التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

برنامج الشفاء: علاج الإدمان – ج10

الشفاء ليس ببساطة امتناعاً عن الشرب أو التعاطي. ففي حين أنه يتضمن الكثير من الممنوعات إلا أن الشفاء في واقع الأمر هو برنامج يزخر بالمسموحات؛ أمور أنت قادر على القيام بها لتضمن لنفسك حياة مفعمة بالسعادة، وتطفح إنتاجية، وتعود عليك بالكثير من الرضا عن طريق بلوغك شاطئ الصحو الآمن.

وإن واحداً من أفضل الأماكن التي يمكنك البدء منها لتعلم كيفية دمج المسموحات في حياتك، بينما تشيح بوجهك عن الممنوعات، هو مجموعة دعم الاثنتي عشرة خطوة. تزودك مجموعات الدعم ببيئة آمنة يمكنك فيها اكتشاف أساليب جديدة للتعامل مع مرضك، ومشاركة انتصاراتك ونكساتك مع الآخرين، وتبادل المعلومات والقصص، واستمداد القوة من معرفتك أن الشفاء ممكن فعلاً.

تعلم برامج الخطوات الاثنتي عشرة طرائق للتعامل مع الرغبات الملحّة، كما بإمكانها أن تدرّب المدمنين على تجنّب المواد الإدمانية والمحفزات المرتبطة بها والتي يمكن لها أن تسبب الرغبات الملحّة. تحمل هذه البرامج أيضاً في جعبتها مهارات تكيّف تساعدك على مواجهة المشكلات التي قد تعترضك في مناحي حياتك كافة التي أفسدها الإدمان بطريقة أكثر فاعلية، ومنها:

–  النواحي النفسية:إذ تعلمك كيفية التعامل مع الاكتئاب والاعتلالات الأخرى التي قد تصيبك.

–  الأسرة: تعلمك كيفية التعامل مع الشِّجارات الزوجية، والانفصال، وكيف تتعامل مع وضعك كوالد ليس له حق الوصاية على الأبناء.

–  النواحي القانونية: تعلمك كيفية التعامل مع الطلاق والأمور القانونية الأخرى المتعلقة بإدمانك.

–  النواحي الصحية: تعلمك كيفية مواجهة سوء التغذية ومعالجته، وكذلك الحال مع أمراض الكبد وغيرها من الأمراض المرتبطة بالإدمان.

–  النواحي الاجتماعية: تعلمك كيفية إنشاء شبكة من الأصدقاء والمعارف الصاحين، وكيفية المشاركة في النشاطات الاجتماعية عند بلوغك الصحو.

–  التوظيف: تعلمك كيفية التعامل مع النتائج غير المباشرة للإدمان في إطار العمل، وكيفية العثور على وظيفة جديدة.

بالرغم من أن برامج الخطوات الاثنتي عشرة لا تعرض أي نوع من أنواع المعالجة الطبية أو النصح، غير أن أدوات التكيف التي ستتقنها في هذه المجموعات يمكن لها أن تسهم في إبقائك صاحياً فترة كافية كي يقوم جسدك بالبدء بإصلاح الضرر الذي ألحقه الإدمان بالدماغ من جهة، ولتقوم أنت بتبني نظام غذائي صحي وتعتاد القيام بالتمرينات الرياضية اللذين سينهضان بصحتك بشكل عام.

يبحث هذا الفصل بشكل رئيس في مجموعة الاثنتي عشرة خطوة لمدمني الكحول المجهولين (AA)، لكونها نموذجاً احتذته مجموعات كثيرة غيرها، منهم: المقامرون المجهولون، مدمنو الحبوب المجهولون، مدمنو الحشيش (الماريجوانا) المجهولون، النّهِمون المجهولون، الانفعاليون المجهولون، وطريق الشفاء العقلاني. فمعظم الأفكار والممارسات المستخدمة في مجموعة (AA) تنطبق على المجموعات الأخرى أيضاً. وبالاعتماد على نوع إدمانك ووضعك الخاص فقد تستفيد الاستفادة القصوى من مجموعة (AA) وحدها، أو من مجموعة أخرى وحدها، أو من الاثنتين معاً.

المدمنون الكحوليون المجهولون؛ المجموعة النموذج لكثير من مجموعات الخطوات الاثنتي عشرة

المدمنون الكحوليون المجهولون (AA) هي عبارة عن زمالة طوعية تضم رجالاً ونساء من أرجاء العالم قاطبة، ومن مسارب الحياة المختلفة، تجمعهم الرغبة بأن يصبحوا صاحين، وأن يبقوا هكذا. وشرط العضوية الوحيد فيها هو الرغبة بالإقلاع عن معاقرة الكحول.

تم تأسيس هذه الزمالة في ثلاثينيات القرن الماضي على يد رجلين كانا غير قادرين على التغلب على إدمانهما الشخصي على الكحول لا عبر الحلول النفسية ولا الدوائية. غير أنهما كانا قد اطّلعا على حالة بعض الأشخاص الذين استطاعوا فعلاً التغلب على إدمانهم على الكحول بمساعدة مبادئ مساعدة ذاتية. فما كان من هذين الرجلين إلا أن طوّرا مجموعة المدمنين المجهولين ليقدموا هذه المبادئ إلى المدمنين الكحوليين. ومنذ ذلك الحين، انتشرت فكرة مجموعة (AA) عبر العالم، في حين أن فلسفتها العامة ومبادئها في مساعدة الذات قد تمت مواءمتها للتكيف مع احتياجات المدمنين على المخدرات، أو على القمار، والنهمين، وغيرها من المشكلات.

