التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

القلق لدى الطفل: أنواعه، أعراضه، اسبابه وعلاجه

القلق إحدى الانفعالات الناتجة عن الاجهاد وهو عامل أساسي في حالة مختلف الاضطرابات النفسية. والقلق رد فعل عام يحدث عند الإنسان ويكون استجابة للتوقع بأن شيئاً مؤذياً سوف يحصل في المستقبل قد يكون هذا الاذى نفسياً أو فيزيولوجياً ويعتبر القلق من اكثر الأسباب التي تؤدي لارتفاع ضغط الدم وما يصاحبه من أمراض.

ويمكننا ويحق أن نسمي هذا العصر الذي نعيش فيه بعصر القلق وهي السمة السائدة لدى جميع المراحل العمرية الأطفال والشباب والشيوخ. فنحن قلقون لأسباب تتعلق بالماضي حيث الطفولة بأحداثها وقلقون لأسباب تتعلق بالحاضر ضغوطه ومشكلاته، وقلقون لأسباب تتعلق بالمستقبل وتغيراته المتلاحقة والتي تفوق قدراتنا على التنبؤ ونحن في سعينا وسلوكنا في هذه الحياة إنما نسعى لتخفيض القلق والتوتر الذي يعترينا.

أنواع القلق

لقد اختلف علماء النفس فيما بينهم في وضع مفهوم محدد للقلق وتنوعت تفسيراتهم له وقبل أن نتعرض إلى هذا المفهوم يجب أن نفرق بين نوعين من القلق وهما:

أ- قلق عادي أو موضوعي: وهذا النوع من القلق أقرب إلى الخوف وهو قلق واقعي خارجي المصدر وموجود بالفعل ويحدث لدى الأسوياء والعاديين مثلاً في مواقف الانتظار كانتظار عملية جراحية، أو الاقدام على مشروع مصيري أو مواجهة خطر حقيقي أو الإنتقال إلى بيئة جديدة أو انتظار أداء امتحان وغيرها كلها أمور عادية في حياتنا اليومية.

ب- قلق مرضي عصابي: هذا النوع الذى نقصده بمرض نفسي حيث أنه داخلي المصدر لا يمكن تجنبه أو تجنب مصدره فأسبابه لاشعورية ودوافعه مكبوتة غير معروفة وهو نتاج الصراع القائم بين الدوافع المكبوتة في الهو، وبين قوى الكبت (الأنا) ولذلك فإن تعريف القلق العصابي هو عدم ارتياح نفسي وجسمي ويتميز بخوف منتشر والشعور من انعدام الأمن وتوقع حدوث كارثة.

ويعرف القلق المرضي: بأنه حالة توتر شامل ومستمر نتيجة توقع تهديد خطر فعلي أو رمزي قد يحدث ويصحبها خوف غامض أو أعراض نفسية جسمية.

إن القلق غالباً ما يكون عرضاً لكثير من الاضطرابات النفسية إلا أن حالة القلق قد تغلب فتصبح هي نفسها اضطراباً نفسياً أساسياً، وهذا هو ما يعرف باسم عصاب القلق أوالقلق العصابي وهو أكثر الأمراض العصابية شيوعاً حيث يمثل من 20-40% من الاضطرابات ص العصابية وهو أكثر انتشاراً لدى الإناث ويظهر كثيراً في الطفولة أو المراهقة وفي سن التقاعد والشيخوخة ويمكن اعتبار القلق انفعالاً حركياً من الخوف وتوقع التهديد والخطر.

الفرق بين القلق والخوف العادي

1- القلق خوف داخلي من المجهول فلا ينتبه الفرد إلى مصدره عادة ويتم لاشعورياً أما الخوف فيكون من أمور خارجية معروفة المصدر يواجهها الفرد على المستوى الشعوري.

2- يبقى القلق المرضي غالباً رغم زوال مثيره الأصلي، أما الخوف فيزول بزوال مثيره.

