التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

العمل في العناية والرعاية الابتدائية بالصحة العقلية للأطفال

سيكون لدى واحد من كل عشرة أطفال أو أحداث تتراوح أعمارهم مابين الخامسة والسادسة عشرة مشكلة عاطفية أو سلوكية يجب حلها، وإلا أثرت في حياتهم الطبيعية بشكل مسيء. ولكن واحدا فقط من كل خمسة منهم ستكون SCAMHS ملمة به.

سيكون العديد من هؤلاء الأطفال ذوي المشكلات معروفا من قبل الموظفين في المدارس أو الأساتذة أو موظفي الرفاه التربوي أو أطباء النفس في المدارس أو ممرضات أو ممرضين أو أطباء الأطفال في المجتمع. وقد يتلقى هؤلاء الأطفال وعائلاتهم  بعض العاملين في مراكز الخدمات الطبية الابتدائية، على سبيل المثال زائري الصحة والأطباء أو استشاريي الطب أو في مراكز الخدمة الاجتماعية. لذا يكون من الطبيعي للعاملين في مراكز العناية الابتدائية أن ينموا مهاراتهم كي يستطيعوا معالجة تلك المشكلات بسرعة عندما يواجهونها. وعلى هذا يمكن للعائلات أن يعالجوا في محيطهم الاجتماعي. يلخص هذا الفصل العمل في هذا المجال مؤخرا.

تؤكد وثائق من دائرة الصحة ومن الهيئة البريطانية لطب الأطفال الحاجة إلى تطوير أكبر لمهارات فرق العناية الابتدائية بالصحة العقلية، وتشجع على شراكة أكبر بين قطاع العناية الابتدائية ودوائر التربية والخدمات الاجتماعية وزملائهم في العناية الثانوية مثل أطباء الأطفال وأطباء النفس للأطفال.

لقد رسم المركز الاستشاري للإرشاد الصحي “نظام صف المدرج” لإحالة الأطفال إلى مراكز لخدمات الصحة العقلية للأطفال تدعى الآن مراكز العناية الابتدائية “خدمات الصف الأول”.

نظام الصف المقترح

الصف الأول: هذا هو الخط الأول للخدمة غير المتخصصة من العاملين في العناية الابتدائية كالممرضات في المدارس وزوار الصحة والأطباء والأساتذة وموظفي الرعاية التربوية. تشتمل المشكلات في هذا المستوى على تلك المعروفة لدى الأطفال: كصعوبة النوم والإطعام ونوبات الغضب والتفاعل بين الوالد والابن ومشكلات السلوك في المنزل وفي المدرسة والحزن على الوفيات.

الصف الثاني: يشتمل على العاملين التخصصيين في مجال الصحة العقلية المستقلين نسبيا عن باقي الخدمات، الذين يتلقون الإحالات ويقدمون الدعم لزملائهم في العناية الابتدائية، ويقدمون التقييم والمعالجة في العناية الابتدائية إذا كان هذا مناسبا (كالعمل العائلي والحزن على الوفيات ومجموعات مساعدة الوالدين ومجموعات الآباء والعمل على برامج السلوك ومشكلاته والتعامل مع الغضب). قد يعمل علماء النفس التربويون والسريريون في هذا المستوى كما يعمل العاملون في مجال الصحة العقلية الابتدائية والذين يتوسطون مابين العاملين في الصف الأول والصف الثالث.

الصف الثالث: يشتمل هذا الصف على الفرقاء المتعددي النهج العاملين في  CAMHSالمتخصصة، على سبيل المثال تقييم مشكلات النمو كالتوحد وفرط النشاط والاكتئاب وأذى الذات والذهان المبكر ومشكلات تناول الطعام الحادة.

الصف الرابع: يشتمل هذا على الوحدات المتخصصة للعمل في النهار والعمل مع المقيمين الذين يعانون من مشكلات عقلية حادة لتقييمها وعلاجها والعمل على الخدمات المتخصصة للمرضى غير المقيمين.

لمحة عامة

– تشكل مشكلات السلوك والعواطف لدى الأطفال قلقا متزايدا للأهل والمدارس والمجتمع.

– لقد نوه البحث العلمي بأن العدائية وفرط النشاط والأمزجة الحادة لا تزول.

– يتعرض المراهقون للاكتئاب بنسبة 1-2%. وقد يتكرر إن لم يعالج.

– لا يحال إلى العلاج والعناية الطبية للأطفال إلا أصحاب المشكلات الشديدة. وهذه النسبة هي 10-20% من المجموع العام.

– يحال معظم أصحاب المشكلات العاطفية والسلوكية إلى العناية الابتدائية أولا.

