التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الكذب لدى الطفل: أنواعه، أسبابه وعلاجه

للكذب تأثير قوي على ناحية الطفل النفسية وتعتبر هذه الصفة من الصفات المكتسبة، فالطفل لا يولد صادقاً أو كاذباً بل إنه يكتسب هذه العادات والصفات من المجتمع الذي يعيش فيه، والطفل من نشأته في مجتمعه يستطيع أن يفرق بين الصدق والكذب، فالذي لا يتعود صفة الصدق منذ نشأته يسهل عليه الكذب ويعتاد عليه بكل سهولة فتصبح عادة تلتصق به.

والكذب بالطبع له دوافع فالإنسان الذي يكذب يقصد من وراء كذبه عدة أمور فقد يكون الطفل يعاني من النقص فمثلاً قد يكذب الطفل متخيلاً ومتوهماً وجود ألعاب كثيرة لديه أوأن أباه يمتلك مركزاً مرموقاً في البلد مع أن واقع الحال يقول عكس ذلك تماماً حيث يكون معانياً من قلة شديدة في ألعابه يكون أباه لا يملك أي مركز مهم في الحياة.

وقد يكون لغيرته من أخوته أثر كبير في كذبه، أو حقده وكرهه لأحد منهم زيادة كبيرة في تعويده على هذه الصفة، لذلك على الآخرين وخاصة الآباء الانتباه جيداً لطريقة معاملة أطفالهم فلا نهمل أحدهم لحساب الآخرين فقد يتكون لدى الطفل الذي أهمل صفات غير مرغوب فيها وربما لاتهام أخيه بتهم تستدعي عقابه.

فالطفل أو المراهق قد يكذب رغبة في جذب الانتباه إليه. كما يحدث عندما يبالغ المراهق في ذكر مغامراته لأصدقائه. كذلك من المعروف أن الطفل الصغير لا يستطيع أن يميز تميزاً بين الحقيقة والخيال ويدفعه ذلك إلى الكذب. وكذب الأطفال لا يزعج الأطفال وإنما يجعله يشب رجلاً كاذباً يزعج الناس في مجتمعه.

والكذب سلوك اجتماعي غير سوي يؤدي إلى عديد من المشكلات الاجتماعية كعدم احترام الصدق والخيانة، والكاذب يتعمد ذلك السلوك لتغطية الأخطاء والذنب أو حتى الجريمة كما هو في حالة الأحداث الجانحين أو التخلص من العقاب. ويرتبط الكذب بالسرقة والغش، فخلف كل منهما تكمن الأمانة نظراً لأن الكذب عدم أمانة في القول والسرقة عدم أمانة في حقوق المجتمع وأفراده والغش تزييف للواقع من قول أو فعل.

وأطفال ما قبل المدرسة (2-6 سنوات) من المغالاة أن نصف سلوكهم بالكذب بالرغم من أنهم يبتدعون يحرفون الكلام ويطلقون العنان لخيالهم في أمور ليس لها أساس من الصحة، وقد يخلطون بين الواقع والخيال وربما لا يميزون بينهما وأطفال هذه الفئة العمرية يلجئون إلى الكذب للخداع عن قصد المراوغة.

أهم أنواع الكذب

أ- الكذب الخيالي أو الايهامي: وهو نوع من أنواع اللعب والتسلية، بالنسبة للطفل ويكثر في المرحلة بين 4-5 سنوات من العمر، ويرجع سببه إلى سعة خيال الطفل.

ب- الكذب الالتباسي: ويرجع سببه إلى أن الطفل لا يستطيع التميز بين ما نراه حقيقة واقعة وما يدركه هو في مخيلته، فكثيراً ما يسمع الطفل قصة خرافية لكنه سرعان ما يتحدث عنها بعد ذلك وكأنها حدثت في الواقع.

وهذان النوعان من الكذب يسميان بالكذب البريء، وهما يزولان من تلقاء أنفسهما عندما يكبر الطفل ويصل إلى مستوى عقلي يمكنه من التميز بين الحقيقة والخيال، ولكن هذا لا يعني أن تقف منهما موقفاً سلبياً، بل علينا أن نقوم بدور الإرشاد الذي يساعد الطفل على التميز بين الحقيقة والخيال لتدعم خياله الواقعي.

جـ- الكذب الدفاعي: وهو من أكثر أنواع الكذب شيوعاً بين الأطفال إذ يلجأ إليه الطفل خوفاً مما قد يوقع عليه من عقاب أو تخلصاً من موقع حرج ألم به.

د- الكذب الانتقامي: ويلجأ إليه الطفل لتهم غيره باتهامات كاذبة يترتب عليه عقاب هذا الغير وهذا يحدث عندما تشتعل الغيرة بينه وبين طفل آخر أو عندما يشعر بعدم مساواة لهذا الطفل.

