الإسهال المزمن والحساسية الغذائية أكثرها انتشارا
جدة: «الشرق الأوسط»
تتعدد أمراض سوء التغذية، ليس فقط بسبب نقص الغذاء، الذي يظهر في المناطق الفقيرة،
وفي الأسر محدودة الدخل في كثير من بلاد العالم، بل نتيجة لعدم استهلاك بعض العناصر
المهمة للجسم. وهذا قد يظهر جليا لدى الاطفال نتيجة لسرعة نمو الجسم وارتفاع الحاجة
إلى بعض العناصر والمعادن في هذه السن. وقد يظهر أيضا في ظل وجود أمراض مزمنة سواء
كثرة الارتجاع اوالتقيؤ المتكرر، مما يفقد الجسم نسبة عالية من الغذاء.
ويعتبر الإسهال المزمن الذي تسببه الالتهابات الميكروبية والطفيليات، والحساسية
الغذائية أكثر الامراض انتشارا في العالم، وعواقبها وخيمة جدا على الاطفال، الذين
تقل أعمارهم عن سنة واحدة.
يؤكد د. عبد الله بن عبد العزيز الزبن استشاري طب الجهاز الهضمي والكبد والتغذية
للأطفال، بمدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني، لـ«الشرق الأوسط»، أن
الامراض التي تصيب الجسم مثل الربو الشديد وأمراض القلب والتهابات الكلى، أو فشل
الكلى وغيرها، تؤدي الى عاملين مهمين، الأول هو ضعف وفقدان الشهية وعدم الرغبة في
الاكل، وكذلك ظهور مركبات ومواد كيميائية في الجسم بسبب الالتهابات، تثبط مركز
الشهية في منطقة المخ بتقنية غير واضحة في الوقت الحاضر. وكلا العاملين يؤدي إلى
نقص شديد في كمية ونوع الغذاء المستهلك. أما العامل الثاني، فيعود إلى ارتفاع معدل
حرق واستهلاك السعرات الحرارية وبعض العناصر الأساسية، ولا يتم تعويضه، مما يؤدي
إلى ظهور هذه المظاهر.
كثير من أطفالنا يستهلك مأكولات، يمكن القول إنها ضعيفة الفائدة الغذائية، مثل
المشروبات الغازية والحلوى، إما بغفلة أو تجاهل من الأسرة لمضاعفات هذا النوع من
السلوك غير صحي. وحين تأتي فترة الأكل لأحدى الوجبات الرئيسة، يستغني الطفل عنها
بما ذكرنا. ويضيف د. الزبن أن فقر الدم الذي ينتج من نقص كمية الحديد في الجسم، لا
يكون بسبب قلة أكل اللحوم والكبد والأوراق الخضراء الغنية بالحديد فقط، بل قد يعود
الى سوء اختيار الغذاء، حتى في المناطق الغنية، فمثلا استهلاك الألبان والحليب
والشاي مع اللحوم يقلل من امتصاص الحديد إلى درجة عالية. وعلى العكس فقد يظهر لين
العظام بسب عدم التعرض لأشعة الشمس.
ومن أعراض سوء التغذية الأخرى، الخمول والقلق والشرود الذهني، وعدم القدرة على
التركيز الدراسي، على أن الأعراض قد تختلف حسب نوعية العناصر المفقودة، سواء كان
عنصر الحديد، الذي يسبب فقر الدم، او الكالسيوم وفيتامين «دي»، مما يؤدي إلى لين
العظام وتأخر المشي وتقوس الساقين. وقد اظهرت الدراسات الطبية على الاطفال، ان نقص
الزنك لدى الاطفال المصابين بالإسهال المزمن، يؤدي إلى فقر الدم، وقصر القامة وتأخر
البلوغ. ومن أخطر مظاهر سوء التغذية، نقص فيتامين «أيه»، وتدل الإحصائيات العلمية
على ارتفاع معدل الإصابة به في دول أفريقيا بشكل مزعج، وهو يؤدي إلى تهتك قرنية
العين ومن ثم العمى.
ان تسجيل وزن الطفل ومقياس الطول، وقياس محيط الرأس هي أسرع وأقوى الطرق لاكتشاف
وتشخيص ضعف النمو او سوء التغذية. وينبغي الاستفادة من التحاليل المخبرية للتأكد من
أي اشتباه، في حين أن الفحوص الإشعاعية تساعد كثيراً على تحديد أمراض العظام. وفي
حالات الأمراض المزمنة يقوم الطبيب العام بإحالة الطفل إلى الطبيب المختص.
يبدأ العلاج أولا بعلاج الأعراض والامراض الحادة. وبعد تحديد النقص الغذائي ونوعه،
يبدأ رفع القيمة الغذائية والأغذية الأساسية تدريجيا مع متابعة التحسن أولا بأول،
حيث أن الأطباء وأخصائيي التغذية يحرصون على عدم التسرع في العلاج، الذي له أيضا
سلبياته الخاصة. وغالبا ما يظهر التحسن بسرعة، الا ان الطول قد يتأخر لعدة اشهر من
بدء العلاج. ينبغي ان يتذكر الجميع ان سوء التغذية له مضاعفاته ذات المدى القريب
والبعيد، وأن يتذكروا الحكمة المشهورة بأن «الوقاية خير من العلاج».