أمراض الكلى تعد من الأمراض المنتشرة في منطقتنا العربية، والتي باتت تنتشر بشكل
كبير لأسباب عديدة يعود بعضها لطبيعة المنطقة ومناخها، ومن أكثر أمراض الكلى
انتشارا تلك التي تصيب الأطفال وعلى رأسها ما يسمى بمتلازمة النفروز الكلوية أو
المتلازمة البروتينية، فما هي هذه المتلازمة وما أسبابها وكيف يتعامل معها الأطباء،
للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها التقت الصحة أولا بـ د. مازن أبو شعبان أخصائي طب
الأطفال وأمراض الكلى عند الأطفال والذي حدثنا عن المتلازمة البروتينية قائلا: لدى
الإصابة بالمتلازمة البروتينية تزداد كمية البروتينات المترسبة في البول، وهذا
البروتين المترسب كان من المفروض أن يعاود دورته إلى الدم، وبترسبه في البول سيفقد،
ونتيجة فقدان البروتين عن طريق البول يحدث للجسم أعراض كثيرة فالبروتين ضروري لنمو
كل الخلايا ومن أهمها وخصوصا عند الأطفال خلايا الدماغ وأيضا عضلات الجسم ونموه
بشكل عام، وتتحكم البروتينات أيضا في امتصاص الكثير من الأملاح والمعادن الأساسية
لجسم الإنسان وأهمها الكالسيوم الذي يدخل في تركيب العظام والأسنان،
فالطفل الذي يعاني من فقدان كبير للبروتين عن طريق البول والذي بدوره يحدث نقص في
كمية البروتين في الدم، يعاني عادة من ضعف في النمو وتجميع للمياه في أماكن مختلفة
من الجسم وخصوصا حول العينين والوجه، ويأتي بعدها كل المناطق التي تتحكم بها
الجاذبية الأرضية،
وذلك لأن الجاذبية تقوم بشد السوائل في جسم الإنسان وتنزلها لأقصى مكان ممكن في
الجسم، وهي الأقدام والأعضاء التناسلية وفي البطن، وهذه الأعراض الظاهرة للمرض
والتي يلحظها المحيطون بالشخص المصاب والذي يقلقنا ويؤدي لظهور المشاكل هو ما يحدث
داخل الجسم.
طرق الإصابة
عن الطرق المؤدية للإصابة بهذا المرض قال د. أبو شعبان: إن للمتلازمة البروتينية
ثلاث طرق وأهمها وأكثرها انتشارا هو عن طريق الوراثة، وهو من أنواع المتلازمة
البروتينية المتوارثة حيث يولد الطفل وهو يحملها، ويعاني من ظواهر المرض الخارجية
بعد الولادة بفترة قصيرة،
حيث يبدأ تجمع المياه في الوجه وباقي أجزاء الجسم، وكذلك تتجمع المياه في الأغشية
التي تحيط الأعضاء المهمة في جسم الإنسان كالرئتين والقلب، وتجميع المياه حول
الرئتين يؤدي إلى حدوث ضغط عليها قد يتطور لضيق في التنفس في مراحل متقدمة، وتجميع
المياه حول بطانة القلب تحد من عمله وقدرته مما يؤدي إلى هبوط مفاجئ في عضلة القلب،
وتجميع المياه في الغشاء المبطن للدماغ قد يؤدي إلى عدة أمراض كالصرع وغيره،
وللإصابة بالمتلازمة البروتينية وراثيا يجب أن يكون أحد الأبوين أو كلاهما حاملين
للمرض لكي ينجبوا طفلا يعاني من المتلازمة البروتينية الوراثية، وهي من الأنواع
التي يصعب علاجها ذلك لأن الكلية تكون مولودة مع الإنسان مختلة، والطرق الأخرى
للإصابة بالمتلازمة هي المكتسبة وهي مقسمة لعدة أجزاء جزء بسيط يستجيب للعلاج
بسهولة، وجزء لا يستجيب للعلاج
وقد يتطور ويدخل في عملية تليف للكليتين ومن الممكن أن يؤدي لفشل كلوي في المستقبل
وهنا تقع المسؤولية على عاتق طبيب الكلى في كيفية مهاجمة المرض بسرعة ووقفه عند حده
وعدم السماح له بالتطور لمراحل أخرى.
