التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

المبادىء الأساسية في تعديل سلوك الأطفال

يوجد عدد من المبادئ التي يقوم عليها تعديل السلوك ويجب علينا التعرف على هذه المبادئ لتحديد المفاهيم التي سنقوم باستخدامها في تعديل بعض السلوكيات غير المرغوبة التي سنشير اليها.

1 – مبدأ التعزيز:

تقوم فكرة التعزيز بوجه عام إلى منح القائم بالسلوك معززًا ما أو مثيرًا ما بعد إظهاره للسلوك بحيث يرتبط منحه لهذا المثير أو المكافأة بإظهاره لهذه الاستجابة ويجب أن نلفت النظر إلى أن المعززات نوعان:

الأول: معزز إيجابي:

وهو الذي نقدمه كمثير مسبب بعد استجابة نرغبها ونريد أن يزداد ظهورها. مثل محبة الأسرة لأطفالها بعد سلوك ترضى عنه مثل اتباعه لبعض العادات الصحية أو الانصياع لما تضعه من قواعد للنظام والنظافة.

الثاني: معزز سلبي:

ويقصد به إخفاء مثير محبب أو إظهار مثير غير محبب عند ظهور سلوك لا نرغب فيه، وذلك حتى يختفي أو لا يظهر بصورته الحالية. وهنا يعتبر التعزيز وكأنه وسيلة من وسائل دفع السلوك حتى الطريقة المرغوبة.
ولكي يأتي التعزيز بدوره ينبغي أن يكون له الشروط التالية:

  • أن يعقب السلوك مباشرة إما بحدوثه وإما بالتنويه على أنه سيحدث بعد السلوك المرغوب.
  • أن يلازم حدوث السلوك المرغوب (إيجابيًا) لمدة معينة تجعل هناك رابطة لدى القائم بالسلوك تشعره بأنه بمجرد قيامه بالسلوك سيحصل على هذا المعزز.
  • أن يتم اختيار المعزز بناء على أهميته بالنسبة للقائم بالسلوك حتى يكون له تأثير بالنسبة له فما يهم طفلا ويشجع سلوكه ويعتبر بالنسبة له محفزا قد لا يكون كذلك بالنسبة لطفل آخر.

لذا لا بد من أن ننتقي المعزز الذي يدفع الطفل. ويرى الكثيرون أن السلوكيات التي لا نرغبها لدى الطفل ما هي إلا تعزيز خاطئ تم سابقًا لدى الطفل حتى تأكد بالنسبة له هذا السلوك. وحينما نتحدث مع أسرة الطفل نجد ذلك حقيقة واقعة. وجدير بالذكر أن التعزيز قد يكون مجرد (السكوت) فالسكوت عن إصدار أي استجابة من الأسرة تجاه ما يقوم به الطفل من سلوكيات غير مرغوبة قد يكون مما حددته تعزيزًا لهذا السلوك، حيث كان يتوقع الطفل أن يحصل على عقاب عليه، وبما أنه لم يحصل على عقاب فقد اعتبر أن الصمت أو عدم إظهار استجابة رد فعل معزز السلوك.

2 – مبدأ العقاب:

إذا كان هدف التعزيز هو تثبيت سلوك معين أو تكراره باعتباره سلوكًا مرغوبًا نهدف في تعزيزه وتحفيز القائم به على الاستمرار؛ فإن العقاب الهدف منه هو التنفير من سلوك سلبي أو سلوك لا نرغب فيه، وذلك باتباع هذا السلوك بمثير غير محبب أو غير مرغوب بحيث يحدث بينهما رابطة يتعلم القائم بالسلوك من خلالها أن إيمانه بهذا السلوك سوف يعقبه ضرر أو أمر غير محبب.
وبوجه عام يوجد درجتان من العقاب:

  • العقاب من الدرجة الأولى: والذي يشير إلى منح من يقوم بالسلوك مثيرًا سلبيًّا أو مثيرًا منفرًا (وهو النوع الذي ننوه إلى أن تعديل السلوك وأصحاب النظريات الحديثة فيه يؤكدون على ضرورة التقليل منه).
  • العقاب من الدرجة الثانية: والذي يقوم على حرمان الطفل من مثير محبب عند اتسامه بسلوك غير مقبول أو مرفوض من أسرته أي وقف شيء أو مثير يحبه فقط.

