كثيراً ما يملك الأشخاص المدمنون أفكاراً معينة عن المادة التي يتعاطونها، وعن أنفسهم، وعن العالم من حولهم، وهي بمجملها في الأساس غير صحيحة. إننا ندعو مجموع هذه الأفكار تشوهات الفكر، فالعقل المدمن يزخر بالأفكار المحرفة وغير العقلانية. جزء من ذلك يعود منشأه إلى عملية الإدمان التي تؤدي إلى إلحاق ضرر مادي بالدماغ، وجزء آخر مرده إلى طريقة ممارسة الإدمان، حيث يتطلب ذلك انعزالاً، وانفصالاً عن العواطف الطبيعية الصحية، وإحداثاً للتبريرات والذرائع الذهنية، كل ذلك يزيد من صعوبة التفكير بوضوح.
لقد شهدت حالة نموذجية لتشوهات الفكر التي تصيب كالوباء، عقل المدمن حين قدّم هانك نفسه في أول حلقة جماعية له. لقد ابتدأ مدير المبيعات الوسيم البالغ من العمر سبعة وأربعين عاماً والواثق من نفسه، على ما يبدو، حديثه بالتأكيد على أنه لا يعاني من أيّ مشكلة، بالرغم من أن زوجته قد شجعته على الحصول على العلاج. لقد مضى يخبرنا أنه في واقع الأمر يعتقد أنه أمر جيد أنه يقذف في فمه حفنة قبيل اجتماعات عمله. وإليكم كيف كان فكره المشوه يعمل حتى النهاية:
“لدينا على الأقل عشرة اجتماعات أسبوعياً، جميعها ذات ضغط عالٍ وفيها مبالغ كبيرة من المال للتداول. فإن تناولت بضع حبوب أكون أكثر استرخاءً، مما يعني أنني سأترك انطباعاً طيباً وهو أمر جيد بالنسبة إلى المبيعات. وما هو جيد للمبيعات يكون بالتالي جيداً بالنسبة إلى مرتبي، وحين يتحسن مرتبي، فإن ذلك يعود بالخير على أسرتي. فإذاً، إمكانك القول إن تناول حفنة أمر جيد بالنسبة إلى أسرتي. إذاً، فما الشر العظيم الذي أقدم عليه؟ ملايين من البشر يتناولون بضع كؤوس من المشروب في اجتماعات الغداء الخاصة بالعمل. أما أنا فأتناول المخدرات عوضاً عن المارتيني، أيجعلني هذا خاسراً أو مدمن مخدرات أو مجرماً، أما هم فلا؟”.
كلا، لم يكن هانك مجرماً، لكنه كان جيداً في إيجاد المبررات، لدرجة أنه سرعان ما قرر الانسحاب من جلسات المعالجة. وقد سمعت لاحقاً أنه أدخل المشفى في حالة طارئة لتناوله جرعة زائدة كادت أن تودي بحياته.
الدماغ كساحة حربية
إن عقلنة هانك لما يفعله وإيجاد المبررات له أمر شائع. إن المدمنين الممارسين لإدمانهم، كما هو حال المدمنين الذين هم في حالة الشفاء حديثاً، يعتقدون بإخلاص أنهم يحتاجون أو يستحقون أن يشربوا أو يتعاطوا، وهم مقتنعون أن أولئك الذين يحاولون مساعدتهم هم في الواقع يضرونهم. إنهم لا يملكون إلا أن يشعروا هكذا لأن أدمغتهم متأذية بكل معنى الكلمة، وهذا الأذى يجعل استيعابهم وتقبلهم للأفكار وللسلوكيات الصحيحة أمراً صعباً. فدماغ المدمن كما لو أنه ساحة معركة تدور رحاها ما بين الأفكار المؤيّدة للإدمان (وهي تلك التي تدفعك نحو الانتكاس) والأفكار المؤيدة للشفاء (وهي التي تساعدك على البقاء صاحياً). إن هذا الصراع المستمر يجعل من التفكير السليم أمراً عسيراً، وعادة ما يترجم الدماغ المشاعر غير السارة أو المزعجة بصورة رغبات ملحة، مرسلاً صاحبه في بحث عن شكل من أشكال الراحة. لهذا السبب يضحي من الصعوبة بمكان على المدمن أن يبقى مركّزاً على عملية الشفاء.
هذه الأفكار المتنازلة (المؤيدة للإدمان ضد المؤيدة للشفاء) تصعّب على أشخاص مثل تيري، المحاسبة البالغة من العمر اثنين وثلاثين عاماً، أن يلتزموا بخطة الشفاء.
“أريد أن أكون صاحية” هذا ما أخبرتني به في لقائنا الأول في مكتبي. ثم تابعت: “إنني بحاجة إلى أن أكون صاحية وإلا، فأنني سأفقد كل شيء”. كانت تعني بكل شيء، علاقتها بصاحبها مارك، وفرصتها في أن تصبح شريكة في المؤسسة التي تعمل بها. “لكن هذه الأفكار في رأسي، تتلاطم باستمرار في اتجاهين، أريد أن أشرب؛ لا أريد أن أشرب. سأتّبع نصائح طبيبي النفسي، ثم أقول لنفسي، دعك من طبيب العقول ذاك!” سأحاول تجنّب الشرب من خلال العمل اثنتي عشرة ساعة يومياً، ثم أدرك أنه لا يمكنني بأي حال أن أتجاوز يوماً بهذا الطول من دون أن أشرب. أقطع الوعود بأن أفعل كل ما يلزم لأبقى صاحية وأجعل مارك فخوراً بي، ثم أعود لأتساءل لِمَ لا يمكنه فقط أن يفهم ما أعانيه فيخفِّف عني؟ عملياً إن كل فكرة تخطر في بالي يبدو أنها تدفع خارج رأسي الفكرة التي سبقتها، إلى أن أضحي في حالة لا أعرف معها ما الذي يدور في رأسي حقاً! وكأنها ليست أفكاري، حتى وكأنني لست أنا من أفكر هناك”.
