التصنيفات
صحة المخ والجهاز العصبي

الفص الجداري وأهميته في إنجاز حركات موجّهة بصرياً

في موضوع الفص الجبهي وأهميته عند تقدم العمر اقترحت أن تحاول تحريك فأرة حاسوبك جانبياً قبل استخدامها وترى مدى فاعليتك في تحديد نقطة معينة على الشاشة. بالنسبة إلى بعض الناس هذه المهمة صعبة جداً، في حين يستغرق آخرون وقتاً قصيراً لإجراء التعديل.

قد تتساءل لماذا أشير إلى هذا المثال مرة أخرى، والسبب هي أن منطقة الدماغ المسؤولة عن دمج المعلومات البصرية الواردة (حيث نرى المؤشر على الشاشة) لإنتاج حركة تلقائية (تحريكه إلى الموقع المطلوب) هي أساساً الفص الجداري Parietal Lobe. المنطقة/الفص الجداري (انظر الشكل 1.2) هي جزء الدماغ المسؤول أساساً عن دعم حركات موجّهة بصرياً.

الشكل 1.2 فصوص الدماغ والمخيخ الرئيسة. يعرض هذا الشكل مواقع فصوص الدماغ الأربعة الرئيسة والمخيخ المحدّدة تقليدياً كما تُشاهد من الجانب الأيسر للدماغ

كما ترى في الشكل 1.2، الفص الجداري منطقة تبدأ تقريباً من أعلى رأسك قبل أن يصبح شكله دائرياً (كما يؤمل)، ومن هناك يمتد إلى قفا الرأس. هذا الجزء من دماغك منطقة مثيرة جداً للاهتمام؛ لأنها مسؤولة عن إنجاز عدّة مهمات نعدّها مسلّماً بها. مثلاً، تشترك هذه المنطقة في التحكّم بحركات العينين وتوجيهها (مثال: التحديق، متابعة الأشياء)، ومرتبطة مباشرة أيضاً بقدرتنا على إنجاز مدّ اليد، والإشارة بها، واستيعاب نشاطات بنجاح، وفيها تحديث خطط حركية مستمرة.

مثلاً، إذا مددنا يداً نحو كأس على طاولة وبدأت الطاولة تهتز والكأس يتحرّك، سينقل فصنا الجداري (تحديداً القشرة الجدارية الخلفية) هذه المعلومة البصرية لتحديث موقع الكأس وإنشاء خطة حركية لتعديل مد اليد والإمساك بالكأس قبل أن تقع عن الطاولة. من ثم، التنسيق بين العين واليد هي إحدى الميزات الرئيسة لهذه المنطقة الدماغية.
الفص الجداري هو مركزنا لـ الرؤية-من أجل-العمل وأحد الطرق السائدة التي نتفاعل بها مع عالمنا الخارجي. تعدُّ الاستفادة من الرؤية لتوجيه ردود أفعال حركية لكثير من الأفراد فعلاً سلساً لا واعياً، وكل يوم ينجز الفص الجداري أعداداً لا تُحصى من هذه الأفعال التي قد يتصوّر المرء أنها بسيطة جداً. على كل حال، هذه العملية معقّدة جداً وتتطلّب تكامل مقدار كبير من المعلومات تجتمع كلها أساساً في الفص الجداري، من ثمَّ ينبغي تحويل هذه المعلومات وإرسالها إلى منطقتي ما قبل الحركة والحركة لإنتاج استجابة حركية فاعلة وكافية. إذا تعرّضت هذه المنطقة (تحديداً القشرة الجدارية الخلفية) إلى أذى أو ضرر، أظهرت دراسات أن الأفراد سيواجهون صعوبة في تنفيذ حركات بالذراعين موجّهة بصرياً.
من المهم القول إن الفص الجداري لا يعمل منعزلاً لكنه يرسل ويتلقى باستمرار معلومات من كل من المنطقتين الجبهية والصدغية المتوسطة (الجزء المتوسط من دماغك، انظر الشكل 1.2) من الدماغ. في مثال مدّ اليد إلى كأس، لا يتطلّب إمساك الكأس قبل أن تسقط على الأرضية عدّة خطط بصريحركية (بصرية حركية) فقط، إنما قد يعتمد على تجاربنا الشخصية أيضاً، مثل معرفة أن الطاولة ستنقلب إلى اليمين. مع هذه المعرفة التي تقدّمها أجزاء أخرى من الدماغ، نختار وننفذ ما نظن أنها أفضل استجابة.
إحدى الطرق الرئيسة التي اختبر بها الباحثون الفص الجداري هي عبر مهمات بصرية-مكانية نفسية-عصبية، وتتطلّب أسس هذه الأنواع من الإجراءات عادة من الأفراد عرضَ قدراتهم السليمة عبر نسخ تصميمات معقّدة، مثل اختبار الشكل المعقّد من راي أوستريث، أو تحديد المواقع المكانية النسبية بنحو اعتباطي، كما في اختبار بينتون لتوجيه الخطوط. يشير العجز عن إكمال هذين النوعين من الإجراءات أو حتى إنجاز مهمة بسيطة مثل نسخ صورة خُماسي أضلاع متداخلين (يتطلع باحثون إلى الدقة في مثل هذه المهمة البسيطة) إلى أن هناك خطباً ما، وقد تشير عدم قدرة أفراد على إنجاز هذه الأنواع من المهمات للباحث إلى أن جزء الدماغ المسؤول عن هذه العناصر (الذي نعرف الآن أنه الفص الجداري) قد يكون متضرراً.

