متى يجب الفطام؟
تحرص بعض الأمهات على فطام أبنائهن من الزجاجة واستبدال الكوب بها بعد بلوغ العام الأول، بيد أن هناك من ترى أنه يجب أن يستمر جميع الصغار في الرضاعة من الزجاجة حتى العامين. ويعتمد القرار في ذلك جزئيا على رغبات الآباء وجزئيا على استعداد الطفل نفسه.
فكثيرا ما يبدي الرضع اهتماما أقل بالرضاعة بعد بلوغ خمسة أو ستة أشهر. وبدلا من الرضاعة بحماس لمدة عشرين دقيقة، كما اعتادوا، يبدءون في التوقف بعد خمس دقائق للعب مع الآباء أو اللعب بالزجاجة أو بأيديهم، وتلك هي العلامات الأولى التي يبديها الطفل استعدادا للفطام. وعلى الرغم من أن هؤلاء الرضع يستمرون في عدم اهتمامهم بالزجاجة بعد بلوغ ثمانية أشهر أو عشرة أشهر أو اثني عشر شهرا، فإنهم يقبلونها في معظم الحالات ما دامت تعرض عليهم، بالإضافة إلى أنهم يحبون الحصول على رضعتهم باستخدام الكوب، ولسوف يستمرون في فعل ذلك ما إن يتوقف عرض الزجاجة عليهم.
يتمثل السبب الرئيسي في فطام الأبناء من الزجاجة بعد إتمامهم العام الأول في أن هذا هو العمر الذي سيقبلون فيه التغيير بسهولة أكبر. ففي هذه المرحلة العمرية يستطيع معظم الرضع الإمساك بالزجاجة في وقت الإرضاع، ومن الأفضل أن يتم السماح لهم بتولي المسئولية عن إطعام أنفسهم، ويمكنك مساعدة وليدك في أن يضحي أكبر وأكثر رشدا عن طريق دفعه إلى البدء في استخدام الكوب.
علاوة على ذلك، يمنع الفطام بعد بلوغ العام الأول الإصابة ببعض المشكلات، فالأطفال الذين يرتشفون اللبن أو الرضعة مرارا وتكرارا على مدار اليوم يكونون عرضة للإصابة بنخر الأسنان؛ لأن السائل السكري يغطي الأسنان ويعزز نمو البكتيريا، بالإضافة إلى أن الأطفال الذين يرتشفون اللبن بصورة متكررة قد لا يأكلون جيدا؛ لأن قطرات اللبن المستمرة تضعف شهيتهم نحو الطعام، ومن الطبيعي أن يتأثر نموهم بذلك، أو قد يزدادون وزنا على الجانب الآخر.
الارتشاف من الكوب بعد بلوغ خمسة أشهر
من الأفكار المفيدة أن يتم البدء في تقديم رشفات من الرضعة الصناعية إلى الابن أو الابنة باستخدام الكوب كل يوم، عندما يبلغون من العمر خمسة أشهر. إنك لا تحاولين بذلك فطامهم من الزجاجة واستبدال الكوب بها على الفور؛ بل تريدين فقط أن يعتادوا على فكرة حصولهم على الرضعة من الكوب أيضا، في مرحلة عمرية ليسوا فيها صعاب المراس، فما عليك سوى أن تصبي نصف أوقية من الرضعة في كوب صغير مرة واحدة في اليوم، فلن يريد وليدك أكثر من رشفة في كل مرة، ولن يرتشف في البداية قدرا كبيرا، رغم أنه قد يظن أن الأمر ممتع على الأرجح. وما إن يشعر طفلك بالارتياح تجاه الحصول على الرضعة باستخدام الكوب، عليك أن تقدمي له الماء والعصير المخفف بالماء في الكوب بالمثل. وبهذه الطريقة سوف يتعلم أن جميع السوائل يمكن احتساؤها باستخدام الكوب.
