يمثل نظام المكافأة والعقاب طريقة للتشجيع على الالتزام بسلوك أفضل. إذ تساعد المكافآت على تحفيز التلاميذ، لا سيما من لا يملك منهم ميلا طبيعيا للعمل الجاد. أما العقوبات، فهي وسيلة لجعل الأولاد يعملون ضمن الحدود التي وضعناها لهم. ففي حال لم يلتزم التلميذ بسلوك معين، ستكون النتيجة قصاصا مناسبا. ومثال العصا والجزرة مفيد هنا. فجميعنا يتجاوب مع التشجيع أكثر منه مع العقاب. وتذكر أن الاستجابة إلى المكافأة والقصاص على حد سواء تعتمد على الظرف. على سبيل المثال، يعتبر الاحتجاز فعالا جدا في بعض المدارس، إلا أنه يؤدي في مدارس أخرى إلى نتائج عكسية.
عن المكافآت
تعتبر المكافأة واحدة من أكثر الطرق فاعلية للحث على السلوك الحسن. فقبل أن تفكر حتى بتطبيق العقوبات، ابحث في المكافأة التي يمكن استعمالها، إذ من شأن ذلك أن يساعدك في الحفاظ على جو إيجابي في الصف. بالطبع، لا يقوم الأمر ببساطة على توزيع مئات العلامات الإضافية والملصقات من دون تمييز. ليكون للمكافأة تأثير مباشر على السلوك، من الأهمية بمكان استعمالها بحكمة.
نحن نعمل بدوام جزئي على الأقل مقابل مكافأة ملموسة هي تقاضي راتب. بالتالي نحن نملك سببا قويا لنبقى محفزين. بالطبع، وبالنسبة إلى كثير من المعلمين، إن السبب الذي يدفعهم إلى العمل لا يقتصر على ذلك. فعملنا يشتمل على الكثير من الفوائد، وليس أقلها متعة رؤية الأولاد ينشأون ويتعلمون. في الواقع، إن بعض الأولاد يعملون بجد ويلتزمون بحسن التصرف من دون الحاجة إلى مكافآت. هؤلاء هم الأولاد الذين تعلموا قيمة وأهمية المدرسة لمصلحتهم الخاصة. وهم قادرون على تأخير المكافأة لأنهم يفهمون الفوائد البعيدة الأمد للحصول على تعليم جيد. بالمقابل، يحتاج تلاميذ آخرون إلى مكافآت وتأكيدات مستمرة لأنهم يفتقدون إلى ذلك الدافع الذاتي الذي يبقيهم متحفزين.
إلا أن أفضل المكافآت تذهب أدراج الرياح ما لم تعرف إلى أي حد يمكنك أن تذهب في رشوة تلاميذك. يعتمد ذلك على قيمك الخاصة وعلى ما تسمح به المدرسة. على سبيل المثال، لكي تحصل على تركيز صف صعب المراس، قد تعرض عليه مكافأة قيمة جدا من اختياره (كالاستماع إلى الموسيقى). مع أن ذلك قد لا يكون مسموحا، إلا أنه حافز فعال جدا. عدا عن أنه يكسبك سمعة شخص لا يرفض التفاوض.
في ما يلي بعض النصائح العامة عن الاستعمال الفعال للمكافأة. مع أن معظم ما سيلي قد يبدو بديهيا، إلا أنه من السهل نسيان هذه الأمور.
■ يجب أن تكون المكافأة مرغوبة: لا جدوى من استعمال مكافأة لا يريدها التلاميذ. ليكون للمكافأة معنى، ينبغي أن تكون ذات قيمة لديهم، يجب أن يرغبوا بالحصول عليها. ففي بعض الأحيان، لا تنجح المكافآت التي تقترح المدرسة استعمالها ضمن سياسة سلوكية معينة في إحداث المفعول المنتظر. إذ تكون قديمة الطراز أو غير فعالة كحافز.
■ ينبغي أن تكون المكافأة مناسبة لسن الأولاد: تؤدي المكافآت إلى نتيجة مختلفة بحسب سن التلاميذ. وعادة، كلما أصبح الأولاد أكبر سنا، تزايدت رغبتهم بالحصول على مكافآت ذات قيمة مادية (قرص مدمج، علامات إضافية…).