الخبر الجيد أنك ما إن تدخل في حالة الصحو حتى يبدأ تفكيرك بالصفاء. غير أن عودتك إلى التفكير الطبيعي ليست مجرد عملية انتظار لأن تزول آخر بقايا الكحول أو المخدرات من دماغك، حيث أن الأذى المادي الذي ألحقته به يمكن أن يستغرق شهوراً بل وسنين، بل وحتى عقوداً كي يشفى؛ أو لربما أنه لن يشفى يوماً بشكل نهائي. عليك في بعض النواحي أن تتعلم أن تفكّر من جديد، أن تتعلّم كيف تسيطر على الأفكار المؤذية والمؤيّدة للإدمان، وأن تستبدلها بأفكار مؤيّدة للشفاء. وذلك يستلزم وقتاً، وتصميماً، وتدريباً، وصبراً طويلاً.
من الموقف إلى الأفكار إلى المشاعر فالسلوك
إن تعلّم التفكير بوضوح يبدأ من الفهم الحقيقي لطبيعة الأفكار، والمشاعر، والسلوك، وكيفية تأثير كل منها في الآخر.
– الأفكار: تتولّد في القشرة المخية، وهي الجزء العقلاني من الدماغ. صدّق أو لا تصدّق، إن لديك سيطرة مطلقة على أفكارك. وفي حين أن الإدمان يشجع حضور أفكار معينة مؤيدة له إلا أنها غير قادرة على إجبارك على التفكير في أي أمر. وحدك أنت بمقدورك أن تشكّل فكرة ما. كما أنه من الأهمية بمكان أن ندرك أن مجرد نشوء الفكرة لا يعني بالضرورة أنها حقيقة.
– العواطف: هي المشاعر كالفرح، أو الحزن، أو الغضب، أو الخوف، أو الشوق. يغيّر الكحول والمخدرات مشاعرك بتغيير الطريقة التي يعمل بها دماغك. وفي المراحل الأولى من عملية الشفاء، ستجد مشقة في تحديد مشاعرك بالضبط لأن المادة المسببة للإدمان قد جعلتها مبهمة لفترة طويلة جداً. ومن ثم حين تبدأ الدخول في مرحلة الصحو ستبدأ باختبار المشاعر الطبيعية المتعلقة بالحياة اليومية، وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل صدمةً حقيقيةً. فكل أنواع المشاعر ستنهض شئت أم أبيت ذلك. وفي حين أنك لا تستطيع منع نفسك من اختبار المشاعر، فباستطاعتك التحكم بأثرها على سلوكك.
– السلوك: إنه محصلة أعمالك وتصرفاتك التي تقوم بها في موقف محدد. فالعمل واللعب يعتبران من السلوك. شرب الكحول وتعاطي المخدرات أيضاً يعتبران من السلوك، كذلك هو الذهاب إلى جلسة معالجة أو اجتماع المدمنين المجهولين – (AA). إن السلوك تحفّزه الأفكار والمشاعر. فقد يثير موقف محدد أفكاراً بعينها في عقلك، والتي بدورها تولّد مشاعر متنوّعة، تقوم الأخيرة بإنتاج السلوك. يوضح الرسم البياني التالي ذلك التقدم:
لنعطِ مثالاً توضيحياً على ذلك، عليك أن تتخيل أنك متجه إلى حفلة (وهذا هو الموقف). وأنت لا تعلم من هو موجود في هذه الحفلة، فيهيَأ لك أنك لن تشعر بالاندماج هناك (الفكرة). سيولّد ذلك لديك شعوراً بالقلق (الشعور)، فتقوم باحتساء بضع كؤوس من البيرة (السلوك) قبل مغادرتك المنزل. قد يبدو لك هذا التوالي بدءاً بالموقف وصولاً إلى الفكرة، إلى المشاعر ومن ثمّ إلى السلوك الحتمية التي لا مفر منها، إنما تذكر أنك قادر على التحكم بأفكارك. قد تعلق في موقف معين، ولكن إن استطعت التحكّم بالأفكار المؤذية التي تحفّز المشاعر السلبية، كان بمقدورك أن تمنع السلوكيات المؤيّدة للإدمان.
طريقة التفكير المشوهة وغير العقلانية في حالة الإدمان
إن الأفكار المشوهة باطلة، بالتعريف، بالرغم من أنها تتراءى حقيقية بشكل مطلق بالنسبة إلى الشخص المدمن. إنها ترتكز على الاعتقاد بأنك ستخفق أو تصاب بأذى، وأن الطريقة الوحيدة للنجاح، أو على الأقل لتجنب ألم الإخفاق، هي في حجب الموقف، مع المشاعر أو من دونها، من خلال احتساء الكحول أو تعاطي المخدرات. فمثلاً، قد يخطر لك: “سأخسر أصدقائي جميعاً إن اتّبعتُ برنامج الشفاء هذا”. إنها فكرة مشوهة: فأصدقاؤك بحق سيودون لو أنك تعود سالماً موفور الصحة من جديد. غير أنك قد تستمر في الاعتقاد بهذه الفكرة المشوّهة لأنها تعطيك سبباً لتتجنب إمكانية الإخفاق من الأصل.
