التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

النحافة لدى الأطفال وفقدان الشهية العصابي والنهام العصابي

النحافة لدى الأطفال (موضوع طبي #1)

هناك أسباب متعددة للنحافة لدى الأطفال، فهي تكون صفة وراثية لدى بعض الأطفال إذ تنتشر بين أفراد عائلة الأب أو الأم أو كليهما، ومنذ أن كان هؤلاء الأطفال لا يزالون رضعا كان آباؤهم وأمهاتهم يعرضون عليهم الكثير ليأكلوه وهم لا يعانون من بنية مريضة ولا يتصرفون بعصبية، كل ما في الأمر أنهم لا يرغبون مطلقا في تناول كميات كبيرة من الأطعمة وخاصة الأطعمة الدسمة.

والبعض الآخر من الأطفال يعانون من النحافة لأنهم فقدوا شهيتهم للطعام بسبب ضغط الآباء والأمهات عليهم. وهناك أطفال لا يستطيعون أن يتناولوا الطعام نتيجة لأسباب تجعلهم يشعرون بالتوتر والعصبية، فالأطفال الذين يخشون الوحوش أو الموت أو يخافون من أن يرحل أحد الأبوين ويبتعدون عنه يفقدون شهيتهم بشكل كبير، ناهيك عن أن الخلافات التي تنطوي على مشاعر الغضب أو العراك البدني بين الأبوين قد تفقد الأطفال شهيتهم، إن الأخت الصغرى التي تشعر بالغيرة وتدفع نفسها طوال اليوم لكي تكون على نفس مستوى أخواتها الأكبر سنا تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة من ناحية ومن ناحية أخرى تفتقر إلى الشعور بالسلام أثناء تناول الطعام، ويمكننا أن نستنتج من ذلك أن الطفل الذي يشعر بالتوتر يصاب بالنحافة لسببين، الأول أن شهيته تظل منخفضة، والثاني هو أن شعوره بالانزعاج وعدم الراحة يستهلك كمية إضافية من الطاقة.

الجوع

يعاني عدد كبير من الأطفال حول العالم من سوء التعذية لأن آباءهم يعجزون عن تقديم طعام ملائم لهم، وحتى في دولة غنية مثل الولايات المتحدة هناك عدد كبير من الأطفال قد يصل إلى طفل من بين كل أربعة أطفال تمر عليهم أوقات لا يجدون فيها ما يكفيهم من طعام، وعدم تأمين ما يكفي للطفل من غذاء لا يؤثر فقط على نموه ولكن يكون له تأثير بالغ أيضا على قدرته على التحصيل الدراسي، فالجوع يعد بحق فضيحة قومية، قد يصاب الأطفال الذين يعانون من الجوع بالبدانة إذا كانت أسرهم تستطيع فقط أن تقدم لهم الأطعمة النشوية منخفضة التكلفة التي تحتوي على نسب كبيرة من السعرات الحرارية ولكن لا تقدم لهم ما يكفي من مواد غذائية مهمة، ومع أن العديد من الأسر في الولايات المتحدة لا يزالون يعانون من مشكلتي البطالة والرهن العقاري، فأحد الجوانب الإيجابية لهاتين المشكلتين هو أنهما قد أزالتا جزءا كبيرا من الشعور بالخزي والخجل الذي يصاحب الحاجة إلى طلب المساعدة، ففي ظل الظروف الاقتصادية الحالية هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يعملون بجد ويحققون نوعا من الاكتفاء الذاتي يحتاجون إلى المساعدة.

المرض

يتحقق الطبيب من معدل نمو الطفل في كل زيارة من زيارات المتابعة، وإذا وجد أن الطفل لا يزيد وزنه بصورة كافية بشكل منتظم يتحقق من إصابته بأي أمراض مزمنة قد تكون سببا في ذلك، الأطفال الذين يفقدون قدرا كبيرا من الوزن خلال إحدى نوبات المرض الحادة يعودون سريعا إلى وزنهم الطبيعي إذا لم يضغط عليهم آباؤهم لكي يأكلوا بصورة طبيعية خلال فترة النقاهة قبل أن يستعيدوا شهيتهم مرة أخرى.

