الزيوت المستخلصة – عميل واحد مخادع
يستهلك الأمريكيون كميات كبيرة من الزيوت، وهي أطعمة معدلة تتم معالجتها في درجات حرارة عالية. وعند تعرض الزيوت للحرارة، تتغير البنية الكيميائية للأحماض الدهنية الأساسية وتؤدي لظهور مشتقات سامة تعرف ببيروكسيدات شحمية وغيرها من المواد السامة والمنتجات الثانوية التي قد تسبب السرطان. من الواضح أنه من الأفضل تجنب الأطعمة المقلية والزيوت التي يتم تسخينها، ليس فقط لأنها تدمر فرصك في الوصول لوزن مثالي، ولكن أيضًا لأنها قد تسبب السرطان.
احصل على نصيبك من الدهون كما تقدمها لك الطبيعة. من الأفضل أن تستهلك الكميات الصغيرة التي نحتاج إليها من الدهون بشكلها الطبيعي غير المعالج، الذي لا يتعرض للحرارة: من الأطعمة الكاملة. فبذور الكتان المجروشة صحية أكثر من زيت بذور الكتان، وذلك لاحتوائها على ألياف مفيدة، الليجنانينات النباتية، وغيرها من المركبات النباتية الغنية بالعناصر الغذائية، وليس فقط الأوميجا 3. كما تعد بذور عباد الشمس، وبذور القرع، والذرة والأفوكادو أطعمة صحية، ولكن الزيوت المستخلصة من كل منها، قد لا تكون كذلك. وحتى الزيوت المضغوطة في درجات حرارة باردة معرضة للآثار المضرة للحرارة وتحتوي على بيروكسيدات شحمية؛ لذلك فإنني أنصح مرضاي بتناول ملعقة كبيرة من بذور الكتان المجروشة يوميًّا بدلاً من استهلاك مثل هذه الزيوت، أو تناول بعض الجوز، لضمان حصولهم على القدر الكافي من دهون الأوميجا 3.
تذكر، عندما تستخلص الزيت من الطعام الكامل الذي كان موجودًا فيه، فإنك تخرجه من بيئته الغنية بمضادات الأكسدة والمركبات الكيميائية النباتية، وتحول أطعمة تحتوي على نسبة عالية من العناصر الغذائية مقارنة بسعراتها الحرارية إلى أطعمة منخفضة السعرات الحرارية مقارنة بسعراتها الحرارية، وفي الوقت نفسه تفسد جودة الدهون بفعل الحرارة. ويعد الخس الروماني، وكرنب الكالي، والسلق، والكرنب اللارأسي أطعمة غنية بالألياف والفيتامينات والأملاح المعدنية والمركبات الكيميائية النباتية وبروتين الخضراوات والدهون الأساسية؛ وهذا سبب آخر يجعلني أعتبر الخضراوات الورقية الخضراء ملك جميع هذه الأطعمة.
نظامك الغذائي يجب ألا يخلو من الدهون. وهذا صحيح بالفعل، فمن المستحيل تقريبًا أن تصنع نظامًا غذائيًّا خاليًا من الدهون؛ لأن حتى الخضراوات الورقية والبقوليات تحتوي على دهون مفيدة. ولكن تركيزك يجب أن ينصب على تقليل (أو إزالة) الدهون المضرة والمعالجة، وتناول الدهون الصحية الموجودة بصورة طبيعية في أطعمة طبيعية كاملة بدلاً من ذلك. والدهون غير المعالجة التي توجد في الأفوكادو وبذور عباد الشمس، واللوز – وذلك على سبيل المثال لا الحصر – قد تكون إضافات صحية إلى نظام غذائي يحتوي على أطعمة كاملة. ورغم أن هذه الأطعمة غنية بالسعرات الحرارية، فإنها تحتوي أيضًا على كمية كبيرة من العناصر الغذائية المهمة، فهي غنية بفيتامين إي وغيره من مضادات الأكسدة، كما أنها غنية بالعناصر الغذائية على العكس من الزيوت عند استخلاصها منها أو معالجتها وتعبئتها في زجاجة.
ولكن انتبه إلى أنك إذا لم تكن نشيطًا للغاية ونحيفًا على المستوى البدني، فإنك يجب أن تنتبه لكمية هذه الأطعمة النباتية الغنية بالدهون؛ لأنه من الواضح أنها قد تحول دون وصولك إلى الوزن المثالي. إذا كنت نحيفًا وتمارس التمارين الرياضية بانتظام، فيمكنك أن تتناول من 85 إلى 115 جرامًا من المكسرات النيئة أو البذور يوميًّا، أو زيت الأفوكادو أو القليل من زيت الزيتون. والأطفال في مرحلة النمو، أو الشخص الذي يواجه صعوبات في اكتساب الوزن، يمكنه تناول قدر أقل بقليل من الأطعمة الغذائية، ولكن يبقى من المهم أن تكون من أطعمة كاملة كالوارد ذكرها أعلاه.