– تفضل معظم العائلات استشارة هؤلاء المهنيين الذين يعرفونهم.

– تخول المهارات التي يمتلكها القائمون على العناية الابتدائية معالجة القادمين إليهم إذا تم تطوير وتحسين تلك المهارات.

– يأتي هذا الدعم من المهنيين في شؤون الصحة العقلية وحرفيين آخرين.

– يجب استخدام  SCAMHS (وهي CAMHS المتخصصة) بشكل خلاق حيث إن الموارد في هذا الخصوص محدودة.

المبادئ الأساس

يقع زوار الصحة والأطباء في موقع مثالي لتحديد المشكلات لدى العائلات، لأنهم يأتونهم مع أطفالهم الصغار السن، وهم لا يزالون يتفقدون الأطفال في الأسابيع الستة الأولى من العمر والاثني عشر شهرا والسنوات الثلاث. سيقدم  العديد من العائلات على العاملين في المجال الصحي. وينبغي على المحترفين أن يسألوا هؤلاء عما يكمن وراء تلك المشكلات، مما قد يؤدي إلى اكتشاف اكتئاب لدى الأم أو مشكلة سلوكية أو عاطفية لدى الطفل.

يستطيع زوار الصحة -بدعم وتدريب من محترفين آخرين- إدارة فرقاء لإعانة الأمهات على التصدي لاكتئاب ما بعد الولادة، وفرقاء ما قبل الولادة وبعدها لمناقشة أمور تتعلق بمبادئ الأمومة.

لقد تم تحديد تقنيات سلوكية للتعامل مع مشكلات السلوك، كأمور النوم والإطعام. يدير العديد من زوار الصحة مع ممرضات الحضانة عيادات سلوكية في المجتمع، ويتلقون أحيانا الدعم من أفراد SCAMHS.

من الممكن تنفيذ الأعمال المتعلقة بالأبوة مع الآباء الذين لديهم مشكلات سلوكية حادة أو نشاط مفرط في المجتمع مع دعم وتدريب إضافيين أو عمل مشترك. من الممكن وضع مجموعات أبوة في المدارس لتدريب مجموعات كي تساعد الأطفال علىالحياة في المدرسة. وقد تم هذا وكان ناجحا جدا، وتستطيع ممرضات المدارس تنظيم عمل زوارها.

لقد ازداد العمل مع الأطباء لإعانتهم على تشخيص الاكتئاب لدى المراهقين من مقدرتهم على التداول مع تلك المجموعة من صغار السن الذين لا يرغبون في الذهاب إلى العيادات. يستطيع العاملون لدى الهيئات الابتدائية للصحة العقلية أن يسدوا الهوة ما بين العناية الابتدائية وفرقة SCAMHS.

تطبيقات أجريت في مكان عيادة المؤلفة

العمل الذي يقوم به زائرو الصحة في تمييز وتقييم الأطفال ذوي المشكلات السلوكية

لقد طور العاملون مع SCAMHS مع زملائهم من الصحة الاجتماعية في منطقتنا خدمة للأطفال. نوه تقرير يعتمد على كراس استبيان بأن زائري الصحة لم يكونوا يعتقدون بأن لديهم الخلفية التدريبية الكافية لتقييم ومعالجة الأطفال ما دون سن الدراسة الذين يعانون من مشكلات سلوكية، ولكنهم اكتشفوا أن هذا ما هو إلا جزء من ثقل عملهم. ففي بادئ الأمر تم تقديم عمل يوم واحد لحل مشكلات النوم ومشكلات ما بعد الولادة للأمهات. تم تطوير هذا تدريجيا ليصبح دورة مدتها سبعة أيام. ثم تم دمج صغار الأطفال مع أطفال السن الدراسي كي تلبى متطلبات زائري الصحة وممرضات المدارس ومهنيين محترفين يعملون مع الأطفال ذوي المشكلات الصحية العقلية. لأن ممرضات المدارس وزائري الصحة قد أصبحوا أكثر نشاطا في عملهم. وتم تحضير كتيبين لمرافقة المرتكزات النظرية لتقديم النصح العملي للعاملين في مجال الصحة الابتدائية والعاملين الاجتماعيين وأطباء الأطفال والمدرسين على الكيفية التي يحلون معها المشكلات في أماكن عملهم. كانت الدورة ذات طابع عملي وتمت في مكانين منفصلين. أحدهما للفروض “المنزلية”، والآخر للعمل الفعلي.