يعد فقدان الوزن بصورة ملحوظة أمرا خطيرا، فإذا فقد الطفل فجأة أو بمعدل بطيء كمية كبيرة من الوزن يجب أن يعرض على الطبيب فورا، ويعد مرض السكر هو أكثر الأسباب الشائعة لفقدان الوزن (كما يتسبب أيضا في الشعور المفرط بالجوع والعطش والتبول كثيرا)، وهناك أسباب أخرى أيضا تتمثل في القلق بشأن الخلافات الأسرية والإصابة بالأورام وهوس الفتيات في سن المراهقة باحتياجهن لفقدان الوزن.

العناية بالطفل النحيف

إذا حدثت خلافات مع طفلك حول أسلوب تناوله للطعام حاول أن تستعيد هدوءك وتخفف الضغط الواقع على طفلك وعليك أنت أيضا.

تناول الطعام بين الوجبات قد يكون مفيدا بالنسبة للأطفال الذين يعانون من النحافة والذين لا يتمكنون من تناول كمية كبيرة من الطعام في مرة واحدة ولكن يكونون على استعداد لتناول الطعام على مرات متعددة خلال اليوم، ولكن ليس من المفيد أن نظل نقدم للأطفال وجبات خفيفة بصورة منتظمة طوال الوقت؛ لأن ذلك قد يتسبب في تعويدهم على عادات غذائية سيئة، ولكن يمكننا أن نقدم لهم وجبة خفيفة مغذية بعد الإفطار وواحدة بعد الغداء وأخرى عندما يحين موعد النوم، قد يميل الأبوان إلى تقديم الأطعمة السريعة المحتوية على سعرات عالية وكمية قليلة من المواد الغذائية الهامة إلى طفلهما النحيف كوجبة خفيفة كنوع من المكافأة أو لمجرد أن يشعروا بالارتياح لأنه يأكل أي شيء، ولكن من الأفضل أن نقدم لأطفالنا أطعمة ذات قيمة غذائية عالية ولا تحتوي فقط على سعرات حرارية.

قد يظل الطفل نحيفا مع كونه يتمتع بصحة جيدة وشهية مفتوحة، وفي كثير من هذه الحالات يفضل الطفل نسبيا الأطعمة منخفضة السعرات مثل الخضراوات والفواكه ولا يميل إلى الحلويات الدسمة، إذا لم يبدو على طفلك أنه يعاني من مشكلة ما وكان نحيفا منذ طفولته المبكرة ولكن ظل يكتسب كمية معقولة من الوزن، فلا تقلق فهذه هي طبيعة بنيته.


وقاية الطفل من الرغبة الشديدة في النحافة أو تناول الطعام ثم التقيؤ | فقدان الشهية والنهام (موضوع طبي #2)

طفل نحيف

يوجد مرضان شديدان يبرز فيهما السلوك الخاطئ في تناول الطعام بوضوح هما: الرغبة الشديدة في النحافة والرغبة في تناول الطعام والتقيؤ. المصطلحان الاختصاصيان لهذين المرضين هما: “فقدان الشهية” و “النُّهام”. لا يتطور هذان المرضان في سني الحياة الأولى إنما في مرحلة البلوغ والشباب. إذا كنت أماً لأبناء فقط، فلا تقلقي، لأن ما يزيد عن تسعين بالمائة من المصابين هم من الفتيات أو السيدات.

