التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الضغوط وكبار السن

ليست هناك حدود عمرية لا تستطيع الضغوط اختراقها؛ فمن الطفولة فصاعدًا، نصبح عرضة لمثيرات الضغوط في حياتنا، التي تتغير مع مرور الوقت فحسب. ويصدق هذا الأمر أيضًا مع تقدمنا في العمر نحو سنوات الشيخوخة. وربما تمثل الضغوط أمام كبار السن من المواطنين تحديًا فريدًا؛ حيث يحاولون التأقلم مع التغيرات التي تطرأ على صحتهم وأسلوب حياتهم. وربما تنشأ الضغوط أيضًا من تفاعلاتهم مع عائلاتهم. وبغض النظر عن أي شيء، فإن ضغوط كبار السن تمثل موضوعًا سنضطر جميعًا إلى التعامل معه.

التحدي

حتى إذا وصلنا إلى مرحلة التقاعد على نحو يبعث على الشعور بالراحة، فربما نكون عرضة لعوامل ضغوط معينة تؤثر على المواطنين كبار السن. وربما تنبع مثيرات الضغوط من داخلنا؛ حيث نواجه الاحتمال الحتمي للتقدم في السن، وندرك أنه ربما قد تبقى أمامنا وقت ما. وربما تنشأ الضغوط من تدهور الصحة بسبب كبر السن. وربما تظهر نتيجة مواقف كارثية، يتوجب علينا فيها التعامل مع حالات مثل مرض ألزهايمر. وفي بعض الأوقات، ربما تنشأ الضغوط من تغير أسلوب الحياة؛ حيث نضطر إلى التخلي عن منازلنا القديمة، والبحث عن طرق مختلفة من أجل العيش، بما في ذلك الاحتمال المخيف للعيش في دور الرعاية. وربما تنبع من الشعور بأننا فقدنا التحكم في حياتنا ولم نعد نتواصل مع عائلاتنا. خلاصة القول، إن ضغوط كبار السن حقيقة واقعة، ويجب التعامل معها بشكل مسبق من جانب الشخص المعني والعائلة. ويتمثل التحدي في فهم طبيعة الضغوط لدى كبار السن، والبحث عن طرق للحفاظ على تبني توجه إيجابي نحو الحياة والصورة الذاتية. ومن الممكن التعامل مع ضغوط كبار السن، ولكن يجب أن يكون ذلك بجدية، ولا ينظر إليها على أنها مجرد مرحلة يمر بها الشخص.

الحقائق

ربما تختلط استجابات كبار السن نحو الضغوط، في بعض الأوقات، مع أعراض الحالات الأخرى التي يمرون بها. وتتضمن هذه الاستجابات سوء الهضم، والآلام والأوجاع، واضطرابات النوم. ورغم أنه من الممكن أن تحدث هذه الأعراض نتيجة مشكلات جسدية ليست لها علاقة بالضغوط، فإن الضغوط ربما تتسبب في زيادة حدتها أو ربما تتخفى الضغوط في شكل الاهتمام والقلق.

تؤدي الضغوط إلى تهرؤ الجسم بسبب التكيف المستمر مع بيئتنا المعيشية. وربما يتسبب أي عنصر للتغيير في حياتنا في حدوث الضغوط، وما أكثر التغيرات التي تحدث في حياة المسنين. وتؤدي الضغوط إلى توتر الجسم، وزيادة ضربات القلب ومعدل التنفس. ويحتاج معظم الأشخاص إلى الشعور ببعض الراحة من مثيرات الضغوط، ولكن مع تقدم العمر، تتضاءل القدرة على الوصول إلى الاسترخاء بعد المرور بحدث مثير للضغوط شيئًا فشيئًا. وربما يتسبب كبر العمر في تآكل أنظمة الاستجابة للضغوط، التي تتبع النظام العصبي.