■ يجب أن يتم نيل المكافأة بشكل صحيح: احرص على أن ينال تلاميذك مكافآتهم بالكامل، عوضا عن مكافأتهم كلما التزموا بشيء من السلوك الحسن أو قاموا بقليل من العمل الجيد. ذلك أنه كلما كان من الأصعب نيل المكافأة، كانت قيمتها أكبر. أما الإفراط في توزيع المكافآت فيقلل قيمتها.
■ اجعل المكافأة مناسبة للتلميذ: قد يكون هناك تلاميذ يائسون للحصول على ملصقات، وآخرون يرون في إمكانية إجراء اتصال بالبيت جائزة عظيمة. كن محددا في مكافآتك، وفصلها على مقاس التلميذ إن أمكن.
■ للمكافآت تاريخ صلاحية: قد تؤدي مكافأة معينة المفعول المرغوب في البداية، ثم يزول مفعولها تدريجيا مع اعتياد التلاميذ على نيلها. ينبغي بالتالي تجديد نظام المكافآت الذي تستخدمه، على صعيد المعلم الفردي والمدرسة على حد سواء.
■ كافئ جميع تلاميذك: نقع أحيانا في فخ إعطاء كثير من المكافآت للأولاد المشاغبين لكسبهم إلى جانبنا وحثهم على التعاون. لكن لا تهمل الأولاد الذين يعملون بجد طيلة الوقت، فهم يستحقون نيل تقدير لجهودهم أيضا.
■ يجب أن تكون المكافآت سرية أحيانا: يمكن في معظم الأوقات تقديم المكافأة علنا. لكن في بعض الحالات، لا يرغب الأولاد بأن يشهد الباقون نجاحهم. فالضغوط التي يمارسها الزملاء ضد العمل الجيد تكون كبيرة في بعض الأحيان. وإن كانت تلك هي الحال في مدرستك، يمكنك مثلا الانحناء قرب التلميذ الصعب المراس الذي يحسن العمل لتنقل له أفكارك الإيجابية على انفراد. من الممكن أيضا توجيه الملاحظة الإيجابية لأحد التلاميذ في الممر، خارج وقت الحصة.
أنواع المكافآت
استنادا إلى خبرتي، تتنوع أنظمة المكافآت من مدرسة إلى أخرى، وتغلب عليها عادة الجدارات، وشهادات التقدير والاتصالات بين المنزل والمدرسة. ثمة مدارس أصبحت أكثر تجديدا في مجال المكافآت التي تقدمها لتلاميذها، وسأورد في ما يلي بعضا من هذه الأفكار الفريدة. ولا شك بأن أكثر المكافآت قيمة هي مجانية وسهلة، وتتمثل في ثناء موجه من معلم يحبه الأولاد ويحترمونه (ونيل هذا الاحترام هو الجزء الصعب في الواقع). إليك بعض الاقتراحات لمكافآت محسوسة:
■ الجدارات/التنويهات: من شأن الجدارات أو التنويهات أن تشكل مكافأة جيدة حين يكون التلاميذ محفزين على نحو معقول. على الرغم من كون هذا النوع هو الأكثر استعمالا، إلا أن لديه سلبياته. ففي كثير من المدارس الثانوية، لا تعتبر الجدارات فعالة بعد السنة الأولى. لا بل إن التلاميذ الذين ترغب بتحفيزهم أكثر من غيرهم قد ينظرون بازدراء إلى فكرة الحصول على جدارة.
■ نظام العلامات الإضافية: من المفيد إضافته إلى نظام الجدارات، بحيث يمكن للتلميذ صرف هذه العلامات عبر إيصالات… إلخ.
■ شهادات التقدير: يعمد كثير من المدارس إلى إعطاء التلاميذ شهادات تقدير على حسن سلوكهم أو عملهم، وهي غالبا ما تعطى في تجمع للمدرسة كلها. وقد أثبتت هذه الشهادات فاعليتها، كما أنها تعطي الأولاد شيئا ملموسا لأخذه إلى المنزل.
■ الملصقات: تعد فعالة من صفوف الحضانة وحتى المستوى الإعدادي وما فوق. وبوسعك الحصول على ملصقات ذات طابع شخصي تحتوي على اسم المعلم أو المادة. فكر أيضا أين سيضع التلميذ هذه الملصقات؛ ربما على دفتر يومياته أو على دفتر التمارين.
■ الملاحظات الخطية الإيجابية: من شأن الثناء المكتوب على دفتر التمارين أن يكون فعالا جدا في تشجيع التلميذ على العمل بجد. احرص على تخصيص وقت لكي يقرأ الأولاد ملاحظاتك حين تعيد إليهم الدفاتر.
