يبدو أن الحل المناسب لضبط الوزن سهلاً – أي تناول مقدار أقل من الطعام وممارسة المزيد من التمارين. لكن تطبيق هذا الحل ووضعه قيد التنفيذ هو في الحقيقة أكثر صعوبة مما يبدو.
لقد حاولت ربما التخلص من وزنك الزائد، ولقيت على الأرجح نجاحاً محدوداً. إلا أنك لست الوحيد في هذا المجال. في الواقع، يحتاج معظم البالغين إلى تخفيض وزنهم، ويتوجب على بعضهم التخلص من مقدار كبير من ذلك الوزن الزائد. وفي كلا الحالتين، لا يكون التحدث عن نقص في الخطط المناسبة. فالمكتبات والمحطات التلفزيونية وشبكة الانترنت تزخر كلها بالمنتجات والخطط والخدمات.
لن تعثر في هذا الموضوع على حمية خاصة لأنها غير موجودة. لكننا سنقدم لك في سلسلة مواضيع الوزن (التي سنطرحها في موقع طبيب دوت كوم) هرم الوزن الصحي، الذي هو أساس طريقتنا لضبط الوزن بصورة دائمة. وسوف تعثر على كل المعلومات السهلة الفهم التي تحتاج إليها لتحديد الوزن الملائم لك، والتوصل إلى ذلك الوزن والحفاظ عليه لبقية حياتك.
إذا عملت وفق المعلومات الواردة في هذه السلسلة، فسوف تشهد تأثيرات قصيرة الأمد وأخرى طويلة الأمد. في الواقع ستشعر بتحسن فوري. والأهم أنك ستنعم بفوائد صحية جوهرية. وسوف تخفف من خطر تعرضك للأمراض الخطيرة المرتبطة بالوزن.
كما أن إنجاز تعديلات مفيدة في أسلوب العيش من حيث طريقة الأكل وممارسة النشاط الجسدي، يعتبر شرطاً أساسياً للتوصل إلى الوزن الصحي. لكن لا حاجة أن يكون ذلك عملاً شاقاً. فأسلوب العيش الذي يؤدي إلى وزن صحي دائم يجب أن يكون، ويمكن أن يكون، طريقة ممتعة للعيش.
إرشادات مهمة
● قبل الشروع في الرحلة، تأكد أنك مستعد لها. سوف تنعكس إيجاباً عليك.
● سوف تتحسن صحتك إذا تخلصت من الكيلوغرامات الفائضة.
● يمكنك التخلص من الوزن الزائد باعتماد العادات السليمة.
● يعتبر غذاؤك ومستوى نشاطك الجسدي مفتاحي الوزن الصحي
● صحيح أن إدارة الوزن صعبة، لكنها غير مستحيلة. وهي تبدأ مع اتخاذ الموقف الصحيح.
● التزم باعتماد تغيير دائم في أسلوب العيش
● تأكد من أن أسلوب عيشك الجديد مرضٍ وممتع.
● التناغم، وليس الكمال، هو سرّ النجاح
فلنواجه حقيقة الأمر. يصعب في مثل هذا المجتمع عدم تكديس الكيلوغرامات نظراً لتوافر الأطعمة الغنية بالوحدات الحرارية ووابل الرسائل التجارية التي تحثك على الأكل والحصص الكبيرة الحجم والأجهزة الموفرة للجهد التي تمنعك من الحركة.
والواقع أنه لم يتم تصميم الجسم البشري ليأكل بإفراط الأطعمة المعالجة والغنية بالدهون ومن ثم الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر أو التلفزيون معظم النهار. فقد جرى تصميمه على العكس لتخزين الدهن الذي لم يكن يسمح لأجدادنا بالموت جوعاً إذا لم يفلحوا في العثور على الطعام. بالفعل، هذه هي وظيفة الثلاثين إلى الأربعين مليار خلية دهنية في جسمك. لكن هذه الخلايا لا تعرف أن الزمن تغير. في الواقع، اجمع قابلية جسمك لتخزين الدهن مع أسلوب العيش المعاصر العديم الحركة والمستنفد للكثير من الوحدات الحرارية وتشعر حينها كما لو أنه حكم عليك بالوزن الزائد. إلا أن الحقيقية ليست كذلك إذ تتوافر أمامك الخيارات.