3 – مبدأ التمييز:

التمييز بصفة عامة هو القدرة على تصنيف المثيرات من خلال إدراك خصائص هذه المثيرات بحيث يمكنه التصنيف بناء على هذه الخصائص وهذه المثيرات وبالتالي يأخذ موقفًا منها بناء على هذا التصنيف. والتميز مهارة عقلية راقية تنمو بعد فترة معينة من نضج الطفل وإيجاد القدرة على استيعاب الخصائص وتجميعها في مجموعة، وإيجاد الفروق بينها وبين المجموعات الأخرى المختلفة في خصائصها.

ويقوم مبدأ التمييز في تعديل السلوك على تمييز الطفل للسلوك الذي يستوجب التعزيز وذلك الذي يستوجب العقاب حتى ولو كان من نفس الفئة العامة للسلوك؛ فمثلاً خلع الطفل لملابسه عند الحمام أو نزول حمام السباحة سلوك مقبول ولكنه مرفوض دون مناسبة لذلك. أو يميز بين قبول الأسرة لضرب الطفل لطفل آخر في لعبة رياضية لها قواعدها مثل الكاراتيه أو الملاكمة ورفضها وعدم تقبلها لهذا التصرف في مواقف الحياة العادية بينه وبين أقرانه من الأطفال.

4- مبدأ انتقال أثر التدريب (التعميم):

والمقصود به هنا أن ما تعلمه الطفل في تكوين سلوكه نحو مثير معين يستطيع تعميمه على المثيرات الأخرى المشابهة.
وهو ما يعني أن التعليم ينتقل من موقف إلى آخر يحمل خصائص الموقف الأول نفسه أو يقترب منه في المواصفات. فإذا علمنا الطفل ودربناه على اتباع النظام واحترام دوره في اللعب فسوف ينتقل ذلك إلى احترام دوره في أي موقف يتضمن تنظيم الأفراد في طابور أو الحصول على الخدمات تبعًا لدورٍ يحمله كل فرد.

وتتوقف قدرة الطفل على التعميم على العوامل التالية:

  • توضيح الأسرة لعناصر الموقف ولماذا تطلب من طفلها أن يستجيب بهذه الطريقة في هذا الموقف حتى يستطيع إحداث القياس بين هذا الموقف وغيره، وبالتالي يتمكن من تصميم الاستجابة.
  • أن يكون الموقف مشابهًا للموقف الذي تعلم فيه الطفل بدرجة تساعده على هذا التعميم، ويفضل أن توضح الأسرة خاصة للأطفال الصغار المواقف المتشابهة التي يجب عليه إصدار نفس الاستجابة فيها.

ج. درجه نضج الطفل حيث إن التعميم أيضًا يحتاج قدرة من الطفل على تحديد جوانب التشابه، وإن كان التعميم يظهر قبل القدرة التمييزية التي تعد تطورًا أكبر في القدرات وتحتاج إلى درجة نضج أعلى من التعميم. وبالطبع هناك عدد آخر من المبادئ التي يجب أن تكون على دراية بها، سيرد بعضها أثناء تناولنا للأجزاء التالية:

الخطة العامة لتعديل السلوك:

  • تحديد السلوك المستهدف.
  • تعريف السلوك المستهدف.
  • قياس السلوك المستهدف.
  • التحليل الوظيفي للسلوك.
  • تصميم خطة العلاج.
  • تنفيذ خطة العلاج.
  • تقييم فاعلية العلاج.

1 – تحديد السلوك المستهدف:

أولى خطوات تعديل السلوك هو البدء بتحديد السلوك غير المقبول أو الذي يحتاج إلى تعديله لكي يصبح أكثر ملاءمة، وهنا نجد عددًا من الأمور الخلافية التي يجب أن ننوه عنها ونطرحها لنحدد اتجاهنا نحوها.