عندما تعاني زيادة في الوزن، فهذا يعني أن لديك احتياطيًّا من الدهون في جسمك، ومن ثم، لست بحاجة لأن تقلق بشأن هضم القدر الكافي من الدهون. لن تعاني نقص الدهون، حتى لو كان نظامك الغذائي يحتوي على قدر قليل للغاية منها. وأنت تنقص وزنك، فإنك ستكون تتبع “نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالدهون” بالفعل؛ حيث إنك ستستفيد من الدهون الموجودة حول خصرك وتستمد الطاقة منها. الأمر الوحيد المهم هو أن تحافظ على نسبة صحية من أحماض الأوميجا 6 إلى الأوميجا 3. لذلك فإنني أنصح بتناول ملعقة كبيرة من بذور الكتان المجروشة كل يوم، إن أمكن. وكثيرون من الناس يحبون نثرها على الفاكهة أو إضافتها إلى السلطة.
هل هناك خطر متزايد بالتعرض لسكتة دماغية من اتباع نظام غذائي منخفض الدهون؟
هناك دليل كبير أنه رغم ارتباط دهون الحيوانات المؤكد بزيادة احتمالات الإصابة بأمراض القلب، فإن المزيد من الدهون قد يوفر لك الحماية من الإصابة بسكتة الدماغ النزيفية. بالطبع، أظهرت التحقيقات التي أجريت مؤخرًا الآثار الوقائية القوية للفاكهة والخضراوات، ولكن تشير بعض البيانات إلى أن الدهون – وحتى الدهون الحيوانية – توفر بعض الحماية للأوعية الأصغر بداخل الدماغ التي تسبب السكتات الدماغية النزيفية.
هناك نوعان أساسيان من السكتات الدماغية: الإقفارية والنزيفية. وكل نوبات القلب تقريبًا، والغالبية العظمى من السكتات الدماغية مرتبطة بالإقفارية (سد تيار الدم) الناتج عن تجلطه. والنسبة الصغيرة من السكتات الدماغية التي تحدث بسبب النزيف (حوالي 8%) تنتج عن زيادة نسبة الكوليسترول في الأوعية الدموية الذي يؤدي إلى جلطة ويكون في الوقت نفسه تمزقًا في وعاء دموي صغير في الدماغ نتيجة لسنوات وسنوات من ارتفاع ضغط الدم. وبعض هذه الأوعية الدموية الصغيرة الرقيقة الموجودة في المخ قد تصبح أكثر مقاومة للتمزق عندما تثقلها مزيد من الدهون. ومن الممكن تمامًا أنه في حالات معينة، قد يساعد النظام الغذائي نفسه – الذي يؤدي إلى تجلط غير طبيعي للدم 99% من نوبات القلب، وأكثر من 90% من السكتات الدماغية الأوعية الدموية الصغيرة التي توجد في الدماغ – على مقاومة ميلها للتمزق التي تنتج عن سنوات وسنوات من فرط التوتر غير المحكوم الذي ينتج عن اتباع نظام غذائي غني بالأملاح. ويستحيل أن يكون ذلك مبررًا شرعيًّا لتناول المزيد من المنتجات الحيوانية. فمن المنطقي أكثر أن تتبع نظامًا غذائيًّا مقاومًا لأمراض القلب وصحي، وأن تحافظ على نسبة ضغط الدم في مستويات منخفضة من خلال عدم استهلاك الكثير من الملح المضاف.
البيانات محيرة للغاية لأن العديد من الدراسات صنفت كل أنواع السكتات معًا، رغم وجود أمراض عديدة ومختلفة للغاية تحدث لأسباب مختلفة تمامًا. في السكتات الدماغية الإقفارية على سبيل المثال (أو الصمِّية)، توضح البيانات المأخوذة من الدراسات التي أجريت على الإنسان والفئران أهمية الحصول على قدر كافٍ من الأوميجا 3، بما في ذلك زيادة نسبة الأوميجا 3: الأوميجا 6. وهذه الدهون من الأوميجا 3 هي الدهون نفسها التي تحمينا من النوبات القلبية، التي لها أيضًا طبيعة إقفارية. ضع في اعتبارك أن تناول الدهون المشبعة لطالما ارتبط بزيادة حالات الإصابة بالسكتات الدماغية بوجه عام؛ لأن أغلب السكتات الدماغية لها طبيعة إقفارية (صمية).
أخيرًا، وما يزيد الأمر حيرة، أن بعض الدهون أحادية اللاتشبع توفر لك قدرًا من الحماية ضد الإصابة بالسكتات الدماغية، ولا تؤدي لرفع الكوليسترول وغيرها من الآثار السلبية الناجمة عن الدهون المشبعة. وتظهر الدراسات التي توضح القيمة الغذائية للدهون أحادية اللاتشبع ما يدعم النظم الغذائية لشعوب البحر المتوسط الذين يناصرون النظم الغذائية الغنية بزيت الزيتون.
من الواضح أن بعض أحماض الأوميجا 6 لا تزال أساسية وضرورية لمقاومة الأمراض الطبيعية. وجهة نظري الخاصة أن الأشخاص النحفاء عليهم تناول قدر أكبر من الدهون أحادية اللاتشبع من أطعمة نباتية غنية بالدهون؛ كالأفوكادو والمكسرات النيئة والبذور. أما الأشخاص الأثقل وزنًا، ونظرًا لارتفاع خطر إصابتهم بأمراض القلب والسكري والسرطان، فضلاً عن الاحتمال المحدود للإصابة بسكتة دماغية نزيفية، فعليهم تقليل تناولهم هذه الدهون. ونظرًا لأن الأشخاص الأثقل وزنًا لديهم مزيد من الدهون المخزنة في أجسامهم، فإنهم لا يستفيدون من ارتفاع نسب الدهون في النظام الغذائي بقدر استفادة الأشخاص النحفاء منها. ونظرًا لأن الأشخاص زائدي الوزن ينقصون أوزانهم، فإنهم يتبعون بالفعل نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالدهون، ويستهلكون من احتياطي الدهون الموجود في أجسامهم.