■ الجوائز: تخصص بعض المدارس يوما للجوائز، لمكافأة التلاميذ على جهودهم في مجالات مختلفة. وبحضور الأهل، من شأن ذلك أن يشكل حافزا ممتازا.
■ الاتصال بالمنزل: مع أننا نميل إلى استعمال الاتصال بالمنزل كعقاب على سوء التصرف، إلا أن من شأنه أن يمثل مكافأة في غاية الفاعلية. فإن كان التلميذ مهتما بإسعاد أولياء أمره، سيكون للاتصال السريع بالبيت تأثير عظيم فعلا على سلوكه. تحدث إلى أحد تلاميذك من ذوي المراس الصعب في يوم جيد، وأعطه وعدا بالاتصال بالمنزل إن أحسن السلوك فعلا، وابدأ ببناء علاقة جيدة معه. على الأرجح، سيشعر الأبوان بالمفاجأة والسرور لسماع بعض الملاحظات الجيدة أخيرا عن ولدهم. ولكن تحقق أولا مما إذا كان نظام المدرسة يسمح بإجراء اتصالات بين المدرسة والبيت.
■ الكتابة إلى المنزل: تشكل الكتابة إلى المنزل مكافأة فعالة. وكثير من المدارس يستخدم اليوم البطاقات البريدية عوضا عن الرسائل التقليدية. بإمكان الأولاد أن يصمموا البطاقة بأنفسهم، في حصة فنون مثلا. ومن مزايا البطاقات البريدية إمكانية تعليقها بالمغناطيس على الثلاجة مثلا للتذكير دوما بالثناء الذي حصل عليه التلميذ.
■ الرحلات: إنها من المحفزات القوية. كما أنها تترك أثرا إيجابيا جدا على المعنيين بها. ولكن العائق الوحيد هو العمل الكثير الذي يستلزمه تنظيم مثل هذه النشاطات.
■ الوقت الذهبي: من شأن نيل الامتيازات أن يكون فعالا جدا، كما أنه يظهر العلاقة بين السلوك الحسن ونتائجه الإيجابية. وتستعمل فكرة الوقت الخاص أو الذهبي على نطاق واسع في صفوف الأولاد. إذ يكسب الأولاد (أو يخسرون) حق المشاركة في ساعة في آخر الأسبوع بعد انتهاء اليوم الدراسي. ولديهم في هذا الوقت الحرية في اختيار النشاط الذي يريدونه. ويمكن للمعلمين الثانويين أن يستخدموا هذه الطريقة، كإعطاء التلاميذ وقتا ذهبيا لمدة خمس دقائق للثرثرة في نهاية الحصة.
■ مهام خاصة: يحب التلاميذ أن توكل إليهم مهمة خاصة بالكبار كمكافأة، وهي طريقة يستفيد منها المعلم هو أيضا. على سبيل المثال، كان ترتيب الخزانة من الأعمال المفضلة لدي حين كنت في المدرسة الابتدائية. وثمة مهمة أخرى رائعة هي أخذ دور المعلم، وتتمثل في السماح لأحد الأولاد بأن يعلم الصف لخمس دقائق. فيقوم التلميذ بكتابة بعض الأفكار على اللوح أو الإجابة عن أسئلة الاختبار أو حتى شرح جزء من الدرس، فيما يأخذ المعلم استراحة يستحقها.
■ الاستماع إلى الموسيقى: هي مكافأة ذات شعبية واسعة بين التلاميذ الأصغر سنا. يعتمد استعمالها على موضوع الدرس. ففي بعض الحالات، من شأن الموسيقى أن تلهي التلاميذ عن عملهم. ومن المستحسن برأيي استعمال المذياع عوضا عن السماح للأولاد بإحضار موسيقى من اختيارهم، وذلك تجنبا للمشاكل الناتجة عن اللغة غير اللائقة في بعض الأغاني.
■ القرعة: سمعت عنها عدة مرات مؤخرا. وتقوم على إعطاء التلاميذ بطاقات قرعة على حسن السلوك أو العمل، وتنظيم قرعة عند انتهاء الحصة أو الأسبوع وتقديم جائزة للرابح. وفي بعض الأحيان، تنظم هذه القرعة على صعيد المدرسة ولفترات أطول من الوقت (منتصف الفصل مثلا)، مع جوائز قيمة فعلا.
