يستخدم الطبيب إبرة رفيعة, ويقوم بإدخالها في البطن من أجل الحصول على عينة قليلة من السائل الأمنيوسي، وذلك من خلال الكيس المحيط بالجنين, وهناك نموذجان شائعان هما البزل الأمنيوسي الوراثي والبزل الأمنيوسي لمعرفة النضج.
● البزل الأمنيوسي الوراثي. يمكنه أن يقدم لك ولطبيبك معلومات عن البنية الوراثية للجنين، وذلك قبل ولادته.
● البزل الأمنيوسي لتحري النضج. وفيه يجرى تحليل للسائل من أجل اكتشاف فيما إذا كانت الرئتان ناضجتين بشكل كاف للقيام بعملهما عند الولادة بشكل طبيعي.
إن السائل الأمنيوسي سائل صاف رائق يغلف الجنين داخل الرحم, ويعمل كوسادة ضد الضربات والصدمات التي تحدث يوميا؛ ويتكون معظم هذا السائل من بول الجنين, وهو يحتوي على خلايا متناثرة من الجنين؛ وفي حالة البزل الوراثي، يمكن أن تجمع عينة من هذه الخلايا وتنمى في المختبر, ثم من خلال هذه العينة يمكن فحص الصبغيات والمورثات لتحري الشذوذات كمتلازمة داون مثلا؛ كما يمكن إجراء اختبار على هذه العينة للبحث عن علامات العيوب في الأنبوب العصبي، كالسنسنة المشقوقة مثلا.
متى يجرى هذا الفحص؟
يجرى البزل الأمنيوسي الوراثي عادة بين الأسبوعين الخامس عشر والتاسع عشر من الحمل, حيث يحتوي الرحم في هذه المرحلة – عموما – على كمية كافية من السائل الأمنيوسي والجنين لا يزال صغيرا؛ كما يمكن إجراء هذا الفحص في فترة أبكر, ولكن ذلك قد يزيد من خطورة خسارة الحمل.
أما البزل الأمنيوسي لتحري النضج فيجرى عندما يحتمل وجود سبب لتوليد الجنين قبل موعده المحدد, حيث يوضح هذا الاختبار ما إذا كانت رئتا الجنين جاهزتين لولادته، ويجرى عادة من الأسبوع الثاني والثلاثين إلى الأسبوع التاسع والثلاثين من الحمل.
كيف يجرى؟
يمكن إجراء البزل الأمنيوسي في عيادة الطبيب، ولا يتطلب الإقامة في مستشفى, وفيه قد يقوم الطبيب أو مستشار علم الوراثة بمناقشتك حول هذا الاختبار ومساعدتك على التفكير فيما يمكن أن تعنيه النتيجة الإيجابية أو السلبية لهذا الاختبار؛ ويجرى التصوير بالأمواج فوق الصوتية لكي يظهر مكان الجنين داخل الرحم بدقة؛ وتستغرق عملية المناقشة والتصوير بالأمواج فوق الصوتية حوالى 45 دقيقة إلى ساعة.
تبدأ عملية البزل الأمنيوسي بعد تحديد مكان الجنين, حيث ينظف البطن بمادة مطهرة, ثم يدخل الطبيب إبرة رفيعة ومجوفة عبر البطن إلى داخل الرحم, ويقوم بتوجيه الإبرة من خلال صور الإيكو (فائق الصوت)، حيث يسحب بواسطة محقنة Syringe حوالى 2 – 4 ملاعق صغيرة من السائل الأمنيوسي, وتنتهي هذه العملية بمجرد سحب الإبرة.
لقد وجدت العديد من النساء أن هذه الطريقة ليست مؤلمة إلى الحد الذي كن يتوقعنه, حيث ستشعرين بلسعة أو وخزة عند دخول الإبرة في الجلد وبقليل من المغص الشبيه بمغص الدورة الشهرية خلال هذا الإجراء, ويكون الانزعاج الحاصل من هذه الطريقة عادة شبيها بذلك الذي يحصل عند عملية سحب الدم.
