يعتبر الماء ضرورة حيوية لجميع أجزاء الجسم، فالجسم لا يستطيع صيانة نفسه من دون ماءٍ كافٍ، لأن الماء يؤدي وظائف كثيرة فيه، كتحسين حركة الجهاز الهضمي وما يحتويه، وتحسين جريان الدم والسوائل اللمفية، وتعدّ تغذية خلايا الجسم البالغة 60 تريليون خلية وتلقي الفضلات منها والتخلص من هذه الفضلات إحدى الوظائف الدقيقة للماء، فإذا لم يكن الماء متوفراً بالنسب الضرورية في كلّ خلايا الجسم فإنّ ذلك لا يؤدي إلى سوء تغذية فقط، بل إلى تراكم الفضلات والسموم داخل الخلايا أيضاً، وإلى عجز الجسم عن إفراغها وطرحها.
وتؤدي السموم المتراكمة في أسوأ الحالات إلى الإضرار بالجينات الخلوية، مما يقود إلى إصابة بعض الخلايا بالسرطان.
كما أن الأنـزيمات في مثل تلك الحالة لن تكون قادرة على القيام بدورها بشكل سليم، فلأجل أن تعمل الأنـزيمات بشكل طبيعي، لا يكفي وجود المغذيات المختلفة – مثل الفيتامينات والمعادن – بل لا بد من توفر الوسط الذي تنقل فيه هذه المغذيات، وهو الماء.
إن الماء هو السائل الذي تحتاجه أجسامنا. وعند تناول سوائل أخرى غيره مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، بغية ترطيب الجسم فعلى العكس تؤدي هذه المشروبات إلى الجفاف، فالسكر والكافئين والكحول والمواد المضافة الأخرى الموجودة في هذه المشروبات، تسحب السوائل من خلايانا ومن الدم مما يؤدي إلى زيادة لزوجة الدم. يذكر هيرمان أوهيرا – في دراسته (التوازن الحمضي – القلوي) أن المشروبات الغازية تؤدي إلى الموت البطيء، فالجسم يحتاج إلى (32) كوباً من الماء القلوي لمعادلة كوب واحد من مشروب غازي.
لذلك من الضروري المواظبة على شرب الماء النقي الجيد بدلاً من أي شراب آخر لأنه يمنح الجسم الترطيب الذي يحتاجه لتليين المفاصل ولمساعدة العضلات والقلب والأنسجة وجميع خلايا الجسم وأجهزته التي تحتاج إلى الماء لتقوم بأداء وظائفها بكفاءة.
ما هو الماء الجيد؟
توصلت الدراسات الحديثة إلى أن الماء المؤين القلوي، هو أفضل أنواع ماء الشرب المتاحة على الإطلاق. وهو أكثر الأساليب الوقائية الصحية المتقدمة في عصرنا، فهو مضاد قوي للأكسدة ويزوّد الجسم بكمية وفيرة من الأوكسجين الذي يمدنا بالطاقة. ولأن الماء المؤين قلوي لذلك عند شربه يزيل الفضلات الحمضية المتراكمة في الجسم والتي تسبب الأمراض والشيخوخة المبكرة. فهو مزيل فعال للسموم ومرطب بكفاءة عالية، حيث إن قابلية الترطيب فيه تبلغ ستة أضعاف تلك الموجودة في الماء العادي، فجزئ الماء المؤين قد تغيّر من شكل غير منتظم إلى شكل سداسي منتظم، يتخلل خلايا أنسجة الجسم بكفاءة عالية، فالشكل المنتظم الأصغر حجماً هو الذي يرطب أي شيء بكفاءة أعلى من الماء العادي.
الماء المؤين القلوي (الماء القلوي المتأين)
يذكر (هيرمان أوهيرا) في كتابه (لؤلؤة الماكروبيوتك) أن الماء المؤين: (هو نتاج ماء مدعم إلكترونياً تمّ حلُّهُ كهربائياً بدرجة بسيطة وذلك بتمريره فوق أقطاب كهربائية سالبة وموجبة فأصبح بالتالي ماءً مؤيناً).
ويعد الماء المؤين مضاداً سائلاً للأكسدة، وعليه فهو شديد الفاعلية وأسهل في الامتصاص داخل الجسم من الأنواع الأخرى من مضادات الأكسدة.
