التصنيفات
صحة المرأة

المخاض وولادة الطفل

عندما تبدأ انقباضات المخاض، تعلمين أن اللحظة التي انتظرها الجميع قد حانت أخيراً. قريباً جداً، ستتحول عملية النمو إلى طفل ترينه ويراك، إلى قدمين حقيقيتين يمكنك وضعهما على الختامة ثم طبعهما على قطعة من الورق، بدلاً من الشعور بتحركهما داخل بطنك.

ولكن بطرق عدة، لا يتغيّر نمو طفلك المستمر عند الولادة. يتواصل التحرك الطبيعي نفسه بدون أن تسببيه أو تدركيه بالضرورة. إنها معجزة يومية تقومين بمراقبتها وتغذيتها والاستمتاع بها، ولكنها تحصل بدون أن تبذلي أي جهد. تتكيّف أدوار الأمهات مع كل مرحلة من النمو، ولكنها تتجه كلها نحو طرق جديدة في القيام بالأمور ذاتها التي قامت بها خلال الحمل أي تأمين بيئة آمنة، مغذية، ومحفزة لأطفالنا. ولكن يختلف الأمر عندما تعتنين بطفل خرج إلى العالم.

مَن يبدأ أولاً؟

بالعودة إلى زمن أبقراط، كان يعتقد أن رأس الطفل ينقلب نحو الأسفل في الرحم ليستطيع الطفل الدفع بساقيه حتى يبدأ المخاض ويحث نفسه على الخروج. في فترات كثيرة من التاريخ، افترض الناس أن المخاض يبدأ عندما تكون المرأة مستعدة ولا يعتمد الأمر كثيراً على الطفل.

ثم، في القرن العشرين، أثبتت الدراسات الجارية على النعاج والأبقار أن المخاض يبدأ بفعل الهورمونات التي تطبقها الحمال والعجول. ولكن الأمر يختلف مع البشر.

يبدو أن القرار ببدء المخاض ينبثق عن حوار صامت وديناميكي بين الأم والطفل. تتسارع الإشارات البيوكيميائية المعقدة جيئة وذهاباً إلى أن يتفق الاثنان. بغض النظر عمّن يقوم بالاقتراح الأساسي أو يسأل عن استعداد الآخر، ترسل الهورمونات الجنينية الإشارة لاستمرار العملية في عضلات الأم الرحمية حيث يبدأ المخاض.

آلام المخاض

إنّ صفوف التدرّب على وضع الطفل هي من أحد أنواع التربية العائلية الأكثر شيوعاً التي يحضرها الأزواج. ما زلت أذكر أشخاصاً من الصفوف التي حضرتها بصفتي أب مستقبلي. عندما كانت زوجتي حاملاً بطفلنا الأول، التقيت في الصف بجويل لافين، الطبيب والصديق. كان دائماً كثير المزاح، فعند دخوله المبنى لحضور الصف المسائي، كان يكتب عبارة “إحراق المبنى عمداً” في خانة “الهدف من الزيارة” معلّقاً على أن “لا أحد يقرأ أبداً هذه الأمور”. يبدو أنه بالفعل لا أحد يفعل.

ولكن الدعابة علقت في ذهني بدون أن يقصد ذلك لأن المخاض، في بعض الطرق، حريق مطهّر، وسبيل أساسي يغيرك بقدر أي تحوّل في الخيال العلمي. لن يبقى أي شيء على حاله.

ولكن يمكن أن يكون هذا السبيل مؤلم جداً. لذا، فيما تشمل هذه الصفوف خيار المخاض الذي تريدينه (مع العلم أن كل الخيارات خاضعة للتغيير)، يكمن التركيز الأساسي على الاستراتيجيات لتخفيف الألم والانزعاج. في الصفوف التي حضرتها، تم التركيز على انزعاج الأم وليس الطفل.

يمثّل المخاض فرصة أخرى للرؤية العاطفية الثنائية وهي فرصة اتخاذ القرارات التي تستجيب إلى حاجاتك وتأخذ بعين الاعتبار حاجات طفلك. قد تودين تناول مسكنات خلال المخاض وقد ترغبين في اختبار التجربة كاملةً مصحوبةً فقط بتقنيات التنفس.

سؤالي هو التالي: ما الذي يريده طفلك؟ سيلتوي جسمه مع التواءات جسمك متقلصاً حيثما تتمددين وتنضغط عظامه حيثما تتمدد عظامك. سوف يعاني من الكثير من الضغط على عكس ما اختبره من قبل أو سيختبره مجدداً فيما يخرج من جنته ليدخل عالماً لم يره بعد.

إن كان الخروج من عالمه يشبه الموت، فسيكون الشعور في هذه التجربة شبيهاً بالموت. يذوي عالمه فيما يخرج إلى العالم الحقيقي. يتدفق ماء الرأس. يصبح حبل السرّة، مصدر الأكسجين والغذاء، مشدوداً وفي النهاية ينقطع. وتنطبق رئتاه. يحفظ للحظة توازنه بين عالمين، غير قادر على التنفس تحت الماء وغير معتاد على تنفس الهواء بعد. بعدئذٍ، تُسمع الصرخة الأولى التي تغيّر مجرى حياتك إلى الأبد.

