التصنيفات
القلب | جهاز الدوران | أمراض الدم

القسطرة وتصوير الاوعية الدموية – فحوصات تشخيص مرض القلب – الجزء4

يمكن أن تساعد القسطرة القلبية Cardiac Catheterization على تقييم عمل العضلة القلبية والصمامات القلبية الأربعة، كما تعطي معلومات حول حالة شرايينك الإكليلية؛ ومع أن الاختبارات الأخرى تعطي معلومات قيمة عن قلبك، غير أن القسطرة القلبية هي الاختبار الوحيد الذي يستطيع تقديم «خريطة طريق Road Map» للشرايين التي تقوم بتزويد العضل القلبي بالدم الغني بالأكسجين.

فهم القسطرة والتصوير الوعائي

تشير القسطرة إلى أي إجراء يدخل فيه قثطار (أنبوب مرن طويل ودقيق) ضمن جسمك؛ ففي المشاكل القلبية الوعائية، تدخل القثاطير في الأوعية الدموية أو القلب، ونقوم أحيانا بما يدعى «التصوير الوعائي Angiography»، وهو يعني قثطرة القلب والأوعية الدموية.

يشير التصوير الوعائي من الناحية التقنية إلى حقن مادة ظليلة (تباينية) [صبغة] في الوعاء الدموي من خلال قثطار لتعزيز ظهور الوعاء على فيلم الأشعة السينية؛ وعندما تحقن الصبغة في الشريان، تدعى صورة الأشعة السينية باسم الصورة الشريانية.Arteriogram أما عندما تحقن في الوريد فتدعى الصورة الوريدية Venogram

لكن القثاطير تستعمل لأكثر من التصوير الوعائي فقط، فبعضها يحتوي في نهايته على أجهزة دقيقة (حساسة) قادرة على قياس الأكسجين في دمك، كما تستطيع قياس الضغط والجريان الدموي ضمن أوعيتك الدموية وقلبك؛ وتستعمل بعض القثاطير للحصول على عينة من النسـيج القلبي (خزعة)؛ كما يمكن أن تسـتعمل القثاطير لمعالجة داء الشرايين الإكليلية أو الأمراض الصمامية.

مع أن الطرق الأخرى، مثل التصوير القلبي وتخطيط صدى القلب، تستطيع تقديم كنز من المعلومات بشكل غير باضع، لكن بعض المشاكل لا يمكن اكتشافها إلا بطرائق القسطرة؛ ففي بعض الحالات، يلجأ إلى القسطرة لإثبات أو إضافة تفاصيل عن مشاكل محددة باختبارات أقل بضعا؛ لكن، بما أن القسطرة تقوم على وضع أنبوب في وعاء دموي أو في جزء آخر من جسمك، لذلك تعد إجراء باضعا، وتنطوي على درجة من الخطر.

يعني مصطلح «القسطرة القلبية» ببساطة إدخال أنبوب (قثطار) إلى قلبك. ويمكن وضع القثاطير في الجهة اليسرى من القلب أو في الجهة اليمنى أو في كلتيهما. ويمكن الحصول على أنواع مختلفة من المعلومات عندما يوضع القثطار في الجهة اليسرى مقابل الجهة اليمنى أو عند وضعه في كلتا الجهتين في وقت واحد.

تجرى قثطرة الجهة اليسرى من القلب عادة لقياس الضغط داخل البطين الأيسر. وقد تكون هذه المعلومات هامة جدا في تقييم شدة بعض أمراض الصمامات القلبية أو في أمراض العضل القلبي، مثل قصور القلب الاحتقاني واعتلال العضلة القلبية.

