جميعنا يعلم حالته عندما يكون في حالة مزاجية سيئة. فيبدو كل شيء مملًّا وكئيبًا. قد تشعر بالحزن، الكسل، أو تمل الأنشطة التي كنت في المعتاد تستمتع بها، كما تكون سريع الغضب مع الأشخاص الذين كنت على تواصل معهم، محبطًا وفاقد الأمل من تحسن الأشياء في وقت قريب. عندما تستمر هذه المشاعر لفترة من الوقت، يشخص الأطباء هذه الحالة على أنها اكتئاب، ولكن بالنسبة لغالبيتنا، فإن هذه الحالة السوداوية مجرد شيء يأتي ويذهب بين الحين والآخر.
من المستحيل – وغير المنطقي أن تتوقع أن تكون في حالة مزاجية مبتهجة طوال الوقت. ولكن يمكنك أخذ الخطوات اللازمة لتحسين حالتك المزاجية لأعلى درجة.
تحدث التقلبات المزاجية لعدة أسباب، بداية من العوامل الوراثية إلى التربية. ولكن خياراتك اليومية بشأن الأطعمة والأنشطة، تؤثر أيضًا على الحالة المزاجية. وكما هي الحال مع العديد من الجوانب الأخرى للصحة، فإن القرارات التي تقوم بها على مدار اليوم لها أهمية حقًّا. فمن خلال اختيار الأطعمة وأنماط الأكل التي تعزز الحالة المزاجية، وإنقاص الوزن، وزيادة النشاط اليومي، يمكنك تحسين صحتك النفسية، ورفع حالتك المزاجية وإنعاش روحك.
ابدأ طبقك
قد يؤثر الطعام على حالتك المزاجية بعدة طرق. فبعض الأطعمة تحتوي على مواد ومغذيات تساهم بالفعل في تحسين الحالة المزاجية، لذا فمن الأفضل أن يتضمن نظامك الغذائي هذه الأطعمة. ويمكن أن تعوق بعض الأطعمة الأخرى حالتك المزاجية، لذا فمن الأفضل تجنبها.
الأطعمة التي تساعد على تحسين الحالة المزاجية
الأغذية التي تحتوي على التربتوفان
التربتوفان هو حمض أميني أساسي، ما يعني احتياج الجسم له ولكنه غير قادر على تصنيعه (مثلما يستطيع مع بعض الأحماض الأمينية الأخرى)، لذا لا بد أن يحصل عليه من نظامك الغذائي. ومن إحدى الطرق التي يستخدم بها جسمك التربتوفان هي لتصنيع السيروتونين، وهو مادة كيميائية بالمخ تساعد على تنظيم النوم واستقرار حالتك المزاجية. السيروتونين مادة كيميائية بالمخ مستهدفة من قبل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs، وهي فئة من العقاقير المضادة للاكتئاب والتي تتضمن الفلوكستين (بروزاك) والباروكسيتين (باكسيل). وترتبط المعدلات المنخفضة من السيروتونين بالاكتئاب والقلق.
وربما يكون الديك الرومي أشهر أنواع الأطعمة الغنية بالتربتوفان. وتتضمن أنواع الأطعمة الأخرى الجبن، الدجاج، البيض، اللبن، السمك، الفول السوداني، زبد الفول السوداني، بذور اليقطين، السمسم، الصويا والتوفو.
المكسرات
هناك الكثير من الأسباب التي تجعلك تعشق المواد الغذائية للمكسرات – ولهذا يعتبر تناول المكسرات أهم وصفة غذائية لدىَّ. وفيما يتعلق بالحالة المزاجية، يعتبر الماغنسيوم الموجود في المكسرات أمرا مهمًّا. يمكن أن يحول انخفاض الماغنسيوم دون النوم، وكما تعلم، من الصعب أن يكون المرء في حالة مزاجية جيدة عندما يكون محرومًا من النوم أو مجهدًا.
يوفر اللوز، الكاجو، الفول السوداني وزبد الفول السوداني كمية جيدة من الماغنسيوم. ومن الأطعمة الأخرى الغنية بالماغنسيوم نخالة القمح، السبانخ، حبوب نخالة الزبيب، فول الصويا، بذور القمح، دقيق الشوفان والبقوليات. تحتوي المكسرات البرازيلية على نسبة عالية من السيلينيوم، وهو مادة غذائية ترتبط أيضا بتحسن الحالة المزاجية.