في هذه الأثناء، يحدث في داخله سلسلة من الأحداث التي تغيّر قلبه، وأوعيته الدموية كي يتمكن من الانضمام إلى عالمك. تنغلق بعض الأوعية الدموية وتنفتح أخرى، تتغيّر الخفقات في جدران قلبه بالإضافة إلى وجهة مجرى دمه. والآن، سيتنفس الأكسجين من الهواء وليس منك. وسيدخل الطعام من فمه وليس عبر أنبوب حي ناتئ من معدته. سيتلاشى ثاني أكسيد الكربون مباشرة في الهواء وليس في مجرى دمك. أما فضلات طعامه، فعليك إزالته بنفسك. على الأقل الآن، ربما يمكنك المشاركة في المسؤولية.

وجهة نظر طفلك

هل يريد طفلك المسكنات أو الأدوية ليتخدر خلال عملية الولادة؟ يمكنني تفهّم احتمال قبوله أو رفضه. لا أعرف الجواب، ولكنه سؤال مهم يجب أخذه بعين الاعتبار. ندرك بعض الأمور من الأبحاث العلمية وآمل أن نكتشف المزيد في المستقبل.

نعلم أن معظم الأطفال الأصحاء ينامون خلال الجزء الأكبر من مرحلة المخاض. ومع أن الذبذبات والأصوات المرتفعة كافية لإيقاظ الطفل في أي مرحلة من النوم قبل الولادة، إلا أن مرحلة المخاض ليست كذلك. قد لا يكون الطفل منزعجاً خلال المخاض كما قد نتخيل. عادةً ما يبكي لمدة قصيرة بعد ولادته، ولكن كما سنرى بعد قليل، سرعان ما يصبح معظم الأطفال هادئين وفضوليين. يبدون متلهفين ومتيقظين وليس مرهقين أو منزعجين، إلا إذا حصلوا على أدوية مخدرة.

من إحدى الطرق الشائعة لتخفيف آلام المخاض هي منح الأم حقنات داخل الوريد من المسكّنات. والحقنات الأكثر شيوعاً هي تلك التي تسمح للأم بتعديل الجرعة بنفسها لتحصل على الكمية التي تحتاج إليها. وعندما تأخذ الأم المسكنات، يحصل عليها الطفل أيضاً.

إلا أن هذه العقاقير قد تؤثر على الأم والطفل بشكل مختلف. إنّ المسكّن المعروف ميبيريدين (ديميرول) يختفي جزئياً من جسم الأم في غضون ثلاث إلى ست ساعات. ولكن تبقى نصف كميته في جسم الطفل بعد 15 إلى 23 ساعة. يتدبر معظم الأطفال أمورهم بشكل جيد. ولكن يُلاحظ شيوع عدد من الآثار الحادة. كمعدل وسطي، يكون هؤلاء الأطفال أقل يقظة أو تلهفاً لاكتشاف الوالدين والعالم من حولهم بعد ولادتهم. كما أنهم أكثر عرضةً لمشاكل التنفس على الرغم من احتمال تقديم ترياق في حال وقوع أي مشكلة. وتكون نتيجة فحص “أبغار” الذي يستغرق دقيقة واحدة أقل انخفاضاً. (يستخدم هذا الفحص للتحقق من أن لون الطفل طبيعي بالإضافة إلى معدل نبضات قلبه، وصحة عضلاته، واستجابته إلى المنبّهات).

في دراسة شاملة، مُنحت 920 امرأة خلال المخاض بلاسيبو (دواء زائف) أو كميات متنوعة من الميبريدين. لم يعلم الفاحصون أي أمهات أنجبنَ أي أطفال. اكتشف الباحثون أن الأطفال الذين تعرضوا لدواء الميبريدين سجلوا نتيجة أقل في فحص عصبي سلوكي وليدي مبكر في يومهم الأول والثاني من الحياة.

كلما زادت جرعة الميبريدين، كلما تعاظمت الآثار. كما أن التوقيت يُحدث فرقاً. إنّ الأطفال الذين يأخذون الدواء في غضون ساعة من الوضع يعانون من آثار ثانوية. ولكن في حال أخذ الطفل الدواء قبل الوضع بثلاث ساعات أو أكثر، تكون الآثار أكثر حدةً.

كذلك، يعاني الأطفال الذين تناولت أمهاتهم دواء الميبريدين صعوبة في المصّ ومنعكسات الجذور. ليس مفاجئاً إذاً أن يحدث تأخير في بدء عملية الرضاعة. ولكن عندما يبلغ الطفل ستة أسابيع من العمر، ما من فرق في الرضاعة بين الأطفال الذين تناولت أمهاتهم الميبريدين وأولئك الذين لم تتناوله أمهاتهم.

تقترح بعض الدراسات احتمال الحصول على نتائج تدوم لوقت طويل. وجد باحثون في السويد أن من بين البالغين المدمنين على الأدوية من ذوي سجلات الولادة المتوفرة، كانت أمهات معظمهم قد تلقت أدوية مسكنة خلال المخاض. قد تكون هذه وليدة صدفة.

قد يكون هناك الكثير من الفوارق بين عائلات هؤلاء الأشخاص غير خيار الخدر خلال المخاض. لذا، أجرى الباحثون دراسة أخرى، وعاينوا العائلات التي أصبح فيها بعض الأفراد مدمنين على الأدوية على عكس غيرهم من الأفراد في العائلة نفسها. لماذا يصبح الأطفال في العائلة نفسها مختلفين إلى هذا الحدّ؟ أظهرت الدراسة أن الأفراد الذين حصلوا على المسكنات خلال المخاض معرضين لأن يصبحوا مدمنين أكثر بحوالى 4.7 ضعفاً من أشقائهم الذين لم يحصلوا عليها. بينت دراسة لاحقة في الولايات المتحدة المعدل نفسه من الخطر. ربما يتعلم الأطفال حتى خلال المخاض.

