لقد تمت ممارسة العلاج باستخدام الوخز بالإبر الصينية على مدى آلاف السنين في الشرق الأقصى، واستقر ذلك العلاج في الغرب منذ سبعينات القرن الماضى، خاصة بعد أن أجريت عملية إزالة الزائدة الدودية لصحفى في جريدة نيويورك تايمز وأثناء العملية الجراحية تمت الاستعانة بالوخز بالإبر الصينية، وكتب ذلك الصحفى بحماس عن خصائصها المخففة للألم. وهناك نوعان رئيسيان من الوخز بالإبر الصينية يستخدمان في الغرب. ويعتقد ممارسو النوع الصينى التقليدى من الوخز بالإبر أن المرض ينشأ عن عدم توزان بين الموجب والسالب في قوى الحياة، وإدخال الإبر إلى مناطق معينة من الجسم يكون بهدف إعادة وإصلاح هذا التوازن. وقد حاولت قدر الإمكان أن أفهم هذه الفكرة بلا جدوى.
أما النوع الآخر من هذا العلاج، فإنه يمارس على نطاق أوسع، ويركز على الآثار البدنية التي يمكن أن تحدثها الإبرة في الجسم. يتم إدخال الإبر في مواضع الإثارة أو مناطق الوخز وهي مواضع حساسة تكون موجودة غالباً في مناطق حيث تدخل الأعصاب أو تخرج من العضل والنسيج. والنظرية هي أنه إذا أدخلت إبرة في أحد هذه المواضع فإن الإندروفين الطبيعى وهو مخدر يوقف الألم سوف ينطلق داخل مجرى الدم، وأيضاً مركبات طبيعية مضادة للالتهاب تساعد على الشفاء.
للإبر الصينية من يؤمنون بها، ويدَّعون أنها تفيد في كل الأمراض بما فيها وجع الظهر وأى نوع من الألم والقلق والتوتر، وارتفاع ضغط الدم، ومشكلات اضطراب الأمعاء. إن الأدلة العلمية لإثبات ذلك نادرة، ولكن إحدى الدراسات التي نشرت في « جريدة الجمعية الملكية للطب « أظهرت أن استثارة إحدى نقاط الإثارة فوق الرسغ باستخدام الإبرة يمكن أن يوقف الغثيان في حالة الحمل، وهذا قد تم تكراره بنجاح منذ ذلك الحين. وثمة دراسات أخرى أظهرت أن الوخز بالإبر الصينية يمكن أن يقلل الألم والغثيان بعد إجراء الجراحة، ويتبنى كثير من الأطباء وجهة النظر القائلة بأن الوخز يجعل بعض الأعصاب تعمل بطريقة أفضل حين استثارتها. ومن المثير أن هذه الأعصاب تحتل نفس المكان مع مواضع الوخز الصينية التقليدية.
وعلى الرغم من أننى متشكك في كل هذا إلا أننى فضولى ؛ لذا قررت أن أجرب الإبر الصينية على نفسى. ولأننى كنت أعانى عدم راحة من مشكلة في العنق كانت تبدو أنها تقاوم أى علاج تقليدى، فقد سلمت نفسى لمتخصصى الإبر الصينية الذي تصادف وكان زميلاً ممارساً معى وأثق فيه تماماً. ولقد دهشت لأن بعض الألم قد اختفى، ولكن عندما نظرت إلى عنقى وظهرى في المرآة أثناء المعالجة دهشت لأننى رأيت احمراراً حول هذه المناطق فقط وليس في مكان آخر.
لم أعد أشعر بالألم في اليوم التالى ولم أعان من هذه المشكلة منذ ذلك الوقت. هل هذه الطريقة العلاجية مجرد وهم ؟ لا أعتقد ذلك. إن تجربتى الفريدة تعتبر تجربة علمية ولكنها تجعلك تتساءل، أليس كذلك ؟
إن كثيراً من الناس يقتنعون بأن الوخز بالإبر الصينية يشفى آلامهم، ويزيد من سرعة الشفاء والشعور بالرضا بشكل عام. إنه علاج آمن عندما يقوم بتنفيذه ممارس معتمد، ولكن عليك بمراجعة مؤهلات أى متخصص في الإبر الصينية مع المجلس القومى للوخز الإبري، أو أية منظمة ذات علاقة بالوخز الإبرى في دولتك قبل أن تقبل العلاج.