تقسم حياة الإنسان إلى ثلاث مراحل: النمو والتطور، السنوات المنتجة والتقدم في السن. من وجهة نظر علم الإحياء، تكمن وظيفة الكائن الحي الأساسية في عملية التكاثر لتتطور أصناف الكائنات الحية مع الوقت. ومع نهاية السنوات المنتجة، تنتهي الوظيفة البيولوجية فيدخل المرء في مرحلة الشيخوخة المبرمجة في الشفرة الجينية. تحدث تغييرات في جهاز المناعة والجهاز العصبي وجملة الغدد الصم خلال عملية التقدم في السن. ثم تؤدي هذه التغييرات إلى نهاية بيولوجية وهي وفاة الإنسان. وهكذا، تستمر دورة الحياة والموت.
التقدم في السن
إن متوسط العمر الأقصى لدى الإنسان مبرمج في حمضه النووي الريبي المنقوص الأكسجين تماما مثل نموه وتطوره. قدر متوسط العمر الأقصى لدى البشر بحوالى 120 سنة. بعد مرور هذه الفترة الزمنية، ينهار الجسم ويتدهور. هذا يعني أنه في حال جرى كل شيء على ما يرام، ولم تؤد بنا جيناتنا إلى الشيخوخة المبكرة، ولم تفسد المواد السامة البيئية حمضنا النووي الريبي المنقوص الأكسجين، ولم نسمح للأمراض المتعلقة بالالتهاب بالتحكم في أجسادنا، نستطيع جميعا أن نعيش حوالى 120 سنة ثم نموت بعد عمر طويل.
على الرغم من أن المزيد من الأشخاص يعيشون حتى المئة عام أو أكثر، إلا أن الأغلبية لا تعيش حتى هذا العمر. وحتى لو تجنبنا الأمراض المهلكة مثل داء القلب، السرطان، السكتة الدماغية، داء السكر، يمكن أن يسبب التقدم في السن التهاب المفاصل، داء ترقق العظام، فشل البصر والشيخوخة. ماذا ترى عندما تفكر بشخص ناهز المئة عام أو أكثر؟ يرى العديدون شخصا ضعيفا، مريضا، مترنحا ويتعب بسرعة.
ولكن الانحطاط الجسدي الذي نعتقد أنه عامل طبيعي نتيجة التقدم في السن ليس أمرا “طبيعيا” على الإطلاق. نعم، غالبا ما يحصل ذلك مع التقدم في السن ولكن يعتقد العلماء الآن أن معظم أمراض الشيخوخة تحدث بسبب الالتهاب. حتى الضعف عبارة عن حالة طبية تتسم بحدوث ثلاث على الأقل من الحالات التالية: ضعف العضلات، مشية بطيئة أو غير ثابتة، فقدان لاطوعي لعشر باوندات (4,5 كلغ) أو أكثر من الوزن في السنة الماضية، التعب، وانحطاط في النشاط. في دراسة نشرت عام 2002 في أرشيف الطب الداخلي، لاحظ الباحثون وجود معدلات مرتفعة من واسمة الالتهاب بروتين C التفاعلي في دم الكهول الضعفاء مقارنة مع الكهول غير الضعفاء. وبقيت معدلات بروتين C التفاعلي مرتفعة حتى بعد حذف داء القلب وداء السكر (المعروف بأنه يرفع معدلات هذا البروتين) من المعادلة. هذا يعني أن الضعف في الشيخوخة مرتبط بالالتهاب حتى عندما لا يعاني المرء من أي أمراض خطيرة أخرى. من الممكن أن يكون هناك أمراض لم يتم تشخيصها بعد مسببة الالتهاب وقد تكون معدلات الالتهاب المنخفضة عامة التي تحدث بسبب الشيخوخة كافية لإحداث تغييرات تؤدي إلى الوهن.
التغييرات في الشيخوخة
يعتبر الالتهاب من إحدى الآليات التي من خلالها يدمر الجسم ذاته بحسب جدول زمني منظم. اكتشف الباحثون أن الذين يتقدمون في السن المحافظين على صحة جيدة هم هؤلاء القادرون على إبقاء الالتهاب، ردود الفعل المنيعة، الاستجابة إلى الإرهاق والعوامل الأخرى متوازنة. يتعلق التقدم في السن بشكل سليم بقابلية التكيف. ليس من الضروري أن يكون الشخص قويا في الشيخوخة لأنه كان قويا في سن الشباب. إن الذين يكونون في صحة سليمة في سن الشباب يميلون إلى التمتع بأنظمة منيعة إلى حد كبير. إلا أن هذه الاستجابة تضع الجسم في حالة شبه دائمة من الالتهاب مما يضر بالجسم مع الوقت ويحدث الأمراض مع التقدم في السن. ترتبط هذه الحالة المحرضة للالتهاب بشكل وثيق بعملية التقدم في السن ما دفع الدكتور س. فرانشيسكي وزملاؤه في إيطاليا إلى صياغة عبارة التقدم في السن المرتبط بالالتهاب لوصف هذه الظاهرة.