ترسل العينة إلى المختبر, حيث تظهر بعض النتائج خلال ساعات قليلة أو أيام, في حين أن فحص الصبغيات يستغرق 7 – 14 يوما، حيث ينبغي ترك الخلايا الجنينية تتكاثر لتصل إلى درجة كافية تسمح بإجراء الاختبار عليها.
النتائج التي يمكن الحصول عليها من هذا الاختبار
يستخدم البزل الأمنيوسي – في الغالب – لتحديد العيوب الوراثية المختلفة, حيث تتضمن المعلومات التي يمكن أن يقدمها البزل الأمنيوسي ما يلي:
● الشذوذات الصبغية. يسمح البزل الأمنيوسي للمختبر بالبحث عن عدد وبنية كل زوج من الصبغيات لدى الجنين، والتي يبلغ عددها 23 زوجا من الصبغيات, حيث تسمح للطبيب بأن يبحث عن الشذوذات الصبغية، مثل متلازمة داون وتثلث الصبغي 13 وكذلك تثلث الصبغي 18.
● عيوب الأنبوب العصبي. يمكن فحص عينة من السائل الأمنيوسي لتحري المستويات المرتفعة بشكل غير سوي من البروتين الجنيني ألفا (AFP)، حيث قد يشير ارتفاعه إلى وجود عيب في الأنبوب العصبي مثل السنسنة المشقوقة.
إن البزل الأمنيوسي هو اختبار تشخيصي نوعي لعيوب الأنبوب العصبي, إلا أن التطور الذي طرأ على الأمواج فوق الصوتية المتقدمة قدم بديلا عنه، وهو إجراء غير جارح للجسم.
● الاضطرابات الوراثية. يمكن أن تفحص المادة الوراثية المأخوذة من الخلايا التي تجمع في أثناء البزل الأمنيوسي لكشف العديد من الاضطرابات الوراثية، وهي حالات نادرة نسبيا تتضمن عيوبا في كيميائية الجسم (اضطرابات الاستقلاب) مثل التليف الكيسي ومتلازمة تاي ساكس وداء الخلية المنجلية (فقر الدم المنجلي)، وكذلك الأمراض التي تنتقل إلى الجنين الذكر عن طريق الأم (الأمراض المرتبطة بالصبغي الجنسي X) كما هي الحال في بعض أشكال الحثل العضلي (الضمور العضلي) ومرض الهيموفيليا (الناعور)، ولكشف الأمراض التي تنتقل إلى الجنين أيضا سواء من الأم أو من الأب مثل داء هنتنغتون Huntington Disease؛ ولكن البحث عن جميع الأمراض الوراثية التي تعد كثيرة جدا ليس أمرا عمليا, حيث تقيم هذه الأمراض حصرا عندما يوجد لديك سبب معين يستدعي البحث عن الخلل, كأن توجد قصة لمرض وراثي معين في العائلة.
أما البزل الأمنيوسي لتحري النضج فيستخدم بهدف تقدير نضج الرئتين لدى الجنين:
● نضج الرئتين. يمكن لفحص السائل الأمنيوسي أن يعلم الطبيب فيما إذا كانت رئتا الجنين قد تطورتا إلى درجة كافية تمكنهما من القيام بعملهما خارج الرحم, وهذا أمر مهم عندما تكون هناك حاجة لتوليد الجنين باكرا.
وهناك استعمالات أخرى للبزل الأمنيوسي أقل شيوعا تتضمن ما يلي:
● التنافر (عدم التوافق) في العامل الريسوسي (الراهائي) Rh incompatibility. إذا لم يوجد في دمك نوع من البروتين المسمى العامل الريسوسي Rh (أي أنك سلبية الريسوس)، لكنه موجود عند جنينك (أي أنه إيجابي الريسوس)، فإنك تصابين بحالة تدعى عدم التوافق في العامل الريسوسي؛ ومع ذلك، فمن غير المحتمل أن يسبب مشكلة في أثناء الحمل الأول, إلا أنه في الحمول اللاحقة يمكن أن ينتج جهازك المناعي أجساما مضادة (أضدادا) للعامل الريسوسي في دم الجنين، مما يؤدي إلى حدوث أذية خفيفة أو شديدة أو يؤدي إلى الموت. ويمكن أن يستخدم البزل الأمنيوسي لتحديد وجود أذية لدى الجنين وتقدير شدة هذه الأذية أيضا.