أظهرت دراسة تقييمية لمتطلبات العمل الصحي أن الحاجة إلى عمل من أجل سلوك أطفال سن الثالثة كانت %13.4 في منطقتنا الواقعة بين الريف والمدينة وهي نسبة تقارب تلك الدراسة في منطقة مدنية كانت قد تمت قبل ذلك بالرغم من أن مستوى المرض النفسي للأمهات كان أقل بقدر يكاد يهمل من دراسة تمت في الريف (%27.1 إزاء %30). تم امتحان عشوائي منضبط ناجح لتقييم الإفادة التي يتلقاها أطفال يعانون من قلة النوم ما بين سن الثانية والرابعة ووالديهم، وقد تمت كتابة ملاحظات إلى أهل أطفال ما دون سن الدراسة الذين يعانون من مشكلات سلوكية.

أصبح زائرو الصحة أكثر مهارة في تمييز وتقييم الأطفال ذوي المشكلات السلوكية بعد أن طورنا العمل معهم. لقد نظمنا مجموعات شهرية للدعم والعون في كل منطقة وحضر هذه اللقاءات زائرو الصحة وممرضات المدارس وأطباء الأطفال وممرضو أو ممرضات الأطفال. وقد قام بترتيب وتنفيذ كل الأعمال تلك المعالج أو المعالجة الأعلى رتبة في كل منطقة مع أعضاء من SCAMHS إذا أمكن الأمر. وكانت تتم مناقشات في تلك اللقاءات عن العائلات ومشكلاتهم وعن دعم العمل القائم والإحالات المحتملة إلى عيادات SCAMHS. وكان يتم تشجيع زائري الصحة لجلب عائلاتهم ليشاركوهم التقييم في العيادات، وهذا يعني أنه كان بمقدورهم مراقبة فريق عملنا وهو يعمل، وأن يشاهدوا المشكلات بشكل آخر، وأن يقوموا طريقة عملهم مع العائلات. لأن هذه الأخيرة كانت تشك في مهاراتهم في هذا المضمار. لقد كان عدد الإحالات من قبل زائري الصحة متدنيا جدا عندما بدأت كاتبة هذا الفصل تعمل في 1984 (ثمانية في العام أو %6 من العدد الكلي للإحالات). ارتفع هذا إلى 120 في عام 1994 (أي %25 من العدد الكلي للإحالات) ولكن عدد الإحالات انخفض تدريجيا عندما أصبح هؤلاء الزائرون أكثر مهارة في معالجة المشكلات البسيطة بأنفسهم (أي 50 إحالة في عام 2001 أو %9 من الإحالات إلى العيادة).

زائر صحة يتفحص برنامجا لمعالجة فرط النشاط الحركي

تبنينا برنامج تنقيب عن النشاط المفرط الحركي في المجتمع بدعم من زائري الصحة، ومن هذا طورنا خطة عمل لوالدي الأطفال المفرطي النشاط الذين هم في الثالثة من العمر. تم تنفيذ هذه الخطة من قبل ممرضات يعملن في الصف الثاني، حيث تحسنت أوضاع %53 من العائلات إلى حد جعل لجوءها إلى العيادات لا حاجة له. وتم – بمعونة بحث إضافية – تدريب زائري الصحة كي يبحثوا فيما إذا كان بالإمكان تقييم هذه الخطة لتشمل المحترفين العاملين في الصف الأول أيضا. لمس هؤلاء الزائرون سهولة في تطبيق هذه الخطة وأبدوا -هم والعائلات- إعجابهم بها، ولكن النتائج لم تكن بالجودة المرجوة، حيث تحسنت وضعيات %27 فقط من العائلات. نعتقد أن السبب في هذا هو أنه لم يكن لدى هؤلاء الزائرين الوقت الكافي للعمل والإشراف بسبب ضغط العمل، بالرغم من توفر الدعم المالي لهذا الوقت.

يتم الآن تتبع شؤون هؤلاء العائلات لتقييم الأثر الذي تركته الخطة على سلوك أطفالهم، وإن كانت هناك حاجة إلى إحالتهم في المستقبل إلى العلاج. لهذا التتبع أهمية كبيرة، لأن النشاط المفرط يؤثر بشكل كبير على مستقبل الأطفال بشكل عام.

إدارة ممرضات الخدمة العقلية للأطفال والمراهقين للعيادات العامة

تطور عملنا في المجتمعات المحلية حيث عمل ممرضو SCAMHS في العناية العقلية الابتدائية لنصف وقتهم المتاح، وهم يتفقدون العائلات ويديرون العيادات بأنفسهم (عمل الصف الثاني). ولدى قيامنا بدراسة كلفة هذه الخدمة المختلفة مؤخرا وجدنا كلفة استخدام تلك العيادات لا تتخطى ثلاثة أخماس كلفة الخدمة السابقة العاملة في الصف الثالث وبفارق ضئيل (2.1/2.5).