لكن كيف تحصل على الحوافز اللازمة؟ لقد سمعت مراراً وتكراراً أن التخلص من الوزن الزائد أمر مفيد. لكن حتى لو كنت تريد فعلاً التخلص من الوزن الزائد، ثمة العديد من الرسائل المربكة عن كيفية القيام بذلك، بحيث يصعب عليك اختيار السبيل الصحيح.
دهن قليل. دهن كثير. الكثير من البروتين. ليس الكثير من البروتين.
تخزين الكربوهيدرات. تقليص الكربوهيدرات. حميات غذائية مختلفة لتشجيع أنماط مختلفة في الأكل. لا يمكن أن تكون كل هذه الخيارات صحيحة. أي منها يجدي نفعاً؟ ما هو الأفضل لك؟
لقد حاولت في الماضي ربما لكنك أخفقت، إما بسبب عدم التخلص من الكثير من الوزن أو بسبب فقدانك لبعض الوزن ومن ثم استرداده. ربما لا تستطيع استعياب فكرة أكثر من برنامج واحد للأكل. هل يستحق الأمر عناء التجربة؟ إنَّك تتساءل بلا ريب. كيف سيختلف الأمر هذه المرة؟ وما هو السيء في الوزن الزائد؟
الحقيقة غير الصحيّة
إليك الحقيقة المؤسفة جداً: أنت تعرّض صحتك للخطر، خصوصاً إذا كان وزنك زائداً وكنت تفتقد إلى اللياقة الجسدية في الوقت نفسه. ويصبح الأمر أكثر سوءاً إذا تكدّس الوزن الزائد في وسطك (شكل التفاحة) وليس في الأرداف والوركين والفخذين (شكل الإجاصة). لماذا؟ لأن الدهن المتراكم في وسطك مرتبط أكثر بالمشاكل الصحية الخطيرة.
ومع التقدم في العمر، يزداد خطر تعرضك لمشاكل صحية نتيجة الوزن الزائد. وقد سمعت هذه الجملة قبلاً بلا شك، لكنها تستحق التكرار: فالوزن الزائد يعرضك أكثر لخطر:
● ارتفاع ضغط الدم.
● تراكم غير طبيعي للدهون في الدم (ارتفاع مستوى الترايغليسريد وانخفاض مستوى الكولسترول الجيد HDL).
● داء السكري من الفئة 2 (غير المعتمد على الانسولين).
● مرض الشريان التاجي.
● السكتة الدماغية.
● مرض المرارة.
● التهاب مفاصل العظام.
● مشاكل في الجهاز التنفسي (اختناق النوم).
● بعض أنواع السرطان (الرحم، المرارة، القولون وسرطان الثدي عند النساء؛ وسرطان القولون والمستقيم والبروستات عند الرجال).
يمكن لكل هذه الأمور أن تقصّر حياتك وتعيق نوعية حياتك.
لكن ثمة أخبار جيدة. فحتى التخلص البسيط من الوزن، أي 5 إلى 10 في المئة من وزنك الحالي، يخفض مخاطرك الصحية. في الواقع، يمكن للتخلص البسيط من الوزن الزائد أن يساعد على خفض ضغط الدم وتحسين مستويات الدهون في الدم وتخفيف عوارض اختناق النوم وتخفيض خطر التعرض لالتهاب مفاصل العظام. لكن إذا كنت لا تعاني من أية مشاكل صحية في الوقت الحاضر، يحتمل إذاً ألا يكون خطرها في المستقبل حافزاً قوياً بالنسبة إليك، حتى لو كان يفترض ذلك. ماذا عن تأثير وزنك في حياتك اليومية؟ كيف هو مستوى طاقتك؟ ماذا عن تقديرك لذاتك؟ مزاجك؟ تطلعك إلى الحياة؟
لقد شعرت ربما بحكم الآخرين اللاذع عليك بسبب وزنك. والمثير للسخرية أننا نعيش في عالم حيث يوجد المزيد من أصحاب الوزن الزائد، لكننا ما زلنا نميّز الأشخاص البدينين. وإذا كنت فقدت قبلاً وظيفة معينة بسبب وزنك أو أنك تعرضت لسخرية الآخرين أو سألك أحدهم في طائرة مزدحمة لماذا لم تحجز بطاقة لمقعدين، تعرف كم أن هذا الأمر مؤلم. ولعل النجاح الشخصي البسيط في مجال السيطرة على الوزن قادر على منحك بعض الدعم المعنوي.
