مرض السكر مرض مزمن ينتج عن اضطراب في التمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية بسبب النقص الكلي أو النسبي لهرمون الأنسلوين الذي يفرزه البنكرياس مما يؤدي غلى زيادة نسبة السكر في الدم وظهوره في البول.
ويصاحب ذلك عادة بتقدم المرض خلل في التمثيل الغذائي للبروتينات والدهون.
العوامل المسببة
توجد عدة عوامل تساعد في حدوث وظهور مرض السكر وهي:
1- عامل الوراثة: هو أساس للإصابة بهذا المرض في نسبة كبيرة من الحالات وبالذات تلك التي يظهر فيها المرض دون سن الخامسة عشر يعطون تاريخ إيجابي أسري للمرض.
2- البدانة: تكثر حالات مرض السكر بين الأشخاص البدان.
3- السن: يمكن أن يحدث المرض في أي عمر وقد وجد أن 80% من الحالات تحدث بعد سن الخمسين وتوجد أكبر نسبة بين سن الستين والسبعين.
وكلما حدث في سن متأخرة كانت حالته أخف وطأة.
4- النوع: تكثر نسبة حدوث المرض في سن مبكرة بين الذكور عن الإناث وتنعكس بتقدم السن، وفوق سن الأربعين يكثر بين الإناث وذلك لكونهم أكثر عرضة للإصابة بالبدانة.
5- الحالة النفسية: أن القلق والاضطرابات النفسية من أهم العوامل التي تساعد على الإصابة بالمرض بين من لديهم استعداداً وراثياً للإصابة به.
كيفية حدوث المرض
يظهر المرض عندما يحدث نقص في كمية هرمون الأنسولين التي تفرزه خلايا البنكرياس المعروفة باسم “جزر لنجرهان” وأحياناً تكون كمية الأنسولين التي يفرزها البنكرياس كافية ولكن توجد بالجسم هرمونات أخرى تقاوم مفعول الأنسلوين مثل هورمون الغدة النخامية والغدة فوق الكلوية (الكظرية).
وظيفة هرمون الأنسولين
1- يساعد على احتراق السكر بواسطة خلايا أنسجة الجسم ويساعد على دخول السكر داخل الخلايا.
2- يساعد على تحويل السكر الزائد إلى نشأ حيواني (جليكوجين) يختزن في الكبد والعضلات.
3- يساعد في تحويل المواد الكربوهيدراتية إلى دهون تخزن في الجسم.
4- يساعد في تصنيع المواد البروتينية.
لذلك فأي نقص في كمية الأنسلوين أو أي مقاومة له تؤدي إلى خلل في عملية احتراق السكر داخل الخلايا وتبعاً لذلك ترتفع نسبته في الدم عن المعدل الطبيعي وهو 80-120 مجم لكل 100سم3 (الشخص بدون إفطار أي صائم) وتصبح الكلى غير قادرة على احتجازه في الدم.
ويخرج السكر في البول ويؤدي إلى زيادة عدد مرات التبول ونقص الماء بالجسم وبالتالي الشعور بالعطش الشديد وكثرة شرب الماء ومع تقدم المرض يحدث كذلك خلل في تمثيل المواد البروتينية والدهنية نتيجة لعدم استفادة الجسم من المواد الكربوهيدراتية بالطريقة العادية – فيستهلك الجسم البروتينات الموجودة بأنسجته ويقلل ذلك ظاهرة حدوث ضمور بالعضلات ونقص وزن الجسم.
كذلك يستهلك الجسم الدهون المختزنة به بسرعة غير عادية مما ينتج عنه تجمع لبعض المواد الضارة في الدم مثل حمض البيوتريك والاستواستيك وتسمى هذه الحالة بـ ketosis حيث تتجمع الأسيتون في الدم ويظهر في البول حيث يحدث غيبوبة.
أعراض المرض
في الحالات الخفيفة لا يسبب أي أعراض مميزة وكثيراً ما لا يدرك المريض أنه مصاب بالسكر حيث يكتشف مصادفة أثناء الفحص الروتيني لتحليل البول.