قرر بعض الزائرين -بناء على هذا- أن يطوروا العمل بإنشاء عياداتهم السلوكية الخاصة بدعم من SCAMHS. يساعد العديد من هؤلاء الزوار ممرضو حضانة وهم يقومون بتطبيق تلك البرامج السلوكية بإشراف زائري الصحة. وقامت مؤخرا SCAMHS بإدارة مجموعة دعم لممرضات الحضانة.

مثال عن حالة: طفلة صعبة في الثالثة

تحدثت إحدى زائرات الصحة مع معالجتنا الممرضة العالية المرتبة عن السيدة سميث وطفلتها العسير جدا التعامل معها في مجموعة اللعب. صرح القائمون على مجموعة اللعب تلك بأنه ليس بمقدور الطفلة أن تركز، وتواجه صعوبات كبيرة في المشاركة في اللعب مع الأطفال الآخرين. قامت هذه المعالجة بتقييم ومناقشة مشكلات الطفلة مع زائرة الصحة في ضوء ميزان “Routh” للنشاط (وهو مستوحى من ميزان “Werry-Weis” الذي يحتوي على 27 نقطة للسلوك المفرط في النشاط وسهل الاستعمال ومناسب لمعطيات الحيز هنا) فوجدتا أن الطفلة شديدة النشاط، وأن مزاجها عرضة للتقلب الدائم وجياشة العواطف (وفقا لميزان “EAS” وهو ميزان سهل الاستعمال مؤلف من عشرين نقطة، واستخدمتا منه درجتي الإحساس والخجل فقط).

شجعت معالجتنا الممرضة زائرة الصحة على استخدام كتيب العمل المعد للأطفال ذوي النشاط الحركي المفرط وأن تركز على الإشارات الواضحة والاتصال البصري، وذلك على مسمع من الطفلة، وعلى أن تناقش الخلفية التي قد تكمن وراء نشاط الطفلة الحاد مع والدتها، موضحة بأنها سوف تستخدم أسلوب الأم هذا مع طفل له المشكلة ذاتها. ثم تم الاتفاق على أن تلتقي زائرة الصحة مع مجموعة اللعب وتناقش مع القائمين عليها سبلا لتولي أمر الطفلة.

أصبح بمقدور السيدة سميث بعد هذا الشعور أن تغدو أكثر نجاحا في التعامل والاستمتاع مع طفلتها. ثم اتفقت زائرة الصحة مع الأم على أنها سوف تذهب إلى المدرسة وتناقش أمرها مع ممرضة المدرسة فيما إذا كانت الطفلة تعاني من صعوبات في المدرسة. وكان هذا يعني أنه إن لم تسو صعوبات الطفلة بشكل تدريجي ستحال إلى العيادة للتقييم والعلاج.

العمل مع ممرضات المدارس

تمت إقامة “مشروع هرم بريستلاند” على مبادئ أساس للمنع ويشبه عمل “مشروع فلينتشير”. عملنا طيلة أربع سنوات مع مديري عشر مدارس ابتدائية ونقلت تلك النتائج إلى مدرسة ثانوية في “نيو فورست”. أبدى هؤلاء المدراء قلقهم من السلوك الصعب للعديد من تلاميذهم، وأن كل الجهات المعنية لا تمتلك المقدرة على حل تلك الصعوبات. أرادوا أيضا أن يعمل SCAMHS مع موظفي الرفاه التربوي وعلماء النفس التربويين والخدمات الاجتماعية بشكل أكثر تضامنا لتجنب هدر الطاقات والعمل أكثر لدعم المدرسة. تم -على هذا الأساس- ترتيب برنامج موحد.

تم في بادئ الأمر إنشاء مشروع لتقييم العمل ومتطلباته، ثم تم تطوير مشروعات عديدة تحت إشراف فريق مؤلف من ممثلي المديرين وطبيب نفس أطفال مستشار وموظفين رفيعي المرتبة من إدارة التربية والخدمات الاجتماعية. ثم شكل فريق للإحالة مؤلف من ممرضة مدرسية كانت تتواصل مع SCAMHS وعالم نفس تربوي وموظف للرفاه التربوي وعاملة اجتماعية. تم لقاء واحد درست خلاله كل الإحالات القادمة من المدارس (مع موافقة العائلات). ثم اتخذ قرار عن أية جهة يجب أن تتولى تلك الإحالات.  تمت تقييمات مشتركة مع ممرضة المدرسة وموظفي الرفاه التربوي، وكان الهدف تجنب إرسال الإحالات إلى مركز خدمات الصف الثالث. وبما أن ممرضة المدرسة كانت تعمل بعض الوقت في مركز SCAMHS كممرضة تواصل وتمت التوصية بها من قبل معالج ممرض رفيع الرتبة وعالم نفس مستشار، تمكنت من اتخاذ قرار فيما إذا كانت الإحالة الرسمية ستتم. لم يتم فتح أي من الملفات إلا إذا كان الطفل قد أحيل فعلا إلى SCAMHS. وقد دعم هذا العمل ماليا من قبل دائرة التربية والعديد من الجهات الأخرى، مما سهل عمل أفراد الفريق.

