هناك عوامل متعددة قد تسهم في شعورك بالقلق عند موعد النوم، وهناك أمورًا يمكنك القيام بها لجعل نظام نومك يعمل على نحو مثالي ويقلل من احتمالية شعورك بالقلق عند موعد نومك. وفي هذا الموضوع، سوف تطالع إستراتيجيات لـ “تسكين قلقك”؛ حتى يمكنك نيل قسط أكبر من النوم المريح.
هَدِّئ قلقك
هل لديك حياة منشغلة؟ وهل تظل منشغلاً جدًّا طوال يومك لدرجة أنك لا تحظى بفرصة للتفكير بشأن ما يحدث في حياتك إلا عندما تأوي إلى فراشك، وهو الموضع الذي يتسم بالهدوء والظلام والخلو من أسباب الحيرة؟
وعندما تكون في حال بين اليقظة والنوم، لا تكون في أفضل ظروف مناسبة لحل المشكلات، وقد تكون أكثر ميلاً إلى تخيل الكوارث غير المحتملة، وربما تقلق بشأن أمور ليس لك عليها سلطان. ما الحل إذن؟ تَعَمَّدْ ممارسة قدرتك على حل المشكلات في وقت تكون فيه أفضل قدرة على ابتكار حلول جيدة. وامنح نفسك وقتًا كافيًا لمعالجة قلقك في وقت مبكر من يومك؛ لكي لا يظل موعد النوم وقتًا وحيدًا متاحًا للتفكير في أحداث يومك.
خصص وقتًا للقلق
إذا منحت نفسك وقتًا مبكرًا من يومك لتناول الأعمال التي لم تنتهِ منها، فسوف تقل احتمالية أن يتبعك قلقك إلى الفراش. ولتبدأ بتخصيص وقت في جدولك في بدايات المساء حيث يمكنك إفراغ وقت متواصل يتفاوت من عشرين إلى ثلاثين دقيقة. واقسم صفحة ورقية (أو وثيقة إلكترونية) إلى نصفين بأن ترسم خطًّا عموديًّا في منتصفها. وفي أعلى العمود الأيمن، اكتب عبارة “أسباب القلق أو الهموم”، واكتب في أعلى العمود الأيسر عبارة “الخطوات التالية” أو “الحلول”.
ما الذي يقلقك في الليل باستمرار؟ هل هناك أمر يدور في عقلك الآن وقد يزعجك لاحقًا؟ هل لديك مشكلة لم تفكر في حل لها؟ كل هذه نقاط تصلح أن تدرجها في قائمة “أسباب القلق أو الهموم”. وبمجرد أن تدوِّن سبب قلقك، فكر في الخطوة التالية التي يمكنك اتخاذها من أجل التوصل إلى حل. وحاول أن تفكر في عدة حلول ممكنة لكل مشكلة. وبمجرد أن تبتكر حلولاً عديدة لها، ركز على أفضل خطوة “تالية” يمكنك اتخاذها. وعلى سبيل المثال، إذا كنت قلقًا لأن لديك فاتورة عليك سدادها ولست واثقًا مما إذا تم سدادها أم لا، فسوف يكون الحل في النهاية هو أن تسددها إذا ظلت تزعجك بوضوح، ورغم هذا هناك خطوات تتخلل هذا الأمر ينبغي عليك تدوينها. وعلى سبيل المثال، سوف تحتاج إلى النظر في حاسوبك أو في أي شيء تدوِّن فيه تواريخ سداد فواتيرك لترى ما إذا كانت الفاتورة سددت أم لا. وهذه مجرد خطوة بسيطة نحو سداد الفاتورة، ولكنها تجعل هذه العملية يسيرة التحكم بقدر أكبر.
