عندما أخبر المرضى بوجوب تناولهم لدواء أو أكثر لتحسين صيغة الكوليسترول لديهم، فإن العديد منهم يسأل إن كان تناول مكمل غذائي طبيعي غير موصوف سيفي بالغرض تماما. والإجابة هي لا مدوية. فكما ذكرت سابقا، بسبب عدم اتباع صناعة المكملات للأنظمة المفروضة، فإن معظم المكملات لم تخضع أبدا للاختبارات العلمية الصارمة المطلوبة للموافقة على المنتج الصيدلاني. والأكثر من هذا أن الأبحاث التي أجريت على مكملات خاصة – أهمها مضادات الأكسدة – كانت مخيبة جدا.
أحد مكملات مضادات الأكسدة هذه، وهو الفيتامين E الذي دأب الناس على تناوله منذ فترة طويلة للمساعدة في الحماية من اعتلال القلب، كان في الأخبار منذ فترة ليست ببعيدة. رغم أنني لا أوصي بفيتامين E لمرضاي، إلا أنني مع ذلك كنت مندهشا عندما قرأت أن مراجعة نقدية لـ 19 دراسة منشورة عن الفيتامين E قد وجدت أن تناول جرعة يومية من 400 وحدة دولية أو أكثر من فيتامين E قد تزيد معدل الوفيات أيا كانت الأسباب. وجد أن الناس الذين تناولوا جرعة كتلك من فيتامين E كان احتمال موتهم المبكر أكثر بنسبة 10 بالمائة من أولئك الذين تم إعطاؤهم بلاسبو (حبة دواء زائفة). ووفقا للتقرير، إن مكملات فيتامين E المأخوذة بجرعة عالية قد تزيد معدل الوفيات أيا كانت الأسباب ويجب تفاديها. وقد أوصيت مرضاي، ولا أزال، بأن يحصلوا على حاجتهم من فيتامين E من الأطعمة.
إذا كان الناس قد فوجئوا بدراسة الفيتامين E، فقد صدموا بنتائج الدراسة الأحدث عهدا المتعلقة بالفيتامينات B. كانت الحكمة التقليدية تقضي بتناول حمض الفوليك، وB12، وB6 لإنقاص مستوى الهوموسيستيين المرتفع. ولكن تجربة الفيتامين النرويجية 2005 جعلتنا جميعا نعيد تقييم موقفنا عندما يتعلق الأمر بمعالجة الهوموسيستيين المرتفع بالفيتامينات B. ففي هذه الدراسة، تناول بعض الناجين من نوبات قلبية 40 ميليغرام من فيتامين B6، و400 ميكروغرام من B12، و800 ميكروغرام من حمض الفوليك لثلاث سنوات ونصف تقريبا. خفضت الفيتامينات بالفعل مستويات الهوموسيستيين للخاضعين للدراسة. ولكن لدهشة الجميع، ازداد خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية أو سكتة دماغية لدى هؤلاء المتناولين للفيتامين بنسبة 20 بالمائة مقارنة بالناس الذين تناولوا دواء إرضائيا.
في ما يتعلق بالفيتامينات المضادة للأكسدة بشكل عام، فقد ظننا جميعا أنها ستكون أسلحة مفيدة ضد اعتلال القلب بسبب ما فهمناه من بعض الدراسات المخبرية الأساسية. ومع ذلك، فقد أخفقت ثلاث تجارب سريرية كبرى، هي تجربة HOPE ودراسة GISSI للقلب ودراسة حماية القلب، في توثيق أية منافع مكتسبة من تناول الفيتامينات المضادة للأكسدة. الأخبار السارة هي أنها لم توثق أيضا أية تأثيرات معاكسة. اختبرت هذه الدراسات قدرة مجموعات متنوعة من مضادات الأكسدة على مقاومة اعتلال القلب بالإضافة إلى الاعتلال غير الوعائي. أظهرت الدراسات أن مضادات الأكسدة لم تمنع اعتلال القلب أو السرطان أو أي نوع آخر من المرض.
