إن المأكولات الصحية بالنسبة إلى معظمنا يمكن أن تسبب المشاكل للبعض. أحيانا، يمكن أن يلاحظ المصابون بحالات التهابية تحسنا ملموسا في الأعراض إن أزالوا المأكولات الشائعة من نظامهم الغذائي.
ذات مرة، كنت واقفا في صف طويل في ردهة الاستقبال وبدأت حديثا مع زوجين يقفان أمامي. وعندما علما بأنني طبيب، أطلعاني على تجربتهم الطبية. فقد كانت الزوجة مصابة بحالة حادة ومتقدمة من التهاب المفاصل الرثواني وقد أخبرها طبيبها باحتمال أن ينتهي بها الأمر على كرسي مدولب في غضون سنتين. توجه الزوج إلى المكتبة الطبية ليبحث عما قد يفيده. فقرأ فصل حول التهاب المفاصل الرثواني في كتاب الحساسية تجاه الطعام لبريستوف ونصح زوجته بإزالة الحليب من نظامها الغذائي. تحسنت حالتها تماما ولكنها تعود مجددا عندما تغش فتتناول القليل من الجبن أو غيره من المنتجات اللبنية.
هل يعني ذلك أن كل مصاب بالتهاب المفاصل الرثواني يمكن أن يشفى عبر تفادي الحليب؟ للأسف لا. يقتصر عامل عدم احتمال الطعام على الأفراد ويجب أن يتبنى المرء مقاربة نظامية لمعرفة نوع المأكولات التي تنبه المرض لديه. ترتبط بعض الأمراض بعدم احتمال الطعام لدى بعض الأفراد بما في ذلك التهاب المفاصل، الربو، العديد من أنواع الطفح الجلدي، لانظمية القلب، الداء البطني، داء كرون، متلازمة المعى المتهيج، صداع الشقيقة، التهاب الأنف والتهاب الجيب.
كيف من الممكن تحديد المأكولات التي قد تسبب ردود الفعل الالتهابية؟ قد تود تجربة إحدى النقاط التالية بمساعدة طبيبك:
• اختبار حساسية البشرة مما قد يكشف عن حالات عدم الاحتمال المؤدية إلى الشرى، التهاب الجيوب الأنفية، الربو وبعض حالات صداع الشقيقة.
• اتباع نظام غذائي أساسي يقتصر على الغذاء بالسوائل الذي يتضمن توازنا في الدهون، السكريات، الأحماض الأمينية، الفيتامينات والمعادن ولكن ليس البروتينات. هذه طريقة لاختبار البروتين كعامل منبه.
• الامتناع عن الأكل الذي ينصح به كطريقة حاسمة لمعرفة ما إذا كان عدم احتمال الطعام يسبب مشكلة. إن لم تتحسن الأعراض في خمسة أو سبعة أيام من الانقطاع عن تناول الطعام، من غير المرجح أن تكون الحساسية تجاه الطعام أو عدم احتماله ما يسبب المرض. يجب الخضوع لهذا النوع من الصوم الممتد تحت إشراف طبي بسبب احتمال حدوث اللاتوازن الكهرلي والتجفاف.
يمكنك محاولة تحديد العوامل المثيرة للمرض بنفسك (أو بمساعدة طبيب) عبر حذف بعض المواد من النظام الغذائي حيث تتجنب أنواع معينة من الطعام لفترة من الوقت وذلك لمعرفة ما إذا كانت الأعراض تتحسن أو تزول. قد يصعب تحديد المأكولات المنبهة لأنها تختلف بين شخص وآخر حتى لو عانى الأشخاص من الداء ذاته. كذلك، قد لا تظهر آثار الطعام لعدة ساعات أو أيام، لذا قد يصبح من الصعب معرفة نوع الطعام الذي سبب المشكلة.
هناك طريقة لرصد المأكولات وهي عبر البدء باتباع عملية الحذف من النظام الغذائي. إليك الطريقة:
تنبيه: إن كنت مصابا بداء السكر أو لديك مخاوف صحية أخرى متعلقة بالتغذية، أو إن كنت ببساطة تود المزيد من الإرشاد، استشر طبيبك قبل الشروع في اتباع نظام غذائي خاضع لعملية الحذف.