وأكثر المصابين بالقلق بوسعهم ابتكار حلول جيدة للمشكلات، ورغم هذا، تبدو لهم مشكلاتهم غامرة جدًّا لدرجة أنهم يفشلون حقيقة في اتخاذ خطوات لحلها. وتجزئة الحل أو الهدف إلى خطوات أصغر يزيد من احتمالية تقدمك نحو حلها. وقد تجد إنجاز الخطوة الصغيرة الأولى ملهمًا لك على اتخاذ الخطوة التالية، ومساعدتك على تحقيق هدفك. وإذا كانت لديك أهداف عديدة لم تحقق، فقد تميل إلى الشعور بالقلق، أو الإحباط، أو الاكتئاب. ولتحاول تجزئتها والعمل على تحقيقها على هذا النحو، وقد يتحسن شعورك.
ولك أن تختار العمل على معالجة أمر مقلق واحد في كل يوم، أو بوسعك أن تستخدم وقت قلقك في وضع قائمة “مهام مطلوبة” لحل الأمور المقلقة الصغيرة. وببساطة، فلتخصص وقتًا للعمل على حل أية مشكلات تعرض لك.
وبعض المشكلات قد لا يكون لها حلول فورية، أو قد تكون برمتها خارجة عن نطاق سيطرتك. وعندما لا يمكن البحث عن حل ما مباشرة، فقد يساعدك التفكير في حلول ممكنة ووضع خطط لسيناريوهات مختلفة في التخفيف من شعورك بالحيرة. وإذا كانت المشكلة برمتها خارجة عن نطاق سيطرتك، فقد لا تكون الحلول الاستدلالية واقعية. وفي هذه الحالة، من المفيد أن تكتب عن المشكلة، وتتقبل حقيقة أنه ليس بوسعك حلها. ولنفترض أنك تبحث عن وظيفة، وأنك وضعت بالفعل خطة للبحث عن الوظائف والتقدم لها، وأعددت سيرتك الذاتية، وفعلت كل ما بوسعك فعله، ولكنك لا زلت قلقًا بشأن الحصول على وظيفة. وعند هذه المرحلة، ليس بوسعك التحكم في الأمور، ومن الأفضل لك التركيز على العناية بنفسك لكي يمكنك المحافظة على طاقتك وتفاؤلك لكي تنتظر حتى يثمر سعيك إلى إحدى الوظائف المرتقبة. وفي بعض الأحيان، يكون تأكيدك لنفسك على أن الأمور سوف تكون على ما يرام هو أفضل خطوة تالية لعلاج القلق. وإذا دام لديك القلق بشأن الحصول على وظيفة، فلتكتب بعض الأشياء عنه.
وعندما ينتهي الوقت المخصص للقلق، قم بطي الورقة من المنتصف، وضعها جانبًا. وأكد لنفسك على أنك بذلت أقصى ما بوسعك حتى الآن. وذكر نفسك بهذا الأمر إذا تحول القلق إلى روتين مزعج، أي ذكِّر نفسك بأنك تناولت المشكلة بالفعل عندما كنت في أفضل وقت مناسب لحل المشكلات في وقت باكر من المساء، وأنه ليس بوسعك فعل أي شيء حيالها الآن، في وقت النوم.
اكتب شيئًا عما يقلقك عند موعد نومك
رغم تخصيص بعض الناس لوقت مبكر من مسائهم لحل المشكلات، فإنهم يجدون أنفسهم يقلقون ثانية عند حلول موعد نومهم. وقد تجد أن كتابة شيء عما يقلقك قبل خلودك إلى النوم يساعدك في الكف عن التفكير فيه، ويتيح لك التهيؤ بقدر أكبر للاستغراق في النوم. وهذه الإستراتيجية تتيح لك تنظيم أفكارك بشأن الأمر الذي يدور في عقلك، ومعالجته، ثم الكف عن التفكير فيه.
