في حين أن اليوغا يمكن أن تساعد في الوقاية من حالات صحية كثيرة ومعالجتها، إلا أنها يمكن أن تؤدِّي أيضاً إلى إصابات، وخاصةً إذا لم تُؤدَّ على نحوٍ ملائم وواع. سأغطِّي أدناه ثماني فئات رئيسة لإصابات اليوغا الشائعة، وكيفية الوقاية منها. إذا كنت لا تعرف التشريح جيداً، فإنّ بعضاً مما يلي سيكون صعب الفهم. إذا كان الأمر كذلك، فقد تجد من المفيد أن ترجع لكتاب مثل علم التشريح لليوغا هوتا لديفيد هـ. كولتر وعلم تشريح الحركة لبلاندين كاليس – جيرمين.
مشاكل الظهر والعمود الفقري
الانحناءات الأمامية، وخاصةً الانحناءات الأمامية الجلوسية مثل الباستشيموتاناسانا ووضعية الرأس إلى الركبة (جانو سيرساسانا)، هي أكثر خطورة مما تبدو إذا كنت تميل لأن تنحني من الخصر بدلاً من مفاصل الوركين. كي تنحني من الوركين، أنت تحتاج لأن تُميل حوضك إلى الأمام، وهو أمرٌ صعب عندما تكون جالساً، ويتطلّب مرونة في عضلات أوتار المأبض في مؤخرة الفخذين. من شأن الأناس الذين يملكون أوتار مأبض مشدودة أن يحدِّبوا ظهورهم كي يتمكنوا من جعل الجزء الأعلى من جسمهم يتقدّم إلى الأمام أكثر، ولكن هذا فعلياً يعطي فقط مظهر الدخول الأعمق في الوضعية لأن الوركين لا يتحركان. عندما يتكوَّر أسفل الظهر، فإن الأجزاء الأمامية من الفقرات القَطَنية تصبح مضغوطة. يتم دفع الأقراص بين الفقرات إلى الخلف، ويمكن حتى أن تنتأ أو تتفتّق إذا كانت ضعيفة، ضاغطةً الأعصاب الفقرية المجاورة. هذا النوع من الانضغاط العصبي هو سبب شائع لعرق النَّسا، وهو ألمٌ يمكن أن ينتشر نزولاً على طول الرِجل إلى أصابع القدم. إذا كنت تعاني بالفعل من عرق النَّسا، فإنّ الانحناءات الأمامية قد تزيد الوضع سوءاً. والأخطر من هذا أنّ الانحناءات الأمامية يمكن أن تسبِّب كسوراً انضغاطية لفقرات هي أساساً رقيقة بسبب ترقق العظم.
يكون العديد من الناس متيبِّسين جداً عند بدء ممارستهم لليوغا بحيث إنّهم إذا حاولوا القيام بانحناء أمامي جلوسي، فإنّ أسفل ظهرهم يكون محدَّباً بالفعل قبل أن يحاولوا التقدّم إلى الأمام. حلٌّ محتمل لهذا هو أن تجلس على بطانية مطوية (أو كدسة من البطانيات إذا لزم الأمر) أو غيرها من وسائل الإسناد لترفع وركيك إلى أن تصبح قادراً على إحداث تقوِّس داخلي طبيعي في العمود الفقري القَطَني. وحلٌّ محتملٌ آخر هو أن تثني ركبتيك، وهو ما سيرفع الضغط عن أوتار المأبض ويتيح لك أن تُميل حوضك إلى الأمام أكثر. وعلاج آخر لأسفل الظهر المتكوِّر هو أن تمسك حزاماً فوق ضرّتَي قدميك وتبقى أكثر انتصاباً.
