إن ما يقرب من ٤٠ ٪ من السعرات الحرارية في النظام الغذائي الأمريكي التقليدي يأتي من الدهون، ومعظمها من الدهون المشبعة (الضارة). وأفاد عدد سبتمبر ١٩٩٧ من مجلة بيدياتريكس الطبية أن ١ ٪ فقط من الأطفال في الولايات المتحدة يحصلون من الكمية الموصى بها من العناصر الغذائية الأساسية في وجباتهم الغذائية. والأمر لا يقتصر على عدم حصول الأطفال على التغذية السليمة لنمو أجسامهم، فهم يبنون بذلك عادات غذائية مضرة عادة ما تستمر إلى مرحلة البلوغ. ولقد دهشت من كم المراهقين الشباب ممن يعانون مقاومة الأنسولين بالفعل.
في الاستقصاء الثاني للصحة الوطنية وفحص التغذية تم تقييم ١٢ ألفا من البالغين الأمريكيين وعاداتهم الغذائية. وفيما يلي بعض النتائج التي تم التوصل إليها:
● ١٧٪ من السكان لا يأكلون الخضراوات.
● باستثناء البطاطس والسلطة، ٥٠ ٪ من السكان لا يأكلون الخضراوات. وبعبارة أخرى، لا يأكل الخضراوات سوى نصف السكان فقط.
● ٤١ ٪ يستهلكون الفاكهة أو عصائر الفاكهة.
● ١٠٪ فقط من السكان هم من استوفوا تعليمات وزارة الزراعة الأمريكية بتناول ما لا يقل عن خمس حصص من الفواكه والخضراوات يوميا. ومن بين الأفارقة الأمريكيين، ٥ ٪ فقط يأكلون الكمية الموصى بها.
على الرغم من أن الأطباء البشريين وأطباء التغذية يوصون بأن نستهلك حصصا متعددة من الفواكه والخضراوات يوميا، فإن مجتمعنا مقصر في هذا بشدة. تبين هذه الدراسة أنه باستثناء البطاطس المقلية والمخبوزة، فإن أكثر من نصف عدد السكان لا يأكلون أية خضراوات. والأسوأ من ذلك أن ما يقرب من ٦٠ ٪ من السكان لا يأكلون أية فاكهة. في حقيقة الأمر لا يأكل الأمريكيون أي طعام صحي على الرغم من وعيهم بخطورة ذلك.
أليس من المستغرب أن أكثر من ٥٠ ٪ من أمتنا مصابون بالبدانة الملحوظة؟
عندما تضيف إلى هذه العادات الغذائية الضارة الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع، فإنك لن تستغرب انتشار مقاومة الأنسولين والسكري كالوباء في الولايات المتحدة. وإذا تحديتك وطلبت منك التوقف عن تناول الخبز الأبيض، والدقيق الأبيض، والمعكرونة، والأرز، والبطاطس لمدة أسبوعين، فستدرك بسرعة لماذا أصيب الكثير من الأشخاص (أكثر من ٨٠ مليون أمريكي) بمقاومة الأنسولين المعروفة باسم المتلازمة الاستقلابية إكس.
نوعية الغذاء في الولايات المتحدة
لا توجد دولة أخرى على وجه الأرض تنتج الأغذية بالوفرة التي تفعلها أمريكا على مدار نصف القرن الماضي.
ولكن عندما ننظر إلى نوعية طعامنا من منظور صحي، سنجد ما يثير القلق بالتأكيد. كان للعمليات المستخدمة في إنتاج وحفظ الأطعمة اليوم تأثير خطير على نوعية هذه الكميات الهائلة من الأغذية. وكتب “ريكس بيتش” في تقريره إلى مجلس الشيوخ الأمريكي: هل تعلمون أن معظمنا اليوم يعاني بعض أوجه القصور الغذائية الخطيرة، التي لا يمكن علاجها حتى يحدث توازن معدني سليم في التربة المستنفدة التي تزرع أغذيتنا فيها؟
ولكن الحقيقة المقلقة هي أن تلك الأغذية – الفواكه والخضراوات والحبوب – والمزروعة الآن على ملايين الفدادين من الأراضي التي لم تعد تحتوي على ما يكفي من المعادن، تتركنا في فقر غذائي بغض النظر عن مقدار ما نأكله منها.