ويظهر المرض عادة في السن المبكر فجأة وبطريقة حادة، أما في البالغين فيكون ظهوره تدريجياً. وهذه هي أهم الأعراض:
1- زيادة عدد مرات التبول وخصوصاً أثناء الليل
2- الشعور بالعطش نتيجة لفقد الماء من الجسم
3- نقص الوزن والضعف العام مع وجود قابلية أو زيادة في الشهية وخصوصاً للسكريات
4- ضعف في الإبصار.
5- آلام بالأطراف نتيجة لالتهاب الأعصاب.
6- تكرار حدوث دمامل وخراريج والتهابات بالجلد.
7- التهاب وهرش شديدي بالمهبل (الإناث) نتيجة لتوالد البكتريا التي تعيش على السكر.
8- ضعف الانتصاب عند الرجال.
9- حدوث غيبوبة.
مضاعفات المرض
إن مريض السكر إذا ما تقيد بإرشادات الطبيب والتزم بالنظام الغذائي فإنه يستطيع أن يحيا حياة عادية وأن يعمر كغيره من البشر.
أما إذا أخذ الأمر باستهانة وأهمل العلاج فقد يتعرض لكثير من المضاعفات من أهمها:
1- حدوث غيبوبة وهي نوعين:
أ- غيبوبة سكرية: وهي حالة فقدان الوعي نتيجة لارتفاع السكر بالدم لدرجة عالية وهي تنشأ إما بسبب نقص في كمية الأنسولين أو العلاج الآخر عن طريق الفم أو حدوث التهابات أو أي عدوى بالجسم ويشعر المريض بأعراض منذرة من أهمها عطش شديد، تنفس عميق وسريع، آلام في الرأس والمعدة زيادة في التبول دوران وذهول وإغماء.
ب- غيبوبة نقص السكر: وهي تنشأ من الانخفاض غير الطبيعي في كمية سكر الدم بسبب أخذ كمية كبيرة من الأنسولين أو طول المدة بين الأكلات أو عند القيام بمجهود جسماني غير معتاد عليه أو عند أخذ الأنسولين قبل الأكل بمدة كبيرة ويمر المريض بأعراض من أهمها: عرق بارد وتهيج وصداع ونسيان واضطراب في الرؤية وعدم الاتزان في السير والدوار وإغماء.
2- مضاعفات بالعين: ضعف الإبصار وحدوث نزيف داخلي – حدوث التهابات في العين، وضمور بالعصب البصري مما قد يؤدي إلى فقد الإبصار.
3- تصلب الشرايين: وخصوصاً شرايين المخ والقلب والكليتين.
4- التهابات بالجلد: مثل الحمرة والخواريج، التهابات المجاري البولية وحدوث الدرن الرئوي.
5- التهابات الأعصاب: وخاصة أعصاب الأطراف.
6- حدوث غنغرينا بالساقين.
7- بالنسبة للحامل: يسبب مرض السكر تسممات الحمل وزيادة في وزن الجنين أو كثرة الإجهاض.
العلاج
يهدف علاج مرض السكر إلى:
1- تخليص المريض من أي عرض من أعراض المرض.
2- عدم حدوث أي مضاعفات.
3- وقف ارتفاع نسبة السكر في الدم وبالتالي ظهورة في البول.
ويمكن الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف عن طريق:
– التنظيم الغذائي فقط في 40% من الأحوال.
– التنظيم الغذائي + العلاج بالعقاقير عن طريق الفم في 30% من الأحوال.
– التنظيم الغذائي + “بالأنسولين في 30% من الأحوال وعادة يكون المريض في هذه الحالة سنه تحت الأربعين.
وعلى أي حال عند رؤية مريض السكر لأول مرة فإنه من الصعب تحديد كمية ونوع العلاج إلا بعد تنظيم غذائه أولاً.
النظام الغذائي
العلاج الغذائي لمرض السكر هو الدعامة الأساسية التي يرتكز عليها العلاج ككل وعادة ينجح النظام الغذائي وحده في علاج المرض في الحالات الآتية:
1- الحالات الخفيفة التي تكتشف مبكراً.
2- المرضى المصابين بالبدانة.
وفي كلتا الحالتين يكون المريض فوق سن الأربعين من العمر.
