تتسع قاعدة الدلائل على أن لعلاج السلوك الإدراكي (CBT) أثراً فعالاً ضد العديد من الاضطرابات النفسية بالرغم من أن بعض التساؤلات حول النظرية والتطبيق ما تزال قائمة. نرى أن العديد من تقنيات علاج (CBT) تلائم العمل الجماعي، ومن الممكن تعديلها لتتماشى مع ضرورات النمو لدى الأطفال، وحتى سن المراهقة، إذا كانت المجموعات قد تم تصنيفها بشك جيد وفقاً للعمر.
من الممكن إجراء العمل الجماعي مع الأطفال والمراهقين في أماكن ووضعيات مختلفة بما في ذلك المدارس ودوائر الخدمات الاجتماعية ومراكز (CAMHS) مع ترددات قد تكون يومية أو أسبوعية، وذلك وفقاً للكثافة المعتمدة للتدخل. تشكل التدخلات الجماعية في الأماكن التابعة ل (CAMHS) عادة حلقة واحدة من حلقات العلاج.
لمحة عامة
– من السهل استخدام التقنيات التابعة لعلاج (CBT) في العلاجات الجماعية التي تستهدف عادة أطفالاً ذوي أعمار مختلفة، ومن الممكن أيضاً استخدامها في برامج مجدية وممتعة لحل مشكلات عديدة. يصلح الأسلوب الجماعي بشكل مثالي للعمل على مشكلات تتعلق بالمهارات الاجتماعية.
– يجب أن يكون جوهر علاج (CBT) الجماعي هو أنه بالإمكان حل كل المشكلات، وأن المجموعة ما هي إلا فرصة لاكتساب المهارات التي تمكننا من هذا الحل، وأن المشكلات التي نعاني منها قد يعاني منها الآخرون.
– بإمكان قادة المجموعات أن يحددوا الطراز المعيار للتعبير عن الأحاسيس وطرق التأكيد المواتية مع الآخرين.
– توسّع تلك الطرازات التي يصوغها النظراء وآراء الأطفال الآخرين من ذخيرة أعضاء المجموعات من أجل حل المشكلات.
– لقد أخذت قاعدة البيانات والنتائج الإيجابية لعلاج (CBT) للأطفال والمراهقين تزداد خلال الأعوام القليلة الماضية.
عناصر تدخلات (CBT) المستخدمة في معظم برامج الأطفال والمراهقين
قد أصبح مصطلح (CBT) مظلة تضم العديد من تقنيات العلاج الممكن استعمالها في الكثير من التسلسلات والتركيبات العلاجية. ترتكز الفرضية الأساس في علاج (CBT) على أن كلاً من الإدراك والإحساس والسلوك مرتبط بعضه ببعض، وأن أي تغيير يتم على أحدها يؤدي إلى تغيّر في الآخرين. من الممكن ملائمة العديد من تقنيات (CBT) كي تعمل في المجموعات، وقد تؤثر بنية المجموعة على تسهيل عمل بعض التقنيات. نورد فيما يلي شرحاً لبعض التقنيات وأمثلة عن بعض تطبيقاتها في بعض أمكنة مجموعات الأطفال والمراهقين (انظر الفصل الرابع أيضاً).
الثقافة العاطفية
يحتاج الأطفال إلى معرفة العواطف والأحاسيس وإلى أن يحيطوا بعدد من المفردات المتعلقة بها. ثم يستطيعون بعد هذا أن يفرقوا بين الأفكار والمشاعر وأن يربطوا بين الأفكار والمشاعر والسلوك. فقد يساعد الأطفال بعضهم بعضاً في إحدى المجموعات على أن يضعوا قاموساً للأحاسيس مستخدمين الصور والألعاب. وقد يستطيعون تحديد درجة ما للمشاعر باستخدام تقنية مثل “ميزان المشاعر” للقلق والاكتئاب. وبالإمكان أيضاً مراقبة الذات من حيث السلوك بالتعرف إلى السلوك المستهدف وتحديد درجته. ومن الممكن أيضاً مراقبة الأفكار باستخدام تقنيات مثل “متحري الأفكار” وفقاعات الأفكار لتحديد الأفكار في مواقف مختلفة. وقد يتمكن الأطفال الأكبر سناً من إنشاء وإدارة يوميات للأفكار.
إن من أهم مظاهر الثقافة العاطفية في مجموعة من المجموعات هي مقدرة قائد المجموعة على تحديد طراز للتعبير عن المشاعر والتأكيد عليها مع الآخرين.