قدم “بيتش” هذا التقرير في عام ١٩٣٦. وخلال ما يقرب من سبعين عاما منذ قدم “بيتش” هذه المناشدة إلى مجلس الشيوخ، لم يحدث شيء لتحسين التربة الفقيرة في بلادنا، بل الحالة في الواقع صارت أسوأ بكثير من أي وقت مضى في التاريخ.
هناك خمسة معادن رئيسية (الكالسيوم والمغنيسيوم والكلوريد والفوسفور والبوتاسيوم)، وما لا يقل عن ستة عشر معدنًا من المعادن المكملة لها تعد ضرورية للصحة المثلى.
لا يمكن أن تنتج النباتات هذه المعادن بنفسها، بل يجب أن تمتصها من التربة. فإذا خلت التربة من هذه المعادن، فستخلو منها النباتات بدورها.
وهي تخلو منها بالفعل. لماذا؟ لأن الأسمدة العضوية التي تحتوي على هذه المعادن مكلفة ويصعب الحصول عليها. يرشِّد المزارعون الأمريكيون نفقاتهم باستخدام السماد الذي يجدد التربة بالنيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم فقط (والذي يسمى بالسماد المتوازن السائل). وباستخدام هذا السماد المتوازن السائل، يتمكن المزارعون من زراعة وإنتاج الحبوب ذات المظهر الجيد، برغم افتقارها إلى جميع المعادن الضرورية الأخرى. وللأسف، فإن الاقتصاد هو القوة الدافعة وراء الزراعة الأمريكية، ما يجعل المزارعين أكثر اهتماما بكمية المحصول في الفدان بالمقارنة بمحتوى المغذيات في هذا المحصول.
قلة هي التي ستجادل بشأن نوعية الأطعمة الآن ومدى انخفاض قيمتها الغذائية بالمقارنة بالأطعمة التي كانت موجودة قبل جيل أو جيلين. لقد زادت شعبية الحبوب والخضراوات والفواكه المهجنة. وهذه البذور المهجنة تنتج منتجات كبيرة الحجم، جميلة المنظر، وأكثر مقاومة للأمراض. غير أن محتوى المغذيات في هذه النباتات المهجنة أقل بكثير من نظيرتها الطبيعية. ويُدفع المال للمزارع وفقا لكمية المحصول لكل فدان، وليس وفقا لجودة منتجاته. وقد ازدادت أهمية الزراعة وأصبح لها تأثير سياسي. وعلى الرغم من حاجتنا إلى التغذية، فإن المهم بالنسبة للمزارعين الآن هو كسب عيشهم، والمنتجات المهجنة تساعدهم على ذلك.
بسبب وسائل النقل والتخزين الخاصة، تمكنت صناعة الأغذية من تقديم مجموعة واسعة من الفواكه والخضراوات المتاحة في كل مكان على مدار العام، وبتنوع لا بأس به. ولكن هذه الوفرة تحدث على حساب شيء آخر، فقدصار هناك ما يسمى بالحصاد الأخضر؛ والذي يعني قطف الفواكه والخضراوات قبل نضجها. ويتطلب شحن المواد الغذائية لمسافات طويلة التخزين البارد، وغيرها من طرق الحفظ التي تقضي على المواد الغذائية الضرورية. كما أننا نستهلك بإفراط الأطعمة فائقة التصنيع. على سبيل المثال، تقضي عملية تنقية الدقيق لدينا لإنتاج الخبز الأبيض على أكثر من ثلاثة وعشرين مغذيا أساسيا، وأهمها المغنيسيوم. ثم يعاود مصنعو الأغذية وضع ثمانية من هذه المغذيات في الخبز ويطلقون عليه “الخبز المدعم”.