يتغير جهاز المناعة مع تقدم المرء في السن. على سبيل المثال، نعلم أنه مع التقدم في السن، تنخفض نسبة انتاج بعض المواد الكيميائية المتعلقة بالالتهاب أو الاستجابة إليها، أي أن المرء يصبح أقل قدرة على محاربة العدوى والأورام. كذلك، يصبح الجسم أقل قدرة على التمييز ما بين الأعطال الوظيفية الذاتية واللاذاتية مما يؤدي إلى زيادة في الأمراض المنيعة للذات. يزيد إنتاج مادة السيتوكين الالتهابية (مثل الإنترلوكين-1 (إل-1) (IL-1)، إنترفيرون-غاما وعامل نخر الورم-ألفا) وتنخفض نسبة انتاج مادة السيتوكين المضادة للالتهاب (مثل إنترفرون-ألفا وإنترفرون-بيتا) مع التقدم في السن.
يمكن أن يكون لهذه المواد الكيميائية الموجودة بكميات قليلة في الجسم آثار بعيدة المدى. لنأخذ بعين الاعتبار مادة كيميائية التهابية واحدة مثل إل-6 (IL-6) والتي تلعب دورا كبيرا في العديد من أمراض الشيخوخة وقد سميت “سيتوكين لأطباء الشيوخ”. بالكاد يكشف عن معدلات إل-6 (IL-6) لدى الشخص السليم صحيا. ولكن مع التقدم في العمر، تزيد معدلات إل-6 (IL-6) لدرجة قياسها في الدم. يعتقد أن مادة إل-6 تزيد على الالتهاب بشكل عام وقد تساهم في الإصابة بداء القلب، ترقق العظام وداء ألزهايمر. أظهرت دراسة أن المصابات بالداء القلبي الوعائي اللواتي حملن أكثر معدلات إل-6 ارتفاعا كن عرضة للموت في غضون ثلاث سنوات أكثر بأربعة أضعاف من النساء اللواتي يحملن معدلات منخفضة من إل-6.
لذا، يعتبر واقع التقدم في السن، مع التغير الطبيعي في المواد الكيميائية الالتهابية، التهابا إضافيا كافيا قد يسبب نوبة قلبية أو مشاكل صحية أخرى مرتبطة بالالتهاب. كما أظهرت دراسات أخرى أن معدلات إل-6 المرتفعة مرتبطة بفقدان الكتلة العضلية والقوة لدى الرجال والنساء الأصحاء والأكبر سنا وقد تكهنت بإمكانية حدوث تعوق. كذلك، وجد أن معدل إل-6 مرتفع لدى المدخنين أكثر من غير المدخنين مع التشديد مجددا على طبيعة التدخين الالتهابية. والمغزى هو أننا مع التقدم في السن، علينا بذل جهد أكبر لموازنة العوامل الالتهابية لأن المواد الكيميائية التي تأخذ على عاتقها عملية التوازن الطبيعي في الجسم لا تعمل كما في السابق.
أكبر سنا وأكثر حكمة
على الرغم من أن كل هذه التغييرات تبدو سيئة، إلا أن الأمل موجود. كان العلماء يعتقدون أن كل التغييرات المصاحبة للشيخوخة تتجه نحو الأسوأ، ولكن تبين أن هذا الاعتقاد خاطىء. إن الجسم المتقدم في السن أكثر تطوريا عوضا عن الانحطاط التدريجي لوظيفة المناعة المؤدي إلى فوضى عارمة في الجسم. فيعيد صياغة ذاته ويتغير ويتكيف مع مرور السنوات. لذا، بدلا من التفكير بالجسم المتقدم في السن كمنحوتة صخرية تصبح متآكلة مع الوقت، يجب التفكير به كشاطىء رملي يتكيف مع الزمن والمد الجزر والرياح. نعم، تجعلنا التغييرات أقل براعة في محاربة المرض مع تقدمنا في السن ولكن هناك سبب لذلك. ففي مراحل حياتنا، تواجهنا عوامل مختلفة من العدوى والإشعاع والجذور الحرة التي تضعنا في حالة دائمة من الالتهاب ذي المعدل المنخفض. يمكننا التقدم في السن بشكل صحي إذا استطعنا تعديل استجاباتنا. هذا ما يظن معظم العلماء أنه يحدث لفيزيولوجيتنا عندما نتقدم في السن. لا يتعطل جهاز المناعة في الجسم ولكنه يعتبر من غير المهم استدعاء كل قوى الالتهاب ما إن تقع مشكلة صغيرة في الجسم. لا تضعف وسائل الدفاع ولكنها تصبح بكل بساطة أقل استجابة لأن ذلك أكثر سلامة في أغلب الأحيان. ينجح ذلك بشكل عام مع الشخص السليم لأنه يمنح الجسم طريقا إلى الالتهاب المنخفض المستوى؛ ولكنه قد يكون مؤذيا في وجه عامل ممرض استثنائي يمكن أن يضر الجسم بسهولة. لهذا السبب يعتبر الكهول معرضين للوفاة من فيروس النيل الغربي أكثر من الشباب.
لذا، يعتمد التقدم في السن على كيفية استجابة الجسم إلى عوامل الإجهاد الجسدية التي يحددها جزئيا علم الوراثة وجزئيا مدى صحة العناية بأنفسنا. الجينات فعالة. إنها تبرمج قوة استجابتنا المنيعة طيلة حياتنا وتؤثر في متوسط العمر. مثلا، تبين أن طفرة جينة واحدة في الحيوانات قد تكفي لتطيل الحياة أو تقصرها. للأسف، ما زلنا عاجزين عن السيطرة على جيناتنا.