وكما قلنا سابقًا، خصص وقتًا يتراوح من عشرين إلى ثلاثين دقيقة لهذا الغرض، وابدأ في تدوين أفكارك، أو أمورك المقلقة، أو الأمور التي تدور في عقلك. وكن صادقًا قدر الإمكان، واستكشف بصراحة أعمق مشاعرك وأفكارك نحو الأمور التي تزعجك. ويجد بعض الناس أن من الأيسر لهم الكتابة بصراحة إذا كانوا يخططون لنشر كتاباتهم عندما ينتهون منها. ولتدوِّن أكبر قدر ممكن من التفاصيل، واستكشف بحرية كل جانب من جوانب الأمر الذي تكتب عنه. ولا تراقب نفسك أو تقول لها إن أفكارك أكثر “سخافة” من أن تدون في الورق، فلا بأس من كل ما تكتبه عنها. وحالما تنتهي من استكشاف الموضوع على نحو كامل، فضع الورقة جانبًا (وقم بنشرها إن شئت).
وافعل هذا الأمر متى وجدت نفسك قلقًا قبل أن تأوي إلى فراشك أو بعد استلقائك فيه.
استبعد القلق من فراشك
إذا استمررت في الشعور بالقلق وأنت في فراشك، فقد يصبح عادة ذميمة لديك، وسوف يكون من الأرجح لك الاستمرار في القلق مستقبلاً. وتوجد في الصفحات التالية بعض النصائح التي ستقلل من احتمالية شعورك بالقلق في أثناء محاولتك أن تنام.
انهض عن الفراش
قد يكون للشعور بالقلق في الفراش أسباب عديدة، وقد يمثل لك وقت النوم أول فرصة لتناول أحداث يومك؛ لأنك في أثناء اليوم إما تستبعد أفكارك وإما تكون منشغلاً جدًّا عن التفكير في هذه الأمور. وربما أصبح فراشك مكانًا للصراع ليلة بعد ليلة، ومن ثم أصبح الاقتراب من الفراش يشعرك بالانتباه أو القلق. وفي هذه الحالة العقلية، من الأرجح لك أن تبدأ التفكير بشأن الأمور التي تقلقك.
وأيًّا ما كان السبب، قد يصبح القلق في الفراش عادة لديك. ومن أكثر الطرق فاعلية لكسر هذه العادة هي أن تنهض عن الفراش بمجرد أن تبدأ في الشعور بالقلق. وإذا أصبح فراشك متصلاً بالقلق، أو حل المشكلات، أو وضع القوائم، أو التفكير في أمور جرت على نحو سيئ خلال يومك، فأنت بحاجة إلى حماية فراشك من الاقتران بهذه العادات العقلية الذميمة. ولفعل هذا الأمر، انهض عن الفراش واذهب إلى غرفة أخرى وابقَ بها إلى أن يسكن هذا النشاط العقلي (أي القلق، أو حل المشكلات، أو وضع القوائم، أو التفكير في أمور سالفة).
ومن المحتمل عندما تبدأ في استخدام هذه الإستراتيجية لأول مرة أن تمضي الكثير من الوقت بعيدًا عن الفراش ليلاً، وأن تنال قسطًا أقل من النوم، ولكن هذا الأمر سيكون بمثابة عَرَضٍ جانبي قصير الأجل وثمنًا قليلاً نسبيًّا نظير حل هذه المشكلة على المدى الطويل. وحرمان النوم الذي قد ينتج عن النهوض عن الفراش حينما تكون غير قادر على النوم سوف يزيد من دافع النوم لديك (أي الحث على النوم)، وإذا فعلت هذا باستمرار، فسرعان ما ستبدأ في الحصول على نوم أفضل، وسوف يصبح فراشك متصلاً بالنوم بدلاً من القلق، ونتيجة لهذا يمكنك توقع نيل نوم أفضل لعدة ليالٍ تالية.
ومن القواعد التوجيهية أنك إذا استمررت في القلق لمدة تشعر وكأنها تزيد على الخمس عشرة دقيقة (لا تراقب الساعة) أو إذا كنت تشعر باليقظة التامة في الفراش، فمن الأفضل لك أن تغادر الغرفة وألا تعود إلى الفراش إلا عندما تشعر بالنعاس وعدم القلق.
