سوف يخبرك طبيب طفلك بالنظام الغذائي الواجب اتباعه في كل من الأمراض التي قد يصاب بها الطفل، مع أخذ طبيعة المرض وحس التذوق عند الطفل في الاعتبار. وفيما يلي نقدم لك بعض المبادئ العامة لإرشادك إلى أن تحصلي على المساعدة الطبية:
نزلات البرد دون حرارة مرتفعة
ربما يفقد الأطفال شهيتهم بعض الشيء عند الإصابة بنزلة برد خفيفة؛ ويرجع ذلك إلى حبسهم داخل المنزل، أو لأنهم لا يتحركون كثيرا كالمعتاد، أو لأنهم يشعرون بعدم الارتياح والتعب قليلا، أو لأنهم يبتلعون المخاط؛ ولذا، لا تدفعي طفلك إلى تناول كميات من الطعام أكبر مما يشتهيها، فإن كان يأكل كميات أقل من المعتاد فإنه من المفيد أن تقدمي له سوائل أكثر بين الوجبات، فلا يوجد ضرر أبدا في السماح للأطفال بشرب السوائل التي يحبون شربها، ولكن لا فائدة–بالطبع- في احتساء كميات كبيرة بإفراط؛ ولذا من الأفضل أن تكون الكميات في الحدود المعقولة. واعلمي أن هناك دليلا علميا على أن حساء الدجاج -الذي يعد علاجا تقليديا في ثقافات كثيرة- يساعد على التغلب على أعراض نزلة البرد، والطريقة الأفضل عند احتسائه هي الحصول على كميات صغيرة على مدار اليوم بصورة متكررة.
الحرارة المرتفعة
عندما تزيد درجة حرارة الأطفال على 38.8 درجة مئوية في أثناء الإصابة بنزلة برد أو الإنفلونزا أو التهاب الحلق أو أي مرض معد آخر؛ فإنهم يفقدون شهيتهم في المعتاد في بداية المرض، خاصة عن الأطعمة الصلبة؛ ولذا، لا تقدمي لهم أطعمة صلبة في اليوم الأول أو الثاني من ارتفاع درجة حرارتهم على الإطلاق، إن لم تعتقدي أنهم يشعرون بالجوع. ومع ذلك، عليك تقديم الكثير من السوائل بصورة متكررة في فترات استيقاظهم. ومن أفضل السوائل التي ينبغي إعدادها أثناء ارتفاع درجة الحرارة: عصير البرتقال والأناناس، إلى جانب الماء. فعلى الرغم من أن الماء لا يحتوي على عناصر غذائية، فإنه أكثر السوائل تفضيلا عند الطفل المريض؛ ربما لهذا السبب. ويعتمد اختيار السوائل الأخرى على مذاقها عند الطفل وعلى نوعية المرض المصاب به.
يحب بعض الأطفال عصير الجريب فروت، والليمون، والكمثرى، والعنب، والشاي الخفيف، كما تعد المصاصة المثلجة مصدرا مفيدا للحصول على السوائل، أما الأطفال الأكبر سنا فإنهم يحبون المشروبات الغازية، مثل شراب الزنجبيل الفوار، والصودا بنكهة الفاكهة، ولكن إذا كان طفلك مصابا بعدوى تسبب إصابته بالقرح في فمه، فربما لا يرغب في احتساء السوائل المحتوية على ليمون؛ لأنها حمضية، وقد تتسبب في لسع فمه. وفي الغالب، تشتمل مشروبات الكولا على كافيين؛ ولذا من المفضل تجنبها تماما. بالإضافة إلى ذلك، ربما تتسبب منتجات الألبان في زيادة المشكلات المرتبطة بالمخاط، وفي زيادة شعوره بالتعب وعدم الارتياح إن كان مصابا بمشاكل في الجهاز التنفسي العلوي. على الجانب الآخر، إن كان اللبن هو كل ما يريده طفلك؛ فلا تترددي وقدمي إليه ما يشتهيه.