في حين أن ماء الحنفية العادي – كما يذكر د. شينيا – هو ماء مؤكسد بسبب تعقيمه بالكلور، فعند إضافة الكلور إلى الماء تتولد مقادير كبيرة من الجذور الحرة، ونتيجة لذلك تموت الأحياء المجهرية فيصبح الماء معقماً. غير أن هذا النوع من التعقيم يجعل ماء الحنفية مؤكسداً، والأكسدة السيئة بالنسبة للماء: (هي العملية التي تنفصل فيها الإلكترونات أو تبتعد عن الجزيئات)، (أما الإرجاع والاختزال، فهي على عكس ذلك حيث تتلقى الجزيئات فيها الإلكترونات).
تتوفر في الوقت الحاضر في الأسواق أجهزة تنقية، تولّد هذا النوع من الماء الجيد يمكن الحصول عليها واستثمارها في تحقيق الصحة.
الماء المؤين، السائل المضاد للأكسدة
بإمكاننا حماية أنسجتنا الحيوية السليمة من شراسة الأكسدة التي تسببها ذرات الأوكسجين النشط (الجذور الحرة) عن طريق مد هذه الذرات بإلكترونات حُرّة ومنعها بذلك من التفاعل السلبـي مع خلايا أنسجتنا.
لا شك أن لا بديل للنظام الغذائي الصحي المتوازن، وعلى الأخص الغني بالمواد المضادة للأكسدة مثل فيتامين (C، E، A) وغيرها، إلا أن هذه المواد المضادة للأكسدة ليست الوحيدة التي يمكن الحصول منها على الإلكترونات، فباستطاعتنا الحصول عليها وبفاعلية أكبر، عند شرب الماء المؤين الذي يحوي إلكترونات بكميات هائلة، يقوم بمنحها إلى ذرات الأوكسجين النشط (الجذور الحرة) فتتحول إلى أوكسجين عادي على هيئة ثابتة ويقضي بذلك على نشاطها التخريبـي.
وبما أن التركيب السداسي لجزيئات الماء القلوي المتأين يمنحه حجماً يساوي نصف حجم الماء العادي، فإن ذلك يمكّنه من الترطيب السريع للجسم ويزيد من فاعليته في منع الأكسدة.
مكونات الماء المؤين القلوي وفوائده
العديد من الدراسات الحديثة تناولت موضوع الماء المؤين القِلْوي أو (القِلْوي المتأين) وأثره على الصحة، لكن دراسة د. مريم نور كانت أكثرها تفصيلاً وإيضاحاً، حيث ذكرت في كتابها (صحتين)، أهم ميزات هذا النوع من الماء وأثرها على الصحة وهي:
1. يحتوي الماء القِلْوي المتأين على نسبة عالية من المعادن القلوية المتأينة: مثل الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والمغنـزيوم والحديد، إلى آخره.
تأثير ذلك على الصحة، هو عزل الفضلات الحمضية السامة الناتجة من عملية إنتاج الطاقة على مدار الساعة، وقذف الرواسب الحمضية خارج الجسم عن طريق الكلى.
2. يمنح كميات هائلة من الأوكسجين على هيئة ثابتة، تتراوح هذه الكمية بين 150-200 ضعف الأوكسجين الموجود في الماء العادي.
تأثير ذلك على الصحة، هو منح الجسم صحة كاملة لقيام جميع أعضائه بوظائفها الحيوية بكفاءة عالية، وإراحة القلب والرئتين من العمل الشاق، والتخلص من الكآبة، ومنح الطاقة العالية التي تمنع انتشار الخلايا السرطانية.
كما أنه يعدّل الأوكسجين النشط (الجزيئات الحرة) أو (الجذور الحرة) وذلك بتحويله إلى أوكسجين مفيد للجسم.
3. يمنح كميات هائلة من الإلكترونات ويعتبر بالتالي مضاداً للأكسدة.
4. التركيب السداسي لجزيئات الماء القلوي المتأين، يمنحه حجماً يساوي نصف حجم الماء العادي.
تأثير ذلك على الصحة، هو منح الترطيب السريع للجسم، ينقل المغذيات والأوكسجين إلى أنسجة الجسم وخلاياه ويطرد المخلفات وثاني أكسيد الكربون بطريقة أسرع. إضافةً إلى الفوائد المذكورة آنفاً، فإن الماء القلوي المتأين يساعد على امتصاص المعادن المتأينة من قِبَل الجسم ويقوي وينظم عملية الهضم، يضفي على الطعام المطهو والقهوة والشاي طعماً لذيذاً ونكهةً مميزة ويساعد على إبقاء الأس الهيدروجيني للدم بنسبة 7,45 حتى لا يتم سحب الكالسيوم من العظام.