3- قد ينشاً القلق كرد فعل لوضع محتمل غير قائم ولكنه متوقع أما الخوف فينشأ كرد فعل لوضع مخيفق قائم فعلاً.

4- يعاني المريض بالقلق من الصراعات أو الخوف العادي فلا توجد صراعات.

أعراض القلق

أ- أعراض نفسية:

عدم الاستقرار والشعور بانعدام الأمل والراحة النفسية، الحساسية المفرطة وسرعة الاستثارة، الخوف الشديد، ولكنه لا يعلم مصدره، الاكتئاب والضيق وتوهم المرض، عدم القدرة على تركيز الانتباه، الإحساس الدائم بتوقع الهزيمة والعجز، عدم الثقة والطمأنينة والرغبة في الهروب من مواجهة المواقف الهياج والشك والتردد في اتخاذ القرار والتشاور والانشغال بأخطاء المرضى فإن هذه الأعراض والنفسية القلقة تؤدي إلى تدهور قدرة الفرد على الانجاز والعمل كما تؤثر في التوافق الاجتماعي والمهني والأسري.

أعراض جسمية:

برودة الأطراف تصيب العرق وارتعاش اليدين ارتفاع ضغط الدم اضطرابات في المعدة، سرعة ضربات القلب، وزيادة عدد مرات الإخراج النشاط الحركي الزائد، والدوار والغثيان اضطرابات في النوم والصداع، فقدان الشهية عن الطعام، العصبية مثل مص الأصابع وقضم الأظافر وهز الرأس والكتف، ويجب أن تفرق بين القلق العصابي والخوف العصابي (الفوبيا) في أن الأول غير متعلق بشيء معين في حين أنه في المخاوف المرضية متعلق بأشياء متعددة كالخوف من الظلام أو الأماكن العالية.

أسباب القلق

1- إن القلق هو نتيجة للصراع القائم بين الغرائز التي يعبر عنها (الهو) التي تتناقص مع معايير المجتمع بينها وبين (الأنا)، وتحاول هذه الغرائز أن تخرج إلى الواقع ولكن (الأنا) تقع في صراع بينها وبين خروجها للإشباع لأن الأنا تعاني صراع من جانب آخر إلى صراعها مع الهو هو الصراع بينها وبين الأنا العليا صاحبة المثل والقيم الأخلاقية.

2- أما (أوثورانك) فقد ربط بين القلق والصدمات التي يواجهها الطفل أثناء مراحل عمره فقد ربط بين القلق وصدمة الميلاد، ويسمى قلق (الانفصال) لانفصال الطفل عن أمه وخروجه من رحمها ثم تأتي صدمة الفطام التي ينشأ عنها قلق الفطام ثم قلق الانصال عن الأسرة للذهاب إلى المدرسة فالإنسان ينتقل من قلق إلى قلق آخر وإن الإنسان يعيش حياته متأرجحاً بين قلق الحياة وقلق الموت فيرى أن الإنسان إذا فشل في تحقيق التوازن أثناء تأرجحه هذا فإنه يدخل دائرة القلق العصابي والمرضي.

3- أما (دلر) فإنه يرى أن القلق النفسي يرجع نشأته إلى طفولة الإنسان الأولى على الشعور المرضي بالقصور الذي يشعره بالنقص وعدم الشعور بالأمان ومحاولته الحصول بالنقص الذي يرجعه إلى البعد عن الناس فنشأ القلق العصابي لديه، وقد أوضح أن نوع التربية التي يتلقاها الطفل في أسرته أيام طفولته لها أثركبير في نشأة القلق العصابي عنده.

4- يرى (هورني) إن الطفل الذي يتعرض في نشأته للقسوة والكراهية والحرمان والعدوان بالتوجه إلى حب الآخرين فهو يخاف من الحب، نتيجة استخدام الأساليب ويخاف من فقدانه فيتولد بالتالي القلق.

