استشارة طبية: “إن طفلتي يبدو عليها الإحباط الشديد بسبب عدم قدرتها على التحرك حتى الآن. فهي غير سعيدة بالاستلقاء في سريرها أو الجلوس في مقعد الرضع الخاص بها، ولكنني لا أستطيع حملها طوال اليوم. هل يمكن أن أضعها في مشاية؟”.
إن الحياة يمكن أن تكون محبطة حين تمكثين في مكان واحد دون أن يكون هناك مكان يمكنك الذهاب إليه (أو على الأقل دون أن تكون هناك وسيلة للذهاب إلى مكان بدون مساعدة من أحد الكبار). وعادة ما تصل مثل هذه الإحباطات إلى درجة الذروة بدءا من الوقت الذي تبدأ فيه الطفلة في الجلوس بشكل جيد إلى أن تستطيع التحرك بمفردها دون مساعدة (من خلال الزحف أو التجول أو أية وسيلة تستطيع التوصل إليها أولا). وقد أصبح الحل الواضح المعتاد لهذه المشكلة هو المشاية. وهي عبارة عن مقعد يوضع داخل إطار الطاولة المعتاد لهذه المشكلة هو المشاية. هي عبارة عن مقعد يوضع داخل إطار طاولة على أربع أرجل متحركة تسمح للطفلة بالتجول في أنحاء المنزل قبل أن يكتسب القدرة على الحركة بمفرده بفترة طويلة. ولكن نظرا لأن المشايات تعتبر السبب وراء الكثير من إصابات الرأس التي تتطلب علاجا طبيا والتي تلحق بالأطفال سنويا، والكثير من الإصابات البسيطة التي تحدث بالمنزل، فلم يعد ينصح باستخدامها، كما طالبت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بفرض حظر على تصنيع وبيع جميع المشايات المتحركة.
وهناك اختيار آخر أكثر أمنا إلى حد ما وهو المشاية الثابتة التي تتيح للطفلة بعض الحركة بمخاطر أقل من المخاطر المحتملة للمشاية المتحركة. غير أن هذا النوع من المشايات يتسم بعيوب متعددة أيضا. أولا: إن الأطفال الذين تكمن إحباطاتهم في عدم قدرتهم على التحرك من مكان إلى مكان دون الاستعانة بالأم أو الأب لن يقل إحباطهم عند استخدام مشاية لا تتحرك. بل قد يزداد إحباطهم؛ إذ إن المشاية الثابتة لا تتحرك إلا في دوائر، مما قد يضاعف ثورتهم (” إنني أتحرك ولكنني لا أصل إلى أي مكان “). بالإضافة إلى أن بعض الدراسات أوضحت أن كلا من المشايات الثابتة والمتحركة يمكن أن تؤدي إلى تأخر مؤقت في النمو إذا ما أفرط في استخدامها؛ فالأطفال الذين يقضون وقتا طويلا فيها يجيدون مهارات الجلوس والزحف والمشي في سن متأخرة عن الأطفال الذين لا يستخدمونها حسبما تشير الأبحاث. وليس في ذلك ما يدعو إلى الدهشة إذا وضعت في اعتبارك أن الطفل المحاصر داخل مشاية (أو مقعد للرضع أو أرجوحة) يفتقد الفرصة لشي العضلات اللازمة الممارسة وإجادة هذه المهارات.
والواقع أن الأطفال يستخدمون مجموعة مختلفة من العضلات للبقاء في وضع عمودي داخل المشاية عن تلك التي يستخدمونها للبقاء في وضع عمودي من أجل المشي، كما توضح الأبحاث أنه نظرا لعدم قدرة الأطفال على رؤية أقدامهم داخل المشاية، فإنهم يحرمون من الإشارات البصرية التي كانت تساعدهم على استيعاب الكيفية التي تمشي بها أجسادهم خلال الفراغ (وهو ما يعد جزءا أساسيا من عملية تعلم المشي)، الأكثر من ذلك أنهم لا يتعلمون كيفية موازنة أنفسهم وكيفية الوقوع ورفع أنفسهم مرة أخرى حين يختل توازنهم – وهي ما تعد أيضا خطوات حيوية نحو تعلم الطفل المشي بمفرده.