تجرى قثطرة الجهة اليمنى من القلب عادة لتقييم الضغوط والجريان الدموي عبر (حجرتي) الجهة اليمنى من القلب والرئتين؛ وقد يعطي ذلك معلومات قيمة في معالجة المصابين ببعض أنواع القصور القلبي وأولئك الذين حدث لديهم نوبات قلبية شديدة؛ ويضمن استعمال القثاطير المعدلة والمزودة بأجهزة حساسة إلكترونية دقيقة مبيتة التمكن من معرفة كمية الدم التي يضخها القلب وكيفية تأثير بعض الأدوية في وظيفة القلب والدوران في مناطق الجسم البعيدة عن القلب. ويترك هذا النمط من القثاطير أحيانا في مكانه عدة أيام عندما تخضع للمعالجة في وحدة العناية المركزة.

ماذا تبدي القسطرة؟

هناك عدة أنماط من القسطرة. كل نمط يستعمل للحصول على معلومات معينة؛ وتشتمل أنماط القسطرة على:

•    تصوير الأوعية الإكليلية.
•    تصوير البطين الأيسر.
•    تصوير الأوعية الدموية المحيطية.
•    القسطرة القلبية بحثا عن العيوب الخلقية أو الولادية.
•    تصوير الأوعية الرئوية.
•    الخزعة.

تصوير الأوعية الإكليلية

هذا الإجراء هو أحد التطبيقات الرئيسية للقثطرة. فهو يقوم على حقن عامل تباين سائلي في الشرايين الإكليلية من خلال قثطار؛ وعندما يملأ عامل التباين شرايينك، تصبح هذه الأوعية مرئية على صورة الأشعة السينية المتحركة وعلى شريط الفيديو.

وفي الواقع، لا تكون تلك الصورة هي الصورة الحقيقية للشريان الإكليلي، لكنها هي صورة المادة الظليلة (عامل التباين) في الجزء الأجوف (اللمعة) من الشريان؛ وعندما يكون هناك انسدادات جزئية أو تامة في الشرايين الإكليلية بسبب لويحات تصلبية عصيدية أو جلطات دموية، فإنها تبدو بشكل عدم انتظام أو مواضع لا تمتلئ بالمادة الظليلة على الصورة الشعاعية.

تصوير البطين الأيسر

في الوقت نفسه الذي تخضع فيه لتصوير الأوعية الإكليلية، غالبا ما يحقن في البطين الأيسر لديك عامل تباين. ويبدي هذا الإجراء – الذي يدعى تصوير البطين الأيسر – كفاءة البطين الأيسر في الضخ، كما يظهر شكله وبناه الحشوية وما إذا ما كان هناك أي تسرب خلفي (قلس) عبر الصمام التاجي. فإذا وجد تسرب، يمكن مشاهدة المادة الظليلة (التباينية) وهي تتسرب عائدة نحو الأذين الأيسر.

تصوير الأوعية الدموية المحيطية

يمكن اللجوء إلى طرائق التصوير الوعائي لرؤية الأوعية الدموية في مختلف أجزاء جسمك، حتى تلك التي في الدماغ؛ كما يمكن استعمالها لتصوير الأوعية الدموية في ذراعيك وساقيك (يدعى ذلك تصوير الشرايين) والأبهر وفروعه الرئيسية (تصوير الأبهر) وبعض الأوعية الدموية الخاصة بأعضاء معينة؛ ويجرى تصوير الأوعية الدماغية من قبل اختصاصيين في الأشعة العصبية؛ ويستدعي الاختصاصيون أطباء الأشعة الوعائية لإجراء التصوير الوعائي في الكثير من المناطق الأخرى.

القسطرة القلبية في العيوب الخلقية

تشتمل التطبيقات الأخرى للقثطرة القلبية على تفحص التشوهات الخلقية للقلب. ويمكن استعمالها لتقييم درجة التحويلة الدموية Shunting of the Blood عبر عيب حاجزي (ثقبة في قلبك) أو عبر توصيلات شاذة للشرايين. ويجري ذلك بقياس الأكسجين في الدم الموجود في قلبك.

