تعتبر صحة الجهاز الهضمي في الغالب مؤشراً دقيقاً على صحة باقي الجسم. فإذا لم يستطع أطفالك أن يهضموا طعامهم بشكل سليم، فمن الأرجح أنهم لا يمتصون سوى القليل جداً من العناصر الغذائية مهما كان طعامهم مغذياً. وكذلك إذا ساء الهضم، فستسوء معه الكثير من وظائف الجسم الأخرى مثل المناعة، وصحة الجلد، بل والقدرة على التركيز أيضاً. وتشمل المشكلات الهضمية التي أرى الأطفال يعانون منها كثيراً: الإسهال، والانتفاخ وتراكم الغازات، والإمساك، والحكة حول الشرج.
أسباب المشكلات الهضمية
كما هي الحال مع العديد من الحالات المرضية الأخرى، فإن أسباب المشكلات الهضمية قد يكون من الصعب تحديدها. ولكن يمكننا القول إن الهضم لدى الأطفال يمكن أن يتضرر في العادة نتيجة للعوامل الآتية:
• نوعية وكمية المأكولات والمشروبات التي يتم استهلاكها
• الإصابة بمرض ما أو بنوع من الفيروسات (أو كأثر جانبي لبعض العلاجات مثل المضادات الحيوية)
• الإرهاق أو التوتر والضغط
المأكولات/المشروبات الصديقة للمعدة
• التفاح
• الموز
• البابايا
• الشوفان
• الأرز الأسمر
• البطاطس
• الزبادي الحيوي
• أنواع الشاي العشبي (البابونج، النعناع، الشمر)
• عصير الصبار
• الماء
إرشادات عامة لهضم أفضل لدى الأطفال
• شجعي الأطفال على المضغ ببطء، والأفضل أن يتم مضغ كل قضمة من الطعام جيداً حتى لا يتبقى منها أي كتل في الفم. فالطعام غير الممضوغ يتعسر هضمه وغالباً ما يسبب عدم الارتياح وتراكم الغازات.
• نبهيهم إلى أن يبقوا ظهورهم معتدلة أثناء الأكل، إذ إن هذا الوضع يطيل القناة الهضمية، مما يجعل عملية الهضم أسهل. وحثيهم على الصمت أثناء المضغ منعاً لابتلاع الهواء أثناء الكلام مما يمكن أن يسبب انتفاخ البطن.
• اسمحي لهم بالشرب قبل الوجبة أو بعدها بفترة كافية، ولكن ليس أثناءها (وإذا كان لابد أن يشرب طفلك أثناء الوجبة، فلتكن مجرد رشفات قليلة، لا أكثر).
• علميهم ألا يتجاهلوا أو يؤخروا الذهاب إلى المرحاض إذا شعروا بالرغبة في قضاء الحاجة، لأن هذا التأخير يمكن أن تكون له آثار سلبية على الهضم وإخراج الفضلات. ومن المهم جداً أن يتذكر الأطفال هذا الأمر وهم في المدرسة أيضاً.
• عالجي أي علامات ضغط قد تبدو على طفلك، فالضغط يمكن أن يكون له ضرر ملحوظ على الهضم. ويمكن أن تشمل العوامل المسببة للضغط لدى الأطفال: التوتر العائلي، المشاجرات في المدرسة، الامتحانات، أي مشكلة عاطفية أخرى.
الإسهال
الإسهال حالة مزعجة وقد تثير الحرج الشديد، خاصة في المدرسة. فإذا أصيب طفلك بحالة حادة أو مستمرة من الإسهال، فمن الأفضل أن تبقيه بالمنزل.
علاج الاسهال
• قللي من أي مأكولات أو مشروبات يمكن أن تهيج البطانة الحساسة للجهاز الهضمي وتفاقم الإسهال، مثل القمح، ونخالة القمح، ومنتجات الألبان، والسكر، والأطعمة المكررة، والمحليات الصناعية، والعصائر، والمشروبات الغازية، والكافيين.
• تجنبي الدهون المشبعة والمتحولة التي توجد في المنتجات الحيوانية والأطعمة المقلية.
• استبعدي جميع الأطعمة المتبلة من الوجبات.
• أعطي الزبادي الحيوي مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً، أو أعطي مكملاً من معززات الحيوية (البروبايوتكس)، لتعويض ما يفقد من البكتريا النافعة.