من بين الأمور التي نستطيع التحكم بها والطريقة الوحيدة التي تم إثباتها في إطالة الحياة هي تحديد السعرات الحرارية وهذه طريقة علمية للقول “طعام أقل”. تحسن عملية تحديد السعرات الحرارية لدى القوارض من الحساسية تجاه الإنسولين وتؤدي إلى تنظيم أكثر فعالية للسكر في الدم مما يوازن بعض آثار الشيخوخة. أما بالنسبة إلى البشر، فنعلم أن مقاومة الإنسولين تقود إلى نوع من الإجهاد الأكسيدي الذي يسبب الالتهاب. لذا، تبين النظريات أن على تحديد السعرات الحرارية المساهمة في موازنة بعض هذا الضرر. كذلك، يخفض تحديد السعرات الحرارية من المعدل الاستقلابي مما يعني أن الجسم يصبح أقل حساسية تجاه الإجهاد الأكسيدي ويكون جذور حرة أقل. أظهرت دراسة شملت عوامل الشيخوخة أن الأصحاء الذين يبلغون من العمر مئة عام أو أكثر يأكلون أقل من الكهول غير الأصحاء وفي أجسامهم كميات أقل من الدهون. على الرغم من أن ذلك لم يكن اختبارا لتحديد السعرات الحرارية، ولكن من المقترح أن تناول كمية أقل من الطعام للمحافظة على وزن أقل يبقي المرء أكثر صحة لمدة أطول. ويمكن أن يخفف تحديد السعرات الحرارية حتى معدلات الدم للسيتوكين إل-6 (IL-6) المحرض للالتهاب.
في الواقع، إن معظم الأمراض المذكورة في هذا الكتاب هي أمراض متعلقة بالشيخوخة. مع ارتفاع معدل الالتهاب فيما نتقدم في السن، يزيد خطر تعرضنا للأمراض المتعلقة بالالتهاب. ويرتفع معدل السيتوكين الالتهابي مع التقدم في السن كي تترسخ الأمراض الالتهابية. وينخفض معدل السيتوكين المضاد للالتهاب فنخسر مفعولها المضاد. وحتى الأمراض التي نظن أنها أمراض متعلقة بالتقدم في السن مثل الفصال العظمي، ترقق العظام، داء ألزهايمر والتنكس البقعي هي في الواقع كلها أمراض متعلقة بالالتهاب.
الفصال العظمي أو التهاب المفاصل التنكسي
يتخذ التهاب المفاصل أشكالا عدة ولكن “التهاب المفاصل” الذي يعرف معظم الناس أعراضه المتمثلة بالآلام والأوجاع والتصلب الذي يصيب كبار السن هو في الواقع الفصال العظمي. مع تقدم شعب الولايات المتحدة في السن، يزداد عدد المصابين بالفصال العظمي. ولكن هذا الأخير لا يشكل جزءا طبيعيا من الشيخوخة بل يشير إلى وجود خطب ما في الجسم. نعلم مثلا أن أعراض التهاب المفاصل تتحسن مع خسارة الوزن. ليس من المفاجىء أن يظهر المزيد من حالات الفصال العظمي نظرا لارتفاع عدد المصابين بالسمنة.
تنتج أعراض الفصال العظمي عن ضعف الغضروف الذي يغطي المفاصل. والسؤال المطروح هو: لم يبدأ الغضروف بالتفكك أصلا؟ المفاصل هي ليست فقط عظم وغضروف. تحيط محفظة زليلية بالعديد من المفاصل، وهي غشاء يفرز سائلا مزلقا داخل منطقة المفصل. إن التهب الغشاء الزليلي، يفرز أنزيمات ومواد كيميائية التهابية (منها الإنترلوكين-1، الإنترلوكين-17 وعامِل نخر الورم-ألفا) مما يؤدي إلى تآكل الغضروف. إذا، ليست فقط سنوات البلى بالاستخدام العادي التي تسبب الألم في المفاصل. عوضا عن ذلك، هناك ردة فعل التهابية تبطل عملية الترميم كي لا يحافظ الجسم على المفاصل كما هو مفترض. إذا، تعتبر العلاقة بين السمنة والفصال العظمي منطقية إذا ما اعتبرنا أن السمنة تزيد إجمالا معدل الالتهاب في الجسم فيما تزيد في الوقت نفسه القوى الميكانيكية على المفاصل التي تحمل الوزن الكبير. من المحتمل أن تكفي هذه العملية الالتهابية العامة ليحدث الالتهاب ضررا في المفاصل. وبالطبع، تساعد خسارة الوزن على التخفيف من أعراض التهاب المفاصل.
في الأجيال السابقة، كانت الإصابة بالتهاب المفاصل عذرا للراحة والتروي. في النهاية، ما الداعي لإرهاق المفاصل أكثر إن كانت تضعف؟ لا أحد أراد المخاطرة بالمزيد من التضرر. هذه الأيام قد ولت. اليوم، من المعروف أن أي نوع من التمارين الرياضية تساعد على تلطيف أعراض الفصال العظمي.