يعد قياس الأكسجين طريقة مفيدة لتقييم تحويل الدم من الجهة اليسرى للقلب (حيث يكون الدم غنيا بالأكسجين لأنه عائد لتوه من الرئتين) إلى الجهة اليمنى من القلب؛ فإذا كانت كمية الأكسجين في البطين الأيمن أعلى من كمية الأكسجين في الأذين الأيمن، ينبغي أن يكون الدم قد عبر من البطين الأيسر إلى البطين الأيمن من خلال ثقب في الحاجز.

ومن جديد، يمكن أن يحصل الأطباء على الكثير من المعلومات حول هذه الحالة وغيرها من بعض الاختبارات، مثل تخطيط صدى القلب؛ لكن القسطرة قد تلعب دورا قيما في إثبات مثل هذه الحالة، حيث تستطيع إعطاء المزيد من المعلومات حول بعض المناطق – كبعض الأوعية الدموية – التي لا يمكن رؤيتها بتخطيط صدى القلب.

تصوير الأوعية الرئوية

يمكن حقن مادة ظليلة أيضا من خلال القثاطير لإظهار الشرايين في الرئتين. فتصوير الأوعية الرئوية Pulmonary Angiography مفيد في تحديد ما إذا كانت هناك أية جلطات دموية في هذه الشرايين أو ما إذا كانت هناك تشوهات فيها. كما يمكن استعمال هذا الإجراء لإظهار حالة هذه الشرايين إذا كنت مصابا ببعض العيوب القلبية الخلقية.

الخزعة

تستعمل القثاطير أيضا للحصول على كميات صغيرة من العضل القلبي بهدف معاينتها مجهريا، ويدعى هذه الإجراء بالخزعة Biopsy؛ وللحصول على عينة نسيجية، يدخل قثطار خاص مزود بفكين صغيرين على نهايته عادة في البطين الأيمن من خلال وريد ما، حيث يمكن فتح الفكين وإغلاقهما من قبل اختصاصي القلب. ثم تدفع النهاية بلطف في الموضع الصحيح نحو جدار القلب للحصول على العينة؛ وقد يحتاج الأمر إلى أكثر من «عضة» للحصول على ما يكفي من النسيج للدراسة الصحيحة؛ فإذا كان لديك هذا النمط من الخزعة، لن تشعر بالقثطار عندما ينزع العينة النسيجية.

قثطار الخزعة الذي يدعى الخازع Bioptome هو أنبوب رفيع يمكن التحكم بإحدى نهايتيه، أما النهاية الأخرى فتضم ذروة صغيرة ذات «فكين» يمكنهما أن يفتحا ويغلقا؛ وتبدي الصورة اليمنى «الفكين» مكبرين كثيرا.

 

تشمل خزعة القلب الحصول على عينة صغيرة من النسيج القلبي؛ وللقيام بذلك من دون جراحة، يدخل قثطار خازع عبر وريد ما نحو البطين الأيمن، ويفتح الفكان الموجودان في نهاية القثطار ويدفعان بلطف نحو باطن الجدار القلبي ويغلقان بإحكام. ثم يجران للخلف. ويجري فحص «العضة» الدقيقة من النسيج القلبي المأخوذ بالقثطار تحت المجهر لمعرفة المزيد حول حالتك.

 

يمكن أن تساعد خزعة القلب على كشف الالتهاب أو الترسبات البروتينية الشاذة أو ترسبات الحديد التي يمكن أن تفسر اعتلال العضلة القلبية؛ كما يمكن اللجوء إليها للتحقق من رفض القلوب المزروعة.

كيف تجرى القسطرة؟

يعتمد الجواب نوعا ما على مكان إجراء القسطرة، وعلى ماذا يقصد منها.

القسطرة في مختبر القسطرة القلبية

إذا لم تجر القسطرة كإجراء عاجل وكنت بصحة جيدة نوعا ما، يمكن ألا تحتاج إلى دخول المستشفى في الليلة السابقة للقثطرة؛ لكنك تبقى بحاجة إلى اتخاذ احتياطات خاصة في المنزل، حيث يطلب منك الاستحمام أو الاغتسال لتنظيف باطن ذراعك الأيمن عند المرفق أو أليتيك.