والواقع أن تحسين صحتك على المدى الطويل هو السبب الأكثر أهمية للتوصل إلى وزن سليم والحفاظ عليه. كما أن الشعور بتحسن على الصعيد الجسدي والشعور برضى أكبر عن الذات وربما، الظهور في حلّة أفضل ليست نتائج سيئة في المدى القصير للخضوع لمثل هذا التحدي القاسي. لا بل إن هذه الأمور قد تدفعك أكثر لتحقيق هدفك الطويل الأمد.
تضخم المجتمع
أصبح الوزن الزائد والبدانة (الوزن الزائد الحاد) وباءاً وطنياً. في الواقع، تبين أن 55 في المئة من الراشدين يعانون من البدانة أو الوزن الزائد. ويبدو أن ذلك لم يكن كافياً، إذ ازداد عدد الأشخاص البدينين أكثر من الثلث خلال العشرين سنة الأخيرة. إنها بالفعل مشكلة متزايدة في أكثر من سبيل ويبقى المستفيد الوحيد من ذلك صناعة الحمية الغذائية. في الواقع، ينفق أصحاب الوزن الزائد المليارات كل عام على منتجات وخدمات التخلص من الوزن. وفي معظم الأحوال، لا يحصلون على فائدة طويلة الأمد مقابل استثمارهم.
ومع كل هذا المال المنفق على الحلول، قد تظن أن المزيد من الأشخاص سينجحون في لعبة التخلص من الوزن. لكن جزءاً من المشكلة يتمثل في محاولة الناس للتخلص من الوزن الزائد لأسباب خاطئة، مثل تصغير مقاس الثياب قبل حلول موعد الزواج أو التوصل إلى المعايير الثقافية للجمال التي حددها الممثلون وعارضات الأزياء. صحيح أن مظهرك مهم، لكن الجمال أمر موضوعي ولا يبدو أحد منا تقريباً مثل عارضة أزياء عالمية. فالمهم هو صحتك.
ثمة مشكلة أخرى تتجلى في صعوبة السيطرة على الوزن. نفهم تماماً أنك تريد حلاً سريعاً وسهلاً. لكن الوزن الزائد والبدانة هما من المشاكل المعقدة التي تخضع لتأثير الجينات والبيئة والمسائل العاطفية. فربما لم تكتسب الوزن الزائد بسرعة، لكنك تريد رغم ذلك التخلص منه الآن. لذا، قد تجرب أحدث حمية غذائية أو أفضل مكمل غذائي. هكذا، تتخلص من بعض الوزن وتشعر بالإلهام.
لكن إذا لم تنجز تغيرات طويلة الأمد في أسلوب العيش، بحيث تتضمن تعديل عادات أكلك بطرق مستدامة واعتماد النشاط الجسدي، يحتمل كثيراً أن تعود الكيلوغرامات للتكدس، مع بعض الزيادة ربما. هكذا، أصبحت مقتنعاً الآن أكثر من أي وقت مضى أنك لا تستطيع النجاح. إلا أنك تستطيع.
متعة النجاح
أنت مقتنع بلا ريب أن التوصل إلى الوزن الصحي عملية بطيئة ومملة. وقد خضعت قبلاً للحميات الغذائية التي تناولت كلها القيود والحرمان والأطعمة ذات المذاق الشبيه بالكرتون وساعات من التمارين المضجرة. صحيح؟
لكن لا يفترض أن تكون الأمور كذلك.