هل تعلم؟
● في عملية صنع الدقيق الأبيض، يتسبب فصل حبة القمح عن قشرتها في القضاء على أكثر من ٨٠ ٪ من المغنيسيوم الموجود بالدقيق.
● يقضي تصنيع اللحوم على نسبة تتراوح بين ٥٠ و ٧٠ ٪ من فيتامين ب٦ الموجود بها.
● يقضي التخزين البارد على ما يصل إلى ٥٠ ٪ من فيتامين ج باليوسفي.
● يمكن أن يفقد الهليون المخزن لمدة أسبوع واحد نحو ٩٠ ٪ من فيتامين ج.
الحقيقة هي أن طعامنا يفتقر بشدة إلى العناصر الغذائية الضرورية حتى في الوقت الذي نشتريها فيه؛ ومع ذلك، فإن الطريقة التي نعد طعامنا بها قد تكون أكثر خطورة. إن الطهي، والتأخر في إعداد الأطعمة الطازجة، وتجميد الأطعمة تعد من أسباب افتقار أطعمتنا إلى قيمتها الغذائية. فمثلا:
● تفقد السلطات الطازجة وقطع الخضراوات والفواكه أكثر من ٤٠ : ٥٠ ٪ من قيمتها إذا ظلت لأكثر من ثلاث ساعات.
● يعد فیتامین ج حساسا للحرارة والبرودة، وینفد من الطعام المحتوي عليه عند تخزینه لفترات طویلة.
● يقلل إعداد الطعام بشكل كبير من نسبة حمض الفوليك.
● يمكن أن تفقد اللحوم المجمدة أكثر من ٥٠ ٪ من فيتامينات ب.
نبدأ مع المغذيات المستنفدة في التربة، والتي يجعلها السماد المتوازن السائل أسوأ. ثم تزرع البذور المهجنة التي تنتج نباتات فقيرة في المغذيات. وبعدها يأتي دور معالجة وتصنيع وتخزين المواد الغذائية، وكلها أمور تقضي على المزيد من المغذيات الموجودة داخل الأطعمة. وأخيرا نأخذ هذه الأطعمة إلى المنزل مستمرين في القضاء على مزيد من العناصر الغذائية بسبب طرق التخزين والإعداد. هذه كلها أسباب منطقية قوية تبرر وجوب استكمال وجباتنا الغذائية بالمكملات الغذائية جيدة النوعية.
إلا أن عليك أن تفهم أن هذه ليست الأسباب الرئيسية وراء توصياتي باستخدام المكملات الغذائية. فعلى الرغم من أنه قد ثبت مدى ضرر هذه الظروف على صحة المواطنين الأمريكيين، فإن الضرر الناجم عن فهمنا الخطأ للتغذية السليمة يكاد يوازي ذلك الضرر إن لم يكن أكبر. يتعين علينا إعادة النظر في الكميات الموصى بها.
المستويات المثلى في مقابل الكميات الموصى بها
يجب أولا أن نفهم كيف نشأت قائمة الكميات الموصى بها في المقام الأول: بدأت هذه الفكرة في وقت مبكر – في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي – باعتبارها الحد الأدنى من العناصر العشرة الغذائية الأساسية التي يمكن أن تساعدنا على تجنب أمراض سوء التغذية، مثل الإسقربوط (نقص فيتامين ج)، والكساح (نقص فيتامين د)، والحصاف (نقص النياسين). بعبارة أخرى، إذا كنت تستهلك الكميات الموصى بها من فيتامين ج، وفيتامين د، والنياسين، فإنك لن تصاب بأي من هذه الأمراض.
ومن المسلم به أن قائمة الكميات الموصى بها قد نجحت في مهمتها. خلال ثلاثة عقود من الممارسة الطبية، لم يسبق لي أن شهدت أيا من هذه الأمراض. إنها بالطبع لا تزال موجودة، لكنها نادرة. والواقع أن مركز مكافحة الأمراض لم يعد يتتبع هذه الأمراض الآن.
ومع الوقت، ازداد عدد المغذيات المدرجة على قائمة الكميات الموصى بها خلال العقدين التاليين. وفي أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، توسعت لتشمل كميات من المغذيات اللازمة للنمو والتطور الطبيعي.