يعتقد البعض أن المسكنات الحديثة أفضل من الميبريدين لعدة أسباب. فمفعول بعض هذه المسكنات يختفي من الجسم بسرعة، ولكن المزيد منها يدخل الدماغ مما يمنح الأم كمية أكبر من مسكّن الألم في جرعة صغيرة. في المملكة المتحدة، غالباً ما يوصف مخدّر قديم (هيروين) للعناية بالأم لأسباب مماثلة. ولكن يبقى هناك نقص في الأدلة التي تظهر إن كان الأثر القصير أو الطويل الأمد لهذا المخدر أفضل من الأثر الذي يتركه الميبريدين على الأطفال.

مجدداً، يكون معظم الأطفال الذين تلقوا مسكّنات خلال المخاض بحال جيدة، ولكن من المهم الأخذ بعين الاعتبار المخاطر والفوائد التي تواجه الطفل والأم. إنه سؤال يجب طرحه.

ماذا عن أدوية ما فوق الجافية؟

تحب العديد من النساء هذه الأدوية وتتفاخر بها لدرجة تصعب المبالغة فيها. فيما تبغض الأخريات الخدر أو الأثر على سرعة المخاض. قد تكون المشاعر قوية في كلتا الحالتين لدرجة يصعب فيها تخيُّل ماهية وجهة نظر طفلك.

ماذا نعرف عن وجهة نظر الطفل حيال أدوية ما فوق الجافية والتقنيات المماثلة للتخدير الناحي (على عكس التخدير العام أو الموضعي)؟ الفرق الكبير هو أن هذه الأدوية تجعل المخاض يدوم لفترة أطول. ولكن ليس طيلة فترة المخاض.

تدوم المرحلة الأولى من المخاض من بداية التقلصات إلى أن يتوسع عنق الرحم تماماً. هذا يشمل التوسع البطيء من 3 إلى 4 سنتمتراً خلال مرحلة المخاض الكامنة حيث تستطيع الأم والطفل الاسترخاء بين التقلصات. تشمل المرحلة الأولى أيضاً التقلصات العضلية العظيمة للمرحلة الفاعلة فيما يتوسع العنق إلى حوالى 9 سنتمترات. ويضم ذلك المرحلة الانتقالية أي المرحلة الانفعالية القصيرة فيما ينتهي توسع العنق ونتبين بوادر النهاية. رأيت الكثير من مدرّبي فترة المخاض يرتعبون خلال المرحلة الانتقالية القصيرة والحادة.

كمعدل وسطي، تستغرق المرحلة الأولى من المخاض حوالى 10 ساعات لدى اللواتي ينجبن للمرة الأولى، ولكن قد يختلف ذلك بين امرأة وأخرى. تستغرق المرحلة الكامنة حوالى السبع ساعات بينما تستغرق المرحلة الفاعلة حوالى الثلاث ساعات. في هذه الفترة يكون الطفل داخل الرحم. تكمن المهمة في تغيير مجرى الأمور في الداخل. إن جمعنا كل الدراسات الشاملة التي أجريت حول أدوية ما فوق الجافية، يبدو أنها عموماً لا تطيل المرحلة الأولى من المخاض بشكل ملحوظ. كما أنها تريح الأمهات كثيراً.

عندما يقول أحدهم “حسناً، ادفعي!”، فهذا إشارة إلى بداية المرحلة الثانية من المخاض. خلال هذه المرحلة، يقوم الطفل برحلته الضيقة عبر ثقب إبرة قناة الولادة. في غضون 33 دقيقة تقريباً (من الدفع الذي تقوم به الأم وإجبار الطفل على الخروج عبر آلة)، تنتهي مرحلة المخاض ليحل الوضع محلها.

في المرحلة الثانية من المخاض، تطول فترة ما فوق الجافية بمعدل 15 دقيقة. كيف تبدو هذه الدقائق الخمسة عشر الإضافية في قناة الولادة بالنسبة إلى الطفل؟ لا نعلم.

نعلم أن معدل نبضات قلب الطفل يتسارع خلال المرحلة الانتقالية الطويلة في حال تناولت الأم أدوية ما فوق الجافية. قد يحصل ذلك بفعل الاستجابة الانفعالية، الإرهاق الجسدي، أو لأن حرارة الأم ترتفع في أغلب الأحيان خلال المرحلة الثانية. كما أننا نعلم أن استخدام الأدوية ما فوق الجافية يترافق مع ارتفاع نسبة استخدام الآلات (التقاط رأس الطفل بالمحجم أو الملقط لسحبه فيما تدفع الأم). ولكن صحة الأطفال الذين حصلوا على أدوية ما فوق الجافية بُعيد الولادة تبدو رائعة وذلك عند خضوعهم لفحص “أبغار” ودم pH. لا خطر متزايد من العقي (البراز الجنيني) الذي يدخل السائل السلوي. كذلك نعلم أن خضوع النساء اللواتي تناولن أو لم يتناولن الأدوية فوق الجافية للعملية القيصرية متساوٍ.

أظهرت الدراسات التي عاينت تجربة الرضاعة بعد تناول دواء ما فوق الجافية نتائج مثيرة للاهتمام. في حال حدوث العملية القيصرية، يُحتمل أن تُرضع النساء اللواتي خضعن لمخدّر ما فوق الجافية أكثر من تلك اللواتي خضعن لنوع آخر من المخدّر. ومن بين النساء اللواتي يرغبنَ في الإرضاع وينجبنَ عبر المهبل، لا فرق في الرضاعة بين اللواتي يخترنَ مخدّر ما فوق الجافية واللواتي لا يخترنَ أي مسكّن طبي.

