التعبير عن شعورهم بالقلق؛ فهذه المشاعر لا تبدو منطقية بالنسبة لهم. وربما يكون الأطفال قادرين على التعبير عن الأعراض الجسدية، مثل اضطراب المعدة، أو الصداع، أو آلام العضلات والمفاصل، ولكن ربما يساء فهم هذه الأعراض على أنها نتيجة أسباب جسدية، ولا تعود إلى حالة عقلية. وإذا كان طفلك لا يستجيب بطريقة مناسبة للعلاج الجسدي، فربما يجرب طبيبك إجراء مقابلة مع الطفل للتحدث معه عن مشاعره وأنشطته، وعندئذ قد يوصي بزيارة أحد المعالجين المتخصصين في طب الأطفال أو الشئون الأسرية.
لقد مررنا جميعًا بضغوط من نوع ما في طفولتنا، وربما تكون هذه التجارب شيئًا جيدًا وسيئًا في الوقت نفسه. ويمكننا مساعدة أطفالنا على فهم الطبيعة المؤقتة للضغوط والتحدث معهم حول نوعية الجوانب الحياتية التي ربما تثيرها الضغوط لديهم، اعتمادًا على خبراتنا الخاصة مع المدرسة أو العائلة. ورغم ذلك، إذا اعتقدنا أننا كنا نستمر في مواجهة أية مشكلات تتعلق بالضغوط، فربما نتوقع من أطفالنا القيام بالمثل، وعدم الإسراع إلى طلب المساعدة التي يحتاجون إليها. يجب أن ندرك أن أطفالنا يختلفون عنا وعن أقاربهم المقاربين لهم في السن، وأنهم سوف يستجيبون للضغوط في العديد من الطرق المختلفة.
وهناك العديد من الأشكال والأسباب الشائعة للضغوط، والتي يمكن أن تؤثر على أي طفل بغض النظر عن خلفيته، في مرحلة الطفولة:
– الشعور بعدم الانسجام مع الأصدقاء؛
– الإحساس بعدم القيام بعمل جيد في المدرسة، وعدم معرفة كيفية التحسن؛
– التجاوب مع أحد المواقف المنزلية، مثل الخلافات بين الوالدين أو الطلاق؛
– التصرف بعنف تجاه إكراه الطفل على أنشطة لا يستمتع بها؛
– إرهاق جدول الطفل بالأنشطة، التي ربما يكون قد طلبها، ولكنه لم يكن مدركًا عواقب وجود ما يزيد على طاقته منها؛
– ضغوط الأقران؛ حيث يقوم الأصدقاء بمضايقة الطفل وتكوين جماعات لا تتضمنه.
– ويمر الطفل الذي يعاني صدمة معينة بمجموعة متوالية من المشاعر:
– الشعور بالرعب، مع مشكلات جسدية والبكاء؛
– الشعور بالغضب الذي يطلق الأدرينالين في الجسم؛
– الإنكار الذي يتضمن الانسحاب من الحياة الطبيعية؛
– الشعور بالأسى المستمر الذي ربما يتحول إلى إحباط أو يتسبب في حدوث تغيرات كبيرة في خصائص الشخصية؛
– الشعور بالخجل أو الذنب، بسبب لوم الطفل نفسه بسبب حدوث الصدمة.
الحلول
ربما تعود الضغوط في حياة أطفالنا، أكثر من أي وقت مضى، إلى مشاعر رومانسية أو جنسية ومشكلات تعاطي الكحوليات أو المخدرات. وهناك طرق إيجابية لتوجيه طفلك بعيدًا عن الجوانب السلبية لهذه المشكلات.
ربما تغرينا رغبتنا في أن يحظى أطفالنا بحياة جيدة خارج المدرسة، بأن نرهق جدول مواعيدهم بالأنشطة الخارجية، مثل الأنشطة الثقافية، أو الرياضية، أو الخدمية. وربما يريد أطفالنا المشاركة في عدد أكبر من الأنشطة الخارجية، ولكنهم لا يدركون كيف أن الإفراط في هذا ربما يكون شيئًا سيئًا. وتتضمن الأنشطة التي ربما نقول لها “لا” أو نحدد لها مواعيد بطريقة مبتكرة:
– الأعمال الدراسية الإضافية التي تتضمن أنشطة مثل: المشاركة في أحد المجالس أو الأندية؛
– الأنشطة الترفيهية، مثل العزف في فرقة موسيقية، أو التمثيل في مسرحية مدرسية؛
– الأنشطة الرياضية، التي إما أن تكون داخلية أو تنافسية مع المدارس الأخرى؛
– المشاركة في جماعات منظمة، مثل الكشافة أو الجماعات الخدمية؛
– قدر كبير من التواصل الاجتماعي من أجل الحفلات أو المناسبات الأخرى.
ربما يكون الفصل الدراسي أحد المجالات التي يشعر فيها الطفل بالضغوط. ويمكن أن يؤدي الحفاظ على تواصل إيجابي مع مدرس الطفل وحضور اجتماعات أولياء الأمور والمعلمين إلى مساعدتك على تحديد ما إذا كان مدرس طفلك يسهم في حدوث الضغوط أم لا. هل يمنح المدرس طفلك اهتمامًا كافيًا؟ هل الفصل منظم بطريقة تحافظ على ترك أثر إيجابي على الطفل؟ هل اليوم الدراسي مخطط بطريقة جيدة، وهل تتناسق الأعمال الروتينية؟
ويمكنك مساعدة طفلك على التعامل مع الضغوط المدمرة بطرق متعددة:
– تصميم طريقة يمكن من خلالها أن يتأقلم طفلك مع الضغوط بطريقة صحية.
– العمل بشكل استباقي وتخصيص وقت كافٍ للعب وإبلاغ الأطفال بأية تغييرات محتملة مثيرة للضغوط في حياتهم.
– مساعدة أطفالك على التفكير في عواقب أفعالهم. اطرح أسئلة ذات نهايات مفتوحة حول نوعية الحلول المحتملة لمشكلاتهم.
– مساعدة أطفالك على الفصل بين الواقع والخيال.
– البحث عن وقت للتحدث عن الأحداث والأنشطة اليومية المثيرة للضغوط.
– استخدام القصص والكتب من أجل تقديم طرق يمكن التعامل من خلالها مع الضغوط. تجنب التحفيز المفرط الذي يقوم به التلفاز.
– ساعد طفلك على الانخراط في إنتاج بعض الأعمال الفنية.
– جرب أن تجعل أطفالك يتدربون على مهارات التأقلم من خلال اللعب الإبداعي.
– امنح أطفالك درجة من التحكم، في إطار حدود معينة، في حياتهم، وأتح لهم فرصة التعبير عن آرائهم حيال ما يحدث في العائلة.