بالطبع، تعتبر الأدوية اللاستيروئيدية المضادة للالتهاب العلاج الأساسي للفصام العظمي. على الرغم من إعتقادنا بأن هذه الأدوية (التي تضم إيبوبروفين، نابروكسين وكيتوبروفين) مسكنات، إلا أن فعاليتها ترتكز على قدرتها على محاربة الالتهاب.
هناك ثلاث مواد أخرى قد تستحق عناء المحاولة إن كنت متخوفا من التهاب المفاصل وهي الشاي الأخضر، الأحماض الدهنية أوميغا-3 وكبريتات الغلوكوسامين. ومع أن تناول الطعام المغذي يحسن الحالة الصحية بشكل عام، إلا أن مقالة حديثة نشرت في مجلة التغذية صرحت بأن المواد الكيميائية النباتية الموجودة في الشاي الأخضر تحمي الغضروف من التضرر والتفكك وذلك بعد تجارب مخبرية. لا أحد يعلم ما إذا كان الشاي الأخضر يساهم في حماية الغضروف لدى المرء ولكن لن تضير المحاولة.
تتواجد الأحماض الدهنية أوميغا-3 في السمك وزيت السمك. على الرغم من إثبات أن تناول السمك أو إضافات زيت السمك يساعد على التخفيف من آلام التهاب المفاصل، إلا أن دراسة حديثة عاينت الآليات المتضمنة. فقد استأصل الباحثون غضروفا من المصابين بالفصال العظمي ثم أضافوا مادة أوميغا-3 لمدة 24 ساعة. وقد اكتشفوا أن هذه المادة أوقفت الالتهاب وإفراز المواد الكيميائية المؤدية إلى تدمير المفاصل. ومع أن التجارب السريرية التي تضم مصابين يتلقون إضافات الاوميغا-3 ما زالت مستمرة، إلا أن هذه البحوث تقترح أن إدخال المزيد من زيت السمك إلى النظام الغذائي قد يساعد على تأخير عملية الفصال العظمي أو وضع حد لها.
ينبه الغلوكوسامين إفراز الغلوكوسامينوغليكان، وهو مركب مهم للغضروف في المفاصل. أظهرت عشرات الدراسات أن تناول إضافات كبريتات الغلوكوسامين يؤخر تطور الفصال العظمي. مثلا، أجريت دراسة بحثت في آثار تناول 1500 ملغ من كبريتات الغلوكوسامين يوميا لثلاث سنوات لمعالجة التهاب المفاصل في الركبة، وهو المفصل الذي غالبا ما يصاب بالفصال العظمي. أبلغ مستخدمو الغلوكوسامين عن تحسن ملموس في الألم وعدم شعور بأي تضيق في حيز المفصل. (قياس فيزيائي لتطور التهاب المفاصل.) عانى الذين لم يتلقوا إضافات الغلوكوسامين من تضيق في حيز المفصل بعد مرور كل سنة من الدراسة.
داء ترقق العظام
إنه داء يجعل العظام هشة وسريعة العطب ويسهل حدوث تكسر فيها. في أقصى الحالات، قد يتفتت العظم وينهار. مع أن معظمنا يظن أن العظم قاس وغير متغير، إلا أنه نسيج حي. مع مرور السنين، تخضع عظامنا باستمرار لعملية إعادة الصياغة. يتفكك أحيانا العظم ويتم امتصاصه في الجسم (وهي عملية تسمى الارتشاف) ويتشكل أحيانا أخرى عظم جديد. مع التقدم في السن، يتم ارتشاف المزيد من العظم ويضاف القليل منه، لذا يصبح أكثر وهنا. من الطبيعي أن يفقد الرجال والنساء حوالى واحد بالمئة من الكتلة العظمية سنويا بعد سن الخمسين. إن فقد الكثير من العظم، تهدد بنيته. في تشريح مقطعي، يبدو داخل العظم مثل الجبن السويسري مع توسع حجم الثقوب كل سنة. وفي النهاية، يتكسر العظم الهش تحت الضغط.
يقال أن هذا الداء يحدث إن تجاوزت كمية العظم المفقود سنويا نسبة الاثنين بالمئة. ومع أن النسبة تبدو ضئيلة، إلا أنها تزيد بسرعة. من الطبيعي أن كهلا بسن الثمانين سيفقد حوالى 30% من الكتلة العظمية منذ سن الخمسين (فقدان واحد بالمئة سنويا على مدى ثلاثين عاما)، ولكن مصابا بداء تخلخل (ترقق) العظام في الثمانين من العمر سيفقد 60% من الكتلة العظمية. إن الجزء الأكثر شيوعا الذي يفقد فيه العظم هو الورك. لهذا السبب تجد الكهول معرضين بنسبة كبيرة لخطر الإصابة بكسر في الورك ولو كانت السقطة خفيفة.
حتى الآن، لا نعرف سوى بعض أسباب ترقق العظام. نعلم أن انخفاض معدل الاستروجين الذي يحدث بعد سن اليأس يؤدي إلى ارتفاع في بعض مواد السيتوكين المرتبطة بالالتهاب وخاصة إنترلوكين-1 (إل-1) (IL-1) وإل-6) (IL-6)، مما يغير عملية توازن ارتشاف العظم وتشكيله فيفقد عظم أكثر مما يتكون منه. للأسف، لا ينطبق هذا التفسير على داء ترقق العظام لدى الرجال. فقد تبين أن المصابين بهذا الداء يعانون من انخفاض كبير في معدل التستستيرون ولكن العلماء غير متأكدين من أثر ذلك على العظام.