لقد أبلغت الأمهات اللواتي خضعن لمخدر ما فوق الجافية عن شعورهن بألم أقل خلال المخاض وبتحسن كبير بعد الوضع فوراً.

الدولا – بديل فعّال

الدولا هي المرأة التي تقدم دعم غير طبي خلال الحمل والولادة وفي مرحلة النقاهة بعدها. إنّ مساعدة وصيفة متدربة في فترة المخاض وخلال الولادة يمكن أن تكون فعالة. في الكثير من مواقع الولادة، تتوفر المساعدة المتخصصة بشكل متقطع خلال ساعات المخاض المؤلمة. يتصف وجود الدولا المتواصل والرائع وغير المتطفل بميزات عديدة معترف بها. قد لا يكون مفاجئاً أن خدمات الدولا تخفف حالات القلق والانزعاج، والألم. هذا الأمر صحيح مع أن الأدوية المسكّنة وأدوية ما فوق الجافية تقلّ عند وجود الدولا. إن الاستعانة بالدولا يقصّر فترة المخاض بمعدل ساعتين! ومساعدتها تقلّص الحاجة إلى استعمال الأكسيتوسين، الملقط أو عملية الاستخراج بالمحجم. كما أن امكانية اللجوء إلى عملية قيصرية غير مخطط لها مسبقاً تقل بنسبة 45%. وتصبح حالات الحمى لدى الأمهات أقل شيوعاً ويكون الطفل مستعداً للخروج من المستشفى للذهاب إلى المنزل في أقرب وقت. بعد أربع وعشرين ساعة من الولادة، تُبلغ الأمهات اللواتي يستخدمنَ الدولا عن الشعور بألم أقل ونسبة قلق أقل حول العناية بأطفالهن. كما وتُبلغنَ عن استمتاعهن بالأربع وعشرين ساعة الأولى التي تلي تكوّن العائلة الجديدة.

عند مقابلة أم بعد ست أسابيع من الاستعانة بالدولا، تُعرب عن رضاها لكونها أماً جديدة ولتمكّنها من العناية بطفلها أكثر من أي شخص آخر. كما أنها تنظر إلى طفلها على أنه ذكي، وجميل، ويسهل التعامل معه، وتميل إلى الاعتقاد بأن طفلها يبكي أقل من غيره من الأطفال.

أحياناً، يقلق الوالدان حيال استخدام الدولا لأنهما يخشيان أن تتدخل بينهما أو تجعل الأب يشعر بأن دوره ثانوي. في الحقيقة العكس هو الصحيح، فالدولا مدربة لتدعم الوالدان بحيث يتيح حضورها اللطيف والمطمئن لهما الاسترخاء والتواصل مع بعضهما البعض ومع المولود الجديد.

تتوفر طرق رائعة للعناية بالطفل بدون الدولا وما زال العديد من الأهالي يختبرون الفوائد المذكورة أعلاه ولكن يستحق الوالدان التعرّف على هذا الخيار القيّم.

ساعة الصفر

أكانت الولادة عبر عملية قيصرية أو عبر المهبل، ومهما كانت الخيارات التي تتخذينها مسبقاً حول عملية التخدير، ومهما كانت الظروف، لقد حانت لحظة لقائك بطفلك للمرة الأولى. إنك متعطشة لتتعرفا على بعضكما البعض.

يُجفف الطفل بسرعة ويتم إخضاعه لفحص “أبغار” للتأكد من أنه بصحة جيدة. ثم، يُحمل إلى أحضان أمه فتعيش العائلة الجديدة لحظات سحرية.

إنه عالم جديد وغريب بطرق عدة. ولكن بعض الأشياء مألوفة. يتعرف الطفل على رائحة أمه والأصوات المألوفة. كما أن الاحتكاك الجسدي والمحادثة الهادئة يعبران عن ترحيب دافئ.

يشير الدكتور مارشال كلاوس، مؤلف كتاب “مولودك الرائع” وأحد مُثُلي العليا، إلى أن الطفل السليم يشعر عادةً بالاطمئنان الشديد خلال الدقائق التسعين الأولى من حياته مع نسبة قليلة وربما معدومة من البكاء عندما يستمتع بالاحتكاك الجسدي مع أمه. وفي حال تم لفّه بغطاء ووضعه في مهد قريب، يبكي بمعدل 20 إلى 40 ثانية كل خمس دقائق طيلة ساعة ونصف. إنه يود أن يشعر بالدفء والأمان بالقرب منك ويبدأ بالتعرّف إليك من الخارج.

الروابط

كان الدكتور مارشال كلاوس وزميله الدكتور جون كينيل أول مَن تحدث عن وثاقة الروابط بين الوالدين والطفل بُعَيدَ ولادته. يحصل أمر سحري عندما يكون الطفل سليماً والغرفة غير زاهية أو مزدحمة. يدخل الطفل في مرحلة اليقظة الهادئة نفسها التي تكلمنا عنها قبل الولادة، فعقله وجسده مستعدان لاستيعابك. تدوم مرحلة اليقظة الهادئة الأولى لفترة أطول من أي مرحلة سابقة وقد تستمر لحوالى 40 دقيقة. يكون الطفل جامداً، وهادئاً، وعيناه مفتوحتين تحدقان بك ويده ربما ممتدة تلامس بشرتك. ليس هذا الوقت المناسب لإجراء المكالمات الهاتفية وإعلان الخبر للجميع. وليس الوقت المناسب للإسراع لتغيير موقف السيارة (حتى لو عنى ذلك الحصول على ضبط سير أو سحب السيارة بالقاطرة). إنه وقت الاستمتاع معاً كعائلة واحدة.

