الفشل الكلوي الحاد
Acute Renal Failure
هو توقف مفاجئ للكليتين لبضع ساعات أو أيام أو أسابيع وذلك نتيجة لنقص الإمداد من
الأكسجين والتغذية، ويحدث ذلك عند انخفاض ضغط الدم لفترة طويلة أو نتيجة لمرض حاد
يصيب الكليتين، ويتضاعف الأثر إذا تكرر ذلك على فترات متقاربة.
أهم أسباب الفشل الكلوي الحاد:
1. الهبوط الحاد في ضغط الدم الناتج عن النزيف الحاد، أو فقدان كمية كبيرة من
السوائل عن طريق الجهاز الهضمي (القيء أو الإسهال) أو عن طريق الجلد (الحروق).
2. سموم البكتريا التي تلوث الجروح النازفة في الحوادث، وبعض العمليات الجراحية.
3. أمراض الكبيبات الكلوية Glomerulonephritis وهي أمراض كثيرة يمكن علاج أغلبها.
4. تسمم الحمل أو الإصابة بنزيف خلال عملية الإجهاض، أو الولادة.
5. سموم أنسجة العضلات الميتة الناتجة بسبب سحق الأطراف أثناء الحوادث، أو الحروق.
6. الخضاب (الهيموجلوبين) الناتج عن تكسر كرات الدم الحمراء لأسباب عديدة أهمها
نقل الدم غير المتطابق.
7. انسداد شرايين الإمداد للكليتين نتيجة تجلط الدم، أو التهابات الشعيرات الدموية
الحادة.
8. الاستعمال الخاطئ لبعض الأدوية، وبصفة خاصة المضادات الحيوية.
9. انسداد مفاجئ بالحالب (حصاة أو جلطة دموية) وذلك في حالة إصابة الكلية الأخرى
بمرض سابق.
10. التشوهات الخلقية (الضمور، عدم النمو) Dysplasia, Hypoplasia
نتائج الفشل الكلوي:
عند توقف الكليتين عن العمل يحدث الآتي:
1. تراكم السموم: تعد عملية إفراز السموم وطردها مع البول إلى الخارج من أهم وظائف
الكليتين، وتتكون السموم نتيجة عمليات الأيض Metabolism، وعندما تتوقف الكليتان عن
العمل تتراكم هذه المواد في الدم وتؤدي إلى حالة تراكم البولينا Uremia(وجود سموم
البول في الدم) ومن أهم هذه السموم، اليوريا التي تؤثر على نشاط المخ والأجزاء
الحيوية الأخرى في الجسم، مما يؤدي إلى الخمول، حيث تتوالى الأعراض إلى أن تصل إلى
التشنج والغيبوبة.
2. ضعف النمو عند الأطفال: ويحدث ذلك بسبب ازدياد حموضة الدم، نقص فيتامين
(د) اللازم لبناء العظام، وعدم الاستجابة لهرمون النمو بسبب وجود البولينا، وتؤدي
هذه العوامل إلى ضعف النمو عند الأطفال.
3. الكساح الكلوي Renal-Rickets: هو نوع من أنواع الكساح الناتج عن اضطرابات في
وظيفة الكليتين مما يؤثر على عنصري الكالسيوم والفسفور ومن ثم ترسيبهما في العظام.
4. فقر الدم (الأنيميا) Anemia: وذلك نتيجة نقص هرمون الخضاب Erythropiotin في
الدم.
5. ارتفاع حموضة الدم: ومن أهم علامات حموضة الدم: القلق، والهيجان، والتنفس
السريع، مع مضاعفات أخرى كاضطراب ضربات القلب والموت المفاجئ، ويتمثل علاج هذه
الحالة بإعطاء المادة القلوية المعادلة مثل كربونات الصوديوم.
6. اختلال توازن الأملاح والسوائل في الجسم.
7. ارتفاع ضغط الدم: تعد الكلية المنظم الرئيس لضغط الدم، وفي حالة اعتلالها أو
تليفها – كما في الفشل الكلوي – فإنها تفرز كمية عالية من هرمون الرينين الذي يؤدي
إلى انقباض الشرايين، وارتفاع ضغط الدم.
8. نتائج أخرى لحدوث الفشل الكلوي: يحدث الفشل الكلوي التهابات أغشية القلب و ذلك
بسبب ارتفاع مادة اليوريا في الدم، و كذلك ضعف الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى فقد
الإحساس في الأطراف، وتعد هذه الأعراض أقل حدوثا عند الأطفال.
الأعراض والعلامات:
قد لا يشكو مريض الفشل الكلوي من أعراض لعدة أيام بعد توقف الكليتين عن العمل بصفة
حادة، و ذلك إلى حين تجمع كمية كافية من السموم لإحداث الأعراض الملموسة، إلا أن
بعض المرضى يمكنهم ملاحظة نقص كمية البول، و خاصة عند وجود انسداد بالحالب حيث يكون
المغص إشارة واضحة لذلك.