أولاً من الذي يحدد السلوك غير المرغوب:

موضوع تحديد السلوك المضطرب أو غير المرغوب أحد الجوانب الهامة في خطة تعديل السلوك. فمن المفترض أن الأسرة التي نشأ فيها الطفل والبيئات الأخرى التي يحتك بها الطفل هي التي تحدد السلوك غير المرغوب والذي تريد تعديله باعتبارها الأكثر دراية بسلوك الطفل والأكثر ضررًا من نتائجه، وبالتالي تبادر بالشكوى منه.
وعلى الرغم من أن الأسرة هي المنظمة الأولى والجهة الأساسية في تحديد السلوك غير المرغوب فإنه في بعض الأحوال يصعب ذلك. فكثيرًا ما تأتي الأسرة بكلمات فضفضة لا يمكن تحديد نطاقها بدقة بحيث يمكن التدخل فيها فتقول “ابني غير مهذب”.. “ابني لا يسمع الكلام”.. “ابني عدواني”.. “ابني يكره أخيه”.. “ابني يجتهد في إحراجي ومضايقتي”… وجميعها جمل وكلمات وأوصاف عامة تحتاج إلى الكثير من التحديد والفهم.

ولذلك يحتاج الأمر إلى تدخل المتخصص في تحديد السلوك المضطرب حتى يمكن إيجاد التدخل المناسب، وبالتالي فلا يمكن أن نقول إننا يمكننا التخلي عن رأي الأسرة في تحديد السلوك. حيث يقوم تعديل السلوك على مشاركة أولياء الأمر في الخطة بأجزائها المختلفة بداية من تحديد السلوك وتعريفه حتى تقييمه ومتابعة خطوات التدخل والمساعدة على تحقيقها.
ويشير العاملون في مجال تعديل السلوك إلى أن القائم بعملية التداخل في تعديل السلوك ينبغي أن يجيب على الأسئلة التالية:

1. هل هناك مشكلة سلوكية فعلية تحتاج إلى تعديل؟
2. هل هناك اتفاق بين الجهات المختلفة التي يتعامل معها الطفل (كالأسرة والروضة أو المدرسة والأقران والجيران) على هذا السلوك؟
3. هل يختلف هذا السلوك عما هو متوقع منه بحكم المرحلة العمرية التي يمر بها؟
4. هل يمثل السلوك غير المرغوب حجر عثرة أمام تكيف الطفل وتوافقه وإظهاره لمهاراته؟
5. ما نتائج الفحوص الطبية والصحية؟ حيث إن السلوك قد يكون نتيجة لحالة مرضية.
6. هل هناك تدخلات سابقة لحل هذه المشكلة بأي طريقة من طرق التدخل.
7. ما احتمالات النجاح في تنفيذ الخطة التدخلية؟
8. هل هناك جهات يجب أن تتعاون مع الخطة ويجب التعرف على مدى استعدادها للتعاون؟
9. هل هناك محفزات ومعززات معينة يمكن أن تساعد في سرعة تحقيق النتائج المرغوبة من التعديل؟
10. ما المعوقات التي يمكن أن تؤثر على نتائج البرامج وينبغي عمل حسابها منذ البداية؟

كل هذا يجب وضعه من البداية ثم القيام بصياغة السلوك وتحديده بما يمكن من التعامل الكفء معه.

ثانيًا: كيف نحدد السلوك الذي يحتاج إلى تعديل قبل غيره؟ (ترتيب الأولويات):

قد يأتي الطفل بعدد من الشكاوى الأسرية من مجموعة من السلوكيات غير المرغوبة، ومع تجمعها تشكل مشكلة بالنسبة للأسرة في التعامل مع الطفل. ومن الموضوعات الهامة في هذا الصدد هو كيف نحدد الأولويات عند البدء بتعديل سلوكيات الطفل المضطربة المتعددة؟
هناك عدة معايير يمكن النظر إلها عند اختيار السلوك الذي سنبدأ به وهي:

  • يجب أن نختار السلوك الذي نتوقع أن يأتي بنتيجة جيدة، ويمكن للطفل أن يعد لها بسهولة ويتعاون فيها مع البرنامج التداخلي.
  • يجب البدء بالسلوك الذي يهم الأسرة تعديله، والذي تلاقي منه ضررا كبيرًا، حيث إن ذلك سيكون دافعًا له في التعاون مع البرنامج وتذليل العقبات التي قد تواجه خطة التعديل.
  • يجب أن نبدأ بالسلوك الذي يحقق فائدة مباشرة للطفل نفسه؛ لأن هذا سيدفعه هو الآخر للعمل على تعديل هذا السلوك والسعي لاتباع قواعد خطة التدخل.
  • البدء بالسلوك الذي ينعكس تعديله على تعديل سلوك آخر مرتبط به. فمثلاً الطفل الذي لا يستطيع الانفصال عن الأسرة بالبقاء وحده في الروضة، فإذا ما عدلنا ذلك السلوك وجعلناه يستطيع أن يتخلى عن هذا الالتصاق في النوم أو يكون تعديله أسهل.
  • تعديل السلوك الذي يمكن استبداله أو إحلاله بسلوك آخر يغطى الغرض نفسه الذي يحققه السلوك المضطرب لمن يقوم به، فإذا كان تمسك الطفل بأسرته وعدم رغبته في الانفصال عنها يحقق له الشعور بالأمان ويقلل من خوفه، فعند تعديله ينبغي توفير سلوك آخر مقبول يحقق له النتيجة نفسها.
  • السلوك الذي تتفق عليه كل الجهات التي يتعامل معها الطفل، ويتوافق مع الإمكانات المتاحة لتعديله.

2 – تعريف السلوك المستهدف:

كما أشرنا أن تحديد السلوك الذي نرغب في تعديله يتوقف عليه الكثير من الأمور الهامة في نجاح عملية التدخل والوصول إلى النتائج المرغوبة وبالدقة المطلوبة فإن الشيء نفسه ينطبق على تعريف السلوك المستهدف والذي نرغب في تعديله.
والتعريف يتيح لنا الكثير من الأمور، لذا ينبغي الدقة فيه، ومن بين الأمور التي تتوقف على دقة التعريف في تعديل السلوك ما يلي:

  • تحديد الأسلوب الأنسب في التعامل مع السلوك المستهدف، فعلى سبيل المثال إذا ذكرت الأسرة أن الطفل عدواني دون أن تحدد وتعرف العدوان بالنسبة لها كسلوك يظهر لهم يصفونه بأنه عدواني لا يمكن أن نحدد بأي وسيلة وتحت أي ظروف سيتم وضع السلوك المستهدف للتخلص من آثاره أو تعديله في الجهة المرغوبة.
  • تحديد السلوك المستهدف بصورة قاطعة يحدد معيار قياس نتائج الخطة العلاجية أو التعديلية، فإذا عرفنا بدقة سلوك الطفل بأنه التبول اللاإرادي ليلا دائمًا وبغض النظر عن وقت نومه أو نوعية الطعام التي تناولها، وبغض النظر عن فصول السنة؛ فإن ذلك يمكننا من قياس التعديل والمراحل التي يمر بها، فإذا كانت الخطة التعديلية تمر بمراحل وأتت المرحلة الأولى بنتيجة مفادها أن: الطفل بدأ يتبول لاإراديًّا ما بين 1-2 فقط أسبوعيًّا، فإن ذلك يشجع على الاستمرار على الخطة المتبعة باعتبارها تؤدي ما هو مطلوب حيث الفرق بين ما كان عليه الوضع قبل التدخل بنتائج المرحلة الأولى للتداخل… وهكذا فإن تعريف السلوك بطريقة واضحة يمكن من القياس وتقدير حجم التغير والنجاح في الخطة التدخلية.
  • التعريف الدقيق للسلوك الذي نستهدف من الخطة التعديلية يساعد في معرفة الأسباب التي تؤدي لظهور هذا السلوك، وبالتالي فإن التعريف الدقيق يمكن واضع الخطة التدخلية من وضع بدائل لهذا السلوك تحقق لدى الطفل النتائج التي يحصل عليها من سلوكه غير المقبول ولكن بسلوك إيجابي تقبله الأسرة والمحيطون بالطفل، وذلك ما أوضحناه حين ضربنا المثال بحالة الطفل الذي يبكي ويرفض بشدة ويظهر سلوكيات غير مقبولة عند تركه بمفرده في الروضة نظرًا لرغبته في الأمان في وجود الوالدين. فإذا ما حددنا هذا السلوك ثم عرفناه بطريقة دقيقة أمكننا ذلك من وضع بديل مقبول يحقق للطفل الشعور بالأمان الذي يحتاجه ولا يجعله في حاجة إلى السلوك المضطرب أو السلوك غير المرغوب الذي نضع خطة لتعديله، وبالتالي يسهل التخلي عنه والتعاون مع الخطة التعديلية.

