إن مرض المثقوبة الكبدية هو مرض طفيلي مزمن يصيب القنوات المرارية، وتحدث الإصابة بهذا الطفيل من خلال تناول أسماك المياه العذبة النيئة التي تنتشر فيها الديدان المثقوبة. وأنواع المثقوبة الكبدية الأكثر شيوعا هي متفرع الخصية الصيني Clonorchis sinensis، ومتأخر الخصية الزبادي Opisthorchis viverrini، ومتأخر الخصية الهري Opisthorchis felineus.
ويصاب نحو 35 مليون شخص بالمثقوبة الكبدية في العالم، وارتفاع حالات الإصابة بسرطان القنوات المرارية في بعض البلدان مرتبط بانتشار الإصابة بالمثقوبة الكبدية.
وتشيع الإصابة بهذا الطفيل في جنوب شرق آسيا، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وشمال فيتنام، ولاوس، وشمال شرق تايلاند، ودول أوروبا الشرقية، وشرق روسيا، ومنشوريا، وشمال سيبيريا، والصين، وهناك 15 مليون صيني مصابون بالمثقوبة الكبدية. والأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الأنهار عرضة للإصابة بالمثقوبة الكبدية؛ لأنهم يعتادون تناول أسماك المياه العذبة النيئة أو غير المطبوخة.
والمثقوبة الكبدية ليست شائعة في العالم الغربي، فلم أر خلال ما يزيد على 35 عاما من ممارسة الطب السريري سوى مريضين مصابين بهذا المرض في أستراليا، وربما يصاب الناس بهذا المرض في دول أمريكا الشمالية التي يعيش فيها الكثير من المهاجرين الآسيويين، وغالبا ما يتأخر التشخيص حتى يحدث تلف شديد في الكبد.
وتعد الأطعمة التي تنقل الأمراض مشكلة صحية شائعة مهمة، ومع ذلك، لا تتلقى الإصابة بالمثقوبة الكبدية الاهتمام الذي تستحقه وتدخل المثقوبة في القنوات المرارية الصغيرة داخل الكبد والمرارة، حيث تعيش فيها لمدة تتراوح بين 20 و30 سنة، وتسبب المثقوبة التهابا مزمنا في القنوات المرارية، فتتسبب في حدوث ندبات وتمدد في القنوات المرارية.
ولا تظهر على معظم الأشخاص المصابين بهذا الطفيل أية أعراض، ولكن المرضى الذين يعانون إصابة شديدة يعانون الإجهاد وعدم الارتياح في منطقة البطن، وربما تسبب الإصابة طويلة الأمد تكون الحصوات في القنوات المرارية، والمرارة، والعدوى البكتيرية الثانوية في القنوات المرارية، وسرطان القنوات المرارية.
ويمكن أن تسبب العدوى الشديدة تضخما في الكبد، ومشكلات في البطن، كألم البطن، وفقدان الشهية، والغثيان، والتقيؤ، وعسر الهضم.
ويحدث اليرقان نتيجة الانسداد الميكانيكي في القنوات المرارية، الذي يحدث بسبب كثرة المثقوبات في حالة المرضى الذين يعانون عدوى شديدة، أو يحدث نتيجة انسداد القناة المرارية بسبب الحصوات، أو بسبب سرطان القناة المرارية كآخر مضاعفات العدوى المزمنة.
والمثقوبات الكبدية هي نوع من الديدان المسطحة، وتضع المثقوبة مكتملة النمو من 2000 إلى 4000 بويضة يوميا، وتفرز البويضات خلال القنوات المرارية، وبراز الشخص المصاب. وتعاد الدورة من خلال تناول أسماك المياه العذبة النيئة.
التحاليل التي تجرى للمرضى لفحص الإصابة بالمثقوبات الكبدية
في المناطق الموبوءة، يوصى بإجراء فحوصات، مثل تحليل بويضات البراز وفحص الموجات فوق الصوتية للكبد، وتعد الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمثقوبات الكبدية هم الأشخاص الذين اعتادوا تناول أسماك المياه العذبة النيئة في المناطق الموبوءة. إذا ما أوضح فحص الموجات فوق الصوتية، أو الصور المقطعية، وجود تمدد في القنوات المرارية؛ إذن، توصف للمريض العقاقير الطاردة للديدان.
يجب أن يتم التنبيه إلى ضرورة إجراء تحاليل دورية منتظمة للبراز. وأيضا، يجب أن يخضع أي شخص انتقل إلى تلك المناطق في العالم، وتناول سمكا نيئا أو غير كامل الطهو للتحليل، والمظهر النموذجي الذي يدل على وجود إصابة سابقة بالمثقوبات الكبدية وتم معالجتها هو وجود تمدد واسع النطاق في القنوات المرارية داخل الكبد دون وجود دليل على سبب له علاقة بالانسداد (تمدد دون انسداد) في فحوصات الموجات فوق الصوتية، أو الأشعة المقطعية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي الخاص بالكبد، وغالبا ما تكون هذه الصورة موجودة داخل الأشخاص الذين يبدون أصحاء، ولكنهم مصابون بالمرض في المناطق الموبوءة.