■ الأحجار في الوعاء: هي فكرة عظيمة تقوم على استغلال ضغط الزملاء. إذ يضع المعلم وعاء خاليا على مكتبه، وكلما أحسن أحد الأولاد السلوك أو العمل، يضع حجرا في الوعاء. وحين يمتلئ هذا الأخير، يحصل الصف بأكمله على مكافأة. ومن الاقتراحات التي حصلت عليها هي أخذ الأولاد في نزهة وقت الغداء، وطلب البيتزا لهم.
■ الحلوى والسكاكر: لا شك أن صحة إعطاء السكاكر للأولاد في الصف هي مسألة رأي شخصي. تكفي الإشارة هنا إلى أنها أثبتت كونها محفزا واسع الشعبية بينهم.
عن العقاب
من شأن استعمال العقاب أن يكون بالغ التعقيد. إذ ينبغي عليك الالتزام بدقة بسياسة المدرسة السلوكية أو بأنظمة القسم الذي تعمل فيه. فالاستعمال الثابت للعقوبات عند الإمكان أفضل بالنسبة إلى المعلمين وأعدل تجاه التلاميذ أيضا. غير أنه في بعض الأحيان لن تساعدك سياسة المدرسة كما أنها لن تساعد تلاميذك، وستحتاج إلى شيء من المرونة. وبما أن أحدا لا يحب التعرض للقصاص، ينبغي علينا استعماله بأفضل شكل ممكن. وفي ما يلي بعض النصائح والمقترحات للاستعمال الفعال للعقاب.
■ ينبغي أن يكون العقاب غير مرغوب فيه: تماما كما ينبغي أن تكون المكافآت مرغوبة، على العقوبة أن تكون من النوع الذي يود التلاميذ تجنبه. وإلا فلن تكون رادعا فعالا. وهنا أيضا، غالبا ما تعرقل سياسة المدرسة المعلم. على سبيل المثال، إن كان الأولاد لا يأبهون بالحصول على احتجاز، فلا جدوى من فرضه.
■ ينبغي تنفيذ العقاب: عند فرض قصاص معين، لا بد من تنفيذه، وإلا فلا جدوى من إعطائه. ففي حال عدم تنفيذ العقاب، لن يخشاه التلاميذ في المرة التالية التي تلوح به.
■ لا تهدد بما لا تستطيع أو لا تريد تنفيذه: حين نكون تحت الضغط، من المغري إلقاء التهديدات بجميع الأمور الرهيبة التي ستحدث ما لم يتوقف الأولاد عن إحداث الفوضى. في الحقيقة، إن التلاميذ يعرفون حقوقهم جيدا وما يمكنك القيام به ضدهم أو لا. فالمعلم الذي يهدد بإبقاء جميع الأولاد في الصف لساعة إضافية سيواجه بالسخرية حتما.
■ تجنب التهديد بشخص آخر: في بعض الأحيان، يلجأ المعلم إلى التهديد بإرسال التلميذ إلى شخص آخر بسبب سوء سلوكه (يكون عادة المدير أو رئيس القسم أو المنزل…). ولسوء الحظ، كل ما يوحي به هذا التهديد هو أن المعلم عاجز عن التعامل مع المشكلة بنفسه. وحين أتحدث إلى هؤلاء الأشخاص الآخرين في المدارس، غالبا ما يتذمرون من أعداد الأولاد المصطفين خارج مكاتبهم خلال أوقات الدرس. ويتم إرسال هؤلاء الأولاد عادة من قبل عدد محدود من المعلمين. ولكن بالطبع، ثمة حالات يكون فيها هذا التهديد مبررا، كحوادث سوء السلوك الخطيرة.
■ تنتج العقوبات جوا سلبيا: من شأن العقوبات أن تولد شعورا سلبيا إن طبقت بقسوة بالغة ومن دون أخذ نوع التلاميذ بالاعتبار. ففي بعض المدارس الصعبة، من الأفضل التركيز على إقامة علاقة جيدة مع التلاميذ عوضا عن إنتاج مواجهات معهم عبر القصاص المتكرر.
أنواع العقاب
ثمة أنواع مختلفة من العقوبات التي يمكن اللجوء إليها للمساعدة على ضبط السلوك. كما هو الحال مع المكافآت، تتشابه المدارس في أنواع العقوبات المستخدمة. أما مدى فاعليتها، فيعتمد بالطبع على الظرف الذي تستعمل فيه. إليك بعض الخيارات. لقد خصصت أدناه قسما مستقلا للاحتجاز، لأن من شأن استعماله أن يكون بالغ التعقيد.
