التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

المسؤولية: إيصال القيم بدلاً من طلب الطاعة في تربية الأبناء

يتطلع الأهل في كل مكان نحو طرق لتعليم المسؤولية لأولادهم. يتوقع الأهل في العديد من البيوت أن يوفر الروتين اليومي الحل لهذه المشكلة. يُنظر إلى أعمال مثل: إفراغ سلال النفايات، وتحضير وجبات الطعام، وجز العشب، وغسل الأطباق على أنها فعّالة بجعل الأولاد الذين هم في طور النمو يشعرون بالمسؤولية. وفي واقع الأمر، فإن هذا الروتين، وعلى الرغم من أنه مهم لإدارة البيت، يمكن أن لا يكون له تأثير فعّال بتكوين الشعور بالمسؤولية. وعلى النقيض من ذلك، ففي بعض البيوت فالأعمال اليومية تسبب معارك يومية ينتج عنها الكرب والغضب لكلا الأولاد والأهل. إن الإصرار القاسي على تأدية الأعمال الروتينية يمكن أن ينتج عنه الطاعة ومطابخ أنظف، ودوراً أكثر نظافة، لكن لن يكون له تأثير مرغوب فيه بقولبة شخصية الطفل.

إن الحقيقة الواضحة هي أنه لا يمكن فرض المسؤولية. بإمكان المسؤولية أن تنبع من الداخل، وتتغذى وتوجه من قيم مستقاة من البيت والمجتمع. إن المسؤولية التي لا تُبنى على قيم إيجابية قد تكون ضد المجتمع وهدامة. إن أعضاء العصابات يُظهرون عادة ولاءً ومسؤولية قوية بالنسبة لبعضهم البعض ولعصابتهم. يأخذ الإرهابيون مهماتهم بكل إخلاص. إنهم ينفذون الأوامر، حتى ولو كانت تشمل التضحية بحياتهم هم.

النشأة الجيدة للمسؤولية

في الوقت الذي نتمنى فيه أن يكون أولادنا أشخاصاً مسؤولين، فإننا نريد أن تنبع مسؤوليتهم من قيم عليا، ومن بينها احترام الحياة، والاهتمام بالخير العام الإنساني وبكلمات مألوفة: الإحساس مع الآخرين، الالتزام، والاهتمام. ونحن لا نفكر عادة بمعضلة المسؤولية بإطارها الأكبر. نحن ننظر للمسؤولية أو انعدامها، وبتعابير أكثر صلابة: في غرفة ولدنا الفوضوية، الحضور المتأخر للمدرسة، الفروض البيتية السيئة، التمرين المتردد على البيانو، الإطاعة مع العبوس أو الأخلاق السيئة.

ومع هذا فبإمكان الأولاد أن يكونوا مهذبين، وأن يحافظوا على نظافتهم ونظافة غرفهم، وينجزوا فروضهم البيتية بدقة، ومع هذا فإنهم يتخذون قرارات غير مسؤولة. إن هذا صحيح خاصة مع الأولاد الذين يُحدد لهم ما يجب أن يقوموا به، ولهذا لديهم القليل من الفرص لممارسة إطلاق الأحكام، وللتفضيل بين عدة خيارات، ولتنمية معاييرهم الداخلية. ومن جهة أخرى فالأولاد الذين يملكون الفرصة لاتخاذ قراراتهم يكبرون ليصبحوا مكتفين ذاتياً من الناحية النفسية. وحين يكبرون يتمكنون من اختيار شريكهم والأعمال التي تناسبهم.

إن ردات فعل الأطفال الداخلية تجاه أوامرنا هي عناصر حاسمة تدل على كمية تعلمهم الأشياء التي نريد إيصالها إليهم. لا يمكن تلقين القيم مباشرة. بل يتم استيعابها، وتصبح جزءاً من الولد، وفقط من خلال تمييز، ومحاكاة الأشخاص الذين يكتسبون محبتهم واحترامهم.

وهكذا، فمعضلة المسؤولية لدى الأطفال تعود إلى الوالد أو بدقة أكبر للقيم أو للدين كما يُعبّر عنها في ممارسات تربية الطفل التي تقوي مشاعر المحبة بين الوالد والطفل. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل توجد هناك مواقف أو ممارسات محدودة من شأنها أن تكوّن الشعور بالمسؤولية المطلوب في أولادنا؟ إن بقية هذا الفصل هو محاولة للإجابة على هذا السؤال من وجهة النظر النفسية.

الأهداف المرغوبة والممارسات اليومية

تبدأ المسؤوليات عند الأطفال مع موقف الأهل ومهارتهم. تشمل المواقف الاستعداد للسماح للأطفال بالشعور بكامل مشاعرهم، وتشمل المهارات القدرة على التوضيح بالأمثلة للأطفال وتعليمهم طرقاً مقبولة للتعامل مع المشاعر.

إن الإخفاق بتلبية هذين الشرطين ينتج عنه صعوبات خطيرة. لم يحضّرنا أهلنا ولا معلمونا بشكلٍ كافٍ للتعامل مع المشاعر القوية. وعندما كان أهلنا يُواجهون بعواطف عاصفة لدى الأولاد، كانوا يحاولون أن يُنكروا، يتخلوا، يقمعوا أو أن يجمّلوا هذه المشاعر. لقد استعملوا عبارات لم تكن مُساعدة.

الإنكار: إنك لا تعني حقاً ما تقول. إنك تعرف أنك تحب أخاك الصغير.

التخلي: هذا لست أنت. إنك مضطرب فقط بسبب يوم سيئ.

القمع: إن قلت كلمة “أكره” مرة أخرى، سأضربك ضرباً مبرحاً. إن طفلاً طيباً لا يشعر بهذه الطريقة.

التجميل: إنك لا تكره أختك حقاً – لعلك لا تحبها. في منزلنا لا نكره، إننا نحب فقط.

تتجاهل مثل هذه العبارات حقيقة أن المشاعر، مثل الأنهر، لا يمكن إيقافها، إنما يمكن توجيهها فقط. المشاعر القوية، مثل المياه المرتفعة للمسيسبي، لا يمكن إنكارها أو التفاهم معها أو إلغائها بالكلام. إن محاولة تجلب المصائب. يجب أن يتم الاعتراف بها وبقوتها. يجب أن تُعامل بالاحترام ويُعاد توجيهها ببراعة. وحينما يتم توجيهها بهذه الطريقة فبإمكانها أن تنير وجودنا وتجلب الضوء والفرح لحياتنا.

هذه أهداف كبيرة. ويظل السؤال: ما هي الخطوات التي ينبغي علينا اتخاذها لردم الهوة بين ضفتي النهر. الأهداف المطلوبة من جهة والممارسات اليومية من الجهة الأخرى؟ من أين نبدأ؟

البرامج البعيدة المدى، والقصيرة المدى

يبدو أن الجواب يكمن في تطوير برنامج يكون مزيجاً من المجهودات البعيدة المدى والقصيرة المدى. علينا الاعتراف وبسرعة بأن تثقيف الشخصية يعتمد على علاقاتنا مع أولادنا وأن سجايا الشخصية لا يمكن إيصالها بالكلمات، ولكن يجب أن تُنقل إليهم بالأفعال.

إن الخطوة الأولى في برنامج المدى البعيد هو التصميم والاهتمام بالأشياء التي يفكر فيها الأولاد وبمشاعرهم، والاستجابة ليس فقط لتصرفاتهم، ولطاعتهم الظاهرة أو تمردهم، ولكن أيضاً للمشاعر التي هي سبب إطلاق تصرفاتهم.

كيف يمكن أن نكون مطلعين على ما يفكر الأولاد فيه وما يشعرون به؟ يعطينا الأولاد إشارات. تأتي مشاعرهم من خلال كلماتهم ولهجتهم، وفي إشاراتهم وفي أوضاعهم. كل ما نحتاجه هو الآذان كي نصغي، والعيون التي تلتقط تلميحاتهم، وقلب لنشعر بواسطته. إن شعارنا الداخلي هو: دعني أفهم، دعني أظهر لك بأنني أفهم. دعني أريك ذلك بكلمات لا تنتقد أو تدين.

عندما يأتي طفل إلى البيت وهو صامت، وبطيء، وهو يجر نفسه، فإننا نستطيع أن نستنتج بأن شيئاً غير مفرح قد حدث له أو لها. وتطبيقاً لشعارنا، فإن علينا أن لا نبدأ حديثنا بتعليق انتقادي، مثل:

“ما هذه التعابير على وجهك؟”.

“ماذا فعلت. هل فقدت أعز أصدقائك؟”.

“ماذا فعلت هذه المرّة؟”.

“ما هي مشكلتك هذا اليوم؟”.

وبما أننا مهتمون بالكيفية التي يشعر بها أولادنا، فإننا يجب أن نتجنب التعليقات التي ينتج عنها السخط، وأيضاً يجب أن نبتعد عن تعليقات من شأنها أن تجعل الطفل يتمنى لو أنه لم يرجع إلى البيت. بدلاً من التهكم والسخرية، فإن الأولاد يستحقون رد فعل متعاطف من الأهل الذين يدّعون محبتهم، مثل:

“لقد حدث معك شيء غير مفرح”.

“ألم يكن يومك جيدا”.

“يظهر أنه كان يوماً صعباً لك”.

“أحدهم سبّب متاعب لك”.