فقدان الشهية

فقدان الشهية مرض صعب و يهدد الحياة أحيانا. خمسة بالألف من الفتيات والنساء مصابات به. حين يبدأ المرض تكون الفتاة بعمر ثمانية عشر عاماً. وفي بعض الحالات النادرة جداً تكون الفتاة بعمر اثني عشر عاماً. تأكل المريضة كمية قليلة جداً من الطعام وغالباً ما يأتي بعد ذلك تقيؤ مقصود ونشاط جسدي مبالغ فيه وسوء استخدام للأدوية كالمواد المسهلة ومثبطات الشهية وحبوب التخلص من الماء في الجسم. وتصاب الفتاة بالنحول. وتغيب الدورة الشهرية. ويلحق الأذى في الحالات المتطرفة بالأعضاء الداخلية في الجسم. وتصبح المعالجة في المستشفى ضرورية وإضافة إلى ذلك تصبح المعالجة النفسية ضرورية جداً. وللأسف لا يشفى جميع المرضى بل يبقى المرض موجوداً لدى ربعهم ويموت عشرة بالمائة منهم.

المظهر الخارجي للمرض هو السلوك غير السليم في تناول الطعام المصحوب بفقدان كبير للوزن. ويفقد المريض فيما يتعلق بموضوع التغذية الاتصال مع الواقع ويحس بنفسه بطريقة مرضية وغير واقعية سميناً في الوقت الذي يتملكه خوف مرضي وغير واقعي من السمنة. ويفقد الصوت الداخلي الذي ينظم تناول الطعام حسب الحاجة بشكل كامل.

تتعلق المريضة وكأنها مرغمة على ذلك بمقاييس خارجية. لم يتم حتى الآن بحث أسباب الرغبة في النحافة بشكل كاف. ولكن المشاكل في الأسرة تلعب دورها في كثير من الأحيان. ولا يجوز أن نغفل أهمية الخبرات الغذائية في مرحلة الطفولة، فالطفل الذي استطاع أن يضغط على أهله وأن يسير الأمور كما يريد عن طريق رفضه للطعام، سوف يجرب الطريقة نفسها في سن البلوغ. والطفل الذي لم يسمح له أن يأكل حسب الصوت الداخلي لديه، لن يصغي بعد ذلك لهذا الصوت وسيصبح معرضاً للخطر.

النُّهام

“الرغبة في التهام الطعام ثم التقيؤ” أو ما يسمى بالنهام ليس مرضاً خطيراً بدرجة خطورة مرض الرغبة في النحافة. لا تنحف المصابات بهذا المرض كثيراً، وتتمتع معظمهن بوزن طبيعي. ولهذا الوضع سببه. تظهر بشكل منتظم هجمات التهام الطعام التي لا يمكن السيطرة عليها، وخلال هذه الهجمات تلتهم النساء الشابات كميات كبيرة من المواد الغذائية. وكيلا تصاب الواحدة منهن بالسمنة تذهب إلى الحمام وتتقيأ كل ما أكلته. وفيما بين الهجمة والأخرى من هجمات التهام الطعام تحاول المريضة أن تحدد كمية الطعام الذي تتناوله بالحمية أو بالصيام عن الطعام إلى أن يتراكم لديها الإحساس بالجوع الشديد الذي يتسبب بهجمة التهام الطعام التالية. وتتناول مريضات كثيرات عقاقير مسهلة أو مسببة للنحافة. وتستطيع بعض المريضات إخفاء مرضهن فترة طويلة. وطبيب الأسنان هو أول من يلاحظ هذا المرض، لأن الأسنان تتخرب. ويؤثر التقيؤ المستمر على أجهزة الجسم كلها. فالمريضة لا تخسر الغذاء الذي أكلته فقط بل تخسر عصارة المعدة التي تحتوي على مواد أساسية ضرورية للجسم كما تخسر الشوارد والأملاح والسوائل.

يلعب التفكير المضطرب دوره في مرض النُّهام. وتبالغ المريضة بالاهتمام بهيئتها الخارجية وتربط تقدير الذات لديها بهذا الأمر فقط تقريباً.