مثال عن حالة: طفلة في العاشرة ذات اضطراب عاطفي

كان لدى إحدى المدارس الابتدائية قلق على طفلة في العاشرة.  كانت تبدو دوما حزينة. وكانت تجلس في آخر الصف، ولا تشارك في الدرس. ثم توقفت عن تقديم العمل الجيد الذي كانت تقدمه، ثم توقفت عن الحضور إلى المدرسة نهائيا. وبعد أن أتمت ممرضة المدرسة البحث في أمرها، تكلمت مدرستها مع والديها وحصلت منهما على إذن لإحالتها رسميا إلى ممرضة المدرسة. بعد أن قامت بزيارة العائلة، توضح للممرضة أن هناك نزاعا حادا بين والدي الطفلة منذ سنة وأنهما الآن يفكران في الافتراق. كانت “جين” أكبر أولاد العائلة. وكانت مستاءة جدا من الوضع التي تعيش فيه العائلة، وتشعر بالحزن والحمية لوالدتها التي كانت من اللواتي يتعرضن للعنف. وكانت تشعر أيضا بالقلق من أجل أخيها وأختها الصغيرين اللذين كانا يذهبان إلى المدرسة الابتدائية نفسها. ثم تم الاتفاق على أن يعمل موظف الرفاه التربوي مع الوالدين على أن يحلا مشكلتهما، وأن يشركا أطفالهما في أي مناقشة يمكن أن تطرأ. ثم اتفقت  ممرضة المدرسة مع “جين” على أن يلتقيا أسبوعيا لفترة عشرين دقيقة لدعم هذه الأخيرة ومدها بأفكار عن كيفية مواجهة هذا الأمر. ثم تم إبلاغ “جين” بأن والديها كانا يسران من اللقاءات تلك وأنهما لا يشعران بأنها تقوم بأي  خيانة تجاههما. تدريجيا، وبعد ثلاثة أشهر من تدخل ممرضة المدرسة أصبحت “جين” أكثر حبورا.  قرر والداها أن يفترقا، ولكنهما أشركا الأولاد في تلك المناقشات. وتم الاتفاق على أن الوالد سيقوم بزيارة العائلة في المستقبل، وأنهما سيبقيان في رعاية والدتهما.

عصبة ضد التعرض و الإزعاج في المدرسة

كان لهذا المشروع جزء آخر، وهو تشكيل مجموعة للتعرض، ثم تنظيمه من قبل SCAMHS مستعملا مبادئ الإدراك. وقد كانت هناك فترة للتدريب طولها ثلاثة أيام، وقد ألقى المحاضرة عن هذا الأمر مجموعة من الأساتذة ومعالج آخر (إما ممرضة المدرسة أو زائر صحة أو موظف للرفاه التربوي) في قاعة مدرسية لفترة ساعة كل أسبوع لمدة خمسة أسابيع. تم تشجيع هؤلاء الأطفال على التفكير في حاجاتهم وحاجات الآخرين من زملائهم والتفكير في أحاسيسهم وعلى أن يجدوا في أنفسهم مهارات لحل المشكلات دون اللجوء إلى العنف. تم هذا المشروع بنجاح واستمتع به الأساتذة والتلاميذ على حد سواء. وقد اعتنق تلاميذ كل مدرسة هذه الخطة بشكل يتلاءم مع حاجاتهم الخاصة. اتخذت إحدى المدارس من هذا سياسة عامة لها، ثم أسندت لكل تلميذ أو تلميذة قدرا لدعمه الخاص، خصوصا هؤلاء المستائين. وتم تعيين مشرفين من التلاميذ الكبار السن نوعا ما لدعم الأصغر منهم سنا. وموازاة مع هذا وظفت مديرية التربية لمنطقة هامشاير أموالا لبرنامج يتم في ساحة لعب المدرسة، يقدم فيه للطلاب وجبات غداء ونشاطات مرافقة، وعينت أحد الأساتذة للإشراف على تلك النشاطات كي لا يشعر الطلاب بالضجر. نعلم أن لتلك النشاطات أثرا في تخفيف التعرض المزعج.