ويجب تجنب تناول الطعام أو الشراب تماما بعد منتصف الليل، لكن يمكن أن تتابع تناول أدويتك (مع القليل من الماء) ما لم تتلق تعليمات أخرى من طبيبك.

قد يقوم المساعدون الفنيون أو الممرضات، في موضع الاختبار، بسحب الدم صباحا وإجراء تخطيط كهربائية القلب ECG إذا لم يكن قد أجري ذلك حديثا، كما يناقشون الإجراء معك بالتفصيل متحينين لك الفرصة لطرح أسئلة حول الإجراء والتغلب على أية مشاغل قد تخطر ببالك.

رغم أن القسطرة تستغرق بحد بذاتها نحو 30 دقيقة فقط، لكن التحضير لها يكون طويلا؛ فقبل القسطرة، يقوم أحد المساعدين الفنيين بحلاقة الشعر في منطقة صغيرة من جسمك حيث يدخل القثطار من خلال الجلد. ثم يتم إدخال خط وريدي في الذراع. وتعطى مسكنا للمساعدة على الاسترخاء، لكنك تبقى مستيقظا طوال فترة الإجراء؛ وينبغي ألا تتوقع عائلتك عودتك إلى غرفتك في المستشفى قبل مرور 3-2 ساعات.

الإجراء

تجرى القسطرة في وحدة تنظير تألقي (مجهزة بالأشعة السينية) Fluoroscopy متخصصة تشبه غرفة العمليات؛ وتحتوي الغرفة على كاميرا للتنظير التألقي ومناظير (شاشات مراقبة) ومعدات أخرى، لكن لا ضرورة لاستخدامها جميعا خلال الإجراء؛ ويقوم الفريق بوضع أغطية جراحية Drapes عقيمة حولك، بحيث لا تلمس القثاطير والأدوات الأخرى أي شيء غير عقيم؛ وتضم وحدة القسطرة من الذين يكونون معك فيها اختصاصي أمراض القلب Cardiologist وواحدا أو أكثر من المساعدين الفنيين وفني تخدير.Anesthetist

يرتدي الفريق مآزر رصاصية Lead Aprons لحماية أنفسهم من التعرض المتكرر للأشعة السينية، لكن الإشعاع السيني الذي تتلقاه خلال هذا الإجراء غير ضار.

يمكن أن تدور طاولة الأشعة السينية ميكانيكيا من جهة إلى أخرى. ولذلك قد تثبت إلى الطاولة بأربطة حول خصرك وكتفيك وركبتيك. كما تدور الكاميرا من حولك. وقد توضع إلكترودات تخطيط كهربائية القلب على صدرك لمراقبة قلبك. ويقوم كم جهاز الضغط الموضوع حول ذراعك بمراقبة ضغطك الدموي.

يشبه مختبر القسطرة في تصميمه غرفة العمليات، وهو مجهز بمعدات للتصوير بالأشعة السينية؛ ويتألف فريق القسطرة عادة من اختصاصي أمراض القلب أو أكثر ومساعد له وفني تخدير وممرضة مساعدة ومشغل لأدوات التصوير.

 

لا يخضع البالغون الذين يجرون القسطرة للتخدير العام عادة؛ فهناك حاجة إلى البقاء مستيقظا، لأن اختصاصي أمراض القلب يريد تعاونك للحصول على أفضل النتائج؛ ويقوم اختصاصي أمراض القلب وأعضاء فريق القسطرة الآخرين بشرح ما يقومون به لك ويحضرونك للأحاسيس التي ستشعر بها. وينبغي ألا تشعر بألم أو انزعاج خلال هذا الإجراء.

