الأدوية المتنوعة التي يتم تناولها عن طريق الفم لعلاج مرض السكري فعالة في تخفيض نسبة السكر في الدم، ومن ثم فهي تقلل من خطورة الإصابة بمضاعفات مرض السكري. وللأسف لم يكن العديد من مرضى النوع الثاني من السكري سيحتاجون إلى هذه الأدوية إن اتبعوا خطة غذائية ملائمة، ونمطًا حياتيًّا صحيًّا وتناولوا مكملات غذائية محددة تساعدهم على التحكم في معدلات السكر لديهم.
يُطلب من الأشخاص في بداية مراحل إصابتهم بالنوع الثاني من السكري تحديدًا أن يقوموا بتغييرات في حميتهم الغذائية، وأن يبدأوا في ممارسة التمارين الرياضية لكي يخفضوا من مستوى السكر في الدم؛ لذا فنحن نقول إن هؤلاء الناس يعانون من مرض سكري “يمكن التحكم فيه عن طريق الحمية الغذائية”، ما يعني أنهم ليسوا بحاجة إلى تناول أي دواء لهذه الحالة المرضية، ولكن للأسف في أغلب الحالات لا تكون هذه المحاولات ناجحة ويحتاج معظم الأشخاص في النهاية إلى البدء في تناول الأقراص لكي يتحكموا في معدل السكر في دمائهم.
التوصية التقليدية لمرضى السكري هي أن يتبعوا حمية غذائية منخفضة الدهون وعالية الكربوهيدرات. وللأسف هذا يزيد حالة أغلب مرضى السكري سوءًا، فمرضى السكري يصيبهم الإحباط لأنهم يعتقدون أنهم يقومون بالأمر الصحيح ولكنهم ما زالوا لا يستطيعون فقدان الوزن! في هذا الموضوع، سنوضح سبب اختلافنا مع العديد من التوصيات الغذائية المقدمة لمرضى السكري.
النصيحة الغذائية التي تم تقديمها لك وسبب تأثيرها السيئ عليك
− يجب أن تبني حميتك الغذائية على الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات
يُطلب من مرضى السكري أن يتناولوا الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات في كل وجبة دسمة وخفيفة؛ وتتضمن هذه الأطعمة الخبز، والباستا، والأرز، وحبوب الإفطار والخضراوات النشوية مثل البطاطس والبطاطا.
السبب وراء تأثيرها السيئ عليك:
هذه التوصية مبنية على الاعتقاد السائد بأن الحمية الغذائية منخفضة الدهون وعالية الكربوهيدرات هي الطريقة المثلى لفقدان الوزن، فقد قيل لك إن الكربوهيدرات مفيدة لأن بها دهونًا منخفضة جدًّا ومنعدمة الكوليسترول، لذا فهي لا تعزز زيادة الوزن أو الإصابة بأمراض القلب.
يتم هضم جميع الكربوهيدرات وتحويلها إلى سكر؛ وينتهي بها الأمر كلها كجلوكوز في مجرى دمك. ويعزز ارتفاع نسبة السكر في الدم الذي تتسبب فيه في إفراز الأنسولين. وكما تعلم، فإن أغلب مرضى النوع الثاني من السكري مقاومون للأنسولين، ما يعنى أن لديهم الكثير من الأنسولين في أجسامهم ولكن لم يعد يعمل بشكل مناسب، وستسيء زيادة مستوى الأنسولين لديهم من حدة مرض السكري كثيرًا.
يعزز الأنسولين جسدك لتخزين الدهون، ويعوقه عن حرقها، ويحفز كبدك على إنتاج المزيد من الكوليسترول والدهون الثلاثية، ويصيبك بالجوع؛ كل هذه الأمور معًا تسيء من مرض السكري، كما تعزز المستويات المرتفعة للأنسولين من الإصابة بمرض الكبد الدهنية. ويرفع تناول المزيد من الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات من مستوى السكر في دمك، ما يزيد من حاجتك إلى استخدام الأدوية المخصصة لعلاج السكري – سواء كانت الأقراص التي تؤخذ عن طريق الفم أو حقن الأنسولين. وزيادة جرعتك الدوائية عادة ما تكون مؤشرًا على أن المرض يتفاقم. ابن حميتك الغذائية على الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات وسيتفاقم مرض السكري لديك.
من فضلك لاحظ أنه من الممكن أن تتبع حمية غذائية عالية الكربوهيدرات ومنخفضة الدهون، وتحقق بذلك تحسنًا مع النوع الثاني بمرض السكري إذا كانت هذه الحمية تجعلك تفقد الوزن وتجعله مستقرًّا! المشكلة هي أن معظم مرضى السكري غير قادرين على الالتزام بمثل هذه الحمية؛ لأنها تجعلهم جياعًا ومشتهين لتناول السكريات والأطعمة عالية الكربوهيدرات.
− لا بد أن تفقد الوزن
يقال دائمًا لمرضى السكري مدى أهمية فقدان الوزن وهذا صحيح جدًّا، فالدهون الزائدة حول بطنك تعزز من مقاومة الأنسولين وينتج عنها سوء ضبط مستوى السكر في الدم. المشكلة هي أنه من المستحيل لمعظم مرضى السكري أن يفقدوا مقدارًا كبيرًا من الوزن حين يتبعون حمية غذائية عالية الكربوهيدرات. وهذا لأنهم مقاومون بالفعل للأنسولين، والكربوهيدرات تتسبب في كسب المزيد والمزيد من الوزن، كما هو موضح في النقطة السابقة.
