التصنيفات
صحة المرأة

اوجاع الحوض Pelvic Pains

غالبية النساء اللواتي يزرن الطبيب النسائي يشكين من آلام حادة او مزمنة في الحوض او في اسفل البطن و الظهر. و تختلف حدة هذه الاوجاع باختلاف الامراض التي تسببها. وأية شكوى من هذا النوع تتطلب الأذن الصاغية و الاهتمام اللازم من قبل الطبيب الاخصائي الذي يجب عليه ان يبادر الى تحليل مصدر هذه الاوجاع، و تشخيص المرض بكل صبر و أناة، لأن المعالجة في مثل هذا المكان المعقّد ( الحوض ) من جسم المرأة لا تؤتي ثمارها إذا تلكأ الطبيب في تحديد مصدر الاوجاع بكل دقة.

نوعية الاوجاع

يكون الوجع عادة في اسفل البطن او اسفل الظهر، و لكنه يختلف من امرأة الى اخرى. تأتي المريضة الى العيادة فتقول : ” إنني أشكو من ثقل غريب او شد الى الامام او الى الخلف نحو المخرج “.. و امراة اخرى تقول : “… اشعر بالوجع عندما يبدأ الميعاد ( الدورة الشهرية ) و سرعان ما يتصاعد الوجع بحيث لا اعود استطيع تحمّله.. ويبدأ عندي الاستفراغ ” اما الثالثة فتقول : “.. اشعر بحريق في اسفل بطني يمتد احياناً الى ساقيّ.. واحياناً يلف خاصرتي.. وهو ينقز نقزاً وكأنه مخرز يعمل في خاصرتي..).

إذا ً هناك انواع عديدة من الاوجاع، فلنستعرضها تباعاً :

1. وجع المبيض (الإباضة)

تعاني منها حوالي 5% من النساء، وهي الاوجاع التي تبدأ عند المرأة في يوم الإباضة، اي في منتصف دورتها الشهرية، و يرافقها احياناً تمشحات دموية بنيّة اللون و حمراء، وتختلف في قوّتها و حدّتها من دورة الى اخرى، وتبدأ في اسفل البطن و لكنها في الغالب تكون محصورة في المبيض الأيسر او الأيمن حسب عملية الاباضة. وتفسّر هذه الاوجاع بتكوّن كيس مبيضي سرعان ما ينفجر قبيل حدوث الاباضة ( كيس ” غراف ” الشهير ).

و تجدر الملاحظة هنا بأن مثل هذه الاوجاع المبيضية الحادة قد تغش المريضة احياناً، او الطبيب نفسه، فيعتقد بأن المرأة مصابة بالتهاب في الزائدة الدودية فيجري لها عملية جراحية بدون اي داعٍ لها.

يُعالج هذا النوع من الاوجاع بإعطاء المرأة حبوب منع الحمل التي تمنع الإباضة مؤقتاً، فتستريح المريضة من أوجاعها.

2. الاوجاع التي تسبق العادة الشهرية (Premenstrual Syndrome)

تكثر هذه الاوجاع، بصورة خاصة، عند المراة بعد سن الخامسة و الثلاثين، وهي تظهر في فترة العشرة ايام التي تسبق الدورة الشهرية، و ترافقها عدة علامات و اوجاع اخرى خارج الحوض تدل مجتمعة، دلالة واضحة، على نوع المرض، وهي التالية :

• احتقان في الثدي، احياناً لا يطاق و يصعد الى الكتف و الذراع، ويصبح لمس الثدي، في مثل هذه الحالة، موجعاً للغاية.
• احتقان في اسفل البطن، فينتفخ و تبدو المريضة كأنها منفوخة بسبب احتقان الغازات في امعائها.
• كثرة التبول.
• احتقان السوائل في جسم المرأة، فيزيد وزنها، حوالي نصف كيلو غرام او كيلو غرام، و تنتفخ اطرافها ووجها.
• حالات عصبية، نرفزة، اوجاع في الرأس، ضيق في التنفس، اوجاع في الحلق، حساسية في الجلد، إمساك واضح و شديد احياناً، اوجاع في المرارة.. الخ.