تفضل مثل هذه العبارات على أسئلة مثل، “ماذا دهاك؟”، “ما خطبك؟”، “ماذا حدث؟” تلك الأسئلة التي تنم عن الفضول، بينما هناك عبارات تُعبّر عن التعاطف. ولكن حتى إذا كانت تعليقات التعاطف الأبوية لم تستطع أن تغير مزاج الولد السيئ على الفور، فإن الطفل سيستوعب المشاعر التي تحملها كلمات الوالدين المتفهمة لاحقاً.

بلسمة جروح الأولاد العاطفية

عندما أخبر تامر أمه بأنه قد تعرض للإهانة وقد دفعه سائق باص المدرسة، لم يكن من واجبها أن تبحث عن دوافع السائق أو أن تزوده بالأعذار. كانت مهمتها أن تستجيب عاطفياً وهكذا فإنها وفرت الإسعاف الأولي العاطفي بمساعدة تعليقات مثل:

“لا بد أن الأمر كان محرجاً جداً لك”.

“لا بد أنك قد تعرضت للإهانة”.

“لا بد أن الأمر قد جعلك تغضب”.

“لا بد من أنك قد كرهته في تلك اللحظة”.

من شأن مثل هذه التعليقات أن تُظهر لتامر بأن أمه تتفهم غضبه، والأذى الذي تعرض له، وإهانته، وأنها هنا من أجله عندما يحتاجها. ومثلما يسرع الأهل لتوفير الإسعاف الأولي المادي عندما يسقط أولادهم ويؤذون أنفسهم، فإن عليهم أيضاً أن يتعلموا توفير الاسعاف الأولي العاطفي عندما يعاني أولادهم من الجروح العاطفية.

لا مهرب من حقيقة أن الأولاد يتعلمون الأشياء التي يعايشونها. إن عاشوا وسط الانتقاد، فإنهم لا يتعلمون المسؤولية. إنهم يتعلمون أن يُدينوا أنفسهم وأن يجدوا الأخطاء بالآخرين. إنهم يتعلمون أن يشكّوا بحكمهم على الأشياء، ويحدوا من مقدرتهم الخاصة، وأن لا يثقوا بنوايا الآخرين.

إن أسهل طريقة لجعل الأطفال يشعرون بخطب قادم إليهم هي انتقادهم. إن ذلك يُنقص من اعتبارهم لذواتهم. يحتاج الأطفال إلى المعلومات بدل الانتقاص من شأنهم.

رأت أمّ ولدها سامر، وهو في السابعة، وهو يأكل كل قالب الشوكولا تقريباً. كانت على وشك توبيخه: “أنت أناني جداً! أنت تفكر بنفسك فقط! إنك لست الوحيد في هذا المنزل!”.

لكنها كانت قد تعلمت بأن النعوت لها قدرة تعطيلية، وبأن الإشارة إلى ميزات نفسية سلبية عند الطفل لا تساعده على التطور ليكون إنساناً متعاطفاً. وبدلاً من إطلاق النعوت، فقد أعطته معلومات دون انتقاص شأنه: “يا بني، إن قالب الحلوى يجب أن يقسّم على أربعة أشخاص”. “أوه، أنا آسف،” أجاب سامر. “لم أكن أعرف هذا. سأعيد بعضاً منه”.

بناء العلاقات مع أطفالنا

يتوجب على الأهل الذين هم في وسط حرب معلنة أو غير معلنة مع أولادهم حول الأعمال الروتينية اليومية وتوزيع المسؤوليات، أن يعترفوا بأنه لا يمكنهم ربح هذه الحرب. إن لدى الأطفال وقتاً أكثر، وطاقة أكبر مما لدينا لاستعمالها في مقاومتنا. وحتى لو ربحنا معركة ونجحنا في فرض إرادتنا، فسرعان ما سينتقمون بأن يصبحوا كئيبين ومتقلبي المزاج أو متمردين أو جانحين.

إن مهمتنا إذاً هي أن نبني علاقات مع أولادنا. كيف ننجز هذه المهمة الصعبة؟ نفعل ذلك بكسبهم. قد يبدو هذا مستحيلاً، وعموماً، فإن هذا الأمر هو صعب فقط ونحن نتمتع بالقدرة على إنجازه ما أن نبدأ بتفهم وجهات نظرهم ونصغي لمشاعرهم التي تتسبب أحياناً بسوء سلوكهم.

يمكن أن يطلق الأهل تغييرات جيدة بطفلهم وذلك بواسطة الإصغاء بحساسية لولدهم.

يعاني الأولاد من خيبة الأمل والامتعاض عندما لا يكترث الأهل بمشاعرهم ولا بوجهات نظرهم.

على سبيل المثال: أصر والد شادية أن ترافقهم لمشاهدة مباراة بكرة القدم يشارك فيها أخوها، ولأنها لم تكن مهتمة بهذه اللعبة، فقد رفضت. غضب والدها وهددها بقطع مصروفها الشخصي عنها. خرجت شادية من المنزل وهي غاضبة، وتشعر بالأذى وبأنها غير محبوبة. وما أن هدأ والدها حتى أصبح قادراً على رؤية رفضها من وجهة نظرها هي، وأدرك أنه أراد أن يتمتع الجميع بنزهة عائلية سعيدة، وعرف أيضاً أنه لم يحترم مشاعر ابنته. وعندما عادت، قام بالاعتذار واعترف بأن لا معنى لالتحاق ابنته بالعائلة لرؤية حدث لن يكون مفرحاً بالنسبة إليها. وأدرك أيضاً بأنه إذا ما تم إجبارها على الذهاب، فمن المؤكد أن لا يتمتع أحد بمشاهدة لعبة كرة القدم هذه.

لدى معظم الأهالي صورة مثالية عن المناسبات والاحتفالات العائلية متجاهلين المشاعر الخفية السلبية التي تسمم مناسباتهم السعيدة المخطط لها. على الأهل أن يختاروا بعناية أية مناسبة عائلية بإمكانهم الإصرار على أولادهم كي يحضروها. ليس من صالح الأولاد أن يشعروا بأنهم عاجزين وساخطين وهكذا فإن الأهل يعانون من وجود طفل متجهم، غاضب، وغير مفرح. لماذا؟ لأن لدى الأولاد العديد من الطرق لتسوية الحسابات مع أهاليهم وحتى لو كانت على حسابهم هم.

لننظر قصة السيد عامر، وهو رجل سلطوي قرر أن يغير من تصرفه تجاه طباخه، الذي حين دعاه قال له:

“من الآن فصاعداً سأكون لطيفاً معك”.

“وإن تأخرت قليلاً بتحضير الغداء، ألن تصرخ بوجهي؟”.

“لا،” قال السيد عامر.

“وإذا كانت القهوة غير ساخنة بما فيه الكفاية، ألن ترمها بوجهي؟”.

“ليس بعد الآن!” كان جواب صاحب العمل المتعاطف.

“وإن كانت قطعة الستيك مطبوخة أكثر من اللازم، ألن تقتطعها من معاشي؟”.

“لا، قطعاً لا” كرر السيد عامر.

“حسناً” قال الطباخ، “إذاً فلن أبصق بطبق حسائك بعد الآن”.

هناك طرق عدة للأولاد يستطيعون فيها أن يبصقوا بطبق حسائنا وأن يجعلوا حياتنا تعيسة.

إن الأولاد الذين لا يراعي أهلهم مشاعرهم ووجهات نظرهم يمكن أن يستنتجوا بأن أفكارهم هي غبية وغير ذات قيمة كي يأبه أهلهم لها وأنهم لا يحبون أحداً ولا يحبهم أحد.

إن الأهل الذين يصغون بانتباه ولا يكتفون بالاستماع فقط بل يأخذون مشاعر أولادهم القوية بالحسبان، يقومون بإيصال فكرة أن وجهات نظرهم ومشاعرهم هي ذات قيمة وهم يتمتعون بالاحترام. مثل هذا الاحترام يعطي الولد إحساساً بقيمته الذاتية. إن شعور الطفل بقيمته الذاتية يمكّنه من التعامل بفعالية أكبر مع عالم الأحداث والناس.

عملية عكس مشاعر الأولاد

هل قمت في يوم ما بالنظر إلى واحدة من تلك المرايا العملاقة في حدائق التسلية والتي ترى صورتك فيها مكبرة ومشوهة؟ ما هو شعورك عندها؟ لربما كنت غير مرتاح. لكنك ضحكت لأنك عرفت بأنها تشويه لصورتك، وأنت لا تبدو مثلها.

لكن لنفرض بأن هذه الصورة هي الوحيدة التي تملكها عن نفسك. من الممكن عندها أن تقتنع أن هذا الشخص المشوه هو أنت حقيقة. لن يخطر ببالك أن لا تثق بالمرآة لأنها الصورة الوحيدة عنك.

لا يملك الأطفال أي سبب للشك بالصورة التي يعكسها أهلهم عنهم. إنهم يتقبلون حتى تقييمات أهاليهم السلبية، والتي عادة ما تصنفهم كأغبياء، كسولين، خرقى، ومتهورين، أنانيين، غير حساسيّن، وغير مسؤولين وغير مرغوبين. إن عبارات مثل “إنك تبدو مريعاً،” أو “أنت لا تقوم بشيء بالطريقة الصحيحة” أو “إنك أخرق جداً” لا تساعد الطفل على الشعور بأنه جميل، قادر أو لطيف. يصنف العديد من الآباء أولادهم على أنهم “أغبياء، كسولين، ومخادعين، ومع هذا فإنك تتوقع من مثل هذه التصنيفات أن تدفعهم كي يتغيروا إلى أشخاص لامعين، مجتهدين، وصادقين.