مع أن التحقيقات ما زالت جارية حول أسباب داء ترقق العظام، إلا أن ما يجب فعله للوقاية منه أمر واضح. يوصى بإضافات الكالسيوم للنساء، وصحيح أن الجسم لا يستطيع تكوين عظم جديد بدون كمية كافية من الكالسيوم. ينصح بتناول ألف ملغ من الكالسيوم يوميا للراشدين البالغين حتى الخمسين من العمر، و1200 ملغ يوميا لمن هم ما فوق الخمسين. ولكن الكالسيوم ليس كل شيء. لو اقتصر الموضوع على مجرد تناول إضافات، لما عانى أحد من هذا المرض. لا يعالج الكالسيوم مركب ترقق العظام الالتهابي وقد لا تحدد الكثافة العظمية المشكلة بكاملها. مثلا، أظهرت دراسات عدة أن تناول احد أدوية الستاتين (التي توصف عادة بعد حصول نوبة قلبية لتخفيف الالتهاب وتقليص معدل الكولسترول) يمكن أن يحمي العظام من التكسر بنسبة حوالى 60%. لوحظ هذا الفرق الكبير على الرغم من ارتفاع الكثافة المعدنية العظمية قليلا بنسبة حوالى 3% في الورك وبنسبة أقل في أجزاء أخرى من الجسم. لذا، مع أن الكثافة العظمية مهمة، إلا أنها ليست كل شيء. يجب إضافة العوامل الالتهابية.
بالنسبة إلى النساء، كانت النصيحة تتمثل بأخذ العلاج بالهورمون البديل لسنوات بعد سن اليأس للتقليل من خسارة العظم. الأنباء الجيدة هي أن أخذ العلاج بالهورمون البديل باستمرار منذ بلوغ سن اليأس يساهم في زيادة الكثافة العظمية والوقاية من الكسور. والخبر السيىء هو أن هذا العلاج لا يحمي تماما من داء ترقق العظام والكسور. إن العديد من النساء اللواتي يأخذن العلاج بالهورمون البديل هن مصابات بالداء أو معرضات لخطر الإصابة به وما زالت حالة تكسر العظام شائعة في صفوفهن. كذلك، يبدو أن الهورمونات مهمة لعظام الرجال. أظهرت دراسة أن الرجال الذين حرموا من الإندروجين (الهورمون الذكوري الأساسي) لمعالجة سرطان البروستات معرضون لخطر فقدان الكثافة العظمية وحدوث كسور في العظام.
يبدو أن التغييرات في أسلوب الحياة التي تخفف الالتهاب تشكل الطرق الأنسب ليحمي الرجال والنساء على حد سواء عظامهم. والطرق الأكثر فعالية لحماية العظام هي الإقلاع عن التدخين، ممارسة الكثير من الرياضة وتناول الكثير من الفواكه والخضار. يشكل التدخين عامل خطر أساسي لداء ترقق العظام. يتعارض التدخين مع تكون العظام مما يزيد خطر فقدان الكثافة العظمية.
من جهة أخرى، تعتبر الرياضة من إحدى الوسائل الوقائية الفضلى لداء ترقق العظام. إن أفضل أنواع التمارين للمساهمة في حماية العظام هي تمارين تحمل الأوزان. تساعد هذه التمارين العظام على عملية تعزيز بنية العظام. لذا، فإن أفضل التمارين للوقاية من ترقق العظام هي تلك التي تتطلب رفع الأوزان أو أي نوع من إجهاد جزء من الجسم مثل المشي أو الركض الذي يجهد عظام الساق والورك. تابعت دراسة واسعة النطاق حالة اكثر من 61 ألف امرأة تجاوزن سن اليأس على مدى اثنتي عشرة سنة وأظهرت أن المشي بمعدلات معتدلة يخفف من خطر الإصابة بكسور في الورك. خففت كل ساعة مشي بالأسبوع بسرعة معتدلة من خطر الإصابة بكسور في الورك بنسبة 6%.
تنفع التمارين الرياضية غير المتعلقة بتحمل الأثقال مثل السباحة أو ركوب الدراجة الهوائية للتكيف الجسدي العام ولكنها لا تضفي حيوية التمارين المقوية للعظام حيث يجب أن تطأ القدمان الأرض. هذا لا يعني أنه يتوجب عليك تجنب ممارسة السباحة أو ركوب الدراجة الهوائية. لكل أنواع الرياضة فوائد. تعتمد العظام على الدورة الدموية السليمة مثل أي جزء آخر من الجسم. لذا، أي تمرين يحرك الجسم يؤدي إلى تحسن في الصحة حتى الاعمال المنزلية اليومية، العمل في فناء المنزل أو ملاحقة الأولاد أو الأحفاد. كما تساهم كل التمارين الرياضية في تحسين التوازن والمرونة الدقيقين للوقاية من السقطات التي تؤدي إلى كسور في العظم والدخول إلى الممستشفى للمعالجة. من المعروف عن تمارين التاي تشي البطيئة الحركة أنها تساعد على تعزيز القوة والتوازن. وأظهرت دراسة جديدة أن النساء بعد سن اليأس اللواتي مارسن التاي تشي لأربع سنوات على الأقل فقدن كمية أقل من الكتلة العظمية مقارنة مع النساء اللواتي لا يمارسن هذه الرياضة.