قد تتضمن الثقافة العاطفية تمارين على مختلف المهارات الاجتماعية ككيفية الرد المفيد على المبادرة، أو التدرب على تقديم المديح الاجتماعي أو الرد عليه. وبإمكاننا زيادة تلك التمارين كتحديد الصفات الإيجابية والسلبية لدى الشخص أو استخدام الرسوم الصغيرة أو الأدوار المسرحية القصيرة للتعبير عما يحس به الآخرون لإنماء الحس بالتعاطف مع الآخرين.
حل المشكلات
نورد فيما يلي العناصر الجوهرية لحل المشكلات.
تعريف المشكلة.
توليد عدد من الحلول.
تحديد الإيجابيات والسلبيات لكل حل.
اعتماد خطة للتعامل مع المشكلة.
تنفيذ الخطة ومراقبة النتيجة.
يجب أن نلائم تلك العناصر الجوهرية مع أعمار المشتركين في المجموعات. قد يكون من الصعب والمربك للأطفال الصغار توليد الاختيارات قبل تقييم مساوئ وحسنات كلٍّ منها. يعلم برنامج “فكر بصوت مسموع” أطفالاً من المدرسة المتوسطة أن يسألوا أنفسهم أربعة أسئلة بسيطة بمساعدة الدب رالف الذي يقوم بإلقاء الأسئلة.
• ما مشكلتي؟
• كيف يمكنني حلها؟
• هل تنجح خطتي؟
• هل أحسنت صنعاً؟
من الممكن هنا إدخال بعض الفكاهة أثناء توليد الحلول الممكنة عن طريق ما قد يقترحه الرجل الأخضر الصغير من سكان المريخ. من المهم هنا أن نتذكر أن الملاحظة “لا تغيير” يجب أن تكون واحدة من الاحتمالات الممكنة عند التقييم.
قد يكون توليد الاختيارات وتقييم الحلول مجدياً للغاية في مجموعة ما؛ حيث إن آراء النظراء وأفكار الأطفال الآخرين ستزيد من الذخيرة الفكرية لأعضاء المجموعة. قد يحتاج الأطفال والمراهقون القلقون أو المكتئبون والفاقدو الثقة إلى مساعدة خاصة للتفكير بطلاقة عند توليد الخيارات. وقد يحتاجون إلى الدعم والتشجيع على الاستمرار في التفكير في الاحتمالات بدلاً من نبذ حل من الحلول قبل تقييمه بشكل كافٍ. وقد تتم أيضاً مساعدتهم على التفكير في احتمالات إيجابية وخلاقة ودمجها في جدول النشاطات كي يزداد عدد الأحداث الممتعة في حياتهم.
بشكل مغاير، سيحتاج الأطفال والمراهقون ذوو الاضطرابات السلوكية إلى المساعدة لتحديد مشكلاتهم بشكل ملائم لأنهم ميالون إلى لوم الآخرين. وقد يحتاجون إلى تشجيع ليعتنقوا حلولاً بديلة سلمية حازمة لمشكلاتهم مع الآخرين.
إعادة هيكلة الإدراك
نذكر من الظواهر التابعة لهذا:
• تحديد ومراقبة الأفكار
• وصل الأفكار والأحاسيس والسلوك
• تحدي وتغيير الأفكار المشوهة ذات الخلل الوظيفي
• تعلم طرق أخرى للتعامل مع الوضعيات الصعبة.
تصف الصور التالية بعض التقنيات التي تمكن من إعادة هيكلة الإدراك والتي يمكن تطبيقها على مجموعة من الأطفال والمراهقين.
من الممكن مساعدة الأطفال والمراهقين في مجموعة ما على تحديد أفكارهم السلبية الآلية ذات الخلل الوظيفي التي قد تولد لديهم أحاسيس حزينة أو طرقاً للسلوك غير مجدية. من الممكن تحديد الأفكار السلبية الآلية بعدد من الطرق، كالتذكر أو اليوميات أو لعب الأدوار أو كرّاسات الاستبيان أو التصور أو استقصاء التغيّر المفاجئ في الشعور في الجلسة: “ما كان يمر في مخيلتك حينئذ؟ أكان هذا صورة أم إحساساً قوياً؟”.