وتبدأ الشكوى الناتجة عن تسمم الفشل الكلوي (تسمم البولينا) عادة في اليوم الرابع
أو الخامس من حدوث الفشل الكلوي الحاد.
وتبدأ الأعراض في الأيام التالية مضافا إليها وبشكل تدريجي الأعراض الأخرى للفشل
الكلوي الحاد وهي تشمل:
1. زيادة في عمق التنفس وسرعته، وذلك بسبب زيادة حموضة الدم، ويشكو المريض أحيانا
من صعوبة التنفس نتيجة احتقان الرئتين، أو الإحساس بألم أثناء التنفس بسبب التهاب
الغشاء البلوري المغلف للرئتين نتيجة ترسيب بلورات البولينا.
2. الشعور بتنميل والخدل بالأطراف وضعف بالعضلات، مع رجفة تزداد شدتها إلى أن تصل
إلى التشنج العام.
3. الدوخة وعدم القدرة على التركيز مع الرغبة في النوم وتزداد إلى أن تصل إلى
الغيبوبة.
4. خفقان واضطراب النبض مع ألم في منطقة القلب.
5. جفاف الجلد والأغشية المخاطية خاصة بالفم والبلعوم.
6. تلون الجلد بلون ترابي، مع احتمال ظهور بلورات بيضاء صغيرة على الوجه واليدين
تمثل ترسيب البولينا.
التشخيص:
يبدأ الفشل الكلوي بشكل غير محسوس إلى أن تصل نسبة عمل الكليتين إلى أقل من 25% و
تبدأ عندها الأعراض بالظهور، ويستطيع الطبيب تشخيص الفشل الكلوي، وذلك بقياس نسبة
الكرياتين واليوريا في الدم، وقد يصعب معرفة أسباب الفشل الكلوي في الحالات
المتأخرة.
العلاج
الفشل الكلوي الحاد قابل للشفاء، إلا في حالات الانسداد البولي الذي يحتاج لتدخل
جراحي، وبعض الالتهابات المناعية التي تحتاج للعلاج بمركبات الكورتيزون، ويحتاج
الشفاء لعدة أيام أو أسابيع قد لا تسمح بها حالة المريض الذي قد تأتيه المنية نتيجة
التسمم، وهنا يأتي دور العلاج (بالديلزة): الكلى الاصطناعية – (الغسيل البريتوني).
وهكذا يمكن إخراج المواد السامة بوسائل اصطناعية للمحافظة على حياة المريض
للفترة اللازمة للعلاج.
مبادئ عمل الديلزة:
يبدأ العلاج بالديلزة عند بلوغ مستوى التسمم حداً معيناً يمكن التعرف عليه بسهولة
بمتابعة تطور الاضطرابات في تحليل كيمياء الدم، وعندئذ يصبح أي علاج تحفظي بتنظيم
الغذاء، وضبط ضغط الدم، واستعمال بعض العقاقير للمحافظة على مستوى الأملاح وحموضة
الدم، مخاطرة لا مبرر لها، يجب البدء في الديلزة بمعدل 3 – 4 مرات أسبوعيا حتى
يبدأ البول في التزايد إلى أن يصل للمعدلات الطبيعية، وهذه هي علامة بدء الشفاء.
يستمر البول في التزايد حتى يصل إلى كميات كبيرة تتعدى المعدلات الطبيعية، وذلك
لفترة تعادل تقريباً تلك الفترة التي انقطع فيها، وتتحسن صورة الدم بسرعة، وبتوقف
العلاج بالديلزة، ثم يبدأ البول في التناقص مرة ثانية إلى أن يصل للمستوى الطبيعي،
حينئذ يكون الإنسان منهكاً بسب المرض الأصلي الذي سبب الفشل الكلوي الحاد، وبسبب
آثار هذا الفشل نفسه.
وخلال فترة النقاهة، يكون المريض عرضة للعدوى بسهولة، مما يستدعي مراقبته بدقة،
وعزله عن مصادر العدوى، وتغذيته بالأغذية الفنية بالسعرات والبروتينيات
والفيتامينات حتى يسترد صحته تماماً.
وعادة لا يترك الفشل الكلوي الحاد أي أثر على الكليتين، حيث تعودان إلى نشاطهما
الطبيعي في حوالي 95% من الحالات، دون مضاعفات مستقبلية، أما في الحالات القليلة
التي تكون فيها الإصابة شديدة تؤثر على الشرايين أو الكبيبات، فقد تستمر إصابة
الكلى مدى الحياة، يصاحبها تليف بأنسجتها قد يؤدي بالتدريج إلى الفشل الكلوي
المزمن.
وحين تصل كفاءة عمل الكليتين إلى أقل من 10%، تصبح الحياة غير ممكنة بدون إجراء
عملية الغسيل الكلوي الدوري لتخليص الجسم من السموم والسوائل الزائدة حتى تتم عملية
زرع الكلى للمريض، وهي العلاج الأمثل لمريض الفشل الكلوي المزمن.