وليس هناك غذاء واحداً يصلح لجميع مرض السكر، إذ يختلف باختلاف المريض نفسه حسب سنه وجنسه وطبيعة العمل الذي يزاوله كذلك يختلف حسب نوع وكمية العلاج الذي يتعاطاه المريض.
وعند تصميم غذاء مريض السكر يجب أن نضع في الاعتبار:
1- توفير غذاء كاف ومشبع ومشهي وأن يحتوي على قدر كاف من عناصر الغذاء وبالذات المواد البروتينية في حالة وجود السكر عند الأطفال أو في حالة الحوامل والمرضعات لتوفير احتياجات النمو.
2- بما أن هذا المرض مزمن ويلازم المريض مدى الحياة وجب أن يكون الغذاء متنوعاً حتى لا يمله المريض ولذلك وضع نظام البدائل الغذائية للاستفادة به في هذا المجال.
شروط ومواصفات غذاء مرض السكر
1- محدداً في محتواه من الطاقة.
2- محدداً في محتواه من الكربوهيدرات.
3- محدداً في محتواه من الدهون.
4- محدداً في محتواه من البروتين.
5- يقلل السكر إلى أقل درجة ممكنة أو يستبعد كلياً.
تخطيط النظام الغذائي لمريض السكر
1- الطاقة الحرارية اليومية:
تحدد كمية الطاقة اللازمة لكل مريض على حدة حسب سنه وطوله وطبيعة النشاط الذي يزاوله.
ففي الأطفال: حيث يزيد وزنهم بانتظام مع معدل النمو يجب أن تعطى لهم السعرات اللازمة للزيادة المطلوبة.
أما في البالغين الذين ظهر عندهم السكر فوق سن الأربعين فتحدد لهم كمية الطاقة اليومية التي تحافظ على وزنهم في حدود الوزن المثالي حسب الطول أو أقل من ذلك بنسبة 10%.
وعموماً قد وضعت ثلاث مستويات مختلفة من أغذية مرضى السكر حسب محتواها من الطاقة كالتالي:
أ- مريض بدين، حدث عنه المرض فوق سن الأربعين وسكره من النوع الخفيف:
يوصف له غذاء يتراوح محتواه من الطاقة بين 1000-1600 سعر حراري / اليوم، أي بمعدل 20سعر لكل كليوجرام من وزن الجسم المثالي.
ب- مريض بالغ وزنه في حدود الوزن المثالي – يوصف له غذاء يتراوح محتواه من الطاقة بين 1400-1800 سعر حراري / اليوم، أي بمعدل 30 سعر لكل كيلوجرام في الوزن.
جـ- مريض حدث عنده السكر في سن صغير (تحت سن الأربعين) ويعتمد علاجه على الحقن بالأنسولين-يحتاج إلى 1800-3000 سعر حراري يومياً، أي بمعدل من 35-40 سعر لكل كيلوجرام من وزن الجسم.
وعلى العموم فإن الأطفال يحتاجون إلى 1000 سعر حراري + 100 سعر حراري لكل سنة من العمر.
2-الكربوهيدات
يخصص من 45-50% من الطاقة الكلية اليومية للمواد الكربوهيدراتية وقد حددت كمية الكربوهيدرات لمريض السكر في حدود من 100-260جم/يومياً.
ولا يجب أن تقل الكمية عن 100جم يومياً حتى لا يحدث للمريض حالة تجميع مواد كيتونية في الدم ولا يجب أن تزيد عن 260جم لأنها إذا زادت عن ذلك يصعب التحكم في نسبة السكر في الدم.
– ويجب أن تقسم كمية الكربوهيدرات على الثلاث وجبات الرئيسية بواقع لكل وجبة، أما الوضع الباقي فيوزع مناصفة على وجبتين خفيفتين بين الوجبات الرئيسية، وأحياناً توزع الكربوهيدرات بنسبة لكل وجبة رئيسية والخمسين الباقين يوزعان على ثلاث وجبات خفيفة تكون أحدهما قبل النوع لتفادي حدوث غيبوبة نقص السكر في الدم أثناء الليل.