ما أسباب مرض النهام؟ أسبابه متنوعة. لكن هناك سبب واحد أكيد. حيث تظهر هجمات التهام الطعام غالباً بعد حمية طويلة الأمد. تحديد الطعام وإغفال الاحتياجات الذاتية يدعم ظهور النهام. إضافة إلى ذلك ثبت أن لتناول الطعام لدى مريضة النهام وظيفة غير مناسبة وهي صرف التفكير عن أمر ما والاسترخاء والمكافأة. ولا مكان لديها يذكر لدور تناول الطعام من أجل تنظيم احتياجات الجسم.

صحيح أنه لا يوجد ضمان لمنع ظهور اضطراب غذائي لدى طفلك باتباعك قواعد التغذية السليمة ولكنك تسهمين على الأقل إسهاماً مهماً في وقايته من النهام.


فقدان الشهية العصابي والنهام العصابي لدى الأطفال (موضوع طبي #3)

فقدان الشهية العصابي والنهام العصابي لدى الأطفال

في الوقت الذي يزداد فيه عدد الأطفال الذين يعانون من البدانة يشعر الكثير من الفتيات برغبة حادة في أن يصبحن نحيفات بصورة غير طبيعية والفتيان في أن تزداد كتلهم العضلية بصورة غير طبيعية أيضا، فمنذ بلوغهن سن العاشرة أو الحادية عشرة ترى معظم الفتيات أنهن يحتجن إلى اتباع نظام غذائي لفقدان الوزن، وتعد اضطرابات الأكل، وتتضمن فقدان الشهية العصابي (النهم العصابي) والنهام العصابي، من الأشياء الخطيرة التي تستدعي الاهتمام والقلق.

السمة الرئيسية لمرض فقدان الشهية العصابي هو أن المصابين به يفرضون على أنفسهم اتباع حمية غذائية ينتج عنها فقدان كمية ضخمة من الوزن بينما في حالات النهام ينخرط المريض في تناول الطعام دون أي حدود، ثم بعدها يثير رغبته في القيء (القيء المتعمد) أو يسرف في تناول الملينات أو يتبع أي إجراء آخر مبالغ فيه حتى يقوض زيادة الوزن التي يمكن أن تحدث له جراء تناول هذا الطعام، يؤثر هذان النوعان من الاضطرابات على نسبة تتراوح ما بين %2 و%9 من الإناث في فترات المراهقة وأولى سنوات البلوغ (ولكن الأرقام الدقيقة لأعداد المصابين يصعب معرفتها؛ لأن المصابين باضطرابات الأكل غالبا ما يخفون حقيقة مرضهم عن الآخرين). وقد يكون هناك شخص واحد من بين كل عشرة مصابين بهذه النوعية من الاضطرابات ذكرا.

لم يتوصل العلماء بعد إلى سبب إصابة بعض الأشخاص بهذه الاضطرابات، ولكن في الأغلب تتضمن أسباب الإصابة كونهم عرضة بالوراثة لتلك الاضطرابات والتجارب التي عاشها هؤلاء الأشخاص أثناء الطفولة وانخراطهم في ثقافتنا التي تدعم الهوس بشكل الجسم ومميزاته.

إدمان الجسد النحيف

إحدى الزوايا التي يمكن أن ننظر من خلالها إلى اضطرابات الأكل هي أن نعدها أحد أنواع الإدمان، ليس إدمان لدواء أو مادة كيميائية معينة ولكن إدمان الحمية الغذائية أو الإسراف في تناول الطعام، في بدايتها قد تبدو اضطرابات الأكل شيئا إيجابيا إذ ينتج عنها فقدان الوزن واكتساب قوام جميل الشكل ولكن بعد ذلك تسيطر على الشخص فكرة الإدمان، فمثلما يفكر المدمن على المواد الكحولية طوال الوقت كيف يحصل على كأس آخر من الشراب يفكر الشخص المصاب بفقدان الشهية العصابي في الكيفية التي سيخسر بها المزيد من الجرامات من وزنه، أما المصاب بالنهام فيحاول دائما أن يخرج من تلك الحلقة المفرغة التي تتضمن الإسراف في تناول الطعام ثم الإسراف في تطهير الجسم منه ثم الإسراف من جديد في تناول كميات ضخمة من الأكل وهكذا دواليك.