إن عملية العكس الأبوية السلبية تستطيع بسهولة أن تشوش صورة الولد عن ذاته.

خلال برنامج متلفز يتعلق بالأولاد، سألني جهاد، وهو في الثانية عشرة من العمر، “ينعتني أبي بالكسول، والمتوحش، والغبي. هل هو على حق؟ أنا لا أعتقد بأنني هكذا”.

“أخبرني، إن قال لك أبوك بأنك مليونيراً، هل تصدقه؟” سألته أنا.

“لا، أعرف بأن لدي سبعة عشر دولاراً في المصرف فقط. أوه، لقد انتبهت. إن مجرد قوله إنني ولد فظيع لا يعني بأنني كذلك،” أجاب جهاد.

“تماماً مثلما تعرف كم من النقود لديك، فإنك تعرف أيضاً نوع الشخص الذي هو أنت، بغض النظر عما يقوله أي شخص آخر بما في ذلك والدك. ولأنه والدك، الذي تحب وتحترم، هو من أطلق عليك هذه النعوت، فإن ذلك يجعل الأمر أكثر صعوبة لتتأكد من أنك لست ذلك الشخص الذي يصفه”، كررت له. النعوت السلبية التي يُقصد منها أن تكون مُصلحة بإمكانها أن تُثقل كاهل المتلقي لمدى الحياة.

منذ عدة سنوات تكلم بابلو كاسلز وهو عازف كمان كبير ومهتم بالشؤون الإنسانية، عن الأولاد وأهمية جعلهم يشعرون بأنهم متميزون. قال، “لا يكفي الأولاد أن يعرفوا بأن جمع اثنين إلى اثنين يساوي أربعة. على الأهل أن يخبروا ولدهم، “إنك عظيم! أنت معجزة! منذ بداية الزمان لم يكن هناك أبداً طفل يشبهك، ولن يكون أبداً”.

بعض الأطفال يكونون محظوظين، يوافق أهاليهم مع بابلو كاسلز ويعرفون كيف يساعدون أولادهم ليشعروا بأنهم متميزون.

كانت حنان، وهي في العاشرة، مع أمها تتسوقان في مخزن كبير. وفجأة سمعتا ولداً صغيراً يبكي. ويبدو أنه كان قد ضاع. وبعد قليل قام حارس الأمن بإيجاده وساعده ليلتحق بأمه.

في ذلك المساء قالت حنان، وكانت تبدو حزينة جداً، لأمها، “كنت أفكر كم كان من المرعب جداً لذلك الولد الصغير عندما أدرك أنه ليس بإمكانه أن يجد أمه”. أول فكرة خطرت على بال الأم كانت طمأنت ابنتها: “أوه، لا تقلقي. من المحتمل أن يكونوا قد وجدوا أمه على الفور”. وبدلاً من ذلك قررت أن تغتنم هذه الفرصة لتجعل حنان على علم بنوعية العناية بها.

الوالدة: “حنان، هل أنت مهتمة حقاً بشأن ذلك الولد الضائع”.

حنان: “لا أنفك أفكر بحزنه الظاهر”.

الوالدة: “لقد أظهرت ما يكفي من التعاطف والحنو، يبدو أنك تحسّين بخوف الولد”.

منع عناقيد الحنق

يجب على الأهل أن يتجنبوا الكلمات والتعليقات التي تثير الكراهية والسخط، عمداً:

إهانات: إنك غير مشرّف لمدرستك، ولا تضيف شيئاً لرصيد عائلتك.

التكهن: إن الطريقة التي تتصرف بها، ستنتهي بوضعك في السجن!

التهديدات: إن لم تهدأ فيجب أن تنسى مصروفك الشخصي ومشاهدة التلفزيون بعد الآن.

الاتهامات: أنت دائماً من يبدأ المشاكل.

الأوامر: إجلس، أقفل فمك، وتناول غداءك.

التصريح عن المشاعر والأفكار بدون هجوم

يتمتع الأهل في الظروف الصعبة بفعّالية أكبر عندما يصرحون عن مشاعرهم الخاصة وأفكارهم بدون مهاجمة نفسيات أطفالهم وكبريائهم. وبمجرد البدء بالضمير “أنا،” فيمكن للأهل أن يعبروا عن مشاعرهم الغاضبة ويقوموا بوصف سلوك ولدهم غير المقبول بدون أن يقوموا بالإهانة والاستصغار. مثلاً: “أنا أغضب وأشعر بالأذية عندما يتجاهل ولدي طلبي المتكرر لتخفيض صوت الستيريو”.

عندما يصغي الأهل بحساسية، ويعملون على فهم وجهة نظر ابنهم، ويؤجلون التعليقات الجارحة، ويقوموا بعكس مشاعر أولادهم، وطلباتهم بدون إهانة، فإن عملية تغيير تنطلق عند الولد. إن جو التعاطف يجذب الولد أكثر إلى أهله: تتم من قبله ملاحظة ومحاكاة موقفهم العادل، والمهتم، والمؤدب. لن تحدث هذه التغيرات فوراً، لكن ستؤتي الجهود ثمارها في النهاية.

وبتبني هذه المواقف والممارسات، سيتمكن الوالد أو الوالدة من إنجاز قسم كبير من عملية تثقيف الولد وتشجيعه على تحمل المسؤولية. ومع هذا فإن وضع المثال وحده لا يكفي للوصول إلى الإحساس بالمسؤولية عند كل طفل من خلال مجهوداته وخبرته الخاصة.

في حين أن المثال الذي يعطيه الوالد يُحدث موقفاً مساعداً وجواً لعملية التعلم، فالخبرات المحددة تقوي التثقف لتجعل منه جزءاً من شخصية الولد. مثلاً، من المهم أن نعطي مسؤوليات محددة للأولاد تناسب مستويات نضجهم المختلفة.

في معظم البيوت يمثل الأولاد مشكلة، لكن الوالدين يجدون الحلول دائماً. إن أردنا أن نساهم بعملية نضوج الأولاد، فيجب أن نعطيهم الفرصة لحل مشاكلهم الخاصة. وهنا مثال على ذلك.

كانت معلمة فريد تصطحب الصف إلى نزهة في نهاية الأسبوع. وعندما وصل فريد، وهو في السادسة عشرة من عمره، إلى محطة الباصات، لم توافق معلمته على انضمامه للصف في الرحلة التي تستغرق خمس ساعات لأنه نسي إحضار الإذن من والديه بشأن النزهة. كان مرتبكاً وغاضباً. وعندما رجع إلى البيت، قام بمواجهة أمه: “أمي، إن لم تأخذيني إلى فيرمونت بالسيارة فسوف تخسرين المئة دولار التي قمت بدفعها”.

أجابته أمه، “فريد، إنني أعلم كم تتوق للذهاب. أتمنى لو أستطيع مساعدتك. لكنك تعلم أنه من المستحيل أن أوصلك بالسيارة”.

“ماذا بإمكاني أن أفعل؟” اشتكى فريد.

“هل فكّرت باستعمال الباص؟” اقترحت عليه أمه.

“لا، لأنه يتحتم عليّ تغيير باصات كثيرة،” أجاب فريد.

“أعتقد بأنك قد قررت استعمال باص” علّقت أمه بهدوء.

لعدة دقائق تابع فريد تمتمته حول مشاعره البائسة، ثم غادر الغرفة. وعندما عاد أعلن أنه وجد باصاً يأخذه إلى الجبال مباشرة بدون حاجة لتغيير باصات.

وعندما كانوا في السيارة متوجهين إلى محطة الباصات، أخبر فريد أمه كم كان غاضباً تجاه معلمته عندما قالت له، “حسناً، إنها ليست غلطتنا إذا كنت قد نسيت ورقة إذنك من والديك”. ثم أضاف، “لقد كنت ناضجاً جداً. هل تعرفين كيف أجبتها؟ “لست مهتماً بإلقاء اللوم. إنني مهتم بالحل”.

“حسناً”، لاحظت الأم، “أنت تعرف أن اللوم لا يفيد وقت الأزمات”.

إن مهارة هذه الأم قد ساعدتها بالتواصل مع ابنها كي يكون مهتماً بإيجاد الحلول. وكنتيجة، فإنه لم يضيع الوقت بإلقاء اللوم والتحقير. بالرغم من أنه كان يفضل لو أن أمه تقوم بإنقاذه من مصاعبه. وعندما شجعته فقد وصل إلى الحل المناسب بالوصول إلى حيث يريد. وبإتاحة الفرصة لفريد كي يجد حلاً لمشكلته، فإن والدته قد قدمت له الفرصة كي يشعر بأنه مؤهل ومسؤول.

التعبير والخيارات

لا يولد موقف تحمل المسؤولية مع ولادة الأطفال. ولا حتى أنهم يكسبونها بصورة آلية بعمر معين. إن المسؤولية، كالعزف على البيانو، يمكن إتقانها ببطء وخلال سنوات عديدة وطويلة. إنها تتطلب تمارين يومية بممارسة التمييز والتفضيل بين الخيارات حول مسائل تناسب عمر الولد واستيعابه.