سبل التشخيص
وحول كيفية تشخيص مرض المتلازمة البروتينية قال د. أبو شعبان:تشخص المتلازمة
البروتينية بالنظر في معظم الأحيان، والأم التي تحضر طفلها ليست طبيبة، فقد لاحظت
الانتفاخات في جسم طفلها ووجهه مما دفعها للشك أن هناك مشكلة، وهذه الظواهر التي
تصيب الأطفال تصيب الكبار أيضا، فالمتلازمة البروتينية مرض واحد يصيب الأطفال
والبالغين، والفرق الوحيد أنه في سن الطفولة من السهل علاج المرض فكلما كانت
الإصابة بعمر أكبر كان العلاج أصعب،
والأسباب معقدة أكثر، وبالنسبة للتشخيص فله أكثر من شق، الأول السريري حيث يتم فحص
المصاب والظواهر التي عليه من انتفاخات وتجمع مياه، وخلال الفحص السريري يجري
للمريض فحص للبول، فيلاحظ أن كمية البروتين الموجودة في البول تكون إيجابية بنسب
عالية أي أن فقدان البروتين عن طريق البول أصبح كبيرا،
وهذا يعني أن أعراضها بدئت داخل جسم المصاب، وليس كل وجود للبروتين في البول يعني
الإصابة بالمتلازمة البروتينية ولكن عندما يكون بنسب عالية وتظهر الأعراض الخارجية
على جسم المصاب، وتجمع المياه يحدث بسبب أن الجسم البشري عند فقدان أي مركب داخله
تحاول أعضاؤه تعويضها، فبمجرد حصول فقد للبروتين عن طريق البول لأي سبب من الأسباب
يقوم الكبد بتعويض الكمية خصوصا لو كانت قليلة ومعقولة فلا يشعر الجسم بنقص
البروتين،
ولكن في حال ازدياد الكمية المفقودة فإن الكبد لا يستطيع تعويضها فيحدث إرهاق
للكبد، وفي نفس الوقت تظهر أعراض نقص البروتين من تجمع المياه وضعف النمو إلى آخره
من أعراض، ويجب الإشارة هنا إلى أن الكبد مصنع لكثير من المواد في الجسم مثل الدهون
والكولسترول وعند عمله بطاقة كبيرة لتعويض البروتين المفقود في البول تلقائيا سيحدث
تصنيع للدهون فتزيد وبالذات الكولسترول وهو غير حميد،
فمن يعاني من ظاهرة المتلازمة البروتينية تكون نسبة الكولسترول عنده عالية وهذا
الشق الثاني من التشخيص، وفي حال طالت مدة فقدانه للبروتين سيعاني من خلل في
المعادن والأملاح ومن أهمها الكالسيوم وهو ضروري في جسم الإنسان، أما بخصوص وجود
الدم في البول، فوجوده ليس ضروريا لتشخيص المرض من الممكن وجوده ويسمح بكميات
قليلة،
ولكن إذا زادت نسبة الدم عن المسموح به معنى ذلك دخولنا في نوع آخر من المتلازمة
البروتينية وهي متلازمة بروتينية مع التهاب غير بكتيري في الكبب الكلوية، وهنا ندخل
في تعقيدات أخرى، ومن أهم أنواع تشخيص المرض الحديثة، هو التشخيص الجيني، وهو عن
طريق الجينات من الأب والأم والشخص المصاب، ويمكن التشخيص أن يعطينا فكرة عن نوعية
المرض ومدى استجابته للعلاج في المستقبل.
وسائل العلاج
وبخصوص العلاجات المستخدمة للمتلازمة البروتينية حدثنا د: أبو شعبان قائلا:في
المتلازمة البروتينية نلجأ أولا لعلاج الأعراض وهي تجميع المياه بأدوية تقوم بطرد
ها من الجسم، وعلاج المتلازمة الأساسي هو الكورتيزون، وهو علاج لكل مرض غير معروفة
أسبابه، أو له علاقة بالمناعة في الجسم أو التحسس، والمتلازمة البروتينية لها علاقة
بالجهاز التحسسي وبالجهاز المناعي لذلك تعالج بالكورتيزون،
وبما أن المريض سيأخذ الكورتيزون يجب أولا أن نتأكد أنه أنهى كل مراحل التطعيم، لأن
المريض الذي يأخذ الكورتيزون يعاني من اضطراب بسيط في المناعة وبالتالي لا يمكن
إعطاؤها له، فنحرص على أن يكون قد أخذها قبل بدء العلاج، وليس إجباريا علاج الأعراض
وإعطاء التطعيم قبل البدء بالعلاج ففي بعض الحالات المتأخرة نضطر لمباشرة العلاج و
بعد استقرار الحالة نعالج الأعراض، وأفضل طريقة لعلاج المتلازمة البروتينية هي
الطريقة المتفق عليها في الإتحاد الأوروبي وهي إطالة فترة العلاج بالكورتيزون،
فكلما طال العلاج بالكورتيزون خفت نسبة ارتداد المرض وهذا مهم جدا لأن من عيوبه
ارتداده السهل جدا مع أي ارتفاع بدرجات الحرارة أو الإصابة بالتهابات فيروسية أو
بكتيرية.
نسبة الإصابة
وعن مدى انتشار المرض في المنطقة قال د. أبو شعبان:إن نسبة الإصابة بالمتلازمة
البروتينية عالية جدا في دول الخليج، ولا توجد نسب ثابتة والسبب عدم عمل إحصائيات
في المنطقة ولكن نتيجة الأبحاث العالمية تشير إلى أن نسبة الإصابة في منطقتنا
العربية أعلى بكثير من المناطق الأخرى من العالم وذلك بسبب الظروف المناخية
والعوامل التحسسية والعوامل الوراثية والمناعية،
فكل أسباب المرض متوفرة، ونسبة 5%من المصابين فقط تتطور حالتهم لتصل بهم إلى الفشل
الكلوي التام.
نصائح عامة
وللحد من الإصابة بالمرض قال د. أبو شعبان:إن أهم نصيحة تقدم لتجنب الإصابة
بالمتلازمة البروتينية وكل الأمراض المرتبطة بالوراثة تجنب الشق الوراثي، وإذا وجدت
حالة متلازمة بروتينية في عائلة معينة يستحسن إذا حدث زواج متقارب من نفس العائلة
عمل الفحص الجيني لكلا الطرفين،
وهذا لا يعني أن هذا السبب الوحيد فبالغرب ليس هنالك زواج أقارب ولكن نسبة المرض
عالية، ولكن في حالة زواج الأقارب تكون نسبة المرض عالية، فزواج الأقارب يزيد فرصة
الإصابة بسبب تشابه الجينات، وليس هناك سبل وقائية من المرض لعدم إلمامنا بكل
أسبابه، ولكن إصابة أحد أفراد العائلة بالمرض لا يعني حدوث كارثة، فعلاجه ميسر
وبسيط ومتوفر.
كرم أحمد