● وجود عدوى داخل الرحم. قد يطلب الطبيب عينة من السائل الأمنيوسي وتحليلها من أجل تحديد ما إذا كانت لديك عدوى ما ناجمة عن عامل فيروسي أو طفيلي، كما في داء المقوسات Toxoplasmosis.
المخاوف المحتملة
مع أن البزل الأمنيوسي هو اختبار آمن نسبيا, إلا أنه يحمل القليل من المخاطر:
● الإجهاض. يحمل البزل الأمنيوسي الذي يجرى قبل الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل خطر حدوث الإجهاض بنسبة حالة واحدة من كل مائتي حالة بزل تقريبا (0.5%)، في حين أن البزل الأمنيوسي الذي يجرى في المرحلة الأولى للحمل – قبل الأسبوع الرابع عشر – يحمل خطر حدوث الإجهاض بنسبة حالتين إلى خمس حالات من كل مائة حالة بزل تقريبا (2 – 5%)؛ وتحدث معظم حالات الإجهاض هذه بسبب تمزق الكيس الأمنيوسي؛ أما عندما يجرى البزل الأمنيوسي في مراحل متأخرة من الحمل من أجل تقدير نضج رئتي الجنين, فإن احتمال حدوث مضاعفات مميتة للجنين ناجمة عن تمزق الكيس الأمنيوسي هو أقل بكثير مما لو أجري البزل في أول الحمل لأنه من الممكن توليد الجنين بشكل آمن في هذه المرحلة.
● المضاعفات التالية لهذا الإجراء. قد تصابين بعد هذا الإجراء بمغص ونزف أو بتسرب السائل الأمنيوسي, حيث يحدث النزف بنسبة 2 – 3% من الحالات, ويحدث تسرب السائل الأمنيوسي بنسبة 1% من الحالات تقريبا, وتنتهي هذه المشاكل عادة من دون علاج, ولكن أخبري مقدم الرعاية الصحية عندما تصابين بنزف أو تسرب؛ ونادرا ما تحدث العدوى, ولكن عندما تصابين بحمى تالية للبزل فعليك أن تتصلي بمقدم الرعاية الصحية.
● التحسيس الناجم عن العامل الريسوسي (التحسيس الراهائي) Rh sensitization. قد يسبب البزل الأمنيوسي – في حالات قليلة – تدفقا لدم الجنين في المجرى الدموي لدى الأم؛ فإذا كانت فصيلة دم الأم من النوع السلبي العامل الريسوسي، وكانت فصيلة دم الجنين من النوع الإيجابي العامل الريسوسي وحدث هذا التدفق الناجم عن البزل، فإن ذلك قد يؤدي إلى داء العامل الريسوسي الذي قد يودي بحياة الجنين؛ وعموما، إذا كنت من الفصيلة الدموية السلبية, فإنك ستأخذين عقار يدعى الغلوبولين المناعي للعامل الريسوسي (RhIg) بعد هذا الإجراء، حيث يمكنه أن يمنع مشكلة التحسيس هذه.
● الأذية الناجمة عن إبرة البزل. مع أن استخدام الأمواج فوق الصوتية لتوجيه الإبرة يجعل من احتمال إصابة الجنين بإبرة البزل احتمالا نادرا، إلا أنه يبقى هناك احتمال بسيط لحدوث هذه الإصابة.