إنّ انحناء أمامياً يُؤدَّى من وضع وقوف – مثل اليوتاناسانا – هو أقلّ خطراً على الظهر من انحناء أمامي جلوسي، ولكنه لا يزال يضع الكثير من الضغط على الأقراص الفقرية، أي ماصات الصدمات بين الفقرات. لا يزال ممكناً أن ينضغط العمود الفقري القَطَني، ولكن مع التغيير في اتجاه الجسم، من شأن الجاذبية الآن أن تُحدث انفتاحاً بين الفقرات جاعلةً وضعية الوقوف أكثر أمناً نوعاً ما من هذه الناحية من النسخة الجلوسية. ومع ذلك، إذا كنت تميل لأن تكوِّر الظهر، فإنّ وضع يديك على الكتل المضلّعة أو حتى على حافة كرسي يمكن أن يخفف الإجهاد. إنّ الوصلة الأضعف في الانحناء الأمامي الوقوفي هي عضلات أوتار المأبض، كما هو مُناقَش أعلاه. لأي شخص يعاني من إصابة ظهر حادة، فإن الانحناءات الأمامية الأكثر أمناً تُؤدَّى بالاستلقاء على الظهر، كما عندما تجلب ركبتيك إلى صدرك. إنّ الضغط على الأقراص الفقرية في هذا الوضع هو أقل كثيراً مما هو عليه في الانحناءات الأمامية الجلوسية أو الوقوفية.
يمكن للانحناءات الظهرية الخلفية مثل وضعية الجمل (يوستراسانا)، والكلب المواجه للأعلى (أردفا موكها سفاناسانا)، ووضعية الكوبرا (بهوجانغاسانا)، أن تسبِّب مشاكل في الظهر أيضاً. يملك العديد من الناس الكثير من المرونة في أسفل الظهر ولكن ليس الكثير جداً منها في أعلى الظهر. عند أدائهم للانحناءات الظهرية الخلفية، هم يميلون لتقويس العمود الفقري القَطَني بإفراط للتعويض عن قلة الحركة في الجزء الأعلى. ورغم أن ذلك ليس خطراً على الجذور العصبية بقدر تكوير أسفل الظهر في الانحناءات الأمامية، إلا أن المبالغة في التقويس يمكن أن تضغط الفقرات القَطَنية وتسبِّب الألم.
وعلى نحوٍ مماثل، يمكن أن يتم تقويس العنق بإفراط في بعض الوضعيات. عند أداء الانحناءات الظهرية الخلفية، بدلاً من فتح أعلى الصدر – منطقة مستعصية بالنسبة للكثير من الناس – يعوِّض بعض الطلاب بتقويس العنق إلى الخلف. يملك بعض الطلاب عادة لاواعية تتمثَّل في الإفراط بتقويس أعناقهم عندما ينثنون في الانحناءات الأمامية الوقوفية والجلوسية على حدّ سواء. مرة أخرى، يمكن أن تكون النتيجة انضغاطاً في الفقرات وألماً. إنّ التطرّف في تقويس الرأس إلى الخلف يمكن أن يقطع دفق الدم إلى الدماغ وقد يسبِّب أعراضاً مثل الدوار وحتى السكتة الدماغية.
إصابات العنق
يمكن أن تؤدِّي وضعيات الانقلاب والتي يستقر فيها الرأس على الأرض بما فيها وقوف الكتفين (سارفانغاسانا)، ووضعية المحراث (هالاسانا)، ووقوف الرأس (سيرساسانا) إلى إصابات في العنق. لا يمكن أداء النسخات القياسية من وقوف الكتفين ووضعية المحراث بأمان من قِبَل معظم الناس دون وضع بطانيات مطوية أو وسائل إسناد أخرى تحت الكتفين. تساعد البطانيات في المحافظة على التقوّس الداخلي الطبيعي للعمود الفقري العنقي، وتمنعه من التسطّح خارجاً بطريقة يمكن أن تجعل الإصابة أكثر احتمالاً. يمكن أن يؤدِّي تفتّق الأقراص العنقية، أي ماصات الصدمات بين الفقرات في العنق، إلى انضغاط مؤلم في أعصاب العنق إذا تم أداء هذه الوضعيات على نحوٍ غير صحيح. عمليةٌ مخادعةٌ أكثر هي المطّ التدريجي للأربطة الذي يساعد العنق على إبقاء تقوّسه الداخلي الطبيعي. العنق المسطَّح هو تركيبياً أقل كفاءة في احتمال الوزن من العنق المقوّس ما يهيِّئ لاحتمال الإصابة بالتهاب المفاصل. إذا كنت لا تملك وسائل إسناد، أو لست واثقاً من كيفية استعمالها، يمكنك أن تستبدل وقوف الكتفين بما يُعرَف أحياناً بوقوف الكتفين النصفي والذي تسند فيه اليدان أسفلَ الظهر وتنحرف الرِجلان نحو الأعلى من الوركين. تقترح معلِّمة اليوغا والمعالِجة الفيزيائية جولي غودمستاد على الطلاب الذين يعانون من أي نوعٍ من ألم أو إصابة الرقبة مثل المصع (الوثء العنقي) أو لديهم تاريخ متعلّق بمشاكل الأقراص، أن يقوموا بهذه النسخة المعدَّلة.