إن الأشخاص الذين يعانون من الإدمان يقعون في براثن سلسلة ذات حلقات متتالية من التفكير المشوّه الذي يفضي إلى مشاعر مزعجة تقود بدورها إلى السلوكيات المؤذية المؤيّدة للإدمان. في غالبيّة الحالات إنهم حتى لا يعون ما يحدث. وأسوق إليكم هنا بعض الأمثلة على الأفكار الشائعة المشوّهة المؤيّدة للإدمان:
– لا أستطيع المضي قدماً عبر هذا الأمر من دون الكحول أو المخدّر.
– إن التعاطي هو سبيلي الأوحد لأكون مبدعاً ومنتجاً.
– حين أغضب، وسيلة التهدئة الوحيدة الناجعة معي هي الشرب أو التعاطي.
– إن لم أتناول كاساً الآن، فسأموت من شدة هذه الرغبات الملحة التي تجتاحني.
– لا بأس إن أصبت ولدي بخيبة أمل إن أنا لم أحضر حفلته، فسيتجاوز الأمر.
– سأكون على ما يرام في المستقبل البعيد لأنهم، على الأغلب، سيخترعون حبة تشفي من الإدمان.
– لا أستطيع الاسترخاء من دون الكحول أو المخدرات.
– لا ضير من أن أثمل، فذلك لا يضر بعملي، أو بعائلتي، أو بحياتي.
– هؤلاء الأطباء لا يفقهون شيئاً مما يقولون، فِلمَ يتوجب علي الإصغاء إليهم؟
– إن صاحبتي وصاحبي يعتقدان أنني أبدو ظريفاً/ظريفةً حين أثمل.
– لا أشكو من أي علة؛ المشكلة تكمن في الآخرين جميعهم.
– أستطيع التوقف في أي وقت أريد.
عندما تكون في قبضة الأفكار المشوّهة والمحرّفة للحقائق كالتي سبق ذكرها، ستختبر مشاعر سلبية يمكن لها أن تدفعك للإقدام على سلوك الشرب أو التعاطي. وبعد برهة من الزمن قد تتجه مباشرة إلى احتساء الكحول أو تعاطي المخدرات من دون أن تنتظر حتى تلك الأفكار والمشاعر السلبية لتنبعث فيك. فعلى سبيل المثال، ما إن تكتشف تيري أنه عليها حضور حفلة عائلية، حتى تفرغ في جوفها فوراً بضع كؤوس من البيرة لترد عنها المشاعر غير السارة التي تعلم بأنها ستعتريها حين تلتقي بأفراد معينين من العائلة.
هل لديك أفكار مشوّهة مؤيّدة للإدمان؟ | ||||||
1. لا أوافق البتة | 2. أعارض بشدة | 3. أعارض نوعاً م | 4. موقفي حيادي | 5. أوافق بعض الشيء | 6. أوافق بشدة | 7. أؤيد بشكل كلي |
ـــ 1. الحياة من دون شرب أو تعاط مملة.ـــ 2. معاقرة الكحول أو تعاطي المخدرات هو السبيل الوحيد لديّ لأرفع من سوية إبداعي وإنتاجي.ـــ 3. لست قادراً على أداء وظائفي من دون الكحول أو المخدرات.
ـــ 4. إن الشرب والتعاطي هما وسيلتاي للتكيف مع متاعب حياتي. ـــ 5. لست جاهزاً للتوقف عن التعاطي أو الشرب. ـــ 6. إن الحاجات والرغبات الملحة هي ما يجعلني أشرب أو أتعاطى. ـــ 7. حتى وإن توقفت عن الشرب أو التعاطي، فإن حياتي لن تتحسن. ـــ 8. الطريقة الوحيدة للتعامل مع الغضب الذي أشعر به هي الشرب أو التعاطي. ـــ 9. ستغدو الحياة مثيرة للكآبة إن توقفتُ عن التعاطي أو الشرب. ـــ 10. إنني لا أستحق التعافي من الشرب أو التعاطي. ـــ 11. لا أملك القوة الكافية لتعينني على التوقف. ـــ 12. لن أكون امرءاً اجتماعياً من دون شرب أو تعاطٍ. ـــ 13. لا يشكل تعاطيّ مشكلة بالنسبة إليّ. ـــ 14. إن السبب وراء تعاطيّ هم أشخاص آخرون (مديري في العمل، زوجي/زوجتي، فرد من أفراد أسرتي). ـــ 15. إن مشكلات الكحول والمخدرات نابعة من الوراثة. ـــ 16. لا أستطيع الاسترخاء بعيداً عن الكحول والمخدرات. ـــ 17. كونه لدي مشكلة مع الكحول أو المخدرات، فذلك يعني أنني شخص سيِّئ بالأساس. ـــ 18. إنني غير قادر على السيطرة على القلق الذي يصيبني من دون الشرب أو التعاطي. ـــ 19. إن حياتي ستضحي بلا معنىً من دون الكحول أو المخدرات. إن أياً من هذه البنود يتم التأشير إليه برقمي 6 أو 7، فإن ذلك يشير إلى أفكار غير دقيقة ومؤيدة للإدمان بشكل خطير، والتي تزيد من احتمال التعرض للانتكاس. فلتستخدم هذه المؤشرات كأمثلة تفيد في تعيين أفكار أكثر دقة وتكون مؤيدة للشفاء لاحقاً في هذا الموضوع |
إن الإدمان لا يسبب الأفكار المشوّهة المؤيّدة للإدمان وحسب، بل وأيضاً يزدهر بها، مما يعني عملياً أنه أمر محتم أنك ستمر بالمشاعر المخيفة والسلوك المسيء. غير أنك لن تستطيع تغيير هذه الأفكار إلى أن تعي أنها تتملكك فعلاً.