قد يتبع الطفل في مرحلة اليقظة الهادئة حركات وجهك أو صوتك كيفما تتحركين وقد يحاول تقليدك عندما تمدّين لسانك وترسمين على وجهك حركات مضحكة. حان الوقت للتواصل والتعلّم عن بعضكما البعض.

علّق الدكتوران كلاوس وكينيل على أن إجراءات المستشفى قد تتعارض وهذا الوقت الذهبي. أعتقد أن المستشفيات لا يجب أن تتدخل إلا عندما تقتضي الحاجة. ولا يجب فرض وقت هذه الروابط. أحياناً، يكون المخاض مرهقاً جسدياً ومعنوياً للوالدين وللطفل الذين قد يحتاجون إلى المزيد من الرعاية والوقت للشفاء. عندما يستعد كلا الطرفين، يمكنهما أخذ كل الوقت لتوثيق العلاقة بينهما. وهذه العلاقة هي عملية طويلة. يشعر بعض الأهل بأنهم مغمورون بالحب وتربط بينهم وبين الطفل علاقة متينة فوراً. فيما يشعر البعض الآخر (حتى الممتازين منهم) بالتعاسة أو الحزن في بادئ الأمر ولا يحسون بهذه الرابطة القوية لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر.

إنّ مرحلة اليقظة الهادئة الأولى هي فرصتك الوحيدة. ستعود مجدداً هذه المرحلة قريباً. بمعدل متوسط، يدخل الأطفال هذه المرحلة الرائعة بنسبة 10 بالمئة تقريباً من الوقت. عندما تلاحظين دخوله فيها، حاولي أن تتواصلي معه. وتستمر هذه المراحل بالتكرر بأشكال مختلفة طيلة حياة طفلك مع أنها قد تكون أقل توقعاً. بالأمس، جلست وابني البالغ الرابعة عشر من العمر نتحدث بهدوء ونستمع إلى آمال ومخاوف كلّ منا.

موعد الطفل الأول

عادةً ما تكون مرحلة اليقظة الهادئة الأولى المرحلة الأطول التي يختبرها الطفل. يتسم كل طفل بالفرادة، ولكن طفلك بالذات سيودّ رؤية وجهك، والتحديق في عينيك، ومراقبة شفتيك عندما تتكلمين، واكتشاف هويتك. يمكنه أن يرى بشكل أفضل عند مسافة 16 إلى 20 سنتم أي عندما تحملينه بين ذراعيك. ويتعلم الطفل تمييز وجه أمه بعد أربع ساعات فقط من ولادته ويمكنه أن يتعرّف إلى صورتها من بين صور أخرى مشابهة لوجوه نساء أخريات. وسرعان ما يميز رائحة لبادات صدر أمه عن لبادات النساء الأخريات.

ويبدأ الطفل بتركيب صوتيْ والديه مع وجهيهما. اختبر الباحثون في كندا هذا الأمر عبر تقديم العاب للمولودين الجدد مصحوبة بأصوات متناغمة معها (مختارة عشوائياً ولكن متقارنة بتساوق). عندما تكرر الأمر عدة مرات، تعلم الأطفال بسرعة الاقتران الصحيح بين الصوت والصورة. توقعوا الصوت الصحيح مع كل لعبة على الرغم من تحريكها إلى زاوية أخرى من الغرفة. إذا تغيرت الأصوات، يعلم الأطفال بوجود خطب ما.

فيما تفيض حواس طفلك بالمناظر، والروائح، والأصوات، والبنى الجديدة وربما أذواق الوالدين. إنه لوقت رائع كي تتعرفي إليه كذلك.

أظهرت الأبحاث أن 60% من الآباء يستطيعون تمييز أطفالهم من بين المولودين الجدد الآخرين عبر اللمس فقط بعد تمضية ساعة واحدة معاً. لقد تعرفوا على أطفالهم وهم معصوبي الأعين، وفي غياب أي صوت عبر لمس مؤخر أيديهم.

أمور قد تلاحظينها

يلاحظ الوالدان بسرعة ما إذا كان طفلهما ذكراً أم أنثى. يُحصى عدد أصابع اليدين والقدمين فوراً. ولكن يسهل تفويت بعض الأمور. فزوجتي لم تلاحظ أن رأس ابني مخروطي الشكل إلى أن أعادت التوقيت لاحقاً في صور مولودها الجديد. كل ما رأته هو جماله الرائع. إليك بعض الأمور التي قد تكتشفينها في لقائك الأول مع طفلك.

اختبار العينين. تسحر العيون العديد من الأطفال لدرجة أنك قد تجربين هذه اللعبة الصغيرة. إذا أغمض أحدكما (الوالدين) عينيه، قد يتجه نظر طفلك إلى الآخر المفتوح العينين. ماذا يحدث إنْ كانت عين واحدة مفتوحة؟ لا يهتم معظم الأطفال.