الشيكولاتة الداكنة
يساعد الكاكاو الموجود في الشيكولاتة على زيادة معدلات السيروتونين في الدم التي تحسن الحالة المزاجية. وتساعد المركبات التي تسمي فينولات على تعزيز الهدوء والشعور بالرضا. تذكر تناول الشيكولاتة الداكنة: كلما كانت الشيكولاتة أكثر قتامة، احتوت على نسبة أعلى من الكاكاو ونسبة أقل من السكر. ابحث عن الشيكولاتة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو (من الناحية المثالية، أكثر من 70%) لأن الكاكاو هو مصدر الفوائد الصحية للشيكولاتة. قيد نفسك بقطعة صغيرة (حوالي نصف أوقية) حتى لا تزيد من السعرات الحرارية التي تستمدها منها.
أود أن أضيف تحذيرًا إلي هذه النصيحة، رغم أن بعض الأشخاص يمكنهم تناول قطعة صغيرة من الشيكولاتة الداكنة والتوقف عند هذا الحد. فإن البعض الآخر – وأنت تدري إلى أي مجموعة تنتمي – لا يمكنه الاكتفاء بتناول قطعة صغيرة ويرغب في تناول المزيد والمزيد. فإذا كان تناول الشيكولاتة الداكنة يثير عشق الشيكولاتة بداخلك، فأعرض عنها في الحال – فهناك العديد من معززات الحالة المزاجية الأخرى التي لن تنتهي بك في نهاية المطاف بإضافة مئات السعرات الحرارية الفارغة.
الحبوب الكاملة
يساعد الحفاظ على استقرار معدل سكر الدم طوال اليوم على حفظ الحالة المزاجية أيضا وذلك لأن انخفاض سكر الدم يؤدي بدوره إلى انخفاض الحالة المزاجية. ومن إحدى طرق الحفاظ على توازن نسبة سكر الدم هي تجنب الإصابة بالجوع الشديد. ويمكنك القيام بذلك من خلال تناول وجبة أو وجبة خفيفة كل 3:4 ساعات. وتأكد من أن هذه الوجبة أو الوجبة الخفيفة تحتوي على المجموعة الصحيحة من البروتين، الدهون الصحية، والحبوب الكاملة لأن الإفراط أو الإقلال في عنصر يمكن أن يؤدي إلى زيادة أو هبوط في سكر الدم.
تساعد الحبوب الكاملة على تحسين حالتك المزاجية بطريقة أخرى أيضًا؛ حيث تسهم النشويات المعقدة في تصنيع مخك للسيروتونين. فضلًا عن أنها تميل لأن تكون مصدرًا غنيًّا بحمض الفوليك، وفيتامين ب. وقد أظهر البحث أن من يعانون الاكتئاب تنخفض لديهم معدلات حمض الفوليك في الدم مقارنة بمن لا يعانونه؛ لذا فمن المنطقي مراقبة استهلاك حمض الفوليك.
الأطعمة التي تحتوي على الأحماض الدهنية لأوميجا 3
عندما أتناول طعامًا يحتوي على أوميجا 3، أشعر كما لو أن حالتي المزاجية ارتفعت بمجرد التفكير في فوائدها لصحتي. تجلب الأوميجا 3 المزيد إلى طاولة المفاوضات فيما يتعلق بالفوائد الصحية: فهي تقلل الالتهابات، تساعد القلب، المخ والمفاصل بطرق متعددة. كما أنها تساعد أيضا على تحسين حالتك المزاجية – في الواقع، تشير الدراسات إلى أنها قد تساعد على تقليل أعراض الاكتئاب لدى مرضى الاكتئاب المزمن.
من أكثر الأطعمة الغنية بأوميجا 3حبوب الكتان، عين الجمل، السردين، السلمون، الماكريل، الرنجة، فول الصويا، التوفو والجمبري.
الأطعمة الغنية بفيتامين د
في بعض الأحيان، تنخفض مستويات فيتامين د لدى مرضى الاكتئاب، فقد وجدت بعض الدراسات الصغيرة روابط بين الحالة المزاجية وفيتامين د. في الوقت الذي يكتشف فيه الباحثون التفاصيل، امض قدمًا في الحفاظ على ارتفاع مستوى فيتامين د، بسبب أهميته لصحة العظام، كما أنه يقلل الالتهابات، يساعد جهاز المناعة، كما يساعد على درء بعض أنواع السرطان.