إن إحدى الفوائد العظيمة لمجموعة الكحوليين المجهولين هي أنها تأخذ بيد المدمن الكحولي ليدرك أنه في واقع الأمر مدمن كحولي. فالغالبية العظمى من الناس ليسوا على استعداد للإقرار بذلك: فما من أحد يرغب بالاعتقاد أنه مختلف جسدياً وعقلياً عن نظرائه الذين لديهم القدرة على الشرب في المناسبات الاجتماعية وعلى نحو مسؤول. وليس من المفاجئ أن حكايتك مع الشرب قد حددت ملامحها محاولات عبثية لإثبات أن بمقدورك التعامل مع المشروب كالأشخاص الآخرين. إن الفكرة التي تستحوذ عليك بأنك يوماً ما وبطريقة ما ستسيطر على عِلّة الشرب لديك إنما في الوقت ذاته لا تزال تستمتع بها، هي الهاجس الأكبر الذي يسيطر على كل محتسي الكحول الشاذين. إن الإصرار على هذا الوهم أمر مدهش بحق، والكثيرون يطاردونه حتى أعتاب الجنون أو الموت.

بصورة مطلقة، لا يمكنك النجاح في مساعيك للشفاء ما لم تعترف في أعمق أعماق نفسك أنك كحوليّ. إنها الخطوة الأولى على طريق الشفاء، وهي خطوة يعمل برنامج المدمنين الكحولين المجهولين على توطينها بشدة في نفوس أعضائه.

المبادئ الأساسية في برنامج المدمنين الكحوليين المجهولين (AA)

برنامج (AA) هو برنامج يسعى للتقشّف انطلاقاً من هموم هذا اليوم، ومن صراعات هذا اليوم، ومن ضغوطاته، ورغباته الجامحة. يعمل الأعضاء فيه على الامتناع عن كأس مشروب واحد، في اليوم الواحد.

يتم تحقيق حالة الصحو والمحافظة عليها من خلال مشاطرة التجارب، والقوة، والأمل في اجتماعات المجموعة، ومن خلال العمل على اثنتي عشرة خطوة للشفاء من الإدمان على الكحول. كما تشكل مجموعة الكحوليين المجهولين بيئة صاحية آمنة يمكن فيها ممارسة وتعزيز الكثير من مهارات التكيف الجديدة التي تتعلمها خلال برنامجك العلاجي.

تجمع اللقاءات مجموعات من الأشخاص المتماثلين للشفاء الذين يساعدون بعضهم بعضاً للبقاء صاحين. وهم مصممون على إكمال برنامجهم العلاجي. وتتم هذه العملية بشكل غير معلن، بمعنى أن ما يقال داخل اللقاءات وبين الأعضاء يبقى طي الكتمان؛ فمشاركة أحد الأشخاص في لقاءات مجموعة الكحوليين المجهولين أمر لا يكشف عنه ولا يناقش مع أيٍّ كان، ولا في أي وقتٍ كان، خارج اللقاءات.

تزوّد مجموعة الكحوليين المجهولين أعضاءها بشبكة جاهزة من المؤيدين الذين يصرفون اهتمامهم كله ويكافحون لأجل التركيز على الوصول إلى الصحو والامتناع عن الشرب. إن هذا مهم للغاية لأنه في كثير من الحالات ينفضّ الأصدقاء وأفراد الأسرة من حول المدمن بسبب أفعاله، تاركين إياه من دون جهاز مساندة. تقدم زمالة الكحوليين المجهولين جهاز مساندة مكوناً من أشخاص قد سبق لهم ومروا بما يمرّ به الآن، يفهمون ما يفكّر فيه وصعوبة الصراع الذي يعيشه. إنهم لا يصدرون أحكامهم عليه ولا يعظونه؛ بل يسعون بكل بساطة لدعمه.

تذكر أن مجموعة الكحوليين المجهولين تسعى وحسب لمساعدتك لتصبح صاحياً وتبقى كذلك من خلال تطبيقك الطوعي لبرنامجهم ذي الاثنتي عشرة خطوة، ومن خلال الدعم الجماعي، والرعاية الفردية.

ولا تحاول المجموعة متابعة أعضائها أو التحكم بهم، أو توزيع النصائح النفسيّة أو الطبيّة، أو وصف الأدوية وبيعها، أو العرض لطقوس دينية، أو تقديم خدمات تمريضية أو مصحات، وهي لا تقدم أي رفاهيات أو خدمات اجتماعية، ولا توزع أي نصائح في الشؤون المنزلية أو المهنية، ولا تخطّ رسائل توصية لهيئة إطلاق السراح المشروط أو مسؤولي المحاكم أو الوكالات الاجتماعية أو هيئات التوظيف.

إن مجموعة الكحوليين المجهولين (AA) ليست بوكالة؛ إنها ببساطة مجموعة من الناس الملتزمين بمساعدة أنفسهم ومساعدة غيرهم للحياة على نحو صاحٍ.

الراعون: دليلك إلى مجموعة (AA) وبناء حياة صاحية

تخيم على الأسابيع والشهور الأولى من طور الشفاء مشاعر الإحباط، والتشوش، والخوف. سيحتاج الأشخاص ممن هم في هذه المرحلة الصعبة إلى التحدث عن مشاكلهم ومخاوفهم. وهنا يأتي دور الراعي.