استولِ على زمام عقلك
الأفكار المتسارعة والجسد المتوتر قد تجعل من الصعب عليك أن تحظى بنوم مريح. وربما يمكنك محاولة علاج هذه المشكلة بأن تحاول إجبار نفسك على الإقلال من توترك، وبعبارة أخرى، يمكنك أن تحاول ببساطة إرغام نفسك على الكف عن القلق.
ونود منك أن تؤدي التمرين التالي: عندما تصل إلى نهاية هذه الفقرة، أغمض عينيك وحاول ألا تفكر في قطع الموز، ولا تتخيل المثلجات الباردة، ولا رائحة الموز، ولا مخفوق الشوكولاتة السائل في أعلاها، ولا تتخيل كيف تتفجر العصارة اللذيذة لحبات الكرز عندما تقضمها. ولا تفكر أيضًا قائلاً: لن أفكر في قطع الموز؛ فرغم هذا، فإن التفكير في عدم وجود قطع الموز يثير التفكير فيها أيضًا.
هل سبق أن أخبرك أحدهم بأن تعد الأغنام لمساعدتك على النوم؟ فلتحاول أداء هذه التجربة الآن، فاجلس في وضعية مريحة وأغمض عينيك، وتخيل وجود حقل ذي سور واحد. كيف يبدو سورك هذا؟ وما لونه؟ وكم يبلغ ارتفاعه؟ وهل هو مصنوع من الخشب؟ وهل يمتد إلى نهاية أفقك العقلي؟ أم أنه يمتد لقطاع أو قطاعين فقط؟ وحالما تتكون لديك رؤية واضحة عن شكل السور، تخيل أن هناك أغنامًا تقترب من السور وتقفز بسهولة وببطء من فوق السور. وبمجرد أن تمس القدمان الأماميتان لإحدى النعاج العشب في الجانب الآخر من السور، تقفز نعجة ثانية بنفس الارتفاع والبطء. وبمجرد أن تمس قدما النعجة الثانية الأرض، تبدأ نعجة ثالثة في القفز، وتشاهد نعجة رابعة وهي تقفز، ثم نعجة خامسة، ثم سادسة. وكل نعاجك تقفز على النحو ذاته، وبالسرعة، والارتفاع، وزاوية السقوط ذاتها. وبعدها تقفز نعجة سابعة، وثامنة، وتاسعة، وعاشرة. ثم افتح عينيك وواصل القراءة.
ما الذي لاحظته؟ يجد بعض الناس أن رتابة هذه التجربة المرئية باعثة على الاسترخاء، وأنهم لا يلاحظون شيئًا سوى صورة الأغنام وهي تقفز، بينما يتشتت ذهن غيرهم بالأفكار خلال هذا التمرين. وربما راودتك أفكار مثل: “لن ينجح هذا الأمر أبدًا ليلاً”، أو “هذا أمر ممل”، أو ربما فكرت في أمور أخرى كانت تشغل بالك.
ما الذي يخبرك عنه تمرين الأغنام؟ اشتغال عقلك بتمرين تتخيل فيه رؤية شيء ما بعيني عقلك يشغل حيزًا في عقلك النشط. ورغم هذا، يخبرنا هذا التمرين أيضًا بأنه إذا كانت الصورة مملة، فقد تصبح مشتتًا بأفكار غير متعلقة به. وبعبارة أخرى، هناك إستراتيجية تقول إن عليك أن تشغل عقلك بصورة مرئية تنافس الأفكار الأخرى. وقد لا تكون صورة الأغنام التي تقفز من فوق السور شاغلة بقدر كافٍ للتشبث بانتباه عقلك المفرط النشاط، وخاصة في غرفة النوم المظلمة الهادئة. إذن، ما الذي يمكن أن ينجح على نحو أفضل؟
تأمل شغف المرء بالقصص؛ فعديد من الأمور التي يحب الناس أداءها لتهدئة أنفسهم تتعلق بصورة من الصور القصصية. والناس عامة ما يبحثون عن القصص – سواء التي تحكى في الإذاعة، أو كتاب، أو التلفاز، أو في صورة أخرى – بهدف اللهو والتسلية. وقد تشعر بالدهشة لمعرفة أن هناك طريقة يمكنك بها الاستمتاع بالقصص في فراشك دون أن تستخدم عينيك أو أذنيك.