تأكَّد في وقوف الكتفين من عدم إدارة رأسك أبداً إلى الجانب. قامت إحدى طالبات آديل بالكيفالا بفعل ذلك في تدريبها البيتي وفتقت على الفور قرصين في عنقها. يمكن لهذه الحركة الحميدة ظاهرياً أن تُجهد العضلات والأربطة أيضاً، وما هو مقلق أكثر أنها تستطيع أن تمزِّق الشرايين الفقرية في مؤخرة العنق ما قد يتسبَّب بسكتة دماغية. كلما كنت أكبر سناً، كلما كانت شرايينك هشّة أكثر، وكلما كان الخطر أكبر. وفي حين أنّ تمزيق شريان على هذا النحو هو أمرٌ غير مرجَّح، إلا أنّه حتى الخطر الضئيل لتأثير جانبي سيئ جداً يستحق أن يُؤخَذ بجدية.
إذا كان جسمك مهيَّأ له، فإن وقوف الرأس يمكن أن يكون وضعية رائعة لتهدئة العقل وبناء القوة. ومع ذلك فإن العديد من الطلاب يفتقرون إلى الفتح openness في أكتافهم وصدورهم والذي هو ضروري لتجنّب ضغط أعمدتهم الفقرية في الوضعية. تلك كانت مشكلتي والتي نتج عنها إصابتي بمتلازمة المخرج الصدري. ومن بين أولئك الذين يتعيّن عليهم أن يحذفوا وقوف الرأس، أي شخص يعاني من متلازمة النفق الرسغي، أو متلازمة المخرج الصدري، أو التهاب المفصل التنكّسي للعنق. وبالنسبة للطلاب الذين يعانون من الجنف، وهو انحناء غير سويّ للعمود الفقري، يمكن لأي انضغاط للصدر ناشئ عن وقوف الرأس أن يزيد الألم، وتيبّس العضلات، وعوارض أخرى. يشير ليسلي كامينوف بأنه نتيجة للفروقات التشريحية، فإنّ بعض الطلاب لا يستطيعون أداء الوضعية بأمان دون استخدام وسائل إسناد مثل البطانيات ليضبطوا طول رؤوسهم وأعناقهم بالنسبة إلى أذرعتهم؛ وهو شيء لا يمكن إلا لمعلِّم خبير أن يتبيَّنه.
من المؤسف أن التأثيرات السلبية لوقوف الرأس يمكن أن تكون مخادعة. على سبيل المثال، يمكن أن تمر سنوات قبل أن يصبح التهاب المفصل التنكّسي للعمود الفقري العنقي ظاهراً. وبالتالي قد يمارس شخص الوضعية كل يوم ويلاحظ فوائد حتى، وهو غير مدرك بأنه يهيِّئ نفسه لمشاكل لاحقة. لأمورٍ تتعلق بالسلامة، وصلت إلى اعتقاد بأنّ وقوف الرأس لا يجب أن يدرَّس في صفوف اليوغا العامة ما لم يكن المعلِّم قادراً على تمييز أي الطلاب لا يجدر بهم أن يؤدُّوه. يعتقد روجر كول بأن المشكلة هي أنه “من السهل جداً أن ترفع نفسك وتتوازن قبل أن تكون جاهزاً”. إذا كنت لا تستطيع أن تُحدث تراصفاً جيداً وتحافظ عليه، فاحذف هذه الوضعية وركِّز على الوضعيات التحضيرية مثل الانحناء الأمامي الوقوفي متباعد الرِجلين (براساريتا بادوتاناسانا). إذا كان رأسك لا يبلغ الأرض، فضع كتلة مضلَّعة أو وسيلة إسناد أخرى تحت قمة رأسك من أجل الإسناد.