إرشادات إذا اخترت استخدام مشاية ثابتة لإبقاء الطفلة سعيدة وآمنة حين تكون داخلها
● اصطحبي طفلتك في جولة تجريبية. إن أفضل وسيلة لتقييم استعداد طفلتك للمشاية الثابتة هو أن تتركيها لتجربتها. فإذا لم يكن الديكم صديقة يمتلك طفلها واحدة، فاذهبي إلى أحد المتاجر ودعي طفلتك تجرب إحدى المشايات المعروضة هناك. وطالما بدت سعيدة ولم تتهاو داخلها بشكل يرثى له، فإنها بذلك تكون على استعداد لاستخدام المشاية الثابتة.
● لا تبتعدي وطفلتك في المشاية. إن المشاية الثابتة ليست بديلا للإشراف والمراقبة، فلا تتركي طفلتك في المشاية الخاصة بها إلا حين يكون هناك إمكانية لمراقبتها.
● لا تدعي طفلتك في المشاية طوال اليوم. احرصي على تحجيم الوقت الذي تقضيه طفلتك داخل المشاية بحيث لا يزيد على ثلاثين دقيقة في الجلسة الواحدة؛ فكل طفل يحتاج القضاء بعض الوقت على الأرض لممارسة المهارات التي سوف تساعده في النهاية على الزحف مثل رفع البطن عن الأرض أثناء الزحف. إن طفلتك بحاجة لفرص للاستاد على طاولات القهوة وكراسي المطبخ استعدادا للوقوف ثم المشي فيما بعد. كما تحتاج لفرص أكثر مما تتيحها لها أي مشاية من أي نوع الاستكشاف الأشياء الآمنة المتوافرة في بيئتها والإمساك بها. وتحتاج للتفاعل معك ومع الآخرين الذي يتطلبه ويتيحه لها اللعب الحر، ومن ثم فلا يجب أن تصبح المشايات الثابتة جليسات أطفال مثل مقاعد الرضع والحظائر النقالة).
● لا تنتظري حتى تتمكن طفلتك من المشي لنزع المشاية. بمجرد أن تتمكن طفلتك من التحرك بطريقة أخرى. مثل الزحف أو التجول – ضعي المشاية الثابتة جانبا. تذكري أن الهدف منها كان التخفيف من إحباط طفلتك الذي نتج عن عدم قدرتها على الحركة. وإبقاؤها في المشاية لن يساعدها على المشي بسرعة، بل إن الاستخدام المستمر لها قد يسبب لها ” اضطراب المشي ” (مثلما يمكن أن يؤدي إعطاؤها زجاجة إرضاع قبل أن تتعلم المص من الحلمة إلى اضطراب الحلمة)، لأن الوقوف والتحرك في مشاية (حتى لو كانت ثابتة) والمشي دون مساعدة يتطلب حركات جسدية مختلفة.
الحد من مخاطر المشاية
تشكل المشايات المتحركة العديد من المخاطر على سلامة الطفل (كما تشكل مخاطر على النمو؛ انظري الصفحة السابقة). فإذا اخترت استخدام مشاية تتحرك، فضعي في اعتبارك أنها لن تمنحك حرية الحركة. إذ لابد من البقاء بالقرب من طفلك ومراقبته عن كثب” في كل لحظة يكون داخلها “. ولمزيد من الضمانات لسلامة الطفل، لابد من:
● استخدام المشاية التي تطابق معايير الأمان. لابد أن يكون عرض المشاية أكبر من مدخل عرض 91.5 سنتيمترا (36 بوصة) أو تكون بها مكابح لإيقاف المشاية إذا ما سقطت إحدى العجلات في نقطة منخفضة عن السطح الذي تسير عليه (كبداية سلم مثلا). واحرصي على عدم استعارة أي مشاية لا تشتمل على هذه المواصفات.