التعرّف إلى التّفكير المشوّه (غير الدقيق)
كي تكتشف التحريف والتشويه الذي يصيب أفكارك، فإنه أمر بالغ الأهمية أن تعتاد على تدوين أفكارك بشكل منتظم. اشترِ لنفسك دفتر ملاحظات من قياس 8×10 (إنها مفكرة أفكارك) وكرّس 15 إلى 30 دقيقة يومياً لتسجّل الأفكار التي راودتك خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، بشكل خاص تلك التي جرّت عليك مشاعر مزعجة أو تلك التي سبقت اشتياقك للمخدرات أو الكحول. لا تحاول الاحتفاظ بسجل لهذه الأفكار في ذهنك؛ إن تدوينها على ورقة سيسهل عليك العثور على أي أخطاء منطقية في تفكيرك. بينما تزداد سطور مفكرة أفكارك بمرور الوقت، تفقّد باستمرار وراجع ما كتبته خلال الأيام التي سبقت لترى إن كان بمقدورك أن تكسب بعض التبصر حيال الطريقة التي تؤثر أفكارك بها في مشاعرك وسلوكياتك. (انظر قصة ميلاني في ما يلي).
إن التفكير في ما كان يحدث في ذلك الوقت قد يكون ذا عون لك في استعادة الأفكار المرافقة لتلك الفترة. لذا، فإن لم يكن بإمكانك تذكّر الأفكار التي سبقت مباشرة المشاعر السلبية أو الانتكاس، العودة إلى السلوك الإدماني، فإذاً، فكّر في المواقف التي واجهتها حينذاك. ثم حاول تذكر ما خطر في بالك وما كانت مشاعرك. قد تجدها طريقة معينة لك أيضاً كي تسير بالاتجاه المعاكس بدءاً من المشاعر باتجاه الأفكار. حدد نوعاً من المشاعر المزعجة التي واجهتك مؤخراً- كالغضب، أو الحزن، أو القلق- ثم حاول أن تكتشف ما الذي كان يجول في خاطرك وسبَّب لك تلك المشاعر. لأن الأفكار المؤيّدة للإدمان تحدث بسرعة كبيرة (غالباً بسرعة أكبر من قدرتك على تمييزها في المراحل المبكرة من عملية الشفاء)، لذا، فقد يكون من الأسهل التعرف إلى المشاعر المزعجة.
لقد ظلت ميلاني، وهي إحدى مريضاتي والتي تعمل كبائعة، تتجاهل طلبي إليها بأن تدوّن أفكارها المؤيّدة للإدمان حين تقفز إلى ذهنها خلال اليوم. قالت لي ضاحكة: “ليس لديّ الكثير منها”. علماً أنه كان – من وجهة نظرها – أمراً سخيفاً الاعتقاد بأنها ستفكّر في أشياء تحرّك إدمانها. ففي النهاية كان مبتغاها أن تتحسن لا أن تتراجع. وفي النهاية ألححت بالطلب على البائعة الشابة أن تدوّن أفكارها المؤيّدة للإدمان. فوافقت لكنها أضافت بأنني سأصاب بخيبة أمل للضآلة التي ستكون عليها لائحتها.
وبعد مرور أسبوعين هرعت راكضة لتدخل مكتبي وهي تلوّح بورقة ملاحظات في الهواء، ثم صاحت قائلة: “يا الله! انظر إلى هذا! إنني لا أصدّق إلى أيّ حدٍّ أنا خائفة! لم أعتقد مطلقاً أنني أشعر بالخوف، إنما استمع إلى ما سجلته هنا عن أفكاري اليوم”. ثم بدأت القراءة:
– خرجت من المنزل معتقدة أن القطار سيفوتني وأتأخر.
– دخلت مكان عملي وأنا أفكر في أن ثيابي غير ملائمة وأن الجميع سيلاحظون ذلك.
– كنت أتحدث إلى الزبائن معتقدة أنني سأتفوه بشيء سخيف في كل مرة وسيظنّون أنني غبيّة.
– وضعت واجهة العرض بالطريقة التي أشار إليّ بها رئيسي في العمل، وأنا أفكر في أنني أفعل ذلك بشكل غير صحيح وأنه سيقرّعني.
– ذهبت لتناول الغداء مع صديقاتي في العمل، وأنا أفكر في أنني قد أقول أو أفعل شيئاً سخيفاً وسيضحكون مني.
– خرجت مع شاب في موعد لأول مرة من مكتب خدمات المواعدة، وأنا أفكر في أنه سيلقي عليّ نظرة واحدة ولن أعجبه.
لم يكن لدي ولا حتى فكرة واحدة طيبة عن نفسي طيلة اليوم! ولم أكن أدرك ذلك حتى!