3 – قياس السلوك المستهدف:

لكي نقوم بتحديد خطة العلاج وتعديل السلوك المستهدف يجب أن نقوم بقياس هذا السلوك أولا للتعرف على تكرارية حدوثه وشدة هذا السلوك.
ولقياس السلوك عدة وسائل تشمل:

  • التقارير التي تقدمها الأسرة والمدرسة:
    حيث يمكن التعرف على شدة وطبيعة السلوك ودرجه ومدى تكراريته من خلال التقارير التي تقدمها الأسرة والمدرسة والتي يطلبها أو يسعى للحصول عليها من سيقوم بوضع خطة تعديل السلوك، ثم يحاول تحديد شدة وتكرار السلوك من هذه التقارير بحيث يأخذ في اعتباره المبالغة من بعض الأطراف (سواء أكانت عن قصد أم عدم قصد) والتبسيط من بعض الأطراف الأخرى وللوصول إلى درجة مقاربة للحقيقة لا بد أن يعتمد من يقوم بالقياس على أكثر من وسيلة تؤكد اتجاها معينًا أو تجعل كفته هي الأرجح.
  • الملاحظة: وهي من بين الطرق التي يعتمد عليها بدرجة كبيرة في هذا المجال، حيث يقوم من سيتولى وضع الخطة العلاجية التعديلية بملاحظة السلوك حتى يمكن قياس شدته ومداه وتكراره.

ولكي تقوم الملاحظة بدورها في قياس السلوك بدقه ينبغي الاهتمام بما يلي:
– أن تتم الملاحظة دون أن يلتفت الطفل إلى أنه تحت الملاحظة بحيث لا يغير ذلك من تلقائية السلوك ويتعرض الطفل بحرية كاملة تتيح قياس ذلك السلوك المستهدف تعديله.
– أن تتم الملاحظة (قدر الإمكان) في موقف طبيعي أو معد بحيث يكون أقرب للظروف التي يتم فيها هذا السلوك، وهو ما يسمى باصطناع البيئة التي يظهر فيها هذا السلوك.
(غير أن هذا ينطبق في بعض المواقف التي يتمكن فيها المتخصص من ذلك، أو تقوم به الأسرة إذا كانت هي التي ستقوم بتعديل سلوك طفلها).
– السعي إلى تعيين الملاحظة ووضع قواعد دقيقة لها بحيث تكون أقرب للموضوعية ويقل تأثر الملاحظة بشخصية الملاحظ أو علاقته بالطفل.
هذه الأمور في مجملها تجعلنا نطمئن للملاحظة والتقرير الذي يأتي من خلالها واعتباره معيارًا للحكم على سلوك الطفل وقياس وتحديد شدته وتكراره.

  • الاختبارات والمقاييس المختلفة:
    من بين الأدوات التي يمكن أن تستخدم في قياس السلوك نجد أيضًا الاختبارات والمقاييس المعدة لقياس سلوك معين مثل الاختبارات المعدة لقياس المخاوف المرضية لدى الطفل مثل فوبيا الحيوانات أو الخوف المرضي من المدرسة أو غيرها.
    وميزة هذه الاختبارات كأدوات للقياس أنها أكثر موضوعية بالاضافة إلى أنها تقوم على مقارنة الطفل بأقرانه في نفس مرحلته العمرية والظروف المجتمعية التي يعيش فيها، حيث تُعدُّ الاختبارات لتناسب المجتمع الذي تقدم فيه، وهو ما نطلق عليه (تقيين) الاختبارات، بالإضافة إلى ذلك فإن الاختبارات تقيس السلوكيات الثابتة وتحدد ما إذا كان هذا السلوك وصل للحد المرضي أم لا.
    وتتدخل درجة الطفل على الاختبار في وضع الخطة التدخلية بناء على درجة الطفل.
    ويمكن استخدام نتيجة الطفل أو أدائه على الاختبارات النفسية والسلوكية كمؤشر على التعديل وذلك من خلال مقارنة القياس القبلي؛ أي: تحديد شدة السلوك قبل أي تدخل بالقياس البعدي أي الذي يتم بعد التدخل في التعديل، والفرق بين أداء الطفل على الاختبار قبل خطة التدخل وبعدها هو ما يعبر عن التقدم الذي تحقق نتيجة التدخل التعديلي.