والليلة، وعندما تأوي إلى فراشك، فكِّر في قصة ذات شخصيات مؤثرة وموضوع شيق. وقد تكون هذه القصة مقتبسة من كتاب، أو فيلم، أو عرض تليفزيوني، أو مسرحية، أو من وحي خيالك. وتتبع موضوعها من أية مرحلة تشاء، وقد ترغب في تخيل ما سيحدث بعد نهاية فيلم أو كتاب مفضل لديك، أو قد ترغب في ابتداع نهاية بديلة. وإذا كنت تملك مخيلة خصبة، فقد يكون بوسعك تخيل قصة جديدة تمامًا لشخصية تراها مؤثرة. والقاعدة الوحيدة التي ينبغي اتباعها هي تجنب اختيار قصة يحتمل لها أن تكون مثيرة جدًّا بدرجة تبقيك يقظًا؛ فأنت تريد شيئًا يبقي على اهتمامك بقدر أكبر من عَدِّ الأغنام التي تقفز من فوق السور، ولكن ليس إلى الحد الذي يجعلك تصبح يقظًا تمامًا. واحرص على التركيز على التفاصيل في مشاهدك المتخيلة؛ فالتفاصيل تساعد في جعل الصورة أكثر حيوية وجاذبية. ولتسأل نفسك مثلاً: ما الذي ترتديه الشخصيات؟ وما الذي يقولونه؟ وكيف تبدو الغرفة أو كيف يبدو المكان؟ ولتركز على ما سيحدث بعد ذلك، واستولِ على عقلك واستمتع بالقصة التي ألفتها. وإذا وجدت صعوبة في التفكير في قصة ما، فربما يعجبك تخيل ممارستك لهواية ما. وعلى سبيل المثال، تخيل أنك تزين منزلاً غرفة بعد غرفة بزخارف باهظة الثمن، أو أنك تشترك في مباراة جولف رائعة في ملعب فائق الروعة. ولا يهم ما تتخيله، ما لم يكن مثيرًا جدًّا.
تَحَدَّ قلقك بشأن الأرق
هل تقلق خاصة بشأن النوم أم الأرق؟ إذا كنت كذلك، فلعلك أدركت بالفعل أن التفكير في الأرق يجعلك قلقًا. وأنت ربما وجدت أن قلقك وإحباطك يزيدان من احتمالية أن تفكر في مدى قلقك بشأن الأرق؛ مما يجعلك أكثر قلقًا ويجعل النوم أصعب منالاً. وتوجد طريقة واحدة لكسر دورة القلق هذه، وهي أن تتحدى فكرة أن الأرق كارثة وخيمة.
وعندما تجد نفسك مستيقظًا في منتصف الليل، هل تنشأ في عقلك أية فكرة من الأفكار التالية؟
• هذا أمر فظيع!
• لا يمكنني تناول هذا الأمر!
• إنني بحاجة إلى النوم الآن، وإن لم أفعل فسوف يكون يومي فظيعًا.
فكر لبرهة في السؤال التالي الذي يبدو سخيفًا: ما هو السوء الشديد في كونك يقظًا؟ وجرب أداء التمرين التالي: اكتب عبارة “اليقظة ليلاً كارثة وخيمة لأنها…”، ثم دَوِّنْ كل الأسباب التي يمكنك المجيء بها، حتى تلك التي تبدو سخيفة عند تدوينك لها؛ فلا يحق لأحد الاطلاع على قائمة الأسباب هذه. والآن، فكر كيف تؤثر هذه الأفكار في نومك. هل هناك أية عواقب لوجود هذه الأفكار لديك؟ أجب عن هذا السؤال فيما يتعلق بكل سبب من الأسباب المدرجة في قائمتك.