فاعتماد السلوك الصحي يمكن أن يكون ممتعاً، فيما يكون مذاق الطعام المغذي رائعاً والأهم أنك تستطيع التغيير. لا بل أنك تستطيع تغيير براعم التذوق عندك، سواء صدقت ذلك أو لا. فإذا اشتملت وجبتك المفضلة على همبرغر بالجبنة وبطاطا مقلية ورقاقة سميكة من الشوكولاته، عليك الإدراك أن براعم التذوق تدخل في نشاط بالغ عند دخول كل ذلك الملح والدهن والسكر إليها لأنك دربتها على ذلك. إلا أن الوقت لم يفت أبداً لتعليم براعم تذوقك القديمة عادات جديدة.
حتى لو كان التوصل إلى وزن سليم والحفاظ عليه تجربة إيجابية، لا يعني ذلك أنها تجربة سهلة. فما من حلّ سحري. وبصرف النظر عن مقدار ما سمعت عن أحدث المكملات الغذائية العشبية أو الحميات الغذائية الرائجة ذات الكربوهيدرات القليلة ولا يهم كم تريد الاعتقاد أن تناول الأطعمة في بعض الأشكال يسرّع عملية التخلص من الوزن، لأن الجسم البشري لا يستطيع تحدي قوانين الدينامية الحرارية. فإذا أردت التخلص من الوزن، عليك إنفاق طاقة أكثر مما تأخذ، أي أنه يجدر بك ببساطة تناول وحدات حرارية أقل والتحرك أكثر.
هذا مضجر. فقد سمعت هذه النصيحة قبلاً. لذا، ما الذي يمكن أن يكون مختلفاً إذا حاولت التجربة مجدداً؟
بالنسبة إلى المبتدئين، إنه الموقف. عليك تنمية موقف إيجابي تجاه القيام بتعديلات في أسلوب العيش، مما يستلزم ربما بعض التنظيمات الأساسية. ويحتمل كثيراً أن تكون لديك عقلية متّبع الحمية الغذائية. لذا، هل تجد هذه العبارات مألوفة بالنسبة إليك؟
● هناك أطعمة جيدة وسيئة.
● أنا أتبع حمية غذائية أو متوقف عنها.
● إذا تناولت شيئاً أحبه، فإني أغشّ.
● إن اعتماد الحمية الغذائية على الدوام يسلبني الكثير من طاقتي.
● إن اعتماد الحمية الغذائية يعني الشعور دوماً بالجوع.
● إن اعتماد الحمية الغذائية يعني ضرورة حرمان نفسي من أطعمتي المفضلة.
● إذا واجهت عقبة، مثل الامتناع عن النزهة أو تناول شيء لم أقرر تناوله، أكون مخفقاً.
لكن هذا خطأ، خطأ، خطأ. ثمة بائع في محل تجاري سُمع مؤخراً وهو يقول لبعض الزبائن إنه خاضع لحمية غذائية منذ أشهر عدة، لكنه ينوي تلك الليلة إعداد طبق لازانيا. قال الرجل الشاب إنه يريد التوقف عن حميته الغذائية بحيث يتمكن من تناول شيء طيب المذاق.
أوه! ليس هذا بالموقف الجيد. فهناك الكثير من وصفات اللازانيا الصحية والرائعة الطعم الممكن إدراجها في برنامج الأكل. لذا، يمكن القول إن هذا الموقف دفع الرجل إلى الإخفاق. فهو لا يركز على فوائد التخلص من الوزن، بل ينتظر دوماً انتهاء حميته الغذائية حتى يتمكن من تناول ما يحب، بدل اعتماد عادات الأكل التي تتيح له تناول أشكال أكثر صحة وذات وحدات حرارية أقل من أطعمته المفضلة ومنح براعم التذوق عنده فرصة للتغيير.