قد قمنا بإصدار كتيب صغير يدعى “حياتي في المدرسة” لوصف كل تلك الأمور. وقد سر الطلاب من فرصة تمكنهم من مناقشة التعرض المزعج، وإن كان موجها تجاههم. وكانت المشكلات الأساس هي التعرض العاطفي المزعج خصوصا من قبل التلميذات. وقد اتضح من هذه الدراسة أن الطلاب الذكور كانوا أقل مسؤولية تجاه أعمالهم وأقل إحساسا بمشاعر الآخرين. أثبتت تلك التجربة أنها قد ساعدت الأطفال على التركيز أكثر على تلك المساوئ، وكان الطلاب الأكثر نشاطا وأسوأ سلوكا من غيرهم أكثر عرضة للتعرض المزعج، وأن التلميذات ذوات المهارات الاجتماعية الحسنة كن أقل عرضة للإزعاج.

برنامج “البداية الأكيدة”

بدأت الحكومة بمحاولة حل جذور مشكلات سلوك الأطفال عن طريق مبادرة “البداية الأكيدة”. بدأت الحكومة بالإنفاق لإنشاء مشاريع في المناطق المحرومة موجهة اهتماماتها نحو مجموعات من الأطفال دون سن المدرسة. وقد تركت الحرية للقائمين على هذه المشروعات كي تتأقلم مع حاجات كل منطقة، ولكن طلب من الجميع أن يحققوا قدرا معلوما من المعرفة وأن يحققوا أهدافا وطنية معينة. فعلى سبيل المثال ستقوم بزيارة كل عائلة زائرة صحة، وسيقوم بإعانة كل الأمهات قابلة قانونية كي تساعدها على العناية بالطفل وتقليص كل أعباء القبالة.

هناك فرص جيدة لفريق SCAMHS للعمل جنبا إلى جنب مع زملائهم العاملين الاجتماعيين من أجل العائلات وتدريب العاملين على برنامج “البداية الأكيدة”. وبما أن المخصصات المالية تنفد مع الوقت كان من المهم أن يتم إنشاء أنظمة قابلة للعمل والاستمرار في المستقبل. وبما أن مدينة ساوثامتون ستكون السباقة في مجال “البداية الأكيدة”، وأننا سنحصل على نموذج آخر منها في “نيو فورست” فقد بدأنا النقاش حول الكيفية التي تمكننا من دعم هذه المبادرة حيث سيكون هناك مراكز مشتركة بين فريق SCAMHS و”البداية الأكيدة” كما حصل في أجزاء أخرى من البلاد.

من المهم أن نتبع خطوات هؤلاء الأطفال في المستقبل لتفحص النتائج البعيدة المدى. سيكون للدوائر المدرسية للعناية النفسية بالأطفال والمراهقين دور في هذه المهمة.

عمل العامل في الصحة العقلية الابتدائية

لقد كان أفراد SCAMHS في هذه البلاد يفكرون في الكيفية التي يستطيعون بها تقديم المساندة إلى زملائهم في العناية الصحية الابتدائية PMHW. وتمكن البعض من صياغة دور يتمكن به العامل في العناية الطبية الابتدائية أن يلعب دورا أعمق في الجماعات من حوله، فهذا الأخير يستطيع أن يعمل بشكل يكاد يكون مستقلا عن زملائه في SCAMHS. فالجميع يمكن أن يعمل في مهمات مختلفة. لقد قام بتحديد هذا الدور خبراء في خدمات من هذا القبيل ويقوم به عادة ممرضو المجتمع لشؤون طب النفس.

تم إرسال دراسة على دور PMHW إلى 169 هيئة إنجليزية للصحة العقلية، وكان عدد الإجابات 98 (أي %59) ودل هذا على أن 22 عاملا في SCAMHS قد طوروا هذا الدور بالفعل، وأن 42 منهم لديهم النية للقيام بهذا العمل في المستقبل. لقد كان PMHW’s يمضون حوالى %35 من وقتهم في العناية الابتدائية، وهم يقدمون العون والتدريب إلى العاملين في العناية الصحية الابتدائية بدلا من العمل مع العائلات والأطفال. قد يكون هذا الأمر مدعاة للجدل. عندما قامت منطقة “بورتسميث” بتشكيل PMHW’s (بعد إغلاق مكان إقامة المرضى) كان الممرضون والممرضات يقدمون النصح والتدريب لزملائهم، ولم يؤثر هذا على طول لائحة الانتظار، وكانت إدارتهم مستقلة عن إدارة SCAMHS (تواصل “ستيفينسون” الشخصي). ثم أصبحت الخدمة تتلقى إحالات العائلات من زملائهم وأصبح لديهم ثقل كبير من العمل، ثم تم دمجها مع SCAMHS. وقد بدأت لائحة الانتظار الآن بالقصر.