■ الصراخ: مع أن الصراخ لا يعد قصاصا بالمعنى التقليدي، إلا أنه الشكل الأكثر فورية للقصاص ومن غير المستغرب على الإطلاق أن يلجأ إليه المعلمون من وقت إلى آخر. وهو يعتبر أحيانا طريقة فعالة للتنفيس عن الغضب. لكن تذكر أن الصراخ يشير إلى فقدان السيطرة على النفس، ومن شأنه أن يضر كثيرا بالصوت.
■ الاتصال أو الكتابة إلى المنزل: لا تقلل أبدا من شأن الأهل! فإن كنت تتعامل مع أبوين متعاونين، يشكل الاتصال أو الكتابة لهما عقابا بالغ الفاعلية. إن فهم التلميذ بأن سوء السلوك سيبلغ للأهل، فأنت تملك بذلك أداة سيطرة قوية. أما إن كان الأبوان غير آبهين ببساطة، أو عاجزين هم أنفسهم عن السيطرة على الولد (كما هي الحال مع كثير من الأولاد المشاغبين)، فإن هذا العقاب لا يكون فاعلا. تحقق من سياسة المدرسة قبل الاتصال بالمنزل، وتعرف أيضا على خلفية التلميذ المنزلية لئلا تعرضه للخطر.
■ فقدان الامتيازات: إن الربط بين السلوك وربح أو خسارة امتيازات معينة، يشكل طريقة واضحة للعلاقة بين السلوك وعواقبه. إن كنت تستعمل مثلا ساعة من الوقت الذهبي، يؤدي سوء السلوك إلى خسارة دقائق من هذا الوقت. والأولاد الذين أحسنوا التصرف سيحصلون على ساعة كاملة وستكون لهم الأولوية في اختيار النشاط الذي يريدونه. أما من أساء التصرف بينهم فسيرى بوضوح العلاقة بين سلوكه وبين منع ذاك الامتياز عنه.
■ فرض العقوبة على الصف بأكمله: في بعض الحالات، من الملائم فرض العقاب على الصف بأكمله، في صف ثرثار مثلا. لكن تذكر أنك في هذه الحالة تعاقب أولادا لم يرتكبوا شيئا على الإطلاق. بالتالي، عند اللجوء إلى حجز الصف بأكمله، أعطه فرصة التراجع.
■ العقاب النهائي: يلجأ كثير من المدارس اليوم إلى استعمال العقاب النهائي. بموجب هذا العقاب فإن التلميذ الذي يسبب كثيرا من المشاكل أو يشكل خطرا على نفسه أو على زملائه، يمكن إخراجه من الصف من قبل معلم أعلى مرتبة. ومعرفة المعلم بوجود هذا القصاص يعطيه شعورا بالأمان والاطمئنان.
■ العقوبات الهزلية: لقد وجدت فيها متعة في الماضي، ويعتمد استعمالها على أسلوبك التعليمي وعلى ردة فعل الأولاد المحتملة. لقد كانت تضفي شيئا من المرح المستحب على جو الصف. ويقوم العقاب الهزلي على شيء من هذا القبيل: “اذهب وقف في الزاوية على رجل واحدة ويداك فوق رأسك”. ما دام التلاميذ يقبلون بتنفيذ هذا القصاص عن طيب خاطر، فإنه يشكل طريقة جيدة لأخذ موقف من سوء السلوك مع بقاء الجو خفيفا ومرحا.
عن الاحتجاز
بما أن الاحتجاز هو من أنواع القصاص الشائعة الاستعمال، من الحيوي أن تحصل على حق اللجوء إليه. ومن شأن الاحتجاز أن يكون فعلا جدا أو من دون جدوى على الإطلاق، اعتمادا على وضع المدرسة. وعليك أن تستعمل خبرتك المهنية لمعرفة ما إذا كان هذا العقاب مناسبا لصفك. وفي هذه الحالة، فإن استعماله على نحو فعال يوفر لك أداة قيمة لضبط السلوك.
■ احرص على تنفيذ الاحتجاز: من شأن متابعة التلاميذ أن تستهلك الكثير من الوقت. فتلك اللحظة العابرة من سوء السلوك في الصف قد تتحول إلى لعبة مطاردة لا تنتهي. ولكن، إن كنت لا ترغب بمتابعة تنفيذ الاحتجازات، من الأفضل عدم فرضها أساسا.