على الرغم من أن الكالسيوم أساسي لتكون العظام، إلا أن العوامل الغذائية الأخرى مهمة كذلك. مثلا، أظهرت دراسة واسعة النطاق أن البوتاسيوم، المغنيزيوم والفواكه والخضار تحمي من داء ترقق العظام. إن الرجال والنساء الذين تناولوا الكمية الأقل من هذه المواد المغذية سجلوا المعدلات الأكثر إنخفاضا في الكثافة المعدنية العظمية.
يتواجد البوتاسيوم بكميات كبيرة في البطاطا، الحليب المقشود، عصير البرتقال، الموز والطماطم فيما يتواجد المغنيزيوم بكميات كبيرة في الخبز المحتوي على القمح الكامل، الحليب المقشود، الحبوب الباردة، الموز، عصير البرتقال والسمك.
داء ألزهايمر
يشيع للأسف داء ألزهايمر. من المقدر أن حوالى 40% من البالغين 85 من العمر أو ما فوق هم مصابون بالداء. في داء ألزهايمر، تصاب خلايا الدماغ بالتنكس مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة، صعوبة في التفكير، الخرف وفي النهاية الوفاة. من سمات داء ألزهايمر نذكر اللويحات (لطخات من البروتينات النشوانية-بيتا وخلايا الدماغ المتضررة) والتشابك اللييفي العصبي (بقايا مشوهة من البروتينات في خلايا الدماغ) الذي يتكون في الدماغ. مع أن البعض هم أكثر عرضة للإصابة بداء ألزهايمر بسبب بنيتهم الجينية، إلا أن العلماء يظنون أن الجميع يصبحون أكثر عرضة للداء مع التقدم في السن. نجد الرواسب النشوانية-بيتا في أدمغة كبار السن الأصحاء وقد يكون تكتل هذه الرواسب لمدة طويلة ما يسبب الأعراض في النهاية.
هذا يعني أن الوقاية من اللويحات والتشابك أمر أساسي. لا يمكننا السيطرة على الجينات التي نرثها. لذا، علينا البحث عن العوامل الأخرى التي تؤدي إلى داء ألزهايمر. مؤخرا، تسنى للعلماء الفرصة لدراسة آليات هذا الداء. فاكتشفوا أن التغييرات الأساسية التي تمهد الطريق للإصابة باللويحات تحدث قبل ظهور أي أعراض بعشرين أو ثلاثين سنة. في هذا الوقت، تقع سلسلة حوادث. أولا، ينشط نوع من الخلايا الدماغية التي تدعى الخلايا الدبقية (لأسباب مجهولة) مما يغير شكلها ويجعلها تصبح بلاعم. وتفرز هذه الأخيرة البروتينات والأنزيمات ومواد السيتوكين الالتهابية (الناقلات الكيميائية). ولمواد السيتوكين الالتهابية أثر مباشر على إفراز البروتينات النشوانية-بيتا التي تتجمع وتدمر في النهاية الخلايا العصبية في داء ألزهايمر.
لا أحد يعرف تماما سبب تكون اللويحات والتشابكات ولكن للالتهاب علاقة وثيقة بالأمر. ما إن تتكون اللويحات والتشابكات، تعمل كعناصر مهيجة مسببة الالتهاب الموضعي مما يؤدي إلى إطلاق المواد الكيميائية (المواد السامة العصبية) التي يمكن أن تتلف خلايا الدماغ. ويطلق هذا الالتهاب الأساسي آليات التهابية جمة ليس فقط في الدماغ ولكن في في الجسم بأكمله. مثلا، عندما يؤخذ كمعدل الدم في مادة كيميائية التهابية تدعى مضاد الكيموتربسين، يكون المعدل أكثر ارتفاعا لدى المصابين بداء ألزهايمر مما هو عليه لدى الأصحاء.
إن الالتهاب أساسي جدا في عملية الإصابة بداء ألزهايمر لدرجة جعلت العلماء يشرعون في دراسة المواد المضادة للالتهاب على أنها عناصر وقائية محتملة. بحثت دراسات عديدة طويلة الأجل في مفعول الأدوية اللاستيروئيدية المضادة للالتهاب مثل إيبوبروفين ونبروكسين في الوقاية من داء ألزهايمر أو تأخير انطلاقه. بشكل عام، أظهرت هذه الدراسات أن الأدوية اللاستيروئيدية توخر الإصابة بالداء أو تبطىء عملية تطوره. بحثت إحدى الدراسات الأكثر إثارة للاهتمام في حالة توأمين متطابقين حيث أصيب أحدهما بداء ألزهايمر قبل ثلاث سنوات أو أكثر من إصابة شقيقه التوأم. بما أنه من السائد أن داء ألزهايمر يسري في العائلات ويتشاطر التوائم المتطابقين الجينات نفسها، فإن أي اختلاف في إنطلاق الداء سببه أمر بيئي. اكتشف الباحثون أنه في حال إصابة أحد التوأمين بالتهاب المفاصل – مما عنى أن الأدوية اللاستيروئيدية المضادة للالتهاب ستشكل جزءا من العلاج وتؤخذ بانتظام- فإن التوأم نفسه سيصاب بداء ألزهايمر في وقت لاحق مقارنة مع التوأم الذي لم تشخص حالته بالإصابة بالتهاب المفاصل.