قام “جونسون” ومجموعة تدعمه بمشروع “يوركشاير” قارن فيه العمل في منطقتين إحداهما يوجد فيها PMHW’s. فوجد أن عدد الإحالات إلى خدمات CAMH المتخصصة أقل في تلك المنطقة من الأخرى. كانت وصفته لنجاح PMHW أن يكون محترفا ماهرا في شؤون الصحة العقلية وأن يكون محترما من قبل الآخرين. واقترح أن على العمل أن يكون مزيجا من تدريب زملائه والدعم وتقديم الرأي السديد والعمل المشترك والإحالات إلى SCAMHS عند الحاجة. وعلى تلك الإحالات أن تكون ذات أولوية عالية كي يتم العمل عليها بسرعة. يجب ألا تتم إحالة دون دراية PMHW، وعلى الإدارة أن تأتي من ضمن SCAMHS. تتضمن محاسن عمل PMHW’s في المجتمع سهولة التوصل إلى المرض والبداية المبكرة في علاجه قبل استفحاله. بوسع العائلات الحصول على هذه الخدمة في محيطهم دون “وصمة” الذهاب إلى عيادة للأمراض النفسية. ولكن إذا تطلب الوضع تقييما أوسع أو معالجة أشد أو عناصر أكثر فمن السهل اللجوء إلى SCAMHS.

قام “بنسون” وفريقه بوصف فريق جديد 16-0 سنة يعمل في الصف الثاني بشكل رئيس كان يقدم التدخلات لمحلة ما (هذه المعلومات لم يتم نشرها من قبل). كان هذا الفريق يؤمن التدريب إلى PMHW’s على جلسات بلغت الثمانية مع العائلات في المجتمع والعمل المشترك مع هؤلاء العمال. وكان الفريق يحيل المشكلات الأكثر تعقيدا وطولا إلى فريق الصف الثالث أو الرابع. ونشر المقياس الذي قاموا بتحديده في “صحة الأمة” – نتيجة المقاييس للأطفال والمراهقين” وكانت النتائج جيدة على أساس كل حالة على حدة. وكان تجاوب العائلات موجبا. ارتفع عدد الإحالات إلى الصف الثاني من 82 إلى 257.

أقامت SCAMHS في “ليستر” في 2001 عن طريق سلسلة من دراسات لأعضاء فريق العناية الطبية الابتدائية برنامجا لتدريب هؤلاء الأعضاء والعاملين الاجتماعيين وغيرهم. ويقدمون الآن درجة الماجستير في العناية الابتدائية كي يؤمنوا تدريبا للمهارات المركزة للعمل من أجل الأطفال والمراهقين ذوي المشكلات السلوكية.

هناك شبكة مؤلفة من خمسين عضوا في PMHW. وقد قامت ثلاثة مؤتمرات حتى اليوم (هيئة الشبكة الوطنية).

قيود تفرض على طرق العمل الجديدة في العناية الطبية الابتدائية

إن كل مراكز SCAMHS كثيرة العمل وقليلة الموارد. وقد شعرت بالحاجة إلى إعادة تحديد معايير الإحالات. معظم تلك المراكز مثقلة بالأعباء وتعالج عددا كبيرا من الأطفال ذوي المشكلات المعقدة والمزمنة، خصوصا هؤلاء المعانين من ADHD، المرض الذي يتطلب موارد طبية كبيرة (%62 من مرضى الكاتبة “مارغريت” هم من الأطفال الذين يتناولون الدواء وعادة يعانون من مرض ADHD). كان المرضى لدى SCAMHS يشاهدون بمعدل حوالى أربع مرات. تدل الأرقام الحديثة لعيادتنا على أن وسطي عدد المعاينات في 1999 كان سبعة. وكان عدد المعاينات للمرضى المعالجين بالأدوية النفسية وأولئك المعالجين بالمنبهات يتزايد. كثير من العيادات الآن تعتمد على برامج الإحالة المتعددة العمالة، وهذا يعني أن على العاملين أن يولوا الأطفال المرضى اهتماما وتركيزا  شديدين.

قد يغري هذا العاملين بالعودة إلى أطفال عائلات الجماعات التي تعاني من مشكلات طبية أخف حدة. وقد يكون هذا عمليا إذا كان الجميع واضحا لديهم ما يمكن للمهنيين في الجماعات أن يقدموا من إعانة أو علاج.، وإن كان هؤلاء على قدر كاف من الدراية، ولديهم من الدعم والوقت ما يكفي لأداء عملهم، والحق في إرسال ذوي المشكلات الشديدة إلى SCAMHS.