الرؤية باللون الأحمر. تبدأ تجربة الألوان المذهلة عندما يبلغ النور مجموعة من الخلايا العصبية المتراصّة في مؤخر العين. إنّ العصيّات هي المستقبلات “بالأبيض والأسود”. إنها تصور أنماط النور والظلام المتغيرة على الدوام والموجودة أمام أعيننا. وعادةً ما يكون المخروط مسؤولاً عن أعجوبة الرؤية بالألوان. نولد نحن البشر مصابين بعمى الألوان. ولا تبدأ وظيفة المخروط إلا عندما يبلغ الطفل الشهر الرابع من العمر تقريباً. وتكون التدرجات في بادئ الأمر باللون الأسود والأبيض والأحمر. ولأسباب لم نتبينها تماماً بعد، يتمكن الأطفال منذ البداية من تمييز الأغراض الحمراء اللون. كما أنهم يحبون الوجوه (وخاصة العيون) والأنماط المتغيرة إلى حدٍّ كبير (وخاصة شكل الصدر) والأشياء الحمراء اللون.

يبقى الصبيان صبياناً. علمنا منذ فترة أن الذكور والإناث يتمتعون باهتمامات مختلفة ما إن يأخذون خطوتهم الأولى. مثلاً، إذا عرضتِ شريطاً مصوراً لسيارات أو وجوه متحركة لأطفال يبلغون سنة واحدة من العمر، سينبهر الذكور بهدير السيارات والإناث بالوجوه المتحركة. هل هكذا يولدون؟ أم هذا ما علمناهم إياه؟

اكتشف الباحثون في كامبردج أن الأطفال الذكور يبدون اهتماماً كبيراً بالألعاب فيما تُبدي الإناث اهتماماً بالوجوه البشرية وذلك إنْ عرضنا أمامهم المحركات الميكانيكية والوجوه البشرية.

وجه قد يحبه الطفل. في يومهم الأول، يفضل معظم الأطفال النظر إلى وجوه جذابة. عندما توضع أمامهم صورتين لامرأتين، يمضي الأطفال وقتاً أطول في التحديق بالوجه الذي يعتبره البالغون أكثر جاذبية. هل يولدون وتولد معهم فكرة الجمال؟ أو هل يتعلمون بسرعة من الوجوه التي يرونها؟ في جميع الأحوال، يعتبر الطفل والديه الأجمل على الإطلاق فيعتاد على وجهيهما أكان هناك شوائب أم لا. بالطبع، قد يمتاز الطفل بعلامات جمالية خاصة به.

هذه ليست بثوراً. عندما ترين طفلك للمرة الأولى، قد تلاحظين وجود حبوب صغيرة على وجهه. وقد تلفت انتباهك أو قد لا تلاحظينها حتى في البداية.

الميليا عبارة عن سدادات صغيرة من الكيراتين (نوع من البروتين) في غدد بشرة الوجه وتتواجد لدى أكثر من نصف عدد المواليد. وتكون هذه الحبوب صفراء أو بيضاء اللون (على عكس بثور الطفل الحمراء). ولا يبلغ حجم حبوب الميليا الصغيرة أكثر من ميلمتر أو اثنين. وتنتشر عادةً على رأس الأنف أو الذقن وغالباً ما تُشاهد على الوجنتين والجبين. كما أنها تتواجد بشكل طفيف على الجزء العلوي من الجذع أو على الأطراف وحتى على القضيب. تختفي معظم حبوب الميليا في غضون الأسابيع القليلة الأولى من حياة الطفل. وأحياناً تدوم طيلة الأشهر الثلاثة الأولى.

بقع السلمون. “قبلات الملاك” و”طبعة اللقلاق” هي من بين الأسماء الحية الممنوحة لهذه الوحمات الشائعة. تظهر بقع السلمون كلطخات مسطحة باللون الزهري الباهت. ويشيع ظهورها عند مؤخر العنق (طبعة اللقلاق)، بين الحاجبين أو فوق الجفنين (قبلات الملاك) أو حول الأنف والفم. غالباً ما يقلق الوالدان من أن تدوم إلى الأبد أو تصبح أدكن مع الوقت ولكن العكس صحيح. إذ سرعان ما تصبح من الماضي.

إنّ بقع السلمون عبارة عن شعيريات متوسعة في البشرة. ليست بشعيريات جديدة أو نتاج جديد بل بقع باقية مما كانت عليه الأوعية الدموية خلال الدورة الجنينية. قبل الولادة، تظهر بقع السلمون لدى كل طفل. مع حلول موعد الولادة، تظهر هذه البقع لدى ثلث الأطفال فقط. تختفي غالبيتها وعادة في غضون السنة الأولى. والبقع التي تبقى على الأرجح هي تلك الموجودة حول خط الشعر في مؤخر العنق (المسماة “وحمة أونا”).

وبما أن هذه الوحمات هي مجموعات من الأوعية الدموية في البشرة، فإنها تبدو أكثر دكانةً أو احمراراً عندما يبكي الطفل أو يكون مستاءً أو ممتعضاً. قد يكون الأمر صحيحاً بعد إختفاء البقعة.

التملّن البثوري. قد تمنح عبارة “التملن البثوري” صفة مغثية لبشرة طفلك. ولكنها، عوضاً عن ذلك، نظيفة ومؤقتة مثل الأيام القصيرة الأولى مع طفلك. تقوم هذه الوحمة بظهورها الكبير! عادةً ما تظهر بثور صغيرة عند الولادة وبشكل خاص تحت الذقن، وفي مؤخر العنق، وعلى الجبين، على الجهة السفلية من الظهر أو على مقدّم الساق ولكنها قد تظهر في أماكن أخرى أيضاً. تُقشر البثور الصغيرة في غضون الساعات الأربع وعشرين الأولى مما يكشف عن “كلف” خفيف في الداخل. عندما تختفي قشرة البثرة، قد يحيط طوق أبيض اللون من البشرة بهذه البقعة الداكنة لبعض الوقت. وتظهر البقع فقط لدى الكثير من الأطفال (فقد وُجدت البثرة قبل الولادة). يختفي “الكلف” في غضون ثلاثة أسابيع إلى ثلاثة أشهر.