يوفر التمعن في الأدلة لدعم فكرة ما أو دحضها وتقييم جدواها تمريناً ممتازاً للمجموعة. يمكن سؤال التالي:
• ما الدلائل على صحة هذه الفكرة؟
• ما الدلائل ضد صحة تلك الفكرة؟
• هل هناك من سبل أخرى للنظر إلى الحالة؟
• ما قد ينتج عن التفكير على هذا النحو؟
• ما أخطاء التفكير على هذا النحو؟
• ما يجب أن تقوله لصديق حميم لديه الطريقة في التفكير أو المشكلة نفسها؟
• ما قد يقوله صديقك هذا لك؟
• ما الذي تستطيع عمله؟ (تجارب في السلوك أو خطط للعمل)
نستطيع هنا استخدام العديد من التقنيات في الرسم كالأسهم النازلة والاكتشاف الموَجّه لتوضيح المعنى. فبالإمكان الكتابة على النحو التالي: “إذا كانت الفكرة صائبة فماذا سيعني هذا لك؟” أو أشياء كهذه.
بالإمكان تحديد الموضوعات التي تتكرر مع مرور الزمن. ومن الممكن استغلال الأحداث الفاعلة كفرص للتدرب على مهارات التغلب على الصعوبات. وتوفر المجموعات الفرص للقيام بتجارب سلوكية فورية، كدراسة المدى الذي يذهب إليه الآخرون عند الاهتمام بك في وضعية اجتماعية معينة. وقد تكون المجموعة مفيدة أيضاً لتوليد تقارير موجبة عن الذات وعن طفل قد يعاني من الاكتئاب في المجموعة.
قد تستعمل فقاقيع الأفكار والأفلام الكرتونية/المتحركة لتوليد الأفكار والتصورات لدى الأطفال الصغار، ولكن باستطاعة الأولاد الأكبر سناً أن يتعاملوا مع يوميات للأفكار أو ما شابه ذلك.
من المهم أن يدرك الأطفال في كل الأعمال أن أفكارهم فقط هي التي تُختَبر ولا يقال لهم إنهم على خطأ.
سمات المعالِج
يجب على المعالج أن يكون نشيطاً وإيجابياً ومتعاوناً، وعليه ألا يبدو وكأن لديه الأجوبة على كل الأسئلة. على المجموعة أن تبدو جذابة وممتعة للأطفال ويجب على قادة المجموعات أن يوفروا الوقت الإضافي الكافي للتحضير للجلسات واستجواب المشتركين والإشراف، وعليهم أيضاً أن يمتلكوا مجموعة من التمارين العلاجية لكل مراحل العلاج في المجموعة. ولكن عليهم أيضاً أن تكون لديهم المرونة والمقدرة على الاستجابة للفرص العلاجية التي تتم بعفوية.
التقنيات والمواد
يجب أن تقوم المجموعة على أساس أن لكل مشكلة حلها، وعلى أنها فرصة لاكتساب المهارات لتحقيق هذا الأساس. تشكل نشاطات المجموعة حيزاً يتم فيه التغيّر العلاجي.
على المعالجين أن يمتلكوا مواد العلاج؛ منها ما ينتج فوراً ومنها ما يكون مُعدّاً في السابق لمجموعة معينة، وغيرها قد يتم اقتباسه من سلسلة من الكتيبات (انظر اللائحة أدناه). قد تكون تمارين الفيديو مفيدة لبعض الأطفال الذين يعانون من صعوبة في التعاطف مع الآخرين.
تساعد تقنيات التصنيف الأطفال على التكلم مع الذات لاحقاً. فبدلاً من الحديث عن الكوارث عند حدوث أزمة ما، قد يتعلم الطفل أن يصنف المشكلة على أنها تحدٍ، ثم يحاول حلها بأفضل طريقة.
من الممكن وضع قوانين المجموعة التي تأخذ بعين الاعتبار عامل العمر بالتشاور مع أفراد المجموعة بشكل جذاب.
فيما يلي اقتراحات للمواد المناسبة للمراهقين (التواصل الشخصي):
• الملفات المكتوبة كي يرجع إليها المراهق متى شاء
• صفحة في موقع إلكتروني تعَدّل بعد كل جلسة عمل (إن كان بمقدور قائد المجموعة القيام بهذا)
• استخدام الرزم والصرر الأنيقة لإضفاء البهجة على الهبات
• هبات يقترحها المراهقون أثناء الجلسات
• الطلب من أفراد المجموعة السابقة التطوع للمساعدة في إعادة تصميم المواد للمجموعة التالية.
بنية العلاج
بالرغم من أن علاج (CBT) الجماعي قد برهن على جدواه منفرداً، تبقى التدخلات من هذا القبيل جزءاً من بنية أكبر للعلاج. فقد أثبتت العلاجات المركبة من أكثر من طريقة أن تلك الطرق تكمّل بعضها بعضاً وتعظم من قدر الفائدة الكلية للعلاج. لهذه الطريقة أهمية بالغة حين تترافق عدة أمراض. يحتوي العديد من تدخلات (CBT) على تدخل أسري، وقد أدت هذه الطريقة إلى تحسن كبير طرأ على الأطفال الذين يعانون من القلق ويُعالجون بعلاج (CBT) جماعي.
