التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الضغوط والمراهقون

إن النمو إلى مرحلة المراهقة، والمرور بهذه المرحلة، يمكن أن يجعلا المراهق عرضة لضغوط حقيقية. وفي الوقت الحالي، تتجاوز هذه الضغوط الجوانب المعتادة للصورة الذاتية، والرغبة في الحرية، والتعامل مع المدرسة؛ حيث يواجه المراهقون في العصر الحديث عوامل تتضمن العديد من الأشياء، التي لم توجد من قبل أو كانت نادرة، بما في ذلك ضغوط الأقران الشديدة والقبول، والتعارف، والسلوكيات الجنسية، والمخدرات، والتحديات الدراسية، التي ربما تكون رهيبة للغاية بالنسبة لمراهق يفكر في النجاح. ويجب على المراهقين التعامل مع هذه الضغوط والبحث عن طرق للتأقلم معها. وهم يحتاجون إلى المساعدة، في بعض الأوقات، ولكنهم لا يستطيعون دائمًا التعبير عن هذه الاحتياجات. إن النمو في المجتمع الحديث لا يناسب الأشخاص الذين يتأثرون بسرعة.

التحدي

إن التعامل مع الخوف والتوجهات الخاصة بوجود مراهق في المنزل ليس بالأمر السهل أبدًا، كما أنه لم يكن كذلك من قبل. وإذا لم تكن أحد الآباء النادرين الذين يحظون بوجود مراهق متكيف بشكل مثالي ويعيش في عالم مثالي، فإن التعامل مع المراهقين وضغوطهم ربما تكون أمورًا مثيرة للتحدي في أفضل الأحوال، ومسببة للإحباط في أسوأ الحالات. إن المراهقين في العصر الحديث لا يمرون بالعملية الجسدية لمرحلة المراهقة والتغيرات التي تطرأ على أجسادهم وربما تتحول إلى مشكلات سلوكية فحسب، بل إنهم غالبًا ما يتعاملون مع الجوانب النفسية للاضطرار إلى التعامل مع ضغوط الأقران والجماعات في بيئاتهم الاجتماعية والمدرسة، والمشاعر المتغلغلة بأنهم الوحيدون الذين يمرون بهذه العملية على الإطلاق، وأن البالغين في حياتهم من المحتمل ألا يستطيعوا فهم ما يتعاملون معه. وللأسف، بالنظر إلى التحديات التي تواجه المراهقين في العصر الحديث، فإن هذه الأمور ربما تكون صحية؛ فالمراهقون يواجهون الآن موضوعات لم يضطر معظم الآباء والأمهات إلى مواجهتها، بما في ذلك الموضوعات الجنسية، وتواجد المخدرات والكحوليات التي ربما تكون متوافرة بسهولة، والضغوط المتزايدة حيال النجاح الدراسي من أجل الوصول إلى ما يبدو أنه كلية أو جامعة جيدة. ويتضح في النهاية أنه يمكن التعامل مع معظم هذه الضغوط، ويكتشف المراهق أن الحياة تتسم بالفاعلية. ولكن، في بعض الأوقات، ربما تؤدي الضغوط التي ينطوي عليها العديد من مجالات حياة المراهق إلى حالات جسدية وعقلية موهنة، وسلوكيات ربما تكون مدمرة. ويتمثل التحدي في إدراك أن المراهقين يواجهون ضغوطًا حقيقية في حياتهم، من خلال محاولة ربط مثيرات الضغوط هذه مع ما مررنا به خلال نمونا، والبحث عن طرق للتعبير عن قدرتنا فهم هذه الضغوط وتقديم يد العون، والبحث عن مساعدة متخصصة من أجل تخفيف حدة هذه الضغوط، في حالة الضرورة. إن وجود مراهق في المنزل ربما يكون أمر محبطًا، ولكنه مثمر أيضًا، ويجب أن تضع في الاعتبار أن طفلك المراهق، في معظم الحالات، سوف ينجو من هذه السنوات مثلما نجوت أنت.