كل هذه العوارض تختفي جزئياً او كلياً بحلول الدورة الشهرية.

3. وجع الطمث / الدورة (Dysmenorrhea)

يصادف هذا النوع من اوجاع البطن و الحوض في 25% من الحالات، و تدوم يوماً او يومين و على الاكثر ثلاثة او اربعة ايام. تظهر هذه الاوجاع، بصورة خاصة، لدى الفتيات اللواتي تتراوح اعمارهن بين سن الثامنة عشرة و العشرين و تختفي عادة بعد الولادة الاولى، و تختلف اوجاع الطمث في حدّتها و قوّتها من خفيفة جداً الى قوية جداً، مما يفرض على الطبيب اختيار الدواء المناسب من أجل تسكينها و التخفيف منها. تكون الاوجاع محصورة عادة في اسفل الحوض و تمتد الى المثانة و المهبل و العجان، واحياناً تمتد لتشمل البطن بأسره، وهي من النوع المتماوج الذي يتصاعد احياناً و يخبو احياناً اخرى بسبب التقلصات الرحمية المستمرة، ويرافقها عادة : قيء حاد وغثيان، إسهال، نرفزة و اوجاع في الرأس.

و تبقى الفتاة في بعض الحالات طريحة الفراش عدة ايام بسبب الاوجاع الحادة في كل بطنها.

اما أسباب هذه الاوجاع و معالجتها فيتطلب سردها هنا وقتاً طويلاً لا يسمح المجال له، ولكننا نكتفي بالقول إن المعالجة تكون عادة بالمسكنات و المهدئات ( ادوية الامراض العصبية ) مثل البروفين، البنادول، و كذلك الاسبرين يعطي احيانا مفعولاً جيداً، هذا بالإضافة الى الهورمونات المبيضية التابعة للجسم الاصفر، و الادوية المضادة للتقلصات مثل ( سباسفون ) و ( السباسموسيبالجين )، وغيرهما، اما الادوية المسكّنة فلا ننصح باستعمالها بشكل روتيني إلا بإشراف طبيب نظراً للمضاعفات التي قد تسببها.

4- أوجاع الالتهابات

الالتهابات الرحمية و المهبلية، وكذلك قرحة عنق الرحم، تسبب آلاماً في أسفل البطن و الظهر خصوصاً إذا كانت حادة و تفرز قيحاً، ويرافقها ارتفاع في الحرارة، و ضعف عام، و اوجاع في الرأس. وعندما يتكون القيح في اسفل البطن يصبح الالم شديداً مما يستدعي إجراء عملية جراحية سريعة ( شق بطن ).

وتكون المعالجة، في هذه الحالة، بإعطاء المريضة جرعات قوية جدا ًمن البنسلين تقدّر بعشرات الملايين من الوحدات الطبية،كذلك يفيد الجنتاميسين لمعرفة نوعه و مصدره قبل المباشرة بالمعالجة الاولى، مما يساعد الطبيب على اختيار الدواء المناسب لهذا النوع او ذلك من الجراثيم.

5- وجع اللولب

يعتبر اللولب في داخل الرحم جسماً غريباً، لذلك يسبب وجوده تقلصات رحمية واوجاعاً خفيفة في جهة الحالبين و اسفل الظهر، واحياناً تشعر المرأة بأوجاع في المعدة و البطن و كأنها امتداد لأوجاع الحوض، إلا أن غالبية اوجاع اللولب مصدرها نفسي نظراً لما تسمعه المرأة و تقرأه عن اللولب يوميا ً. و معالجة هذه الحالة تكون بطمأنة المرأة و تسكين آلامها ببعض المسكنات مثل البوسكوبون، بعد التأكد من وجود اللولب في مكانه.

