التصنيفات
صحة المرأة

العلاج الكيميائي لسرطان الثدي:مقدمة

سوف نعرض في هذا الموضوع تعريف العلاج الكيميائي وكيفية عمله وأنواعه وطريقة إعطائها.

ما هو العلاج الكيميائي

بما أن السرطان هو مجموعة خلايا تخرج عن سيطرة الجسم ومناعته وتصبح قادرة على النمو المستقل والانتشار، فنحن نستعمل أدوية كيميائية تستطيع ان تقتل الخلايا السرطانية أو توقفها عن النمو والتكاثر والانتشار.

العلاج الكيميائي هو الاسم الذي نعطيه لأدوية الالتهابات والمضادات الحيوية، وكذلك أيضاً للأدوية التي تستطيع أن توقف نمو الخلايا السرطانية وتقتلها.

هناك أنواع عديدة من الأدوية تختلف طرق فاعليتها وعوارضها الجانبية، من واحدة إلى أخرى، من سرطان إلى آخر، ومن مريض إلى آخر.

كيف تعمل الأدوية الكيميائية

الأدوية الكيميائية تعمل إما بالتداخل مع الحامض النووي في داخل الخلية ونواتها، وإما ضد مكونات البروتينات والحوامض الأنزيمات التي تتواجد على سطوح الخلايا أو بداخلها، فتعترض نمو الخلايا وتوقف تكاثر الحامض النووي وتمنع اصلاحه وتخفف انتاج البروتينات، فتتسبب بتوقف الخلايا عن النمو بدرجات متفاوتة تصل إلى موت الخلايا السرطانية والقضاء على النمو السرطاني.

هل تقتل الأدوية الكيميائية خلايا السرطان فقط

إن الأدوية الكيميائية تستطيع ان تقتل كل الخلايا التي تتكاثر سواء كانت مرضية أم طبيعية، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية للمضاعفات الجانبية للأدوية الكيميائية مثل انخفاض خلايا المناعة وتساقط الشعر.

كيف تعطى الأدوية الكيميائية

أكثر الأدوية الكيميائية تعطى عادة بالوريد بشكل حقنة مصل على مدى فترات متفاوتة من الزمن مثل عشر دقائق أو نصف ساعة أو ساعة أو حتى بعض الأدوية تعطى على فترة ثلاث ساعات أو أربعة وعشرين ساعة متواصلة أو أكثر. هناك أيضاً أدوية متوفرة بشكل حبوب تؤخذ بواسطة الفم. أما الأدوية التي يمكن أن تعطى بواسطة إبرة بالعضل أو تحت الجلد فهي قليلة وذلك بسبب خطورة المضاعفات الجانبية المباشرة في العضل والنسيج الناعم.

ما هي الأهداف من استعمال الأدوية الكيميائية

هناك عدة أهداف نبتغيها باستعمالنا هذه الأدوية نلخصها كما يلي: “القضاء على الخلايا السرطانية أو السيطرة عليها بهدف مساعدة المريض وشفاءه”.

في حالات كثيرة نعطى الأدوية الكيميائية لتقتل الخلايا السرطانية ويتم شفاء المريض. في حالات أخرى لا تستطيع قتل جميع الخلايا فيتحسن المريض وتذهب الكثير من عوارض المرض. قد يعود المرض في المستقبل وتعود الخلايا التي لم تمت إلى النمو من جديد في وقت لاحق. لهذا قد يحتاج المريض إلى علاج طويل ومزمن، وهذا ما يدخل أيضاً في نطاق تعريفنا الجديد لمرض السرطان بأنه مرض حاد إما يتم الشفاء منه، أو يتم تحويله إلى مرض مزمن يحتاج المريض به إلى علاج لفترات طويلة من الزمن.

فترات وبروتوكولات العلاج

تعطى الأدوية الكيميائية عادة مرة كل 3 أسابيع. بهذه الطريقة نحاول قتل العدد الأكبر من الخلايا السرطانية في المرة الأولى ثم نعيد الكرة بعد 3 أسابيع وهكذا دواليك. هذه الطريقة نكون قد قضينا على نسبة معينة من الخلايا السرطانية مع كل علاج وسمحنا للخلايا الطبيعية بأن تستعيد نموها الطبيعي خلال فترات الاستراحة.

هناك بروتوكولات علاج مكونة من واحد أو أثنين أو ثلاثة أو حتى أربعة أدوية أو أكثر. عادة نحصل على أفضل النتائج باستعمال ستة جلسات ولكن قد نعطي أربعة، ستة أو ثمانية علاجات كيميائية أو أكثر حسب استجابة المريضة أو المضاعفات الجانبية والدراسات السريرية. نشير أيضاً إلى أن بعض الأدوية تعطي مفعولاً أكبر إذا أعطيناها كل أسبوع لذلك على المريضة ان تسأل طبيبها عن أفضل طريقة لإعطاء الدواء لها. أما بعض الأدوية التي تأتي بشكل حبوب فتعطى بشكل مستمر أو متقطع.