ربما نشعر بالضغوط النفسية في أية مرحلة عمرية. ولكن برغم ذلك، يواجه كبار السن مصادر فريدة للضغوط ترتبط بعملية التقدم في العمر:

–  ربما يشعر كبار السن بالخوف من فقدان التحكم في حياتهم وبيئاتهم. وربما لا يعودون قادرين على العيش وحدهم. ويعني الانتقال إلى مركز للتقاعد طويل المدى أو مؤسسة للرعاية أن تتضاءل البيئة؛ كما يعني أيضًا فقدان بعض الممتلكات والتحكم. والأكثر إيذاء من ذلك الانتقال إلى دار للنقاهة. وتعد هذه الخطوة أحد أعلى مثيرات الضغوط في حياة كبار السن، وتشير إلى فقدان التحكم في البيئة والأنشطة. إن ترك الحياة المعتادة والانتقال إلى بيئة غير موثوق بها يثير الضغوط في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه أكثر إثارة للضغوط بالنسبة لكبار السن الذين يدركون أن حياتهم تغيرت إلى الأبد على الأرجح. وربما تؤدي هذه الضغوط بسهولة إلى الشعور بالإحباط الذي يزيد الموقف صعوبة فحسب.
–  ربما يواجه كبار السن الضغوط بسبب عوامل مالية, فربما لم يعد المال المدخر طوال العمر والاعتماد على المعاش كافيًا لسداد الفواتير، خاصة مع إضافة تكلفة العيش في مركز للتقاعد. ويعتبر الأشخاص الذين يعيشون على دخل ثابت أكثر عرضة لآثار التضخم والنفقات الطبية.
–  وربما تتسبب وفاة أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة في الشعور بالضغوط, ويصدق هذا الأمر بشكل خاص على وفاة الزوج/الزوجة.
–  ربما يشعر كبار السن بالخسارة بسبب تضاؤل القوة الجسدية والتناسق.
–  وربما يؤدي العجز عن تذكر الأشياء، سواء كان مرتبطًا بالحالة الجسدية أم لا، إلى إثارة ضغوط كبيرة بالنسبة لكبار السن.
–  وفي بعض الأوقات، يطلب من الشخص المسن أن يقوم بدور جليس الأطفال ليرعى الأحفاد الصغار النشيطين. ورغم أنه من اللطيف أن يجد المرء نفسه مطلوبًا لتقديم المساعدة، إلا أن هذا ربما يتسبب في ظهور الضغوط في حياة كبار السن.
–  مع تقدمنا في السن، نصبح أكثر عرضة للأمراض المزمنة أو التي ربما تهدد الحياة. ويرجع الكثير من هذه الأمراض إلى العملية الطبيعية للتقدم في السن, فربما نجد أن صحتنا أصبحت متدهورة، رغم أننا عشنا معظم حياتنا بصحة جيدة. وربما تحدث هذه النوعية من الضغوط عندما يصيب شريك الحياة أو أحد أحبائنا حالة جسدية أليمة.

الحلول

غالبًا ما يكون من الصعب بالنسبة للأشخاص الذين يدخلون مرحلة الشيخوخة أن يعترفوا بالشعور بالضغوط، فربما يرى الآخرون هذا بشكل غير صحيح على أنه علامة على الضعف وشيء يجب عدم مشاركته مع الأطفال الذين يستطيعون تقديم الرعاية لهم، وبينما نتقدم في العمر، فإننا نشعر بالتردد في الاعتراف بضعفنا، بما في ذلك نقص قدرتنا على التعامل مع المثيرات الجديدة للضغوط. والشيء الوحيد الذي يجب علينا قبوله مع تقدمنا في العمر هو التحلي بالصدق حيال مشاعرنا، وطلب المساعدة عندما نحتاج إليها بما في ذلك المساعدة على أداء المهام الروتينية والتنقل من مكان لآخر. وإذا كنت قريبًا لأحد كبار السن، فإنه يجب عليك ألا تهمل الشعور بالضغوط، بل عليك أن تنسبها إلى التقدم في السن والحاجة.

يتجاوب الناس مع الضغوط بالعديد من الطرق المختلفة، بما في ذلك البكاء، والانسحاب، والشعور بالاكتئاب. ويجب عليك أن تتيح للشخص المسن أكبر قدر ممكن من الاستقلالية. ولكن، إذا اتضح أن الضغوط تؤثر على تناوله لطعامه، أو صحته، أو أنشطته اليومية الطبيعية، فيجب عليك طلب المساعدة المتخصصة له، بما في ذلك اتباع بعض أنواع العلاج.