دعني أذكِّرك بأن أفضل الدهون هي الدهون أحادية اللاتشبع والدهون الأساسية (الأوميجا 3 و6) التي توجد في الأطعمة النباتية الطبيعية الكاملة، والتي تشمل الأفوكادو، والمكسرات النيئة والبذور. ولا تزال الأبحاث تظهر أن استهلاك المكسرات النيئة يحمي من النويات القلبية والسكتات الدماغية، دون مخاطر زيادة احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسرطان، كما هي الحال عند الدهون حيوانية المصدر بكميات عالية. فعندما تكون الدهون التي تستهلكها مصدرها أطعمة كاملة وليست زيوتًا، فإنك تفوز بميزة وقائية طبيعية: ألا وهي تحقيق التوازن بين الفيتامينات والأملاح المعدنية والألياف والمركبات النباتية الكيميائية.
المكسرات والبذور تحمي من الوفاة إثر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية
تمتلئ المكسرات النيئة والبذور بالعناصر الغذائية؛ فالليجنانينات، والبيوفلافيونات والأملاح المعدنية وغيرها من مضادات الأكسدة تحمي دهون المكسرات والبذور الطازجة، كما أن بروتينات النباتات والإستيرولات النباتية تقلل الكوليسترول بصورة طبيعية.
لعل إحدى أكثر النتائج غير المتوقعة والمبتكرة في علم الأوبئة الغذائية على مدار السنوات الخمس السابقة هي أن تناول المكسرات والبذور يوفر حماية قوية ضد الإصابة بأمراض القلب. وتلاحظ العديد من الدراسات السريرية الآثار المفيدة للنظم الغذائية الغنية بالمكسرات (والتي تتضمن الجوز والفول السوداني واللوز وغيرها من المكسرات) على الشحوم الموجودة في الدم. وقد أظهرت إحدى الدراسات المكونة من ثلاث وعشرين تجربة منفصلة أن تناول المكسرات والبذور بصفة يومية يقلل إجمالي الكوليسترول والكوليسترول الضار. ولا تقلل المكسرات والبذور نسبة الكوليسترول الضار (LDL) فحسب ولكنها ترفع أيضًا نسبة الكوليسترول المفيد HDL. المثير في الأمر أن بإمكانها مساعدتك على إعادة جزيئات الكوليسترول المضر الخطيرة لحالتها الطبيعية – وهي جزيئات الكوليسترول الضارة التي تضر بالأوعية الدموية – خاصة الخلايا المبطنة للأوعية الدموية.
عند موازنة التغيرات التي تحدث في عوامل الخطر المعروفة؛ كتقليل جلوكوز الدم أو نسب الكوليسترول، وُجد أن تناول المكسرات والبذور يقلل حالات الوفاة الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية، ويزيد العمر الافتراضي للفرد. وحتى الآن، فحصت خمس دراسات كبرى (دراسة الصحة التي أجرتها الطائفة الدينية السالف ذكرها، ودراسة صحة النساء في ولاية أيوا، ودراسة صحة الممرضات، ودراسة صحة الأطباء، ودراسة الرعاية الصحية) العلاقة بين تناول المكسرات والبذور وخطر الإصابة بأمراض القلب وخطر الإصابة بالتصلب العصيدي. فأثبتت جميع الدراسات أنها علاقة عكسية قوية.
بناءً على البيانات المأخوذة من دراسة صحة الممرضات، قدرت الدراسة أن استبدال مقدار 30 جرامًا من المكسرات بالدهون للحصول على قدر مساو من الطاقة المستمدة من النشويات في النظام الغذائي العادي مرتبط بتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 30%. واستبدال المكسرات بالدهون المشبعة مرتبط بانخفاض الخطر بنسبة 45%.
كما أضافت دراسة صحة الأطباء المزيد والمزيد. ولكن أكثر النتائج إثارة، وربما أكثرها أهمية، هي أن المكسرات والبذور لا تقلل نسبة الكوليسترول وتحمي من النوبات القلبية فحسب؛ فمكونات المكسرات والبذور يبدو أن لها أيضًا خصائص مقاومة لعدم انتظام ضربات القلب ومقاومة لنوبات القلب المفاجئة، التي تقلل حالات الوفاة المفاجئة لحد كبير. كما تابعت دراسة صحة الأطباء 21454 مشاركًا من الذكور لمدة سبعة عشر عامًا، فوجد الباحثون انخفاض خطر الوفاة نتيجة الإصابة بنوبات مفاجئة في القلب وغيرها من أمراض القلب الوعائية بعد التحكم في عوامل الخطر المعروفة لأمراض وعائية أخرى وغيرها من العادات الغذائية. وعند مقارنتهم برجال لا يتناولون المكسرات أو البذور أبدًا أو يتناولونها في أضيق الحدود، نجد من يستهلكون وجبتين أو ثلاثًا أسبوعيًّا انخفض خطر تعرضهم للوفاة بسبب نوبة قلبية حوالي 50%. والوفاة الوعائية المفاجئة ليست نوبة قلبية، ولكنها اضطراب في ضربات القلب يهدد الحياة يسمى الرجفان البطيني ويمنع القلب من ضخ الدم بشكل جيد.