كما وبينت الدراسات أن أدوية الستاتين المعالجة للالتهاب والكولسترول، والتي غالبا ما توصف بعد حدوث نوبة قلبية، قد تساهم في الوقاية من داء ألزهايمر. قد تخفف هذه الأدوية من خطر الإصابة بداء ألزهايمر بنسبة 70 بالمئة. قد تنفع أدوية الستاتين لسببين أساسيين. أولا، إنها تخفف معدل الالتهاب ويرتبط تلف الخلية في داء ألزهايمر مباشرة بإفراز كمية كبيرة من بعض المواد الكيميائية الالتهابية. ثانيا، يزيد معدل الكولسترول ذاته من إفراز المادة النشوانية-بيتا. لذا، فإن تخفيض معدل الكولسترول قد يقلل من إفراز البروتينات المسببة للويحة.
ما زال احتمال كون الهورمونات تشكل عاملا وقائيا قيد الدراسة. عرف منذ وقت طويل أن الاستروجين يساهم في حماية دماغ المرأة وأن الانخفاض في معدل الاستروجين بعد سن اليأس يمكن أن يسرع الإصابة بداء الزهايمر. وصف العلاج بالهورمون البديل منذ وقت طويل للنساء اللواتي بلغن سن اليأس كطريقة لحماية الوظيفة الدماغية بالإضافة إلى حماية القلب والوقاية من داء ترقق العظام. إلا أن نتائج البحوث الحديثة جاءت متضاربة. عندما راجع العلماء النتائج، ظهر بعض الدعم للنظرية القائلة بأن الاستروجين يساعد على حماية الدماغ من داء ألزهايمر. وجاء الدعم الأقوى من دراسة نشرت عام 2002 في مجلة الجمعية الطبية الأميركية. وتابعت هذه الدراسة حالة أكثر من ثلاثة آلاف رجل وامرأة (بأعمار متوسطة في السبعينات) ولمدة ثلاث إلى خمس سنوات. وقد سئل المشاركون عن استخدامهم للكالسيوم والفيتامينات المتعددة فيما سئلت النساء عن استخدامهن للعلاج بالهورمون البديل. وتبين أن الكالسيوم والفيتامينات المتعددة لم تؤثر على إمكانية الإصابة بداء ألزهايمر. إلا أن النساء اللواتي استعملن العلاج بالهورمون البديل في الماضي كن أقل عرضة للإصابة بداء ألزهايمر مما يخفف نسبة الخطر باكثر من 50%. لا يعتبر الاستخدام الحديث للعلاج بالهورمون البديل ذي فائدة إلا إذا استخدم لأكثر من عشر سنوات. وتقول أحدث النظريات إن الاستروجين قد يساعد على الوقاية من داء ألزهايمر طالما أنه يؤخذ قبل أن يترسخ الداء. ولكن ما إن يكون الداء قد ترسخ، قد لا يجدي إضافة الاستروجين وقد يجعل الذاكرة أكثر سوءا. بعد الكشف عام 2002 عن واقع أن نظاما محددا للعلاج بالهورمون البديل زاد من خطر الإصابة بداء القلب وسرطان الثدي لدى بعض النساء، أصبح قرار وصف العلاج بالهورمون البديل أكثر تعقيدا. يختلف خطر الإصابة بداء القلب، داء ترقق العظام وداء ألزهايمر بين امرأة وأخرى. في بعض الحالات، قد تتجاوز فوائد العلاج بالهورمون البديل المخاطر ولكن يجب أن تتخذ كل إمرأة بشكل منفرد هذه القرارات بعد إستشارة الطبيب أو المتمرس في العناية الصحية.
بما أنه من المعتقد أن بعض الضرر الذي يصيب نسيج الدماغ ناتج عن أكسدة الجذور الحرة، تمت دراسة مضادات الأكسدة كعناصر وقائية محتملة. عاينت دراسة شاملة 341 مصابا بداء ألزهايمر. وتم تقسيمهم إلى أربع مجموعات على أن تتلقى كل مجموعة علاجا مختلفا لسنتين: 1) 10 ملغ يوميا من دواء سيليجلين الذي يعطى بواسطة وصفة طبية؛ 2) 2000 وحدة من الفيتامين E يوميا؛ 3) سيليجلين وفيتامين E؛ 4) غفل شبيه بالدواء ولكن بدون أي أثر فيزيولوجي. وأظهرت الدراسة أن العلاج بالدواء أو الفيتامين E أخر تطور الأعراض.