■ نفذها بأسرع وقت ممكن: في الحالات المثالية، يجب أن يكون ثمة علاقة واضحة بين سوء السلوك والقصاص، لذا، احرص على تنفيذ الاحتجاز في أسرع وقت ممكن. فمن الأفضل بالنسبة إلى التلاميذ تنفيذ ذاك الاحتجاز الأساسي القصير عوضا عن ملاحقتهم لعدم الحضور أو تحويلهم إلى عقاب أشد.
■ استعمل الخدمة الجماعية: في المدارس الثانوية، تتمثل المشكلة الكبرى في عدم حضور التلميذ المعاقب عندما تحتاجه في وقت الاستراحة أو بعد انتهاء اليوم الدراسي. وحين يتخلف عن الحضور، سيتحتم عليك ملاحقته لتنفيذ القصاص. لتجنب ذلك، أرسل تلميذا يمكن الوثوق به لإحضار زميله المعاقب قبل بضع دقائق من قرع الجرس، بالاتفاق مع المعلم في الصف مسبقا.
■ فكر بما سيحدث خلال مدة الاحتجاز: فكر بما سيقوم به الأولاد المحتجزون. قد تستغل الفرصة مثلا للتحدث معهم عن أسباب سوء السلوك الذي ارتكبوه وما يمكن فعله لتجنب وقوعه مجددا. يمكنك أن تطلب عملا مفيدا للجماعة، كجمع الأطباق في قاعة الطعام أو لم القمامة من أرض الصف. أما إن كان العقاب مفروضا لعدم إنهاء عمل ما ضمن الحصة، سيكون على التلميذ بالطبع إنهاؤه في فترة الاحتجاز. يعمد بعض المعلمين إلى استعمال النمط الانتقامي في القصاص، ككتابة جمله ما مرات متكررة. غير أنه يمكنك عوضا عن ذلك حمل التلميذ على الطاعة والإصرار على جلوسه بصمت طيلة مدة الاحتجاز.
■ راقب ردة فعل التلميذ على الاحتجاز: في بعض المدارس، أو بالنسبة إلى بعض التلاميذ، يعتبر الوقت الإضافي مع المعلم مكافأة لا عقابا. بالنسبة إلى التلاميذ الذين يتوترون من النزول إلى الملعب في فترة الاستراحة، يعتبر الاحتجاز خيارا جذابا. اكتشف بالتالي كيف ينظر الأولاد إلى مسألة الاحتجاز، وخذ ذلك بعين الاعتبار عند فرض هذا العقاب.
كيف نطبق العقوبات
عندما يأتي وقت تطبيق العقوبات، فإن الطريقة التي تتبعها ستؤثر على ردة فعل التلاميذ. كما أنها ستؤثر على مدى فاعلية هذه العقوبات. فالهدف هو تجنب المواجهات، وإعطاء سلسلة من التحذيرات المتصاعدة الجدية، وإظهار أن التلميذ يجبرنا على تنفيذ العقوبة. في ما يلي بعض النقاط المفصلة حول فاعلية استعمال العقوبات.
■ أبق العقوبة سرية: حاول دائما أن تعاقب التلميذ بطريقة هادئة وفردية، كأن تطلب منه الخروج للحظات لتتكلم معه أو تأخذه إلى آخر الغرفة. تكلم بصوت خافت بحيث لا يسمعك بقية التلاميذ. فإن أحس التلميذ بالحرج من مقاصصته أمام زملائه، قد يؤدي ذلك إلى مواجهة. لا تعط بالتالي لمشاغبيك فرصة زيادة شعبيتهم.
■ أرجئ عند الضرورة: لا تشعر أنه من الضروري دائما إعطاء عقوبة فور وقوعسوء تصرف. فإذا كنت تمهد للدرس وقاطعك أحد التلاميذ، يمكنك القول “لي حديث معك عن طريقة تصرفك بعد قليل” إلى أن تكمل التمهيد. ومتى بدأ الصف بالعمل يمكنك التعامل مع التلميذ بخصوصية نسبيا.
■ اجعل المسألة واضحة: من شأن سوء التفاهم أن يؤدي إلى مواجهات غير ضرورية، لذلك اجعل موقفك دائما واضحا جدا. حدد توقعاتك بوضوح، عبر إخبار التلميذ بما تريده بالضبط، ثم وضح كيف أن سلوكه خيب توقعاتك.