يمكن للتدريب على تحمل المسؤولية أن يبدأ باكراً جداً في حياة الطفل. تنمو المسؤولية بالسماح للطفل بالتعبير بحرية، حينما يطلب منه ذلك، عن خيارات بين المسائل التي تهمه. وهنا يجب أن نميّز عن عمد بين التعبير والقرارات. هناك مسائل تقع كلية ضمن حدود مسؤولية الطفل. وفي مثل هذه المسائل يتوجب على الطفل أن يأخذ القرارات. وهناك مسائل تؤثر على مصلحة الطفل والتي هي ضمن مجال مسؤوليتنا. في مثل هذه المسائل يمكن للطفل أن يعبر عن رأيه، لكن ليس له أن يأخذ قراراً. نحن نأخذ القرار وبنفس الوقت نساعد الطفل على تقبل ما هو محتم. والمطلوب هو التمييز الواضح بين هذين العالمين لمسؤولياتنا. دعونا نتفحص مناطق عدة حيث لا تعتبر المشاكل بين الأهل والأولاد نادرة.

الطعام

حتى ابن الثانية يمكن أن نوجه إليه سؤالاً عما إذا كان يريد نصف كوب حليب أو كوباً كاملاً. (الأهل القلقون من أن طفلهم سيختار دوماً نصف الكوب، بإمكانهم أن يبدأوا بكوب أكبر). ويمكن أن نخير ابن الرابعة بين نصف تفاحة أو تفاحة كاملة. وابنة السادسة يمكنها التقرير بنفسها ما إذا كانت تريد بيضها المسلوق صلباً أم ليناً.

يتوجب علينا أن نجعل الأطفال يواجهون عدة ظروف كي يأخذوا قراراتهم فيها. يختار الأهل الظروف، والأولاد يأخذون القرارات.

إننا لا نسأل ولداً، “ماذا تريد لطعام الإفطار؟” نسأل الطفل بدلاً من ذلك، مثلاً، “أتريد بيضك مخفوقاً أو مقلياً؟” أو “هل تريد خبزك محمصاً أم لا؟” “أتريد صحن حبوبك ساخناً أم بارداً؟” أو “هل تريد عصيراً أم حليباً؟”.

إن الشيء الذي يتم إيحاؤه للطفل هو أنه يتمتع ببعض المسؤولية تجاه القضايا التي تهمه. إنه ليس متلقياً للأوامر لكنه شريك بالقرارات التي تؤثر على حياته. من زاوية الوالدين، يجب على الطفل تلقي رسالة واضحة: إننا سنقدم عدة بدائل، والاختيار بينها هو مسؤوليتك.

إن عادات الأكل بين الأولاد يكوّنها الأهل الذين يبذلون اهتماماً شخصياً زائداً في عملية تذوق أطفالهم. إنهم يُرغمون الطفل على أكل خضار بعينها، ويخبرونه (بكل روح لا علمية) أية خضار هي صحية أكثر. إن من صالح الولد أن لا يكون للأهل مشاعر قوية بشأن الطعام. يقدم الأهل طعاماً بنوعية ومذاق جيّدين ويتركون أولادهم كي يتناولوا الكثير أو القليل منه حسب ما تسمح شهيتهم، طالما أن ذلك لا يتناقض مع نصائح الأطباء. من الواضح بأن تناول الطعام يقع ضمن مسؤوليات الأطفال.

إن عدم السماح للأطفال بالتعبير، هو خيار يجعل من الصعب عليهم أن يطوروا إحساساً بأنهم أشخاص مهمون، كما توضح لنا القصة التالية: أحمد جالس مع أمه في مقهى.

النادلة: “ماذا تفضل أن تتناول؟”.

أحمد: “أريد نقانق”.

الوالدة: “أعطه شطيرة لحم مشوي!”.

النادلة: “ماذا تريد أن تضيف على شطيرة النقانق، صلصة البندورة، أم خردل؟”.

أحمد (ملتفتاً نحو أمه): “أجل ماما، إنها تأخذني بجدية!”.

الثياب

عند شراء الملابس للأطفال الصغار، يكون من مسؤوليتنا أن نقرر ماذا يناسب حاجاتهم والميزانية التي يجب أن توضع لذلك. في المتاجر علينا أن نختار عدة نماذج لهم، وكلها مقبولة لدينا من جهة السعر. يقوم الطفل باختيار ما يناسب ذوقه ليلبسه. وهكذا، حتى ابنة السادسة يمكنها اختيار جواربها، قمصانها، فساتينها وسراويلها، من بين الأشياء التي اختارها لها والداها. نجد بعض البيوت حيث الأطفال لا يملكون الخبرة والمهارة لشراء الملابس. هناك بالغون أيضاً لا يستطيعون شراء بذلة لهم دون مساعدة الغير على الاختيار.

يجب أن يسمح للأولاد، الأكبر سناً على الأخص، أن يختاروا ملابسهم حتى ولو كانت مختلفة عن المعايير المقبولة لأهلهم أو أصدقائهم. أحياناً تعبّر طفلة عن ذوقها الخاص بطريقة غير مريحة لأهلها. البنات الأكبر سناً يجب أن يسمح لهم بشراء ما يرضيهن طالما يستخدمن مالهن الخاص لذلك. أما في حالة قام أترابها بالسخرية منها وقالوا لها أن ذوقها غريب من نوعه، فيحتمل عندها أن تغير من اختيارها ليتناسب مع ذوق أصحابها. يمكن للأهل أن يوفروا على أنفسهم الكثير من النقد، والاعتراضات، والمجادلات، وتكوين المشاعر السيئة عن طريق السماح لرفاق البنت بأن يقوموا بهذا العمل بالنيابة عنهم.

نجد من الجهة الأخرى، أن بعض الأولاد هم مبدعون لدرجة كبيرة. يقوم بعض الأهالي بترك الحرية لأولادهم كي يلبسوا أو حتى يصمموا ثيابهم بغض النظر عن اختلاف ذوقهم عن ذوق أترابهم.

الفروض البيتية

عندما يبدأ الولد الصف الأول من سنوات تعليمه يجب أن يفهم أن الفروض البيتية هي من مسؤوليته مع معلمه. على الأهل أن لا يشرفوا على إتمام ولدهم لفروضه البيتية، وأن يبتعدوا عن الإشراف على الفروض ومراجعتها مباشرة إلا إذا طلب الأولاد ذلك. (هذه السياسة يحتمل أن تكون على عكس رغبات المعلم). إذا أصر الأهل على تولي مسؤولية الفروض، فإن الأولاد يرضون بذلك ويلقون هذا العبء على أهاليهم بصورة دائمة. الفروض البيتية يمكن أن تصبح سلاحاً بيد الولد لمعاقبة وابتزاز، واستخدام أهله. أما إذا أظهر الأهل اهتماماً أقل بالتفاصيل الدقيقة للفروض البيتية لابنهم وأوضحوا له بصورة حاسمة بأن هذه الفروض هي من مسؤوليته وحده، فإنهم يستطيعون بذلك تجنب الكثير من التعاسة وإضافة الكثير من البهجة للحياة البيتية. إن واجبات الولد هي مسؤوليته وحده ولا شأن للأهل بها.

العديد من المدارس المتقدمة لا تفرض فروضاً بيتية على الأطفال الصغار. إن هؤلاء يستفيدون بنفس الدرجة مثل الأطفال الذين هم بسن السادسة والسابعة الذين يناضلون مع واجباتهم؟ القيمة الأساسية للفروض البيتية هي أنها تعطي الولد الفرصة والخبرة للعمل بمفرده. للوصول إلى هذه الغاية، يجب على الفروض البيتية أن تكون معدلة حسب مقدرة الطفل على الاستيعاب عموماً، ليستطيع العمل باستقلالية بوجود مساعدة صغيرة له من قبل الآخرين. المساعدة المباشرة توحي للطفل بأنه عاجز بدون المساعدة الأبوية. يمكن للمساعدة المباشرة أن تكون مفيدة. يمكننا أن نؤمن للطفل بعض الخصوصية، طاولة مناسبة، مراجع، وإمكانية الوصول إلى الكمبيوتر. بوسعنا أن نساعد الطفل على تحديد الأوقات المناسبة لإنجاز فروضه البيتية، بما يتوافق مع الفصول. المساءات المعتدلة للربيع والخريف هي مناسبة كي يلعب الطفل أولاً قبل البدء بإنجاز الفروض. أما في الأيام الباردة، فالفروض البيتية يجب أن تنجز أولاً إن كان يريد أن يشاهد التلفزيون لاحقاً.

يفضّل الأطفال وجود شخص بالغ بجانبهم عند إنجاز الفروض. إنهم يحتاجونه عندما يحللون مسألة أو عندما يحاولون فهم مقطع في كتاب. بإمكاننا أن نسمح لهم باستعمال طاولة بالمطبخ أو في غرفة الطعام. من الواجب أن نعطي تعليماتنا بخصوص آداب الجلوس، الترتيب أو الاهتمام بالمفروشات.

يعمل بعض الأطفال بطريقة أفضل حينما يضعون قلم رصاص في أفواههم أو يحكّون رؤوسهم أو يترنحون على كرسي أو حتى إذا استمعوا إلى الموسيقى. تعليقاتنا وممنوعاتنا تزيد من دهشتهم وتؤثر على عملهم الذهني. يقاومنا الأطفال أقل حينما نستطيع أن نوصل تعليقاتنا وطلباتنا إليهم بطريقة تضمن احترامنا لهم ولاستقلاليتهم.

يجب أن لا نقاطع الأطفال بأسئلة ومهمات يمكن تأجيلها، حين إنجازهم لفروضهم. علينا أن نبقى في الخلفية لتأمين الاطمئنان والدعم بدلاً من إعطاء التعليمات والمساعدة المباشرة. يمكن أن نوضح نقطة أو أن نشرح جملة إذا دُعينا إلى ذلك. يجب علينا أن نتجنب تعليقات مثل هذه: “لو لم تكن مغفلاً، لكنت تذكرت فروضك”. و”لو أنك استمعت إلى المعلم، لكنت عرفت فروضك البيتية”.