ملاحظة: إنّ الانقلاب رأساً على عقب يرفع الضغط في العينين ويمكن أن يكون خطراً بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الزَرَق (غلوكوما) وداء السكّر، وحتى الأناس الذين هم قصيرو النظر للغاية قد يكونون معرَّضين لخطر الإصابة بتمزق شبكي. من المستحسن إذا كنت تعاني من أي من هذه الحالات أن تحصل على إذن من طبيب عيون بالإضافة إلى طبيبك المعتاد. إنّ إصابتك بإعتام العدسة لا يجعل الانقلابات أخطر، إلاّ أنّ كونك قد خضعت لعملية إعتام العدسة، وتحديداً إن كانت حديثة، يزيد من خطر تمزق الشبكة أو حتى انفصالها. إنّ وضعيات الانقلاب رأساً على عقب هي أيضاً خطرة بالنسبة للأناس المصابين بارتفاع ضغط الدم المسيطَر عليه بشكلٍ ضعيف.
تمزقات أوتار المأبض
أوتار المأبض هي العضلات الثلاث في مؤخرة كل فخذ والتي تمتد من الحوض إلى مؤخرة الساق. غالباً ما تُصاب هذه العضلات في تدريب اليوغا، وتحديداً من تدريب عدواني بإفراط من الانحناءات الأمامية؛ والتي أخطرها الانحناءات الأمامية الوقوفية. من المهم أن تستمع إلى الرسائل من جسمك وأن لا تضغط أبداً لتصل إلى نتيجة معينة، كأن تقدر على وضع يديك على الأرض، حتى إن كنت قد قدرت على فعل ذلك في اليوم الذي قبله. ففي حين أنه من الممكن أن تمزِّق بطن العضلة، إلا أن المكان الأكثر شيوعاً للإصابة يقع مباشرة بالقرب من مكان اتصال الأوتار بعظام الجلوس في الحوض. إنّ إصابات أوتار المأبض هي أكثر احتمالاً لأن تحدث مع الحركات المفاجئة، وتحديداً عندما تكون الغرفة باردة أو إذا لم تكن قد حمَّيتَ بشكلٍ كاف، ولكنها قد تحدث أيضاً عندما تكون حامياً ومتعباً كما عند قرب نهاية دورة تدريب طويلة حين يكون انتباهك متذبذباً ربما. يمكن أن يحدث هذا للأناس المتيبسين والذين يضغطون بكدّ جداً، ولكنه أكثر شيوعاً بين الطلاب المرنين ولكن المفتقرين للقدرة العضلية. تقول جولي غودمستاد بأنها لم ترَ تمزقات أوتار المأبض قرب عظام الجلوس عند أي أحد إلا ممارسي اليوغا. وهي تظنّ بأن السبب يرجع إلى أنّ كثيراً من الصفوف ومعظم التدريب البيتي للأشخاص يشتملان على الكثير من تمدد أوتار المأبض ولكن القليل نسبياً من تقوية أوتار المأبض. إنّ وضعيات مثل وضعية الجسر (سيتو باندها) وغيرها من الانحناءات الظهرية الخلفية تبني قوة أوتار المأبض. عند القيام بوضعية الجسر، فكِّر بشأن تحريك عظام الجلوس لديك، أي الأحاديب الوركية، نحو ركبتيك، واستخدام هذا الفعل لرفع الحوض أكثر. كلما بقيت في الوضعية أكثر، وكلما قمت بها أكثر، كلما قوَّيت أوتار المأبض.
أية وضعية يتم فيها تمدّد أوتار المأبض هي خطرة بشكلٍ خاص إذا كان التمزّق قد حدث بالفعل، حتى لو كان صغيراً، وبالتالي يجب تجنّب الانحناءات الأمامية لشهور عديدة غالباً ومن ثم إعادة إدخالها ببطء بعد أن تكون العضلات قد قُوِّيت بوضعيات أخرى. إنّ أية محاولة للقيام بانحناءات أمامية قبل أن تكون الإصابة قد شُفِيت يمكن أن ترجعك إلى ما كنت عليه ويمكن حتى أن تفاقم الإصابة الأولية. وحتى الوضعيات مثل وضعية المثلث (ترايكوناسانا) والكلب المواجه للأسفل (أدهو موكها سفاناسانا) تشمل عنصراً من الانحناء الأمامي ويمكن أن تكون مشكلة. إنّ استخدام كتل مضلَّعة تحت اليدين في وضعية الكلب يقلل التمدد إلى درجة معينة.