تناول البذور والمكسرات بدلاً من زيوتها يُنقص الوزن بطريقة صحية
تشير دراسات الوبائيات لوجود ارتباط عكسي بين تناول المكسرات والبذور ومؤشر كتلة الجسم. المثير في الأمر أن تناولها قد يكبح الشهية بالفعل، ويساعد الناس على التخلص من السكري ويساعدهم على إنقاص الوزن. بعبارة أخرى، الشعوب التي تتناول قدرًا أكبر من المكسرات والبذور ترتفع احتمالات تمتعها بالنحافة، بينما الشعوب التي تتناول قدرًا أقل منها من المحتمل أن تزداد أوزانها. وقد أظهرت التجارب المراقَبة بشكل جيد والمعنية بتناول المكسرات؛ المصممة لمعرفة ما إذا كان تناول المكسرات والبذور ينتج عنه اكتساب الوزن العكس: أن تناول الفاكهة والمكسرات النيئة يعزز إنقاص الوزن، لا اكتسابه. وقد أثبتت دراسات أخرى عديدة أن تناول كميات صغيرة من المكسرات أو البذور يساعد الفرد على الشعور بالشبع، والالتزام بالبرنامج، وتحقيق نجاح أكبر في إنقاص الوزن على المدى الطويل.
على العكس، تؤدي الزيوت المعدلة – التي تحتوي على 120 سعرًا حراريًّا لكل ملعقة كبيرة – إلى السمنة، وقد تعوق عملية إنقاص الوزن. كما أنها ليست لها أي آثار وقائية على القلب. السر هنا هو الامتناع عن الزيت وإعداد تتبيلة السلطة والغموس والصوص بأنواعه بضرب المكسرات مع البذور.
أكثر النظم الصحية على مر العصور هو ذلك الذي يضمن أطعمة دهنية صحية. وهذا النظام الغذائي نفسه سوف يمنع الإصابة بالأمراض ويساعد على التغلب عليها. وحتى بالنسبة لمن يعانون زيادة الوزن، أنصح بتناول أوقية واحدة من البذور أو المكسرات غير المملحة يوميًّا؛ كبذور السمسم، وعباد الشمس، والكتان والقرع والجوز والفستق واللوز.
الدهون المتحولة: ذئب في زي حمل وديع
الدهون المتحولة لا توجد في الطبيعة؛ فهي تصمم في المعامل ولها آثار مضرة على الصحة؛ فهي تعوق إنتاج الجسم لأحماض دهنية مفيدة، وتعزز أمراض القلب. وبما أن الأحماض الدهنية المتحولة ليس لها أية مزايا ولها نتائج سلبية على عملية التمثيل الغذائي، فعندما ترى كلمة مهدرجة جزئيًّا على جانب أية علبة، تعامل مع ما يوجد بداخلها على أنه سم وألقها في القمامة.
والدهون المتحولة تعزز السرطان بالطبع، وترفع نسبة الكوليسترول تمامًا مثل الدهون المشبعة. ومع الوضع في الاعتبار أنها تقلل أيضًا نسبة الكوليسترول المفيد، فإن الدهون المتحولة قد تكون مُعصِّدة أكثر من الأحماض الدهنية المشبعة. وهناك دليل قوي من دراسة صحة الممرضات وغيرها من الدراسات يشير إلى أن الدهون المتحولة مرتبطة بشدة بالنوبات القلبية تمامًا مثل المنتجات الحيوانية.
إن كمية الدهون المتحولة المستخدمة في الأطعمة انخفضت لحد كبير في السنوات الأخيرة، فكثيرون من مصنعي الأطعمة أعادوا صياغة منتجاتهم بتقليل الدهون المتحولة أو استبعادها تمامًا. وأصبح على مصنعي الأطعمة الآن الإشارة لما تحتويه من دهون متحولة على الملصقات التي توضح القيمة الغذائية للمنتجات. انتبه إلى أن مستويات أقل من 0.5 جرام لكل وجبة من الممكن الإشارة إليها باعتبارها تحتوي على 0 جرام من الدهون المتحولة، ما يجعل من الممكن بالنسبة للشخص أن يتناول عدة وجبات من الأطعمة المصنفة باعتبارها خالية من الدهون المتحولة رغم تناوله كميات كبيرة منها.
الخلاصة المتعلقة بالدهون
ليس هنالك شك في أن نظامًا غذائيًّا مليئًا بالدهون يزيد خطر الإصابة بالعديد من الأمراض السرطانية. وقد ثبت هذا الأمر في مئات الدراسات التي أجريت على الحيوان والإنسان على حد سواء. وليست كمية الدهون وحدها ولكن نوع الدهون أيضًا هو ما يرتبط بارتفاع الخطر (تمامًا مثل نوع البروتين). وهذا يجعل الأمر يزداد تعقيدًا، لذلك نعرض فيما يلي النقاط الرئيسية:
1. أي زيوت مستخلصة (دهون) قد تعزز السرطان؛ لأن تناول الدهون الصحية أيضًا – مثل زيت الزيتون – بوفرة يضيف الكثير من السعرات الحرارية الفارغة. والسعرات الحرارية الإضافية لها آثار سامة؛ كما أنها تؤدي للسمنة، والتقدم المبكر في السن، والإصابة بالسرطان.