راعيك هو دليلك إلى مجموعة الكحوليين المجهولين، بل وأكثر من ذلك. إنه/إنها ذلك الشخص الذي تهاتفه عندما تجتاحك تلك الرغبة المريعة بالشرب، أو عندما تكون مكتئباً، أو حزيناً، أو إذا تشاجرت لتوك مع شريك حياتك، أو بعد تعرضك للزلل أو الخطأ. يناط بالراعي الكثير من المهام، من ضمنها:

–  مساعدة الوافد الجديد من خلال الإجابة عن أسئلته وشرح عملية الشفاء ذات الاثنتي عشرة خطوة.

–  الموافقة على الحضور كلما احتجت إلى التحدُّث إليهم، والاستماع إلى ما يعترضك من صعوبات وإحباطات، ومشاركتك آراءهم وطرحهم الحلول لمشاكلك.

–  أن يقدموا إليك النصائح والاقتراحات لكيفية التعامل مع المشاكل استناداً إلى تجاربهم الشخصية مع حالة الصحو التي يعيشونها منذ أمد طويل.

–  الاستماع بشكل سري وموثوق إلى أسرارك المتعلقة بالإدمان، والشعور بالذنب حين ينتابك أي عارض.

–  تحذيرك عند تخطيك حدود الطريق للشفاء. فالراعون عادة هم أول من يعلم حين تزل أو تنتكس، وعندها سيحثونك على حضور المزيد من اللقاءات أو الحصول على المساعدة لحل مشاكلك.

–  تقديم الإرشادات إليك عبر مسيرتك في الخطوات الاثنتي عشرة.

قدمت صوفي ذات السبعة والأربعين عاماً إلى معهدي بعد مسيرة طويلة لها مع الانتكاسات. كانت قد أدمنت شرب الكحول طيلة عشرين عاماً، وشاركت في ثلاثة برامج مختلفة لمعالجة الإدمان على الكحول. لم يسبق لها قط أن تناولت (أو عرض عليها تناول) الأدوية المضادة للإدمان، وأطول فترة صحو أمضتها كانت أربع سنوات. وعندما سألتها عن الأمر الذي كان المعين الأكبر لها لتبقى صاحية في الماضي، أجابتني على الفور “زمالة الكحوليين المجهولين (AA)، وبشكل خاص راعيتي ليندا. لطالما كانت إلى جانبي كلما احتجت إليها. لا يسعني أن أحصي المرات التي كنت على وشك أن أحتسي كأساً من المشروب في خلالها، فأتصل بها فتثنيني عن عزمي وتمنحني القوة. لقد ساعدني حقاً حصولي على نصيحة من امرأة كانت قد مشت مسيرة الكفاح ضد الكحول وتعرف خباياها. من دونها لم أكن لأستطيع الصمود لأكثر من أيام معدودة من دون مشروب، لكنها ساعدتني على البقاء صاحية لأربع سنوات بطولها. من ثم توقفت عن حضور لقاءات(AA) وانتهى بي المطاف إلى معاقرة الكحول ثانية”.

الراعي قد لا يقدر بثمن، يمنحك الحافز الذي تحتاج إليه تماماً البقاء سائراً على خُطى البرنامج ومحافظاً على صحوك. قد يتم تعيين راعٍ لك، أو قد تختاره بنفسك فتحرَّ أن يحمل الصفات التالية:

–  أن يكون قد أمضى سنوات في الصحو بعيداً عن كل المخدرات والعقاقير التي تؤثر في المزاج.

–  أن يكون ممن يعيشون نمط حياة صحية خالية من الصراعات مع مشكلات ضخمة أو مع الإدمان.

–  أن يكون مسهماً ناشطاً ومنتظماً في لقاءات الاثنتي عشرة خطوة، وممن يطبقونها بشكل فعال كذلك.

–  أن يكون شخصاً لديك القدرة على التواصل معه. فحين أنك قد لا تتفق مع راعيك على الدوام، إنما يجب أن تكون قادراً على احترامه.

–  ألاّ يكون مرشحاً لحدوث تواصل عاطفي أو جنسي معه، والارتباطات الناجمة عن ذلك. فمن لديهم قابلية للاهتمام بالجنس الآخر عليهم انتقاء راعٍ من جنسهم.

تتفاوت إجراءات طلب الراعي من مجموعة إلى أخرى، لكنها ليست معقدة على الإطلاق. فعندما تبدأ التردد على اللقاءات، عليك بالوصول باكراً في إحدى المرات، ثم اسأل المرشد عن كيفية انتقاء الراعين. بعض الآليات المتبعة لذلك تكون على الشكل الآتي:

–  تخبر المرشد أنك راغب بالحصول على راعٍ فيرشح لك شخصاً معيناً من الأعضاء.

–  تضع اسمك ضمن لائحة في بداية اللقاء، فيقوم الراعي المحتمل بالعثور عليك، ويتم ذلك أحياناً خلال اللقاء الأول أو بعده مباشرة.

–  يسأل المرشد عمّن يحتاج راعياً، ترفع أنت يدك فيتقدم إليك راعٍ محتمل معرِّفاً عن نفسه.

–  يسأل المرشد عمن لديه اهتمام أن يصبح راعياً، فترى أنت من رفعوا أيديهم وتقرر أيّهم ترغب بأن تتقدم إليه.

ليس عليك أن تقلق حيال فكرة أن يقع اختيارك على من هو غير مناسب لك، فترهقك صحبة راعٍ ليس معيناً لك كما ترغب. فالراعون جميعهم مؤقتون، ولديكما (أنت والراعي) الفرصة لتعملا بشكل متقارب فترة من الزمن قبل أن تجعل منه راعيك الدائم. فإن كان راعيك المؤقت غير مناسب لك، فلا تتردد في طلب راعٍ آخر. ولا يشغلنّك أن يشعر الراعي المؤقت بالانزعاج. بل تذكر أن هدفك من وراء انتقاء الراعي هو الإفادة إلى أقصى درجة ممكنة من مجموعة (AA).