إنه من الأهمية بمكان أن يُنظر إلى علاج (CBT) الجماعي على أنه عنصر واحد من تدخل عديد الوجوه لعلاج الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطرابات سلوكية. تحتاج طرق العلاج المركبة من عدة أنظمة إلى تنسيق دقيق وتشاور بين الجهات المشاركة كالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، تجنباً للصدام والفوضى.
العلاج الانفرادي إزاء العلاج الجماعي
يعتبر العمل الجماعي مثالياً لتطوير المهارات الاجتماعية لدى الأطفال والمراهقين. قد تستغل المجموعات التدريب على المهارات الاجتماعية كتدخل علاجي، ولكن العلاج الجماعي يُؤهل الأطفال والمراهقين للتعامل مع نظرائهم بغض النظر عن هذا التدريب. إذ يمكن تحديد الصعوبات القائمة بين الأفراد وحلها. من المعروف أن عيوب المهارات الاجتماعية لها أسوأ حصيلة في الاكتئاب وأنه في اضطراب الوسواس القهري تترافق العزلة بحصيلة أسوأ. وأن وجود اضطراب الوسواس القهري يتداخل (يتآثر) مع مهمات التطور الاجتماعي الطبيعية. لهذا فإن العمل على عيوب المهارات الاجتماعية في مجموعة سيكون مفيداً على الأرجح.
لقد تم تحديد بعض مظاهر العملية الجماعية على أنها “عوامل علاجية” (الرجاء قراءة الفصل الثامن)، ومنها التحقق من أن صعوبات المرء ليست فريدة وتوفير الأمل للمريض. إن التخفيف من حدة الوصمة واتخاذ الراشدين كطراز للسلوك هي أمور مهمة جداً بالنسبة للمراهقين. ولقد تبين أن نسبة الإخفاق الشخصي في العلاج النفسي الجماعي هي أقل منها في العلاج الانفرادي. ومع هذا يجب أن نلاحظ أن تجربة عشوائية منضبطة حديثة أجريت لمقارنة نتائج علاج (CBT) بشكليه الفردي والجماعي على الأطفال مع ترك أطفال آخرين على لائحة الانتظار، أظهرت أن هؤلاء الذين عولجوا قد أظهروا تقدماً ملحوظاً نحو الشفاء، وأنه كان للشكل المنفرد للعلاج أثر أقوى -نوعاً ما- على المريض من الشكل الجماعي. من الممكن أن نفسّر هذا بشكل افتراضي بأن بعض أعضاء هذه المجموعة قد أسهموا في تقوية مخاوف زملائهم بشكل عفوي. وهناك احتمال آخر هو أن بعض الأطفال الذين يعتريهم القلق، خصوصاً الذين يملكون النزر اليسير من المهارات الاجتماعية، قد يستفيدون أكثر من العلاج الانفرادي بدلاً من التخفيف الذي يحدث في المجموعة.
قد تُقدِّم العلاجات الجماعية ميزات اقتصادية؛ ذلك بأنه يتم عادة علاج ثمانية -كحد أعلى- أطفال أو مراهقين معاً، وبأن المعالجين الأقل تجربة يستفيدون من العمل مع قادة المجموعات الأكثر تجربة. ومع هذا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الزمن لتحضير العمل الجماعي وصعوبة إدخال العدد الكافي من المشاركين في العلاج واستمرارهم كي نضمن نجاح العمل.
المجموعات المتجانسة والمجموعات غير المتجانسة
معظم البحوث تصف المجموعات المتجانسة بأنها تضم أطفالاً أو مراهقين يشتركون في تشخيص مَرَضي متماثل ويعالجون من أجله. هناك بعض الشروط التي تجعل من التحاق أحدهم بمجموعة من الأشخاص يعانون من المشكلة ذاتها أمراً مفيداً، فعلى سبيل المثال يستفيد طفل يعاني من اضطراب الوسواس القهري إذا شارك -لبعض الوقت- أمثاله من المرضى في مجموعة ما حياتهم.
هذا ليس مثلاً عن أطفال أو مراهقين ذوي اضطرابات سلوكية الذين قد ينتج عن اختلاطهم مع من هم أكبر سناً من المرضى بالمرض نفسه نتائج عكسية، حيث تفاقم جنوحهم من جراء هذا الاختلاط. وبشكل مماثل يقود الدعم المتبادل للتخوفات في مجموعة متجانسة (انظر أعلاه) يعاني أفرادها من القلق إلى نتائج سلبية للعلاج إذا ما قورن بعلاج (CBT) انفرادي.