إصابات الكتف
تهيُّج الكتف هو مرض مستوطن في العالم الحديث. خلافاً للورك، فإنّ تجويف (حقّ) الكتف ليس مُشكَّلاً بالكامل. لاحتجاز كرة عظم العضد (عظم الذراع) في مكانها، تشكِّل أوتار أربع عضلات نوعاً من “تجويف مزيَّف”. تلتهب هذه الأوتار بسهولة مع النشاط وينتج عن ذلك ما يُعرَف بالتهاب الأوتار rotator cuff tendinitis. يمكن أن تتسبَّب اليوغا بإصابات rotator cuff، أو تعيد تنشيط الإصابات القديمة. يمكن لأي نوع من الحركات المتكرِّرة التي يتم فيها رفع اليدين فوق الرأس أن تكون مشكلة. الطريقة الأفضل للوقاية من الإصابات هي أن تحافظ على تراصف جيد للذراع والكتف، وأن تكون حريصاً تحديداً على أن لا تدع رأس عظام الذراع (قرب الكتف) ينتأ إلى الأمام. يعتبر هذا مسألة مقلقة على وجه التحديد في الآسانا مثل وضعية التأمل المعكوسة (نامسات Namaste)، ووضعية وجه البقرة (غوموكهاسانا Gomukhasana). إذا بدأ كتفك بإزعاجك، من الأفضل أن تترك التدريب وتعود إليه بحذر عندما تكون خالياً من العوارض. من الممكن أيضاً تعديل الوضعيات، كأن تقوم بوضعية المحارب I (فيرابهادراسانا I) مُبقياً يديك على وركيك بدلاً من إبقائهما فوق الرأس.
ربما كانت وضعية الدفع لأعلى في اليوغا، تشاتورانغا دانداسانا، هي أكثر الوضعيات المتسبِّبة بمشاكل rotator cuff. إذا كنت لا تُبقي رأس عظام الذراع – عظام العضد – مستوطنة بقوة في تجويف الكتف أو إذا كنت تتيح للعظام أن تنتأ إلى الأمام في المفصل، فأنت تجعل نفسك عرضة للإصابة. أكثر ما يُرجَّح حدوث هذا في تتابعات اليوغا المتدفقة بسرعة كما في صفوف الآشتانغا والفينياسا حيث تقفز في الوضعية مرات متعددة وعادة ما تبقى بضع ثوان قبل الانتقال إلى الوضعية التالية. من الأفضل أن تمارس التشاتورانغا ببطء أكثر كي يمكنك التركيز على بلوغ التراصف الصحيح قبل القيام بتتابعات متدفقة بسرعة. إذا كنت لا تستطيع أن تُبقي كتفيك إلى الخلف، فجرِّب ممارسة الوضعية وركبتاك على البساط، وهو ما يزيل بعض الثقل عن ذراعيك.
الإجهادات العجُزية الحرقفية
يستقر المفصل العجُزي الحرقفي في السطح غير المنتظم الشكل بين الحافة الخارجية لعظم العجُز، أي العظم المثلَّثي عند قاعدة العمود الفقري وعظم الحرقفة، أي أحد العظام التي تؤلِّف الحوض. إنّ عدم التراصف المؤلم وتهيُّج المفصل العجُزي الحرقفي والذي يحدث عادةً على جانب واحد فقط في كل مرة، هما من بين أكثر إصابات اليوغا شيوعاً. كما هو الحال مع تمزقات أوتار المأبض، يجد روجر كول بأنّ المشاكل العجُزية الحرقفية تحدث عادةً للأناس المرنين إلى حد ما، وهم غالباً ما يكونون ممارسي يوغا محترفين أو راقصين سابقين. ليس هناك الكثير من الحركة في المفاصل العجُزية الحرقفية، وبالفعل تصبح هذه المفاصل عند بعض الناس ملتحمةً بينما يكبرون في السنّ (لا يُصاب هؤلاء الأناس بإجهادات عجُزية حرقفية). ولكن إذا كانت المفاصل لا تزال تتحرّك وقمت بفتل العجُز نسبةً للحوض – وهو ما يمكن أن يحدث في كل شيء من وضعية المثلث إلى ماريتشياسانا I – فستكون نتيجة ذلك أنك تضع عزم تدوير غير صحي عليها.