من المهم أيضاً أن نلاحظ أن هذه الاختبارات مرنة كفاية بحيث ينبغي ألا يقلق المرء من أن رسمه السيئ قد يقود باحثين إلى الظن أن هناك خطباً ما، فهذه الاختبارات مخصصة لاكتشاف حالات خلل حقيقية لا تكون واضحة عادة لباحث مدرّب. ينبغي أن أوضح أيضاً أن كل التقويمات النفسية العصبية مبتكرة لتأخذ بالحسبان اختلافات طبيعية تُلاحظ في السكان عموماً، مثل مستوى التعليم المشترك، أو العمر، أو الجنس، وقد تؤثر كل واحدة من هذه الميزات على طريقة إنجاز الأفراد، ولهذا السبب تكون المقارنات ذات صلة بنسبة مشابهة من السكان. بالرغم من أنني قدّمت بعض الأمثلة على مهمات تُنجز ضمن الفص الجداري، إلا أنني أود أيضاً إلقاء الضوء على بعض أدلّة التصوير الحديثة لأوضّح كيف يشترك هذا الجزء في مهمات يومية.

أبحاث التصوير والفص الجداري

لقد أظهر باحثو التصوير أن الفص الجداري يشترك في إنجاز نشاطات مثل شطر خط (تحديد النقطة الوسيطة في خط)، والحركة البصرية، وإعادة الضبط المكاني (تصحيح الرؤية من أجل القيام بفعل حين التعرّض لتشويش)، والبحث البصري، وحركات اليد الموجهة إلى هدف، بالإضافة إلى نشاطات أخرى كنت قد ذكرتها سابقاً. العبرة من هذا البحث هي أن الجزء الجداري مهم جداً في إكمال حركة موجّهة بصرياً والتحكّم بها، ومن دون قشرة جدارية فاعلة يصبح تنفيذ أفعال يومية مثل الإمساك بكأس الماء تلك صعباً جداً؛ إن لم يكن مستحيلاً. أحد الأسئلة التي تهم الباحثين هي كيف تتغير المنطقة حين نتقدم بالعمر، وهل ينبغي أن تتوقع انخفاضاً حاداً في قدرتك الحركية البصرية؟

الدماغ يتغير حين نتقدّم بالعمر

كما قد ناقشت سابقاً، عندما نتقدّم بالعمر تتغير أدمغتنا، وفي بعض الحالات، تتغيّر كثيراً، في حين إنها في حالات أخرى تتحسّن بمعدّل ثابت. أياً تكن الحال، هذه العملية مستمرة، وهذه التغييرات، طبعاً، غير ملحوظة بسهولة، ونتيجة ذلك قد تتساءل: “هل سيبقى أدائي عند المستوى الذي كنت معتاداً عليه دائماً حين أصبح في سنواتي الأخيرة؟”. يركّز هذا الفصل على الفص الجداري، وسأناقش كيف يؤثر التقدم بالعمر على نشاطات تتطلّب عمل الفص الجداري.
السؤال الرئيس مع الفص الجداري هو هل يؤثر التقدم بالعمر على أدائك الحركي الموجّه بصرياً؟ حسناً، نعم، طبعاً يؤثر عليه، لكن النبأ السار هو أن التغيير ليس كبيراً في معظم الحالات، والمثير جداً للاهتمام هو أننا عندما نتقدم بالعمر تبدأ أدمغتنا العمل بطريقة مختلفة نوعاً ما مما تفعل في عمر أبكر. ما يُرى عادة هو أن الدماغ الأكبر عمراً يستفيد من أجزاء دماغية أخرى لدعم إنجاز مهمة ما، ثم تصبح النشاطات أوسع امتداداً عبر الدماغ، بخلاف الأدمغة الأصغر سناً حيث تتركّز نشاطات وتكون محدودة بأجزاء معينة.