اللوم والعار
أما الجانب الآخر في موقف متبع الحمية الغذائية فهو اللوم. “أنا أعاني من الوزن الزائد لأن أمي أو أبي كذلك”. “إنه طعام زوجتي”. “أنا لا أتناول الكثير ولا بد إذاً من وجود خطب في أيضي”. لكن إليك الحقيقة:
● تؤدي العوامل الوراثية دوراً في كيفية معالجة جسمك للوحدات الحرارية. فالتاريخ العائلي للبدانة يزيد من فرص تعرضك للبدانة بنسبة 25 إلى 30 في المئة. لكن الحقيقة أن البدانة تعزى إلى الحياة أكثر مما هي إلى الوراثة. فالقدر لم يحكم عليك بذلك. في الواقع، بالإضافة إلى ميل أمك إلى الوزن الزائد، يحتمل أنها علّمتك بعض العادات غير السليمة في أسلوب العيش مما يسهم في مشكلتك. إلا أنك تستطيع تغيير هذه العادات. فأنت لن تتمكن أبداً ربما من استهلاك مقدار الطعام الذي يتناوله صديقك النحيل والنشيط، لكن هذا لا يعني انك لا تستطيع التوصل إلى وزن صحي والحفاظ عليه. نعم، عليك العمل بجدّ أكبر، لكنك تستطيع النجاح. يقع ذلك ضمن فئة “الحياة غير العادلة”. لكن إذا أردت النجاح، عليك تخطي هذه المسألة.
● تستخدم العضلات طاقة أكبر مما يفعل الدهن ولذلك يحرق الرجال، الذين تشتمل أجسامهم أصلاً على المزيد من العضلات وحدات حرارية أكثر من النساء بنسبة تراوح بين 10 و 20 في المئة، حتى أثناء الراحة. لذا، يتبين أن التوصل إلى الوزن الصحي هو تحدٍ أكثر صعوبة بالنسبة للنساء. إلا أن الأمر يبقى عملياً ويستحق العناء.
● مع التقدم في العمر، تميل إلى فقدان بعض العضلات التي تحرق الوحدات الحرارية وتزداد نسبة الدهن في جسمك. نتيجة ذلك، يصبح أيضك أبطأ. لكن الأبحاث كشفت أن تمارين القوة تساعد على حرق المزيد من الوحدات الحرارية أثناء الراحة من خلال الحفاظ على الكتلة العضلية. كما أن تمارين القوة تكشف عن العديد من الفوائد الأخرى، بما في ذلك زيادة قدرتك على إنجاز المهام اليومية وتحسين توازنك وتخفيض خطر التعرض لترقق العظام.
● تبين أن أقل من 2 في المئة من المعانين من البدانة يواجهون خللاً في الأيض أو خللاً في توازن الهرمونات. فإذا كنت تظن أنك واحد منهم، أطلب من طبيبك التحقق من ذلك بكل الوسائل. لكن لا تستخدم ذلك بمثابة ذريعة. فإذا كنت من أصحاب الوزن الزائد، يحتمل كثيراً أن وزنك هو الذي يجعل أيضك أعلى ولذلك تحرق وحدات حرارية أثناء الراحة أكثر مما يفعل أصدقاءك النحيلين.
الوحدات الحرارية وليس الحجم
لعل أبسط تفسير لازدياد الوزن يوماً بعد يوم هو وجود الكثير من الآلات التي تتحرك عنا، مثل المصاعد الكهربائية والسيارات وأجهزة التحكم عن بعد وتناول الكثير من الأطعمة الدسمة. لكن المشكلة لا تكمن في الأطعمة الدسمة وإنما في الأطعمة غير الصحية.
ففي السنوات الأخيرة، حين أصبحت الأطعمة القليلة الدهون رائجة جداً، عمد الناس إلى إضافة السكر إليها لجعل مذاقها أفضل وظنوا أنهم يستطيعون تناولها بكميات لا محدودة. نتيجة ذلك، ازداد المأخوذ السنوي للسكر عند الأشخاص.
والمثير للسخرية أنك تستمر في الشعور بالجوع، حتى مع هذه الوحدات الحرارية الإضافية. فثمة دليل أن الشعور بالشبع يتحدد أكثر بحجم ووزن الطعام الذي تستهلكه وليس بعدد الوحدات الحرارية. بمعنى آخر، تكون الفاكهة والخضار والأطعمة الأخرى الغنية بالألياف أكثر ضخامة مثلاً من الأطعمة الغنية بالدهون أو الأطعمة المكررة القليلة الدهون وتجعلك بالتالي تشعر بالشبع من دون وحدات حرارية إضافية.