4 – التحليل الوظيفي للسلوك:

بعد تحديد السلوك المستهدف وتعريفه وقياسه يجب أن نقوم بتحليل هذا السلوك، وذلك على النحو التالي:
– من يقوم بالسلوك؟
محمد هو من يقوم بهذا السلوك.
– ما السلوك؟
الضرب.
– أين يتم السلوك؟
في المدرسة.
– ضد من يتم السلوك؟
زملائه في الفصل.
– متى يتم السلوك؟
فترة الراحة.
– ما الظروف المحيطة بالسلوك؟
عدم رغبة الأطفال في إشراكه في اللعب.
– كيف يؤدى السلوك؟
باستخدام الأيدي واللجوء للعض أحيانًا.
– ما رد فعل الطرف الآخر في الموقف؟
الجري والإصرار على عدم إشراكه والشكوى منه.
– كيف ينتهي الموقف؟
طلب المدرسة اعتذار الطفل عن فعلته في كل مرة.
– ما رد فعل الطفل تجاه هذا الإجراء؟
البكاء وعدم الاعتذار والتنازل كل مرة عنه.

5 – تصميم خطة العلاج أو الخطة التعديلية للسلوك غير المرغوب:

وأولى خطوات تصميم الخطة ما يلي:
أولاً: صياغة الأهداف السلوكية من الخطة التعديلية:
أولاً خطوات التدخل لتعديل إحدى السلوكيات غير المرغوبة هو تحديد واضح للهدف الذي نرغب فيه في صورة سلوكية، ولذلك عدة جوانب ترتبط بفكرة الهدف نفسها، فأي هدف لا بد أن تتوافر له عدة أركان لكي يمكننا أن نعمل على تحققه بدقة دون تحقيق قدر كبير من الخسائر أو الأضرار، وهو ما نطلق عليه الأهداف الجيدة.
وهذه الخصائص تشمل:

  • أن يكون الهدف واضحًا:  أن يصاغ الهدف بطريقة لا تحدث التباسًا. ففي المثال السابق يصاغ بالشكل التالي: أن يقول أحمد كلمات تعبر عن امتنانه.
  • أن يكون الهدف محددًا: بمعنى أن يصاغ بصورة محددة مانعة جامعة لما نريد مثل: أن يقول الطفل كلمة شكرًا.
  • أن يكون قابلاً للقياس: يجب أن نحدد الهدف بمعيار يمكن الرجوع إليه لتحديد مدى تحقق هذا الهدف من عدمه، ودرجة تحقق هذا الهدف… ففي المثال السابق نقول: أن يقول أحمد كلمة شكرًا (في كل مرة تقدم له خدمة أو طلب…)

أو نقول: أن يقول أحمد كلمة شكرًا في 3 مرات من كل 5 مرات تقدم له فيها خدمة أو يؤدى له طلب يحتاجه.
وهنا وضعنا معيارًا لقياس تحقق هذا الهدف ودرجة هذا التحقق.

  • أن يكون موقوتاً ومحددًا بمدة زمنية معينة: فالكثير من السلوكيات قد تتحسن مع الزمن الطويل دون تدخل، إلا أن تعديل السلوك والخطة القائم عليها لا بد أن تكون محددة بمدة زمنية تصاغ ضمن صياغة الأهداف، وفي المثال السابق تكون الصياغة كالتالي:

يستطيع أحمد بعد مدة شهرين أن يقول شكرًا في كل مرة تقدم له الخدمة أو طلب من أي شخص.
هنا نكون حددنا الهدف سلوكيًّا بطريقة جيدة تشمل وصف الهدف وتوضيحه وتحديده بدقة وتوضيح طرق قياسه بوضع معايير له توضح درجة تحققه، وأخيرًا تكون خطة تعديل هذا الهدف محددة بمدة زمنية معينة لإحداث هذا التعديل المطلوب على السلوك المستهدف.
والخطوة الثانية في تصميم الخطة التدخلية هو تحديد نقاط القوة لدى الطفل والمهارات التي سيتم استخدامها في التعديل. بالإضافة إلى تحديد المعززات ذات الأهمية بالنسبة له بحيث تكون له مدعمًا على تعديل سلوكه والتعاون مع إجراءات التدخل.
وبعد تصميم الخطة التدخلية ينبغي أن نهتم بمشاركة من يتعاملون مع الطفل وسيكون لهم دور في تنفيذ الخطة فيما بعد… ولكي نضمن تضامنهم مع ما نضع من خطوات تنفيذية في خطة التدخل لا بد أن يكونوا معنا منذ البداية ونشركهم في تصميم الخطة التدخلية من أول خطوة، فإذا كانت الأم هي من ستقوم بوضع الخطة التدخلية فلا بد أن يشترك معها باقي أفراد الأسرة حتى يساعد كل منهم في جزء من التنفيذ بما يساعد على سرعة الوصول للنتائج المرغوبة.
الشيء نفسه إذا كان الطفل يذهب إلى مدرسة، فأيضًا ينبغي على الأم إعلامهم لما وضعته ليساعدوهم أيضًا بدورهم أثناء عدم وجودهم معه أو في المواقف السلوكية التي تتم في المدرسة وتأتي من الطفل شكوى فيما يتعلق بها. فهذا التعاون يزيد من فاعلية التدخل ويعجل نتائجه.