يشير هذا الدليل إلى أن أفراداً أكبر عمراً ينبغي أن يعتمدوا أكثر على الدماغ كله لإنجاز نشاطات كثيرة في كل يوم مثل مدّ اليد والإمساك، التي تعد مهمة بنحو خاص إن كانت الاستجابة المطلوبة استثنائية، لكن ما قد ترغب بمعرفته حقاً هو كيف يؤثر هذا على أدائك. بالنسبة إلى نشاطات مد يد أساسية، أوضحت أبحاث أن الاستجابة قد تصبح أبطأ بمعدّل 0.4 ثانية. على كل حال، إذا مُنح أفراد أكبر سناً وقتاً للممارسة، قد يصبح هذا الفرق صغيراً نسبياً، ويتغير هذا طبعاً إذا مُنح أفراد يافعون وقتاً للممارسة أيضاً، لكن بالرغم من ذلك قد ينجز أفراد أكبر سناً هذا بنحو جيد نسبياً. لذا إن كنت تخطط لتبدأ مهنة على أنك سائق سباقات في الخامسة والستين، قد ترغب في التفكير مجدداً بقرارك؛ لأن نصف ثانية قد تُحدث فرقاً كبيراً، لكن عموماً ينبغي ألا ترى تراجعاً كبيراً في أدائك الحركي نظراً إلى ارتباطه بقدرة الدماغ.
دماغ سليم في أثناء تقدّمنا بالعمر مهم في دعم كل أنواع النشاطات خارج نطاق ما هو محدّد عادة، ومن المهم أن نفهم أن أجزاء أخرى قد تعتمد على الفص الجداري لإنجاز نشاطات مطلوبة. مثلاً، ذاكرتنا العاملة حيوية لتذكّر أشياء مثل الصفحة التي كنا نقرؤها، ورقم هاتف حتى نطلبه، ورسالة حتى نبتعد عن الهاتف، وأشياء مماثلة. بالرغم من أننا نعرف أن جزء الدماغ المسؤول أساساً عن هذا النشاط هو الفص الصدغي، إلا أن باحثين أوضحوا أن هناك اعتماداً كبيراً على الفص الجداري أيضاً.

بالإضافة إلى ما تقدم، تعرض أدلة حديثة، تفحص البنية الفيسيولوجية للنظام العصبـي عبر فحوصات تصوير الدماغ، أن التراجعات المرتبطة بالعمر في المهارة الحركية البصرية (مثال: طلب رقم هاتفي) والبنية البصرية المكانية (مثال: تركيب أحجية) قد تحدث نتيجة انخفاض في السلامة البنيوية في الحزيمات الطولية السفلية (بنية تربط الفص الجداري بالفصين الجبهي والصدغي). نظراً إلى معرفتنا أن هذه الأجزاء قد تضعف مع التقدم بالعمر، أو التعرض لإصابة، أو المرض، قد يكون تنشيط هذه البنية الرابطة الرد المعاكس فتقوّي تلك الصلات، ما يساعد في تحسين صحة الدماغ عموماً. لهذا السبب، قد يتسم تدريب الفص الجداري بأهمية كبيرة.

تدريب الفص الجداري

كما قد أوضحت آنفاً، يشترك الفص الجداري بفاعلية في أفعال حركية يومية موجّهة بصرياً، ويضم هذا الجزء مناطق تتخصّص في التأشير، والإمساك، وملاحقة أشياء، وتحديث حركاتنا المتواصلة، واستكشاف عالمنا الخارجي، وحسابات أساسية بشأن التفاعل بنجاح مع مواد تُقدّم إلينا. لأننا نؤدي هذه الأفعال بنحو متواصل، قد يفكّر المرء: “لماذا ينبغي أن أدرّب هذه المنطقة، فهي تعمل دائماً؟”، وهذه نقطة مهمة جداً.