عند البدء بالقسطرة، يستعمل طبيب القلب مخدرا موضعيا لتبنيج الموضع الذي سيدخل فيه القثطار. ويكون ذلك في المنطقة الأربية عادة، مع أن القثاطير تدخل أحيانا عبر ذراعك أو معصمك؛ وبعد تخدير المنطقة، يقوم اختصاصي أمراض القلب بإدخال إبرة في الوعاء الدموي، ثم يمرر سلكا دليلا رفيعا عبر الإبرة؛ وبعد سحب الإبرة، يدفع اختصاصي أمراض القلب عادة أنبوبا قصيرا يدعى غمدا Sheath فوق السلك الدليل ويضعه داخل الوعاء الدموي.

يكون للغمد صمام صغير وحيد الاتجاه، وهو يسمح بإدخال القثطار عبره، لكنه يمنع الدم من التسرب عند سحب القثطار؛ وعندما يكون الغمد داخل الوعاء الدموي، يمكن أن يقوم اختصاصي أمراض القلب بإدخال وسحب عدد من القثاطير من دون استعمال إبرة.

تقوم القسطرة النموذجية على تخدير منطقة صغيرة في الأربية وإدخال إبرة في الشريان. ثم يدخل سلك رفيع – يدعى السلك الدليل – عبر الإبرة. ثم تسحب الإبرة، بينما يبقى السلك في مكانه للحفاظ على الممر في الشريان.
يظهر الرسم الأيسر أنبوبين قصيرين وضيقين (الموسع والغمد) مدفوعين بلطف فوق السلك نحو الشريان. ويكون الموسع داخل الغمد؛ ويكون للغمد، الذي يحافظ على الطريق مفتوحا، صمام وحيد الاتجاه بحيث لا يجري الدم للخلف.
يظهر الرسم الأيمن قثطارا مدخلا في الغمد عبر الشريان باتجاه القلب والشرايين الإكليلية؛ ويمكن عند الضرورة سحب القثطار وإدخال قثطار آخر من دون إدخال إبرة جديدة.

 

ولذلك بماذا تشعر؟ نكرر من جديد أنه ينبغي ألا تشعر بانزعاج، ولكن قد تشعر بضغط أو حركة القثاطير عند إدخالها في جسمك، لكن من دون ألم؛ وإذا شعرت بألم، أخبر طبيبك بذلك.

بدلا من استعمال إبرة لإيجاد مدخل إلى جسمك بالنسبة إلى القثطار، يمكن أن يقوم اختصاصي أمراض القلب أحيانا بإجراء شق صغير لكشف أحد أوعيتك الدموية. وغالبا ما يجرى ذلك إذا كان الذراع قد استعمل سابقا للوصول إلى الدوران. ثم يدخل القثطار أو الغمد مباشرة من خلال شق صغير في الوعاء الدموي، ويدعى ذلك «الفغر Cutdown»؛ فإذا خضعت لهذا الإجراء، قد يستغرق الأمر بعض الوقت. كما تحتاج إلى عدة غرز Stitches في ذراعك.

تبدي شاشة التلفاز صورة بالأشعة السينية للقثطار الموجود في الوعاء الدموي، ويساعد ذلك اختصاصي أمراض القلب على وضع القثطار بشكل صحيح. ويمكن تحريك جهاز الأشعة السينية ميكانيكيا إلى عدة مواضع مختلفة للحصول على مناظر مختلفة. وتؤخذ سلسلة من صور الأشعة السينية بجهاز الأشعة السينية وليس بالقثطار.

بعد التأكد من موضع القثطار، يستعمله اختصاصي أمراض القلب للقيام بالاختبارات الضرورية، مثل قياس الضغوط أو الأكسجين أو حقن المادة الظليلة (التباينية)؛ ويراقب اختصاصي أمراض القلب الشاشة ليرى مسار المادة الظليلة؛ فإذا حقنت المادة الظليلة في البطين الأيسر، قد تشعر بإحساس حار أو تبيغ في كل جسمك مدة 30-15 ثانية، وهذا شيء سوي أو طبيعي ويزول سريعا؛ كما يمكن أن يطلب منك حبس نفسك مما يساعد على الحصول على صورة واضحة؛ ويمكن أن يطلب منك أيضا إبقاء ذراعيك فوق رأسك أو إلى جانبيك في وضعية غير مريحة نوعا ما، حيث قد يساعد ذلك على الحصول على صورة واضحة لقلبك.