6- أوجاع الحوض العصبية

إن كثرة التشعبات العصبية الموجودة في الحوض، ووجود اكثر من عضو حساس في هذه المنطقة المعقّدة مثل المثانة، والرحم و ملحقاته، و المستقيم، و حلقة الشرج… و كذلك شرايين الحوض الثخينة التي تغذي الاطراف السفلية، كل هذا يجعل من الحوض ملتقى أهم الاعصاب النباتية و السمباتية، و لا ننسى الاعصاب التي تتفرع من بين خرزات العمود الفقري و تنزل الى الحوض.

فإذا صادف ان أصيبت المرأة بأي عارض صحّي، او صدمة، او وباء له طابع العدوى، او مرض الديسك، فلا بد من أن تتأثر أعصاب الحوض عندها مما يسبب لها اوجاعاً في اسفل الظهر و البطن.

ولا بد هنا أن نذكر بفاريس الاعضاء التناسلية الداخلية الذي يسبب، هوالآخر، ثقلاً و اوجاعاً مزمنة في الحوض، و المعالجة في مثل هذه الحالة تكون جراحية.

و هكذا نرى كم هو معقد تركيب الحوض، و كم تتعدد انواع الآلام التي تصدر عنه، ولا مجال للشك بأن شكوى المرأة من آلام تزعجها في الحوض لها ما يبررها و يجب البحث عنها و التدقيق في اسبابها للوصول الى النتيجة المرجوّة في المعالجة. لذا، ليس علينا ان نستخف بمثل هذه الامور، كما ان على المريضة، حينما تشعر بمثل هذه الآلام، ان تتوجه الى الطبي لمعرفة السبب.

متى يجب استشارة الطبيب؟

يجب الاتصال بالطبيب في الحالات التالية :

• وجود الم شديد و مغص مصحوب بالغثيان و التقيؤ او الإغماء.
• إذا كنتِ تشعرين بمغص شديد بعد الولادة بفترة، او إثر عملية إجهاض أجريت لك ِ.
• إذا كنتِ حاملاً و مهددة بالإجهاض.
• إذا وضعتِ لولباً منذ فترة قصيرة.
• إذا ارتفعب حرارة جسدك ارتفاعاً ملحوظاً مع وجود وجع شديد في البطن و تعرّق و قشعريرة.
• في حال ظهور الم مفاجئ في أسفل البطن و ضغط في الحوض و غياب عن الوعي يرافقه تمشحات دموية بعد انقطاع الدورة الشهرية بأيام او اسابيع ( اعراض حمل خارج الرحم ).

بعد فحص الحوض، من الممكن للطبيب، والحال هذه، واذا استدعى الامر، ان يطلب من السيدة إجراء بعض التحاليل في المستشفى، مثل تحاليل الدم و البول، كما انه من الممكن اخذ صورة صوتية او شعاعية للحوض، لإلقاء الضوء على ما يجري داخل البطن. وفي حال لم يكن كل هذا التشخيص قاطعاً للشك يمكن إجراء فحص بالمنظار للبطن و ذلك عن طريق إدخال منظار في جوف البطن.

وبما ان الم الحوض قد يستدعي إجراء جراحة، إما للتشخيص او للمعالجة، فمن الحكمة الا تأكل المرأة او تشرب شيئاً الى ان تتصل بطبيبها. وتوصى المريضة أيضا بعدم تناول اي دواء مسكن حتى لا تختفي الصورة الحقيقية لطبيعة آلام الحوض.

استمرار المراقبة

في حال اعطى الطبيب المراة المريضة وصفة دوائية و رجعت الى المنزل، فحرّي بها ان تبقى في حالة مراقبة ذاتية، حتى إذا بدأت تشعر بالتحسن بعد تناول الدواء، فهذا امر طيب بالتأكيد، و لكن إذا لم تلحظ حصول تحسّن بعد مرور 12 – 24 ساعة، فعليها مراجعة الطبيب. وفي حال أدى تناولها للدواء الى بروز موجة جديدة من العوارض مثل الشعور بوهن شديد، او تفاقم الالم، او حصول قشعريرة مصحوبة بالحمى، فعليها حينذاك طلب المساعدة الطبية على الفور، لأنها ربما كانت ضحية سوء تشخيص للمرض