1 – امتنع عن تناول كل الأغذية المذكورة أدناه على لائحة “المنبهات” وذلك لأسبوع واحد – فهي من بين الأغذية المنبهة الأكثر شيوعا لمعظم الأمراض. حاول أن تتناول فقط تلك المذكورة على لائحة “الأغذية الآمنة” – فهي لا تسبب ردود الفعل تجاه عدم احتمال الطعام. لا تعتبر الأغذية غير المذكورة على أي من اللائحتين منبهات شائعة ولكنها قد تكون منبهة بالنسبة إلى البعض. (لا تتناول أي طعام خلال مرحلة الاختبار إلا إذا كنت تعرف أنه آمن بالنسبة إليك.) من خلال تناول الأغذية الآمنة فقط لأسبوع، تكون قد أزلت الألم وبدأت من جديد.
2 – احفظ معك دفتر يوميات. دون كل ما تتناوله يوميا وتابع حالتك الصحية دائما. صنف أعراضك التي تسبب لك المشاكل على مقياس من صفر إلى عشرة (الصفر يعني لا ألم أو أعراض، ويعادل الرقم عشرة الألم المبرح أو الأعراض الحادة جدا.)
3 – في نهاية الأسبوع، أعد النظر في دفتر اليوميات. هل تحسنت الأعراض وخف الألم؟ في حال العكس، من المحتمل ألا تكون الأغذية المنبهة ما يجعل أعراضك أكثر سوءا. ولكنك ستدرك أن الطعام المحذوف ساهم في التسبب بالألم إن شعرت بتحسن في نهاية الأسبوع.
4 – لمعرفة نوع الطعام أو الأطعمة التي تسبب أعراضك، أعد أنواع المأكولات إلى نظامك الغذائي الواحد تلو الآخر بمعدل نوع واحد في اليوم لا أكثر. تناول حصة كبيرة لتكون ردة الفعل تجاه نوع الطعام واضحة. تابع أعراضك باستمرار على دفتر اليوميات. إن ساءت هذه الأعراض في غضون أربع وعشرين ساعة من إضافة طعام جديد، يكون هذا الأخير منبها للأعراض. أزله نهائيا من نظامك الغذائي.
5 – من الممكن أن يكون هناك أكثر من طعام منبه واحد، لذا استمر في عملية إعادة المأكولات ببطء إلى نظامك الغذائي. احفظ مدونات المأكولات والأعراض إلى أن تتبع نظاما غذائيا طبيعيا بشكل نسبي.
تتطلب عملية الحذف من النظام الغذائي مساحة كبيرة من الوقت وقد تكون مزعجة وغير مريحة، لذا، اختر وقتا تكون فيه قادرا على متابعة النظام الغذائي (لا تبدأ به قبل أسبوع من حفل زفاف إبنتك مثلا). يمكن أن تنفع الأنظمة الغذائية الدورانية حيث يتم تناول حصة واحدة لكل وجبة من خمسة إلى سبعة أيام.
الأغذية المنبهة الشائعة
أحيانا، يصعب تجنب الأغذية المنبهة بسبب احتمال تعدد أسماء المنتجات على أصناف الطعام. مثلا، لا يدرك الكثيرون أن مصل الحليب هو منتج لبني. قد يحتاج كل من يعتبر الحليب غذاء منبها إلى تجنب أي منتج يحتوي على مصل الحليب. إليك الأغذية المنبهة الشائعة وبعض أماكن تواجدها (بين الهلالين):
• الحليب (مصل الحليب، الكازين، أي شيء ينتهي بكلمة لبني)
• منتجات الملبنة الأخرى مثل الجبن، اللبن، الزبدة والقشدة.
• البيض (الزلال)
• الذرة (نشاء الذرة، دقيق الذرة، شراب الذرة، البرغل، ملون الكاراميل والعديد من المواد المحلية مثل السوربيتول والدكستروز)
• القمح (دقيق القمح، الدقيق الأبيض لجميع الاستعمالات، أي نوع من الخبز غير مكون بالضرورة من نوع مختلف من الدقيق، نشاء الطعام، الكوسكوس، البرغل، السميد، وغلوتاميت أحادي الصوديوم.)