• أضيفي أنواع الشاي العشبي مثل البابونج، أو النعناع لإرخاء عضلات الجهاز الهضمي.
• كما ذكرت من قبل عن الانتفاخ، إذا كنت تعطين مكملاً من فيتامين ج يجب أن تقللي الجرعة، إذ يمكن أن يزيد حدة الإسهال أثناء نزوله خلال القناة الهضمية.
• لعلاج الإسهال المستمر، أعطي طفلك الأرز الأبيض العادي الذي يؤدي إلى إبطاء الحركات المعوية بسبب احتوائه على قدر ضئيل من الألياف. ولتتجنبي الجفاف، امزجي 4/1 ملعقـة صغيـرة ملـح و 3 ملاعق صغيرة عسل في زجاجة بها 1.5 لتر من الماء وأعطي من هذا المزيج لطفلك على فترات منتظمة خلال اليوم.
• لعلاج الإسهال المتكرر، استكشفي وجود حالة من الضغط أو القلق، أو الحساسية للطعام أو عدم تحمله، أو طفيليات النمو الخميري المرضي (الكانديدا)، أو الحساسية للجلوتين (المرض الجوفي).
انتفاخ البطن وتراكم الغازات
غالباً ما يكون من الصعب وصف حالة الانتفاخ. فقد يقول الأطفال إنهم يشعرون بعدم ارتياح، أو بوجود غازات أو إمساك. وعادة ما يكون الانتفاخ أو الغازات ضمن العلامات الأولى الدالة على وجود مشكلة ما في منطقة البطن.
علاج انتفاخ البطن وتراكم الغازات
• ابحثي عن وجود حالة حساسية للطعام أو عدم تحمل للاكتوز
• تأكدي أن طفلك لا يأكل بسرعة أو يتكلم أثناء الأكل فيبتلع الهواء
• قللي من المنتجات المكررة، والسكريات، وعصائر الفاكهة، والمشروبات الغازية، التي تزيد التخمر المعوي وتسبب تراكم الغازات
• تجنبي إعطاء طفلك وجبات ثقيلة، لاسيما قبل النوم
• قللي الأطعمة المكونة للغازات، مثل البقول، والعدس، والخيار أحياناً. ولكن تذكري أن هذه الأطعمة مغذية جداً، لذا يجب تقليلها فقط إلى أن يتم حل المكشلة ثم يعاد إعطاؤها بالتدريج
• بدلاً من تقديم الخضراوات النيئة، قومي بطهوها بخفة أو بالبخار، مما يجعلها أسهل هضماً
• أعطي طفلك أنواع الشاي العشبي لتهدئة الهضم وتخفيف الانتفاخ، مثل البابونج، والنعناع، والشمر
• حثي أطفالك على ممارسة الرياضة باعتدال لتحسين الهضم وتخفيف الانتفاخ
• ضعي قربة ماء دافئ أو وسادة حرارية على منطقة البطن لإرخاء العضلات
• ساعدي ابنك على تقليل الضغوط
• الجرعات العالية من مكملات فيتامين ج يمكن أحياناً أن تسبب الانتفاخ والغازات أثناء نزولها خلال القناة الهضمية، لذا يجب أن تقللي الجرعة إذا كان طفلك يتناول أياً من تلك المكملات
• إذا فشلت كل الوسائل الأخرى، فاستكشفي احتمال وجود حالة نمو خميري (الكانديدا) كسبب محتمل للتخمر الزائد والانتفاخ
ملحوظة: البقوليات والعدس تسبب المزيد من الغازات إذا لم يكن طفلك يأكلها بانتظام، ولكن إذا كانت تؤكل بشكل أكثر تكرراً، فإن الجسم يتكيف لهضمها مما يقلل الغازات الناتجة عنها بمرور الوقت. فأدخليها ضمن النظام الغذائي ببطء وبكميات قليلة، مع زيادة معدل تناولها وحجم الحصص تدريجياً.
الإمساك
الإمساك حالة يمكن أن تسبب عدم ارتياح شديد. إذ يمكن أن تسبب الانتفاخ، وآلام البطن، وحتى فقدان الشهية. ومن المهم جداً أن يتم إخراج الفضلات بانتظام بمعدل مرة على الأقل يومياً للحفاظ على الهضم السليم وامتصاص العناصر الغذائية والتخلص من السموم والهرمونات المستهلكة الضارة.