الحقائق

إننا غالبًا ما نقوم بزيادة الضغوط في حياة مراهقينا عن طريق تقديم أشياء نعتقد أنهم يحتاجون إليها. ويصدق هذا الأمر بشكل خاص على الأنشطة الخارجية، مثل الرياضات أو الأنشطة الثقافية. وفي الحقيقة، يكتظ جدول مواعيد العديد من المراهقين بهذه الأنشطة التي تفوق طاقاتهم، ويحصلون على وقت ضئيل للراحة، أو القراءة، أو مشاهدة التلفاز، أو القيام بشيء لا يثير التحفيز. وعادة ما يريد المراهق القيام بهذه الأشياء لأسباب عديدة، ومن واجب الآباء أن يلاحظوا الوقت الذي تصبح فيه هذه الأنشطة أكثر من اللازم، ويجب تقليلها. وإذا كان طفلك المراهق لا يستطيع القيادة حتى الآن، فإن هذه الأنشطة ربما تكون مثيرة للضغوط بالنسبة لك أيضًا؛ حيث تقوم بتخصيص وقت في يومك من أجل نقله من وإلى هذه الأنشطة.

ويواجه المراهقون – مثل البالغين – كميات ضارة من الضغوط عندما يرون أن موقفًا ما أصبح صعبًا، أو خطيرًا، أو مؤلمًا, فهم لا يملكون الموارد اللازمة من أجل التأقلم مع هذه الضغوط بعد، وربما يؤدي هذا إلى زيادة الضغوط التي يمرون بها. وتتضمن بعض المصادر الشائعة للضغوط التي يواجهها المراهقون:

–  المتطلبات الدراسية والشعور بالإحباط عند محاولة تلبيتها؛
–  الأفكار والمشاعر السلبية نحو أنفسهم، والتي غالبًا ما تدور حول الصورة الذاتية والمعايير التي تظهرها الثقافة العامة والتي يستحيل تحقيقها؛
–  التغيرات الجسدية، خاصة التزايد القوي لهرمونات النمو؛
–  مشكلات التعامل مع الأصدقاء والأقران في المدرسة؛ حيث قد تكون العلاقات هدامة؛
–  العيش فيما يرونه بيئة أو منطقة غير آمنة؛
–  المشكلات الزوجية، أو الانفصال، أو طلاق الوالدين، أو تحديات العائلة المختلطة حديثًا؛
–  المشكلات العائلية مع الأقارب الآخرين، والتي تدور في بعض الأوقات حول التعامل مع إصابة أحد أفراد العائلة بمرض حاد ومزمن؛
–  وفاة أحد الأحباء؛
–  الاختيار من بين مجموعة متنوعة من الخيارات التعليمية؛
–  العيش في المنزل، رغم الرغبة في العيش منفردًا؛
–  البحث عن وظيفة، والحصول على المال من أجل القيام بما يريدونه؛
–  القيام بالكثير من الأنشطة غير الدراسية، ووضع توقعات عالية للغاية حيال النجاح والتميز في كل نشاط؛
–  التعامل مع ضغوط المشكلات المالية العائلية.

وإذا لم يتم التعامل مع هذه المشكلات بشكل مناسب، فربما تؤدي إلى الشعور بالقلق، أو الانسحاب، أو العدوانية، أو الأمراض الجسدية أو سوء مهارات التأقلم، التي ربما تتضمن اللجوء إلى سلوكيات طائشة، أو إدمان المخدرات، أو الكحوليات.

الحلول

يتمثل أحد أهم المؤشرات على احتمال وجود شيء غير صحيح يعتري طفلك المراهق في التغذية الراجعة التي تتلقاها من مستشاره المدرسي. وقد تعرضت صورة المستشارين المدرسيين – بسبب الثقافة الحديثة والإدراكات المعاصرة – للاهتزاز خلال السنوات القليلة الماضية، رغم أنهم، في الحقيقة، أفراد مدربون ومتحمسون يريدون مساعدة طفلك المراهق على التأقلم مع المدرسة الثانوية، والتخطيط للمستقبل، والتعامل مع المشكلات التي تظهر في حياته.