والشخص المصاب بأحد اضطرابات الأكل لا يمكنه ببساطة أن يوقف هذا الاضطراب مثلما يعجز المدمن عن التوقف عن تناول المادة التي يدمنها من تلقاء نفسه، وبينما تقول بعض النساء إنهن نجحن في التغلب على اضطرابات الأكل من دون مساعدة يحتاج أغلب المصابين إلى تلقي العلاج من المختصين، وغالبا ما يكون ذلك عن طريق فريق من الأطباء والأطباء النفسيين وأخصائيي التغذية وغيرهم، ونادرا ما يكون التغلب على تلك الاضطرابات سريعا أو سهلا، ولكن «بإمكان» المصابين التغلب عليها.

التغيرات النفسية

لا يتضمن فقدان الشهية العصابي فقط اتباع حمية غذائية لفترات أطول من اللازم، فالفتاة أو السيدة المصابة بهذا الاضطراب تعتقد أن وزنها زائد عن الحد مع أن من يشاهدها يستطيع أن يميز بوضوح كونها نحيفة أكثر من اللازم، وكل ما تفكر به هو خوفها الكبير من أن تكتسب وزنا زائدا، فأن تصبح امرأة بدينة هو أسوأ مصير يمكن أن تتخيله، ولا يكون هناك شيء في حياتها أهم من هذا الأمر، هذا الاضطراب يعني طبيا «فقدان الشهية»، ولكن العديد من المصابين به دائما ما يدخلون في معارك ضارية ضد الشعور بالجوع، ويصيبهم الهوس بالطعام فيبدعون في طهي وجبات هم لا يأكلونها، وبعضهم يفرض على نفسه ممارسة التمرينات الرياضية مرتين أو ثلاثة في اليوم.

قد يبدو الأشخاص المصابون بفقدان الشهية العصابي للآخرين أشخاصا ناجحين، فقد يكونون مثلا من الطلاب الذين يحصلون على تقديرات عالية، ولكنهم يشعرون بداخلهم بعدم الرضا عن أنفسهم، فهم غالبا ما يميلون إلى الشعور بأنهم لا يستطيعون التحكم في معظم جوانب حياتهم، ولكن فقدان الوزن هو الشيء الذي يمكنهم التحكم فيه، وربما ينعزلون عن أصدقائهم وأفراد أسرتهم الذين يرون فيهم بوضوح ذلك السلوك المدمر للذات ولكن يفشلون في إقناعهم بالإقلاع عنه.

التغيرات البدنية

في حالات الإصابة بفقدان الشهية العصابي يؤدي فقدان دهون الجسم بنسبة زائدة أكثر من اللازم إلى تقليل معدل إفراز الهرمونات، فتتوقف الدورة الشهرية لدى الإناث أو لا تحدث من الأساس عند سن البلوغ (أما بالنسبة للذكور المصابين بهذا الاضطراب فيعانون من معدلات غير طبيعية للهرمونات الجنسية). ومع تفاقم معدل سوء التغذية لدى هؤلاء الأشخاص تضعف العظام وتفقد ما بها من كالسيوم، كما تتعرض الأعضاء المختلفة بالجسم للتلف بما في ذلك عضلة القلب وغيرها من العضلات، ويفقد شخص من بين كل عشرة أشخاص حياته جراء الإصابة بهذا المرض، أما في حالات النهام فتتلف الأسنان نتيجة القيء المتكرر وتتغير الصفات الكيميائية للدم.