قد يتعرض المعالِج الذي يعمل في مجموعات متجانسة من الأطفال أو المراهقين ذوي التشخيص المَرَضي نفسه إلى صعوبات معينة. قد يحقق أطفال أو مراهقون يعانون من متلازمة “أسبرجر” تحسناً بطيئاً فقط. وقد يحتاج المعالجون إلى الدعم حين يعملون وإياهم. كثيراً ما يشعر المعالجون الذين يعملون مع أطفال مكتئبين أو يعانون من القلق بنقص في الحيوية والمبادرة لدى أفراد المجموعة، ويكون العمل عندها شاقاً. وقد يشعر هؤلاء الذين يعملون مع أطفال غير اجتماعيين بأن هناك ظاهرة “نحن” و”هم” حيث يمثل المعالج الشق الاجتماعي ضد الشق غير الاجتماعي المُمثل بأفراد المجموعة. ومن ناحية أخرى من الممكن أن يؤمن العمل الاجتماعي -وفق منهاج واحد لمجموعة من الأطفال يعانون من المرض نفسه- دعماً واضحاً للتدخل العلاجي. هناك الآن عدد من الكرّاسات المعدة لعلاج بعض الأمراض التي قد تم تقييمها على أنها ذات فعالية أكيدة (انظر أدناه تحت قاعدة الدلائل والتطبيقات المحددة).
لقد تبين أن برنامج علاج جماعي (CBT) لمراهقين يعانون من خليط من الاضطرابات النفسية قد أثر إيجاباً على هؤلاء عندما استخدم كمساعد لعلاجات أخرى، مع أنهم كانوا يعانون من شريحة واسعة من الاضطرابات النفسية ومشكلات النمو والتطور. وكان معظمهم قد عولج علاجاً نفسياً أو نفسياً ودوائياً دون أن تزول كل أعراض مرضهم، خصوصاً في مجال التواصل الاجتماعي. قامت كل مجموعة في هذا البرنامج المؤلف من 12 جلسة بسلسلة من الأعمال استغرقت ساعة ونصف الساعة. وابتدأت بنشاط قائم على مبادئ السلوك الإدراكي استغرق 45 دقيقة تلته استراحة ومرطبات. ثم اختتمت بنصف ساعة من مناقشة الدروس التي استخلصت من هذا النشاط والمشكلات التي طرأت وحلولها. يلخص الجدول 7.1 فحوى الجلسات تلك. لقد برهن هذا البرنامج الجماعي للأمراض المختلطة على أنه مساعد سهل التنفيذ مع البرامج الأخرى وذو قيمة علاجية جيدة، خصوصاً تحسينه المهارات الاجتماعية التي، إن لم تعالج، قد تسبب الانتكاس.
علاج (CBT) الجماعي للأمراض المختلفة للمراهقين
الجلسة | العنوان | تركيز العلاج |
1 | قوانين المجموعة بما في ذلك التدرب مابين المجموعات | “إن قصة مشكلتي هي…” |
2 | وصف جديد للمهارات
ومواطن القوى |
مفهوم القياس وميزان القلق |
3 | حل المشكلات | عصف الدماغ وتحليل الكلفة والإفادة، تجارب سلوكية |
4 | التدريب الإدراكي (1) | تحديد الأفكار والمشاعر
والأحاسيس وتسميته |
5 | التدريب الإدراكي (2) | المفكر الرابط الجأش الذي
يفكر بطريقة مفيدة |
6 | التدريب الإدراكي (3) | “لطريقة تفكيري أثر على
أحاسيسي |
7 | التصدي للغضب (1) | الشعور بالغضب – فوائد
الشعور بالغضب وتكاليفه |
8 | التصدي للغضب (2) | ضبط الغضب باستخدام
الاسترخاء العضلي والتخيل المنضبط |
9 | التغلب على القلق
الاجتماعي (1) |
لعب الأدوار والتواصل
الاجتماعي الناطق والصامت |
10 | التغلب على القلق
الاجتماعي (2) |
التعلم بأن “سلوك النجاة”
الاجتماعي يساعد في استفحال القلق الاجتماعي. لعب الأدوار مع “سلوك النجاة” وبدونه. |
11 | منع الانتكاس | من سيلاحظ بوادر
الانتكاس؟ كيف تتم الملاحظة؟ من الذي سيدعم الولد الصغير؟ أية مهارات اكتسبناها قد تفيد؟ |
12 | حفل التخرج | يعد أفراد المجموعة جائزة
لكل مشترك. تفصيل التغيرات التي تمت خلال البرنامج. |
قاعدة الدلائل والتطبيقات المحددة
تتسع قاعدة البحث حول فاعلية علاج (CBT) الجماعي للأطفال والمراهقين بالرغم من أن هناك القليل فقط من الدراسات على الأطفال الصغار. وإن كل الدراسات الواردة أدناه هي عن علاج (CBT) في مجموعات متجانسة أحادية المرض.