الخطوات الاثنتا عشرة

قلب مجموعة الكحوليين المجهولين النابض هو في مبادئها الاثني عشر التي تتناول كيفية التعامل مع حياة الصحو. تعرف هذه المبادئ باسم الخطوات الاثنتي عشرة، وهي تشكل دليل عمل المجموعة لأجل الوصول إلى حالة الصحو والحفاظ عليها.

وهاكم الخطوات الاثنتي عشرة مصاغة في عبارات بسيطة:

1.  إننا نقرّ بعجزنا أمام سطوة الكحول، وإن حياتنا قد أضحت صعبة الانقياد.

2.  بتنا نثق بأن قوة أكبر من طاقتنا هي ما نحتاج إليها لتعيدنا إلى مسار العقل السليم.

3.  اتخذنا قراراً أن نسلم قيادة إراداتنا وحياتنا إلى رعاية الله سبحانه وتعالى.

4.  لقد أجرينا بحثاً معمقاً وأجرينا جرداً أخلاقياً لذواتنا من دون مهابة.

5.  أقررنا أمام خالقنا وأمام أنفسنا وأمام البشر الآخرين بحقيقة طبيعة أخطائنا.

6.  إننا جاهزون كليّاً لأن يزيل عنا الله سبحانه وتعالى كل العيوب في شخصياتنا.

7.  وتضرعنا إليه بذلّة أن ينقينا من نقائصنا.

8.  وضعنا لائحة بكل الأشخاص الذين آذيناهم وبتنا نسعى للتكفير عن ذنوبنا معهم.

9.  أصلحنا ذات البين بيننا وبين أولئك الأشخاص، ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، إلا في حال كان في ذلك أذى لهم أو لغيرهم.

10. تابعنا التدقيق في أنفسنا وسعينا إلى الاعتراف بخطأنا من غير إبطاء عند اقترافنا إياه.

11. التمسنا عبر الدعاء والتأمل تحسين صلتنا مع الله لوعينا بوجوده سبحانه وتعالى، داعين أن يهدينا سواء السبيل وأن يلهمنا الرشد في ما كتبه علينا وأن يمدنا بالقوة لنستمر في حسن عملنا هذا.

12. الصحوة الروحانية التي حصلنا عليها نتيجة هذه الخطوات جعلتنا نسعى لنشر هذه الرسالة بين الكحوليين، ونسعى لممارسة هذه المبادئ في شؤون حياتنا الأخرى كافة.

جاستين هو منتج موسيقي يبلغ الحادية والثلاثين من العمر. أخبرني أنه شعر بأنه قد انحدر إلى أسفل دركٍ حين استيقظ ليجد نفسه في السجن بعد ليلة عامرة بالكوكايين، ومن دون أدنى قدرة على تذكر ما حدث معه في الليلة الفائتة. ومنذ تلك الواقعة التي حدثت قبل ستة أشهر تم طرده من عمله، انفصل عن زوجته بعد زواج دام خمسة أعوام، وفقد منزله. لقد أدرك جاستين أخيراً أنه لا حول له ولا قوة في السيطرة على تعاطيه للكوكايين، وأن ذلك الأمر آخذ بتدمير حياته. وعليه فقد بحث في دليل الهاتف عن مجموعة مدمني المخدرات المجهولين (NA)، وذهب إلى لقائه الأول معهم. وهناك أدرك لتوّه أنه قد قام بالخطوة الأولى من برنامج الخطوات الاثنتي عشرة الخاص بمدمني المخدرات المجهولين، ألا وهي الإقرار بعجزه أمام سطوة إدمانه، وأن هذا الأمر يدمر حياته. لقد بات على الطريق إلى حياة الصحو.

يعمل المشاركون في المجموعة على التقدم في الخطوات الاثنتي عشرة بمساعدةٍ من راعيهم. وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، فلا تجزع إن طويت الشهور والأعوام قبل أن تحققها جميعها. وتذكر أنك كنت على الأرجح تتعاطى لسنوات، فلا تتوقعنَّ التعافي بين ليلة وضحاها، ولا حتى بعد مرور أسبوعين من الزمن.

بالرغم من أن الخطوات الاثنتي عشرة تتوجه كثيراً إلى الله سبحانه وتعالى، إلا أن زمالة الكحوليين المجهولين ليست بمنظمة دينية، ولا هي تتطلب من أعضائها أن يكونوا متدينين أو مؤمنين. بدلاً من ذلك فإنها تجمُّع روحاني، والخيارات الروحانية التي يتخذها الأعضاء أمر شخصي وفردي للغاية. فكل منهم يقرر ما يعنيه الوجود الإلهي أو الذات العليّة في حياته. وإن هذا لا يعيقك أبداً من أن تكون مشاركاً في مجموعة (AA) وأن تستفيد منها إلى أقصى درجة.