قد يدخل اختصاصي أمراض القلب عدة قثاطير في مناطق مختلفة من قلبك لتقييم الأوجه المختلفة للقلب والشرايين الإكليلية؛ كما قد يحتاج الأمر إلى قثاطير مختلفة لإجراء اختبارات تشخيصية، بما في ذلك سحب عينات دموية وحقن صباغ وقياس الضغوط في (حجرات) القلب والشرايين؛ وتستعمل قثاطير ذات أشكال وحنيات وأجهزة حساسة Sensors خاصة، ودلائل سلكية بأشكال أو حنيات خاصة تلائم باطن القثطار، لتحريك نهاية القثطار إلى الموضع الصحيح.

يمكن أن تشعر بضربات قلبية «فائتة» خلال الإجراء، لكن هذا الإحساس طبيعي؛ كما قد تشعر بتبيغ وحرارة خلاله أو تحس بالغثيان ولفترة قصيرة. وتكون هذه التأثيرات شائعة وينبغي ألا تكون سببا للقلق؛ ويبدي القلب أحيانا فترات إبطاء عابرة بعد حقن المادة الظليلة في الشريان الإكليلي؛ فإذا حدث ذلك، يمكن أن يطلب منك الطبيب أن تسعل بقوة، وهذا ما يساعد على دوران دمك خلال البطء المؤقت؛ وفي حال حدوث أي ألم صدري، أخبر طبيبك مباشرة.

بعد انتهاء الإجراء، يقوم اختصاصي أمراض القلب بنزع الغمد والضغط على موضع دخوله في الوعاء الدموي، حيث يساعد ذلك جسمك على إحكام موضع الوخز. ثم تنقل إلى غرفة الإنعاش Recovery Room، حيث يحافظ على ضغط موضع الوخز مدة 15 دقيقة تقريبا؛ ويمكن وضع عصابة Bandage وثقل ضاغط صغير فوق الموضع للحفاظ على الضغط فيه. ويمكن استعمال أداة تدعى جهاز الإغلاق الوعائي لسد الثقب الصغير في الشريان بعد القسطرة؛ وفي حين لا تستعمل أجهزة الإغلاق الوعائي لدى كل شخص، فإنها قد تكون مفيدة في مساعدة بعض الأشخاص على ترك السرير بسرعة بعد القسطرة؛ وهناك عدد من أنماط الأجهزة الوعائية، بعضها بشكل سدادات بسيطة توضع في الشريان أو فوقه، بينما يقوم بعضها الآخر على استعمال الغرز لإغلاق الثقب بشكل مباشر أكثر.

يعتمد الوقت الذي تبقى خلاله في غرفة الإفاقة على النزف وعلى عدد من العوامل الأخرى؛ وبعد خروجك، يكون من المهم أن تتجنب تحريك ذراعك أو ساقك أو رفع رأسك أو إجهاد الناحية لمدة 6 ساعات تقريبا؛ كما قد يطلب منك شرب الكثير من السوائل للمساعدة على دفع المادة الظليلة من جسمك؛ ويستطيع معظم الأشخاص المشي بعد 8-6 ساعات من القسطرة.