● إتخاذ إجراءات وقاية طفلك وتأمينه مبكرة. إن أي مشكلة يمكن أن يقع فيها طفل يزحف أو يمشي يمكن أن يقع فيها طفل يسير داخل مشاية أيضا. فدفعة باتجاه الحائط وخطوتان سريعتان قد يطيحان بطفلك إلى الطرف الآخر من الحجرة. وخارج الباب أو من على درجات السلم. لذا فحتى إذا لم يكن طفلك يستطيع التحرك بدون مساعدة المشاية، فلابد من اعتباره مصدر خطر على صحته شأنه شأن الطفل القادر على الحركة. واتخذ جميع التعديلات اللازمة لتأمين المنزل من أجل طفلك قبل أن تدعي طفلك حرا في المشاية.
● إبعاد جميع الأخطار عن المشاية. تعتبر قمة السلم هي أكثر الأماكن التي قد تشكل خطرا على سلامة الطفل داخل المشاية؛ لذا لا تدعي طفلك يتجول داخل المشاية بحرية بالقرب من سلم حتى إذا كان به بوابة أمان مغلقة. وعلى الرغم من أن معظم الإصابات الناجمة عن سقوط المشاية من على السلم تقع على درجات السلم حيث لا تكون هناك بوابة مثبتة في الحائط بإحكام. لذا فالأفضل أن يتم إغلاق جميع المناطق المؤدية إلى السلالم تماما. بواسطة باب مغلق أو عوائق ثقيلة. حين يكون طفلك في المشاية، ومن الأخطار الأخرى التي تهدد الطفل الذي يسير في المشاية، والتي يجب إزالتها أو حجبها قبل تركه ليتحرك بحرية: أعتاب الغرف والتغيرات في نوع السطح (كالتحول من استخدام السجاد إلى استخدام مشمع أرضية أو من فناء مرصوف على حشائش)، واللعب التي تترك على الأرض، والسجاد الحر، وغير ذلك من العوائق المنخفضة التي يمكن أن تؤدي إلى انقلاب المشاية.
● ومن المخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها الطفل داخل المشاية: الحبال المتدلية التي يمكنها قلب الأشياء، ومفارش المائدة التي يمكن أن تتعرض للشد (مؤدية إلى سقوط كل شيء على الطاولة، بما فيها الأطباق الساخنة على رأس الطفل).
رأي بعض الأطباء في المشايات من الشهر الرابع وحتى الثاني عشر
قد يظن أن المشايات يمكن أن تساعد الأطفال في المشي، ولكنها -في الواقع- تتدخل في تعلمهم المشي؛ لأن ما يجب على الأطفال فعله حين استخدامها للتحرك هو الضرب بأرجلهم على الأرض؛ فليس عليهم سوى حفظ توازنهم. ولكن هناك مهارات مختلفة يجب أن يمتلكها الطفل حتى يستطيع المشي، والطفل الذي يستخدم المشاية ربما يكون أقل تشجيعا للتعلم؛ فالطفل على أية حال يتحرك بطريقة جيدة دون مساعدة من أحد، فلم يعد تعلم شيء جديد -كالمشي- أصعب.
إلى جانب ذلك، المشايات تضر الأطفال؛ فهي ترفعهم لأعلى ويستطيعون أثناء استخدامها الوصول إلى أشياء قد تؤذيهم؛ كما ترفع مركز ثقلهم، فيصبح انقلابهم من فوقها سهلا؛ وتسمح لهم بالتحرك بسرعة مذهلة. وهناك أطفال يتعرضون لإصابات بالغة؛ نتيجة وقوعهم من أعلى الدرج أثناء مشيهم على المشاية. ولذا؛ فإنه ينبغي التوقف عن إنتاج المزيد من المشايات الخاصة بالأطفال. وإن كان لديك واحدة بالفعل، فإن أكثر التصرفات أمانا هو خلع العجلات منها، بحيث لا تستطيع التحرك، أو الأفضل أن تتخلصي منها تماما.