على كل حال، بالرغم من أن المرء قد يكون محقاً في افتراض أن هذه المنطقة تعمل دائماً، إلا أن هذه النشاطات تصبح متخصصة جداً ويعتاد دماغنا تماماً على إنجازها ولا يستهلك إلا قليلاً من الطاقة في أثناء ذلك، ما ينتج عنه انخفاض نشاط الدماغ. هذا عادة شيء جيد جداً؛ لأن قليلاً من الموارد تُستنفد للتفاعل مع عالمنا فيمكننا أن نركّز اهتمامنا ومواردنا على أشياء أكثر أهمية.

إذا كنا بحاجة إلى التركيز باستمرار على طريقة تحرّكنا، فسنُصاب بإحباط شديد ولن ننجز أشياء كثيرة في أثناء اليوم، والقصد هنا هو أن الأفعال التي نؤديها لا تتحدّى هذا الجزء يومياً، وبطريقة ما قد تصبح المنطقة خاملة. فيما يخص بعضهم، قد يصبح هذا واضحاً، مثلاً، حين نجرّب نشاطاً جديداً يتطلّب تناسق عين-يد ناجح، وربما يستغرق إتقان مثل هذا النشاط بعض الوقت. هذا مثال جيد عن طريقة عمل هذا الجزء، ويعدُّ مثال تحريك فأرة حاسوبك جانبياً أيضاً عرضاً رائعاً لعمل هذه المنطقة، ويستغرق فهم إلى أين وكيف تحرّك فأرتك وقتاً، وهذه الأنواع من النشاطات طرق ممتازة لتدريب هذه المنطقة. مع الاحتفاظ بهذا في الذهن أقدّم أدناه بعض أمثلة النشاطات التي ستحفّز وتنشّط الفص الجداري ويمكن أن تساعد كما أظن في الحفاظ على دماغ سليم عموماً.

نشاطات الفص الجداري

في الأسفل أقدّم مجدداً ثلاث نشاطات مقترحة يمكن للمرء القيام بها للحفاظ على الفص الجداري متحفّزاً وفاعلاً. يستخدم النشاط الأول تَنغرام؛ ألغاز جاءت من الصين وظهرت في الأمريكيتين مع بداية القرن السابع عشر. ما أحبّه في هذه الألغاز هو أنها تتطلّب من المستخدم أن يفهم وينظّم مكانياً موقع القطع بطريقة محدّدة ليحقق النجاح. من ثم، يُتوقع اشتراك فاعل من الفص الجداري، في كل من التحريك المستمر للقطع إضافة إلى محاولة استيعاب أفضل طريقة لجمعها معاً. النشاط الثاني هو بناء أحجية ثلاثية الأبعاد، ومجدداً يتطلّب هذا النوع من النشاط فهماً مكانياً عاماً وتحريكاً مستمراً للقطع، التي ستساعد أيضاً في إتقان مهارات حركية.
النشاط الأخير يتعلّق بالبحث، وهو بدني ويحرّك المستخدم بعيداً عن الطاولة. من المهم التوضيح أن بعض الباحثين اقترحوا أن نشاطات على الطاولة (مثل مهمات ورقة وقلم رصاص) قد تكون مستقلة عن قدرة البحث العادية، مثل إيجاد طريقك في شوارع أو دروب. من ثم، قد يكون أداء أفراد مُرضياً وفقاً لهذه المقاييس، ما يجعل تقويم القدرة الحقيقية صعب التخمين. في الواقع، لقد أظهر باحثون أن بعض الأفراد قد يختبرون هذا الخلل المحدّد وحده. من ثم، من المهم أن نتذكر أنك إذا رأيت دليلاً لتدريب دماغ أو حزمةً (مثلاً: برنامج حاسوبـي أو كتاب أنشطة) في السوق يقترح أن هذه القدرة قابلة للشفاء باستخدام نشاطات ورق وقلم رصاص فقط، فاعرف أن هذا قد لا يكون صحيحاً، ومع إبقاء هذا في الذهن فقد اقترحتُ في الواقع تنفيذ مهمة تدريب إيجاد-السبيل (بحث) بالاستفادة من بيئة قد تواجهها كل يوم (وبيئة جديدة إن كان ممكناً).
أخيراً، أودُّ التوضيح أن هذه مجدداً مجرد أمثلة مصممة للتركيز على تحفيز الفص الجداري. هناك، طبعاً، عدد من النشاطات التي يستطيع المرء تنفيذها للمساعدة في الحفاظ على هذا الجزء نشطاً ومتحفّزاً. أودُّ أن أقترح نشاطاً آخر ليس وارداً أدناه، وهو لعبة باك-مان. أحبُّ حقاً باك-مان على أنها أداة تدريب؛ لأن عناصر اللعبة تتطلّب من الأفراد تحديد مواقع مستهدفة، وملاحقة أشياء متحرّكة، والبحث في سلسلة من البيئات الافتراضية المتغيرة دائماً، والاشتراك في مناورات تضليل. ينبغي أن تبدو هذه مألوفة جداً؛ لأنها تتطلّب اشتراكاً نشيطاً للفص الجداري فيها.