من أكثر الأطعمة الغنية بفيتامين د السلمون، التونة، الألبان الغنية بفيتامين د، عصير البرتقال وحبوب الفطور.
الأطعمة الغنية بالحديد
يمكن أن يؤدي الفشل في الحصول على قدر كافٍ من الحديد إلى الإجهاد، والتقلبات المزاجية، ونقص التركيز والشعور إجمالا بانخفاض مخزون الطاقة لديك.
من أكثر الأطعمة الغنية بالحديد اللحوم الحمراء، المحار، السبانخ، البقوليات، الفواكه المجففة، الديك الرومي، التونة، صفار البيض والحبوب المدعمة بالحديد.
الأطعمة التي تضعف الحالة المزاجية
تمامًا مثلما هناك أطعمة تعزز من حالتك المزاجية، هناك أطعمة يمكن أن تقلل منها.
نبدأ بالأطعمة المُعالجة المصنوعة من النشويات المكررة، الدهون منخفضة الجودة، الملح، السكر، النكهات الصناعية، الإضافات الغذائية، الدهون المهدرجة وجميع أنواع المواد الكيميائية. هذا ليس بالطعام الذي صممت أجسادنا لاستخدامه كوقود، وتناوله مثل وضع القمامة داخل خزان الوقود لسيارتك بدلًا من البنزين. تتسبب النشويات والسكريات البسيطة في ارتفاع وانخفاض سكر الدم الذي يُزيد ويقلل من حالتك المزاجية مثل كرة تنس الطاولة. تسبب الزيوت الرخيصة والمنخفضة الجودة إجهاد أجهزة جسمك حيث يحارب من أجل هضم هذه الدهون شديدة المعالجة والمليئة بالسموم. ومن يعلم فيما تفكر أجسادنا عندما تحاول التعامل مع كل هذه الإضافات في هذه الأطعمة الزائفة.
يساعد تناول الأطعمة السريعة على تحسين حالتك المزاجية مؤقتًا. إذا تصورنا هذه الأطعمة باعتبارها متعًا فسيستجيب المخ بقولنا: “يا إلهي! كعك” أو “ما ألذها! شرائح بطاطس”، فقد تكيفنا على أننا نبتهج من هذه الأطعمة “الخاصة”. ولكن بمجرد البدء في إيلاء اهتمامنا إلى كيف تجعلنا نشعر بالفعل، سندرك أن هذه المشاعر الرائعة لا تستمر طويلًا.
ابدأ بإيلاء انتباهك بما تُشعرك به هذه الأطعمة. فربما تندهش من مدى تأثيرها على حالتك المزاجية. اعتادت صديقة لي شراء قطعة حلوى عندما تتوقف عند محل البقالة لشراء لوازم العشاء. من المؤكد أنها تشعر بالجوع بعد يوم طويل في العمل، وتريد أن “تمتع” نفسها بقطعة حلوى، اعتقادا أنها ستعطيها الطاقة اللازمة لنقل البقالة إلى المنزل وتناول عشاء صحي على الطاولة.
لكن عندما بدأت بالفعل تولي انتباهها لما تشعر به بعد تناول أطعمة معينة، لاحظت أنها عندما تعد وجبة العشاء تشعر دائمًا بتعب في معدتها. وأدركت أنها تكون عصبية عند التعامل مع أطفالها. لكنها اعتقدت أن كليهما بسبب ضغوط الذروة المسائية، لكنها تساءلت بعد ذلك عما إذا كانت لقطعة الحلوى صلة بذلك. ذات يوم، تجاوزت تناول قطعة الحلوى وأمسكت بزجاجة من عصير الخضراوات بدلًا منها. فتعجبت كثيرًا من التحسن الذي شعرت به؛ فلم تشعر بأي تعب في معدتها، بل إنها شعرت بتحسن، ولم تصرخ في أطفالها. وبمجرد أن لاحظت ذلك، بدأت تُعير انتباهها لما تُشعرها به الأطعمة الأخرى، فقد تبينت أن تناول الأطعمة السريعة يؤثر على حالتها المزاجية. عندما أدركت ذلك، أصبح سهلًا عليها اتخاذ الخيارات الذكية. بالطبع، قد يكون للأطعمة السريعة مذاق جيد في بعض الأوقات، ولكنها إذا جعلتك تشعر بأنك غريب الأطوار، حزين، منهك ومحبط، فإنها لا تستحق أن تتناولها.