القاعدة الأهم من كل ذلك هي ضرورة عدم الضغط على طفل مريض حتى يأكل أي شيء لا يريده، ما لم يكن لدى الطبيب سبب يدعو إلى الضغط عليه. فعلى الأرجح سوف يتقيأ الطفل، أو يحدث اضطراب في أمعائه، أو تتطور لديه مشكلة متعلقة بالتغذية، إن دفعته إلى ما لا يريد أكله.
القيء
يحدث القيء في كثير من الأمراض المختلفة، ويعتمد النظام الغذائي في ظل الإصابة به على الكثير من العوامل، ويجب أن يكون متماشيا مع تعليمات الطبيب. مع ذلك، إن لم تستطيعي التواصل مع الطبيب بصورة فورية، يمكنك اتباع الاقتراحات التالية: ابدئي في إعطاء طفلك رشفات قليلة من الماء أو محلول البيديالايت (محلول معالجة الجفاف لتعويض السوائل يتم أخذه عن طريق الفم)، وهو مركب من الماء وكمية مناسبة من الملح والسكر حتى يسهل امتصاصه بكفاءة. ويمكنك أيضا إعطاء الطفل محلولا لمعالجة الجفاف لتعويض السوائل مصنوعا لديك في المنزل عن طريق خلط ملعقة شاي ممسوحة من الملح وثماني ملاعق شاي ممسوحة من السكر ثم إضافتهما إلى لتر (قرابة ربع جالون واحد) من الماء.
في البداية، أعطي الطفل نصف أوقية فقط من هذا المحلول كل فترة تتراوح بين خمس عشرة وعشرين دقيقة، وبالتدريج قومي بزيادة الكمية وفقا لقدرة الطفل على تحمل احتساء المشروب، حتى تصلي إلى أربع أوقيات (أي نصف كوب) كل نصف ساعة تقريبا. فإن تحمل هذه الكمية دون قيء، يمكنك محاولة إعطائه قدرا قليلا من عصير التفاح المخفف بالماء، أو بعض مشروبات الأعشاب (النعناع مثلا أو الكاموميل، إذ يستقران في المعدة على نحو ممتاز). واعلمي أن أطفالا كثيرين يمكنهم تحمل تناول المصاصات المثلجة في حالة إصابتهم بالقيء.
بالإضافة إلى ما سبق، من المفيد أن تقدمي لطفلك أطعمة صلبة بالمثل، ولكن ابدئي بالأطعمة البسيطة مثل رقائق البسكويت، أو قطع الخبز المحمص، أو قطعة صغيرة من الموز، أو ملعقة سفرة من صوص التفاح. واحذري من اللبن ومنتجات الألبان؛ لأن هضمهما صعب على الطفل. وبصفة عامة، لا تترددي في تقديم أي طعام يرغبه الطفل، ولكن ابدئي بكميات صغيرة، وامنحي الطفل فرصة للهضم.
الإسهال
في حالة الإصابة بالإسهال، يعد أهم شيء هو التأكد من أن طفلك يحصل على قدر كاف من السوائل؛ حتى لا يصاب بالجفاف. ويحدث الجفاف عندما تقل كمية السوائل التي يحصل عليها الطفل عما يخرج من جسمه في صورة إسهال وقيء، ومن علاماته الأولى الفتور والكسل، أما جفاف الفم والأعين الغائرة وطراوة وشحوب البشرة؛ فهي من علامات تفاقم حالة الجفاف.
عندما يكون الطفل في عامه الثاني أو أكبر، تقل احتمالية إصابته بإسهال حاد أو طويل الأمد، ولكن حتى تستطيعي التواصل مع الطبيب؛ يعد أفضل علاج للإسهال هو تقديم طعامه الطبيعي ما دام يشعر بالجوع؛ فلقد بينت الدراسات أن «النظام الغذائي التقليدي في حالة الإصابة بالإسهال» الذي يعتمد على السوائل السكرية -مثل جيلاتين Jell-O المذاب في الماء، أو الصودا، أو عصير التفاح- يعمل في الواقع على زيادة الإسهال وإطالة فترة الإصابة به؛ ولذا لم يعد أحد من الأطباء يوصي به على الإطلاق. وعند التعرض للإسهال الشديد، جربي استخدام محلول البيديالايت أو أي محلول لمعالجة الجفاف مصنوع في المنزل. على الرغم من ذلك، ينبغي التحدث –بالطبع- مع الطبيب أولا. فالطفل المريض جدا لدرجة تجعلك تفكرين في إعطائه البيديالايت ينبغي عرضه على الطبيب أولا لتقييم حالته، أما الطفل الذي لا يستطيع الاحتفاظ في معدته ببعض رشفات الماء فقد يكون في حاجة إلى السوائل عن طريق إعطائه المحلول في الوريد، في عيادة الطبيب أو في المستشفى.
