المنعكس المعدي المريئي Gastroesophageal Reflux هو رجوع محتويات المعدة بشكل سلبي غير إرادي إلى المريء. وفي كثير من الأحيان إلى الفم ومنه إلى خارج الفم. خروج بعض الحليب من الفم بعد الرضاعة يحدث بشكل طبيعي عند كثير من الأطفال. خاصة عندما تقوم الأم بعملية تجشئة للطفل كي تخرج الهواء من المعدة، والذي دخل إليها أثناء الرضاعة. يمكن أن يكون التقيؤ قوياً وكبيراً بحيث تصبح المعدة فارغة تماماً من الحليب.
معظم الحالات تتحسن الأعراض تدريجياً مع تقدّم الطفل في العمر ومن دون حدوث اختلاطات.
الأسباب:
1– ارتخاء معصرة الجزء السفلي من المريء (المعصرة هي العضلة الدائرية التي تغلق فتحة المعدة من الأعلى).
2– ازدياد الضغط داخل البطن. يمكن أن يكون ذلك لفترة زمنية قصيرة كما في حالات السعال، أو لفترة طويلة كما في حالات أورام البطن الكبيرة.
3– في معظم الحالات يكون سبب المنعكس هو عدم تناسق عمل عضلات المريء مع المعصرة مع تقلصات المعدة، ولعل سبب عدم التناسق هذا هو تأخر نمو الأعصاب التي تغذي هذه العضلات أو ربما تأخر نمو المراكز العصبية المشرفة على هذه الآلية. وهذا يفسر تحسن حالة الطفل مع التقدم في العمر.
يعتبر المنعكس المعدي المريئي ظاهرة طبيعية غير مرضية إلى حد معيّن، خلف هذا الحد وعند ظهور الأعراض الشديدة أو الاختلاطات يعتبر المنعكس ظاهرة مرضية تستدعي العلاج.
الأعراض:
معظم الرضّع الذين يعانون من المنعكس يكونون طبيعيين وصحتهم العامة جيدة. الأعراض تختفي في الشهر الثالث أو فيما بعد، ويتم ذلك بالتدريج.
في الحالات الأكثر شدة تكون الأعراض بعض مما يلي أو كلها:
– ألم، عصبية، بكاء وصراخ يمكن أن يكون مستمراً أو متقطعاً.
– تقيؤ بكميات صغيرة أو كبيرة بشكل متكرر.
– تقيؤ حتى بعد أكثر من ساعة من الرضاعة.
– اضطرابات النمو، يقظة متكررة في الليل.
– تكرار الفواق (الحازوقة).
– إمساك.
– صعوبة في البلع.
في هذه الحالات، قد تستمر الأعراض حتى السنة الرابعة من العمر، ويمكن أن يظهر بعض الاختلاطات نتيجة استمرار المنعكس.
الاختلاطات:
تظهر هذه الاختلاطات فقط عندما يستمر المنعكس الشديد دون علاج مدة طويلة.
1– التهاب المريء: عندما تعود محتويات المعدة الحامضية إلى داخل المريء تسبب تخريشاً والتهاباً في جدرانه. هذا الالتهاب يسبب ألماً وضعفاً في الشهية. في الحالات الشديدة يسبب نزيفاً دموياً من الأجزاء الملتهبة من المريء. النزيف المستمر يمكن أن يؤدي إلى فقر الدم.
2– تأخر في النمو: يعود ذلك إلى نقص الغذاء الداخل إلى الجسم، إما بنتيجة التقيؤ المتكرر أو نتيجة ضعف الشهية بسبب الألم. قد يؤثر ذلك – مع مرور الوقت – على قدرة الرضيع الحركية والمشي.
3– المشاكل التنفسية: ربما تكون هذه من أهم الاختلاطات. إن مواد التقيؤ مكوّنة من طعام مخلوط مع حمض المعدة يدخل الأنف ويعود إلى البلعوم والحنجرة، وربما يدخل إلى القصبة الهوائية. كل هذا يؤدي إلى التهابات متكررة وإصابات جرثومية. كما يؤدي إلى تضيّق في القصبات الهوائية وهو أحد أعراض الربو، أو يؤدي ذلك إلى التهابات في الرئة أو ما يعرف بذات الرئة (Pneumonia).
العلاج:
في كل الحالات يفضّل عرض الطفل على الطبيب، الذي بدوره يقيّم حالة الطفل ويقرّر حسب شدة الأعراض طريقة العلاج.
بشكل عام خطة العلاج تكون كالتالي:
1 – نصائح عامة:
– ينصح بإعطاء وجبات صغيرة متكررة بدل إعطاء وجبات كبيرة في أوقات متباعدة.
– إجراء التجشؤ في نهاية الرضعة، حتى يخرج الطفل الهواء الذي ابتلعه أثناء الرضاعة. إذا كان الطفل من النوع الذي يبتلع الكثير من الهواء أثناء الرضاعة، يمكن إجراء التجشؤ في منتصف الرضاعة وإجراؤه مرة ثانية في نهايتها.
– عدم اللعب مع الطفل بعد الرضاعة مباشرة أو هزّه أو تحريكه كثيراً. يفضّل وضعه في السرير على الأقل مدة نصف ساعة بعد الرضاعة.
– يفضّل أن يكون سرير الطفل مائلاً بعض الشيء بحيث يكون طرف الرأس أعلى قليلاً من القدمين. لا ننصح باستخدام المخدة للأطفال أقل من سنة، لأن الرقبة تكون قصيرة، وفي هذه الحالة تعيق المخدة تنفّس الطفل، وقد تسبّب اختناقه.
2 – إعطاء الحليب الخاص بالترجيع (مضاد الترجيع Anti Regurgitation AR):
توجد في الأسواق أنواع مختلفة من الحليب لشركات مختلفة ويفضل إعطاء هذا الحليب تحت إشراف الطبيب.
يتميز هذا الحليب بوجود مادة سميكة غير قابلة للهضم. هذه المادة تمنع الحليب لثقلها من الصعود والعودة من المعدة إلى المريء، كما أنها تحرض على تفريغ المعدة بسرعة ودخول الطعام إلى الأمعاء.
في كثير من الحالات يخف المنعكس بواسطة هذا الحليب الذي يحتوي كامل المواد الغذائية ويمكن إعطاؤه أشهرا طويلة دون أي آثار جانبية.
العلاج الدوائي:
في حال استمرار التقيؤ بشدة رغم الخطوات السابقة وعدم زيادة وزن الطفل، أو ظهور أعراض تنفسية كالسعال المتكرر وتضيّق القصبات الهوائية. في هذه الحالة يصف الطبيب أدوية تساعد الطفل على التغلب على هذه المشكلة. والأدوية نوعان:
– أدوية تحرّض المعدة على تفريغ محتوياتها بسرعة في اتجاه الأمعاء.
– أدوية تقلل من حموضة المعدة.
قد يستغرق إعطاء الأدوية شهراً أو أكثر حسب تحسّن الحالة. كل ذلك يتم تحت إشراف الطبيب.
في حال فشل العلاج الدوائي واستمرار الأعراض، تصبح العملية الجراحية هي الحل الأخير.