مساعدة الطفل في الاعتياد على الكوب
ما إن يبدأ الطفل في استخدام الكوب، يجب أن يتم تقديمه كأمر واقع مرة أو مرتين أثناء تناول الوجبات الصلبة، عن طريق وضعه على شفتيه ليرتشف منه. ومن الضروري أن تجعلي الكوب على مرأى من الطفل حتى يمكنه الإشارة إليه في حالة رغبته في الحصول على المزيد (وإن كنت تعطينه الزجاجة في العادة في نهاية وجبته، فعليك إبعاد الكوب عن مجال رؤيته حتى نهاية وجبته)، كما أن الطفل سيكون مهتما بأي شيء تشربينه؛ ولذا يمكنك تقريب الكوب الذي تشربين منه إلى شفتيه، مع السماح له بتذوقه إن كانت المحتويات مناسبة له.
ويمكنك أيضا السماح له بتجربة مهاراته الخاصة. افترضي أنه يبلغ من العمر ستة أشهر ويريد الإمساك بكل شيء ووضعه في فمه. في تلك الحالة، أعطيه كوبا بلاستيكيا صغيرا، وضيق الحافة، بحيث يمكنه الإمساك به بنفسه، أو يمكنك إعطاؤه الكوب المخصص للأطفال ذا المقبضين. وعندما يستطيع الطفل الإمساك بالكوب جيدا، فإنه من الملائم أن تضعي له فيه بضع قطرات من الرضعة، على أن تزيدي الكمية كلما ازداد مهارة. أما إن رفض أو فقد الاهتمام بأن يجرب الارتشاف من الكوب بنفسه، فلا تحثيه على فعل ذلك؛ بل تغاضي عن الأمر لوجبة أو اثنتين، ثم اعرضي عليه الكوب تارة أخرى، وتذكري أن الطفل في الشهور الأولى للاحتساء من الكوب لا يريد على الأرجح سوى ابتلاع رشفة واحدة في كل مرة، فكثير من الأطفال لا يتعلمون تجرع رشفات كثيرة على التوالي إلى أن يضحي عمرهم عاما أو عاما ونصف العام. ومن الأفكار المفيدة أن يتم التدريب على ذلك في حوض الاستحمام.
الفطام تدريجيا
هوني على نفسك عندما تريدين فطام صغيرك، ولا تفعلي شيئا سوى اتباع رغباته. فربما يكون مثلا في قرابة التسعة أشهر، وأصبح يشعر بالملل قليلا أثناء رضاعته من الزجاجة، مفضلا عليها الحصول على الرضعة باستخدام الكوب. فهنا، يحين وقت زيادة الكمية المقدمة من الرضعة في الكوب تدريجيا، على أن تعطيه الكوب في كل وجبة؛ إذ سيقلل ذلك من استهلاكه للزجاجة تدريجيا. وبعد ذلك، يمكنك الاستغناء عن الزجاجة أثناء الوجبة التي لا يهتم صغيرك بالحصول عليها خلالها، ربما وجبة الغداء أو الإفطار. وفي خلال أسبوع، استغني عن الزجاجة التي تقدمينها له في الوجبة الثانية، ثم زجاجة الوجبة الثالثة. وعلى الرغم من أن معظم الرضع يحبون الحصول على رضعتهم من الزجاجة في وجبة العشاء أكثر من غيرها، ويتباطئون كثيرا في الاستغناء عنها، فإن هناك منهم من يشعر بالشيء نفسه تجاه زجاجة وجبة الإفطار، فالاستعداد للفطام لا يتزايد دائما بصورة ثابتة. كما تتسبب المعاناة من التسنين أو أثناء الإصابة بنزلة برد في زيادة رغبة الأطفال في الحصول على الزجاجة في هذا الوقت. وعلى أية حال، يجب اتباع احتياجات وليدك، فالأسلوب الذي جعله يبدأ في الاستغناء عن الزجاجة من قبل سوف ينجح من جديد عندما يشعر بالتحسن.