تحديد المشوّه من الأفكار
ما إن تبدأ بالتركيز على أفكارك عن طريق مفكّرة الأفكار، فسيكون في مقدورك البدء بالبحث عن التشوّهات في محاكمتك للأمور. ينحو الناس إلى المرور بتشوّهات التفكير نفسها مرة تلو أخرى. فما إن تتعرف إلى تلك الخاصة بك، فستضحي قادراً على الاحتراس منها. مجرّد تنامي وعيك سيجعل من اليسير عليك تمييز تلك الأفكار واستبدالها بأخرى أكثر صحة ودقة. ستجد في اللائحة التالية بعضاً من تشوّهات الأفكار المتعارف عليها بأنها تؤثّر في العديد من الأشخاص ذوي الإدمان. فاقرأ وانظر أيّها ينطبق على حالك:
التفكير بطريقة إما الكل أو اللاشيء
الفكرة:”إما أن أكون كاملاً، أو أكون مخفقاً. إما أن أكون جيداً أو سيئاً. إما إنني رائع حقاً أو إنني مريع تماماً”.
الحقيقة: إن الناس بطبيعتهم ليسوا كاملين، لذلك، فإن هذا النمط من الأفكار يجعلك مهيأً للإخفاق. إن أولئك الذين لديهم هذا التوجّه العقلي كثيراً ما يدخلون في نوبة سكر عندما يرتكبون أصغر الأخطاء. عليك أن تدرك أن النجاح يأتي على درجات، وعليه فبإمكانك دائماً أن تبعد نفسك عن شفير الهاوية حتى وإن (بل وبشكل خاص عندما) تكون قد وطأت الخط الأحمر.
الحاجة إلى الإلهاء أم الراحة
الفكرة: “إن تناولت مشروباً أو جرعة مخدر، فسأشعر أنني أفضل حالاً”.
الحقيقة: إن السلوكيّات الإدمانية ما هي إلا قناع يغلف المشكلة، وهي بدائل مثيرة للشفقة عن التعامل مع الحياة بشكل مباشر. ولا يقتصر تأثيرها في إلهائك عما يجب أن يكون في بؤرة تركيزك وحسب، بل إنها أيضاً تدمر صحتك العقلية والجسدية، علاقاتك مع محيطك، مهنتك، ووضعك المالي.
الحاجة إلى الإشباع اللحظي
الفكرة: عليَّ أن أغيّر الطريقة التي أشعر بها في الحال. لا أستطيع الانتظار لحظة واحدة بعد”.
الحقيقة: قد تشكل معاقرة الخمر أو تعاطي المخدرات حلاً قصير الأمد للمشاعرالسيئة، غير أن المشاعر السيئة التي تولدها على المدى البعيد ذات آثار أسوأ بكثير. إن انتظار انتهاء حاجة أو رغبة ملحة تنتابك الآن، هو أفضل طريق لإضعاف قوة تأثير رغبات مستقبلية مماثلة.
التعميم الزائد عن الحد
الفكرة: “لقد ثملت البارحة حقاً. لن أستطيع السيطرة على إدماني يوماً قط”.
الحقيقة: إن هذا استنتاج واسع يستند إلى حادثة فريدة. فواقعة واحدة لا يمكن لها تبيّن لك المحصلة.
الإخراج المأساوي للأمور
الفكرة: “لقد ثملت البارحة وصرخت على أولادي. والآن سيبغضونني إلى الأبد”.
الحقيقة: إن جلّ تركيزك ينحصر بأسوأ سيناريو للموقف. إن فرصة حدوث ذلك فعلاً هي أقل من صفر بالمئة، فلا تتوقع الأسوأ بصورة آلية.
العقلنة وإيجاد المبررات
الفكرة: “إنني أتعاطى المخدرات لأنني كنت طفلاً قد أسيئت معاملته في الصغر”.
الحقيقة: لعل خلفيات حياتك قد أسهمت في السبب الذي دفعك للغرق في وحل الإدمان، غير أنه لا يشكل حجة على الإطلاق لاستمرار وجوده في حياتك.
العجز الذاتي
الفكرة: “أعلم أنه يتوجب عليّ الإقلاع عن الكحول/المخدرات. لكنني فقط لا أستطيع إرغام نفسي على فعل ذلك”.
الحقيقة: إن في مقدورك القيام بأكثر مما تتصور. ابذل جهداً أكبر وطِب نفساً في كل مرة تحقق فيها نجاحاً صغيراً.
الخلط بين سلوكك وبين قيمتك الذاتية
الفكرة: “إنني أتعاطى المخدرات، لذا، فإنني من الحثالة وبلا قيمة”.
الحقيقة: تصرفاتك وقيمتك الإنسانية أمران مختلفان تماماً. إن أفعالك لا تمثلك كشخص، ومع ذلك بإمكانك تغيير سلوكك وحياتك نحو الأفضل.
