تحمل أربع نساء من أصل خمس في عمر الإنجاب خلال سنة واحدة من محاولتهن الحمل، رغم أن الخصوبة تقل عندما تتقدّم المرأة في السن. إذا لم يحدث حمل بعد سنة أو اثنتين من المحاولة، فقد يتعيَّن على الزوج والزوجة أن يتم تقييمهما لجهة الخصوبة لأن أياً منهما أو كليهما يمكن أن يكون مسهماً في المشكلة. وحيث إنّ بويضات المرأة تقلّ من حيث الكمية والنوعية على حدّ سواء مع تقدُّم المرأة في السن، فكلما انتظرت المرأة مدة أطول لتحمل، كلما كانت أقل احتمالاً لذلك. ولهذا السبب، قد يتعيَّن على النساء فوق سن الخامسة والثلاثين واللواتي يواجهن مشكلة في أن يصبحن حاملات أن يستشرن اختصاصي خصوبة في وقت أقرب من النساء الأصغر سناً. وبالإضافة إلى نقص الخصوبة الذي يحدث مع العمر، تشمل الأسباب الأخرى للعقم النسائي انحرافات خِلقية، وندوباً من عدوى حوضية سابقة، ومشاكل في الجهاز المناعي (والتي قد تسفر عن صنع أجسام مضادة ضد الحيوانات المنوية)، والانتباذ البطاني الرحمي (نمو النسيج الرحمي في التجويف البطني ومواقع أخرى)، وإباضة غير منتظمة أو فشل الإباضة.
تمّ ربط عقم الرجال بعدد من العوامل. يصنع بعض الرجال عدداً قليلاً جداً من الحيوانات المنوية، أو حيوانات منوية لا تسبح جيداً، أو كليهما، ما يخفض فُرَص حدوث الحمل. إنّ التدخين وشرب الكحول بالإضافة إلى التعرض للمبيدات الحشرية قد تمّ ربطها جميعاً بالتعدادات المنخفضة للحيوانات المنوية، كما يُعرَف عن الرجال الذين يعيشون في مناطق ريفية تُستعمل فيها المبيدات الحشرية الزراعية بكثرة، بأن لديهم معدلات عقم أعلى. حتى أن ضغط مقعد الدراجة يمكن أن يخفض الخصوبة عند راكبي الدراجات المنتظمين. الحيوانات المنوية هي حساسة بشدّة لدرجات الحرارة العالية، وهو السبب في أن الصفن يتدلّى تحت التجويف البطني (حيث الوسط دافئ أكثر مما ينبغي لإنتاج الحيوانات المنوية). يمكن للقيلة الدوالية، وهي مجموعة من الأوردة (الدوالي) الموسّعة في الصفن، أن تخفض الخصوبة لأن الدم المجتمع في الأوردة يرفع درجة الحرارة في الخصيتين، حيث تُنتَج الحيوانات المنوية. هناك أيضاً بعض الدليل بأن الرجال يصبحون أقل خصوبة بعد سن الأربعين.
تشمل المقاربات الطبية التقليدية للعقم: الأدوية لحثّ الإباضة، والجراحة لتصحيح مشاكل تشريحية عند الرجل أو المرأة أو كليهما، والتلقيح الاصطناعي، والتلقيح في الزجاج.
الأسباب الأكثر شيوعا للعقم
يفشل عشرة أزواج من بين كل مائة في بريطانيا في تحقيق الحمل بعد انقضاء سنة واحدة من الجماع المنتظم غير المعاق بوسائل منع الحمل، وهناك أسباب عديدة جدا للعقم أو الخصب المنخفض ؛ ولذلك سنتحدث هنا فقط عن الأسباب الأكثر شيوعا، ومن بينها الإنتاج الخاطئ للبيضات أو المني والبنيات الشاذة للقناة التناسلية والعوامل النفسية كالإجهاد والقلق.
تحديد المشكلة
إذا لم تحملي خلال 12 شهرا من الجماع المنتظم يجب أن تراجعي الطبيب أنت وزوجك، وسيدرس الطبيب أولا إذا كانت وتيرة الجماع مناسبة بدرجة كافية، وإذا كان الجماع يتم في وقت مناسب للأيام الخصبة عند المرأة، وإذا كنت تعانين من صعوبة نفسية أو جنسية تحتاج إلى علاج خاص.
الفحص الأول
يتمثل الفحص الأول للشريك الذكر بإجراء فحص مجهري للسائل المنوي ؛ لتحديد عدد البذور الصحية فيه، حيث يساهم عدد كبير من العوامل في خفض عدد تلك البذور، ومن بينها الإجهاد العاطفي، والإرهاق في العمل، والتعب، والإفراط في شرب الكحول، وارتفاع درجة الحرارة في الصفن (وعاء الخصيتين).