القسطرة في وحدة العناية القلبية

لا تجرى بعض أنماط القسطرة في وحدة أو مختبر القسطرة بالضرورة؛ فإذا كنت مريضا في وحدة العناية القلبية CCU، يمكن أن تحتاج إلى نمط خاص من القثاطير مصمم لقياس الضغط في شرايينك الرئوية. وتساعد هذه المعلومات على تقدير الضغط في الجهة اليسرى من قلبك، كما تمارس دورا هاما في تقييم الوظيفة القلبية. ويستعمل هذا النمط من القثاطير أيضا لقياس الجريان الدموي عبر قلبك، مما يعطي مؤشرا على كمية الدم الذي يضخها القلب. وتتجلى أهمية ذلك في الذين أصيبوا سابقا بنوبة قلبية أو في المصابين بقصور القلب.

يمكن إدخال قثطار نفخ البالون (سوان – غانس) عبر وريد ما، وغالبا ما يكون الوريد الوداجي في رقبتك؛ حيث «يجر» بالون صغير قابل للنفخ موجود على الذروة القثطار عند نفخه في مجرى الدم عبر الوريد والقلب والشريان الرئوي. ويستعمل هذا القثطار لقياس الضغوط في القلب والشريان الرئوي ولتقييم الجريان الدموي (نتاج القلب). كما يمكن أن يبقى في مكانه عدة أيام أحيانا.

 

يدخل هذا القثطار عادة عبر الوريد الوداجي في الرقبة أو عبر الوريد تحت الترقوة الذي يسير تحت الترقوة. وتخدر المنطقة التي يدخل فيها القثطار أولا للتقليل من الانزعاج.

هناك عدد من الأسماء المختلفة لهذا النمط من القثاطير. فقد تسمع عن قثطار مراقبة الدينمية الدموية Hemodynamic Monitoring Catheter أو قثطار نفخ البالون Balloon Floating Catheter أو قثطار سوان – غانس Swan-Ganz Catheter (على اسم مخترعه)؛ ويمكن – عند الضرورة – ترك القثطار في مكانه عدة أيام خلال المراقبة المستمرة لوظيفة قلبك.

فهم الأخطار

القسطرة إجراء يعطي معلومات تفصيلية عن قلبك لا يستطيع أي اختبار آخر تقديمها؛ لكن بما أن القسطرة عملية باضعة (أي تقوم على إدخال شيء ما في الجسم)، لذلك توجد أخطار مرافقة لها؛ فإذا أوصى طبيبك بهذا الاختبار، فإنه يرى أن المعلومات التي يقدمها هذا الاختبار تفوق المخاطر الناجمة عنه. ويمكن أن يساعد فهم الأخطار على تجاوز بعض القلق لديك، كما يعينك على اتخاذ القرار المناسب عن معرفة.

من نتائج القسطرة الشائعة والمزعجة ظهور كدمة صغيرة حول موضع الوخز، ويتجلى ذلك في المسنين المصابين بارتفاع ضغط الدم، حيث يكونون عرضة للتكدم أكثر من غيرهم. وتختفي الكدمة عادة خلال بضعة أيام أو أسابيع؛ ومن النتائج المثيرة للقلق عدوى موضع الوخز، لكن ذلك نادر للغاية بوجود طرق التعقيم الدقيقة.

يمكن أن تشتمل مشاكل موضع الوخز الأخرى على تشكل انتفاخ في الشريان أو انسداده أو تخريش الألياف العصبية المجاورة (الذي قد يؤدي إلى خدر موضعي أو نخز عابر عادة) أو نزف في الساعات القليلة الأولى التالية للقثطرة؛ وهناك مشكلة نادرة أخرى هي حدوث تفاعل تحسسي (allergic) للمادة الظليلة، حيث قد يحدث فجأة. ويمكن معالجة ذلك بالأدوية التي تبطل الأعراض. ولكن معظم هذه المشاكل – لحسن الحظ – نادرة الحدوث.