لقد بدأنا لتونا بفهم السبب وراء عدم تحقيق الفيتامينات المضادة للأكسدة ما كان مأمولا منها. أظهرت الأبحاث الحديثة نسبيا أن الفاكهة والخضار تحتوي فعليا على آلاف المغذيات المجهرية التي تتفاعل بطرق لا نفهمها بعد. فالفيتامينات المعروفة المضادة للأكسدة – A وC وE – هي مجرد ثلاث مساهمات صغيرة في هذه الكمية والتشكيلة الضخمة من المغذيات الصحية في أطعمتنا الطبيعية غير المعالجة. وإلى أن نتعلم المزيد بشأن عزل المغذيات الأكثر أهمية وتقديمها في شكل حبوب (دواء)، فإن استراتيجيتنا الأفضل هي أن نستهلك تنوعا واسعا من الفاكهة والخضار. هذا ما فعله الصيادون – الحصادون، ولم نكن على ذلك القدر من الصحة منذ ذلك الحين.
بالإضافة إلى غياب الدليل السريري (الطبي) الذي يدعم المكملات، فلدي قلق آخر بشأنها. إن ما تراه على لصيقة المحتوى ليس دائما ما تحصل عليه، لأن المصنعين، كما ذكرت سابقا، غير ملزمين بأن يفوا بنفس مقاييس الإنتاج والنوعية الصارمة المفروضة على مصنعي العقاقير الموصوفة.
أظهر عدد من التحقيقات الاستقصائية أن المكملات تحتوي على مقادير صغيرة فقط من المكونات المعلن عنها أو أنها تقدم المكونات بشكل لا يكون فعالا. إذا كنت تريد استعمال المكملات، فكيف تحمي نفسك من الاحتيال؟ أحد الخيارات هو أن تشتري المنتجات الصيدلانية التي يجب أن تفي بالمقاييس الصارمة. يبيع العديد من الأطباء وغيرهم من محترفي العناية الصحية مثل هذه المكملات العالية الدرجة (لا أفعل ذلك)، كما تفعل ذلك بعض الصيدليات على شبكة الإنترنت. إذا كنت لا تريد أن تسلك هذا الطريق، فاشتر على الأقل منتجات لمصنعين بارزين معروفين.
مع ذلك، فإن حفنة من المكملات قد صمدت أمام الدراسات العلمية الواسعة النطاق، وأنا أستخدمها فعليا أثناء ممارستي لمهنتي.
مكملات الأحماض الدهنية أوميغا – 3 (زيوت السمك)
في الوقت الحالي، لم يتم إقرار سوى عدد قليل من المكملات كإضافات آمنة وفعالة للعناية القلبية. أحد هذه المكملات الذي كان ولا يزال يبرز كإضافة قيمة لأسلوب حياة صحي هو الأحماض الدهنية أوميغا – 3، المعروفة أيضا بزيت السمك. المكونات الفعالة في الأحماض الدهنية أوميغا – 3 هي حمض الدوكوزاهكسانويك docosahexaenoic acid (DHA) وحمض الإيكوزابنتانويك eicosapentaenoic acid (EPA)، وكلاهما مدرج على لصيقة المحتوى. يوصى بجرعة إجمالية من زيت السمك تتراوح بين 1000 و2000 ميليغرام في اليوم. ومع ذلك، إذا أكلت الكثير من أسماك المياه الباردة الزيتية مثل السلمون والرنكة والسردين، فقد لا يكون المكمل ضروريا.
الأحماض الدهنية أوميغا – 3 هي طريقة آمنة وفعالة لتخفيض المستويات المرتفعة من التريغليسيريد بصورة ملحوظة، ولكنها يجب أن تؤخذ بجرعة أعلى بكثير من تلك المذكورة أعلاه. مؤخرا، تم وضع وصفة جديدة لأوميغا – 3 موضع الاستعمال تحت الاسم التجاري أوماكور. ولأنها تتمتع بمستوى عال من ضمانة النوعية، فأنا أصفها الآن لمرضاي ذوي المستويات العالية من التريغليسيريد.
أوصت جمعية القلب الأميركية في العام 2002 بالـ DHA والـ EPA للمرضى المصابين باعتلال الشريان التاجي طالما أنهم يفعلون ذلك بموافقة طبيبهم. ووفقا لتصريح علمي نشرته جمعية القلب الأميركية في مجلتها الدورة الدمويةCirculation، استنتج أعضاء لجنة التغذية التابعة للجمعية ما يلي: ثبت في تجارب سريرية وخاصة بدراسة الأوبئة أن الأحماض الدهنية أوميغا – 3 تقلل من حدوث الاعتلال القلبي الوعائي. وذكر التصريح أيضا بأن مأخوذا يوميا مقداره 0.5 إلى 1.8 غرام من الـ EPA والـ DHA مكتسبا عن طريق المكملات أو تناول الأسماك الزيتية قد خفض معدل الوفيات بصورة ملحوظة بين الناس الذين أصيبوا بالفعل بنوبة قلبية.