علينا تقديم مساعدتنا بالتقنين ولكن بتعاطف. نستمع أكثر من أن نحاضر. نحن نظهر الطريق، إلا أننا نتوقع أن يصل الطالب إلى هدفه بقوته الخاصة.

توضح الحادثة التالية مهارة أمّ في منع المشكلة حول الفروض البيتية من أن تتحول إلى انفجار. نهضت هدى، وهي بعمر الحادية عشرة، من مقعدها وتحدثت إلى أمها: “لا أرغب بإنجاز فروضي. أنني متعبة جداً”.

كان يمكن لرد فعل عادي أن يكون هكذا، “ماذا تعنين بقولك أنك لا تريدين إنجاز فروضك؟ لم تكوني متعبة أبداً حين لعبت، والفروض فقط تجعلك متعبة. إذا أتيت إلى البيت بتقرير علامات سيئ سترين إن كنت أهتم”.

وبدلاً من ذلك، بادرت أم هدى بالاعتراف بمشكلتها: “أرى بوضوح بأنك متعبة. إنك تعملين بجد. دعي دروسك الآن وارجعي إليها عندما تكونين مستعدة”.

موقف الأهل تجاه المدرسة والمعلمة يمكن أن يؤثر في موقف الولد تجاه فروضه البيتية. وإن تعوّد الأهل التقليل من شأن المدرسة واستصغار المعلم، فإن الطفل سيخرج باستنتاجات واضحة. على الأهل أن يدعموا موقف المعلم ويدعموا سياسة المدرسة بشأن الفروض البيتية. عندما يكون المعلم صارماً، تتكون فرصة رائعة أمام الوالد ليكون متعاطفاً:

“هذه السنة ليست سهلة، هناك الكثير من العمل!”.

“إنها سنة مليئة بالصعوبات حقاً”.

“بالتأكيد إن معلمتك صارمة”.

“سمعت أنها تطلب الكثير”.

“سمعت أنها قاسية خصوصاً بالنسبة للفروض البيتية. أستطيع أن أراهن بأن هناك الكثير من العمل هذه السنة”.

من المهم أن نتجنب الجدالات اليومية حول الفروض البيتية مثل، “أنظري هنا يا أمينة، من الآن وصاعداً عليك أن تعملي على تهجئتك مساء كل يوم، بما في ذلك أيام العطلة. ممنوع عليك اللعب ومشاهدة التلفزيون أيضاً”. أو “راغب، إنني متعبة جداً من تذكيرك بشأن فروضك البيتية. سينظر والدك إن كنت تركز على واجباتك. ستندم إن لم تفعل ذلك”.

تشيع التهديدات والتذمرات هذه الأيام لأنها تمنح الوالد شعوراً بأنه فعل شيئاً تجاه الوضع. في واقع الأمر، مثل هذه التوبيخات هي أسوأ من أن تكون غير فعّالة فقط. إنها تنتج جواً مشحوناً، ووالداً منفعلاً، وولداً غاضباً.

أُرسلت رسالة الشكوى هذه من المدرسة. أيمن، وهو بعمر الرابعة عشرة، متخلف عن دروسه. كان رد فعل والده الأول هو دعوة ابنه وتقريعه لفظياً، وذلك كي يؤدبه: “انتبه يا بني. من الآن فصاعداً يتوجب عليك القيام بفروضك بنفسك وحتى في أيام العطل. سأحرمك من السينما، والتلفزيون، وألعاب الفيديو، ومن الزيارات للأصدقاء أيضاً منذ الآن. وسأتولى بنفسي التأكد من بدئك بالعمل”.

جرى هذا الحديث عدة مرات في السابق. كانت النتيجة أباً غاضباً وابناً عاصياً على الدوام. الضغط المتزايد أنتج زيادة بمقاومة أيمن. لقد أصبح خبيراً بالتملص والإخفاء.

تجنب والد أيمن هذه المرة التهديدات والعقوبات. اعتمد على احترام ابنه لذاته، عوض ذلك. أطلع ولده على رسالة معلمته وقال له: “يا بني، إنني أتوقع منك عملاً أفضل، واطلاعاً أكثر ومعرفة أوفر. إن العالم يحتاج إلى أشخاص قادرين. هناك الكثير من المشاكل التي تنتظر الحلول. بإمكانك المساعدة”.

تأثر أيمن بكلمات والده ونبرة صوته، ثم أجاب، “أنا أعد أن آخذ عملي بجدية أكبر”.

يقصّر العديد من الأطفال القادرين في مدارسهم وبفروضهم البيتية. يكون ذلك بشكل ثورة دون قصد ضد طموحات أهاليهم. لكي يكبر الأطفال وينضجوا، فهم بحاجة إلى أن يصلوا إلى إحساس بالخصوصية والاستقلال عن أمهم وأبيهم. عندما يقوم الأهل بزج أنفسهم بالسجل المدرسي لابنهم بطريقة عاطفية، فإن استقلالية الطفل تتعرض للخطر. وإذا اعتبر الأهل أن الفروض البيتية والعلامات العالية هي ماسات قيمة في تاجهم، فإن الطفل يفضل، وبدون أن يقصد، أن يأتي إلى البيت بتاج من الحشائش البرية يكون من صنعه الخاص. يصل الثائر الصغير إلى تحقيق شعوره بالاستقلالية عن طريق عدم تحقيق هدف أهله. يمكن أن تدفع حاجة الطفل إلى الاستقلالية والتمايز إلى الفشل بغض النظر عن ضغط الأهل وعقابهم. صرّح أحد الأطفال قائلاً: “بإمكان أهلي أن يحرموني من مشاهدة التلفزيون ومن مصروفي الشخصي، لكن ليس بإمكانهم حرماني من علاماتي الفاشلة”.

يظهر أن مقاومة متابعة الدروس ليست بالمشكلة البسيطة التي يمكن حلها عن طريق أن يكون المرء قاسياً أو متساهلاً مع أولاده. إن الضغط الزائد يمكن أن يزيد من مقاومة الطفل، بينما الموقف المعتدل يمكن أن يوحي للولد بعدم النضوج وعدم المسؤولية. إن الحل ليس سهلاً ولا هو بالسريع. يمكن أن يحتاج بعض الأطفال إلى التحليل النفسي لحل مشكلة مقاومة الأهل وللحصول على الرضا في التحصيل العلمي بدلاً من التقصير في هذا المجال.

من الممكن أن يحتاج الآخرون إلى التعلم مع شخص يكون ملماً بعلم النفس مثل مستشار المدرسة أو معلم اختصاصي آخر. من المحتم أن لا يقوم الأهل بعملية التعليم بأنفسهم. إن هدفنا أن نوحي للأولاد بأنهم أشخاص مستقلون عنا، وهم مسؤولون عن نجاحهم أو فشلهم. وعندما يسمح للطفل بأن يجرب ذاته كفرد له حاجاته الفردية وأهدافه الخاصة، فإن ذلك الطفل يبدأ بتحمل المسؤولية تجاه حياته الخاصة أو متطلباتها.

المصروف الشخصي: تعلم معنى المال

إن المصروف الشخصي يجب ألا يستعمل كمكافأة للسلوك الجيد أو كدفعة مقابل الأعمال الروتينية. إنه أداة تثقيفية ذات هدف محدد لتعلم الخبرة حول استعمال المال وذلك عن طريق التمتع بأخذ القرارات وتحمل المسؤوليات. إذاً، فإن الإشراف المباشر على المصروف الشخصي يُفشل هدفه. المطلوب هو سياسة عامة بإمكانها تحديد الإنفاق الذي يغطيه المصروف: الضيافة، الغداء، المواد المدرسية، إلخ… وكلما كبر الطفل، يزاد المصروف ليشمل الأشياء الإضافية: اشتراكات عضوية النادي، وسائل الترفيه، والثياب الإضافية.

يمكن توقع سوء استعمال المصروف الشخصي. سيسيء بعض الأطفال إدارة مخصصاتهم ويقوموا بصرف الكثير من المال بوقت قليل. يجب مناقشة سوء استعمال المال مع الولد بشكل عملي بهدف الوصول إلى حلول متبادلة مقبولة. في حالة تكرر الصرف المتسرع، من الضروري اللجوء إلى تجزئة المصروف الشخصي بحيث يعطى له مرتين أو ثلاث بالأسبوع. علينا تجنب استعمال المصروف الشخصي كعصا فوق رأس الطفل لممارسة الضغط عليه من أجل التفوق أو الطاعة. يجب عدم حجب المصروف في أوقات الغضب أو أن يزاد مزاجياً في أوقات الشعور الجيد. حتى الأطفال لا يرتاحون لمثل ذلك الترتيب كما توضح الحالة التالية:

الوالدة: “كنت مثال الولد الطيب. إليك بعض المال كي تذهب إلى السينما”.

الولد: “ليس عليك أن تعطيني أي مبلغ من المال، ماما. لم أكن جيداً في أي شيء”.

ما هو المصروف الشخصي المقبول للولد؟ لا يوجد جواب شامل لهذا السؤال. يجب أن يناسب المصروف الشخصي ميزانيتنا. وبغض النظر عن المستويات المعيشية لرفاق ابننا، فمن الخطأ الاندفاع بإعطاء مبلغ يفوق قدرتنا. إن اعترض الولد يمكننا إخباره أو إخبارها بصراحة وحنو، “كنا نتمنى أن نعطيك مصروفاً أكبر لكن دخلنا محدود”. ذلك النهج هو مناسب أكثر من محاولة إقناع الولد بأنه أو أنها لا يحتاجان للمزيد من المال.