اثنتا عشرة نصيحة

يتطلب العمل على الخطوات الاثنتي عشرة انضباطاً ذاتياً، وبحثاً في أعماق النفس، ومواجهة للنقائص الفردية. وهذه أمور يمكن لها أن تكون صعبةً جداً على أشخاص اعتادوا الاختباء في ظل الكحول أو المخدر. لذا، فقد وضعت مجموعة الكحوليين المجهولين بعض الأقوال القصيرة التي تعين الناس على المثابرة على جهودهم اليومية للبقاء صاحين، ومنها:

–  خذ الأمور يوماً بيوم: إنه لمفهوم مفتاحي للبقاء في حالة الصحو. فلا تَدَعِ الهواجس تنتابك بشأن بقائك في تلك الحالة إلى الأبد؛ بل الأحرى بك أن تركز على يومك وحسب. واجعل هدفك الذهاب إلى فراشك مساءً من دون أن تحتسي كأساً أو تتعاطى مخدراً طيلة اليوم.

–  سَلِّم أمورك: يغامر المدمنون أحياناً بشفائهم حين يحاولون معالجة مشاكل ليست لها حلول. فطي الصفحة عن هذه المسائل – بتسليمها في كثير من الأحيان إلى قوى أعلى منك – يفسح لك في المجال للتركيز على البقاء صاحياً، وهي مهارة في غاية الأهمية.

–  بسّط الأمور: يمكن أن يصبح تعلُّم كيفية البقاء صاحياً أمراً غاية في التعقيد، وقد يتراءى أحياناً مستحيلاً، فلا تجعلنَّ هذه العملية أكثر صعوبة مما هي عليه، أو أكثر مما يمكن أن تكون عليه.

–  خذ حاجتك واترك الباقي: ينطبق هذا على حضورك للقاءات مجموعة (AA). إنه ليس برنامجاً مثالياً، وما كل امرئ يستفيد من كل جانب منها بنفس الدرجة. وعلى أي حال، إن حصرت تركيزك على الأجزاء التي تجدها مفيدة أكثر من تلك التي تزعجك، فسيكون ذلك أدعى لأن تخرج حقاً بما هو نافع لك من هذه اللقاءات.

–  احضر بجسدك، وذهنك سيأتي لاحقاً: إن الجانب الأهم من برنامج الخطوات الاثنتي عشرة هو حضور اللقاءات. سيستلزم الأمر منك وقتاً لتشعر بالراحة تماماً هناك. لذا، جرّب حضور لقاءات عدة، حاول الاجتماع بالناس هناك وقراءة المواد المعروضة، فقط اذهب وواظب على الحضور.

–  HALT:هذه الكلمة المركبة من الحروف الأولية، هي طريقة مختزلة لتذكير الأشخاص الذين شفيوا أنهم عرضة بشكل خاص للانتكاس عند تعرضهم لمواقف متطرفة من الجوع، أو الغضب، أو الوحدة، أو التعب. وهي الكلمات التي تؤلف حروفها الأولية باللغة الإنكليزية كلمة HALT.

لعل النصيحة الأهم بين هذه النصائح هي: “خذ الأمور يوماً بيوم”. ففي بدء المعالجة من الشائع جداً أن تشعر بأنه يطلب منك القيام بتغييرات لا تحصى، وأن تعمل على الفور على تعديل حياتك كاملة. ومن السهل أن تشعر باضطراب شديد حيال كمِّ المشكلات الجدية التي يتوجب عليك مواجهتها، بما فيها: “كيف سأستعيد عملي؟”، “هل ستسامحني زوجتي يوماً؟”، “كيف سأمضي بقية عمري من دون أن أرتشف أي رشفة من المشروب؟”، “كيف سأتمكن من إعادة بناء علاقتي بأولادي؟”. إن محاولة معالجة هذه المشكلات كلها دفعة واحدة وعلى الفور هي كثيرة جداً على أي شخص، حتى ضمن أفضل الظروف. لذا بسّط الأمور على نفسك، خصوصاً في بداية المشوار، وركّز جلّ اهتمامك على هدف واحد فحسب، ألا وهو: تمضية هذا اليوم من دون احتساء الكحول أو تعاطي المخدرات. فإن تمكّنت من القيام بذلك فقد بتَّ أقرب – بمعدّل يوم – إلى شفاء ناجح.

الذهاب إلى اللقاءات أمر جوهري

يسائلني كثير من مرضاي عما إذا كان يتوجب عليهم حضور تلك اللقاءات، أفلا يمكن أن يعملوا على الخطوات الاثنتي عشرة بمفردهم؟

إن زمالة الكحوليين المجهولين تزودك بشبكة الدعم والمؤازرة التي هي جوهرية لشفائك. ولتُبقِ حاضراً في ذهنك، أنك عندما كنت تمارس إدمانك كنت تشعر بالكثير من الأمور تطغى عليك كالضغوط العائلية، والأمور المالية، وجوانب أخرى من حياتك اليومية. فسواء أحدث ذلك عن عمد منك أم لا، إلا أنك قد لجأت إلى الكحول و/أو المخدرات لتعزل نفسك أو تحميها من ضغوطك؛ أي بمعنى أنك عزلت نفسك عن أسرتك وأصدقائك وزملائك في العمل ومعارفك، وكل من كان له يد في الضغط الذي تشعر به، أو جميع من لم يوافقوك على إلقاء نفسك في أتون الإدمان بل وحتى حاولوا التدخل لمصلحتك. لقد دخلت هذه العزلة ظناً منك أنك بذلك تتخلص من الضغوط، غير مدرك أن فعلتك هذه إنما ستولّد في الواقع كمّاً أكبر من المشكلات، وما لم تعهده من قبل من الضغوط.