إن العمل لدى الجماعات مثير. ومن الممكن أن نزيد من الكلام عليه هنا ولكن المهنيين المحترفين الذين يريدون الكلام عن زملائهم يجب ألا ينسوا القيود التي يجب عليهم التقيد بها. لا ينبغي لطبيب ما أن يمضي أكثر من سبع دقائق (كمعدل) مع مريض ما، وأكثرهم لا ليس لديهم الخبرة الكافية في طب الأطفال أو الصحة العقلية التي تشعرهم بالثقة في هذا المجال. يخضع الكثير من أساتذة المدارس للضغط من قبل المؤسسات الحكومية والأوامر الجديدة. تؤثر السياسات الشاملة على الأساتذة وباقي الحاضرين في الصف بما فيهم الطلاب المرضى أنفسهم. أخبرنا الأساتذة بأن التدفق المستمر للأوراق من داخل مدارسهم ومن المؤسسات الحكومية يسبب لهم ضغطا مستمرا. قد يزيد التلاميذ ذوو الصعوبات النفسية هذا الضغط (“هايدن” وفريقه – غير منشور سابقا).

نبهنا عملنا مع زائري الصحة في مشروع بحث ADHD بشكل واضح إلى الحاجة إلى ترك العاملين يعملون حيث يتمكنون من فرض السيطرة النوعية على عملهم. وهذا يشجعهم على أن يكونوا واضحين ومركزين. إن مشكلة زائري الصحة أنهم يميلون إلى التعميم. وعلى هذا، بالإضافة إلى كونهم تحت وطأة أعمال كثيرة وكبيرة، فهم يصفون الصعوبة التي يواجهونها في التركيز على موضوع ما – كنشاط الطفل المفرط مثلا – في الوقت الذي تكون فيه العائلة تعاني من مشكلات أخرى تريد مناقشتها كالسكن أو الصعوبات الزوجية.

قاعدة الدلائل

لخصت مؤخرا دراسة نظام لعلاج المشكلات النفسية للأطفال والمراهقين في العناية الابتدائية الدلائل على فعالية التدخلات فيها، وقامت بها عناصر من تلك العناية وأعضاء الفريق المتخصص العاملين فيها. وتمت أيضا دراسة فعالية دور الاتصال المتبادل الاستشاري بين الخدمات والدلائل على فعالية مناهج التدريب لمهارات العاملين في العناية الابتدائية. لخص التقرير عملا خلاقا جديرا بالاهتمام، ولكنه لفت النظر إلى أنه -حتى الآن- لم تتم دراسة تقييمية لتلك التدخلات ولا لاعتدال تكلفتها. أظهر القليل فقط من الدراسات على تلك التدخلات تغيرا في المزاولة المهنية أو في سلوك الطفل أو العائلة. ومع هذا هناك الآن مشروعات للأبوة جيدة التقييم تستخدم في العديد من الأماكن المجتمعية التي يمكن إعادة صياغتها كي تتلاءم مع وضعيات العناية الابتدائية. وتضم هذه برامج “وبستر-ستراتون للفرق” ومشروع “فاست تراك”، والعديد من التدخلات المدرسية.

التطورات في المستقبل

اقترحت دراسة حديثة على العمل القائم ما بين SCAMHS والعناية الابتدائية أن معظم تلك الأعمال كانت تعنى بتدريب العاملين في العناية الابتدائية، وأن الثلث منهم فقط كان مؤهلا رسميا ليعمل مثل PMHW، وأن الخمس منهم كان يعمل في عيادات مجتمعية وفي عمل جماعي تجاه المرضى. وكان يمكن أن تكون هناك تطورات ذات شأن في العناية الابتدائية، إذا كانت SCAMHS قد أنشأت فرقا متخصصة للأطفال ذوي اضطرابات محددة أو ضمن فئة عمرية محددة يترأسها مدير من SCAMHS.

خلصت الدراسة إلى القول إنه إذا كان هناك تطور ما سيتم ويستمر في العناية الابتدائية وجب علينا أن نقيم خدماتها بما في ذلك اعتدال نفقاتها. ويجب أن ندرس الفرق ما بين قيام SCAMHS بعملها الأساس (وهو تقييم ومعالجة الأمراض العقلية الجدية) وعمل زملائها مع نظرائهم من العناية الابتدائية. لقد كان ثلثا أفراد SCAMHS يتفاوضون على الموارد مع سلطات الإنفاق الصحي أو سلطات العناية الابتدائية. وتوصل ثلث فقط إلى اتفاق.

بما أن سلطات العناية الابتدائية سيوكلون أعمالا إلى SCAMHS في المستقبل يجب على الفريقين أن يتناقشا حول أولويات الإنفاق على الموارد والمبادرات الجديدة.