يسهل إساءة استعمال المال من قبل عديمي الخبرة، تماماً مثل السلطة. على المصروف ألا يكون أكبر من مقدرة الولد على إدارته. من الأفضل أن نبدأ بمصروف صغير يكون بإمكاننا تعديله من وقت لآخر، على أن نعطي الولد مالاً زائداً عن حاجته. يمكن أن نبدأ بإعطاء الولد مصروفه الشخصي عندما يبدأ بالذهاب إلى المدرسة، وأن نعلمه عدّ الأوراق المالية وتجزئتها. هناك شرط ضروري للمصروف: المبلغ الصغير المتبقي مع الولد بعد المصروفات الثابتة يجب أن يبقى ملكاً للطفل بإمكانه توفيره أو إنفاقه.

الاعتناء بالحيوانات الأليفة: مشروع مشترك لتوفير العناية بها

عندما يعد الطفل بالاهتمام بحيوان أليف، فإن ذلك الولد يقوم ببساطة بإبداء نيته الحسنة، وهذا ليس برهاناً على قدرته على الاهتمام. يحتاج الطفل أو يريد أو يحب حيواناً أليفاً معيناً، لكنه من النادر أن يستطيع أو تستطيع أن يهتم به بالطريقة الصحيحة. إن مسؤولية الحفاظ على حياة الحيوان لا يمكن أن تُطلب من الولد وحده. من أجل تجنب خيبة الأمل والاتهامات فيما بعد، فمن الأفضل أن نفترض أن الحيوان الأليف بالنسبة للطفل يعني الكثير من العمل بالنسبة للأهل. يحتمل أن يستفيد الطفل كثيراً بامتلاكه للحيوان كي يلعب معه ويحبه. ويمكن أن يستفيد الطفل أو الطفلة بالمشاركة في العناية به، لكن مسؤولية الحفاظ على حياة الحيوان يجب أن تبقى منوطة بالشخص البالغ. يحتمل أن يوافق الطفل على تحمل مسؤولية إطعام الحيوان، ولكنه مع ذلك يبقى بحاجة للأهل كي يذكّروه بلطف بشأن ذلك.

مناطق الصراع ومجالات المسؤولية

نحن نلقى معارضة أقل من الأولاد عندما تحمل طلباتنا إليهم الاحترام وتضمن الاستقلالية.

طلبت أم من أولادها تنظيف الطاولة من الأشياء التي عليها. عند مماطلة الأولاد، في الماضي كان من الممكن أن تصرخ وتهدد. هذه المرّة اكتفت بالتصريح عن الحقائق بدلاً من إطلاق التهديدات. قالت لهم، “عندما تنظف الطاولة، ستظهر أطباق الحلويات عليها”. فورة النشاط التي تبعت تصريح الأم، أعلمتها بأنها أصابت الهدف.

يتجاوب الأطفال مع عبارات مختصرة لا تكون مصاغة على شكل أوامر. في يوم بارد وعاصف، قال توفيق، وهو في التاسعة، “أرغب بارتداء سترة الكاوبوي هذا اليوم”. أجابته أمه، “أنظر إلى ميزان الحرارة. إن كانت درجة الحرارة تشير إلى ما فوق العشرين، يمكنك ارتداء سترة الكاوبوي، وإن كانت ما دون العشرين، ارتدِ المعطف الشتوي”. أسرع توفيق بإلقاء نظرة على ميزان الحرارة، وقال: “أوه، عظيم، عشرة”. وقام بارتداء المعطف الشتوي.

كانت ندى، وهي في السابعة، ووليد، وهو في التاسعة، يلعبان بالكرة في غرفة الجلوس. فيما مضى كان والدهما يصرخ فيهما: “كم من المرات عليّ إخباركما بأن غرفة الجلوس ليست ملعباً لكرة قدم؟ توجد عدة أشياء ثمينة هنا يمكن أن تنكسر. إنكم غير مسؤولين بدرجة كبيرة!” لكنه هذه المرّة قرر أن يتعامل مع هذه الحالة المتكررة بإعطاء الخيار لأولاده: “يا أولاد، لكم الخيار. الأول، يمكنكم اللعب بالخارج، والثاني، أن تتوقفوا عن اللعب. قرروا أنتم”.

والدة جمال، وهو في الثالثة عشرة، لم تعد تتحمل شعر ابنها الطويل. فكرت والدته باستراتيجية تحفظ له استقلاليته وكبرياءه. أعطت جمال خياراً. قالت له، “لامس شعرك كتفيك. يجب أن تقصه. الأمر متروك لك حول كيفية فعل ذلك. بإمكانك أن تذهب لحلاق أو أن تقصه بنفسك”. أجابها جمال، “لن تأخذيني لأي حلاق، سأفعل ذلك بنفسي إن كان عليّ ذلك”.

في اليوم التالي أحضر جمال مشطاً خاصاً مزوداً بشفرة. طلب جمال مساعدة أمه للبدء بقص الشعر من الخلف. بعد ذلك أمضى ساعة لإكمال عملية القص. عندما خرج جمال من الحمام بدا منتصراً: “إنه يبدو عظيماً، أليس كذلك؟” قال بإشراق.

قالت والدة جمال: “لقد كنت مسرورة لأنني لم أتذمر، أو أصرخ، أو أجبر جمال على قص شعره. بدلاً من ذلك، قمت بإعطاء ابني خياراً، وتلك كانت طريقتي لمساعدته على حفظ ماء وجهه”. تنجح الرسائل القصيرة المكتوبة بتحقيق أشياء تفشل بتحقيقها التعليقات الشفهية.

جرّب أحد الآباء، وكان متعباً من التذمر، الإعلانات المضحكة كطريقة لتجنيد أولاده للأعمال الروتينية:

مطلوب – شاب بعمر العاشرة إلى الثانية عشرة. يجب أن تكون عضلاته قوية، ذكي ومقدام. يستطيع أن يحارب الحيوانات البرية ويشق طريقه خلال الشجيرات الكثيفة بين البيت وبرميل النفايات. على المرشحين أن يصطفوا قرب زاوية غسالة الأطباق ومجلى المطبخ.

مطلوب – أمير أو أميرة جميلة للمساعدة على ترتيب طاولة الوليمة للاحتفال بالعيد الملكي.

تسببت الإعلانات بالضحكات بين الأولاد، وموقفهم أثار ارتياح الوالد. تقبل الأولاد المسؤولية دون تذمر.

دروس الموسيقى: إبقاء التناغم في البيت

بعد أن يبدأ الولد بالعزف على آلة موسيقية، فإن الوالدين عاجلاً أم آجلاً سيسمعون نغمة مألوفة: “لا أريد أن أتمرن بعد الآن”. مواجهة هذه النغمة ليست سهلة.

من المعتاد أن يتساءل الأهل عن كيفية تشجيع الأولاد بدروسهم الموسيقية. فيما يلي مثال عن كيفية تحقيق والدة هدفها بواسطة طرح أسئلة تحمل التفهم.

كانت ناديا، وهي في السابعة، تعزف مقطوعة بيانو، وللمرة الأولى استعملت يديها الاثنتين.

الأم: “هل قمت بعزف هذه المقطوعة سابقاً؟”.

ناديا: “لا”.

الأم: “هل تعنين أنها المرة الأولى التي تعزفين فيها هذه المقطوعة”.

ناديا: “نعم. وهل تظنين أنني قد عزفتها سابقاً؟”.

الأم: “نعم”.

ناديا: “لقد تحسنت قراءتي المباشرة. حتى معلمتي لاحظت ذلك”.

الأم: “بالتأكيد لقد تحسنت”.

تابعت ناديا العزف بحماسة. سألتها والدتها عمداً أسئلة من شأنها تدعيم وجهة نظر ابنتها بشأن مقدرتها الموسيقية.

من الجهة الأخرى، النقد يقتل الاندفاع

استمر منير، وهو في العاشرة، بالعزف على الكمان لمدة تزيد عن السنة. والدا منير كانا ساخرين وناقدين، وتعودا على تقييم عزفه بعد كل درس. كلما تمرن على قطعة جديدة بتأنٍ مع أخطاء، كان والده يقول له: “ألا تستطيع أن تعزف بأخطاء أقل؟ لا تؤلف! اتبع النغمات الموسيقية!” جاءت النتائج كما هو متوقع. توقف منير عن عزف الكمان.

يحتاج الطفل لاكتساب المهارة الصعبة للعزف على آلة موسيقية إلى التشجيع على بذل الجهود بدون نقد للأخطاء. يجب أن نعتبر الأخطاء فرصة للتصحيح وأن لا نعتبرها عذراً لمهاجمة مقدرة الولد.

عندما تقوم طفلة برفض الذهاب لدروسها الموسيقية، يلجأ العديد من الأهل إلى الإيضاحات والتهديدات. إليك بديلاً أكثر فعّاليّة.

نادين (وهي في الثامنة): “لن أتابع دروس الكمان من الآن وصاعداً. تتوقع مني المعلمة أن أعزف كل مقطوعة بشكل كامل، في حين لا أستطيع القيام بذلك”.

الأم: “الكمان آلة صعبة. إنها ليست سهلة للعزف عليها. لا يستطيع أيّ كان القيام بذلك. يتطلب الأمر الكثير من التصميم لإتقانها”.

نادين: “هل ستبقين معي خلال التمارين؟”.

الأم: “إن كنت تريدين ذلك”.