الاستفادة القصوى من الماء
يعتقد أغلب الناس، أن شرب الكثير من الماء الجيد في أي وقت كان، له فوائد صحيّة، لكن الحقيقة هي، كما أن هناك أوقاتاً يكون تناول الوجبات الغذائية فيها أكثر فائدةً لصحتنا، كذلك بالنسبة للماء، هناك أوقات أفضل من غيرها لشربه من أجل الحصول على فوائده. والذين يزرعون النباتات ويعتنون بها، يدركون هذه الحقيقة أكثر من غيرهم، فالإفراط في سقاية النباتات يؤدي إلى تعفن جذورها ثم موتها لأن السقاية لها وقت مناسب وكمية مناسبة. ويشبه ذلك تماماً ما يتعلق بشرب الماء عند الإنسان. فإذا شربت الكثير من الماء قبل أن تتناول وجباتك بزمن قصير جداً فسوف يؤدي ذلك إلى امتلاء معدتك، وبالتالي إلى نقص شهيتك. وعندما تشرب الماء خلال الوجبات، سيخف تركيز الأنـزيمات الهاضمة في معدتك، وهذا ما يجعل هضم الطعام وامتصاصه أصعب. وإذا احتجت إلى شرب الماء أثناء تناول وجبتك فاشرب، ولكن حاول أن لا تزيد الكمية عن كوب واحد.
وحسب النظام الصحي المدروس من قبل المتخصصين في هذا المجال يُنصح أن تكون الكمية المناسبة والوقت الأفضل لشرب الماء كالآتي:
1-3 أكواب من الماء في الصباح قبل تناول أي طعام.
2-3 أكواب من الماء قبل ساعة من الغذاء.
2-3 أكواب من الماء قبل ساعة من العشاء.
تعتبر هذه الأوقات هي الأنسب لإمداد الجسم بالترطيب الذي يحتاجه، فالماء الصّرف يتحرك من المعدة إلى الأمعاء خلال 30 دقيقة ولذلك لا يعيق الهضم والامتصاص. ولكن في الصيف نحتاج إلى المزيد من الماء وبالذات الأشخاص الذين يتعرقون بشدة، كما تختلف الحاجة إلى الماء كذلك باختلاف حجم الجسم.
ويُذكر أنّ الأشخاص الذين لديهم ضعف في الجهاز الهضمي قد يعانون من الإسهال بسبب شرب الماء الكثير، فإن كان شرب 6 أكواب من الماء يسبب الإسهال، فالأفضل تقليل الكمية إلى كوب ونصف، ثلاث مرات في اليوم مع زيادة المقدار تدريجياً.
أما في الشتاء، فينبغي تدفئة الماء قليلاً قبل شربه وتناوله ببطء لأن شرب الماء البارد يخفض حرارة الجسم.
الدهون المخزنة يذيبها الماء الجيد
قد تبدو فكرة إنقاص الوزن بشرب الماء، فكرة مزيفة ليس أكثر. لكن د. شينيا يرى أن الفكرة تنطوي على شيء من الحقيقة. فكيف يكون ذلك؟
عند شرب الماء، تتنبه الأعصاب الودية وعند تنبّه الأعصاب الودّية، يفرز الأدرينالين، وينبه هرمون الأدرينالين بدوره أنـزيم الليباز (الحساس له) والموجود في النسيج الدهني فيعمل الليباز على تحطيم ثلاثيات الغليسيريد إلى حموض أمينية وغليسيرول، مما يسهّل على الجسم حرق الدهون المخزّنة.
وتظهر التقارير العلمية المعتمدة مدى الزيادة الكبيرة في استهلاك السعرات الحرارية نتيجة لشرب الماء، وعلى أساس ما تبينه هذه التقارير، تؤدي المداومة على شرب أكثر من كوبين من الماء بقليل ثلاث مرات في اليوم إلى زيادة السعرات الحرارية المحروقة في الجسم بنسبة 30 بالمائة تقريباً. وإن معدل حرق السعرات الحرارية يبلغ أشدّه بعد نحو 30 دقيقة من شرب الماء.
ولكي يكون الماء فعالاً في هذه المهمة، يُفضّل أن تقل درجة حرارته عن درجة حرارة الجسم، ولا يعني ذلك أن يكون بارداً كالثلج.
واستناداً إلى التجارب العلمية، يؤدي الماء البارد الذي تبلغ حرارته 26,3م (70 فهرنهايت) إلى زيادة استهلاك السعرات الحرارية، ويعد جيداً لهذه الغاية بسبب استهلاكه لمقادير عالية من الطاقة لرفع درجة حرارته إلى درجة حرارة الجسم.
