يظهر الإيجابي منهما بصورة صراخ واهتياج.. والسلبي بصورة انطواء وكبت للمشاعر
الرياض: «الشرق الأوسط»
لماذا يغضب طفلي بهذه الصورة المزعجة؟.. يخطر هذا السؤال على ذهن كل أم عند رؤية
طفلها في حالة صراخ وهياج شديدة، إذا منعته والدته من اللعب أو حرمته من مشاهدة
برنامجه المفضل.
ولحل هذه المشكلة يجب الوقوف على تعريفها وأسبابها وكيفية علاجها.
الغضب هو حالة انفعالية (يختلف عن العنف)، يتدرج من الغضب البسيط كالاستثارة
والشعور بالضيق حتى الغضب الشديد المتمثل بالتمزيق والتدمير والهياج الشديد الذي قد
يصل إلى حد العنف.
يظهر الغضب لدى الطفل كلما تعرض إلى مشكلة لا يستطيع فهمها أو حلها أو تجاوزها، لذا
نرى الرضيع يبكي بحرقة إذا أحس بالجوع ولا يستطيع الوصول إلى زجاجة الحليب التي
بجواره، كذلك يصرخ الطفل عند حرمانه من لعبته المفضلة، فيشعر الطفل بالغضب آنذاك
ويستخدم صوته وجسده للتعبير عن شعوره.
ما هو الشعور بالغضب؟.. هو إثارة العواطف لدى الطفل يتمثل التعبير عنه بسلوك حماسي
قوي، إما بتعبير لفظي أو حركي أو بسلوك عدواني يصعب في معظم الأحيان ضبطه والسيطرة
عليه، كما يحدث عند بعض الكبار، فيصبح الجسم موضع التبادلات الفسيولوجية والعصبية،
مما يؤدي إلى احتقان الوجه في حال توسع الشرايين أو يشحب إلى درجة الاصفرار في
انقباض الشرايين، كما تزداد سرعة التنفس والتصبب عرقا.
وهنالك نوعان للغضب، هما الغضب الايجابي، الذي يظهر على صورة صراخ واهتياج ورفس
وتمزيق وتدمير الأشياء، وعادة ما يصاب بهذا النوع الأطفال الانبساطيون
extroversion.
أما النوع الآخر، وهو الغضب السلبي، الذي يظهر بصورة انسحاب وانطواء مع كبت وكتمان
للمشاعر، حيث يرفض الطفل تناول الطعام أو الذهاب إلى المدرسة أو الخروج للنزهة،
وتظهر هذه الحال لدى الأطفال الانطوائيين introversion.
ـ ان معظم أسباب ومصادر الغضب لدى الأطفال تأتي من الآخرين، وبالأخص من الوالدين
والإخوة أو زملاء المدرسة، إن من أهم هذه الأسباب إجبار الطفل على القيام بعمل ما
لا يريده، كإعطاء أخيه جزءا من الحلوى التي معه أو إحضار غرض لأخيه الأكبر.
ـ اصدار الأوامر العديدة والمتكررة غير المبررة من قِبل الوالدين مما يساهم في
تراكم الضغوط النفسية لديه التي بالتالي تجعله يقوم بالانفجار غضبا في لحظه ما، كأن
تأمره والدته بألا يرتدي هذا السروال مرارا وتكرارا أو لا يستذكر دروسه أمام
التلفاز أو عدم التحدث لصديقه فلانز وهكذا مما يعرقل من حرية الطفل ونشاطه.
ـ تكليف الطفل بأعمال تفوق قدرته وتأنيبه عند التقصير، كأن يحفظ جزءا كبيرا من درسه
أو إنهاء واجباته المدرسية في زمن قليل أو أن يقوم بتحضير غير المطلوب منه من دروس،
مما يصيب الطفل بحالة من الاحباط النفسي، فمعرفة قدرات الطفل في أداء الواجبات
المفروضة عليه أمر مهم جدا على الوالدين التنبه له.
ـ عندما يفقد الطفل أحد ألعابه المفضلة أو ان يقوم أخوه بأخذها أو كسرها، يشعر
بالغضب كرد فعل طبيعي.
ـ كذلك يثور الطفل عند انتقاده أو لومه أو توبيخه أمام أشخاص لهم مكانة لديه.
ـ التدليل الشديد للطفل والاستجابة لجميع طلباته، فإن حدث عدم تلبية لرغبة ما لسبب
ما، يتسبب ذلك في إحداث نوبات من الغضب الشديد. ـ والعكس صحيح، فالقسوة الشديدة
وعدم تلبية أي من رغبات الطفل يؤدي إلى الشعور بالحرمان والاضطهاد الذي بدوره يؤدي
إلى ظهور نوبات الغضب والعدوانية لدى الطفل.
ـ الأوامر المتناقضة للوالدين، كأن يكون للأب موقف ايجابي تجاه تصرفات الطفل، بينما
للام موقف متناقض للأب، هو احد الأسباب المهمة المؤدية لحالات الغضب لدى الأطفال.
ـ حرمان الطفل من الحنان والاهتمام والرعاية من قبل الكبار.
كيف نعالج الأمر؟
إن إزالة جميع الأسباب المزعجة التي يمكنها إثارة الطفل والمؤدية إلى نوبات الغضب
من الأمور المهمة والأساسية في العلاج، كعدم تعريض الطفل لأوامر كثيرة وعدم تكليفه
بأمور تفوق طاقته وقدراته، وفي حال غضب الطفل يجب على الأم التزام الهدوء والتحكم
في ثورتها أمام الطفل والكف عن التوبيخ والصياح حتى تستطيع امتصاص غضب الطفل
وتهدئته.
تخصيص وقت كاف للعب مع الطفل ومشاركته طفولته وأفكاره، وعدم إخضاعه لجدول غير مرن
من حيث مواعيد الدرس والنوم.
تجنب التناقض بين الوالدين في تربيه الطفل، الأمر الذي قد يزلزل تفكيره ويجعله في
حالة تخبط وانزعاج شديد مما يؤدي إلى انطوائه، كما أن الابتعاد عن إثارة الطفل
بالانتقاد أو التخويف أو الإذلال من أهم سبل علاج نوبة الغضب لديه الأمر الذي يساعد
على تهدئته.
كما أن البعد عن الانفعال في تقييد حرية الطفل أو إرغامه على الطاعة بدون إقناع أو
حوار، ينمي ثقته بنفسه ويجنبه الشعور السلبي بالاحباط مما يجعله شخصية سوية لا تلجأ
لحالات الهياج والصراخ للتعبير عن الغضب أو الرفض.
إعطاء الطفل الفرصة لممارسه هواياته والوقت الكافي للعب والتنفيس عن طاقته، فالطفل
الغضوب محروم من ممارسه اللعب واللهو كما يجب مكافأته عند قيامه بالواجبات والأعمال
المفروضة عليه