تعمدت الأم أن لا تطلب أو تهدد. لم تقم بإخبار ابنتها ماذا يتعين عليها أن تفعل، مثل قولها لها: “إن تمرنت أكثر، فستعزفين بطريقة أفضل”. بعد أن تفهمت صعوبات المهمة، قدمت لابنتها عربون محبة.

شكا لؤي، وهو في العاشرة، بشأن معلمة الموسيقى. لم تحاول والدته تغيير رأيه. عمدت بدلاً من ذلك إلى تفهم تذمر لؤي ووضعت أكثر من خيار بين يديه:

لؤي: “تتوقع معلمة البيانو الكثير مني. إنها تتكلم كثيراً. عندما أوجه سؤالاً إليها فإنها ترد بمحاضرة”.

الوالدة: “هل تريد أن تأخذ عطلة من دروس البيانو، بينما أجد لك معلمة أخرى؟”.

لؤي (مأخوذ بالمفاجأة): “تريدين إلغاء دروس البيانو. الموسيقى مهمة جداً لي ولن أوقفها أبداً”.

الوالدة: “نعم، إنني أستمع إلى تقديرك لدروسك الموسيقية”.

لؤي: “لربما كانت هذه المعلمة ليست بهذا السوء. إنني فعلاً أتعلم الكثير منها. أظنني سأعطيها فرصة أخرى”.

تمكنت والدة لؤي من جعل ابنها يغير رأيه بسهولة وذلك بعدم مناقشة شكواه. عندما يقوم الآباء باحترام مشاعر ابنهم وآرائه، فإنهم يفسحون المجال أمامه كي يأخذ رغبات والديه بعين الاعتبار.

سونيا (بعمر الحادية عشرة): “لا أريد المزيد من دروس البيانو. إنها مضيعة للوقت والمال. أرغب بأخذ دروس في كرة المضرب بدلاً منها”.

الوالد: “هل من المحتم أن يكون الأمر إما هذه أو ذاك؟”.

سونيا: “إن استمريت أنا بدروس البيانو، فلعلك تتذمر إن تمرنت على كرة المضرب. أريد تجنب المشاجرات”.

الوالد: “سأحاول أن لا أتذمر. سأحترم برنامج تمارينك”.

لم يُجرِ المزيد من الحديث. بدأت سونيا بدروس كرة المضرب بدون التخلي عن دروس البيانو. يقرر بعض الآباء أن يوفروا العذاب على أولادهم، لأنهم يتذكرون دروسهم التي كانت مفروضة عليهم. إنهم يقررون أن مسألة العزف أو عدم العزف ليست مشكلتهم بل مشكلة الولد. يجب أن يقرر الأولاد ما إذا كانوا سيعزفون أم لا. ليعزفوا عندما يشعرون بالحاجة لذلك حسب رغبتهم. باستثناء التعليم، الذي هو واجب الوالدين، فإن التمرين على الآلات يُعتبر من مسؤولية الولد.

يقرر آباء آخرون، نتيجة تأسفهم على تجربتهم الموسيقية المتساهلة أكثر من اللازم، أن على الولد أن يعزف بكل الظروف. يجري اختيار الوسط الموسيقي للولد مسبقاً وحتى قبل أن يولد أحياناً. ما أن يستطيع حمل الكمان بيديه أو أن ينفخ بالبوق أو ينقر على البيانو بأصابعه، فيبدأ بالتمرن على الآلة التي اختيرت له. ستتجاهل دموع الطفل ونوبات غضبه مع التغلب على مقاومته. إن رسالة الآباء قوية وواضحة: “نحن ندفع – أنت تعزف”. من المحتمل وتحت هذه الظروف أن يبلغ الطفل أو لا يبلغ المهارة الموسيقية. يمكن أن يكون المشروع بكامله مكلفاً. يكون الثمن عالياً إذا سببت النتائج علاقات متوترة على المدى الطويل بين الوالدين والطفل.

الغاية الرئيسية للتثقيف الموسيقي في فترة الطفولة هي توفير مخرج فعّال للمشاعر. إن حياة الطفل مليئة بالممنوعات، والتشريعات، وخيبات الأمل لدرجة أن وجود مخارج للمشاعر يصبح ضرورياً. الموسيقى هي واحدة من أفضل طرق التنفيس: إنها تعطي صوتاً للغضب، وشكلاً للفرح، وخلاصاً من التوتر.

لا ينظر الآباء والمعلمون إلى الموسيقى من نفس وجهة النظر عادة، وفي الغالب يتطلعون إلى إنتاج الألحان. يشتمل هذا النهج في النهاية على تقييم ونقد أداء الطفل وشخصيته. تأتي النتائج متوقعة في الكثير من الأحيان مع الأسف: يحاول الطفل أن يتخلى عن الدروس ويتجنب المعلم، وينهي (عمله) الموسيقي. إن منظر كمان متروك أو مزمار صامت يفيد فقط بالتعبير المؤلم عن المجهودات المحبطة والآمال غير المحققة. ماذا يستطيع الآباء أن يفعلوا؟ إن مهمة الوالدين هي إيجاد معلم يتمتع باللطف والمراعاة. معلم يعرف الأطفال جيداً كما يعرف الموسيقى جيداً. إن المعلم هو الذي يحمل مفتاح اهتمام الطفل الدائم بالموسيقى. المعلم هو الذي يستطيع أن يفتح أبواب الفرص أو يغلقها. إن المهمة الحيوية للمعلم هو أن يكسب احترام الولد وثقته. إذا فشل المعلم بتحقيق ذلك، فهو لن ينجح بتعليمه. لا يستطيع الولد أن يتعلم محبة الموسيقى من معلم يكرهه. إن نبرة الأستاذ المتعاطفة لها صدى أقوى من آلة المعلم الموسيقية.

لمنع المشاكل التي يمكن تجنبها، يجب على المعلم، الأهل، والولد أن يتناقشوا ويتفقوا على عدة قواعد أساسية. وهنا بعض الأمثلة:

1. لا يلغى الدرس بدون إعطاء علم بذلك قبل يوم واحد على الأقل.

2. إذا كان لا بد من إلغاء الدرس، فالولد وليس أباه هو من يجب أن يهاتف.

3. يجري اختيار وقت ووتيرة التمرين الموسيقي بطريقة واقعية متساهلة.

تكبح هذه القواعد (مزاجية) إلغاءات آخر دقيقة وتشجع على إحساس الولد بالاستقلالية والمسؤولية. إنها توحي للولد بأننا في الوقت الذي نحمل فيه الاحترام للموسيقى، فإننا نحمل احتراماً أكبر للمشاعر والأفكار.

يجب أن نمتنع عن التذمر أمام الطفل بسبب تمرينه. علينا أن لا نذكّر الطفل بتكاليف الآلة، ولا بالمجهود الذي بذله والده في سبيل تحصيل المال. تولّد مثل هذه التعابير الشعور بالذنب والسخط عند الولد. إنها لا تكوّن الحساسية الموسيقية أو الاهتمام عنده.

يجب أن يبتعد الأهل عن التكهن بمواهب طفلهم الموسيقية بوصفها بالعظيمة. تعتبر مثل هذه التعابير غير مشجعة: “لديك مواهب مدهشة، لو أنك فقط تقوم باستخدامها”. أو “باستطاعتك أن تكون عمر بشير آخر، فقط لو أنك تثق بنفسك”. يحتمل أن يستنتج الطفل بأن الاحتفاظ بتصورات والديه يكمن بعدم وضعها موضع التجربة. يحتمل أن يصبح شعار الولد، “إذا لم أجرب، فإنني لن أخذل والديّ”.

يمكننا تشجيع الطفل بأكبر قدر عندما يعرف بأن الصعوبات هي شيء مفهوم ومقبول. كان على لينة، وهي في السادسة، خلال درس البيانو الثالث لها أن تجرب مهارة جديدة لها: أن تعزف سلماً موسيقياً بثماني نغمات وذلك باستعمال يديها الاثنتين. قالت المعلمة بعد أن نفّذت التمرين بمهارة كبيرة: “أترين، إنه سهل والآن جربي أنت”. جربت لينة بتردد وخجل أن تقلد معلمتها دون نجاح. بعد ذلك عادت إلى البيت وهي محبطة.

عند وقت التمرين، وبعكس المعلمة، قالت أمها، “ليس من السهل أن نعزف سلماً موسيقياً بثماني نغمات بيد واحدة. باستعمال اليدين الاثنتين يصبح الأمر أكثر صعوبة”. وافقت لينة دون تردد. أمام البيانو اختارت لينة النغمات المناسبة وذلك باستعمال الأصابع المناسبة. قالت الوالدة، “إنني أسمع النغمات الصحيحة باستعمال الأصابع المناسبة”. أجابتها ابنتها بارتياح ظاهر، “إنها في غاية الصعوبة”. تابعت لينة تمريناتها ذلك اليوم ما بعد الوقت المتفق عليه. اختارت لينة لنفسها مهمات أكثر صعوبة، ولم تشعر بالرضا حتى تعلمت أن تعزف الثمانيّ وهي مغمضة العينين. يشعر الطفل بتشجيع بواسطة التفهم المتعاطف لصعوباته أكثر من النصح، المديح، أو الحلول الفورية الجاهزة.

اجتماعات الأهل مع المعلمين الحفاظ على هدف مساعدة الطفل

يمكن أن تكون اجتماعات الأهل مع المعلمين متعبة للأهل لأنها تجبرهم على سماع تعليقات غير مفرحة حول أولادهم. كيف يمكن للأهل أن يحولوا الاجتماعات إلى تجارب بناءة؟

حضر والد عامر إلى اجتماع مع المعلمين وهو مُحَضّر (جالباً معه أوراقاً وقلماً) لتسجيل أية تعليقات سلبية حول ولده وتحويلها إلى فعل إيجابي.