الأطفال المصابون بالأمراض المزمنة
يمكن أن تكون التغذية مشكلة عويصة في الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة، مثل مرض السكر، وأمراض الباطنة، والتليف الكيسي، خاصة عندما يكونون مصابين بعدوى إضافة إلى حالتهم الأساسية؛ ولذا، من الأفضل في مثل هذه المواقف أن يتم العمل عن كثب بينك وبين طبيب طفلك، وبين أخصائي أو طبيب تغذية من ذوي الخبرة.
مشكلات التغذية في نهاية المرض
إن كان الطفل يعاني من حرارة مرتفعة لعدة أيام متتالية، ومن ثم لا يريد سوى تناول كميات قليلة، فلسوف يفقد الوزن تلقائيا، وبالطبع يسبب هذا للوالدين الشعور بالقلق في أول أو ثاني مرة يحدث للطفل ذلك. وعندما تنخفض الحرارة في نهاية الأمر ويقول لهما الطبيب إنه من الملائم الآن أن يبدأ الطفل في العودة إلى نظامه الغذائي العادي، يتوق الوالدان إلى إطعام الطفل من جديد، ولكن ما يحدث في الغالب هو أن الطفل يبتعد عن الأطعمة التي تقدم إليه في البداية، وإن دفعه الأبوان إلى تناول الطعام -وجبة بعد الأخرى ويوما بعد الآخر- فلن يستعيد الطفل شهيته على الإطلاق.
إن هذا الطفل لم ينس كيف كان يأكل، ولم تضعف صحته لدرجة تجعله غير قادر على تناول الطعام، ففي الوقت الذي تعود فيه درجة حرارته إلى المعدل الطبيعي، يكون جسده لا يزال يعاني من آثار العدوى التي تؤثر على معدته وأمعائه؛ ولذا حين يرى الطعام في البداية، ينبهه جهازه الهضمي محذرا من أنه ليس مستعدا بعد للطعام، وفي حالة دفع الطفل أو إجباره على تناول الطعام، في الوقت الذي يشعر فيه بالغثيان بالفعل بسبب المرض، يزداد نفوره واشمئزازه من الطعام بسهولة وسرعة أكبر مما يحدث أثناء شهيته الطبيعية. وفي غضون أيام قليلة، يمكن أن يتعرض لمشكلة تغذية قد تستمر معه طويلا.
حين تتعافى المعدة والأمعاء من آثار المرض، وتكون قادرة على هضم الطعام من جديد، يعود شعور الأطفال بالجوع بحماسة شديدة، وليس إلى ما اعتادوا عليه؛ فتزداد شراهتهم تجاه الطعام لمدة أسبوع أو اثنين في العادة لتعويض ما فقدوه. وفي بعض الأحيان يتذمر هؤلاء بعد تناول وجبة كبيرة بساعتين فقط للحصول على المزيد من الطعام. وإن كانوا في الثالثة من عمرهم، ربما يطلبون أطعمة خاصة تتوق إلى تناولها أجسادهم الجائعة.
أفضل شيء ينبغي فعله في نهاية المرض هو تقديم المشروبات والأطعمة الصلبة التي يريدها طفلك فقط، دون دفعه أو إجباره، بالإضافة إلى الانتظار بصبر وبثقة حتى يصدر علامات تؤكد استعداده للحصول على المزيد. وإن لم يستعد الطفل شهيته في غضون أسبوع، فتحدثي مع الطبيب مرة أخرى.