يقول روجر بأنه من الشائع للجزء العلوي لأحد جانبي عظم العجُز أن يخرج مباشرة من عظم الحرقفة ويعلق هناك. يمكن أن يحدث هذا في الانحناءات الأمامية الجلوسية، وتحديداً تلك مثل وضعية الرأس إلى الركبة (جانو سيرساسانا)، والتي تشتمل أيضاً على عنصر التواء. إذا كنت تعاني من مشكلة عجُزية حرقفية فقد تحتاج إلى تفادي مثل تلك الوضعيات أو إلى تأديتها بطريقة معدَّلة، بأن تضع مثلاً سناداً تحت فخذ الرِجل المنثنية. من الوضعيات التي يمكن أيضاً أن تفاقم المشكلة، وفقاً لروجر، وضعية الإسكافيّ (بادها كوناسانا) والانحناءات الأمامية متباعدة الرِجلين، سواء الجلوسية منها أو الوقوفية. من أجل الوقاية من المشاكل العجُزية الحرقفية في وضعيات الالتواء، توصي جوديث هانسون لاساتر بتحرير حوضك، أي أن تدعه يستدير قليلاً باتجاه الالتواء، بدلاً من إبقائه ثابتاً (كما يُدرَّس غالباً). يساعد هذا الحوضَ والعجُز على الالتواء بانسجام، ما يقلِّل احتمال الفتل غير الصّحيّ بينهما.
إصابات الركبة
ربما تكون وضعية اللوتس (بادماسانا) هي الأشهر بين وضعيات الآسانا، حيث يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، ولكنها يمكن أن تكون قاتلةً للركبتين. ففي حين أن ذلك قد لا يكون واضحاً، إلا أنّ المنطقة التي يجب أن تكون مرنة للدخول في وضعية اللوتس هي منطقة الوركين. إذا كانت كرة عظام الفخذ لا تستطيع أن تستدير خارجياً بشكلٍ كاف في تجويف الورك، فليس هناك ببساطة أية طريقة يمكنك بها أن تجلب قدميك إلى الوضع الصحيح – ما لم تستعمل يديك لسحب كاحليك فوق الفخذ المعاكس – وهو ما يضع عزم تدوير هائل على مفصل الركبة. يقول روجر كول: “عندما يتوقف الفخذ عن الدوران، الطريقة الوحيدة لرفع القدم مسافة أعلى هي أن تثني الركبة جانبياً. ليس هذا من عمل الركبتين”. لقد مزّق الكثير من طلاب اليوغا المتحمِّسين أربطة الركبة وهم يحاولون الدخول في هذه الوضعية؛ وخلافاً لبعض الأخطار المحتملة من الآسانا الموصوفة في هذا الملحق، فإنّ التلف فوري.
وقضية محتملة أخرى تتعلّق بسلامة الركبتين هي الميل للتمدّد المفرط، أي تقويم المفصل بإفراط أو قفله في بعض الوضعيات. فحتى الأناس الذين هم من نواحٍ أخرى متيبِّسون إلى حدٍّ ما، تكون لديهم قابلية حركة زائدة في الركبة والتي يمكن أن تظهر في آسانا مثل وضعية المثلث، ووضعية الشجرة (فيركساسانا)، وحتى وضعية الجبل (تادسانا). إنّ قفل مفصل الركبة يضغطه ويضع الكثير جداً من الإجهاد على الغضروف المفصلي الوسطي، أي الغضروف الماص للصدمات في الركبة. والأسوأ من ذلك، كما يقول توم آلدن، أنّ “الغضروف المفصلي الوسطي مثبَّت على نحوٍ يمكِّنه من التمزّق عندما تتحرك”. إذا وجدت نفسك تقفل ركبتك، فمن الأفضل أن تفكِّر في استبقاء “انثناء صغير جداً” في المفصل. ما تفعله حقيقةً هو المحافظة على الركبة مستقيمة، غير متيحٍ لها أن تمتد بإفراط، ولكن إذا كنت معتاداً على إقفال الركبة، فستبدو ربما كما لو كنت تحنيها قليلاً. والواقع أنّ القيام بوضعيات وقوف مثل وضعية المثلث ووضعية الجبل دون الإفراط في مدّ الركبة وتشغيل العضلات رباعية الرؤوس في مقدمة الفخذ بقوة هو علاج وقائي مفيد. معظم الأناس الذين يملكون رُكَباً ذات قابلية حركة مفرطة يكون لديهم ضعف في هذه العضلات. يجد معلِّم اليوغا دونالد موير بأن معظم الأشخاص الذين يقفلون الركبة يضعون معظم ثقلهم على أعقابهم. إنّ تحويل الثقل أكثر باتجاه ضرّة القدم من شأنه أن يعالج المشكلة.