− لا بأس من تناول كميات صغيرة من السكر
يقال لمرضى السكري عادة إنه من المقبول إضافة كميات ضئيلة من سكر المائدة إلى حميتهم الغذائية.
السبب وراء التأثير السيئ لهذه التوصية عليك:
إن كنت تتناول الكربوهيدرات بالفعل في كل وجبة كما قيل لك، وكان معدل السكر في دمك أكبر من ٥.٥ مللي مول في اللتر في أثناء الصيام – فأنت لا تحتاج إلى المزيد من السكر، فهذا سيجعل مرض السكري لديك أسوأ فحسب. إن كنت تريد التغلب على النوع الثاني من مرض السكري، فلابد أن تقلل من محتوى الكربوهيدرات في حميتك الغذائية.
− يجب أن تبني حميتك الغذائية على الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض.
هذا صحيح، لكن الأمر الذي لم يقل لك هو أن الخضراوات والسلطات والسمك والدجاج واللحم والبيض وأغلب منتجات الألبان هي أطعمة لها مؤشر جلايسيمي منخفض جدًّا، بل ومنعدم! يوجد لدى خضراوات السلطة مؤشر جلايسيمي أكثر انخفاضا من البطاطا والخبز بالردة. يقيس المؤشر الجلايسيمي مدى سرعة زيادة الطعام للجلوكوز في الدم فقط. إذا كنت تريد خفض مستوى السكر في دمك والتغلب على مفعول النوع الثاني من السكري، فلا بد أن تقلل من محتوى الكربوهيدرات في حميتك الغذائية. وفي الحقيقة، يوجد لدى بعض الأطعمة المعالجة الشائع عنها أنها منخفضة في المؤشر الجلايسمي مستويات عالية من السكر المضاف؛ اقرأ ملصقات الطعام بعناية.
− يجب ألا تأكل الكثير من البروتينات لأنها ستدمر كليتيك
نظرًا لأن مرضى السكري معرضون للإصابة باعتلال الكلية، يطلب منهم أن يحافظوا على انخفاض جرعتهم من البروتينات لأنها قد “تنهك” كليتيهم.
السبب وراء عدم صحة هذه التوصية:
نحن لا نؤيد تناول مرضى السكري كميات هائلة من البروتينات، بل مجرد تناول البروتينات في كل وجبة لأنها تحافظ على ثبات معدل السكر في دمك وتحافظ على شعورك بالشبع والرضا. لا يصاب الأصحاء الذين يأكلون كميات كبيرة من البروتينات باعتلال الكلية؛ فالسبب الرئيسي لاعتلال الكلية عند مرضى السكري هو ارتفاع معدل السكر والضغط في الدم. إذا كنت تعاني بالفعل ضررًا في الكلية، فستحتاج إلى اتباع حمية غذائية منخفضة البروتينات، لكن البروتينات لن تضر بكليتيك إن كانتا غير معتلتين.
− يجب أن تتجنب الدهون وتحد بشدة من البيض واللحم الأحمر في حميتك الغذائية
يُطْلب من مرضى السكري باستمرار أن يقللوا من تناول الأطعمة المليئة بالدهون والكوليسترول.
السبب وراء عدم ضرورة هذه التوصية:
يقال لمرضى السكري بأن يتجنبوا هذه الأطعمة بسبب الاعتقاد الخطأ بأنها تسبب اكتساب الوزن، وتجلط الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية. ستكتسب الوزن بشكل أسرع بكثير حين تتناول الخبز والباستا والبطاطا من تناولك البيض واللحم الأحمر. إن تناول الأطعمة التي تحتوي على الكوليسترول لديه أثر ضعيف على مستوى الكوليسترول في دمك. وأغلب الكوليسترول في جسمك يُصنع بواسطة كبدك، وأفضل طريقة لخفض مستوى الكوليسترول لديك هي أن تحسن صحة كبدك وتقلل من مستوى الأنسولين في دمك، والذي سيقلل بدوره من مقدار الكوليسترول الذي تصنعه كبدك.
من فضلك تجنب تناول الأطعمة منخفضة الدهون. قارن الأطعمة منخفضة الدهون بنظيرها من الأطعمة العادية في أي متجر كبير؛ وستجد في أغلب المرات أن الأطعمة منخفضة الدهون أعلى من الأطعمة العادية في الكربوهيدرات والسكريات أو كليهما.
− لا يوجد علاج للنوع الثاني من السكري
إذا اتبعت خطة غذائية ملائمة ومنخفضة الكربوهيدرات، ومارست التمارين الرياضية واتبعت نمطًا حياتيًّا صحيًّا، فستكون لديك فرصة رائعة لخفض مستوى السكر في دمك ليصل إلى المستوى الطبيعي؛ وبذلك لن تعود مصابًا بمرض السكري. يمكن التغلب على النوع الثاني من السكري ومعالجته إن اتبعت حمية غذائية ونمطًا حياتيًّا صحيًّا باستمرار.