فكّر في هذا الأمر: يمكنك تناول 10 إلى 15 تفاحة متوسطة أو 10 رؤوس أو 11 رأساً من الخس أو 35 كوباً من اللوبياء الخضراء للحصول على المقدار نفسه من الوحدات الحرارية الموجودة في إصبع وثلث الإصبع من الزبدة أو 5 ألواح شوكولاته (بحجم 45 غراماً). قد يبدو ذلك مثيراً للسخرية. ففي النهاية، من منا يأكل إصبعاً من الزبدة؟ لكن الحقيقة تنطبق على العديد من الأطعمة الغنية بالدهن وكذلك بوحدات حرارية أخرى مركزة مثل السكر. فإذا جمعت السكر والدهن اللذين تتناولهما في اليوم الواحد، ليس فقط من خلال الشوكولاته والزبدة وإنما أيضاً من الأطعمة المعالجة ومشتقات الحليب واللحوم والسكاكر والمنتجات القليلة الدهون الغنية بالسكر، تعرف المقدار الذي تتناوله.
والواقع أن تناول الأطعمة السكرية الغنية بالدهن والوحدات الحرارية هو عادة تعلمتها ويمكنك بالتالي تعلم كيفية الأكل بصورة أفضل. والأهم من ذلك أنك تستطيع تعلم الاستمتاع بذلك.
هل أنت مستعد للتخلص من الوزن؟
بما أن التخلص من الوزن يتطلب الكثير من التركيز والطاقة الجسدية والعقلية، لا يمكنك الخوض فيه بتهوّر. فأنت بحاجة إلى إجراء التزام وتحضير نفسك. ويتمثل جزء من هذا التحضير في تحديد ما إذا كان الوقت الحاضر مناسباً وصحيحاً. هل هو جيد أو لا. فنجاحك يرتبط بمدى استعدادك للاستفادة من هذا التحدي. لذا، إطرح على نفسك الأسئلة التالية:
● ما هي الحوافز التي أملكها لإجراء تغييرات في أسلوب عيشي في الوقت الحاضر؟ كن صادقاً لأن إدراك الحاجة إلى القيام بتعديلات والشعور بأنك على مستوى التحدي هما شيئان مختلفان.
● ما الذي يجري في حياتي الآن وخلال الأشهر القليلة المقبلة؟ لا تهيئ نفسك للإخفاق من خلال محاولة تحسين أسلوب عيشك إذا كنت منصرفاً إلى مشاكل أساسية أخرى، سواء تمثل ذلك في زواجك أو مهنتك أو أموالك أو أولادك. امنح حياتك فرصة للهدوء قبل الانطلاق. في الواقع، يفترض أن يكون القيام بالتعديلات اللازمة في أسلوب العيش لبلوغ الوزن الصحي والحفاظ عليه من أبرز أولوياتك.
● هل أنا واقعي بشأن أهدافي في التخلص من الوزن؟ تذكر أن التخلص من 5 إلى 10 في المئة من وزن جسمك قد يفضي إلى الكثير من المكافآت الصحية. إبدا بأرقام صغيرة. حاول مثلاً التخلص من كيلوغرامين تقريباً كل مرة. فإذا كان مقاس ثيابك 6 أو مقاس سروال الجينز 28 حين كنت في الثانوية، لا يعني ذلك أنه يجدر بك الحفاظ على هذا المقاس في الوقت الحاضر. حاول التوصل إلى وزن مريح تمكنت من الحفاظ عليه بسهولة أثناء شبابك. وإذا عانيت من الوزن الزائد على الدوام، عليك السعي إذاً إلى وزن يؤدي إلى تحسين ضغط دمك ومستويات الكولسترول والطاقة والقدرة على النوم.
● هل أؤمن فعلاً أن الأبطأ أفضل؟ أنت ترغب في التخلص من 200 غرام إلى كيلوغرام واحد كل أسبوع. قد تبدو هذه الوتيرة بطيئة جداً في مجتمعنا المتطلب للرضى الفوري. لكن اجعل تحسين صحتك على المدى الطويل هدفك الأساسي واعلم أن السرعة لا تهم أبداً.
● هل لديّ الوقت للاحتفاظ بسجلات عن مأخوذي من الطعام ونشاطي الجسدي؟ فقد أشارت الدراسات أن الاحتفاظ بالسجلات يزيد من احتمالات نجاحك.