كيف يساعد زيت السمك على منع الإصابة باعتلال القلب؟ إنه يفعل ذلك من خلال تخفيض مستويات التريغليسيريد وتقليل الالتهاب. كما أنه يقلل أيضا خطر الإصابة بالنظم اللاسوية للقلب، بما فيها تلك التي يمكن أن تسبب موتا مفاجئا. وعلاوة على ذلك، يقوم زيت السمك بعمله الجيد دون أن يؤثر بشكل ملحوظ على الـ LDL أو HDL.
بالإضافة إلى كونها حامية للقلب، وجد أن الأحماض الدهنية أوميغا – 3 مفيدة أيضا لمعظم أعضائنا الأخرى، بما فيها الدماغ، والرئتان، والمعي، والجلد. قد تساعد الأحماض الدهنية أوميغا – 3 أيضا على منع الإصابة بداء الزهايمر. هذا مكمل أتناوله شخصيا وأوصي به بشدة.
هل هناك فرق بين الأصناف (الماركات أو العلامات التجارية) المختلفة لزيوت السمك؟ وفقا لدراسة أجريت في تموز من العام 2003 بواسطة منظمة تقارير المستهلكConsumer Reports، تبين أن جميع الأصناف (العلامات التجارية) الـ 16 العليا من زيت السمك لها نفس النقاوة والنوعية العالية وأنها تحتوي على المقادير الموصوفة من EPA وDHA على لصيقة المحتوى. ولهذا السبب، توصي المنظمة بأن تشتري وفقا لسعر المنتج.
هناك تأثير جانبي ثانوي وحيد لزيت السمك يحدث أحيانا، وهو عبارة عن تجشؤ ومذاق سمكي في الفم لا يستسيغه بعض المرضى. مع ذلك، ظهرت في الأسواق مؤخرا أقراص وكبسولات بتغليف معوي (ينحل في الأمعاء) يعمل على تقليل هذه التأثيرات إلى الحد الأدنى. يؤخر التغليف عملية الامتصاص إلى أن تصل المكملات إلى الأمعاء الدقيقة (إن وضع كبسولات زيت السمك في الثلاجة سيساعد أيضا على منع ذلك المذاق السمكي). وكملاحظة تحذيرية، بإمكان زيت السمك أن يزيد زمن النـزيف، ولهذا يجب على أي شخص يتناول مرققات دم أو لديه مشروع لجراحة اختيارية أن يخبر طبيبه بأنه يتناول مكمل زيت سمك.
سبب آخر للتفكير في تناول مكمل زيت سمك هو القلق بشأن وجود زئبق وغيره من الملوثات في السمك. وفي حين أن علينا جميعا أن نكون محترسين، إلا أن النساء الحوامل والمرضعات يجب أن يكن محترسات بصورة خاصة. هناك احتمال أيضا بأن لا تكون أسماك المزارع محتوية على نفس مستويات أوميغا – 3 كالسمك البري. إذا كنت تتناول مكمل زيت سمك جيدا، فلست بحاجة لأن تقلق بشأن الزئبق أو بشأن الحصول على أقل من المستويات المتوقعة من الأحماض الدهنية أوميغا – 3.
الستيرولات والستانولات النباتية (الدهون النباتية)
من المواد الطبيعية الأخرى ذات الفاعلية المثبتة هناك أملاح الستانول العضوية (إسترات الستانول) وأملاح الستيرول العضوية (إسترات الستيرول). ثبت أن هذه الخلاصات النباتية (المعروفة جماعيا بالدهون النباتيةphytosterols)، تساعد في تخفيض مستوى كوليسترول LDL. يتم بيعها كمكملات غذائية على شكل هلام طري في متاجر الأطعمة الصحية وتضاف إلى أطعمة مثل المارغرين وألواح الشوكولاته وتتبيلات السلطة.
إسترات الستيرول النباتية وإسترات الستانول النباتية هي مشابهة للكوليسترول تركيبيا، ولهذا السبب تعمل على إعاقة امتصاص الكوليسترول في أمعائك الدقيقة. بهذه الطريقة، تعمل الإسترات كالأدوية التي وصفناها على الصفحات السابقة والتي تقلل من امتصاص الكوليسترول وبالتالي تخفض مستويات الكوليسترول في دمك. إنها آمنة جدا وليس لديها تأثيرات جانبية ظاهرة.