عدد الأدوية التي تحتاجها المريضة:

العلاج الكيميائي قد يعطى بشكل دواء واحد أو أكثر. عندما نعطى مجموعات أدوية نحاول ان نجمع من مفعولها مع بعضها البعض ضد الخلايا السرطانية فنزيد من نسبة الاستفادة ونحسن فرص الشفاء.

الأدوية الأكثر فاعلية التي يتم استعمالها في حالات سرطان الثدي:

الاسم الكيميائي مع الاسم التسويقي الأصلي والأحرف اللاتينية التي نشير إليها:

●   دوكسوروبيسين (ادريامايسين) (A)
●   سيكلوفوسفامايد (اندوكسان، سايتوزار) (C)
●   فليويوراسيل-خمسة (فايف أف يو) (F)
●   ميثوتريكسات (M)
●   ابيروبيسين (فارموروبييسين) (E)
●   باكليتاكسيل (تاكسول) (T)
●   دوسيتاكسيل (تاكسوتير) (D)
●   فينورالبين (نافلبين) (N)
●   كابسيتابين (اكزيلودا) (X)
●   جيمسيتابين (جيمزار) (G)
●   سيسبلاتينوم (سيسبلاتين)
●   كاربوبلاتينوم (كاربوبلاتين)
●   لايبوزومال دوكسوروبيسين (كايليكس، دوكسيل)
●   ناب-باكليتاكسيل (ابراكسان)
●   ايكزا بيبيلون (ايكزيمبرا)
●   ايربيولين (هالافين)

هذا ونشير إلى أن هناك العديد من الأدوية الكيميائية التي أصبحت جينيريك يمكن استعمالها بعد التأكد من مصادرها ومراقبتها في بلاد إنتاجها وموافقة الهيئات الدوائية العالمية عليها.

مجموعات الأدوية وبروتوكولات العلاج الأكثر استعمالاً في سرطان الثدي:

هذه أمثلة من بعض بروتوكولات الأدوية الكيميائية التي عادة يتم استعمالها لسرطان الثدي بعضها في الحالات المبكرة أو الحالات المتقدمة: CMF, CAF, AC, CEF, AC-Tw, AC-T dd, AC-Txt, TAC, Xeloda, A-CMF, T-CEF, Gemcitabine-Paclitaxel, Capcitabine-Vinorelbine, Cisplatinum-Vinorelbine-, 5 FU Infusion, Docetaxel-Capecitabine وغيرها.

الشريان التي تحقن فيه الأدوية

عادة يتم إعطاء الأدوية بواسطة شريان جيد وكبير في الذراع. عادة نستعمل الذراع الذي هو على غير جهة الثدي الذي خضع لجراحة الثدي والإبط الكاملة وللعلاج بالأشعة حتى لا نتسبب بأية مشاكل قد تؤدي إلى التهابات وتورم الذراع. أما إذا كانت المريضة خضعت لاستئصال العقدة الأولى الحارسة فقط فلا مشكلة باستعمال ذراع تلك الجهة أيضاً.

مراقبة الشريان الذي تحقن فيه الأدوية وخطورة تسرب الأدوية خارج الوريد أو الشريان

يجب الانتباه إلى وضع إبرة وقسطرة (قثطرة) المصل جيداً داخل شريان المريضة وان يتم التأكد من أن سائل المصل يتدفق براحة وبسهولة داخله، وبدون ان يتسبب بأي تورم في الذراع. تجب مراقبة المصل ومكان الإبرة باستمرار خلال العلاج. فإذا اشتكت المريضة من أي ألم أو احمرار أو ورم، عندئذ يجب توقيف المصل فوراً والتأكد من عدم خروج الدواء خارج الشريان إلى منطقة تحت الجلد في مكان الإبرة والمصل والذراع. ان بعض الأدوية مثل دوكسوروبيسين (ادرياميسين) قد يتسبب بقتل للخلايا وتقرحات في الجلد والعضل إذا خرج من الشريان، وقد يلزم معالجة مكان الجلد بواسطة الشاشات الرطبة الباردة ودهن دواء DMSO أو إعطاء دواء ديكسرازوكسان Dexrazoxane (كارديوكسان، زينيكارد أو توليكت) حسب الدراسات الجديدة وهذا الأخير نعطيه فوراً ونعيده بعد ساعة وبعد 24 ساعة في المصل. أما إذا تطورت الحالة إلى تقرحات جلدية ونسيجية فقد تحتاج إلى علاج مضادات حيوية وتقوية الأنسجة أو جراحة لتنظيف الأنسجة المتضررة أو زرع رقعة جلد.