يمكن للغضروف المفصلي الوسطي أن يتعرَّض للتلف أيضاً في وضعية البطل (فيراسانا). من أجل منع هذه الإصابة، يقول توم بأنه من الأساسي أن تحافظ على تراصف طبيعي في عظام الرِجل كي لا يكون هناك عزم تدوير في الركبة. إذا خفضت نفسك ببطء في الوضعية، فقد تجد عند مرحلة معينة بأنك تُنشئ شعوراً بالالتواء أو الانضغاط في المفصل. يقول توم بأنّ علاج هذه المشكلة يتمثَّل في وضع كتلة مضلَّعة أو بطانية مطوية تحت ردفيك، على ارتفاع كاف يمكِّنك من المحافظة على تراصف جيد.
تتعرّض الركبتان للخطر في وضعيات الوقوف مثل المحارب II إذا كانت الركبة الأمامية غير متراصفة جيداً فوق الكاحل. يميل العديد من الطلاب إلى ترك الركبة تنساق باتجاه جانب القدم المشتمل على الإبهام، بحيث لا تعود متراصفة مع الكاحل. وحيث إنّ الركبة تلعب دور المفصل الرَّزي، يمكن أن تكون النتيجة انضغاطاً في المفصل عندما تنساق الركبة. كذلك من الخطر أن تسمح للركبة الأمامية بأن تمتد متجاوزة الكاحل الأمامي. يمكن لهذا الوضع أن ينشئ قوةً قاصّة في المفصل ويمكن أن يتلف الغضروف. إذا وجدت أنّ هذا يحدث في وضعية المحارب، فأنت تحتاج إلى توسيع وقفتك.
حتى الجلوس في وضعٍ بسيط متصالب الرِجلين من أجل التأمل يمكن أن يتلف الركبتين. وعلى نحوٍ مماثل، يمكن لوضعية اللوتس ووضعية الفيراسانا، وهما وضعيتان إضافيتان للتدريب الجلوسي، أن تجهدا الركبة لأن الجلوس بأمان في هاتين الوضعيتين لفترات طويلة من الوقت يتطلّب مرونة في الوركين. وهذا أحد الأسباب التي يجب على المتأمِّلين من أجلها أن يفكِّروا في أداء تدريب آسانا منتظم. يقول ليسلي كامينوف بأن حدوث التهاب المفاصل بين المتأمِّلين البوذيين الجديين الذين لا يمارسون الآسانا عادة، هو عالٍ جداً. يقول بأنهم يبدون رائعين حقاً وهم جالسون، ولكن عندما ينهضون فهم يمشون كما لو أنهم ترجَّلوا لتوِّهم عن الحصان. تطلب بعض التقاليد البوذية من الطلاب أن لا يغيِّروا وضعهم بغض النظر عن الألم الذي هم فيه. وفي حين أن انضباطاً كهذا قد يساعد على تدريب العقل، إلا أنه من وجهة نظر طبية يُعتبَر عملاً غير حكيم. من الأفضل كثيراً أن تتأمل براحة على كرسي بدلاً من تعذيب نفسك على الأرض. أخبرني ت. ك. ف. ديسيكاتشار بأنّ أي وضع، حتى الاستلقاء، هو جيد للتأمل طالما أنك لا تستغرق في النوم.