فكر قبل أن تبتلع
تأكد من إخبار طبيبك بشأن كل الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها بانتظام، سواء أكانت موصوفة أو غير موصوفة. يمكن للعديد من الأدوية التي هي آمنة تماما لدى تناولها بمفردها أن تتفاعل مع غيرها من العقاقير عندما تؤخذ مجتمعة معها، وهو ما يمكن أن يتسبب بتأثيرات جانبية خطيرة. وهذا الأمر صحيح أيضا بالنسبة للمكملات. بإمكان بعض المكملات أن تزيد من تأثير العقاقير الموصوفة، أو من تأثير بعضها بعضا، وهو ما يمكن أن يزيد أيضا من خطر التأثيرات الجانبية. من الأفضل أن تلزم جانب الحيطة والحذر وتتحقق مع طبيبك بشأن التفاعلات الممكنة للأدوية والمكملات.
في الواقع، إن الستيرولات والستانولات النباتية شملت في تغييرات أسلوب الحياة العلاجية الموصى بها من قبل هيئة الخبراء في برنامج الكوليسترول التعليمي الوطني الأميركي في العام 2002. وقد أكدت دراسة نشرت في العام 2005 في المجلة الأميركية لطب القلب على قيمتها أيضا. خلصت هذه الدراسة إلى ما يلي: إن تناول الجرعة الموصى بها والمقدرة بنحو 2 إلى 2.5 غرام في اليوم من منتجات معززة بإسترات الستانول والستيرول النباتية تخفض مستويات كوليسترول LDL في بلازما الدم بنسبة 10 إلى 14 بالمائة دون أية تأثيرات جانبية. وبالتالي، يمكن اعتبار الستانولات والستيرولات النباتية مكونات غذائية وظيفية مخفضة للكوليسترول والتي هي فعالة وآمنة. كما تمت التوصية بها من قبل الجمعيات البريطانية المشتركة في وثيقتها لعام 2005 عن الوقاية من الاعتلال القلبي الوعائي في الممارسة السريرية.
إذا كانت مستوياتك من كوليسترول LDL مرتفعة قليلا، فإن تناول مكملات الستيرول/الستانول وتناول المنتجات المعززة بإسترات الستيرول/الستانول النباتية كجزء من حمية صحية يمكن أن يكون كافيا لتخفيض مستوياتك من الـ LDL إلى الحد الأمثل. إذا كنت تتناول بالفعل أدوية لتخفيض مستوياتك من كوليسترول LDL، فإن الستيرولات والستانولات قد تعمل على خفضها أكثر.
مكملات الألياف
كما ذكرت سابقا، تستهلك المجتمعات الغربية جزءا ضئيلا فقط من مقدار الألياف الذي يعتبر نموذجيا. وهذا مؤسف لأن الألياف المكتسبة من الطعام أو المكملات يمكن أن تساعد على تخفيض مستوياتك من الكوليسترول. كما أنها تساعد أيضا على إبطاء الهضم الذي يمكنه أن يمنع الارتفاع المفاجئ في سكر الدم. ولهذا السبب، يمكن أن تكون الألياف مهمة جدا لأولئك الذين يعانون من مقدمة داء السكر أو داء السكر والذين هم بحاجة إلى ضبط سكر دمهم. كما أنها أساسية أيضا للوظيفة المعوية الجيدة. إذا تبنيت حمية ساوث بيتش كنظام غذائي لك، كما أوصي في الخطوة 1 من برنامجي للقلب، فستحصل على الكثير من الألياف عن طريق تناول الحبوب الكاملة والفاكهة الكاملة والخضار. ولكن إذا كنت في عجلة من أمرك دوما وقلقا بشأن عدم حصولك بانتظام على ما يكفي من الألياف من غذائك، فإن مكملات الألياف مثل البسيلليوم psyllium، وميثيل السليولوز methylcellulose، والبوليكاربوفيل polycarbophil هي آمنة وفعالة. تأكد فقط من أن تتناولها مع الكثير من الماء.
النتيجة الأخيرة: ليست الأدوية والمكملات رصاصات سحرية. إنها ببساطة جزء من برنامج ساوث بيتش للقلب. وفي حين أنها عناصر نفيسة من استراتيجيتي الوقائية، إلا أنها ليست – ولا يجب أن تكون – بدائل لأسلوب الحياة الصحي. لا أستطيع أن أكرر قول هذا أكثر مما ينبغي: كلما بكرت في تبني أسلوب حياة صحي، كلما كنت أقل احتمالا لأن تحتاج للأدوية لمنع نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
تأليف الدكتور آرثر أغاتستون