تخيل أن هناك شخصين، “آن” و”جانيت”، وكل واحدة منهما لها ردود أفعال مختلفة نحو الاستيقاظ في الساعة الثانية صباحًا، فـ “آن” تقول: ” يا إلهي! إنها الساعة الثانية صباحًا. إذا لم أنم خلال العشرين دقيقة التالية فسأفقد رغبتي في النوم”. وأما “جانيت” فتقول: ” أوه، إنها الساعة الثانية صباحًا، من الأفضل لي أن أذهب لمشاهدة التلفاز بدلاً من أن أظل هنا مستلقية يقظة”. أيهما من الأرجح أن تبدو لها العشرون دقيقة التالية ممتعة، “آن” أم “جانيت”؟ ومن منهما لديها دافع أقل إلى النوم؟ وما أثر الشعور بدافع قوي إلى النوم في احتمالية العودة إليه؟ وكما ناقشنا من قبل، تذكر أن رد فعلك نحو الأرق قد يكون أكثر ضررًا من الأرق نفسه. والنظر إلى الأرق على أنه كارثة لن يفيدك؛ فهو يجعلك أكثر انزعاجًا في اللحظة الحالية ويبقيك يقظًا لمدة أطول، وبعبارة أخرى، سوف يعوق نومك.
وإذا كان القلق بشأن عواقب النوم السيئ يجعل النوم أسوأ، فما البديل إذن؟ من الإجابات عن هذا السؤال أن تغير من نظرتك إلى الاستيقاظ ليلاً. ولتحاول أداء هذه التجربة في المرة التالية التي تستيقظ فيها: فكر في مرة سالفة استيقظت فيها في الوقت ذاته الذي استيقظت فيه الآن، وكانت تلك المرة ممتعة حقًّا. وربما تكون تلك مرة كنت فيها بصحبة أصدقائك خارج المنزل، أو ولد فيها طفلك، أو كنت فيها بصحبة شخص تحبه. كيف ستكمل الجملة التالية؟ “أفضل ذكرياتي عن إحدى المرات التي كنت يقظًا فيها في منتصف الليل هي…”. وإذا لم تكن لديك مثل هذه الذكريات، فتخيل إحدى الحالات التي كنت مسرورًا فيها للاستيقاظ ليلاً. وفي كلتا الحالتين، أمضِ بعض الوقت مع هذه الذكرى السارة أو الاحتمال المتخيل، وأغمض عينيك، وخذ نفسًا عميقًا، وأتح للذكرى، أو لتخيل المرور بتجربة سارة خاصة بالاستيقاظ في منتصف الليل، أن تتجلى، وشاهدها كما لو كنت تشاهد فيلمًا معروضًا على جوانب أجفانك. وتذكره أو تخيله حيويًّا قدر الإمكان، وتفهم المشهد كاملاً. أين كنت؟ وهل كنت مع شخص آخر؟ ومتى حدث هذا؟ وماذا كنت تفعل؟ تذكر المشاعر التي اعترتك حينها. وما هو شعورك الآن؟ خذ نفسًا عميقًا وتفحص جسدك. وإذا لاحظت لديك أفكارًا مقلقة عن الأرق في أثناء هذا التمرين، فلا تتدخل فيها، وعد إلى ذكراك السارة. وكن منفتحًا على المشاعر السارة التي قد تثار لديك من جراء التركيز على هذه الذكرى.