• لحم البقر، الدجاج، وكل أنواع اللحوم والدواجن الأخرى (مرق الدجاج ولحم البقر، الجيلاتين.)
• الجوز، والفول السوداني.
• الطماطم
• البصل
• التفاح، الحمضيات والموز.
• الشوكولا (الكاكاو)
• المشروبات المحتوية على الكافيين (القهوة، الشاي، الكولا)
الأغذية الآمنة الشائعة
عموما، لا تسبب هذه الأغذية الألم أو الأعراض:
• الأرز البني ومنتجات الأرز (بما فيها البسكويت الهش المكون من الأرز، حليب الأرز، باستا الأرز، الحبوب المحتوية على الأرز.)
• الخضار: البركولي، السبانخ، الخس، الشمندر، الكرنب، القرع، البطاطا الحلوة، اللوبيا، الجزر، البطاطا البيضاء، الكرنب المسوق، الهليون.
• الفواكه: الفواكه المجففة (باستثناء التفاح والموز)، الإجاص، أثمار العليق، الأناناس، الكرز، العنب، الكيوي، المانغا، الببايا، الخوخ، البطيخ، الفاكهة المعلبة (ليس زبدة التفاح أو مربى البرتقال أو الليمون الهندي)
• المياه الغازية أو غير الغازية (يضم العديد من أنواع الشاي والعصير العشبي منبهات ضمنية يجب تجنبها. يمكن إعادتها إلى النظام الغذائي كأحد الأغذية المحذوفة.)
أغذية إضافية مكافحة للالتهاب
إن نجحت في اتباع القواعد السبع وترغب في إضافة المزيد من المواد المضادة للالتهاب إلى نظامك الغذائي، خذ بعين الاعتبار بهار الكاري، الشاي (وخاصة الشاي الأخضر)، الصويا وأوراق الجنكة.
بهار الكاري
تبين أن الكركم، وهو البهار الأصفر اللون المستخدم في أطباق الكاري، يتمتع بخاصيات مضادة للالتهاب. والمادة الناشطة في الكاري هي المادة الكيميائية النباتية الكركمين التي يبدو انها تثبط السيتوكين المرتبط بالالتهاب وأنزيم الاكسجيناز الدوري-2 (COX-2). كما أنها مضاد فعال للأكسدة أكثر من الفيتامين E. وثبت في الدراسات المخبرية أن الكركم يقي من فقدان الذاكرة لدى الجرذان مما يفسح المجال أمام اختبار الكركم كعامل محتمل للوقاية من داء ألزهايمر.
بالطبع،عندما درس العلماء معدلات المرض، لوحظ أن سكان الهند الذين يميلون إلى تناول كميات كبيرة من الكركم أكثر من البلدان الغربية قد سجلوا حوالى ربع نسبة انتشار داء ألزهايمر مقارنة مع سكان الولايات المتحدة. في دراسة مدهشة، قدم إلى جرذان متقدمة في السن ونزاعة إلى الإصابة بأعراض شبيهة بأعراض داء ألزهايمر، واحدا من ثلاثة أنواع من الطعام: طعام الجرذان العادي، طعام مع الكركم أو طعام مع الإيبوبروفين (الدواء المضاد للالتهاب نفسه الموجود في أدفيل). قلل كل من الكركم والإيبوبروفين نسبة تكون لويحات الدماغ (المرتبطة بداء ألزهايمر) ولكن الكركم تحكم أيضا بالضرر المؤكسد. هذا يعني أن تناول المأكولات المحتوية على البهار قد يساهم في الوقاية من داء ألزهايمر. أظهرت دراسة أخرى نشرت في مجلة السرطان أن الكركم قد يمنع نمو الورم عبر تثبيط بعض المواد الكيميائية الالتهابية (وخاصة إنترلوكين-8).
مكافح الالتهاب: إن استطاع الكركم أن يمنع نمو السرطان في المختبر، فلم لا تضاف أطباق الكاري إلى قائمة الطعام الأسبوعية؟ إن الكميات الموجودة في الطبخ الهندي آمنة ومرتفعة بما يكفي للتخفيف من نسبة الالتهاب.