5- سوء التربية كتخويف الطفل بالعفاريت أو الظلام وغيرها والتي تترك في مخيلة الطفل ذكريات سيئة تسبب له القلق حين مواجهة تلك المواقف.

الإرشادات التي يصفها الأطباء والمختصين للتخلص من القلق

1- حبوب مسكنة: تفيد في تخفيف حدة ارتفاع ضغط الدم ولكنها غير فعالة في معالجة الحالات الأخرى من ارتفاع ضغط الدم التي يكون سببها غير القلق حيث تتطلب تلك الحالات عقاقير خاصة بها.

2- العلاج النفسي: لا يمكن الاعتماد على العلاج النفسي فقط لتخفيض ضغط الدم، إنه وسيلة لمحاربة القلق ويجب متابعة تناول العقاقير التي يصفها الطبيب.

3- الاسترخاء: إذا شعرنا في حالة توتر شديدة يمكن اللجوء إلى وسائل استرخاء إضافية كالتنفس العميق أو بعض التأمل.

علاج القلق العصابي

العلاج النفسي

ويهدف العلاج النفسي إلى تطوير شخصية المريض وإزالة مخاوفه وخفض توتره وهناك عدة طرق للعلاج النفسي منها:

التحليل النفسي:

ينظر التحليل النفسي إلى المريض على أنه يعيش صراعاً بين قوى ثلاث هي الهو، الأنا، الأنا الأعلى، فالتحليل النفسي يهدف إلى تقوية الأنا باعتبارها النفس المسيطرة على ملذات (الهو) وتستمد ضوابطها من الأنا الأعلى صاحبة المثل والقيم والضمير ولذلك يبدأ بفحص ودراسة تاريخ المريض من حيث نشأته وبيئته وعاداته وما صادفه من عقبات وعن والديه والعلاقة بينهما وأخوته وظروفه العائلية والاقتصادية والاجتماعية وأسلوب تربيته وعلاقاته الاجتماعية مع الآخرين وكل ذلك يقصد الوصول إلى أسباب القلق الدفينة في اللاشعور ونقلها إلى حيز الشعور وزلات اللسان، وإذا ما عرفت الأسباب يبدأ العلاج النفسي في تفسيرها وبيان أثرها للمريض ثم شرح الحقيقة التي ظهر بها.

العلاج البيئي

ويهدف هذا العلاج إلى تعديل العوامل البيئية التي تؤثر على المريض مثل تغيير نوع العمل أو حل وتعديل المشكلات الأسرية وإرشاد الأسرة على تغيير أنماط سلوكهم مما يساعد المريض على الشفاء.

العلاج الطبي

قد يكون من الضروري في بعض الأحيان استعمال بعض العقاقير الطبية المسماة بالمطمئنات الصغرى أو بعض الأدوية لعلاج الأعراض المصاحبة للقلق مثل الأرق وفقدان الشهية للطعام أو اضطرابات المعدة أو القيء أو ارتفاع ضغط الدم.

وذلك كعامل مساعد لشفاء الحالة، ويجب عدم الإسراف في استخدام العقاقير الطبية المهدئة. حتى لا يحدث الإدمان لدى المريض لهذه العقاقير، وقد أوضحت بعض الدراسات فعالية العقاقير التي تسمى (بلاسبو) وهي أقراص تركيبها من النشا والدقيق والسكر وليس بها أي مواد دوائية، فعالة في تحسين بعض حالات القلق.

العلاج الجشطالتي Gestalt therapy

ويركز هذا العلاج على خبرة الفرد الواعية بذاته وبيئته باعتبارها محور حياته ويتم ذلك باستخدام بعض الفنيان مثل (فنية المقعد الخالي) كأن يجلس المريض على مقعد وأمامه مقعد خالي يتخيل المريض جلوس شخص أخر عليه، ويبدأ المريض في حوار تخيلي، أو فنية الاسترخاء والتنفس العميق لإعادة الانتعاش والحيوية للفرد.