وهم يدركون أنهم ليسوا معالجين حقيقيين، ولكنهم ربما يكونون ذوي نفع كبير في تحذيرك مبكرًا من وجود شيء خطأ يصيب طفلك المراهق، والحصول على مساعدة المعالجين الذين يتخصصون في تقديم الاستشارة للمراهقين أو العلاج العائلي. وإذا اتصل بك المستشار المدرسي بشأن شيء ما، فإنه يجب أن تأخذ الأمر بجدية، وتبحث عن ماهية المشكلة، وما يمكن القيام به تجاهها.

وتقل درجة شعور المراهقين – الذين يطورون استجابة للاسترخاء، تتضمن إبطاء معدل ضربات القلب والتنفس، والإحساس بالسعادة – باليأس، ويدركون وجود الكثير من الاختيارات عند الاستجابة للضغوط بطريقة صحية. ويستطيع الآباء والأمهات، الذين يدركون أن أطفالهم المراهقين يمرون بمستوى عال من الضغوط، تقديم المساعدة من خلال الطرق التالية:

–  مراقبة صحة المراهقين، وسلوكياتهم، وأفكارهم، ومشاعرهم؛ لرؤية إذا ما كانت هناك ضغوط تؤثر عليهم أم لا.
–  مراقبة الحمل الزائد لطفلك المراهق في الأعمال الدراسية والأنشطة الخارجية، والاستماع إلى ما يشغل باله بكل عناية.
–  تعلم مهارات إدارة الضغوط على نفسك، واستخدامها كنموذج يحتذي به أطفالك المراهقون.
–  دعم طفلك المراهق في الرياضات والأنشطة الاجتماعية الإيجابية، طالما أنها ليست كثيرة لدرجة يصعب التعامل معها.

ويمكن تشجيع المراهقين على تبني آليات للتأقلم تساعدهم على تخفيف حدة الضغوط، بما في ذلك:

–  ممارسة التدريبات الرياضية، وتناول الطعام بشكل منتظم؛
–  تجنب الإفراط في تناول الكافيين الذي يمكن أن يزيد القلق والشعور بالتوتر؛
–  تجنب تناول المخدرات، أو الكحوليات، أو التبغ؛
–  تعلم أساليب الاسترخاء، مثل التنفس، واسترخاء العضلات بشكل تدريجي؛
–  تنمية مهارات إيجابية في الإصرار؛
–  التدرب على المواقف التي ربما تكون مثيرة للضغوط؛
–  تعلم مهارات التأقلم العملية، مثل إدارة الوقت، وتقسيم الأعمال الكبيرة إلى مهام صغيرة قابلة للتنفيذ؛
–  تقليل الحوار الذاتي الهدام، عن طريق استخدام أفكار محايدة أو إيجابية بدلًا من الأفكار السلبية؛
–  تعلم الإحساس بشعور جيد نحو القيام بعمل يتسم بالكفاءة، وليس المثالية كثيرة المطالب؛
–  أخذ استراحة من المواقف المثيرة للضغوط، عن طريق الاستماع إلى الموسيقى، أو التحدث مع أحد الأصدقاء، أو حتى قضاء الوقت مع أحد الحيوانات الأليفة؛
–  إقامة شبكة جديرة بالثقة من الأصدقاء الذين يستطيعون المساعدة على التأقلم على نحو إيجابي.

ويجب على الوالدين العمل على فهم الأمور التي تسير على نحو أفضل مع طفلهم المراهق فيما يتعلق بالتأقلم مع الضغوط، ثم العمل معه على تعزيز هذه المهارات، في بعض الأوقات من خلال التحدث عن كيفية التعامل مع أحد المواقف المثيرة للضغوط. على الجانب الآخر، إذا علم أحد الوالدين أن طفله المراهق متورط مع مدرس أو قرين معين يسبب له الشعور بالضغوط، فيمكنه مساعدة المراهق على وضع هذه العلاقة في إطارها الصحيح وتقليل الضغوط.