إلا أن المزيد من الدراسات الحديثة أزالت الشك عن مفعول الإضافات. فالدراسات المختلفة تظهر نتائج مختلفة. يجد البعض منها أن مضاد الأكسدة الفيتامين C قد يخفف من خطر الإصابة بداء ألزهايمر فيما يظهر البعض الآخر أن ليس من مفعول للفيتامين C و E. إلا أن نتيجة وحيدة ظهرت في الدراسات الحديثة ألا وهي أن تناول الكثير من الفواكه والخضار المحتوية على معدلات مرتفعة من الفيتامين C و E ولكن ليس إضافات مضادات الأكسدة يخفف خطر الإصابة بداء ألزهايمر. أطهرت دراسة أن الذين يتناولون كميات كبيرة من الأغذية المحتوية على الفيتامين E سجلوا إنخفاضا في خطر الإصابة بالداء بنسبة 70% مقارنة مع الذين يتناولون أقل كمية ممكنة من الأغذية الغنية بالفيتامين E.
لم الأغذية مفيدة بعكس الإضافات؟ يعتقد بعض العلماء بان المأكولات تشكل استثمارا طويل المدى في الصحة وأن المحافظة على نظام غذائي صحي على مر العقود قد يساعد على عدم الإصابة بداء ألزهايمر فيما تناول الإضافات لبضع سنوات قد لا يكون مفيدا. كما أن المأكولات تحتوي على العديد من المواد المغذية أكثر من مجرد فيتامين C و E. ربما تتفاعل مضادات الأكسدة بطريقة ما مع هذه المواد المغذية لدفع نشاطها. تشمل الأغذية الغنية بالفيتامين C الحمضيات (البرتقال، الليمون الهندي، الحامض) والكيوي والبركولي (نوع من القنبيط). وتشمل الأغذية الغنية بالفيتامين E زيت الزيتون، الحبوب الكاملة، الجوز وصفار البيض.
كذلك، جرى دراسة شجرة الجنكة كعامل وقائي لداء ألزهايمر. استخدم مستخلص ورقة الجنكة في الطب الصيني لألآف السنين. يعتقد بأنه مضاد فعال للاكسدة وأنه يحتوي على مواد كيميائية نباتية مفيدة تدعى الفلافونويد. في مراجعة للدراسات، تبين أن تناول من 120 إلى 240 ملغ من مستخلص الجنكة يوميا من ثلاثة إلى ستة أشهر أظهر أثرا إيجابيا على الوظيفة المعرفية لدى المصابين بداء ألزهايمر. على الرغم من أن أوراق شجرة الجنكة غير مضرة بشكل عام، إلا أن هناك تقارير عن حدوث نزيف من جرائها. (استشر طبيبك قبل محاولة استخدام مستخلص شجرة الجنكة.)
وهناك دراسة ستثير اهتمام كل من يبدأ نهاره بفنجان من القهوة (أو فنجانين أو ثلاثة) تبين أن الذين يشربون على الأقل فنجانين من القهوة يوميا طيلة حياتهم يخففون نسبة تعرضهم لداء ألزهايمر بحوالى 60%. كان ذلك صحيحا عندما أخذت بعين الاعتبار كل العوامل المساهمة الأخرى. هذا ليس مفاجئا على الإطلاق. تبين أن الكافيين بجرعات قليلة يساهم في حماية خلايا الدماغ. مع أن ذلك لا يعني أن تذهب إلى مقهى ستارباكس يوميا، إلا أنه ما من داع للتخلي عن فنجان القهوة الصباحي كما أنه قد يحمي دماغك.
أظهرت بعض أهم البحوث التي صرحت في مؤتمر عام 2002 الدولي حول داء ألزهايمر والأمراض المرتبطة به أن العديد من العوامل ذاتها التي تبقي داء القلب في وضع حرج قد تساهم في تقليص خطر الإصابة بداء ألزهايمر. وهذا صحيح خاصة وأن الالتهاب قد يكون الرابط بين المرضين. نعلم أن المعدلات المرتفعة للواسمة الالتهابية بروتين C التفاعلي تشير إلى أن المرء معرض لخطر الإصابة بداء القلب. وفي دراسة دامت لخمسة وعشرين سنة وهي دراسة هونولولو-آسيا حول الشيخوخة، اكتشف العلماء أن الرجال ذوي معدلات بروتين C التفاعلي الأكثر ارتفاعا معرضون لخطر الإصابة بالخرف (بما في ذلك داء ألزهايمر) بنسبة ثلاثة أضعاف أكثر من الأشخاص ذوي معدلات بروتين C التفاعلي الأكثر انخفاضا. ومع أن أحدا لا يعرف تماما كيف من الممكن أن يكون داء القلب وداء ألزهايمر مرتبطين، إلا أنه قد يكون هناك ردة فعل التهابية عامة تسبب الدائين. لذا، إن التغيرات ذاتها في أسلوب الحياة التي تساهم في التخفيف من خطر الإصابة بداء القلب، تساهم أيضا في التخفيف من خطر الإصابة بداء ألزهايمر مما يجعل الأمر منطقيا. مثلا، صرح العلماء للمرة الأولى أن الخيارات في أسلوب الحياة – مثل اتباع نظام غذائي قليل الدهون وغني بالفواكه والخضار، تخفيض كمية اللحم الأحمر في النظام الغذائي، ممارسة الرياضة، المحافظة على التوازن في معدل ضغط الدم ووزن الجسم وتشجيع الدماغ على الأمور الفكرية – تملك إمكانية الوقاية من داء ألزهايمر.
تأليف: د. ويليام جويل ميغز