■ اجعل مشاعرك واضحة: اشرح للتلميذ بوضوح ما تشعر به جراء سلوكه، وتأثير ذلك على الحصة وعلى تركيز بقية الصف. شجع تلاميذك على معرفة آراء الآخرين بسلوكهم والسبب الذي يجعله غير مقبول.
■ قدم خيارا إيجابيا لسوء التصرف: في بعض الأحيان، يعزل التلاميذ أنفسهم عندما يسيئون التصرف، وعلى المعلم إخراجهم من هذه الحالة. يمكنك مثلا أن تستعمل ما يلهيهم، فتعطي الولد عملا يقوم به، كتوزيع أوراق على زملائه. فالأولاد الأصغر سنا يسهل إلهاؤهم عن سوء التصرف.
■ تذكر! التكرار أساسي: يضمن التكرار فهم التلميذ بوضوح لما يقوله أو يطلبه المعلم. كرر إنذاراتك عدة مرات، واستخدم اسم التلميذ تكرارا للتأكد من حصولك على انتباهه التام.
■ أخبر ولا تسأل: يحتاج المعلمون إلى إثبات أنفسهم باستعمال أوامر إيجابية عوضا عن طرح أسئلة تعطي التلميذ الفرصة للاختيار من بين أجوبة متعددة. استخدم أريد وأحتاج منك، بدل هل يمكنك أو هلا. أخبر تلاميذكعما تريده منهم تحديدافهم يحتاجون لمعرفة ذلك.
■ أعط تحذيرا مفصلا قبل الإقدام على أي تصرف: بعد أن توضح الحالة مستعملا عبارات محددة، أخبر التلاميذ عما يمكن أن يحدث إن لم ينفذوا ما تريده.
■ عاقب السلوك لا التلميذ: انظر إلى المشكلة كونها تتعلق بالسلوك وليس بالتلميذ، وسيساعدك ذلك على إبقاء العقوبات غير شخصية. أوضح أن لجوءك إلى العقاب ليس هجوما شخصيا على التلميذ بل ردة فعل منطقية ومستقيمة على سلوكه.
■ استخدم الخيار: هذه التقنية – المصورة في الفصل الثالث – تساعدك في جعل القصاص تدبيرا غير شخصي، وبإلقاء مسؤولية الوضع على التلميذ. فالخيار سهل: “إما أن توقف هذا التصرف الآن أو ستجبرني على تطبيق هذه العقوبة بالذات”.
■ حافظ على استرخائك: كما سترى في المثل أدناه، فإن ردة فعل المعلمة عادية وهادئة. فعوضا عن الخوض في القصاص على الفور، تعمد إلى تملق التلميذة ببساطة لإعادتها إلى مقعدها عبر إخبارها كم أن الحصة ستكون مسلية. فإن تمكنت من الحفاظ على برودة أعصابك، ستنجح في تجنب الموقف الدفاعي وتحافظ على الرؤية البعيدة المدى وأنت تتعامل مع التلاميذ الصعبي المراس.
■ طبق العقوبات في خطوات واضحة: ينبغي أن تبدأ العقوبات على مستوى منخفض، ثم ترفعه تدريجيا إن استمر التلميذ بتحديك. أعطه في كل مرحلة فرصة قبول ذاك المستوى من العقاب قبل تطبيقه. فالمعلم الذي يقفز على الفور إلى العقاب الأقسى يعتبر في نظر التلاميذ غير عادل ومن المحتمل أن يشجع ذلك على المواجهات.
■ اجعل مقاربتك مهذبة وغير استفزازية: حافظ على الدوام على هدوئك وتهذيبك وأنت تطبق كل مرحلة من مراحل العقاب، مهما كان إغراء التنفيس عن الغضب قويا. وانتبه دوما إلى طريقة استعمالك لصوتك ولغة جسدك، لكي تحرم التلميذ من فرصة استغلالهما ضدك وتتجنب وقوع المواجهات.
■ أعط التلاميذ الانطباع بأنك تأسف لفرض العقاب: أرهم بأنك غير مسرور وخائب لأن التلميذ يجبرك على اللجوء إلى العقاب. واستعمل نبرة أسف وليس نبرة انتقامية.