لكن يمكن أن تكون بعض المضاعفات خطيرة للغاية، وقد تتطلب تدخلا جراحيا عاجلا؛ فإذا أدت المضاعفات إلى انسداد أحد الشرايين الإكليلية – على سبيل المثال – يمكن أن تحدث نوبة قلبية؛ كما قد يؤدي تصوير الأوعية الإكليلية إلى عدم انتظام ضربات القلب وتوقفه الذي يمكن أن يستدعي الإنعاش القلبي الرئوي؛ وقد تؤدي الجلطة الدموية أو تمزق البطانة الداخلية (التسليخ Dissection) الممتد من الأبهر إلى الشريان السباتي إلى حدوث السكتة؛ ولا تنس أن تضع في الاعتبار أن خطر المضاعفات الشديدة – كالنوبة القلبية أو السكتة – صغير جدا، حيث تتراوح نسبة حدوث أحدها بين 100/1 و1000/1؛ وعند حدوث هذه المضاعفات، يكون ذلك في مريض بحالة حرجة وفي الحالات التي تجرى فيها القسطرة في ظل ظروف إسعافية طارئة.

تميل أخطار القسطرة التي تشمل الشرايين إلى أن تكون أكبر نوعا ما من تلك التي تشمل الأوردة، لأن ضغط الدم أعلى في الشرايين؛ فالضغط الدموي المرتفع يجعل النزف والتكدم أرجح حدوثا؛ كما أن هناك خطرا مرتفعا لحدوث جلطة دموية تتشكل في الشريان وتسد الجريان الدموي فيه. ويوجد خطر من ثقب الشريان (اختراقه) أو إحداث تسلخ (تمزق) أيضا. وهناك احتمال لثقب الجهة اليمنى أو اليسرى من القلب؛ وفي حال حدوث ذلك، قد يتسرب الدم إلى الكيس التاموري المحيط بالقلب، مما يتطلب نزحا إسعافيا؛ ولكن هذه الأحداث نادرة لحسن الحظ.

لماذا لا نلجأ إلى التصوير الوعائي منذ البداية لتشخيص أمراض القلب؟

يبدو أن التصوير الوعائي – الذي يسمح لطبيبك برؤية الأوعية الدموية – هو الإجراء النهائي لتشخيص المشاكل في شرايينك الإكليلية أو أوعيتك الدموية؛ لذلك، لماذا لا يكون هو الاختبار الأول المستخدم في تشخيص كافة الأمراض القلبية؟ ولماذا تبقى أسئلة حتى بعد القيام بالتصوير الوعائي؟

لقد سبق أن ناقشنا بعض الأجوبة عن هذه الأسئلة؛ فالتصوير الوعائي مكلف، ويتطلب معدات خاصة وفريقا طبيا مدربا تدريبا خاصا أيضا، كما انه ينطوي على خطر ما، مع أن هذا الخطر صغير نسبيا؛ كما أن هناك أسبابا أخرى مع ذلك. ففي حين يعد التصوير الوعائي اختبارا دقيقا يعطي معلومات واسعة، غير أنه لا يقدم دائما المعلومات النوعية التي يبحث عنها الطبيب. فقد تظهر شذوذات الشرايين الإكليلية على صورة الأوعية الإكليلية – على سبيل المثال – لكن هذه الشذوذات يمكن ألا تكون هي سبب الألم الصدري لديك.

إن أفضل ما تقدمه صورة الشرايين الإكليلية هو إعطاء خريطة طرقية لأوعيتك الدموية (توزعها)؛ فالنظر ببساطة إلى خريطة الطرق في مدينة ما لا يخبرك بالضرورة عن نماذج المرور في المنطقة؛ ولمعرفة عقد المرور، يمكن أن يكون المنظر التابع لغازات عوادم السيارات مفيدا؛ وبالمثل، يمكن أن تعطي تفريسة الثاليوم المزيد من المعلومات القيمة لاكتشاف «نماذج المرور» الفعلية بالنسبة إلى تزويد القلب بالدم والأكسجين؛ وفي معظم الحالات، يكون أكثر من اختبار واحد ضروريا لتقديم معلومات متممة تعرض الصورة الكاملة للحالة المعنية.