الآن وقد بت صاحياً، فإنك خالي الوفاض مما يمكن أن يشكل درع حماية. وفي الوقت ذاته، لا يزال دماغك وجسدك في طور التعافي، لذا، فإنك لا تشعر بأنك في أفضل حالاتك. إنك لا تزال عرضة للوقوع فريسة العادات السيئة السابقة. وشبكة المؤازرة التي لديك لا تزال ممزقة وبالية؛ إذ لعل الكثير من أفراد العائلة والأصدقاء القدامى لا يزالون يرغبون بالحفاظ على مسافة أمان معك. إنك بحاجة إلى دعم فوري، لا يطلق عليك أحكاماً، كالذي تجده في مجموعة (AA).

بعض الأشخاص يرغبون بهذا الدعم لكنهم يخشون حضور اللقاءات، خوفاً من أن كشفهم عن مكنونات أنفسهم – من مخاوف، وأمور مخزية، وأسرار على ملأ من الغرباء – سيكون أمراً مرهباً بشكل لا يصدق ويشكل ضغطاً فوق طاقتهم على الاحتمال. إنها مخاوف مبررة ومنطقية، عدا عن أنك لست مضطراً إلى أن تروي قصة حياتك ومشاكلك على مجموعة من الغرباء على الفور؛ أو حتى على الإطلاق. إنك لست مضطراً إلى قول أي شيء في تلك الاجتماعات ما لم يتولد لديك الحافز الداخلي لأن تفعل ذلك. وبأي حال، فإنك ما إن تحضر بضع لقاءات، وتستمع إلى الأشخاص الآخرين وهم يتحدثون عن المسائل المتعلقة بهم، وترى الدعم الغامر والدافق الذي يحصلون عليه، حتى تصبح أكثر ارتياحاً لوجودك في المجموعة.

إن كان الحظ حليفك فتنضم إلى برنامج معالجة للإدمان، فاحرص على أن تبدأ بالانضمام إلى لقاءات مجموعة الكحوليين المجهولين خلال اتباعك لذلك البرنامج، بدلاً من انتظار انتهائك منه، لأنه في هذه الحالة إن واجهك ما لا يريحك في الذهاب إلى لقاءات مجموعة (AA)، أو أنك لسبب ما لم تسرّ بلقاء معين، فسيساعدك الاستشاري الخاص بعلاجك على التعامل مع هذه المسائل. ومن ثم، بعد أن تتم برنامجك العلاجي، تكون قد بلغت مبلغ الشعور بالارتياح والأمان لوجودك في مجموعتك، مما يجعل منها مصدرَ ثراءٍ لا يقدر بثمن لمساعدتك على المضي قدماً.

قد يجادل بعض المرضى مما هم في برامج علاجية، أن ارتياد مراكز المعالجة ولقاءات مجموعة الكحوليين المجهولين سيشكل عبئاً ثقيلاً لا قبل لهم به. فلو أن هؤلاء قاموا باحتساب الأوقات كلها التي أمضوها في تعاطي مادتهم الإدمانية، لأدركوا أنهم قد أهدروا كمّاً هائلاً من الوقت على مرضهم. فليس من غير المنطقي أن يُطلب إليهم الآن استثمار كمٍّ موازٍ من الوقت على الأقل ليتعلموا كيفية البقاء صاحين. إنهم يقولون إن لا وقت لديهم لحضور الاثنين معاً، وإنهم سيبدأون بلقاءات الكحوليين المجهوليين فور فراغهم من برنامج المعالجة. حتى الأشخاص ذوو النوايا الحسنة يمكن أن يقعوا في هذا الشرك، الذي غالباً يقود إلى واحد من ثلاثة أمور:

–  عندما يفرغون من برنامجهم العلاجي، فإنهم لا يزالون يشعرون بأنهم مشغولون جداً بحيث يتعذّر عليهم حضور اجتماعات (AA).

–  عندما يفرغون من البرنامج سيشعرون أنهم ليسوا بحاجة إلى حضور تلك الاجتماعات أساساً لأنهم باتوا صاحين الآن.

–  كانت لديهم مخاوف ناجمة عن تشوهات في إدراكهم لما حولهم. وعندما أتموا معالجتهم وجدوا أنهم لا يزالون يخشون مواجهة ملأ من الغرباء، وعليه فقد استمروا في تجنّب لقاءات مجموعة (AA).

هذه المواقف جميعها ترفع من نسبة خطر الانتكاس.

وهذا هو السبب الرئيس الذي يدفعني كي أخبر مرضاي بضرورة حضور لقاءات الكحوليين المجهولين خلال اتباعهم لبرنامج المعالجة، لأن هذه هي الطريقة المثلى والتي يمكن الاعتماد عليها أكثر من أي طريقة أخرى لإحداث شبكة مؤازرة هي من أكثر الأمور جوهرية في عملية الشفاء. ويكاد يكون مستحيلاً الفصل بين الحضور ضمن مجموعة الكحوليين المجهولين وبين تطبيق خطواتها الاثنتي عشرة، لأنه من الصعب جداً أن تشق طريقك مع الخطوات الاثنتي عشرة بمفردك. قد تستمتع بفوائد آنية من تطبيقك لتلك الخطوات بمفردك، لكن من المستبعد تماماً أن تستطيع تطوير برنامج شفائي ناجع بحق.

هناك سبب آخر يجعل الانضمام إلى اجتماعات الكحوليين المجهولين أمراً مهماً، ألا وهو عامل الوقت. فلاعتبارات مالية، لا تستمر معظم برامج معالجة الإدمان لأكثر من أربعة إلى ثمانية أسابيع. قد تتراءى تلك المدة طويلة عندما تدخل البرنامج، لكنه من المستحيل أن يشفى المدمن تماماً في شهر واحد أو شهرين؛ ولا حتى في ستة أشهر أو سنة، وذلك لأن الإدمان مرض مزمن يستمر طيلة الحياة، وهو يتطلب التزاماً يستمر أيضاً طيلة الحياة. فإن لم تكن مستعداً لدفع المال لقاء سنوات وعقود من المعالجة، فإن المكان الوحيد الذي عليك الالتجاء إليه لهذا النوع من العناية هو مجموعة الكحوليين المجهولين. فكّر في عدد السنوات التي أمضيتها في أتون الإدمان، ستحتاج إلى التركيز على الصحو، على الأقل، القدر نفسه من الوقت.