تحدي التشوّه
ألقِ نظرة على الأفكار المسرودة في مفكرة أفكارك وانتقِ واحدة أو اثنتين منها تعتقد أنهما قد تكونان مشوهتين. ثم تحدَّ مدى دقة هذه الأفكار بأن تطرح على نفسك الأسئلة الستة المذكورة تالياً، مفكّراً في ما ستكون عليه أجوبتك:
ستة أسئلة لاختبار دقة الأفكار:
1. ما الدليل الواقعي الملموس الذي يرسخ أو يدحض هذه الفكرة؟
2. هل من زوايا أخرى أستطيع أن أرى بها الموقف؟
3. ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟
4. ما أفضل ما يمكن أن يحدث؟
5. من الناحية الواقعية، ما الذي سيحدث على الأرجح؟
6. هل هذه فكرة مشوّهة؟ إن كانت هكذا، فمن أيّ نوع؟
على سبيل المثال، افترض بأنك تتصارع مع هذه الفكرة: “يتوجب عليّ الذهاب إلى الحفلة حيث يوجد عشرات الأشخاص الغرباء. إنني حقاً لا أجيد الاختلاط مع الآخرين، ولن يتكلم معي أحد وسأمضي وقتاً تعيساً”. هل هذه فكرة مشوّهة؟ دعونا نطرح الأسئلة الستة ونكتشف الإجابة:
1. ما الدليل الواقعي الملموس الذي يرسّخ أو يدحض هذه الفكرة؟
صحيح أنني لا أشعر بالارتياح جرّاء مخالطة الغرباء. غير أنه لا يوجد دليل على أنني أسوأ، في هذا الموضوع، من غالبية الحضور. قد يكون هناك العديد من الأشخاص الذين يتوقون إلى التحدث إلى أحد ما؛ وقد يكون هذا الأحد هو أنا! لا يوجد أيّ سبب واقعيّ يقضي بأنه مقدّر علي أن أمضي وقتاً تعيساً في الحفلة.
2. هل من زوايا أخرى أستطيع أن أرى منها الموقف؟
قد تمثل هذه الحفلة فرصة طيبة لمخالطة الآخرين. وقد أستمتع بوقتي لمجرد الاستماع إلى الآخرين وهم يتحدثون، والموسيقى، والطعام اللذيذ، والاستمتاع بالمنظر الجميل.
3. ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟
أن أشعر بالملل فأتسلل خارجاً في وقت مبكر.
4. ما أفضل ما يمكن أن يحدث؟
أن ألتقي ببعض الأشخاص المثيرين للاهتمام، أن أخوض في بعض الأحاديث، أو أن ألتقي بعض الأصدقاء القدامى.
5. من الناحية الواقعية، ما الذي سيحدث على الأرجح؟
لن تكون الحفلة رائعة، إنما لن تكون مريعة كذلك. وفي كل مرة أحضر فيها حفلة سأتقدم خطوة في كيفية حضوري للحفلات. ويوماً ما سأشعر فعلاً بالارتياح إزاء فكرة مخالطتي الغرباء.
6. هل هذه فكرة مشوّهة؟ فإن كانت هكذا، فمن أي نوع هي؟
إن هذه الفكرة المشوّهة هي مثال عن العجز الذاتي؛ بافتراضك أن أمراً ما هو غاية في الصعوبة ولا يمكن إنجازه. عليك أن تبذل جهداً أكبر من ذلك.
إن العمل على هذه الأسئلة الستة يمكن له يأخذ بيدك في سبيل تطوير أفكار أكثر دقّة ومنطقيّة، مثل: “قد تكون هذه الحفلة ممتعة، لكن إن لم يصح ظنّي فسأتدرب على الاندماج مع الآخرين”. إن عسر عليك إبعاد فكرة مشوّهة حتى بعد أن مررت بخطوات العملية المذكورة آنفاً، إذاً، اطلب إلى شخص تثق به إن كان بمقدوره مساعدتك على رؤية التشوّه وتحويله إلى فكرة دقيقة. فالحصول على مداخلات الأشخاص الآخرين عند تقييم الأفكار المشوّهة يمكن أن يكون أداة بالغة الفعالية.
اختبار الأسئلة الستة لدقة التفكير
هاك ورقة فارغة لاختبار الأسئلة الستة لدقة التفكير، بإمكانك استخدامها لتتفقد وجود أفكار غير دقيقة مشوّهة. اصنع منها نسخاً فارغة لتملأها مرتين أسبوعياً.
فكّرت في أن….
1) ما الدليل المادي الواقعي الذي يؤيد أو يدحض هذه الفكرة؟
2) هل من زوايا أخرى أستطيع أن أرى منها الموقف؟
3) ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟
4) ما أفضل ما يمكن أن يحدث؟
5) من الناحية الواقعية، ما الذي سيحدث على الأرجح؟
6) هل هذه فكرة مشوّهة؟ فإن كانت هكذا، فمن أي نوع هي؟
أسئلة إضافية لاختبار دقة التفكير:
1. هل أفترض أن كل موقف مماثل للآخر؟
هل تأخذ في الاعتبار الموقف بحدّ ذاته، بما في ذلك المواقف المختلفة والعلاقات والأوقات المرتبطة به، وما إلى غير ذلك؟ على سبيل المثال، بما أنك قد استسلمت وتعاطيت المخدرات بعد وفاة أمك، فهذه لا تعني بالضرورة أنك ستستسلم وتفعل ذلك في كل مرة يواجهك موقف عاطفي عصيب.
2. هل أركز على عوامل غير ذات صلة؟
هل تحاول تفنيد موقف سلبي عن الحياة بسؤالك عن أشياء من قبيل: “وماذا عن دارفور والأطفال الذين يتعرضون للمجاعات؟” نعم هنالك بؤس وشر في هذا العالم، لكن ذلك لا صلة له بوضعك الحالي، وهو لا يعطيك المبرر لتفكيرك السلبي.