البقع الأردوازية. يمكن أن تظهر هذه الوحمات المسطحة المسماة أحياناً بالبقع المنغولية باللون البني الداكن، الأردوازي، أو الأزرق المسودّ. وتبدو أحياناً كالكدمات. غالباً ما تكون حروفها غير واضحة. تظهر بشكل شائع على الجهة السفلى من الظهر والردفين، ولكنها غالباً ما تتواجد على الساقين، والظهر، والجانبين، والكتفين. ويتراوح حجمها بين رأس الدبوس وخمسة عشر سنتم أو أكثر. قد تظهر واحدة أو أكثر لدى الطفل.

ليست هذه البقع إلا مجموعات كثيفة من الميلانين، وهو صباغ البشرة الطبيعي. عندما يكون الميلانين قريباً من سطح البشرة، فإنه يبدو بني اللون. وكلما كان أكثر عمقاً في البشرة، كلما بدا أكثر زرقةً. لا تعرّض هذه البقع الطفل لسرطان البشرة أو أي مشكلة أخرى.

تتواجد بقعة منغولية واحدة على الأقل لدى غالبية الأطفال ذوي البشرة الداكنة. كما أنها موجودة لدى طفل واحد من بين كل عشرة أطفال من ذوي البشرة الفاتحة. تختفي معظم هذه البقع، الموجودة عند الولادة، (إلى حدّ ما تقريباً) عند سن الثانية. ويختفي معظمها تماماً عند سن الخامسة. إنْ بقيت البقع المنغولية في سن البلوغ، فعلى الأرجح أنها دائمة. وتبقى هذه البقع لدى أقل من 5% من الأطفال مع بلوغهم سن الرشد. يميل هؤلاء إلى الحصول على بقع متعددة ومنتشرة أو بقع في مناطق غير اعتيادية.

الزغب Lanugo. قبل الولادة، تكون معظم أعضاء طفلك مكسوةً بوبر ناعم وخفيف باستثناء راحتيه، وأخمص قدميه، وشفتيه، وقضيبه، وأظافره، وجوانب أصابع يديه وقدميه. يتساقط معظم هذا الوبر خلال الشهر السابع أو الثامن من الحمل. وأحياناً، يكون حاضراً لأشهر قليلة بعد الولادة وخاصة لدى الأطفال المولودين باكراً. تسمى بقايا الوبر الناعم هذه، الزغب. يخشى الوالدان أن يبقى الزغب ولكنه يتساقط ولا ينمو مجدداً في غضون أسابيع. يؤيد البعض عملية فرك الزغب لتسريع تساقطه، ولكن سرعان ما يختفي هذا التذكير بأن طفلك يمرّ في مرحلة المولود الجديد السريعة الزوال.

الطفح الجلدي بفعل الحرارة. يمكن أن تكون بشرة الأطفال حساسة جداً تجاه الحرارة. غالباً ما تكتشف ذلك الأمهات المُرضعات خاصة في الصيف عندما يميل وجه الطفل إلى الاحمرار حيث يواجه بشرة الأم. يأتي هذا الاحمرار من الأوعية الدموية في المنطقة المتوسعة لتبريد البشرة. عادةً ما يؤدي تبريد البشرة إلى اختفاء الطفح الجلدي في غضون ساعات أو أقل.

الدخينة هي نوع من الطفح الجلدي الذي يدوم لأيام. كما أنه طفح جلدي كلاسيكي يصيب المواليد الجدد. تفسد مسامات غددهم العرقية غير الناضجة بسهولة مما يؤدي إلى ظهور بثور صغيرة زهرية اللون أو بثور ممتلئة بالماء. وتشيع في الأسابيع القليلة الأولى من حياة الطفل. كما أنها تشيع بشكل خاص في الطقس الحار والرطب، ولكن أي طفل قد يصاب بها. وتشيع أكثر لدى الأطفال المكسوين بملابس مدفئة.

كذلك، يمكن أن يصاب الأطفال الأكبر سناً بالدخينة. وفي هذه الحالة، غالباً ما تسمى “الحرارة الواخزة”. في جميع الأحوال، تميل الدخينة إلى الظهور على أجزاء البشرة المكسوة خاصة حيث يحصل احتكاك بالملابس. وأكثر الأجزاء التي تصاب بالدخينة هي الجبين (تحت القبعة أو مقدّم الخوذة)، الجهة العليا من الظهر، والصدر، والذراعان. غالباً ما تثير الحرارة الواخزة الحكاك لدى الأطفال الأكبر سناً لذا يوصف الإحساس “بالوخز”. تبقى ماهية شعور المواليد الجدد لغزاً.

الحمامى التسممية. التسممية؟ لا يبدو الأمر جيداً! ويبدو الطفح الجلدي بحدّ ذاته مخيفاً للعديد من الأهل. إلا أن هذا الطفح الذي يتسم بظهور لطخات لدى المواليد الجدد هو حالة حميدة تماماً. يبدو أنه نتيجة آليات البشرة المنظمة المتكيفة مع الحياة خارج الرحم.