احضن مجموعة الكحوليين المجهولين كما لو أنها رفيقتك ومرشدتك التي ستبقى إلى جانبك أمداً طويلاً. وكما أن خبير التغذية يمكنه مساعدتك على تعديل حميتك والتعايش بنجاح مع مرض السكري، أو ضغط الدم المرتفع لديك، أو البدانة أو النحالة، فكذلك مجموعة (AA) يمكنها مساعدتك على تعديل حياتك، وأفكارك وسلوكك لتحافظ على صحوك.

حاول أن تكون منفتحاً حيال ما تقدمه مجموعة (AA). إذ إنها تحمل لك في جعبتها فوائد اجتماعية، عاطفية، وروحية. كما أن لها فوائد عملية كذلك، حيث يمكنها أن تملأ الفراغات في برنامجك اليومي. (تذكر أن وقت الفراغ قد يعمل كمحفز للرغبات الملحة). أما مجموعة (AA) فهي المكان الآمن الذي يمكنك أن تلجأ إليه خلال برنامج شفائك وحتى بعده. مكان تلتقي فيه أناساً لا يعاقرون الخمر ولا يتعاطون المخدرات. مكان يقدم إليك الدعم العاطفي، ويزودك بشبكة مؤازرة تعمل على مدار الساعة وتمتد في أرجاء العالم قاطبة.

وبالرغم من أن بعض الناس لديهم القدرة على المحافظة على صحوهم من خلال المعالجة وحسب، وبإمكانهم الاستغناء عن مجموعة (AA)، إلا أن غالبية أعضاء الكحوليين المجهولين (AA) الذين يحضرون اللقاءات بانتظام قادرون على البقاء صاحين لفترة أطول.

أنواع لقاءات الكحوليين المجهولين (AA)

تمتاز لقاءات الكحوليين المجهولين بأنها بسيطة ومباشرة، وهي لا تتطلب الكثير من الاستعداد، والمساهمة الوحيدة المرجوة منك هي في أن تحضر، وتجلس، وتفتح ذهنك. لست مضطراً إلى التحدّث أو الكشف عن خبايا نفسك أو التعليق على ما يقوله الآخرون ما لم ترغب أنت بذلك.

هناك أنواع مختلفة من لقاءات الكحوليين المجهولين:

–  لقاءات يقودها متحدث: تتسم بوقوف شخص قد شفي، يروي تجربته الشخصية مع الكحول أو المخدرات وكيفَ تمَّ شفاؤه.

–  لقاءات ذات موضوع محدد: يتمفيها مناقشة موضوع محدّد كالزمالة، الأمانة، القبول، أو الصبر، ما بين أفراد المجموعة.

–  لقاءات الخطوة أو التقليد: حيث يتم مناقشة موضوعات تتعلق بالخطوات الاثنتي عشرة أو التقاليد الاثني عشر.

–  لقاءات الكتاب الكبير: يتم التركيز فيها على قراءة فصل من الكتاب الكبير (دستور مجموعة الكحوليين المجهولين)، يلي ذلك نقاش جماعي.

بعض هذه اللقاءات مفتوحة للعامة، حتى يتمكن مَن هم من غير المدمنين التعرف إلى مجموعة (AA). في حين أن بعضها الآخر تكون مغلقة ومقتصرةً على أعضاء مجموعة (AA).

العثور على لقاءات الكحوليين المجهولين

هناك الكثير من الوسائل يمكن بواسطتها التعرف إلى هذه اللقاءات. إذ يمكنك الحصول على أرقام الاتصال بمجموعة (AA) من دليل المعلومات، أو الطلب إلى طبيبك أو معالجك أو مستشارك أن يوافيك بلائحة تلك اللقاءات، أو اطلب النصيحة من شخص يحضر تلك اللقاءات.

أي مجموعات الشفاء هي الأفضل بالنسبة إليك؟

تمثل مجموعة الكحوليين المجهولين الجد الأكبر لمجموعات الشفاء، وتعقد لقاءاتها في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية والعالم كافة؛ حتى إن هذه اللقاءات تعقد على متن السفن خلال الرحلات البحرية. كما توجد مجموعات عديدة تقدم دعماً جماعياً ناجحاً وطويل الأمد حتى الشفاء.

في الواقع إنه لأمر منطقي تماماً، بل ومحبَّذ أيضاً، أن تجرب تنظيمات متعددة، ولقاءات مختلفة قبل أن يستقر عزمك على جعل أي منها مجموعتك الرئيسة، أو أن تقرر أي هذه الاجتماعات ستحضر بشكل دوري.

بعض أعضاء الكحوليين المجهولين لديهم أكثر من مجموعة رئيسة، في حين يفضل آخرون الالتحاق بمجموعة واحدة. قد يرتاد بعضهم الآخر لقاءات مجموعة الكحوليين المجهولين إضافة إلى تنظيم آخر، كمدمني المخدرات المجهولين مثلاً، لأنهم مدمنون على أكثر من مادة واحدة ويرغبون بمقاربة المشكلتين في آن معاً.