الوالد: “ما هو مستوى عامر هذه السنة”.

المعلم: “حسناً، دعني أخبرك. ولدك لا يحضر إلى المدرسة بالوقت المحدد. إنه لا يقوم بفروضه البيتية ودفاتره غير مرتبة”.

الوالد (مدوناً): “أوه، إنك تعني أن عامر يحتاج إلى تحسين حضوره إلى المدرسة، وتحسين قيامه بفروضه البيتية، إضافة إلى الحرص على ترتيب دفاتره”.

عندما رجع والد عامر من اجتماعه مع المعلم، سأله عامر، وهو في العاشرة، “ماذا أخبرك المعلم عني؟” أجابه والده، “لقد دونت كل ما قاله المعلم. بإمكانك قراءتها إن أردت ذلك”. توقع عامر ملاحظات معتادة عن سوء سلوكه إهماله لفروضه البيتية. فوجئ عامر عند قراءته لملاحظات والده. استفاد عامر ووالده من هذه الملاحظة. ساعدتهما هذه الملاحظة بالتركيز على التحسين المطلوب بدلاً من التركيز على الأخطاء السابقة. تجنبت هذه الملاحظة المدونة إلقاء اللوم، وأعطت التوجيه والأمل.

يمكن أن ينتهي كل اجتماع مشابه بمثل هذه الملاحظة المدونة. إليك أمثلة على ذلك:

“تحتاج هبة إلى التحسن في النظر لذاتها كشخص مسؤول تستحق الاحترام وقادرة على القيام بواجباتها”.

“يحتاج فادي إلى التحسن برؤية نفسه كشخص يستطيع الاشتراك بمناقشات الصف”.

“تحتاج سميرة إلى التحسن بالتعبير عن غضبها دون إهانة وإلى اللجوء إلى المناقشات بطريقة هادئة”.

“يحتاج بلال إلى التحسن في متابعة دروسه وإنهاء واجباته باستقلالية”.

من المعتاد عندما يغير الأطفال مدارسهم أن يطلب منهم إعادة صفهم الذي كانوا فيه. بالنسبة للكثير من الآباء هذا الأمر هو صعب ومحرج.

عندما علمت والدة بشار، وهو في التاسعة، بأنه قد أخبر أصدقاءه عن إعادة صفه الرابع في مدرسته الجديدة، غضبت منه وبدأت تصرخ به، “كيف تتوقع أن يحترمك أصحابك بعد أن أخبرتهم بأنك عازم على إعادة صفك الرابع؟ الآن سترى بأنهم لا يريدون أن يشاركونك بأي شيء”.

كان بإمكانها أن تكون أقل أذية لو أنها شاركت بشار بالحرج الذي شعرت به حول إعادة صفه: “كنت أتمنى لو أننا لا نشعر بالحرج من طلب مدرستك الجديدة إعادة صفك الرابع. أنا قلقة بأن يفكر أصدقاؤك بك كغبي. لكنني آمل أن لا تشعر أنت بهذه الطريقة. بعد كل شيء إنك تعيد الصف الرابع لأنك تنتقل لمدرسة أصعب”.

غيّرت أحلام، وهي في الثانية عشرة، مدرستها مرتين. في المرة الأولى انتقلت من مدرسة حكومية إلى مدرسة خاصة ووضعت في الصف السادس التي كانت قد درسته سابقاً. لكن تم ترفيعها من الصف الثامن إلى العاشر في مدرستها الجديدة. هل هذا يعني أنه لدى والديها بنت غبية عندما كانت في الصف السادس، وقد أصبحت الآن لامعة جداً في الصف العاشر؟ أكان يجدر بهما أن يشعرا بالحرج في المرة الأولى ويفخرا بها بعد مرور سنتين؟ أياً من الأمرين لم يكن مساعداً. إن ما احتاجته أحلام من والديها لم يكن تقييم ذكائها ولكن التعبير عن إيمانهما بقدرتها على التعاطي مع متطلبات مدرستها الجديدة.

الأصدقاء والرفاق: مراقبة عالم ولدك الاجتماعي

نريد من أولادنا من الناحية النظرية أن يقوموا بانتقاء أصدقائهم بأنفسهم. نحن نؤمن بالحرّيّة، ونعارض الإلزام، ونعرف بأن الاختلاط الحرّ هو حق أساسي في الديمقراطية. عموماً، ليس من النادر أن يجلب الطفل أصحابه إلى البيت ويكونون غير مقبولين لدينا. إننا نمقت الاضطهاد والتكبر أو يكون لدينا صعوبة في تحمل الأولاد السيئي السلوك. ولكن ما لم يزعجنا سلوكهم، فمن الأفضل أن ندرس أفضليات ولدنا واهتماماته قبل محاولة التدخل بخياراته أو بخياراتها.

ما هو المقياس الذي يمكن أن نستعمله لتقييم أصدقاء أولادنا؟

ينبغي على الأصدقاء أن يمارسوا تأثيراً إصلاحياً مفيداً على بعضهم البعض. يحتاج الطفل إلى فرص ليختلط بشخصيات مختلفة، ومكملة لنفسيته أو نفسيتها. وهكذا فإن الولد المنغلق على ذاته يحتاج إلى رفقة أصحاب ليخرج معهم. الطفل الذي يتمتع بحماية زائدة يستطيع أن يفيد من صداقة رفيق أكبر منه سناً. أما الطفل الذي يعتمد كثيراً على خيالاته فإنه يحتاج إلى تأثير أولاد ذوي اتجاهات منوعة. يمكن أن يُراقب الطفل العدواني بواسطة رفاق أقوياء لكن غير معتدين. إن هدفنا هو أن نشجع العلاقات المُصلحة وذلك بتعريف الأولاد إلى أصدقاء يتمتعون بخصائص نفسية مختلفة عنهم.

يجب عدم تشجيع بعض الاختلاطات. يتغذى الأولاد الطفوليون من عدم نضجهم المتبادل. يقوم الأطفال العدوانيون بتقوية عدوانيتهم المتبادلة. لا يدخل الأولاد المنغلقون على ذواتهم في أخذ وعطاء اجتماعيان كافيان. يحتمل أن يعمد الأولاد الجانحون إلى تقوية نزعات بعضهم البعض غير الاجتماعية. يجب أن نبذل عناية خاصة لمنع الأطفال الذين يمجدون السلوك العدواني من أن يصبحوا أصدقاء أولادنا المؤثرين عليهم. فمن الممكن أن يحاولوا فرض وضع البطل في المدرسة أو في الحي، نظراً لخبرتهم الكبيرة، وبهذا يخدمون كنماذج غير مرغوبة للتمايز.

لا يستطيع الأهل أن يؤثروا على أصدقاء أولادهم إلا إذا كان لهم اتصال معهم. يستطيع الآباء أن يدعوا أولادهم لإحضار أصدقائهم إلى المنزل. باستطاعتهم التعرف على آباء أصدقاء أولادهم. يمكنهم ملاحظة تأثير الأصدقاء المتعددين على أولادهم.

يتطلب الأمر نظاماً دقيقاً من التفحص والموازين تعطي لأطفالنا مسؤولية اختيار أصدقائهم وبنفس الوقت تبقى علينا مسؤولية التأكد من أن الخيارات هي مساعدة.

رعاية استقلالية الولد

الوالد الجيد هو مثل المعلم الجيد، ذلك الشخص الذي يجعل من نفسه لا غنى عنه بالنسبة لأولاده. يجد الوالد راحة في العلاقات التي تقود أولاده إلى أخذ خياراتهم الخاصة وإلى استعمال قواهم الذاتية. باستطاعتنا استعمال، ومن خلال المحادثات مع الأولاد، التعبيرات بعناية التي تظهر إيماننا بقدرتهم على اتخاذ القرارات الحكيمة بأنفسهم. وهكذا فعندما يكون ردّ فعلنا الداخلي على طلب من طلبات أولادنا هو كلمة “نعم”، يكون باستطاعتنا التعبير عن ذلك بجمل مصممة لرعاية استقلالية الطفل. إليك بعض الطرق لقول كلمة نعم:

“إن كنت تريد ذلك”.

“إن كان ذلك ما تريده حقاً”.

“قرر أنت بشأن ذلك”.

“إن الأمر يرجع إليك حقاً”.

“إن الخيار هو كلياً بين يديك”.

” يناسبني أي قرار تتخذه”.

إن “النعم” الصادرة عنا يمكنها أن تكون كافية بالنسبة للولد، لكن التعابير الأخرى تعطي الطفل الرضا الإضافي لأخذ قراراته الخاصة وأن يتمتع بإيماننا به أو بها.

كلنا يريد أن يصبح أطفاله بالغين وأن يتمتعوا بالمسؤولية. تضيع دروس المسؤولية هباءً إلا إذا أعطيت باحترام. التوجيه الأبوي ضروري في الحقول التالية: الأعمال الروتينية، الغذاء، الفروض البيتية، المصروف الشخصي، الحيوانات الأليفة، والصداقات. ذلك التوجيه يجب أن يكون مترافقاً مع الحساسية والتفهم لنضال الأولاد من أجل الاستقلالية إذا كان يراد له أن يحقق الغاية المرجوة منه.

تأليف:هايم جينو
مراجعة وتحديث: د. اليس جينو ود. والس غودارد