علاج الامساك
• أضيفي إلى النظام الغذائي للأطفال الألياف النباتية المستمدة من الحبوب الكاملة، والبقول، والفواكه، والخضراوات. وبالنسبة للأطفال الأكبر سناً، فيمكنك أن تنقعي ملء ملعقة كبيرة من بذر الكتان في كوب ماء طول الليل وتجعلي الأطفال يشربون هذا النقيع على معدة خاوية في الصباح.
• اجعلي طفلك يعتاد شرب الكثير من الماء، خاصة على الريق في الصباح.
• أضيفي إلى الغذاء المزيد من الزيوت الأساسية المستمدة من المكسرات والبذور، أو أعطي 2-3 ملاعق صغيرة يومياً من مزيج زيوت أوميجا (مثل زيت يودو).
• الأطعمة التي تفيد في معالجة الإمساك هي تلك الغنية بفيتامين ج، مثل البرتقال، والكيوي، وثمار العليق، وكذلك الغنية بالمغنسيوم مثل اللوز، والخضراوات الورقية الخضراء. ولكن زيادة فيتامين ج يمكن أحياناً أن تسبب الانتفاخ والإسهال، ولكن هذا لا يحدث إلا إذا أعطي في شكل مكمل.
• قللي جميع المنتجات البيضاء المكررة مثل الأرز الأبيض، والمكرونة البيضاء، والخبز الأبيض. فهي لا تحتوي على ألياف ويمكن أن تفاقم حالة الإمساك.
• قللي منتجات الألبان، التي تميل إلى زيادة حدة الإمساك، ولكن أضيفي الزبادي الحيوي مرة أو مرتين أسبوعياً لتعويض ما يفقد من البكتريا النافعة، أو أعطي مكملاً من المعززات الحيوية.
• قللي منتجات القمح، مثل الخبز ومنتجات الحبوب المصنوعة من القمح، إذ إن القمح يمكن أن يهيج بطانة القناة الهضمية ويفاقم الإمساك. وعلى الرغم من أن نخالة القمح كثيراً ما يوصى بها لمعالجة الإمساك، فإنها خشنة جداً ويفضل تبديلها بنخالة الشوفان، التي تكون أكثر رقة ويمكن رشها بسخاء على أي طعام.
• استبعدي مشروبات الكافيين من النظام الغذائي لطفلك، مثل الشاي، والقهوة، والمشروبات الغازية. فالكافيين مدر للبول ويسبب جفاف الجسم، مما يؤدي للإمساك.
• شجعي طفلك على الذهاب إلى المرحاض في أوقات محددة يومياً حتى يكتسب الروتين المطلوب، وعلميه أن يستمع إلى النداءات الداخلية الطبيعية التي تحثه على الذهاب إلى المرحاض ولا يتجاهلها أو يؤجلها.
• زيدي ممارسة طفلك للرياضة بانتظام لكي يزيد انقباض العضلات وتدفق الدم، ومن ثم ينشط الهضم وحركة الأمعاء.
إذا لم تفلح كل الوسائل الأخرى، فابحثي احتمال وجود حالة ضغط، أو حساسية أو عدم تحمل للطعام. ولا تعطِي الملينات للأطفال، فهي لا تعالج سبب المشكلة، بل تزيد كسل القناة الهضمية فيما بعد.
الحكة حول الشرج
تعد الحكة حول الشرج من الأعراض المتكررة لدى الأطفال في أي سن. قد يشكو طفلك من الحكة، أو تلاحظين أنه يفعل ذلك (وغالباً ما يكون هذا في الليل). ونتيجة لخدش المنطقة حول الشرج، قد تصاب بالتقرح وربما تنزف.
علاج الحكة حول الشرج
• اجعلي الأظافر نظيفة وقصيرة في جميع الأوقات تجنباً لحدوث خدش شديد أو عدوى ثانوية في منطقة الشرج.
• اجعلي تلك المنطقة نظيفة في جميع الأوقات. واغسليها بالصابون الطبيعي الخالي من العطور.
• ضعي هلام الصبار على تلك المنطقة حتى تبرد وتلتئم.
• اعرضي طفلك على طبيب الأطفال لكي يستبعد احتمال وجود ديدان معوية. وفي حالة وجودها، سوف يعطي الطبيب طفلك الدواء اللازم للعلاج.