استعمال الشريان الاصطناعي (الغرفة البوليسايت)

أما إذا كانت هناك صعوبة لإيجاد شريان في الذراع لاستعماله لإعطاء العلاج الكيميائي، أو إذا كانت شرايين المريضة صغيرة جداً مما قد يتسبب بخطورة خروج الدواء من الشريان إلى تحت الجلد، فعندئذ قد ينصح الطبيب باستعمال شريان وسطى رئيسي أو بوضع (Port-a-Cath) Polysite Catheter Chambre بوليسايت أو شامبر نسميه “شريان اصطناعي”. هذا الشريان الاصطناعي هو عبارة عن علبة صغيرة الحجم وقسطرة رفيعة توضع تحت الجلد بعملية جراحية صغيرة محدودة تحت تخدير موضعي، يتم فيها وصل القسطرة إلى داخل شريان الذراع الكبير تحت عظمة الترقّوة أو في شريان الرقبة.

يتم استعمال الشريان الاصطناعي كل مرة بواسطة إبرة خاصة بها اسمها إبرة هيوبر. لا ننصح عادة باستعمال الشريان الاصطناعي لسحب الدم ولا لنقل الدم الا في حالات الضرورة وتحت الاشراف المباشر للطبيب المعالج لتجنب المضاعفات أو الانسداد. بعد كل استعمال للشريان الاصطناعي، وكذلك بشكل دوري، يتم وضع سائل مالح ممزوج بقليل من مادة الهيبارين المسيّلة لمنع التجلط بداخل الشريان الاصطناعي ولإبقائه مفتوحا وسالكا. هذا ويتم عادة سحبه من الجسم بعد انتهاء العلاج، حسب نصيحة الطبيب.

احتياطات تحضير العلاج الكيميائي

تلاحظ المريضة أن الأطباء والممرضات والصيادلة والعاملين في وحدات العلاج يلبسون قفازات (كفوف) ويضعون كمامات عندما يحضرون العلاج ويعطونه للمريضة. لا داع للمريضة أن تخاف فهذه إجراءات للتعقيم وللحفاظ على صحة المريض ومنع نقل الالتهابات، بالإضافة إلى حماية الموظفين من التعرض اليومي والدائم للأدوية الكيميائية ومشتقاتها.

العلاج بجرعات عالية

لقد مرت سنوات في وسط التسعينيات راجت فيها طريقة العلاج باستعمال الجرعات العالية للأدوية الكيميائية التي تستلزم زرع نخاع عظم، ولكن أثبتت دراسات عديدة في اواخر التسعينيات ان هذا العلاج يتسبب بمضار كثيرة تفوق نسبة الاستفادة منه، وانه لا يتسبب بزيادة ملموسة لمدة الحياة عند السيدات المصابات، وتم التوقف عن استعماله في حالات سرطان الثدي.

أهداف العلاج الكيميائي في حالات سرطان الثدي

أولاً: الشفاء

الشفاء في المراحل الأولى والثانية

عندما تكون المريضة في مرحلة مبكرة يعني المرحلة الأولى والثانية، نستطيع القضاء على الخلايا السرطانية ويتم الشفاء منها أكثر من 80 إلى 90 بالمئة من الحالات.

عندما يكون الهدف هو الشفاء فنحن نستعمل العلاج بالجرعات الكاملة. ولتقليل المضاعفات الجانبية، يجب إعطاء جرعات يستطيع جسم الإنسان أن يتحملها ونكون قد أجرينا تجارب سريرية بها. نعطي العلاج بجرعات متكررة حتى نقتل عدداً كبيراً ونسبة أكثر من الخلايا السرطانية في كل دورة علاج ونسمح لباقي خلايا الجسم بأن تعود إلى وضعها الطبيعي.

الشفاء في المراحل الثالثة

أما إذا كانت المريضة في المرحلة الثالثة فيكون المفعول الشافي للأدوية الكيميائية أقل منها في المراحل الأولى والثانية ممكناً بين 30 إلى 60% من الحالات بواسطة العلاج المتعدد الأنواع باستعمال العلاج الكيميائي والمهدف وبالأشعة والجراحة والهرمونات المضادة (multidisciplinary management).

الشفاء في المرحلة الرابعة

أما في المرحلة الرابعة فاحتمالات الشفاء تكون أقل من 10% إلى 20% ولكننا قد نستطيع أن نسيطر على المرض لفترات طويلة من الزمن. في المراحل التي لا يمكن الشفاء فيها، قد نستطيع التخلص من جزء ونسبة معينة من الخلايا السرطانية أو السيطرة عليها فنريح المريضة ونخفف من عوارض المرض وألآمه.