هـ- الكذب بالعدوى: ويلجأ إليه الطفل تقليداً للمحيطين به الذين يتخذون من الكذب أسلوباً لهم في حياتهم.

و- الكذب الادعائي: ويلجأً إليه الطفل بدافع أقصاء الشعور بالنقص والضعف أو المفاخرة والزهو كذباً. ويتم هذا النوع من الكذب إما بالقول كمن يدعي انتمائه إلى شخصية اجتماعية مرموقة في المجتمع راد بالفعل كمن يدعي المرض وهو ليس مريض.

ز- كذب طارئ: كالطفل الذي يكذب لإحساسه باللذة في مقاومة السلطة الصارمة.

ح- كذب العقد النفسية أو الكذب المزمن، واللاشعوري: ويرجع سببه إلى دوافع كريهة للنفس وللآخرين تم كبتها في لاشعور الطفل، كالطفل الذي يكذب في المدرسة دون سبب. علاج الكذب الطارئ الشعوري أسهل كثيراً من علاج الكذب المزمن اللاشعوري حيث أن هذا الأخير يحتاج إلى العلاج النفسي.

أسباب الكذب

أ- حياة الطفل في بيئة يلجأ فيها الكبار إلى استخدام أسلوب الكذب في تعاملهم اليومي وقد يضطر الطفل أحياناً إلى الكذب أي كذب العدوى.

ب- سعة خيال الطفل وعدم القدرة على التميز بين الحقيقة والخيال دون السنة الخامسة أي الكذب الخيالي.

جـ- التفرقة في المعاملة بين الأبناء مما يثير الغيرة والكراهية بينهم ويدفع الطفل الغيور إلى إلصاق التهم كذباً بالطفل المحظى بالاهتمام أي كذب انتقامي.

د- قسوة السلطة الأسرية في معاقبة الأبناء مما يدفع الطفل إلى الكذب اتقاء العذاب الشديد أي كذب فاعلي.

هـ- الشعور بالنقص الجسمي، الاجتماعي، العقلي، النفسي، مما يدفع الطفل إلى الكذب لتعويض هذا النقص، أي كذب ادعائي.

و- إصابة الطفل بعقدة نفسية تدفعه لا شعورياً إلى الكذب أي كذب العقد النفسية.

ز- عدم الشعور بالأمن نتيجة تهديد الطفل، أو فقد السند العاطفي الأبوي، سوء العلاقة مع الأبوين أو بينهما مما يدفع الطفل إلى الكذب للحصول على بعض الأشياء التي ترمز للأمن كالنقود واللعب.

علاج الكذب

إن علاج الكذب يكمن في دراسة الحالات كل على حدة ومعرفة دواعي الكذب ومحاولة التعرف على حقيقة الأمر الذي دعا الطفل للكذب ومحاولة المعالجة بالتالي، بزوال الأسباب وإعطائه الحنان الكافي وإشعاره بالأمن الأسري والاستقرار النفسي وإشعاره بمحبة الآخرين له وأن يشعر بالثقة بنفسه فهذه الأمور أن استطعنا إشعار الطفل بها ملكنا صفاته، فيصبح من السهولة تعويد الطفل على الصفات المرغوب تعلمها.

وفيما يلي بعض الأساليب التي تساعد على التغلب على مشكلة الكذب:

1- إن العقاب وسيلة مقبولة لتعديل سلوك الكذب. ودعم فكرة الاعتراف بالخطأ، فهذا الاعتراف ليس عيب. بل الصدق في القول أفضل من التمادي في الخطأ.

2- القدوة الحسنة في ممارسة السلوكيات الصادقة، أي عدم لجوء الكبار إلى الكذب أمام الصغار. وتوفير قصص للأطفال عن نتائج الكذب وما يقع على الكذاب من عقاب في الدنيا والآخرة.

3- عدم انزعاج الوالدين وكذلك الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة ويفضل أن يوضح الوالدان للطفل الفرق بين الخيال والحقيقة. والبعد عن القسوة عند ارتكاب الأخطاء من قبل الصغار وعدم التفرقة في معاملة الأخوة.

4- البعد عن تحقير الطفل لأن ذلك يخفض من مفهومه لذاته ودعم الثقة بالنفس لديه، وإظهار مواطن التفوق ودعمها والبعد عن السخرية من الطفل أو تأنيبه لأتفه الأسباب.

5- مراجعة العيادات النفسية في حالة الكذب المرضي (النفسي).

6- العدالة في توزيع الحب بين الأطفال والقليل من القيود الأسرية والأوامر والنواهي والقسوة في العقاب البدني وتنمية الثقة بالنفس. وأن تكون العلاقة بين الوالدين حسنة.