2. أحماض الأوميجا 6 الدهنية تعزز خطر الإصابة بالسرطان، بينما تميل أحماض الأوميجا 3 لتقليل خطر الإصابة به. وتوجد الأوميجا 6 في الزيوت متعددة اللاتشبع مثل زيت الذرة وزيت العصفر. بينما توجد الأوميجا 3 بوفرة في البذور والخضراوات وبعض الأسماك.
3. أكثر الدهون خطورة على أمراض القلب والسرطان هي الدهون المشبعة والدهون المتحولة، والتي تصنف باعتبارها “مهدرجة جزئيًّا” على ملصقات الأطعمة. ستكون أحمق إن لم تتجنب هذه الدهون. فالدهون المتحولة قد ترفع خطر إصابتك بالسرطان لنسبة تتجاوز 45%.
4. الأطعمة النباتية الطبيعية الكاملة (الحبوب الكاملة، الخضراوات والمكسرات والبذور) تمد الجسم بالقدر الكافي من الدهون. وتناول وجبة من الأطعمة الطبيعية سيضمن لك ألا تعاني نقص الدهون. وبالنسبة لمن يحتاجون لقدر أكبر من الدهون المفيدة DHA، يمكنهم تناول بذور الكتان وبذور القنب وبذور الشيا، والجوز، والمكملات الغذائية المشتقة من النباتات هي أكثر المصادر الصحية والنظيفة.
تذكر أن نظامًا غذائيًّا منخفض الدهون قد يكون أسوأ من نظام غذائي غني بالدهون إذا احتوى على قدر أكبر من الدهون المشبعة أو الدهون المتحولة، وإذا ما احتوى على قدر أكبر من النشويات المعدلة.
لاحظ أن اللحوم الحمراء أو البيضاء منزوعة الدسم، التي تحتوي من 2 إلى 5 جرامات من الدهون لكل 30 جرامًا، تحتوي على قدر أقل من الدهون والدهون المشبعة، وسعرات حرارية أقل لكل 30 جرامًا مقارنة بالجبن، الذي يحتوي من 8 إلى 9 جرامات من الدهون لكل 30 جرامًا. ويحتوي الجبن على قدر أعلى بكثير من الدهون المشبعة (أخطر أنواع الدهون)، حوالي عشر مرات مقارنة بالدهون المشبعة الموجودة في صدر الدجاج. والجبن هو الطعام الذي يسهم في تواجد أكثر الدهون المشبعة في النظام الغذائي الأمريكي. وأغلب أنواع الجبن تستمد حوالي 50% من سعراتها الحرارية من الدهون، وحتى أنواع الجبن منخفضة الدسم، تبقى أطعمة غنية بالدهون.
يعاني الشعب الأمريكي هوس مراقبة الدهون وتناسي كل شيء آخر نعرفه عن التغذية. الدهون ليست كل شيء. إذا كانت الدهون التي تتناولها صحية كالتي توجد في بذور نيئة والمكسرات والأفوكادو، وإذا كان نظامك الغذائي غنيًّا بأطعمة غير معدلة، فلست بحاجة لأن تقلق كثيرًا بشأن الدهون؛ إلا إذا كنت تعاني زيادة في الوزن.
خلاصة القول حول الدهون هي: تجنب الدهون المشبعة والمتحولة (الدهون المهدرجة)، وحاول أن تضمِّن بعض الأطعمة التي تحتوي على الأوميجا 3 في نظامك الغذائي.
التخلي عن الأساطير المتعلقة بالبروتين أمر صعب
هل تذكر مجموعات الأطعمة “الأساسية الأربعة” التي رأيناها جميعًا في كل الفصول الدراسة في المدرسة الابتدائية؟ كان للبروتين مربع خاص به، مخصص لشريحة لحم حمراء سميكة، وسمكة كاملة، ودجاجة كاملة. وكان لمنتجات الألبان مربع خاص بها أيضًا. وكنا نتعلم أن النظام الغذائي الصحي، من المفترض أن يركز على اللحوم والألبان. كان يعتقد أن البروتين أكثر العناصر الغذائية تفضيلاً على الإطلاق، وكان يعتقد أن كثيرًا من البروتينات هي مفتاح القوة والصحة والحيوية. ولكن مع الأسف ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان. ونتيجة للتحقيقات العلمية في أسباب انتشار هذا المرض، علينا أن نعيد النظر فيما تعلمناه. من الصعب التخلص من العادات القديمة، فأغلب الأمريكيين لا يزالون يتمسكون بما تعلموه في مرحلة الطفولة. وهناك موضوعات قليلة للغاية تم تشويهها في الثقافة المعاصرة أكثر من موضوع البروتين.
ضع في اعتبارك أننا نحتاج إلى البروتين؛ فلا يمكننا التمتع بالصحة دون تواجد البروتين في نظامنا الغذائي. وتحتوي الأطعمة النباتية على الكثير من البروتين. ليس عليك أن تكون إخصائي تغذية لكي تحدد ما تتناوله، ولست بحاجة لأن تجمع أنواعًا من الأطعمة لكي تتمتع بكل أنواع البروتين؛ فأية مجموعة من الأطعمة الطبيعية سوف تمدك بالقدر الكافي من البروتين، تتضمن جميع الأحماض الأمينية الأساسية الثمانية وأيضًا الأحماض الأمينية غير الأساسية.