وللحصول على نقص ملحوظ في الوزن، لا بد من إجراء تعديل على عادات الأكل أيضاً. وهذا لا يعني وجوب إنقاص كميته كما يعتقد أغلبنا، بل التعود على تناول أطعمة غنية بالأنـزيمات. وعليه لا بد لمن يريد أن يفقد وزنه الزائد، من المواظبة على تناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الأنـزيمات التي من شأنها أن تعدل بشكل طبيعي وزن أي إنسان بحيث يصبح أكثر ملائمة له.
فزيادة الوزن تأتي كما يذكر د. شينيا من أكل الأطعمة المؤكسدة والمعالجة والتي فقدت جميع أو الكثير من أنـزيماتها، أن الذين يتناولون هذا النوع من الأطعمة يعانون من نوبات الجوع لأنهم لا يأكلون الأطعمة التي تحتوي على المغذيات الضرورية التي تحتاج إليها أجسامهم من الفيتامينات والمعادن والأنـزيمات.
وينبغي أن يفهموا، أنهم لا يأكلون المزيد من الطعام لأنهم يحتاجون إليه بل يأكلون، لإشباع حاجة أجسامهم إلى الأنـزيمات والمغذيات الضرورية الأخرى. ولن تختفي نوبات الجوع التي يعانون منها إلا بأكل الأطعمة المغذية فعلا، فأجسامهم جائعة لما تحتاجه وليس للمزيد من أي طعام يؤكل.
ولضمان قيام الأنـزيمات بعملها بشكل سليم في الجسم لا بد من دعمها بمواد تدعى (تمائم الأنـزيمات) والتي من أهمها تميم الأنـزيم (QIO) الذي لفت الانتباه على مستوى العالم في السنوات الأخيرة لأثره الإيجابـي الكبير على الصحة – كما سبق التأكيد على ذلك في الفصل السابق -.
في الماضي عندما كانت المحاصيل الزراعية تنمو بالأسمدة الطبيعية، وأصناف الأطعمة تقليدية محلية بعيدة عن يد التصنيع الغذائي، كانت الوجبة المتوازنة تعطينا كل ما نحتاجه من المغذيات الضرورية. لكن في الوقت الحاضر تغيّر كل شيء له علاقة بإنتاج الطعام إلى الأسوأ، منذ بدايته كمحصول في أرض ملوثة بالإضافات الكيميائية، ثم رشه بالمبيدات الحشرية أثناء نموه، حتى وصوله إلى أطباقنا بعد عمليات طبخ غالباً ما تكون غير سليمة تسلبه ما بقي فيه من مغذيات. لذلك إذا بقيت تعاني من هبات نوبات الجوع لديك رغم اتباعك لنظام غذائي متوازن. فيجب عليك حينئذ أن تتناول مع وجباتك مكملات من الفيتامينات والمعادن والعناصر الأخرى الضرورية – التي تعرفت عليها في الفصل السابق – لأنها دون الحد المطلوب في غذائك.
من الضروري أن نفهم أن تعديل عادات الأكل، تعني انتقاء نوعيته قبل كميته، ليست نوعيته فقط، بل الانتباه إلى كيفية تناوله وتوقيت تناوله أيضاً.
معظم الأشخاص ذوو الوزن الزائد لا يمضغون الطعام بشكل جيد، فهم يأكلون وجباتهم بسرعة ويفرطون في الأكل حتى التخمة، قبل أن يتمكن مركز الشبع (satiety center) لديهم من إرسال إشارة تخبرهم بأن ما تناولوه يكفي لسد حاجتهم. لذلك فإن تقليل كمية الطعام المتناول ستأتي بشكل طبيعي بعد التعود على مضغ اللقمة 30-50 مرة.
ومن الملاحظ أن جميع الدراسات تنصح بعدم الأكل في وقت متأخر ليلاً قبل الذهاب إلى النوم لأن السمنة ستكون إحدى مجموعة المشاكل الصحية التي يسببها تناول الطعام في وقت متأخر. ولكن إذا لم تستطع تحمل هبات الجوع ليلاً، فالأفضل أن تأكل قطعة من الفواكه الطازجة التي تحتوي على الكثير من الأنـزيمات قبل ساعة من النوم تقريباً، هذا هو الخيار الأفضل، لأن الأنـزيمات الموجودة في الفواكه تزيد قابلية الهضم بشدة، كما أنها تتحرك من المعدة إلى الأمعاء خلال 30-40 دقيقة تقريباً.
عندما تغيّر عاداتك الغذائية بأخرى جديدة مفيدة لصحتك، سوف يبلغ جسمك الحالة المناسبة لك بشكل طبيعي، ولا حاجة لك حينئذ إلى الاعتماد على نظام غذائي خاص لإنقاص الوزن أو زيادته، فجسمك سوف يعدل نفسه نحو أكثر وزن مناسب.