3. هل أنا غافل عن مواطن القوّة لدي؟
عندما يشعر الناس بسوء، يميلون إلى التغاضي عن نجاحاتهم الماضية. تذكرك لنجاحاتك ولإنجازاتك الطيبة في الماضي وسيلة ممتازة لزيادة ثقتك بنفسك ولتعزيز قدرتك على معالجة المشكلات الحالية.
4. كيف كان من الممكن أن أنظر إلى هذا الموقف لو أنني لم أكن تحت وطأة هذه المشاعر السيّئة كلّها؟
قد تعتقد مثلاً أن أعراض الامتناع الحالية لديك هي أسوأ ما يمكن أن يحصل في العالم. إلا أنك لو لم تكن تشعر بالسوء جسدياً، لعلك كنت حينها قادراً على رؤية الأمر على أنه ممر فرعي شائك في الطريق إلى حياة رائعة.
5. ما الذي بمقدوري فعله لحل المشكلة؟
هل تشجع أفكارك على وضع العوائق أم على حل المشكلة؟ إن كان أولادك يتقاتلون وأنابيب المياه قد سدت، فلن يفيدك في شيء أن تفكّر كم هذا الوضع غير عادل وفيه ظلم. بينما التفكير في حلول ممكنة هو ما يمكن له أن يرجّح حلولاً هانئةً سعيدةً.
6. هل أطرح على نفسي أسئلة لا تحمل أي جواب؟
إن كان تركيزك منصرفاً إلى أسئلة من قبيل: “كيف لي أن أمحو الماضي؟” أو “كيف لي أن أضحي شخصاً مختلفاً؟” فإنك فقط تراوح في مكانك، إذ أن طرح أسئلة على نفسك غير قابلة للإجابة، ما هي إلا طريقة أخرى للمطالبة بتغيير العالم.
7. ما مزايا وما أضرار التفكير بهذه الطريقة؟
اسأل نفسك إن كان هناك أي مزايا في طريقة التفكير التي تقول: “إنني مخفق مُحبط لن أصل إلى مرحلة الصحو يوماً”. على الأغلب لا يوجد أي مزايا. في حين أن هناك أضراراً جسيمة في طريقة التفكير هذه، لأنها ستحول دون اتخاذك خطواتٍ إيجابية في سبيل الصحو.
8. ما الفرق الذي سيحدثه هذا في غضون أسبوع، سنة، أو عشر سنوات من الآن؟
لنفترض أنك قد تعرضت إلى انتكاسة صغيرة، ثم عدت مباشرة إلى الحالة الطبيعية. بعد عشر سنوات من الآن، هل سيذكر أحد، عداك انتكاستك الصغيرة؟
استبدال الأفكار المشوّهة بأفكار صحيّة:
الآن وقد تعرفت إلى بعضٍ من أفكارك المشوّهة، حاول أن تعيد كتابتها لتعكس طريقةً في التفكير أكثر صحةً ودقةً. إليك بعض الأمثلة عن الأفكار المشوّهة المؤيدة للإدمان، وأخرى أكثر دقة وصحة ومؤيدة للشفاء:
الأفكار المؤيّدة للإدمان، تقابلها الأفكار المؤيّدة للشفاء | |
الأفكار غير الدقيقة المؤيدة للإدمان | استجابات أكثر دقة مؤيدة للشفاء |
سأخفق في مرادي. | على الأرجح أنني سأكون بخير، لكنني حتى إن لم تسر الأمور كما أرغب، فلن تكون نهاية العالم. |
إنني أخشى المواقف الاجتماعية. | ما من شيء خطير حقاً في المناسبات الاجتماعية، لذا، فلن يقع لي مكروه جدّي. |
إنني بحاجة إلى الشرب أو التعاطي لأحس أنني أفضل حالاً. | هناك الكثير من الأشياء التي تمنح شعوراً جيداً، وبعيداً عن الكحول والمخدرات: كالجلوس في حوض جاكوزي، مشاهدة فيلم مضحك، ممارسة رياضتي المفضلة، وتمضية الوقت بصحبة أصدقائي (الصاحين). |
لا أستطيع أن أكون اجتماعياً من دون الشرب أو التعاطي. | إن كنت قادراً على التحدث عن أحوال الطقس، الرياضة، الطعام، الأفلام، أو أي موضوع بسيط مماثل، إذاً، بإمكاني أن أكون اجتماعياً. |
لقد قمت بالكثير من الأعمال المنحطة تجاه عائلتي، لذلك هم سيكرهونني على الدوام. | إنني بلا مراء تنتظرني الكثير من مواقف التكفير عن خطاياي وإصلاح الأوضاع، غير أن عائلتي سترحب بعودتي إليها على الأرجح. |
إنها الحاجات والرغبات الملحة هي ما تجعلني أشرب. | إن الرغبات والحاجات الملحة موجودة فعلاً لكنها ستزول إن أنا منحتها الوقت الكافي. وفي هذه الأثناء، بإمكاني تطوير طرائق جديدة في التفكير فيها وكيفية الاستجابة لها. وبمرور الوقت، سأتعلم كيف أتغلب عليها. |
لقد أخطأت خطأ فادحاً وتعاطيت البارحة. لربما عليّ أن أتخلى أيضاً عن محاولتي عندما أصبح صاحياً. | لا أحد كامل، وجميعنا نرتد أحياناً. لقد ارتكبت خطأً، سأتعلم منه وأمضي قدماً. |
بالاستفادة من النموذج التالي، دوّن خمساً من أفكارك المشوّهة المؤيّدة للإدمان، ثم استبدل كلاً منها بأخرى أكثر دقةً ومؤيدةً للشفاء. (حضّر عدة نسخ من هذا النموذج كي يمكنك تفقد أفكارك وتصحيحها وفقه، عدة مرات في الأسبوع).