ليس من الضروري أن تتناول كل أنواع الأطعمة لتتمتع بكل أنواع البروتينات في كل وجبة. فالجسم يخزن الأحماض الأمينية اللازمة ويفرزها طوال أربع وعشرين ساعة. ويأتي حوالي سدس استخدامنا اليومي من البروتين من إعادة تدوير أنسجة الجسم. وإعادة التدوير تلك، أو الخلايا الخاصة التي تبطن الجهاز الهضمي، تعوض أي اختلاف من وجبة إلى وجبة في الحمض الأميني “نقص”. ليست هناك حاجة لأي تعقيد غذائي لتحصل على كفايتك من البروتين، حتى لو تناولت الأطعمة النباتية فقط.
فقط عندما يركز النظام النباتي على الخبز الأبيض وغيره من الأطعمة المعدلة يقل المحتوى البروتيني ويصل لمستوى منخفض. ولكن، عندما يتضمن أطعمة غير معالجة، مثل الخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات أو المكسرات، يصبح النظام الغذائي غنيًّا بالبروتين.
الحشائش الخضراء تصنع الأسد
أي الآتي يحتوي على قدر أكبر من البروتين؛ الشوفان أم شريحة لحم، أم الطماطم؟ الإجابة أن جميعها يحتوي على القدر نفسه من البروتين لكل سعر حراري. ولكن الفارق أن الطماطم والشوفان يحتويان على ألياف وغيرها من العناصر الغذائية المقاومة للأمراض، أما شريحة اللحم فتحتوي على دهون مشبعة وكوليسترول.
يعتقد بعض الناس أن المنتجات الحيوانية وحدها تحتوي على كل الأحماض الأمينية الأساسية، وأن البروتينات ليست في النباتات، وهذا اعتقاد خطأ. لقد تعلموا أن البروتين الحيواني يتفوق على البروتين النباتي، وهذا اعتقاد خطأ أيضًا. تقبلوا الفكرة القديمة بأن البروتين النباتي يجب أن يُمزج ويُطابق بطريقة معقدة كطرق تخطيط علماء الذرة حتى يكون مقبولًا بالنسبة لغذاء نباتي. وهذا اعتقاد خطأ أيضًا.
أعتقد أنهم لم يفكروا قط بشأن وحيد القرن أو الخرتيت أو الغوريلا أو الفيل، لأن الحيوانات شديدة الضخامة لا تأكل سوى الخضراوات. إن الحيوانات لا تصنع الأحماض الأمينية من فراغ، فكل الأحماض الأمينية مصدرها النباتات. وحتى الأحماض الدهنية غير الأساسية التي يصنعها الجسم، هي مجرد أحماض أمينية أساسية تم تعديلها قليلًا بطريقة ما من قبل الجسم. ومن ثم، قد تتكون عضلات الأسد من مواد تسبق البروتين وأحماض أمينية تناولها الحمار الوحشي والغزالة، فالحشائش الخضراء تصنع الأسد.
أنا أرى من عشرين إلى ثلاثين مريضًا جديدًا أسبوعيًّا، ودائمًا ما أسألهم: ” أيهما يحتوي على قدر أكبر من البروتين: 100 سعر حراري من شريحة لحم البقرة، أم مائة سعر حراري من البروكلي؟”. وعندما أقول لهم إن البروكلي يحتوي على قدر أكبر من البروتين، فإن أكثر إجابة أتلقاها هي “لم أكن أعرف أن البروكلي يحتوي على البروتين”. بعد ذلك أسألهم: “إذن، في رأيك من أين يستمد البروكلي سعراته الحرارية؟ هل تعتقد أن أغلبه دهون: كالأفوكادو، أم أن غالبيته نشويات كالبطاطس؟”.
ملحوظة: الخضراوات الخضراء تحتوي على أعلى نسبة بروتين لكل سعر حراري أكثر من كل ما سبق.
يعرف الناس قدرًا أقل عن التغذية مقارنة بأي موضوع آخر. وحتى الأطباء وإخصائيو التغذية الذين يحضرون ندواتي يجيبون بسرعة: “شريحة اللحم!”، ويندهشون عندما يعرفون أن البروكلي يحتوي على ضعف كمية البروتين الموجودة في شريحة من اللحم.
عندما تتناول كميات كبيرة من الخضراوات الخضراء، فإنك تحصل على كمية هائلة من البروتين. تذكر أن علبة تزن عشر أوقيات من البروكلي المجمد تحتوي على أكثر من 10 جرامات من البروتين.
ما كمية البروتين التي نحتاج إليها؟
على مدار سنوات، وكمية البروتين التي توصي بها السلطات ترتفع وتنخفض تمامًا مثل اليويو. ولم يتسن لنا بالفعل قياس متطلباتنا من البروتين حتى أصبحت دراسات توازن النيتروجين متاحة.