6 – تنفيذ خطة العلاج أو تعديل السلوك المستهدف:

بعد تجهيز وإعداد الخطة وتصميمها بناء على الدقة في كافة الخطوات السابقة تأتي إلى مرحلة تنفيذ الخطة التدخلية. وعلى الرغم من أهمية كل الخطوات السابقة في نجاح وفاعلية خطة تعديل السلوك فإن هذا الإعداد قد يضيع كل نتائجه إذا لم يتم تنفيذ الخطة بالطريقة السليمة ويستوجب نجاح عملية التنفيذ ما يلي:

  • أن يتم الاتفاق بين جميع الأفراد والجهات التي تتعامل مع الطفل حول مضمون الخطة التعديلية وعلى طريقة تنفيذها في المواقف المختلفة.
  • على الرغم من أهمية المرونة عند تنفيذ أي خطة بحيث تستجيب للظروف، فإن ذلك يعني أن نقوم بتغييرات مستمرة في الخطة عند التنفيذ بدون أسباب قهرية لذلك. فمثلاً لو وضعنا خطة لعزل الطفل عند النوم في سريره فلا يجوز للأم لو وجدت الطفل متضايقًا من ذلك أو يبكي أن توقف هذه الخطوات وترجعه ثانية إلى سريرها؛ لأن ذلك سيعطل الخطة ويصعب العودة لها مرة أخرى.
  • ينبغي تنبيه الطفل دائمًا إلى التقدم الذي يحرزه ليكون ذلك دعمًا آخر إلى جانب عوامل الدعم الأخرى.

كل هذه الأمور أثناء التنفيذ تساعد على تحقيق ما نرجوه من الخطة وما صممت لأجله وهو ما يمكننا من تقييمها وهي النقطة التالية التي نتحدث عنها.

7 – تقييم فاعلية العلاج أو الخطة التعديلية:

وهذه المرحلة هي التي نقف فيها على نتائج ما يتم وضعه وتنفيذه في الخطة التعديلية لسلوك الطفل، ولا بد أن يكون التقييم بشكل دائم وخلال التنفيذ بصورة دورية بحيث لا يكون في نهاية التنفيذ، فنخسر فرصة التعديل أثناء تنفيذ الخطة.
بمعنى آخر أن يتم التقييم مرحليا فنرى مدى تحقيق كل مرحلة للهدف المطلوب منها طبقًا للمعايير التي تم وضعها للحكم على تحققه من عدمه.
فمثلاً إذا كان المطلوب من المرحلة الأولى في الخطة هو أن ينخفض ​​معدل ضرب الطفل لزملائه في المدرسة من 7 مرات أسبوعيًّا بمعدل مرة على الأقل كل يوم إلى مرتين أسبوعيًّا فقط حينما يفقد أعصابه أو قدرته على السيطرة على اندفاعاته مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الضربات بسيطة تشبه المناوشة.

فإنه للحكم على نجاح هذه المرحلة لا بد أن نضع هذه المعايير في الاعتبار، وكما أشرنا في مرحلة التنفيذ على ضرورة أن يكون هناك مرونة في الحكم على مدى تحقق الهدف فننظر لبعض الظروف التي ربما أثرت في النتائج؛ مثل مرض الطفل خلال هذه الفترة، تعرضه للحرمان من المدرسة لمدة فرضت عليه عدم اتباع الأسرة لخطوات الخطة كما يجب.