العلاج

يعد فقدان الشهية العصابي مرضا معقدا له جوانب بدنية ونفسية وغذائية، ولذا أفضل طريقة لعلاجه هي تلقي ذلك العلاج من قبل فرق تتضمن أخصائيين نفسيين وأطباء نفسيين ومعالجين أسريين وأخصائيين في التغذية، وتأتي زيادة الوزن على رأس أولويات فريق العلاج، فالأشخاص الذين يعانون من نقص شديد في الوزن عن المعدل الطبيعي يحتاجون لأن يودعوا بالمستشفى للتأكد من زيادة وزنهم بصورة آمنة، أما العلاج النفسي فيساعد المريض على تغيير الطريقة التي ينظر بها إلى شكل جسمه وتغيير مفهومه عن الجاذبية والنجاح، فهو يحتاج لأن يتعلم كيف يعبر عن مشاعره بطرق غير مدمرة، أما الأدوية فيمكن أن تساعد في علاج الاكتئاب والمشاكل النفسية الأخرى التي تصاحب هذه النوعية من الاضطرابات.

الوقاية من الإصابة باضطرابات الأكل

إذا كان طفلك واحدا من هؤلاء الأطفال الذين لديهم بعض الوزن الزائد؛ تحدث معه عن الحياة بشكل صحي بدلا من أن تحدثه عن إنقاص الوزن، واجعل من الاعتدال في تناول الطعام وممارسة التمرينات الرياضية قضية تخص كل الأسرة، فالضغط على الطفل لكي يفقد كمية من الوزن غالبا ما يأتي بنتائج عكسية ويتحول الطفل إلى تناول كميات زائدة من الطعام، ولكن لدى بعض الأطفال الذين يكون لديهم رغبة في إرضاء الآخرين يمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى الإصابة بأحد أنواع الاضطرابات الخاصة بالطعام.

عليك أن تحترم طبيعة تكوين جسم طفلك، فإذا كان طفلك ذا بنية متوسطة أخبره بأنك تراه مثاليا، أما إذا كان أفراد عائلتك يمتازون بقوامهم الذي يميل أكثر إلى الامتلاء فلن تحقق محاولات تغيير شكل قوام طفلك سوى القليل، فنحن كآباء وأمهات نعي الفكرة التي يروج لها في كل مكان في ثقافتنا وهي أن النحافة هي مقياس الجمال، ولكن علينا أن نحتفظ بآرائنا تلك لأنفسنا.

لا تمازح طفلك أبدا لكونه ممتلئا أو قصيرا وبدينا، فأنا أعرف بالطبع أنك لا تقصد الإساءة، ولكن الأطفال يمكن أن يتعاملوا بحساسية شديدة مع هذا النوع من المزاح وتتكون لديهم فكرة بأنهم بحاجة حقيقية لاتباع حمية غذائية. وبالمثل إذا كان طفلك يمتلك جسما نحيفا لا تعد على مسامعه في كل مرة أن النحافة شيء رائع، فبطبيعة الحال يكون الأطفال النحفاء عرضة أكثر للإصابة بفقدان الشهية العصابي؛ لأن أجسامهم تحرق السعرات الحرارية بطريقة أسهل، وإذا تلقوا الكثير من المدح والاستحسان لكونهم نحفاء فسيتعرضون لإغراء قوي للتمسك بالنحافة كهدف من أهدافهم.

ناقش أطفالك حول الطريقة التي يعظم بها التليفزيون والأفلام السينمائية والإعلانات الورقية من شأن النحافة ويفخمونها، فبإمكانك أن تعلق وأنت تشاهد التليفزيون مع أطفالك على إحدى الممثلات النحيفات تعليقا مثل هذا: «انظروا إلى هذه الممثلة إنها نحيفة للغاية! ولكن معظم الأشخاص الأصحاء في الحقيقة ليسوا نحفاء هكذا»، فأنت من تقرر التصدي لمحاولات الشركات الكبرى لبيع منتجاتهم من خلال الترويج لفكرة معينة عن الجمال تركز على النحافة، فحتى المواد الكرتونية الموجهة للأطفال تميل إلى تمجيد شكل معين للجسم (إذا تمتلك النساء في تلك الأفلام خصرا رفيعا وثديين ممتلئين، أما الرجال فيمتلكون أكتافا ضخمة وصدرا عريضا وخصرا رفيعا للغاية)، ويعي الأطفال هذا الشكل بوصفه المثل الأعلى للجمال ويعد هذا سببا جيدا آخر لتحديد فترات مشاهدة الأطفال الصغار للتليفزيون أو منعه بصورة نهائية.