ويتطلب التحكم في عدوى المثقوبات الكبدية، وأية أمراض تنقل عن طريق الأطعمة، التعاون بين قطاعات الصحة العامة، وصناعة الأغذية، ووسائل الإعلام. ويعد تثقيف المستهلك أمرا ضروريا لتوعية الناس بضرورة التوقف عن تناول الأسماك النيئة، وبسبب ازدياد الهجرة والسفر؛ يجب أن يكون المزيد من الأطباء على دراية بالانتشار الواسع للإصابة بالمثقوبات الكبدية بين الأشخاص الذين يبدون أصحاء، وبالمضاعفات الشديدة طويلة المدى للإصابة؛ لا سيما التعرض لخطر الإصابة بمرض السرطان، والحاجة إلى مراقبة المرضى بعناية على المدى البعيد.
نقطة مهمة
إذا ظلت المثقوبات الكبدية دون اكتشافها لسنوات؛ فقد يصبح ذلك مرضا خطيرا، ويسبب تلفا في الكبد، ومعظم الأشخاص المصابين بالمثقوبات الكبدية يكونون غير مدركين لذلك؛ لأنهم لا يشعرون بأية أعراض على الإطلاق، وتشعر نسبة قليلة من المرضى بالإجهاد، وبعدم ارتياح عام في منطقة البطن، بحيث يسهل أن يتم تشخيصه بالخطأ باعتباره عسر هضم، أو متلازمة الأمعاء المتهيجة؛ لذلك من المهم أن تكون واعيا بشدة لهذا المرض الكبدي الخبيث والمدمر
المعالجة الطبية
توصف الأقراص لقتل الديدان، وتلك العقاقير تعرف باسم الأدوية الطاردة للديدان، ولكن إذا ما اكتشف المرض بعد فوات الأوان، أحيانا ما يكون التلف الذي سببته المثقوبات ممتدا بدرجة تحتم استئصال الجزء التالف من الكبد جراحيا، وكلما أسرعنا في اكتشاف الإصابة ومعالجتها، قلت قدرتها على الإضرار بالقنوات المرارية والكبد.
هناك دواء تجريبي يسمى ت ريبنديميدين قد يساعد على معالجة الملايين من المصابين بالمثقوبات الكبدية، وفي دراسة نشرت في دورية ذا لانسيت الطبية، اكتشف الباحثون أن عقار تريبنديميدين آمن وفعال كالمعالجة المعيارية للمثقوبات الكبدية، والمعالجة المعيارية هي دواء نوعي يسمى برازيكونتيل، وتبلغ نسبة شفائه 70%.
وتفوقت نسب شفاء تريبنديميدين كثيرا على برازيكونتيل، على الرغم من أن هذا يحتاج إلى أن يتم إثباته في تجارب سريرية على نطاق أوسع.
وعلى النقيض من الدواء الجديد، فالأدوية القديمة، مثل أرتميثر وأرتيسونات ومفلوكوين ليست فعالة، ويجب ألا توصف لمعالجة المثقوبات الكبدية.
يمكن أن تتحقق نسبة شفاء تبلغ 70% في حالة المرضى الذين يعالجون باستخدام دواء تريبنديميدين، تليها نسبة شفاء تبلغ 56% في حالة المرضى الذين يعالجون باستخدام دواء برازيكونتيل، وتقل نسب الشفاء كثيرا من خلال تناول مزيج المفلوكين والأرتيسونات.
وهناك أنواع عديدة من الديدان الطفيلية التي تسبب المرض لأكثر من مليار شخص حول العالم، وبمرور الوقت، أصبحت تلك الطفيليات مقاومة بشدة للعقاقير المتاحة؛ وهذا يجعلنا في أمس الحاجة إلى أن نكتشف عقاقير جديدة لمقاومتها.
ومن الصعب جدا القضاء على المثقوبات، وإن كان يمكن أن يحدث ذلك، ولكن غالبا ما يستغرق وقتا أطول على حسب كمية المثقوبات في الكبد، فإذا كنت تزور المنتديات على الإنترنت؛ فستعرف أن الأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادة للديدان اكتشفوا أنه في أثناء إزالة المثقوبات، كانوا يتخلصون من مئات المثقوبات يوميا في برازهم.
وهناك العديد من المدونات (مثل منتدى عقاقير الطفيليات) الخاصة بالمثقوبات الكبدية على الإنترنت، حيث يتشارك فيها الناس تجاربهم الخاصة بتناول عقاقير متنوعة طاردة للديدان بالتناوب، حتى يتخلصوا من كل المثقوبات.
الأسماء التجارية للعقاقير المستخدمة تشمل
– إيجاتين (ترايكلابندازول )
– برازيكوانتيل
– ألبيندازول، وفالبازين وهو عقار سائل مستخرج من الحيوانات، ويعد أرخص كثيرا
– فيرموكس (ميبيندازول)
– يوميزان (نيكلوزاميد)