واليوم؛ أصبح المخصص اليومي المحبذ هو 0.8 ميلليجرام/كيلوجرام من وزن الجسم، أو حوالي 44 جرامًا بالنسبة لسيدة تزن 54.5 كيلوجرام، و55 جرامًا لرجل يزن 68 كيلوجرامًا. هذا هو المخصص المحبذ، وليس القدر الأدنى من حاجتك للبروتين. والاعتقاد أن الجسم يحتاج حوالي 0.5 ميلليجرام/كيلوجرام، وبعد ذلك تم إدخال عامل أمان كبير على المخصص اليومي المحبذ تقريبًا لمضاعفة الحد الأدنى من متطلبات الجسم التي حددتها دراسات نسبة توازن النيتروجين. وحتى الآن يستهلك الأمريكيون في المتوسط أكثر من 100 جرام من البروتين يوميًّا؛ وهي نسبة غير صحية.
10% فقط من إجمالي السعرات الحرارية التي يحصل عليها شخص عادي يجب أن تستمد من البروتين. في الواقع، على قدر صغر 2.5% من السعرات الحرارية المستمدة من البروتين، قد تكون كل ما يحتاج إليه شخص عادي. وبغض النظر عن الآراء العديدة التي تناولت القدر الكافي أو الأمثل من البروتين، فإن أغلب الأطعمة النباتية – باستثناء الفاكهة – تمد الجسم ب 10% على الأقل من البروتين، من خلال الخضراوات الخضراء بمتوسط 50% تقريبًا. والنظم الغذائية الغنية بالعناصر الغذائية التي تهيمن عليها الأطعمة النباتية – مثل النظام الذي أنصح به – يمد الجسم بحوالي 40 إلى 70 جرامًا من البروتين يوميًّا بمتوسط من 1200 إلى 1800 سعر حراري يوميًّا. وهذه كمية كافية من البروتين.
كما أن الفكرة القديمة ل “القيمة الحيوية العالية” للبروتين تقوم على تصنيف الأحماض الأمينية الأساسية التي تعطي البيض مجموع 100% بناًء على الاحتياجات الغذائية للقوارض. ولا يجب ألا نتعجب من أن احتياجات نمو الفئران هي نفس احتياجات بني الإنسان. على سبيل المثال، تحتاج الطيور والفئران إلى كميات عالية من المثيونين والسيستين، وهما حمضان أمينيان يضمان الكبريت. وتعد الأحماض الأمينية التي تضم الكبريت مهمة في ظهور الريش والفراء. وقد تم تحديث تصنيف الأحماض الأمينية الأساسية لتعكس احتياجات بني الإنسان بدقة أكبر. فلبن ثدي الإنسان على سبيل المثال، لا يوفر الاحتياجات الغذائية الأساسية لصغار الفئران، ولكنه مثالي في تلبية احتياجات الإنسان.
واليوم، تم حساب نقاط البروتين بشكل مختلف عما مضى، فأصبحت تقوم على احتياجات الإنسان، لا الفئران. ويحتل بروتين الصويا مجموع نقاط أعلى من البروتين الموجود في اللحم البقري.
باستخدام برنامج تحليل النظام الغذائي المحوسب، حاولت أن أوجد نظامًا غذائيًّا يعتمد على الأطعمة الطبيعية يفتقر لكل الأحماض الأمينية المطلوبة، فوجدت ذلك مستحيلاً. فأي كمية تقريبًا من الأطعمة النباتية تحتوي من 30 إلى 40 جرامًا من البروتين لكل 1000 سعر حراري. وعند تلبية احتياجات الجسم من السعرات الحرارية، تتم تلبية احتياجاته من البروتين تلقائيًّا. فقط ركز على تناول أطعمة طبيعية صحية، ولا تشغل بالك بمحاولة الحصول على القدر الكافي من البروتين.
ماذا عن الأبطال الرياضيين، ورافعي الأثقال، أو السيدات الحوامل؟ ألا يحتاجون لقدر أكبر من البروتين؟ بالطبع أي بطل رياضي يؤدي تمارين ثقيلة يحتاج لقدر أكبر من البروتين. لقد كنت مشتركًا في الفريق العالمي للتزلج في أوائل السبعينيات. كنت كثيرًا ما أتدرب لأكثر من خمس ساعات يوميًّا. وبالإضافة لكل العمل الشاق على الجليد، كنت أقوم بكثير من رفع الأثقال والركض. وبسبب كل هذه التمارين، احتجت لقدر أكبر من البروتين، ولكنني احتجت لقدر أكبر من كل شيء؛ خاصة السعرات الحرارية. عندما تتناول قدرًا أكبر من الطعام، فإنك تحصل على قدر إضافي من البروتين، وقدر إضافي من الدهون وقدر إضافي من النشويات، وقدر إضافي من العناصر الغذائية التي تحتاج إليها. ملأت المقعد الخلفي من السيارة بكميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات والمكسرات النيئة والحبوب الكاملة، وتناولت قدرًا أكبر من الطعام وبالتالي حصلت على قدر أكبر من البروتين (وكل شيء آخر) بهذه الطريقة. فاحتياجاتك من البروتين تزداد بشكل مباشر مع احتياجاتك من السعرات الحرارية المتزايدة، وشهيتك المتزايدة. خمن ماذا؟ أنت تحصل على كفايتك تلقائيًّا. والأمر نفسه ينطبق في أثناء فترة الحمل.
عندما تلبي احتياجاتك من السعرات الحرارية بتناول حصة من الأطعمة النباتية الطبيعية، سوف تحصل على الكميات المناسبة من البروتين، لا أكثر ولا أقل.