وهناك أكواب مخصصة لفترة الفطام ذات غطاء مزود بفوهة مسطحة (يمكنهم ارتشاف السوائل من خلالها)، ومهمة الغطاء فيها هي الحفاظ على اللبن من الانسكاب، أما الفوهة فيشرب منها الطفل مباشرة. وتفضل بعض الأمهات هذه الأكواب لأنها تمنع انسكاب السوائل أثناء الشهور القليلة الأولى من بدء الشرب باستخدام الكوب. على الجانب الآخر، تعترض أخريات بسبب احتمالية رفض الطفل في البداية للانتقال من استخدام الزجاجة إلى كوب الفطام، فيعترض بعدها لدى الانتقال من كوب الفطام إلى الكوب الزجاجي الذي لا يشتمل على فوهة. والجدير بالذكر أن هناك أكواب فطام ذات مقبضين، تسهل على الطفل حملها، وثمة أيضا أكواب ذات قاعدة إضافية.
مقاومة الفطام
إن الأطفال الذين يقاومون الاستغناء عن الزجاجة في الشهر التاسع وحتى الشهر الثاني عشر قد يأخذون رشفة واحدة من الكوب ويزيحونه بعيدا بنفاد صبر، أو ربما يتظاهرون بأنهم لا يعرفون الغرض من الكوب؛ فيدعون الرضعة تتسرب من على جانبي أفواههم ويبتسمون ببراءة. وعلى الرغم من أنهم يتحسنون قليلا في الشهر الثاني عشر، فعلى الأرجح أنهم سيظلون يتعاملون مع الكوب بتشكك حتى الشهر الخامس عشر أو أكثر من ذلك. وللتعامل مع هؤلاء، يمكنك وضع أوقية واحدة (28 جراما) من الرضعة في كوب بلاستيكي صغير يمكنهم حمله، ووضع الكوب نفسه على الصينية كل يوم، على أمل أن يشربوا من تلقاء أنفسهم. وإن كان كل ما يأخذونه هو رشفة واحدة، فلا تحاولي أبدا الضغط عليهم ليأخذوا رشفة أخرى. فقط تتصرفين وكأن الأمر لا يهمك البتة.
وعندما يبدأ طفل متشكك الحصول على قدر ضئيل من الرضعة باستخدام الكوب، يجب أن تتحلي بالصبر لفترة أخرى، لأن الأمر سوف يستغرق عدة أشهر أخرى على الأرجح حتى يصبح مستعدا للاستغناء عن الزجاجة تماما. وينطبق ذلك بصفة خاصة على زجاجة العشاء أو الزجاجة التي يأخذها وقت النوم.
كما أن الأطفال فيما بين العامين الأول والثاني، المتشككين من الكوب القديم الذي طالما قدم إليهم، ربما يسعدون بالحصول على كوب جديد بشكل أو لون مختلف. والجدير بالذكر أن تقديم اللبن باردا إليهم يجعلهم يغيرون رأيهم في بعض الأحيان. ولقد اكتشفت بعض الأمهات أن إضافة القليل من الحبوب إلى كوب اللبن تجعل مذاقه مختلفا على نحو يكفل دفعهم إلى تقبله. وتدريجيا، يمكن عدم إضافة الحبوب لاحقا بعد عدة أسابيع.
تجنب مشكلات الفطام
كثيرا ما تظهر المشكلات المتعلقة بالفطام لأن الصغار قد ارتبطوا عاطفيا بالزجاجة. فإن اعتاد طفلك على اصطحاب الزجاجة معه في وقت النوم، تصبح الزجاجة مصدرا ليس للتغذية فحسب، وإنما للارتياح النفسي. ولكن الأطفال الذين ما زالوا يأخذون زجاجتهم في أحضان أمهاتهم في الشهر الخامس أو السادس أو السابع لا يرتبطون بالزجاجة على هذا النحو؛ لأن أمهم الحقيقية بجانبهم باستمرار؛ ولذا، لتجنب اعتماد طفلك بصورة دائمة على الزجاجة- وهو ما يؤخر الفطام النهائي حتى الشهر الثامن عشر إلى الشهر الرابع والعشرين- ينبغي أن تعطيه الزجاجة أثناء حمله، ولا تدعيه يأخذ الزجاجة معه إلى الفراش وقت النوم.