على الرغم من أن قائمة الكميات الموصى بها أثبتت جدواها، فإن معظم الأطباء والأشخاص العاديين يميلون إلى منح المعايير الموضوعة بها أهمية أكثر مما ينبغي. ويرجع ذلك جزئيا إلى طلب حكومة الولايات المتحدة بوضع ملصقات على جميع العناصر الغذائية والمكملات توضح الكميات الموصى بها. ولكن بعد قضائي السنوات القليلة الماضية في التعلم عن المكملات الغذائية وتأثيرها على الأمراض التنكسية المزمنة، أصبحت مقتنعا بحقيقة واحدة: لا توجد علاقة مطلقا بين الكميات الموصى بها والأمراض التنكسية المزمنة.
وأعتقد أن هذه الحقيقة البسيطة هي السبب في تزايد الارتباك حول الفوائد الصحية للمكملات الغذائية عن أية حقيقة أخرى. لقد تدرب الأطباء على تصديق أن الكميات الموصى بها هي ما يحتاج إليه الجسم من المواد الغذائية للبقاء في صحة مثلى. وهذا الافتراض الخطأ هو – في اعتقادي – السبب الرئيسي في عداء الأطباء، واختصاصيي التغذية، ومجتمع الرعاية الصحية بشكل عام للمكملات الغذائية.
عند بحثك في المراجع الطبية عن الإجهاد التأكسدي وكمية المواد الغذائية اللازمة لمنعه، ستجد أن معدل المكملات الغذائية المطلوبة أكبر بكثير من معدل الكميات الموصى بها. وهناك مثال يثبت صحة ذلك: فيتامين ه. الجرعة الموصى بها يوميا من فيتامين ه هي ١٠ وحدات دولية، وفي بعض الجداول تصل إلى ٣٠ وحدة دولية. ويحتوي متوسط الوجبة الغذائية الأمريكي على ٨ – ١٠ وحدات دولية من هذا الفيتامين. ولكن فقا للمراجع الطبية، فإن الفرد لن يجني أية فوائد صحية من فيتامين ه إلا بعد تناول ١٠٠ وحدة دولية منه في صورة مكملات. وتزيد هذه الفوائد الصحية مع الوصول إلى ٤٠٠ وحدة دولية فأكثر (يتفق معظم الأطباء الدارسين للمكملات على أنه على المرء أن يستهلك ما لا يقل عن ٤٠٠ وحدة دولية من فيتامين ه يوميا).
الكمية الموصى بها من فيتامين ج هي ٦٠ ملج، على الرغم من أنه على مدى السنوات القليلة الماضية حدث جدال بشأن الحاجة إلى زيادة هذه الكمية إلى ٢٠٠ ملج يوميا. من ناحية أخرى، تشير المراجع الطبية إلى أن أجسادنا تحتاج إلى ١٠٠٠ ملج على الأقل من فيتامين ج لتحقيق فوائده الصحية. وتزيد هذه الفوائد مع الوصول إلى ٢٠٠٠ ملج فأكثر.
يمكنني التحدث بالتفصيل عن جميع العناصر الغذائية الرئيسية والمستويات المثلى التي تمدنا بالفوائد الصحية منها، والتي ذكرت في المراجع الطبية. في كل حالة منها لا توجد -أكرر، لا توجد – علاقة بين الكميات الموصى بها وبين الأمراض التنكسية المزمنة.
ليست هناك أية وسيلة للحصول على هذه المستويات المثلى من المغذيات من خلال الغذاء فقط. وإذا كنت ترغب في تقليل خطر تعرضك للإصابة بأحد الأمراض التنكسية المزمنة، فعليك استكمال غذائك.