الاكتئاب
قام تدخل مبكر جماعي مدرسي للاكتئاب بمقارنة فعالية العلاج الذي يركز على التدرب على المهارات الاجتماعية عبر لعب الأدوار مع آخر يركز على إعادة هيكلة الإدراك، ثم قورن هذان مع ثالث يركز على التداوي بإرضاء المريض فقط وضوابط لائحة الانتظار. طرأ بعض التحسن على الأطفال في التدخلات الأربعة أحسنهم هؤلاء الذين قاموا بلعب الأدوار، ثم تلاهم هؤلاء الذين تمت إعادة هيكلة إدراكهم.
تم إنشاء البرنامج الجماعي للتغلب على الاكتئاب عند المراهقين (CWD-A) للتعامل مع مشكلات المراهقين المكتئبين، منها القلق والأفكار السلبية غير المنطقية وفقدان المهارات الاجتماعية والنشاطات الممتعة. وهو يُري المراهقين كيفية التعرف إلى أنماط التفكير المكتئب وتبديلها بإدراك بناء، ويعلمهم كيفية اكتساب المهارات الاجتماعية التي توّلد تقوية موجبة وتجنب التقوية السالبة من المحيط القائم من حولهم. وقد تم هذا بجلسات لمجموعات تركز على لعب الأدوار والفروض المنزلية والجوائز والعقود، ويتخللها التدرب على بعض المهارات الاجتماعية. وقد تعرضت أيضاً إلى حل النزاعات بين الأشخاص حيث إن فترة المراهقة هي فترة تكثر فيها الخلافات بين الأولاد والوالدين، وتؤدي إلى إجراءات عقابية متبادلة.
استخدم برنامج (CWT-A) بمفرده ثم جنباً إلى جنب مع مجموعة من الآباء ومجموعة عشوائية من التلاميذ تتراوح أعمارهم ما بين 18-14 وتنتابهم أعراض اكتئابية ضمن الشروط الثلاثة التالية: مجموعة المراهقين والآباء أو مجموعة من المراهقين فقط أو لائحة انتظار ضابطة. طرأ تحسن واضح على المراهقين المعالجين – مقارنة مع الذين بقوا تحت لائحة انتظار ضابطة وحافظوا على هذا التحسن لمدة سنتين بعد العلاج. بالرغم من أن التحسن الذي طرأ على أفراد مجموعة المراهقين والآباء كان الأفضل بشكل عام، ولكن واحداً فقط من المعايير بلغ أهمية إحصائية. أظهر امتحانان عشوائيان آخران لبرنامج (CWD-A) أن فاعلية علاج (CBT) على المراهقين الشديدي الاكتئاب تفوق تلك الناتجة عن لائحة الانتظار الضابطة.
قد تبين أن لأحد أشكال علاج (CWD-A) مفعولاً واقعياً. فقد شارك مراهقون لآبائهم تاريخ حافل بالاكتئاب كانوا عرضة للاكتئاب -دون أن يتعرضوا له فعلياً- في برنامج من 15 جلسة كان يعقد ما بعد المدرسة، وحيث كانوا يتعلمون تقنيات لتحديد وتحدي الأفكار الشاذة التي كانت تزيد من شعورهم بالاكتئاب. لقد كانت نسبة الاكتئاب لدى هؤلاء الذين تمت معالجتهم متدنية حتى إننا نستطيع القول إن لهذا العلاج مفعولاً وقائياً. إن الوقاية خير من العلاج، ليس فقط لأسباب طبية ولكن لأسباب مالية أيضاً.