بالإضافة إلى ما تقدم، عندما يصبح المرء أفضل فيها، تزداد صعوبة اللعبة (أي: أطياف أسرع، ألواح لعب جديدة)، ما يعد رائعاً لابتكار نشاط مستمر صعب للمستخدم. توجد عدّة طرق للحصول على اللعبة، إحداها انتقاء جهاز لعب يمكن العثور عليه في متاجر إلكترونية أو محال ألعاب متخصصة (ربما حتى في أسواق كبيرة). تضم هذه الأجهزة عصا توجيه وكبلان يمكن وصلهما مباشرة بتلفازك، ولا حاجة إلى أي شيء آخر، أي إنها لا تتطلّب أي إعداد خاص، ويمكنك وصلها مباشرة بأي تلفاز (الكلفة التقريبية من عشرين دولاراً إلى تسعين). الطريقة الأخرى هي اللعب عبر الإنترنت، وهناك عدّة مواقع مجانية تسمح لك باللعب إلكترونياً باستخدام حاسوبك الخاص، لذا، نعم، صدّق أو لا، أنا أقترح أن تمارس بعض ألعاب الفيديو كل أسبوع. بعد بعض الوقت، قد ترغب حتى في تحدّي أبنائك، أو أحفادك، أو أصدقائك، أو شخص آخر في اللعبة.

النشاط الأول – تَنغرام

تتكوّن أحجية تنغرام من سبعة أشكال: مثلثان صغيران، ومثلثان كبيران، ومثلث متوسط الحجم، ومتوازي أضلاع، ومربّع. قدّمتُ مجموعة قطع صغيرة حتى تستطيع تجريب هذه المهمة وحدك وتشعر بتحريك القطع (انظر الملحق). ينبغي أن تدرك أن هناك عدداً من المواقع الإلكترونية المجانية التي يمكن أن تتعلّم منها صنع قطع كبيرة بمفردك (إحدى الاقتراحات الجيدة هي صنع أحجية من قطع الإسفنج، وابتكار أحجية ثلاثية الأبعاد)، وهناك أيضاً عدد من مواقع الإنترنت حيث يمكنك تجريب هذا النشاط إلكترونياً. قواعد تنغرام بسيطة جداً: ينبغي وضع القطع بنحو منبسط، ويجب استخدام القطع السبع كلها، وألا تتداخل فيما بينها، وأن تمس كل القطع بعضها بعضاً (لكن لا يجرِ التقيد بهذه القواعد التقليدية دائماً). تستطيع كل القطع السبع تكوين أشكال أساسية (انظر أدناه)، وهذه الأشكال نقطة بداية جيدة. لقد قدّمت أيضاً بعض الأشكال الإضافية في الملحق على أمل أن ترى هذا النشاط ممتعاً وتتعرّف على اللوحات العديدة التي يستطيع المرء صنعها.
تعليمات النشاط الأول: راجع قواعد تنغرام كما أوضحتها آنفاً قبل أن تبدأ، ثمَّ ضع القطع السبع بالترتيب نفسه في كل مرة قبل أن تبدأ. شغّل مُؤقّتاً أو ساعة توقيت، وحاول إنهاء الشكل رقم واحد في أسرع وقت ممكن، وسجّل وقتك، ثمَّ انتقل إلى الشكل الثاني. جرّب هذا مرتين على التوالي، وتابع العمل على هذه الأشكال الرئيسة حتى ترى تحسّناً جيداً في وقتك، ثمَّ غيّر إلى أربعة أشكال أساسية أخرى أو أضف بعضاً من أحاجي الصور. عندما ترى تحسّناً ملحوظاً في مجموعتك التالية، غيّرها مرة أخرى.