وضع المخصص اليومي المحبذ بعين الاعتبار
المخصص اليومي المحبذ هو نسب وضعتها حكومتنا لمختلف العناصر الغذائية التي تعتبر أساسية للتمتع بصحة جيدة. ولكن هل هي صحيحة؟ هل هذه النسب ملائمة، وهل تناول نسب أعلى من عناصر غذائية معينة يفيدنا؟ أسئلة من الصعب الإجابة عنها، ولكن في البداية يجب أن نعرف كيف تم حساب المخصص اليومي المحبذ.
لقد ظهرت فكرة المخصص اليومي المحبذ للمرة الأولى عندما بدأت الحكومة في السؤال عن القيمة الغذائية للقوات العسكرية التي تم توزيعها على جنودنا خلال الحرب العالمية الثانية. بعد ذلك، استعرض مجلس حكومتنا للغذاء والتغذية الأطعمة التي يتوقعون أن يتناولها أغلب الناس. ومن خلال تحليل النظام الغذائي العادي، خرجوا بالقدر الأدنى المقترح منها، وزادوا عليها قليلاً ظنًّا منهم أن هذه الزيادة تضمن التمتع بصحة مثالية.
يميل المخصص اليومي المحبذ إلى النسب التقليدية. وهي لا تقوم على الكيفية التي يجب أن يأكل الناس بها الأطعمة للتمتع بصحة مثالية، ولكنها تمثل كيف نأكل الطعام. وهي تصف النظام الغذائي التقليدي: الذي يحتوي على نسب كبيرة من المنتجات الحيوانية، والكثير من منتجات الألبان والدهون، ونسبة منخفضة من الألياف، ومضادات الأكسدة وغيرها من العناصر الغذائية مثل فيتامين سي الذي يوجد بوفرة في الأطعمة النباتية. ويعكس المخصص اليومي المحبذ نظامًا غذائيًّا سبب كل المشكلات في المقام الأول.
لذلك نرى ميلاً لجعل المخصص اليومي المحبذ يحتوي على نسبة منخفضة من العناصر الغذائية نباتية المصدر، بينما نبقي هذا المخصص اليومي يحتوي على نسبة عالية من العناصر الغذائية حيوانية المصدر. خذ على سبيل المثال أكثر الأمثلة المثيرة للسخرية من المخصص اليومي المحبذ لفيتامين سي. أي نظام غذائي يستفيد من كثرة الأطعمة النباتية الطبيعية غير المعدلة يقدم كمية كبيرة من فيتامين سي. والنظام الغذائي الذي أنصح به، وأتبعه شخصيًّا ينصح بأن تتناول من 250 إلى 500 ميلليجرام من فيتامين سي يوميًّا. ولكن المخصص اليومي المحبذ الذي ينصح بتناول 60 ميلليجرامًا يعكس عدم كفاءة النظام الغذائي الأمريكي وكيف أنه من المستحيل أن تحصل على القدر الكافي من فيتامين سي إذا اتبعت نظامًا غذائيًّا تنخفض فيه نسب الأطعمة النباتية الطبيعية.
يمكنك أن تتناول 1000 ميلليجرام من فيتامين سي على هيئة قرص دوائي لتعوض نقصه الشديد في نظامك الغذائي، ولكنك عندئذ سوف تفقد كل مضادات الأكسدة الأخرى المشتقة من النباتات، وأيضًا المركبات الكيميائية النباتية التي تصلك مع الأشياء نفسها التي تزودك بفيتامين سي. ويجب أن تعترف الحكومة بأن المخصص اليومي المحبذ منخفض بشكل يثير السخرية لأنه لا يتماشى مع باقي الاقتراحات الغذائية السخيفة، ويجعل من المستحيل الوصول لهذه النسب دون تناول مكملات غذائية.
أغلب التوصيات الغذائية التي تصدرها حكومتنا يتم إهمالها وهي بحاجة للتحديث دائمًا. وهذه التوصيات مثل مجموعات الأطعمة “الأساسية الأربعة” لطالما تخلفت عشر سنوات على الأقل عن العلم الحديث وأثرت بقوة على مصنعي الأطعمة. ويجب أن يلقى المخصص اليومي المحبذ الحالي المصير نفسه، فهو يقوم على آراء غذائية قديمة لا تعبر عن التدقيق العلمي. أخيرًا، والأهم هو أن آلاف المركبات الكيميائية النباتية لا تتواجد في المخصص اليومي المحبذ. فهناك فوارق بسيطة وتفاعلات متعلقة بالتغذية توجد مقاومة للأمراض من تضافر مركبات متنوعة توجد في أطعمة طبيعية. ومثل أوركسترا سمفونية يعزف أفرادها في تناغم كامل، تعتمد أجسامنا على التفاعل المتناغم مع العناصر الغذائية، المعروفة وغير المعروفة. ومن خلال إمداد الجسم بحصة ثرية من الأطعمة الطبيعية، من الأفضل أن نصل بوظائف الجسم لأعلى درجة ممكنة.
تذكر الرسالتين الأساسيتين لهذا الموضوع: أولاً، عندما يتم تعديل الطعام وإزالة المغذيات الكبرى من الأشياء الطبيعية التي تقدمها لنا الطبيعة، فإنها ترفع احتمالات إصابة الجسم بالأمراض. ثانيًا، الخضراوات الخضراء تفوز باللقب، وتجني البقوليات والفاكهة الطازجة الميداليات الفضية والبرونزية في أولمبياد كثافة العناصر الغذائية.