وربما تؤدي التغيرات في مكان العمل إلى إثارة الضغوط، حتى بالنسبة لكبار السن. ويصل سن التقاعد في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 70 عامًا، ولكن العديد من الأشخاص يعملون بعد ذلك أيضًا لأسباب اقتصادية أو اجتماعية. ولذلك، يجب أن يكون كبار السن قادرين على استخدام التقنيات الجديدة، والتنافس مع شباب العاملين في مكان العمل. وربما تؤدي ضغوط القيام بذلك إلى دفع كبار السن إلى التقاعد قبل أن يستعدوا لذلك.

وفي بعض الأوقات، ربما تقدم الحيوانات لكبار السن الصحبة والراحة من الضغوط. ولقد أظهرت الدراسات الحديثة أن امتلاك حيوان أليف ربما يؤدي إلى تقليل ضغط الدم والأعراض الأخرى للضغوط لدى كبار السن. وتسمح العديد من دور النقاهة ومؤسسات الرعاية المعيشية بزيارة الحيوانات الأليفة للمقيمين بها بشكل منتظم من أجل رفع روحهم المعنوية والمساعدة على تخفيف حدة الضغوط.

وبغض النظر عن العمر، فإن التأمل والتنفس بعمق وممارسة التدريبات الرياضية ربما تقدم الشعور بالراحة من الضغوط. ولا يحتاج التأمل إلى بذل جهد بدني كبير. وربما تكون ممارسة التدريبات الرياضية نافعة للغاية، عندما يتم التخطيط لها بشكل مناسب. وربما تتضمن التدريبات الرياضية بعض أشكال الأيروبيكس اللطيفة، والسباحة في بيئة منخفضة التأثير، وتدريبات الإطالة الشكلية، أو ممارسة إحدى الألعاب، مثل الجولف. وربما تكون بعض أشكال اليوجا منخفضة التأثير مفيدة للغاية في تخفيف حدة الضغوط لدى كبار السن.

ويجب على كبار السن، أكثر من أية مرحلة عمرية أخرى، تناول الطعام الصحي بانتظام، وتجنب التبغ والكافيين والكحوليات، كما يجب أن يكونوا على دراية بأية آثار جانبية للأدوية التي يتناولونها والتي من الممكن أن تتسبب في الشعور بالقلق، وتجب عليهم مناقشة هذه الآثار الجانبية مع الصيدلي أو الطبيب.

ربما يكون التعامل مع الضغوط أكثر إثارة للتحدي بالنسبة لكبار السن، ولكن هناك العديد من الأشياء الأساسية التي يمكن القيام بها، والتي ربما تتسم بالفاعلية، مثل:

–  تناول الطعام المناسب، والحصول على المواد الغذائية المناسبة عن طريق تجنب الأطعمة السريعة والأطعمة التي لا قيمة غذائية لها؛
–  تجنب التدخين، أو تناول الكحوليات، أو سوء استخدام الوصفات الطبية؛
–  ممارسة التدريبات الرياضية بشكل منتظم؛
–  الحفاظ على حياة اجتماعية نشطة من خلال الاجتماع بالأصدقاء أو أفراد العائلة، والمشاركة في الأنشطة المتاحة التي تقدمها إدارات أو مراكز كبار السن؛
–  التطوع لمساعدة الآخرين، ففي ذلك يمتلك كبار السن وقتًا أكثر للقيام بذلك؛
–  الاحتفاظ بأفكار إيجابية حيال جودة الحياة الحالية، وحيال ما يشعرون به تجاه تجاربهم في الحياة حتى ذلك الوقت؛
–  اكتساب هواية جديدة وتخصيص وقت من أجل ممارستها على أساس منتظم؛
–  الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية كأهداف مهمة؛
–  تعلم الاسترخاء، من خلال البحث عن مكان هادئ والتأمل لمدة 10-20 دقيقة في كل يوم؛ كما يمكن أن يشعر كبار السن بالاسترخاء من خلال التمشية، وقراءة كتاب جيد، والاستماع إلى الموسيقى المفضلة.