اضطرابات القلق
لقد تم إعداد علاج جماعي مؤلف من 18 جلسة للأطفال ما بين 14-8 من العمر الذين ينتابهم القلق واعتمد هذا الإعداد على كتيّب ل “كندال” وفريقه، وأخذ أفكاراً من “Coping Cat Workbook” (دفتر عمل الهر الماهر). ركز العلاج على الطفل بشكل رئيس، ولكن بعض الآباء حضر بعض الجلسات. دارت الجلسات التسع حول مهارات حل المشكلات وتخلل باقيها مشكلات وأوضاع صعبة كان من الواجب حلها بالمهارات الآنفة الذكر. كانت مكونات علاج (CBT) على النحو التالي: ملاحظة وتصنيف ردود الفعل الجسمية والأحاسيس القلقة وملاحظة وتعديل الحديث القلق مع الذات ووضع خطة للتعرض الناجح للمواقف الحرجة، ثم تقييم الأداء وتقديم الجوائز. انخفض عدد الذين كانوا يعانون من اضطراب القلق بعد العلاج بشكل ملحوظ إذا ما قورن بعدد هؤلاء الذين كانوا تحت لائحة الانتظار الضابطة، واستقر وضعهم على هذا الشكل لثلاثة أشهر تلت العلاج. وتم تحقيق نتائج مشابهة بتطبيق شكل آخر من أشكال علاج “كندال” استمر 12 أسبوعاً حيث تحسن استخدام تقنيات معالجة القلق. وتبين أن هؤلاء الأطفال الذين حضر آباؤهم جلسات العلاج الجماعي قد تحسنت وضعياتهم العاطفية ومقدرتهم على مجابهة الصعاب.
وفي نمط آخر من أنماط برنامج “الهر الماهر” ل “كندال” يدعى “الكوالا الماهر” وهو بطول عشر جلسات من علاج (CBT) يتخلله ثلاث جلسات للآباء، ظهرت نتائج تمت مقارنتها مع نتائج أطفال بقوا على لائحة الانتظار الضابطة حيث طرأ تحسن ملموس على الأطفال المعالجين وفترة مراقبة استمرت سنتين. وقد بدا التأثير الإيجابي لإشراك الآباء أكثر على صغار الأطفال والبنات.
أظهر برنامج جديد لعلاج (CBT) الجماعي ضد كل أشكال التخوّف لدى المراهقين نتائج جيدة. تضمنت المكونات لبرنامج الأساس إعادة الهيكلة الإدراكية لتحديد وتغيير تشوهات الإدراك التي تؤدي إلى القلق وتدرب على مهارات اجتماعية للتعرّض إلى مواطن النقص، وآخر لحل المشكلات ولإضعاف ميل المراهقين المتخوفين اجتماعياً لاستخدام سلوك التحاشي والهرب كعنصرين استراتيجيين للتغلب على هذه التخوفات. حقق أربعة من أصل خمسة مشاركين في هذا البرنامج أهدافهم في التغلب على تخوفاتهم. تم توزيع 17 طفلاً شاهد حريقاً على فريقين أحدهما للعلاج، وكانت النتيجة أن عدد أعراض اضطراب الكرب بعد الشدة قد أخذ بالتناقص بعد بدء العلاج الذي كان ذا شقين: توجيهي نفسي، وسلوكي إدراكي. تبين بعد ستة أشهر من المراقبة أن نسبة %86 من هؤلاء قد تخلصوا من أعراض اضطراب الكرب بعد الشدة.
أظهرت دراسة رائدة لبرنامج علاج (CBT) لمراهقين يعانون من اضطراب الوسواس القهري خلال فترة 14 أسبوعاً تحت شعار “كيف طردت اضطراب الوسواس القهري من أرضي” بأنه كان هناك تحسن مَرَضي واضح لدى المرضى الذين كانوا مرتاحين جداً من هذا العلاج. تبادل هؤلاء المراهقون المعلومات وصمموا تدخلات للكشف لأنفسهم وللآخرين خلال تلك الجلسات. تألف هذا البرنامج من توجيه وتدريس معين لعلم النفس وإنشاء مراتب للأعراض، والتحدث البناء مع الذات وإعادة الهيكلة المدركة واستغلال الانفصال. تم التخطيط لتدخلات الكشف ومنع الرد. ثم تم تطبيقها في جو يسوده التعاون والإصلاح، حيث كانت تتم مناقشة وتهذيب التدخلات. تم إشراك الأولاد والآباء في هذا البرنامج في الأسبوع الثالث من بدئه.
العداء والسلوك المعادي للمجتمع
أظهر تدخل ناجح قائم على قاعدة مدرسية يستخدم برنامجاً للتعامل مع الغضب بأن لدى الأطفال المعالَجين نسباً متدنية من تعاطي المخدرات والكحول، ونسباً عالية من مهارات حل المشكلات الاجتماعية والاعتزاز بالنفس، مقارنة مع الأطفال غير المعالجين وذلك من خلال مراقبة استغرقت ثلاث سنوات. تضمن البرنامج الجماعي تدريباً على حل المشكلات ومزاولته ومعرفة مؤشرات الغضب العضوية، والتدرب على التحدث مع النفس لتهدئتها في الوضعيات المثيرة للحنق. وكما ذكرنا سابقاً قد يكون هناك بعض النتائج ذات المفعول العكسي من الناحية المَرَضية إذا جمعنا عدداً من الأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية، حيث إنه من الجائز أن يؤثر سلباً سلوك كبارهم سناً على سلوكهم هم.