لكل مجموعة طابعها، وخليط من مجموعات الأعضاء المنتسبين إليها، بالإضافة إلى بؤرة تركيز خاصة بها، وغيرها من العوامل التي تجعل منها المجموعة المناسبة لك تماماً؛ أو لربما على العكس، التي تجعلها غير مناسبة على الإطلاق. إن العثور على المجموعة المثلى بالنسبة إليك يشبه ذهابك إلى عدد من بائعي السيارات لانتقاء السيارة التي تروقك وتناسبك تماماً. (فبعض الأشخاص يحبون الستروين، وآخرون يفضلون البونتياك أو بي أم دبليو. وحتى عشاق سيارة بي أم دبليو لهم آراؤهم وأهواؤهم المختلفة في ما يخص اللون، والنظام الصوتي، والجعبة الرياضية، وهكذا). من المحتمل أن تذهب إلى عدد من لقاءات مختلفة، لعدة مجموعات مختلفة مثل (AA)، (NA)، (CA)، التي تعقد في مواقع مختلفة وفي أوقات مختلفة لتختار المكان الذي تشعر فيه بالراحة أكثر من أي آخر. وسطياً سيجرب الشخص في مرحلة الشفاء أربعاً إلى ستٍّ من مجموعات الاثنتي عشرة خطوة قبل أن يعثر على الأنسب له من بينها. (بعض الأشخاص في غمرة تعطشهم للشفاء من إدمانهم على الكحول قد يجدون أنفسهم في لقاء خاص بمدمنين على المخدرات، والعكس بالعكس، فلا ضير في ذلك).

كلمات أخيرة

قد تشعر حيناً بأنك في قمة اليأس، وفي أحيان أخرى ستشعر أنك متعب جداً لدرجة تمنعك من المشاركة. قد تحتاج إليك أسرتك في بعض الأحيان، وفي غيرها سيكون لديك موعد مهم. سيكون هناك جملة من الأسباب التي ستجعلك زاهداً في الذهاب إلى لقاءات الاثنتي عشرة خطوة أو العمل على برنامجك، ربما يكون لديك كثير من الإلهاءات والأعذار التي لا تنتهي.

تذكر على الدوام أن مواظبتك على حضور اجتماعاتك والعمل باستمرار على برنامجك هما ما يساعدانك على البقاء في صحو، وسلام، واتزان. فاذهب إلى اجتماعاتك وواظب على برنامجك. فإن كنت تشعر أنه ما من إسهام لديك لتضيفه، وأنك متعب لدرجة كبيرة يصعب معها أن تستفيد من أي شيء من اجتماعك، فاحضر بالرغم من ذلك وأياً يكن حالك. فقط ابذل جهدك في أن تحضر باستمرار. تذكر أن هدفك البعيد هو أن تتعلم كيف تحيا نظيفاً من إدمانك ومتمتعاً بالصحو، وهذا أمر تحققه بالإقدام على أفعال معينة تساعدك على ذلك، لا بالتردد والتراجع عنها.

مراجعة النقاط المفتاحية

– برنامج الكحوليين المجهولين وما يماثله من البرامج، مصممة جميعها لتعريف المدمن إلى مبادئ مساعدة الذات كي يتمكن من تطوير نمط حياة مكرس للشفاء والصحو.

– لقاءات الكحوليين المجهولين لا تعوض عن المعالجة، بل هي عبارة عن مجموعات من الأشخاص الذين شُفيوا من إدمانهم، يساعد بعضهم بعضاً على البقاء صاحين.

– الآن وقد بت صاحياً، فإن مادتك الإدمانية السابقة (سواء أكانت كحولاً أو مخدرات) لا يمكنها أن تقيك ضغوطات الحياة.

– بإمكانك أن تجد ضالتك المنشودة من الوقاية في شكل جديد يتجلى في المؤازرة والتفهم اللذين يقدمهما إليك رفقاؤك المدمنون في مجموعة الكحوليين المجهولين (AA).

– ترفدك مجموعة (AA) بشبكة فورية من المؤازرين الزاهدين في الإدمان والملتزمين بذلك الزهد.

– تعرض مجموعة الكحوليين المجهولين اثنتي عشرة خطوة تشكل دليلاً يساعد المدمنين الشافين على البقاء صاحين وبصحة طيبة.

– يساعد الراعون الوافدين الجدد بالإجابة عن أسئلتهم وشرح خطوات الشفاء الاثنتي عشرة لهم. إنهم موجودون لتبادل الحديث معك والاستماع إلى الصعوبات التي تواجهها والإحباطات التي تمر بك، يشاطرونك بآرائهم ويقترحون عليك الحلول، يسدون إليك النصح ويقدّمون التوصيات والمقترحات، كما يناقشون الأسرار المرتبطة بالإدمان ومشاعر الذنب. إنهم يفعلون ما في وسعهم ليساعدوا الآخرين ليبقوا صاحين.

– إضافة إلى الخطوات الاثنتي عشرة، تستخدم مجموعة (AA) امتداداً لتلك الخطوات، ما تدعوه التعاليم الاثنتي عشرة.

– هنالك العديد من المجموعات البديلة والتي تعتمد الخطوات الاثنتي عشرة في برامجها لكنها لا تستند إلى مفهوم الذات العليا، وتحمل أيضاً خيارات مشابهة للصحو والشفاء العقلاني. إنها تتضمن مفاهيم مساعدة الذات التي تركز على المسؤولية الشخصية، والسلطة الذاتية، والقوة، جميعها عبر شبكة اجتماعية من الصاحين.