أما عن تناول الأطعمة السريعة في محاولة منك لتحسين مزاجك السيئ، فلا تشغل نفسك لأنها لا تؤتي نفعًا؛ فقد وجد الباحثون أنه عندما يلتهم الأشخاص المهتمون بأوزانهم ونظمهم الغذائية الأطعمة السريعة، فإن حالتهم المزاجية تزداد سوءا؛ وهذا ليس من المفاجئ.
أحد أفضل محسنات الحالة المزاجية على الاطلاق
ليس هناك شك في ذلك: الخروج وتحريك جسمك محسنان رئيسيان للحالة المزاجية. لقد وجدت دراسة تلو دراسة روابط قوية بين ممارسة الرياضة والحالة المزاجية. باختصار، أظهرت النتائج أن الأشخاص النشيطين أقل احتمالًا للإصابة بالاكتئاب عن الأشخاص غير النشيطين، وأن الأشخاص النشيطين الذين توقفوا عن ممارسة الرياضة أكثر احتمالًا للإصابة بالاكتئاب عن هؤلاء الذين حافظوا على نشاطهم. وتظهر الأبحاث أيضًا، أنه بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين باكتئاب شديد، اتضح أن ممارسة الرياضة علاج فعال مثل الأدوية المضادة للاكتئاب.
إليك أفضل ما في الأمر: يمكن للنشاط أن يكون له تأثير فوري تقريبًا على الحالة المزاجية. فقد أشار باحثو علم النفس إلى أنه يمكن للحالة المزاجية أن تبدأ في التحسن بعد خمس دقائق من ممارسة التمارين المعتدلة. خمس دقائق! لا يوجد العديد من التدخلات الصحية الأخرى التي تبدأ في العمل بهذه السرعة.
لهذه الأسباب – وللعديد غيرها – اطمح أن تجعل الرياضة جزءًا من حياتك اليومية.
يبدو أن نتائج تحسين الحالة المزاجية بالرياضة، تأتي من تغير نسب السيروتونين والدوبامين وغيرها من المواد الكيميائية بالمخ التي تشعرك بالسعادة حيث تنشط في أثناء ممارسة الرياضة. كما أن أداء تمارين ممتعة أيضا – سواء كانت دورات سباحة بالمسبح، ممارسة المشي في الحى، الجري في حلبة المدرسة الثانوية وأداء حركات الزومبا مع أصدقائك – يمنحك شعورًا رائعًا بالإنجاز يستمر لساعات. تشعر نفسياتنا بالسعادة عندما نشارك في نشاط هادف، وبالتالي يمكن أن تشعرك التمارين بالرضا عن النفس تماما مثلما تفعل المشاركة في العمل التطوعي. كما أنها تقلل من معدلات هرمونات الإجهاد في دمك مثل الكوليسترول.
إذا كنت تريد أن تشعر بالسعادة
إن الحالة المزاجية الجيدة أشبه بالمال، بصرف النظر عما تملكه، من الأفضل دائما أن تمتلك المزيد. سواء كنت تصارع مع مشاعر الحزن، الاكتئاب والقلق أم لا، فإن اتباع الحمية سيساعدك على تحسين حالتك المزاجية؛ فهو يبدأ بتناول الطعام المفيد: عندما تركز على الطعام الكامل والصحي، فإنك تملأ طبقك بالأطعمة الداعمة للحالة المزاجية وتبقى بعيدا عن الأطعمة التي تصيبك بالإحباط. عندما تمارس الرياضة، فإنك تستمتع بحالتك النفسية والفوائد النفسية التي تبدأ بزيادة بهجتك في دقائق وتستمر لساعات. وعندما تبدأ بإنقاص الأرطال، ستشعر بالرضا عن نفسك ليس فقط لأنك ستبدو أفضل ولكن لأنك ستمهد الطريق لحياة أطول، أسعد وأكثر صحة. وتلك بعض الأسباب التي تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك!
إليك سببًا آخر يشعرك بالارتياح: يمكن أن يقلل إنقاص الوزن خطر إصابتك بمرض السرطان.