قد تتنهد بارتياح، مفكرا: “آه، جيد. أنا بخير لأنني أتناول أقراص الفيتامينات المتعددة بالفعل “. لكني أطلب منك ألا تتعجل: إن تناول الفيتامينات المتعددة اليومية لا يمكن أن يحميك من الأمراض التنكسية أيضا؛ حيث تستند أقراص الفيتامينات المتعددة في المقام الأول إلى قائمة الكميات الموصى بها. ومن النادر أن نرى أية إشارة في المراجع الطبية إلى وجود أية فائدة صحية للمرضى الذين يتناولونها؛ فأنت بحاجة لأخذ كميات كبيرة من مضادات الأكسدة والمعادن جيدة النوعية إذا كنت ترغب في منع أو إبطاء إصابتك بالأمراض التنكسية المزمنة.
ومن البديهي أن يكون السؤال التالي هو: هل من الآمن تناول هذه المستويات المثلى من المكملات الغذائية؟ بوصفي طبيبا لم يكن مؤمنا دائما بفوائد المكملات، فإنني كثيرا ما أناقش هذه المخاطر مع مرضاي. وأنا متأكد من أن طبيبك المعالج يمكن أن يحدثك عن بعض الدراسات التي أظهرت وجود أضرار لتناول المكملات الغذائية. هل هناك مخاطر فعلا؟ بالتأكيد.
مخاطر المكملات الغذائية في مقابل سلامتها
نحن بصحة سيئة بالفعل، لذلك فمن الأهمية بمكان أن تخلو هذه المواد الغذائية من أي أضرار وأن تكون آمنة للاستخدام عند تناول جرعات أكبر منها.
تكون مضادات الأكسدة آمنة تماما عندما يتم تناولها على النحو الصحيح. المكملات الغذائية هي ببساطة المغذيات نفسها التي نحصل عليها من أطعمتنا، ولكن بمستوى أعلى من الطعام العادي. من ناحية أخرى، قد تكون لدى الأدوية بعض الفائدة في الوقاية من بعض الأمراض المزمنة، ولكنها تشكل في حد ذاتها خطرًا على المريض.
في كل مرة يصف فيها الطبيب دواء – خاصة إذا كان لعلاج مرض مزمن – يتعين عليه شرح المخاطر المحتملة لاستخدام هذا الدواء. في ١٥ إبريل من عام ١٩٩٨، كتب د. “بروس بوميرانز” في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية يقول: “إن الأدوية التي نصفها تسبب أكثر من ١٠٠٠٠٠ حالة وفاة سنويا”. كما ذكر أن هناك ٢.١ مليون مريض آخر يعانون مضاعفات خطيرة بسبب تلك الأدوية – وليست للمغذيات أي مخاطر من هذا القبيل.
وبما أن الأدوية الموصوفة طبيا تعد السبب الرئيسي الرابع للوفاة في الولايات المتحدة، فقد آن الأوان ليبدأ الأطباء ومقدمو الرعاية الصحية في مواجهة هذه الأزمة الصحية الكبرى. فكثيرًا ما يتحدث المجتمع الطبي عن خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان، ويكافح من أجل تقليل نسبتها، ولكن لماذا لا نتحدث عن مساعدة مرضانا فعليا على التقليل من خطر المعاناة أو الموت بسبب الأدوية التي نصفها؟
وفي حين أن مهنتنا تتجاهل أساسا هذا السبب الخطير للوفاة، فإنه من المثير للاستغراب أن يستمر الأطباء في تحذير مرضاهم من تناول المكملات الغذائية لاحتوائها على خطورة محتملة على صحتهم!
في السنوات القليلة الماضية لم يتم الإبلاغ إلا عن عدد قليل للغاية من الوفيات الناجمة عن المكملات الغذائية. وفي هذه الحالات تناول المرضى أضعاف الكميات الموصى بها من مغذيات معينة مثل النياسين. أما الحالات الأخرى فهي لأطفال تناولوا جرعات زائدة عرضية من المكملات الغذائية.
ومع ذلك، لا يزال يتعين علينا أن ندرك حقيقة أن المكملات الغذائية يمكن أن تكون سامة إذا تم تناولها بكميات مرتفعة للغاية.
