يمكن للغضب أن يسيطر على عقلك، خاصة إذا كان مصحوبا بمشاعر من القلق. تبدأ في الشعور بالانزعاج بسبب شيء ما أثار غضبك، وكما نمت وكبرت حبات الكرمة إلى شجرة فاصولياء أمام أعين جاك في حكاية جاك وشجرة الفاصولياء، يزيد غضبك ويبلغ حد السماء بمجرد التفكير فيه. ينمو ويزداد، حتى لا تستطيع أن ترى أو تفكر في شيء غيره. يزيد حتى يسع الكون. ويصبح غضبك هو الشيء الوحيد المهم في حياتك. يصبح كأنه كلب عنيد أمسك بشيء ولا يريد تركه. وهذا يعني أنك لن تتمكن من إيجاد أي حلول جيدة للمشكلة التي تواجهها، فقد غلبت مشاعرك قدرتك على التفكير، واستحوذت عليك.
تمرين. فكر في ثلاثة أمور مختصرة تُذكرك بألا يستحوذ غضبك عليك. إليك بعض الأمثلة:
“إنها مشكلة حقيقية، لكنها ليست بمسألة حياة أو موت”
“حان الوقت للتفكير في أمر جيد في حياتي”
“دعها للخالق”
“لن أترك غضبي يدير حياتي”
“لن أدع غضبي يفسد حياتي”
اكتب تلك العبارات، وضعها في محفظتك، أو جيبك، أو حقيبتك. واقرأها كل صباح، أو حينما تثور غضبا.
من الذي يقود حافلة حياتك؟
يؤدي استحواذ الغضب عليك إلى الغضب المزمن. فبمجرد أن يستحوذ عليك التفكير في مدى إيذاء الآخرين لك، أو أيا كان ما يثير غضبك، فإنه يسيطر تدريجيا على حياتك. يمكن للغضب أن يسيطر على طريقة تفكيرك. فهو يصبح قويا وعنيدا، فكما تكن أنت يكن غضبك. ويصبح لحن حياتك: “أنا غضبي، وغضبي هو أنا”.
تخيل حياتك وكأنها رحلة طويلة بالحافلة. حافلة أنت سائقها، لكنك لست وحدك فيها. فمعك صحبة من ركاب آخرين. إنهم مشاعرك: غضبك، وفرحك، وحزنك، وخوفك، ومشاعر الذنب، ومشاعر الخزي، والشعور بالوحدة، وهكذا. بين الحين والآخر تسمح لأحدهم أن يجلس بجوارك وأنت تقود الحافلة، لكن أنت المسئول عن الحافلة.
وفجأة يحدث أمر غريب. يقف الغضب، ويسرع خطاه إلى الأمام، ليمسك بعنقك ويُلقيك بعيدا عن كرسي القيادة. “أنا أخطف هذه الحافلة” ويأمرك أن تتخذ مقعدك فى الخلف.
ماذا سيحدث بعدها؟ تجد نفسك في رحلة وعرة. فغضبك يقود بسرعة وجنون، دون الانتباه إلى عثرات الطريق. ويصيح “ياهوووو، يا للمتعة!”. لكنك لا تستمتع بالرحلة بالقدر نفسه الذي يستمتع به هو.
ثم يوقف الغضب الحافلة، وينظر بسخط إلى مشاعرك الأخرى، ويأمرها بالنزول منها: “لا نريد المزيد من المشاعر الأخرى، فأنا أستطيع التعامل مع كل الأمور”. وفي الطريق، بينما تمر الحافلة بصديقك الذي يلوح إليك بالتحية، يجتازه الغضب، لأنك تذكر يوم قال أمورا سيئة لك. ثم ترى أحد أفراد عائلتك جالسا بجانب الطريق يحتاج إلى من يوصله، فيتخطاه غضبك دون أن يعيره انتباها. ويقول: “دعه يتمشَّ، فهو لا يعني شيئا لي”، ذلك لأن الغضب غير قادر على التعاطف.
تمرين. كيف تبدو حافلة حياتك؟ هل سيطر عليها الغضب؟ إذا كان كذلك، إذا فعليك التصرف بحزم. قف، واذهب إلى مقدمة الحافلة، ولتأمر غضبك بكل حزم أن ينهض عن كرسي السائق. أخبره أنك لازلت تسيطر على حياتك. لكن لا تُنزله من الحافلة. تذكر أن الغضب يمكن أن يكون مفيدا لك، طالما لا يأتي للمقدمة إلا عند الحاجة، وأنت تبقى في مقعد السائق حتى عندما يكون الغضب حاضرا.
هناك مهمة أخرى عليك القيام بها. فأنت بحاجة بالتأكيد إلى جمع كل مشاعرك ودعوتها للصعود إلى الحافلة معك. اسأل نفسك أي من تلك المشاعر تحتاجه أولا. ولماذا؟