الأسباب الداعية إلى إجراء هذا البزل
يعد السن السبب الأكثر شيوعا الذي يدفع النساء إلى إجراء هذا البزل, حيث تزداد خطورة إصابة الجنين بالشذوذات الصبغية عندما يولد وعمر الأم خمس وثلاثون سنة أو أكثر؛ وهذا الاختبار هو اختياري كما هي الحال في معظم اختبارات ما قبل الولادة؛ ويمثل قرار إجراء البزل الأمنيوسي الوراثي أمرا جديا, لذلك ناقشي مقدم الرعاية الصحية أو مستشارا وراثيا حول الخيارات المتاحة أمامك مهما كان عمرك؛ فهناك أسباب أخرى تدعوك أنت ومقدم الرعاية الصحية إلى إمكانية أن تفكرا بالبزل الأمنيوسي الوراثي, وتشتمل هذه الأسباب على ما يلي:
● حمل سابق مصاب بشذوذ صبغي أو بعيب في الأنبوب العصبي.
● وجود نتائج غير طبيعية في أحد اختبارات التحري, كالاختبار الثلاثي مثلا.
● عندما يحمل أحد الوالدين مراتبة (إعادة ترتيب) في الصبغيات بحيث لا تؤثر فيه فورا, لكنها قد تؤثر في الجنين.
● عندما يكون لدى أحد الوالدين عيب في الجهاز العصبي المركزي، مثل السنسنة المشقوقة, أو عندما يكون أحد الأقارب المقربين مصابا بشذوذ كهذا.
● عندما يكون لدى أحد الوالدين شذوذ في الصبغيات، مثل متلازمة داون, أو عندما يكون أحد الأقارب المقربين مصابا بشذوذ كهذا.
● إذا كان الوالدان معروفين بأنهما يحملان طفرة وراثية تسبب مرضا كالتليف الكيسي أو داء تاي – ساكس, أو اضطرابا آخر في أحد الصبغيات.
● إذا كان لدى الأم أحد الأقرباء الذكور مصابا بالحثل العضلي أو بالناعور (الهيموفيليا) أو ببعض الاضطرابات الأخرى المرتبطة بالصبغي الجنسي x.
ماذا يحدث بعد ذلك؟
تأتي نتائج معظم الاختبارات طبيعية؛ ولكن إذا كان هناك مشكلة، فإنك ستضطرين أنت ومقدم الرعاية الصحية أو المستشار الوراثي إلى مناقشة الخطوة القادمة.
ولا يمكن تصحيح المشاكل الصبغية, والعلاجات التي يمكن تقديمها قبل الولادة قليلة جدا, ويمكن لهذه الفترة أن تكون عويصة؛ ومن الضروري أن تطلبي المساندة وتتلقيها من الفريق الطبي والعائلة والمرشدين الروحيين وكل الناس الذين تثقين بهم وأولئك الذين يهتمون برعايتك.
إن إنهاء الحمل ليس بالقرار السهل أبدا, وحقيقة أن الطفل قد يكون مصابا بحالة خطيرة أو مميتة لا تقلل من صعوبة ذلك الخيار؛ وتصر العديد من النساء على متابعة الحمل, ويمكن للفريق الطبي أن يقوم بتحويلهن إلى الأطباء الاختصاصيين في رعاية الأطفال, حيث يمكن لهؤلاء الاختصاصيين أن يساعدوهن على وضع خطة للمستقبل؛ ويعد التبني خيارا آخر, حيث تتوفر بسهولة تلك المنظمات التي تتخصص بتبني الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
دقة الاختبار وحدوده
مع أن البزل الأمنيوسي دقيق في تحديد أمراض وراثية معينة، مثل متلازمة داون, إلا أنه لا يمكنه أن يحدد العيوب الخلقية كلها؛ فعلى سبيل المثال، لا يمكنه أن يكشف العيوب القلبية ولا حنف القدم ولا انشقاق الشفة والحنك. وقد تقدم النتيجة الطبيعية للبزل الأمنيوسي اطمئنانا فيما يخص مشاكل وراثية معينة, إلا أنها لا تضمن أن يكون الجنين خاليا من كل العيوب.