– ولابد من ضبط ميعاد تناول الوجبات الرئيسية مع ميعاد مفعول الأنسولين (ميعاد أقصى فاعلية له).
– وأما عن نوعية الكربوهيدرات المتناولة فهي تكون نشويات أو سكريات عديدة مع الابتعاد كلية عن السكريات البسيطة.
3- البروتين
يخصص من 15-20% من الطاقة الكلية اليومية للمواد البروتينية وتكون في حدود من 60-110 جم/اليوم.
ويجب أن توزع على الوجبات اليومية المختلفة لأن الأحماض الأمينية تساعد على إفراز الأنسولين من البنكرياس.
4- الدهون: يخصص القدر المتبقي من نسبة الطاقة الكلية اليومية للمواد الدهنية وهو من 30-40% ولكن في حالات وجود تصلب شرايين يفضل ألا تزيد نسبة الطاقة المستمدة من الدهون عن 30% وعادة تتراوح كمية الدهن بين 50-150جم/اليوم.
ويراعى نوعية الدهن في حالة تصلب الشرايين فتقلل الدهون المشبعة بقدر المستطاع ويحل بدلاً منها الدهون غير المشبعة.
5- بعد أن تم حساب نصيب مريض السكر اليوم من عناصر الغذاء المختلفة يجب ترجمة هذه الأرقام إلى أطعمة مختلفة تقسم على الوجبات الغذائية ويتم ذلك بالاسترشاد بقائمة البدائل الغذائية حتى يتسنى عمل برنامج غذائي وأطباق وجبات لا يزهد فيه المريض.
6- الفيتامينات والمعادن: يجب أن يراعى محتوى الوجبات من الفيتامينات والأملاح المعدنية وأن تكون حسب الاحتياجات الصحية وأحياناً عندما يكون الطعام محدداً في كمياته يفضل تناول مستحضرات منها.
7- حيث أن الغذاء المقرر سيتناوله المريض مدى الحياة لذا يجب شرح أهمية ذلك للمريض وإعطائه الفرصة في اختيار الأصناف التي يفضلها وطرق الطهي التي تتناسب وشهيته وعاداته الغذائية شرطاً ألا تتعارض مع ما هو مسموح به.
8- على أفراد أسرة المريض أن يتفهموا المبادئ المذكورة وإلا ينسوا أن الحالة النفسية والعاطفية تؤثر تأثيراً شديداً على التزام المريض بالتعليمات الخاصة بالعلاج الغذائي.
إرشادات غذائية
– يجب أن يمتنع المريض كليا عن تناول الأصناف الآتية:
السكريات، الحلوى والفطائر، المربى، العسل، الفواكه المجففة والعكك والجاتوه.
– اللبن المكثف المحلي، السوائل الغازية، المشروبات الكحولية.
وذلك لأن السكريات البسيطة سهلة الامتصاص وسريعة التأثير في الجسم وتؤدي إلى رفع مستوى نسبة الكسر في الدم بسرعة.
– يفضل الإقلال من الأصناف الآتية:
النشويات مثل البطاطا والبطاطس، والأطعمة الدسمة والبقول والخبز والفواكه (العنب، التين، المانجو، الموز).
– أصناف ليس لها أي قيمة حرارية ويمكن أن يتناول منها الفرد كما يشاء: الخل، التوابل، البهارات، المستارد، الليمون. مجموعة الخضراوات أو الشاي والقهوة (بدون سكر).
تغذية الحامل المصابة بمرض السكر
تحتاج الحامل المصابة بالسكر إلى رعاية غذائية خاصة بالإضافة إلى العلاج الطبي الذي يكون بالأنسولين للمحافظة على صحة الحامل والجنيين معا، ويتم تخطيط النظام الغذائي كالآتي
1- تحتسب كمية الطاقة على أساس 30-35 سعر حراري/ كجم من وزن الجسم ليتحقق للحامل زيادة تدريجية في الوزن تتراوح بين كجم في الأسبوع خلال ثلثي فترة الحمل الأخيرة.
2- ألا تقل عدد جرامات البروتين اليومية عن 85جم.
3- أن تتناول ثلاث وجبات رئيسية يتخللها ثلاث وجبات خفيفة