الشاي/الشاي الأخضر
تبين أن الشاي وخاصة الشاي الأخضر يقلل نسبة خطر الإصابة بأمراض السرطان والنوبة القلبية. يحتوي الشاي على كمية كبيرة من المواد الكيميائية النباتية وخاصة الكاتشين (catechin) الذي يعمل كمضاد للأكسدة ويمكن أن يغير العمليات الالتهابية المؤدية إلى المرض. ثبت أن شرب الشاي الأخضر يخفف من خطر الإصابة بسرطان المعدة والسرطان القولوني المستقيمي. وتبين أن الشاي الأسود (الذي يستعمل أكثر في البلدان الغربية) والشاي الأخضر يخففان نسبة خطر الإصابة بسرطان البشرة. في دراسة شملت 450 بالغا متقدما في السن في أريزونا، اكتشف العلماء أن الشاي الأسود الحاد والساخن (ولكن ليس الشاي المثلج أو السريع الذوبان) مرتبط بإنخفاض معدلات الإصابة بسرطان الخلايا الوسفية في البشرة.
كما ويبدو أن الشاي يخفف من نسبة الإصابة بالنوبة القلبية. وعلى الرغم من أن بعض الدراسات استخدمت ما يعادل الكميات الكبيرة من الشاي (أكثر من حوالى عشرة أكواب في اليوم)، إلا أنك لست مضطرا لشرب هذه الكمية. أظهرت دراسة ضمت حوالى 3500 بالغ ما فوق الخامسة والخمسين من العمر أن إحتساء كوب أو كوبين من الشاي يوميا يقلل من التعرض للتصلب العصيدي بنسبة أكثر من 40%.
مكافح الالتهاب: إن كان الكافيين لا يضرك، حاول إضافة الشاي إلى نظامك الغذائي عبر شرب على الأقل كوب واحد من الشاي الحاد والساخن (ليس الحار) يوميا.
فول الصويا
تحتوي منتجات الصويا مثل حليب الصويا ودقيق الصويا والتوفو على العديد من المواد الكيميائية النباتية ومنها الجنيستين والديدزين. وارتبطت هاتان المادتان بانخفاض معدل الإصابة بسرطان الثدي والبروستاتة. وقد يكون السبب في أن الأنظمة الغذائية الغنية ببروتينات الصويا تؤثر في مواد السيتوكين الالتهابية. أظهرت دراسة مخبرية أن الجرذان الذين خضعوا لنظام غذائي غني ببروتين الصويا سجلوا نسبة أقل من التورم (الوذمة) والألم مقارنة مع الجرذان الذين خضعوا لنظام غذائي غني بالبروتين اللبني. إن كنت مصابا بالسرطان، استشر طبيبك قبل إضافة الصويا إلى نظامك الغذائي.
مكافح الالتهاب: جرب منتجات الصويا المختلفة لتعرف مذاقها وكيفية استخدامها. مثلا، قد لا تشعر بطعم حليب الصويا الممزوج مع الحبوب أو عند شربه مباشرة من الكوب ولكن يمكن استعماله كبديل فعال لحليب البقر عند الخبز بدون الشعور بأي فرق في المذاق.
أوراق الجنكة
للجنكة آثار عدة تجعلها مكافحا فعالا للالتهاب. فهي تعمل كمضاد للأكسدة، تريح جدران الأوعية الدموية لتحسين تدفق الدم وتنبه بعض الناقلات العصبية. ويبدو أن الجنكة تحسن الذاكرة والقدرات اليومية لدى المصابين بالخرف. أظهرت دراسة حديثة أن لا آثار جانبية للجنكة مقارنة مع الذين تلقوا علاج الغفل. لذا، فهي تعتبر آمنة. ومع أنها تباع على شكل إضافات في الولايات المتحدة، إلا أنها دواء مسجل في أوروبا لمعالجة التلف الذهني المرتبط بالتقدم في السن.
مكافح الالتهاب: إن كنت ترغب في تجربة الجنكة، استشر طبيبك للتأكد من أنها تناسبك. استخدمت كل الدراسات المستخرج المعياري EGb761 الذي يفضل استعماله. ما من جرعة معيارية موصى بها في الولايات المتحدة، ولكن أثبتت دراسات عدة فعالية تناول 120 ملغ يوميا.