إصابات الكاحل
يمكن أن تكون وضعية البطل (فيراسانا) وسوبتا فيراسانا، أي النسخة الاستلقائية من الوضعية نفسها، شاقّتين جداً بالنسبة للأناس الذين لديهم شدّ فوق أعلى القدمين. إذا كانت تلك المنطقة تؤلمك، فيحتمل أنك تضغط العظام في كاحليك وربما تمطّ الأربطة على أعلى قدمك، وكلا الأمرين غير مستحسن. أحد الحلول الممكنة هو أن تلفّ منشفة صغيرة وتضعها تحت الكاحلين. حصل روجر كول على نتائج جيدة باستعمال رفٍ من البطانيات الموضوعة تحت قصبتي الساقين لحماية مفاصل الكاحل. ويقول بأن الشيء الذي يجب عليك أن تتجنبه في هذه الوضعية هو أن ترفع الضغط عن الكاحلين بأن تتيح للقدمين أن تستديرا خارجاً إلى الجانب، وهو ما سيؤدي إلى التواء الركبتين وضغط الغضروف وإجهاد الأربطة. الأسلم إذا كانت القدمان لا تميلان إلى الجانبين بل تشيران مباشرة إلى الخلف، وإذا كان موضعهما مجاوراً مباشرة للحوض على كل جانب.
ووضعية أخرى محتملة الخطر على الكاحلين هي وضعية اللوتس، والتي كما هو الحال في مشاكل الركبة المذكورة آنفاً، ترتبط بقابلية الحركة المحدودة في الوركين وبإجبار نفسك على الدخول في الوضعية. من أجل الدخول في الوضعية، يعمد الكثير من الطلاب إلى مطّ أعلى أقدامهم بإفراط مستخدمين أيديهم لإجبار أقدامهم على اتخاذ ذلك الوضع. والنتيجة هي تَمَنْجُل غير صحي في مفصل الكاحل. يمطّ هذا أربطة المفصل بالطريقة نفسها التي يمكن لوثء (التواء) الكاحل أن يمطّها بها. إنّ فعل هذا بشكلٍ متكرِّر يمكن أن يطيل الأربطة مؤدِّياً إلى عدم اتزان واحتمال أوثاء مستقبلية بالكاحل. كما أنّ تمنجل الكاحل يضع ضغطاً إضافياً على الأربطة في الركبة. ورغم أنه يتطلب مرونة أكثر في الوركين، إلا أنّ إبقاء كاحليك في وضع تراصف طبيعي هو أكثر أمناً.
إصابات الرسغين
يمكن لبعض الآسانا بما فيها وضعية الكلب، ووضعية الدفع لأعلى (تشاتورانغا دانداسانا)، ووقوف الرأس، أن تضع الكثير من الضغط على مفاصل الرسغين وخاصة النفق الرسغي. يميل الكثير من الطلاب إلى خمص أرساغهم بحيث يدعون الثقل يقع بأكمله تقريباً على عقب اليدين. يمكن للضغط هناك أن يضغط النفق الرسغي مباشرة، أي الممر الذي تعبر من خلاله الأوتار والعصب الوسطي من الذراع إلى اليد. كلما كان وزنك أكبر ورسغاك أصغر، كلما كان من شأن الانضغاط أن يكون أكبر.
إذا كان وزنك يقع بمعظمه على يديك بدلاً من قدميك في وضعية الكلب المواجه للأسفل، فاثنِ ركبتيك قليلاً لإرخاء عضلات أوتار المأبض وتقليل العبء عن الرسغين. نموذجياً، يجب أن يكون الضغط على كل يد موزّعاً بتساوٍ بين عقب يدك وجانب البرجمة وبين جانب اليد المشتمل على الإبهام وجانب الخنصر. إنّ ضغط السبابة والإبهام بقوة أكثر على البساط يمكن أن يساعد في بلوغ هذا. إذا شعرت بانضغاط في رسغيك في وضعية الكلب، حاول أن تضع بساطاً ملفوفاً، أو لوحاً مائلاً، أو كتاباً تحت رسغيك وانظر إن كان ذلك يتيح لك أن تعيد توزيع الثقل بشكل أفضل على براجمك.
إنّ تعلُّم تغيير مكان وقْع الثقل على يديك يمكن أن يساعد في الوقاية من الإصابات في وضعيات مثل وقوف الرأس، ووضعية العجلة (أردفا دانوراسانا)، والعديد من توازنات الذراع مثل وضعية الرافعة (باكاسانا، وتُدعى أحياناً وضعية العتلة). تضع هذه الآسانا إجهاداً أكثر على الرسغ من وضعية الكلب المواجه للأسفل لأنك تحتمل الثقل والرسغ مثني بزاوية 90 درجة تقريباً. وكما في وضعية الكلب، انظر إن كنت تستطيع أن تجلب المزيد من الثقل إلى البراجم وجانب اليدين المشتمل على السبابة والإبهام.