أما في حالة إن كان طفلك قد ارتبط بالفعل بالزجاجة في وقت النوم، فمن المهم أن تغيري محتويات الزجاجة من الرضعة إلى الماء، بعد إتمام قرابة الستة أشهر (أو عندما تبدأ سنته الأولى في الظهور). وبهذه الطريقة، لن تمثل فوهة الزجاجة هذه المشكلة. وإن أجريت هذا التغيير بصورة تدريجية، مع تخفيف زجاجة وقت النوم بالماء تدريجيا بالمثل، فسوف تكونين قادرة على جعل طفلك يتقبل الماء فقط في الليل دون أن يحدث جلبة كبيرة. وربما عندما يحدث ذلك، سوف يكون من الأسهل على طفلك الاستغناء عن الزجاجة وقت النوم إلى الأبد.
قلق الآباء من عملية الفطام
أحيانا ما يكون الآباء هم القلقين من عملية الفطام. وفي بعض الأحيان يظل الطفل يحصل على رضعته من الزجاجة لأن أبويه يقلقان بشأن نقص الكمية التي يحصل عليها باستخدام الكوب عما اعتاد الحصول عليه باستخدام الزجاجة. وبخصوص ذلك، دعونا نوضح أن الطفل من الشهر التاسع إلى الشهر الثاني عشر يشرب قرابة ست أوقيات (170 جراما) باستخدام الكوب على وجبة الإفطار، وست على وجبة الغداء، وأربع (115 جراما تقريبا) على وجبة العشاء، وأنه لا يكون متحمسا بصورة خاصة للزجاجة، وإنما إن أعطته أمه إياها في نهاية الوجبة، فسوف يكون مستعدا للحصول على المزيد من الأوقيات القليلة. واعلمي أيضا أن الطفل الذي يتراوح عمره بين الشهر التاسع والشهر الثاني عشر، والذي يحصل على مقدار كبير من الرضعة يوميا باستخدام الكوب – يصل إلى ست عشرة أوقية (450 جراما) – ولا يتصرف وكأنه يفتقد إلى الزجاجة، فإنه يمكنه الاستغناء عن الزجاجة تماما؛ إن أراد أبواه.
وثمة مشكلة أخرى يمكن أن يواجهها الآباء الذين يستخدمون الزجاجة كسكاتة للأطفال خلال العام الثاني، فكلما بكى الطفل في خلال النهار أو حتى استيقظ ليلا، تحضر الأم أو الأب – بطيبة قلبهما – زجاجة أخرى له. وبذلك، قد يحصل الطفل على عدد كبير من الزجاجات يصل إلى ثمان في خلال أربع وعشرين ساعة، وهو ما يعادل إجمالي نصف جالون من الرضعة. وبطبيعة الحال، يعمل ذلك على انسداد شهية الطفل أثناء الوجبات؛ ولذا، من وجهة نظر متعلقة بالتغذية، من المهم ألا يحصل الأطفال على ما يزيد على ربع جالون (أي اثنتين وثلاثين أوقية؛ أي ما يقرب من 910 جرامات) من الرضعة أو اللبن يوميا.
وفي النهاية، إذا ما قررت أنك في حاجة إلى دفع طفلك إلى الاستغناء عن الزجاجة- نظرا لاعتماده الشديد عليها أو لأنها تؤثر بالسلب على صحته – فعليك إجراء التغيير على الفور. وتوقعي أن يشعر ابنك بالضيق أو الغضب أو الحزن لفترة، لكنني لا أظن أن ثمة داعيا للقلق بشأن استمرار الضرر النفسي الذي يتعرض له؛ فالأطفال أقوى من أن يتعرضوا لذلك!