● هل لدي العائلة والأصدقاء الذين يدعمون جهودي؟ فأنت بحاجة إلى أحدهم لمساندتك. وكلما ازداد عدد هؤلاء كان ذلك أفضل. وإذا لم تنعم بدعم أي شخص، عليك التفكير في الانضمام إلى برنامج جماعي للتخلص من الوزن.
● هل أرغب في تحسين صحتي أم أنا مهتم فقط في تحسين شكلي؟
● هل أؤمن بقدرتي على تغيير سلوكي في الأكل؟
● هل أرغب في العثور على سبل تجعلني أكثر نشاطاً على الصعيد الجسدي؟ فالمزيد من الحركة هو أساس التخلص الناجح من الوزن والحفاظ على ذلك.
● هل أعاني من اضطراب في الأكل أو من مشاكل عاطفية أخرى أحتاج إلى المساعدة لحلها قبل الشروع في ذلك؟ فإذا كنت تميل إلى حضور الحفلات الصاخبة ومن ثم تسهيل الأمعاء أو التوق إلى الطعام والإسراف في التمارين الرياضية أو أنك تعاني من الإجهاد أو القلق، قد ترغب إذاً في طلب مساعدة محترفة.
● هل أرغب في النظر إلى نجاحاتي وإخفاقاتي السابقة، من حيث فقدان الوزن والمجالات الأخرى في الحياة، لمعرفة ما الذي يحفزني ويدفعني إلى الاستمرار؟
● هل أؤمن أن التوصل إلى وزن سليم والحفاظ عليه هو عملية تدوم مدى الحياة وتلزمني بتغيير سلوكي وعادات أكلي ومستوى نشاطي الجسدي وهل أنا مستعد للقيام بهذا الالتزام؟
● هل أستطيع اعتبار ذلك بمثابة تجربة إيجابية، لا بل ممتعة؟
أثناء طريقك إلى ذلك
لا شك أنك سمعت عن الإحصاءات المروّعة بشأن العدد الضئيل من الأشخاص الذين يفلحون في التخلص من الوزن الزائد والحفاظ على الوزن السليم. لكن إنسَ ذلك. فبالرغم من الإحصاءات، هناك العديد من الأشخاص الذين ينجحون. صحيح أنك تخضع لتحدٍ كبير وصعب وربما أحد أصعب المهام التي تواجهها، لكنك لست أياً كان. فمع المعرفة والموقف السليم والبرنامج الجيد، يمكنك تحقيق أي شيء.
والأخبار الجيدة هي أنك تبدأ تشعر بالتحسن ويصبح لديك المزيد من الطاقة حين تكتشف مدى روعة تحريك جسمك وتتعلم متعة تناول الأطعمة التي تجعلك بصحة سليمة وتدرك مدى متعة هذه العملية. وإذا ركزت على صحتك، سوف تطوّر عادات صحية وسليمة. وحين تطور عادات سليمة، سوف تهتم الكيلوغرامات بنفسها. وحتى لو لم تصل إلى وزنك “المثالي”، تبقى بصحة أفضل مما كنت قبلاً.
وتذكر دوماً أن هذا الحلّ ليس إصلاحاً سريعاً. فكل ما يعد بنتائج سهلة وسريعة أو يخبرك أنك تستطيع التخلص من الوزن من دون إجراء تغييرات في أسلوب العيش هو تفاهة. تجاهله تماماً. فإذا كنت جاداً بشأن التوصل إلى وزن سليم والحفاظ عليه، لا تكترث أبداً بالحميات الغذائية الرائجة و الشاي والمكملات العشبية والأغذية السائلة التي تعد بمساعدتك على حرق الوحدات الحرارية. فهمّك الأساسي هو صحتك. وأساس التوصل إلى صحة جيدة هو اعتماد العادات الصحية.
لذا، استعد الآن. إنه التزام بالعيش الصحي لمدى الحياة. ما عليك سوى الانتظار حتى ترى كم ستشعر بالتحسن.
تابعونا في سلسلة الوزن الصحي على طبيب دوت كوم