نظرة على الآثار السامة الرئيسية للمواد الغذائية كلًّا على حدة
● فيتامين أ
من بين جميع المكملات الغذائية، يستدعي فيتامين أ أكثر المخاوف. يمكن أن يسبب فيتامين أ التسمم لدى البالغين الذين يأخذون أكثر من ٥٠٠٠٠ وحدة دولية في اليوم على مدار فترة طويلة من الزمن. وقد تتسبب جرعة أقل في التسمم إذا تناولها مريض الكبد. وتشمل أضرار التسمم بفيتامين أ جفاف الجلد، وهشاشة الأظافر، وتساقط الشعر، والتهاب اللثة، وفقدان الشهية، والغثيان، والإرهاق، والتحسس.
إن ابتلاع الأطفال العرضي جرعة كبيرة من فيتامين أ (١٠٠٠٠٠ – ٣٠٠٠٠٠ وحدة دولية) يمكن أن يسبب تسمما حادا. وأعراضه هي الصداع، والقيء، والخدر بسبب زيادة الضغط داخل الجمجمة.
وأشارت دراسة نشرت في ٢ يناير ٢٠٠٢، بمجلة الجمعية الطبية الأمريكية إلى أن فيتامين أ يمكن أن يضر بوظيفة العظام العادية، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الكسور بمنطقة الوركين.
كما يتعين على النساء تجنب فيتامين أ خلال فترة الحمل. حيث يُعتقد أن جرعات منخفضة منه تتراوح بين ٥٠٠٠ – ١٠٠٠٠ وحدة دولية تتسبب في بعض التشوهات الخلقية.
إنني لا أوصي أبدا بتناول فيتامين أ في صورة مكملات، بل يمكننا تلبية حاجتنا إلى فيتامين أ داخل الجسم عن طريق تناول البيتا كاروتين والكاروتينات المختلطة؛ فهي آمنة جدا، كما أن الجسم قادر على تحويل البيتا كاروتين إلى فيتامين أ عند الحاجة دون وجود أي خطر من حدوث تسمم.
● بيتا كاروتين
لقد استخدم البيتا كاروتين بجرعات عالية على مدار سنوات دون الإبلاغ عن أي تأثير سلبي. يصاب بعض الأفراد باصفرار بالجلد يسمى كاروتينوديرميا، ولكنه أمر ليس منه أي ضرر ويتلاشى تماما بمجرد تقليل جرعة البيتا كاروتين أو إيقافها.
● فيتامين هـ
على الرغم من كون فيتامين ه قابلا للذوبان في الدهون، فإن لديه سجلا رائعا خاليا من الآثار الضارة. ولم تظهر التجارب السريرية أن تناول جرعات عالية من فيتامين ه – مثل ٣٢٠٠ وحدة دولية في اليوم – في صورة مكملات له أية آثار سلبية. وبالإضافة إلى ذلك أظهرت الدراسات أن فيتامين ه يمنع تراكم الصفائح الدموية ويقلل من خطر تكون الجلطات الدموية بالطريقة نفسها التي يفعلها الأسبيرين. وهذه الخاصية لفيتامين ه مفيدة للغاية في الحد من أمراض القلب. ويعتقد الباحثون أن فيتامين ه يعزز في الواقع فاعلية الأسبيرين لدى مرضى القلب.
● فيتامين ج
يعد فيتامين ج آمنا حتى في الجرعات العالية منه، على الرغم من أن البعض قد يعانون بسببه انتفاخ البطن، أو الغازات، أو الإسهال. فيما مضى، ساد القلق من أن يزيد تناول فيتامين ج على شكل مكملات من خطر الإصابة بحصوات الكلى. ولم يحدث هذا إلا في تجربة سريرية واحدة فقط، إلا أن التجارب الأربع الأخرى المماثلة لا تؤيد هذا الرأي.
● فيتامين د
لفيتامين د إمكانات كبيرة في التسبب في التسمم؛ لذا لا ينصح بجرعات تزيد على ١٥٠٠ وحدة دولية. في معظم الحالات لا ينصح بتناول جرعات من فيتامين د في صورة مكملات تزيد على ٨٠٠ وحدة دولية في اليوم الواحد. التسمم بفيتامين د قد يزيد مستويات الكالسيوم في الدم، ويسبب سبه في الأعضاء الداخلية، ويزيد خطر الإصابة بحصوات الكلى.