تظهر الحمامى التسممية لدى نصف الأطفال تقريباً. يصاب بعضهم ببقع حمراء تشبه اللطخات. فيما يصاب البعض الآخر ببثور راسخة بيضاء أو صفراء يحيط بها وهج أحمر اللون. يظهر الطفح ويختفي مغيّراً موقعه في أنحاء الجسم. غالباً ما تُعفى الراحتان وأخمص القدمين من الإصابة.

يكون الطفح أكثر شيوعاً في اليوم الثاني من حياة الطفل ولكن قد يظهر أولاً عند الولادة أو في غضون الأسبوعين التاليين. قد لا تبارح اللطخات الفردية مكانها لبضع ساعات فقط أو لعدة أيام. يمكن أن يظهر الطفح الجلدي ويختفي على مدار أسبوعين.

الشخصية المستديمة. حسن، لقد اخترعت هذه العبارة. ولكن سترين أبعد من الوحمات السطحية، شيء من شخصية طفلك. وفيما تغيّرنا الحياة جميعاً، قد يكون مزاج الطفل في أيامه الأولى (إنْ كان سليماً) مشابهاً بشكل ملحوظ لمزاج الأطفال الأكبر بسنوات. وفيما تحيّين طفلك في ساعته الأولى في هذه الحياة، يمكنك أن تلمحي اللحظة التي تودعينه فيها عند دخوله إلى صفه في الحضانة.

الوجبة الأولى

في مرحلة ما، سيود الطفل تجربة تناول الوجبة الأولى عبر الفم. أظهرت الدراسات أن فرص استمرار الرضاعة ستكون أكبر بكثير إذا بدأت محاولة الإرضاع قبل إخراج الطفل من الغرفة. لهذا السبب، قد تتوق الممرضة إلى وضع الطفل على صدر الأم. قد ينجح الأمر، ولكن غالباً ما يلعق الطفل حلمة الثدي ولا يمتصها بشكل صحيح.

ولكن من أكثر الأمور المفاجئة التي تعلمتها من مارشال كلاوس هي جعل الطفل يختار وقت تناول وجبته الأولى ومحاولة الوصول إلى الثدي بنفسه.

يصف الدكتور كلاوس كيف أنه خلال 40 دقيقة بعد الولادة، غالباً ما يحل تركيز الطفل على طعم شفته أو حركات الفم الأخرى محل السرور العظيم الذي كان يختبره في التحديق إلى الوجوه. قد يبدأ اللعاب بالسيلان. إذا وُضع الطفل على بطن أمه، قد يحاول المناورة للوصول إلى حلمة ثدي أمه.

يولد مع الأطفال ما يُسمى “بمنعكِس الخطى” أي القدرة على الدفع بالساقين وكأنهم يمشون. يُفترض أن هذا المنعكس يحضّر الطفل للمشي بعد أشهر. ولكنه يختفي بعد بضعة أسابيع. على الأرجح، إنه موجود لتمكينه من الدفع ليصل إلى ثدي أمه. يمكن أن يخطو الطفل “خطواته” الأولى نحو بطن الأم.

يحرز الطفل تقدماً بطيئاً عبر الدفع والتمدد. وقد يقوم بتمرينه الرياضي الأول في طريقه. تتكرر استراحاته وتوقفاته لمراجعة الخريطة. وفي هذه الحالة، تكون يده خريطته. يلعق الطفل يده ويمتصها ليبلغ مكانه المقصود مستخدماً مذاق السائل السلوي ورائحته على يديه ليصل إلى الثدي الذي يفرز مادة زيتية تحتوي على بعض من المحتويات ذاتها. إن غُسِلَت يدا الطفل قبل القيام برحلته هذه، قد لا ينجح في مهمته. بشكل مماثل، إنْ غُسل ثدي واحد سيتجه الطفل إلى الثدي الآخر. وإنْ غُسل كلاهما، سيتجه نحو الثدي الذي تم رشه بالسائل السلوي.

إنْ تحلى الوالدان (وموظفو المستشفى) بالصبر وجرى كل شيء على ما يرام، قد يمتص الطفل الثدي بالشكل الصحيح ويبدأ برضاعة اللبأ. يبدو أن الطفل الذي يحاول الوصول بنفسه إلى ثدي أمه يُدخل اللعوة كاملة في فمه وهكذا يرضع بفعالية أكبر ويؤذي الحلمة بقدر أقل.

وعندما تلاحظين قوة غرائز طفلك ومنعكساته، قد تثقين بنفسك أكثر فأكثر. فمنذ فترة ليست بطويلة، كنتِ الطفلة. أما الآن، فتنشط بداخلك مجموعة كاملة من غرائز الأمومة القوية بقدر قوة الغرائز في طفلك مع أنها أحياناً محجوبة عن النظر بفعل طبقات من المخاوف والأفكار الواعية. سيتضح الأمر قريباً عندما يملأ حليب ثدي الأم فم الطفل استجابةً إلى بكائه.

تعتبر هذه الوجبة الأولى إنجازاً رائعاً لكِ ولعائلتك كلها. وبالنسبة إلى معظم الأطفال الأصحاء، تُعدّ سبباً لتأخير الاغتسال، ومرهم العين، وقياس الوزن والطول، وإعطاء الحقن، أو اتخاذ إجراءات الساعة الأولى. استمتعي فقط بتجفيفه بعد الحمام واستخدام الاحتكاك الجسدي وتعريضه للنور الخفيف والتواصل معه عبر العينين وتمضية الوقت معه.