انتبه إلى التلميحات التي تدل على أن طفلك يهتم كثيرا بفكرة الوزن، فإذا بدت طفلتك مفتونة للغاية بعارضات الأزياء أو النحيفات من المشاهير حاول أن تشجع وجود اهتمامات أخرى لديها مثل الفن والموسيقى، وإذا بدأت تتحدث عن الحمية الغذائية حول مسار الحديث إن استطعت إلى العيش بأسلوب صحي بدلا من فقدان الوزن من أجل أن تصبح نحيفة، فحتى بالنسبة للأطفال الممتلئين نادرا ما تكون الحمية الغذائية هي الحل الأفضل لمشكلتهم ولكن الطعام الصحي وممارسة النشاط البدني هما أفضل طريق يمكن اتباعه.

عليك أن تنتبه بشكل خاص إذا كان طفلك يلعب الباليه أو إحدى الرياضات المماثلة الأخرى مثل الجمباز أو المصارعة؛ لأن تلك الرياضات تهتم كثيرا بوضع حدود معينة للوزن، وبالنسبة للأطفال والمراهقين يجب أن يأتي التأكد من اتباعهم أسلوب حياة صحي على رأس أولويات الأشخاص المعنيين بتمرينهم على هذه الرياضات ولا يجب أن يقترحوا عليهم اتباع حميات غذائية من شأنها أن تنقص الوزن، ويجب أن يتعاونوا مع الآباء والأمهات للكشف عن أية علامات تدل على أن هؤلاء الأطفال يتبعون أنظمة غذائية غير صحية.

غالبا ما ينشد الأطفال الذين يصابون باضطرابات الأكل الكمال، فقد يكونون أكثر نجاحا من أقرانهم في الدراسة، ولكن لا يشعرون بنفس مقدار السعادة مثلهم، بالنسبة لهذه النوعية من الأطفال يجب أن يحاول الأبوان أن يقللا من ممارسة الضغط عليهم لكي ينجحوا، ويجب توجيههم إلى الرياضات الجماعية؛ لأن مثل هذه النشاطات تخفف من حدة الضغط الذي يتعرض له الطفل، وإذا كان طفلك يتمرن على الرقص أو الموسيقى ابحث عن معلمٍ يبني بداخله التعبير عن نفسه بطريقة ممتعة ولا يركز فقط على اكتساب الطفل الطريقة المثلى للرقص أو العزف، إن التقديرات المرتفعة التي يحصل عليها طفلك شيء مهم يستحق أن يحظى بتقديرك ولكن من المهم أيضا أن تساعده بشكل واضح على أن يكتشف في نفسه جوانب أخرى، مثل منطقه السليم في الحكم على الأمور، وشعوره بالولاء تجاه أصدقائه، وذلك حتى يتعلم أن حصوله على تقديرات مرتفعة ليس هو أهم جوانب شخصيته.

راقب سلوكك الشخصي، فإذا كنت تتبع حمية غذائية باستمرار فأنت بذلك تعلم طفلك أن الوزن شيء يجب أن نحاربه ونتحكم به، وإذا كنت حقا تحتاج لأن تخسر بعضا من وزنك فربما يكون أفضل شيء تقوم به هو أن تدرج نظامك الغذائي ضمن خطة شاملة لاتباع أسلوب حياة صحي، بدلا من أن يكون هذا النظام الغذائي هو مجرد وسيلة للحصول على شكل جيد، فالتركيز على الصحة الجيدة سيوصل رسالة أفضل لطفلك وسيكون في الغالب أكثر فاعلية بالنسبة لك على المدى الطويل أيضا.