ومن المثير للاهتمام أن الدراسات الأخيرة التي نشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية أظهرت أن ٩٣ ٪ من القاطنين في بوسطن يعانون نقصا في فيتامين د، حتى لدى من يتناولون أقراص الفيتامينات المتعددة.
والآن تكشف دراسات أخرى أن الكميات الموصى بها من فيتامين د (٢٠٠ وحدة دولية) منخفضة للغاية وأن المرضى بحاجة إلى تناول ما لا يقل عن ٥٠٠ – ٨٠٠ وحدة دولية من فيتامين د، طبقا للمستويات المثلى. ولا تزال هذه الجرعة آمنة.
● النياسين (فيتامين ب٣)
الجرعات العالية من مكملات النياسين قد تسبب احمرار الجلد، والغثيان، وتلف الكبد. وأظهرت الدراسات السريرية أن منتجات النياسين بطيئة الإفراز قد تقلل من خطر احمرار الجلد، ولكنها قد تزيد أيضا من خطر تلف الكبد.
يستخدم كثير من الأشخاص جرعات عالية من النياسين كوسيلة طبيعية لخفض مستوى الكوليسترول في الدم. لكن لا بد أن يتم تناول الجرعات العالية من مكمل النياسين تحت إشراف الطبيب دائما. كما أنني أعتبر أن المستوى الموصى به من النياسين آمن تماما. ويستخدم النياسين الآن إلى جانب عقار الستاتين، الذي يعد فعالا في خفض مستوى الكوليسترول على وجه الخصوص.
● فيتامين ب٦ (بيريدوكسين)
يعد فيتامين ب٦ أحد الفيتامينات القليلة القابلة للذوبان في الماء، لكن لديه خطرا محتملا للتسمم. قد تسبب الجرعات التي تزيد على ٢٠٠٠ ملج في أعراض سمية الأعصاب. ولكن الأشخاص الذين يتناولون جرعات بين ٥٠ و ١٠٠ ملج يوميا لم يبلغوا عن أي حالات تسمم. ١٧ ولكن بالتأكيد كن حذرا عند استخدام جرعات أعلى من فيتامين ب٦.
● حمض الفوليك
قد يكمل حمض الفوليك نقص فيتامين ب١٢ لدى الفرد؛ ولذلك، على المرء دائما أن يتناول فيتامين ب١٢ إلى جانب مكملات الفوليك. ومع ذلك، لم يتم الإبلاغ عن أي مشكلات خطيرة من تناول حمض الفوليك حتى ٥ جرامات في اليوم الواحد؛ وهذا سبب آخر يؤكد أن التغذية الخلوية هي وسيلة آمنة لاستكمال احتياجاتك الغذائية.
● الكولين
يمكن تحمل الكولين عموما، إلا أن الجرعات شديدة الارتفاع منه (٢٠ جراما يوميا)، تخلف رائحة مريبة. وقد تسبب الغثيان، والإسهال، وآلام المعدة.
● الكالسيوم
يتحمل الشخص جرعات من مكملات الكالسيوم تصل إلى ٢٠٠٠ ملج. كان يعتقد فيما مضى أن المستويات المرتفعة من مكملات الكالسيوم يمكن أن تؤدي إلى زيادة حصوات الكلى، إلا أن دراسة حديثة أظهرت أن هذه المستويات المرتفعة تقلل من مخاطر الإصابة بحصوات الكلى. بعبارة أخرى يقل خطر الإصابة بحصوات الكلى لدى المرضى الذين لديهم كمية أعلى من الكالسيوم.
● اليود
قد تكبح جرعات مكملات اليود التي تزيد على ٧٥٠ ميكروجراما إفراز هرمون الغدة الدرقية. كما ذُكر أن تناول اليود بمستويات أعلى من ذلك يسبب طفحا على الجلد يشبه حب الشباب.