الشكل 1.3 لغز تنغرام

 

النشاط الثاني – أحاجي ثلاثية الأبعاد

هناك عدّة خيارات لهذه المهمة، وسأقترح ثلاث طرق لتنفيذها، لكن يوجد طبعاً عدد من الطرق الأخرى التي يمكن أن تنفّذ بها هذا النوع من النشاط. اقتراحي هو شراء إما مجموعة من مكعّبات البناء الصغيرة التي يمكن بواسطتها صنع عدد من التصميمات أو الأشياء البسيطة المختلفة (ينبغي أن تأتي مع تعليمات) أو مجموعة أدوات خشبية ثلاثية الأبعاد بسيطة (مثال: حيوانات) من متجر حرفي محلي، التي يمكن أيضاً طلاؤها أو تزيينها، والخيار الثالث هو شراء أدوات ثلاثية الأبعاد تكون مصنوعة من إسفنج. سيكون مطلوباً منك تشييد أبنية شهيرة من أرجاء العالم (مثلاً: برج إيفل أو برج سي-أن).
تعليمات النشاط الثاني: إذا اشتريت الأشكال الخشبية الصغيرة، استخدمها في مهمة مؤقتة زمنياً. مثلاً، إذا كانت هذه حيوانات، استخدم ثلاثة منها في كل يوم وسجّل توقيت جمعها معاً، وإذا حصلت على مجموعة أساسية من مكعّبات البناء الصغيرة، فاستفد من التعليمات لصنع شيء وسجّل توقيت سرعة تجميعك إياها، وسيكون تصميمان أو ثلاثة كافيين. تحقق من تقدّمك في نهاية الأسبوع، وإذا كنت تتحسّن، فغيّر الشيء الذي تجمعه. فيما يتعلق بالخيار الثالث، يمكن أن تكون البنى ثلاثية الأبعاد نشاطاً مستمراً، ومع هذه الأنواع من الأحاجي تقضي ببساطة بعض الوقت كل يوم (مثلاً: خمس عشرة دقيقة أو عشرين) لتعمل عليها.

النشاط الثالث – مهمة البحث

هذا النشاط عذر رائع لك للخروج والقيام ببعض التسوّق أو اكتشاف درب محلي. إذا كانت حركتك محدودة، أو تحتاج إلى استراحة، هناك عدّة بدائل لهذه المهمة سأوضّحها أدناه، مثل تعداد أشكال أو العثور على مخرج في متاهة، وقد قدّمت مثالين في الأسفل. لاحظ أن بمقدورك العثور على ألعاب مثل هذه على الإنترنت مجاناً أو في مكتبتك المحلية، وهذه بدائل جيدة لمهمة البحث.

الشكل 2.3 مهمة البحث

 

تعليمات النشاط البديل: بالنسبة إلى الصورة الأولى، رتّب المربعات في ثلاثة أحجام؛ صغيرة ومتوسطة وكبيرة، ثمَّ أنجز مجموعاً إجمالياً لكل المربعات ومجموعاً فرعياً للأحجام الثلاثة. الشكل الثاني مهمة بحث في متاهة، وتبدأ عند طرف وتسلك طريقك إلى المخرج، واقترح أن تسجّل توقيتك وتعداد المنعطفات الخاطئة التي تسلكها. يمكنك التبديل بين مجموعة من عشرين متاهة (انسخها)، وتوثّق من تنظيمها حتى تعرف أداءك في كل مرة تُنهي فيها إحدى المتاهات، وأيضاً سيضمن التبديل بينها أن تكون المهمة متنوّعة وصعبة.

تعليمات النشاط الثالث: إذا كان ممكناً، اعثر على درب خارجي إلى مركز تسوّق، أو جامعة، أو معرض محلي (البقاء داخل الأبنية رائع في الشتاء) يتميز بكثرة المنعطفات والسُبل المختلفة، أو مكانٍ مشابه. اذهب مع صديق، أو أحد أفراد الأسرة، أو شخص آخر، واحصل على خريطة للمكان، ثمَّ اجعل صديقك يختار مكاناً على الخريطة وسجّل توقيت وصولكما إلى هناك (سجّل أيضاً عدد الانعطافات الخاطئة التي قمت بها حتى تستطيع إجراء مقارنة في المرة التالية التي تذهب فيها إلى ذلك الموقع). في كل أسبوع غيّر الموقع على الخريطة، لكن اجعل صديقك يحتفظ بسجل عن الأماكن التي زرتماها، وبعد الذهاب إلى خمسة مواقع مختلفة، ابدأ بالأول مجدداً وقارن أداءك بالمرة الأخيرة. يمكن أن تتبادل وصديقك الأدوار وتختبران بعضكما بعضاً، ما قد يكوّن منافسة مفيدة.