■ أعطه فرصة التراجع: أعط التلميذ في كل مرحلة من مراحل العقاب فرصة تجنب عقاب أكبر.أخبره إن كانت الحالة تسمح بذلك أنه إن قبل بتنفيذ العقاب الحالي بطيب خاطر واجتهد لبقية الحصة، من الممكن أن تعيد النظر في العقوبة.
في ما يلي مثلان عن معلم يطبق عقابا وكيفية تفاعل التلميذ مع المقاربتين.
طريقة جيدة لتطبيق العقوبات
وصلت نادين إلى صف العلوم بمزاج سيئ جدا، وراحت تتجول في أرجاء الغرفة، وتتحدث إلى التلاميذ الآخرين. المعلمة جاهزة لأخذ سجل الحضور والبدء بالدرس.
المعلمة: نادين، أود التحدث معك من فضلك.
تشير المعلمة إلى نادين لتذهب إلى آخر الصف، فتتبعها.
المعلمة: نادين، أريد أن أبدأ درسي الآن. ولا أستطيع ذلك وأنت تتجولين في الصف.
نادين: إذا؟ ماذا ستفعلين بهذا الشأن؟
المعلمة: حسنا، نادين. أريد فعلا البدء بدرسي. سنقوم بمزج بعض المواد الكيميائية مع بعضها لنرى إن كانت ستنفجر. أنا أكيدة أنك ستستمتعين بهذا، ولكن عليك أولا الجلوس حتى أتمكن من تسجيل الحضور.
نادين: آه. يبدو هذا شيقا.
المعلمة: إذا، تعالي واجلسي لنبدأ.
تعود نادين إلى مقعدها وتجلس. ولكن لاحقا خلال الدرس تعود لتتجول في الصف. ومن جديد، تشير إليها المعلمة لتقف جانبا.
المعلمة: نادين. لقد أخبرتك سابقا بأن تلازمي مقعدك. أريد منك الجلوس حالا لو سمحت.
نادين: كلا لن أفعل. أنا ضجرة. هذا الدرس تافه.
المعلمة: حسنا نادين، أنا آسفة لذلك، ولكن أخشى أنك إذا تابعت التصرف بهذا الشكل ورفضت اتباع تعليماتي، ستجبرينني على إعطائك حجزا.
نادين: هذا ليس عدلا! أنا لم أخطئ بشيء!
المعلمة: نادين. أريد منك الجلوس على مقعدك ومتابعة عملك. عليك الجلوس لأننا نستعمل بعض المواد الكيميائية الخطرة، ولا أريدك أن تتعرضي للأذى. اجلسي الآن قبل أن أضطر إلى إعطائك ذلك الحجز.
يتوقع في هذه المرحلة أن تفهم نادين الوضع وتلتزم بطلب المعلمة. أما في حال العكس، فعلى المعلمة تطبيق العقاب وتصعيده تدريجيا إلى أن تنفذ نادين ما أمرت به.
طريقة سيئة لتطبيق العقوبات
وصلت نادين إلى صف العلوم بمزاج سيئ جدا، وراحت تتجول في أرجاء الغرفة، وتتحدث إلى التلاميذ الآخرين. المعلمة جاهزة لأخذ سجل الحضور والبدء بالدرس.
المعلمة: نادين! أيمكنك الجلوس من فضلك؟ أريد أن أبدأ درسي.
نادين: لا أريدك أن تبدئي بالدرس، فدروسك سخيفة.
المعلمة: لا تكوني وقحة! اسمعي، لم لا تجلسين وتدعينني أسجل الحضور؟
يراقب بقية الصف المواجهة باهتمام. ونادين تستمتع الآن بالشعبية الناتجة عن تلقيها العقاب أمام الصف.
نادين: لا لن أجلس. هل ستجبرينني؟
المعلمة: أجل سأجبرك. أنت محتجزة لمدة ساعة معي بعد انتهاء الحصة.
نادين: هذا غير عادل! لن أحضر!
المعلمة: بل ستفعلين. والآن اصمتي واجلسي.
بدأ الصف يتململ، وبعض التلاميذ يثرثرون ويضحكون على ما يجري.
نادين: ليس لك أن تأمرينني بالصمت! أكرهك وأكره دروسك. أنا خارجة من هنا!
تخرج نادين غاضبة من الصف. أما بالنسبة إلى باقي التلاميذ، فقد تشتت انتباههم تماما، وستحتاج المعلمة إلى عشر دقائق إضافية لتهدئتهم.
تأليف سو كولي