والاستيقاظ في منتصف الليل لا يكون بالضرورة بغيضًا، والنوم السيئ ليلاً لا يضمن أن تعتريك مشاعر كريهة في اليوم التالي. وتوجد مرات تحظى فيها بنوم هنيء وتشعر بعدها بالخمول في اليوم التالي، وهناك مرات أخرى تنال فيها نومًا شاقًّا لكنك تشعر أنك بخير في اليوم التالي. وذكر نفسك بأنك رغم كونك قد تشعر بأن الاستيقاظ ليلاً أمر كريه، فأنت لا ترغب في زيادة هذه الكراهة بأن تصبح قلقًا جدًّا بشأنه.
لا تستحضر أسوأ ما في يومك
كثيرًا ما يكون القلق واجترار الأحداث شريكين في جريمة إبقائك يقظًا في الليل. واجترار الأحداث يشبه القلق في تقليب المعلومات في عقلك عدة مرات. ويميل القلق إلى التعلق بأحداث مستقبلية، كأن تقلق بشأن تعرضك للطرد من العمل بسبب مشكلاتك الخاصة بالنوم. وأما اجترار الأحداث فيميل إلى التركيز على الأحداث الماضية، مثل التفكير في شيء قلته في العمل وتتمنى لو أنك قلت شيئًا غيره. وفي ظاهر الأمر، قد يبدو التعرف على الخطأ وسبب حدوثه مفيدًا في الوقاية من التعرض لكوارث مشابهة في المستقبل، ولكن يؤدي التوتر واجترار الأحداث في النهاية إلى مشاعر أسوأ. بل والأسوأ من ذلك أن اجترار الأحداث والقلق المتكررين قد يصبحان صَعْبَيِ التحكم.
وإذا وجدت نفسك تستحضر أسوأ ما في يومك مرارًا وتكرارًا وغادرت غرفة نومك بالفعل ولكن المشكلة لا تزال مستمرة، فذكر نفسك بأن هذا النوع من التفكير غير مفيد، وأنك بحاجة إلى التحول عما تفعله والتركيز على اللحظة الحالية. واجترار الأحداث يتطلب الانتباه، ولكي تقاومه عليك أن تجذب انتباهك بعيدًا عن الأفكار المتعلقة بالماضي بأن تركز على المكان والزمان الحاليين. ولتأخذ إجازة متعمدة من اجترارك للأحداث، وانشغل بالمكان والزمان الحاليين، وانظر كيف يشعرك هذا.
كيف يمكنك فعل هذا الأمر؟ أولاً، ركز انتباهك على تنفسك، وركز على أصوات الهواء الداخل في أنفك وما يشعرك به؛ فهو يحدث الدفء في قناتيك الأنفيتين، ويتجه نحو الأسفل إلى صدرك. والآن، ركز على أصوات الهواء الصاعد من صدرك والخارج منه وما يشعرك به. وإذا هام انتباهك، فلا تسئ الحكم على نفسك؛ فمن الطبيعي للعقل أن يهيم. وبدلاً من ذلك، أعد انتباهك بلطف إلى نفسك.
الخلاصة
تعلمت التعامل مع الأمور المقلقة بأن تخصص وقتًا في المساء لتناول همومك. وإذا دامت أمورك المقلقة حتى موعد نومك، فلتمضِ بعض الوقت في الكتابة عن همومك قبيل إيوائك إلى فراشك. ولتنهض عن الفراش إذا وجدت نفسك قلقًا أو منشغلاً بحل المشكلات وأنت فيه، ولا تعد إليه إلا عندما تَكُفُّ عن القلق، وسوف تجد أنه بمرور الوقت تقل ممارستك لعادة القلق شيئًا فشيئًا، وتذكر الآتي:
• إذا دامت أمورك المقلقة، فلتبتكر أفكارًا وتخيلات تشتت انتباهك عن تلك الأمور، على أن تكون هذه الأفكار والتخيلات شاغلة ولكن ليست باعثة على الانتباه الشديد.
• تحدَّ فكرة أن الاستيقاظ ليلاً كارثة وخيمة.
• ناهض اجترار الأحداث والقلق بأن تركز على اللحظة الحالية.