ثانياً: المساندة والمساعدة وتخفيف عوارض المرض المنتشر:

قد تكون بعض الخلايا السرطانية ذات حساسية متواضعة ومتوسطة على العلاج لهذا قد لا نتمكن ان نسيطر على السرطان الا لفترة محددة من الزمن. في هذه الحالة نعمل على الحد من نمو السرطان ونخفف من انتشار المرض وآلامه وأوجاعه واشتراكاته. لهذا تكون أهدافنا في هذه الحالات كما يلي:

–  الاطالة بالعمر.
–  الاطالة بالعمر بدون مرض.
–  تخفيف الآلام والمتاعب.

غالباً ما نستعمل العلاج الكيميائي في مراحل الانتشار لهذه الأهداف ولكن بشرط الا يتسبب العلاج بالاشتراكات الكثيرة والمضاعفات المتعبة. هدفنا يكون أن نحافظ على الحياة الكريمة والمحترمة للمريضة في هذه المراحل الصعبة من حياتها. هدفنا يكون أن نستعمل العلاجات التي تخفف من متاعب المرض بأقل ما يمكن من اشتراكات، لذلك قد نستعين أكثر بالعلاج الهرموني الذي يتسبب بمضاعفات أقل بكثير من العلاج الكيميائي. تجدر الإشارة هنا إلى تطورات جديدة تزيد من احتمال العيش الطويل والشفاء باستعمال الأدوية المهدفة الجديدة إما بالإضافة للعلاج الكيميائي أو مع العلاج الهرموني.

المضاعفات الجانبية للعلاج الكيميائي

يمكن تقسيم المضاعفات حسب نوعها، أو حسب الأعضاء التي تتأثر بها أو حسب الفترة الزمنية التي تحصل بها.

المضاعفات الجانبية حسب الفترة الزمنية لحصولها بعد جرعة العلاج الكيميائي:

أولا: المضاعفات الحادة أو الفورية Acute: هذه هي المضاعفات التي تحصل فوراً بعد العلاج أو في الأيام التالية، وأهمها الغثيان والتقيؤ التي يتم تجنبها أو السيطرة عليها بواسطة الأدوية الخاصة بها، وهي تتوقف ولا يبقى منها أية أثار في المستقبل.

ثانيا: المضاعفات الما بعد – فورية (Sub-acute): هذه هي المضاعفات التي تحصل بعد أيام أو أسابيع من تناول العلاج مثل:

1-  هبوط عدد كرويات الدم البيضاء (WBC) والبنفسجية (الصفائح – Platelets). هذه المضاعفات قد يحصل معها اشتراكات، التهابات أو نزيف. نحن عادة نعرف كمية الجرعات الأكثر أماناً ونقلل من المجازفة بحصول الاشتراكات التي نكون جاهزين لمعالجتها إذا ما حصلت.

2-  تساقط الشعر: قد يتساقط الشعر بعد عدة أسابيع ثم يعود وينمو.

3-  حمو وتقرحات بالفم وتغيير بطعم الاكل: قد تحدث التقرحات بعد أيام أو أسابيع حسب نوع العلاج وقوته، ويتم علاجها بالمخمضة والسوائل الخاصة والمضادة للفطريات أو الفيروسات مع المواد المهدئة. وأما التغير بطعم الأكل فالشعور به قد يستمر إلى ما بعد انتهاء العلاج الكيميائي وعودة نمو خلايا وبذور الذوق في الفم.

ثالثا: المضاعفات المتأخرة زمنياً (بعد زمن) (Long-term): هذه المضاعفات التي تحصل في وقت لاحق وبعد أشهر أو سنوات من العلاج منها ضعف عضلة القلب أو الأثار على الأعصاب أو الكلوة أو الكبد، أو على الدم على المدى البعيد مثل حصول ديسبلازيا أو لوكيميا.

هذا وقد علمتنا خبرتنا أن السيدات المتفائلات بالنتائج وغير المتشائمات من المضاعفات الجانبية تحتمل العلاج بشكل أفضل من غيرهن وتحصل على نتائج إيجابية أكثر. إن أول ما ننصح به المرأة التي تخضع للعلاج الكيميائي هو أن تخرج من وسواس المضاعفات الجانبية ولا تعيش بدوامة هذا الهاجس لأنها بتوقعها الدائم للاشتراكات قد تتسبب بالتعب النفساني والجسدي لها ولعائلتها.

لقد أصبحنا في هذه الأيام قادرين على تجنب معظم المضاعفات الجانبية وعلاجها إذا ما حصلت. تجب استشارة الطبيب كلما تدعو الحاجة لتشخيص المضاعفات ومعالجتها، وفي بعض الحالات يجب التوجه إلى المستشفى للمعالجة.