• إذا كان طفلك مصاباً بالإمساك، فربما كانت الحكة ناتجة عن البواسير الناتجة بدورها عن الضغط والحزق أثناء التبرز. لذا يجب علاج الإمساك فوراً وزيادة الأطعمة الغنية بفيتامين ج لتقوية الأوعية الدموية.
• تجنبي أن تعطي طفلك أي أطعمة متبلة قد تهيج الجهاز الهضمي بأكمله.
• ابحثي عن حالات الحساسية للطعام الممكنة التي قد يعانيها طفلك.
• زيدي كمية البكتريا المفيدة في القناة الهضمية بإعطاء الزبادي الحيوي أو المعززات الحيوية. كما أنه من المفيد أن تضعي الزبادي الحيوي على موضع الحكة.
• فكري في احتمال أن يكون طفلك يستجيب لمهيجات الجلد الخارجية مثل المادة التي صنعت منها ملابسه الداخلية أو أنواع الصابون الضارة.
تلميح: تعريض البطن للحرارة
عند معالجة أي مشكلة هضمية، سواء كانت تقلصات في البطن، أو إسهالاً، أو انتفاخاً، لا تقللي من أهمية تأثير قربة ماء دافئ (أو وسادة حرارية). إن تعريض البطن للحرارة يفيد في إرخاء العضلات وتخفيف الألم والتوتر. ولكن احرصي على ألا يكون الماء شديد السخونة وأن تكون القربة محكمة الغلق. ضعي فوطة خفيفة بين الجلد والقربة حتى لا يتضرر من الحرارة الشديدة، وأوصِي طفلك بألا يفتح القربة (تجنباً للسع جلده) ولا تتركي القربة معه في فراشه أثناء نومه.
يوم وراء يوم
حينما جاءت “مريم” لزيارتي، كانت ابنتها البالغة من العمر ست سنوات تعاني من إمساك يعاودها بين الحين والآخر على مدار سنتين. كانت تذهب للمرحاض مرة كل أربعة أو خمسة أيام. وشرحت “مريم” حالة ابنتها قائلة: “أعتقد أن هذه هي الطريقة التي يعمل بها جسمها، أو ربما هي حالة سائرة في عائلتنا لأنني أنا أيضاً أصاب كثيراً بالإمساك، وكذلك أمي!”.
ولما قمت بفحص دقيق للنظام الغذائي للطفلة، أدركت أنه مليء بالأطعمة المعالجة بإفراط ويفتقر لكثير من العناصر الغذائية. وكانت وجباتها اليومية النمطية تتألف من منتجات الحبوب مع اللبن في الإفطار، والأرز الأبيض والدجاج في الغداء، وشطيرة من الخبز الأبيض بالجبن في العشاء. أما وجباتها الخفيفة فتتكون من المقرمشات أو الشيكولاتة أو البسكويت. وكانت لا تأكل سوى القليل جداً من الفاكهة، ولا تأكل شيئاً من الخضراوات، ولا الحبوب الكاملة، بينما تستهلك الكثير من اللبن والجبن. وقررنا أن نجري تغييرات غذائية متعددة تدريجياً.
أولاً: تم إبدال منتجات الحبوب المكررة بالحبوب الكاملة لإعطائها المزيد من الألياف؛ وذلك بالمزيد من عصيدة الشوفان، والأرز الأسمر، والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة. ثم بعد ذلك ببضعة أيام، تم إدخال بعض اختيارات الوجبات الخفيفة الصحية، مثل أصابع الخضراوات مع الغموس، ومكعبات الفاكهة، والزبيب، والمكسرات. وكانت المرحلة الثالثة هي تقليل منتجات الألبان، وإدخال منتج جيد من الفيتامينات المتعددة، وإضافة الزيوت الأساسية، وتشجيع الطفلة على شرب كميات وافرة من الماء. وقد جعلت “مريم” ابنتها تشارك في هذه العملية بالتفسيرات والمناقشات.
وبعد شهر من هذه التغييرات الغذائية، أفادت مريم بأن ابنتها بدأت تنتظم في قضاء حاجتها. كما صارت الآن تشعر بالمزيد من الارتياح ونادراً ما تشكو من أوجاع في بطنها، كما زادت شهيتها أيضاً.