وتعتبر دوالي الحبل المنوي السبب الغالب في انخفاض عدد البذور المنوية، ويمكن تصحيح ذلك بعملية جراحية في نصف عدد الحالات التي تؤثر على درجة الخصب، وفي بعض الحالات يمكن أن يؤدي العلاج بالهورمونات أو بالأدوية إلى إنتاج المني، ولكن إذا لم توجد أية بذور في السائل المنوي، يؤكد فحص عينة حية من النسيج الخصيوي ما إذا كان الجسم ينتج هذه البذور المنوية أم لا، ويمكن إجراء عملية جراحية لفتح أي انسداد في مسالك المني، ولكن لا يمكن القيام بشيء عندما يكون عدد البذور في السائل المنوي قليلا جدا أو عندما تكون البذور نفسها غير طبيعية.
الفحص الثاني
إذا كان إنتاج المني والقذف طبيعيين يتوجه الفحص الثاني نحو التأكد من أن الجهاز التناسلي عند الأنثى يعمل بصورة طبيعية، حيث يجب أن ينتج هذا الجهاز بويضات لتحمل المرأة وتحدث عملية التبييض، أي تلقيح البويضة التي أطلقها أحد المبيضين خلال سيرها البطيء داخل قناة فالوب، وهذا يستغرق عادة حوالي 14 يوما، بعد عملية التبييض ينتج المبيض هورمون البروجيستيرون الذي يغير تماسك قوام المخاط في عنق الرحم وبطانة الرحم. لهذا السبب يأخذ الطبيب عينات من مخاط عنق الرحم وعينة حية من نسيج بطانة الرحم للتأكد من حصول التبييض عند المرأة.
وقد يطلب الطبيب من المرأة تسجيل درجة حرارة جسمها كل صباح ؛ وذلك لأن ارتفاعا طفيفا في درجة حرارة الجسم (حوالي نصف درجة مئوية) يحدث مباشرة بعد التبييض، ومن خلال هذا التسجيل تتمكن المرأة من معرفة فترة الخصب لديها، وبالتالي تمارس الجماع مع زوجها بهدف الحمل، وغالبا ما يطلب الطبيب من الزوجين الامتناع عن الجماع لبضعة أيام قبل بداية الأيام الأكثر خصبا عند المرأة ؛ وذلك للسماح بتجمع المني عند الرجل مما يعزز درجة الخصب عنده.
عدم حدوث تبييض عند المرأة
في حالة عدم حدوث تبييض عند المرأة ؛ بسبب عدم إطلاق الغدة النخامية والمهاد للهرمونات الحافزة للتبييض، يمكن لأحد (أدوية الإخصاب الهورمونية) حث هذه الغدد على العمل، ويصف الأطباء هذه الأدوية القوية الفعالة في ظروف محددة وبموجب تعليمات خاصة تهدف إلى منع الحمل المتعدد، وبما أن الإخصاب يحصل في قناتي فالوب، يجب أن تظلا غير مسدودتين أمام تحرك البيضة الخصبة نحو الرحم، والانضواء في جداره.
ومن المحتمل أن تسبب الالتهابات الحوضية السابقة وجود ندوب في هاتين القناتين وانسدادهما، الأمر الذي قد يمنع حصول الحمل، وقد يجرى للمرأة فحص خاص يعرف بتصوير نفير الرحم بحثا عن وجود هذه المشكلة، ويمكن إزالة الانسدادات الأنبوبية بعملية جراحية، وأما إذا كانت إزالتها غير ممكنة فيصبح الإخصاب في الأنبوب هو الحل، ومن هذه الطريقة تؤخذ بويضة ناضجة من رحم المرأة وتخصب بمني الزوج في المختبر.
وبعد أن تصبح البويضة مخصبة تعاد إلى رحم المرأة حيث تنمو بطريقة طبيعية.
التلقيح الصناعي
إذا كانت مشكلة الإخصاب عند الزوجين غير قابلة للحل يتوفر لهما إمكانية التلقيح الصناعي في هذا الإجراء تدخل المرأة بنفسها المني إلى عنق رحمها بواسطة أداة خاصة أو تدخله مباشرة في الرحم.
وإذا كان مني الرجل خصبا ولكن الحمل لا يتم بسبب الصعوبة في الانتصاب أو القذف المبكر، تستطيع المرأة أن تدخل المني بنفسها في قناة الرحم.
وإذا كان عدد البذور المنوية في مني الرجل قليلا يمكن تركيزها وإدخالها وفق هذا الأسلوب نفسه.
وأحيانا تتأثر درجة الخصب عند الرجل ؛ بسبب الحساسية المفرطة لمنيته تجاه حموضة مهبل المرأة، فإذا كان الأمر كذلك يطلق المني مباشرة على داخل الرحم.