يبدو أن أفضل التدخلات أثراً على السلوك السيئ للأطفال والمراهقين هي التي تركز على تدريب الآباء (انظر الفصل الثالث). يبدو أن تدريباً يضم الآباء والأطفال له أثر أكبر من تدريب السابقين أو اللاحقين فقط. ويبدو أن أفضل التدخلات أثراً على كبار السن من الأطفال هي التي تتعرض إلى عوامل الخطورة المتعددة في برامج كالعلاجات المتعددة الأنظمة. قد يكون علاج (CBT) الجماعي للأطفال والمراهقين مساعداً إضافياً ولكنه قد يكون أفضل في علاج مجموعات من الأطفال يكون فيها التشخيص خليطاً.
من الممكن أن يستفيد الآباء من برنامج التدريب كي يُقوّوا طرازاً من السلوك ويقدموه دعماً للمجتمع ولمهارات حل المشكلات الاجتماعية. قد يؤثر الحس المدرك للآباء بشكل سلبي على التدخلات العلاجية. وقد يكون من الواجب علينا تحديه. من الضرورة أن يكون هناك تواصل متبادل جيد مع الأساتذة كي نقوّي وندعم الإدراك الذي يدعم الاجتماعية، وفي بعض الأحيان كي نغيّر سلوك وإدراك الأساتذة إن كانوا غير ملائمين.
من الضروري أن يكون هناك عمل ظاهر للعيان لتنمية السلوك الداعم للاجتماعية في المنزل والمدرسة.
الأذى المتعمد للذات
تم تصميم تدخل علاجي جماعي يدعى “علاج النفس التنموي الجماعي” للمراهقين الذين يتعمدون أذى أنفسهم. يحتوي هذا التدخل على عناصر لحل المشكلات وتدخلات سلوكية إدراكية وتقنيات إضافية مأخوذة من العلاج السلوكي الجدلي ومن العلاج الجماعي الدينامينفسي. أظهر التدخل في امتحان عشوائي أجري للتأكد من جدواه أنه قد يقود إلى تناقض في تكرار أذى الذات بالرغم من أنه لم يخفض إلا القليل من مستويات الاكتئاب أو التفكير في الانتحار.
المهارات الاجتماعية
يتضمن العديد من برامج (CBT) الجماعية عنصراً لتنمية المهارات الاجتماعية. لقد تم تطوير وتقييم “منهج المدرسة الديناصوري” للأطفال ما بين 8-4 سنوات من العمر الذين يعانون من مشكلات في السلوك. يحتوي هذا البرنامج على تقنيات للاسترخاء وتحديد المشاعر والتدرب على التعاطف مع الآخرين ومهارات في حل المشكلات الاجتماعية والتعامل مع الغضب ومهارات إقامة الصداقة مع الآخرين ومهارات التواصل معهم وحسن السلوك في الصف المدرسي. وقد أظهر الأطفال في هذا البرنامج انخفاضاً في السلوك العدائي في المنزل وتحسناً في المهارات الاجتماعية الأساس، كما اتضح للآباء في مهمات التعامل، وقد استمر هذا لمدة عام. وقد تحققت تغيرات أكبر عندما أضيف إلى هذا البرنامج مجموعة من الآباء. الجدير بالاهتمام هنا هو أن ما من أحد من الأساتذة قد قدم تقريراً عن هذا التغيّر، الأمر الذي يظهر نقصاً في التعميم عند فقدان الأسلوب المتعدد الأنظمة الذي يشمل المدارس في التدخل.
خاتمة
من الممكن تكييف تقنيات الإدراك وتقنيات السلوك الإدراكي بسهولة كي تطبَق في مراكز اجتماعية لعلاج الأطفال والمراهقين، ومن الممكن أن ترافق برامج العلاج المؤثرة والممتعة لسلسلة من المشكلات والأمراض. إن أفضل أسلوب لتطبيق تدخلات (CBT) هو جعلها مكونات عديدة في صلب برنامج ما من التدخل. إن أفضل وسيلة لشفاء اضطرابات كاضطراب السلوك هي علاجها في مجموعات ذات تشخيصات مَرَضية مختلطة فيما يعالج الآخرون في مجموعات متجانسة تمام التجانس. لقد ازدادت قاعدة الدلائل الموجبة اتساعاً في الفترات الأخيرة من الزمن.