ورقة عمل للأفكار المؤيّدة للإدمان، والاستجابة لها بأفكار مؤيّدة للشفاء |
|
أفكار غير دقيقة مؤيدة للإدمان | استجابات أكثر دقة مؤيدة للشفاء |
1. | |
2. | |
3. | |
4. | |
5. | |
6. |
إنني أذكر مدى السرور الذي شعر به مريضي ستيف عندما أبلغني بنجاحه. لقد استغرق ذلك منه بعض الوقت، غير أن ستيف، المصمّم الغرافيكي الذي، وهو في العقد الثالث من عمره، طوّر عادة لديه، بأن يغرس في ذهنه الفكرة المؤيّدة للشفاء، قبل أن يكون هناك وقت حتى لظهور الفكرة المشوّهة المؤيّدة للإدمان. على سبيل المثال، ما إن يتلقى دعوة إلى حفلة حتى يفكّر ستيف: “إنها مناسبة جميلة للقاء أشخاص جدد، وربما أنشئ علاقات عمل جيدة”. وما إن يحصل على عمولة جيّدة حتى يفكر بكل وعي: “فرصة أخرى للتألق في عملي”. وعندما يرتب موعداً مع امرأة جديدة يقول لنفسه: “إن فرصي في أن أكون ساحراً ممتازة، وفرصي في الحصول على بعض الإثارة حسنة أيضاً”.
لم تتكلل مساعيه بالنجاح على الدوام طبعاً، إنما في معظم الأحيان وجد ستيف أن بمقدوره أن يقحم الفكرة الجيدة في مكانها قبل أن تصل الفكرة السيئة. لقد كان أمراً بالغ الروعة، رؤية هذا الشاب وهو يقمع تفكيره المؤيّد للإدمان ويلقي به بعيداً بعد ثماني سنوات موزّعة بين تعاطي المخدرات والإقلاع عنها، تخللتها باستمرار إقامات في مراكز المعالجة.
تدرّب، تدرّب، تدرّب
إن التدرّب سيعرفك إلى الأفكار المشوّهة المؤيّدة للإدمان، كذلك الحال مع كتابتها، ومن ثمّ التدرّب على تصحيحها، وذلك بشكل يومي لتنعم بالنتائج المرجوّة. حاول أن تقوم بهذا بينما لا تزال على بر الأمان؛ لا تنتظر وقوعك في أزمة! لتكن واعياً أن إدمانك ليس المصدر الوحيد الذي تنطلق منه الأفكار المشوهة: فالقلق، الاكتئاب، الحزن الشديد، والمشاعر التعيسة الأخرى، كذلك يمكن أن تولّد تلك الأفكار. إلا أن الأفكار المشوّهة جميعها يمكن أن تكون خطرة، فخذ حذرك منها وخصوصاً في أوقات الإجهاد. الاحتمالات المرجّحة هي أنك لن تكون قادراً على إلغاء أفكارك المؤيّدة للإدمان، لكن هذا طبيعي. فبيت القصيد هو أن تتعاظم أفكارك المؤيّدة للشفاء مقابل تلك المؤيّدة للإدمان.
مراجعة النقاط المفتاحية:
– إن عقل الشخص المدمن، أو من هو في مراحل الشفاء، عبارة عن ساحة معركة تدور رحاها بين الأفكار المؤيّدة للإدمان، وتلك المؤيّدة للشفاء. قد يدفع هذا بك على الشعور بالجنون، لكنه أمر طبيعي تماماً.
– أنت وحدك من يضع الأفكار في رأسك، بمعنى أنك في موقع السيطرة على أفكارك.
– الموقف الأفكار المشاعر السلوك: قد يحرض الموقف أفكاراً في عقلك، مما يولّد مجموعة متنوعة من المشاعر، والتي تقوم بدورها بإنتاج السلوك.
– الأفكار الصحية الدقيقة تساعدك على الامتناع عن معاقرة الخمر أو تعاطي المخدرات.
– ليس كل ما يطرأ في بالك من أفكار هو حقيقيّاً، وليس كل شعور ينتابك يشكل استجابة دقيقة للموقف الراهن.
– عندما تكون مدمناً، أو في المراحل الأولى من الشفاء، كثير من أفكارك ومشاعرك ستكون مشوهة.
– بالتدرّب سيضحي بمقدورك التعرّف إلى الأفكار المشوّهة المؤيّدة للإدمان والتي تؤدي إلى مشاعر محزنة وسلوكيّات غير صحيّة، ومن ثمّ تغييرها.
– إن الأفكار المشوّهة المؤيّدة للإدمان قابلة للتحوّل إلى أفكار أكثر دقّة بتطبيق مبادئ التفكير المتعقل والمنطقي.
– إن تدوينك لأفكارك سيعينك على إيجاد الثغرات المنطقية فيها، والتشوهات التي تشجع على الإدمان.
– ما إن تتعرف إلى التفكير السلبي، حتى يضحي بمقدورك اتخاذ خطوات لتغييره إلى تفكير إيجابي.