● الحديد
يتزايد القلق بشأن استخدام الحديد – وخاصة الحديد غير العضوي – في صورة مكملات غذائية. عادة ما يحصل الأمريكيون على الكثير من الحديد، ما يعني أن تناوله في صورة مكملات أيضا قد يسبب فرط حمل الحديد، الذي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الذكور. كما أن هناك بعض المخاوف في احتمال تسبب مكملات الحديد في رفع معدل الإجهاد التأكسدي.
● المنجنيز
إن تناول المنجنيز في صورة مكملات يعد آمنا تماما، برغم ذكر بعض الأشخاص أنهم أصيبوا بتسمم المنجنيز من بيئتهم. ويحدث هذا عادة لدى من يعملون في مناجم المنجنيز أو من يتعرضون لمستويات عالية منه في بيئاتهم – قد يبدأ هؤلاء الأفراد بالهلوسة ويصبحون عصبيين للغاية.
● الموليبدينوم
الموليبدينوم آمن تماما. ومع ذلك، قد يؤدي تناول جرعة تتراوح ما بين ١٠ – ١٥ ميكروجراما يوميا إلى أعراض شبيهة بالنقرس.
● السيلينيوم
وجدت العديد من التجارب السريرية – التي استخدمت جرعات في نطاق ٤٠٠ – ٥٠٠ ميكروجرام يوميا – أن السيلينيوم آمن تماما. إلا أنني أعتقد أن جرعات السيلينيوم ينبغي أن تقل عن ٣٠٠ ميكروجرام يوميا. تشمل أعراض التسمم بالسيلينيوم الاكتئاب، والحكة، والغثيان، والتقيؤ، وتساقط الشعر.
ليست هناك أي آثار سامة للمكملات التالية: فيتامين ك، وفيتامين ب١ (الثيامين)، وفيتامين ب٢ (الريبوفلافين)، والبيوتين، وفيتامين ب٥ (حمض البانتوثنيك)، والإينوزيتول، وفيتامين ب ١٢، والكروم، والسيليكون، والإنزيم المساعد كيو ١٠ ، والبورون، وحمض ألفا ليبويك.
مقاومة الأطباء
أظهرت الدراسات الحديثة أن حوالي ٦ ٪ فقط من طلاب الطب المتخرجين قد تلقوا تدريبا في مجال التغذية. وأجرؤ على قول إنه حتى أولئك الطلاب الذين تلقوا دورات في التغذية لم يدرسوا الكثير عن المكملات الغذائية؛ فهذا ببساطة ليس محور اهتمامنا في التدريبات الطبية، بل يتعلم الأطباء تشخيص الأمراض وعلاجها. إنني لم يتغير رأيي حتى قضيت السنوات السبع الماضية في التهام المراجع الطبية حول هذا الموضوع.
يعتمد الأطباء في وصفهم للأدوية – والمكملات الغذائية بدورها – على التجارب السريرية الموثوق بها والمذكورة في المراجع الطبية. ولا تنطوي كل دراسة على فوائد المكملات الغذائية العظيمة، بل في بعض الحالات توضح الضرر المحتمل لتناولها. وتقوم وسائل الإعلام العامة والمراجع الطبية بنشر هذه الدراسات السلبية.
أشجع الأطباء على دراسة الفوائد التي يمكن أن يقدمها استخدام المكملات الغذائية للمرضى. وبدلًا من الاعتماد على قائمة الكميات الموصى بها أو محاربة الإجهاد التأكسدي بفيتامين واحد في كل مرة، يجب أن نتعلم كيف نجعل من التغذية الخلوية النهج الأفضل لمعالجة مشكلة الإجهاد التأكسدي الكامنة.
والأهم من ذلك، نحن بحاجة إلى أن نضع المفهوم العام للإجهاد التأكسدي في الاعتبار، وأن نفهم الفوائد الصحية التي يمكن للمرضى تحقيقها من خلال بناء نظام الدفاع الطبيعي المضادة للأكسدة داخل أجسامهم. هذه النتائج ستغير حياة المرضى إلى الأفضل.