أنا حامل في الشهر الرابع. في الأسبوع الماضي، تركت المنزل دون أن آخذ هاتفي المحمول. وفي هذا الصباح نسيت تمامًا أن لدي موعدًا مهمًّا. لا أستطيع التركيز على أي شيء، وبدأت في الاعتقاد أنني أفقد عقلي.
لقد صار النسيان رفيقك في الآونة الأخيرة؛ حيث تبدأ الحامل في الشعور بأنها كلما اكتسبت كيلوجرامًا جديدًا فقدت خلية مخ جديدة. وحتى النساء اللاتي يسيطرن في العادة على مجريات الأمور، ويظللن مركزات ومنظمات في مواجهة الأزمات، ويتكيفن مع تقلبات الحياة (بل ويتغلبن عليها)، سرعان ما يجدن أنفسهن ينسين المواعيد ويفوتن الاجتماعات وتنقطع أحبال أفكارهن (فيفقدن أعصابهن … ومحافظهن وهواتفهن الجوالة أيضًا). وهذا النسيان المصاحب للحمل ليس خيالًا، بل حقيقة، وسببه ما يحدث في المخ؛ فقد اكتشف الباحثون أن خلايا المخ تتناقص في الواقع خلال فترة الحمل.
ولأسباب لم تشرح بعد، تكون الأم الحامل في أنثى أكثر عرضة للنسيان من الحامل في ذكر. ولكن لحسن الحظ فإن هذا العارض المصاحب للحمل والذي يشعرك كأن رأسك مليء بالضباب (أشبه بما يحدث في متلازمة ما قبل الحيض ولكن بدرجة أشد) هو عارض مؤقت؛ فالأمور في المخ ستسير على ما يرام في غضون أشهر قليلة بعد الولادة.
أسباب النسيان
مثل معظم أعراض الحمل فإن النسيان المصاحب للحمل (المعروف باسم ” نسيان الحوامل”) يحدث بسبب الهرمونات. كما أن الأرق قد يكون له دور في ذلك (فكلما نمت لساعات أقل، انخفضت قدرتك على التذكر) وكذلك قلة نشاطك باستمرار بينما يحتاج مخك للطاقة كي يبقي على تركيزه. ومن الأمور الأخرى التي تساهم في هذه الحالة المشوشة الحمل الزائد على المخ بسبب تفكير الأم الحامل بشأن وضعها باستمرار.
والتوتر بسبب هذه الحالة الضبابية سيزيد منها وحسب (فالقلق يضاعف من النسيان). أما الاعتراف بهذا الأمر الطبيعي (غير المتخيل) وتقبله بحس من الدعابة فقد يخفف منه قليلًا، أو على الأقل يجعلك تشعرين بشعور أفضل نحوه.
التعامل مع حالة النسيان
لنتقبل الأمر الواقع، فمن غير المحتمل أنك ستظلين على القدر نفسه من الكفاءة التي كنت عليها قبل الحمل. ويساعدك الاحتفاظ بقوائم مرجعية على هاتف الذكي (بالإضافة إلى رسائل التذكير) على احتواء هذه الأزمة – هذا إن استطعت تذكر أين وضعت هاتفك في المقام الأول. اضبطي أجهزة التذكير الإلكترونية بحيث تتمكنين من تذكر المواعيد والتواريخ المهمة. كما أن وضع ملصقات التذكير بذكاء في الأماكن الحيوية (على باب المنزل لتتذكري أن تأخذي مفاتيحك قبل الخروج مثلا) سيساعدك على التذكر.
عليك تجنب تناول الأعشاب التي تساعد على تعزيز الذاكرة فلا يعتبر تناولها آمنًا في أثناء الحمل وخلال رحلتك في الكفاح ضد النسيان المصاحب للحمل. ولكنك قد تجدين نفسك أكثر تركيزًا مع تناول البروتينات والكربوهيدرات المعقدة بانتظام، في صورة وجبات صغيرة مشبعة؛ فانخفاض مستوى السكر في الدم بسبب وجود فترات طويلة ما بين الوجبات (مع تناول الطعام الصحي) سيساهم في تخفيف حدة هذا النسيان.
وقد يتعين عليك كذلك التعود على انخفاض مستوى كفاءتك قليلًا خلال هذه الفترة. قد تستمر الحال كما هي بعد ولادة الطفل (بسبب الإرهاق لا الهرمونات هذه المرة) وقد لا يزول تمامًا حتى يبدأ الطفل (وأنت معه) في النوم طوال الليل.