تملك الحياة المتحضرة أهل يتسمون بالقسوة في رفضهم للعديد من المسرات الكبيرة للطفل الصغير: لا لمص الأصابع، لا لمس للعضو، لا لوضع الإصبع في الأنف، لا للعب بالتراب، ولا لإصدار الضجيج. الحضارة بالنسبة للطفل الرضيع، هي باردة وقاسية: بدل الثدي الناعم، فإنها تقدم فنجاناً بارداً. بدل التخلص المريح من الفضلات مع الحفاضات الدافئة، فإنها تقدم له وعاءً بارداً مع الطلب بضبط النفس.
بعض الممنوعات تكون حتمية إذا كنا نريد للطفل أن يكون كائناً اجتماعياً. على الآباء عموماً ألا يبالغوا بلعب دور الشرطي للحضارة، وإلا فإنهم سيتسببون بامتعاض، وبمقاومة، يمكن تجنبها.
الانطلاق نحو بداية جيدة
يجب أن لا يكون الآباء هم من يوقظون أولادهم للذهاب إلى المدرسة. يستاء الأولاد من الذين يفسدون نومهم ويقاطعون أحلامهم. إنهم يجفلون من الأهل الذين يدخلون لغرفهم، ويسحبون أغطيتهم، ويدعونهم للنهوض، والتألق. من الأفضل لكل الأولاد أن يستيقظوا بمساعدة ساعة منبهة، بدل أن ينظر الأولاد إلى ذويهم “كأم منبهة” أو “أب منبه”.
إيمان، وهي بعمر الثامنة، كانت تجد صعوبة بالنهوض من السرير صباح كل يوم. كانت تحاول في كل يوم أن تبقى في السرير لدقائق إضافية لا تنتهي. أحياناً تكون أمها لطيفة معها وأحياناً تكون قاسية، لكن إيمان كانت دائماً مصرّة على البقاء في السرير: بطيئة بالنهوض، غير مسرورة بالفطور، ومتأخرة عن المدرسة. كان الجدال اليومي يترك الأم ممتعضة ومتعبة.
تحسن الوضع بصورة حاسمة عندما سلمت الأم ابنتها هدية غير متوقعة – ساعة منبهة. وفي علبة الهدية وجدت ملاحظة: “إلى إيمان، التي لا تحب أن يوقظها الآخرون باكراً في الصباح. تستطيعين الآن أن تكوني سيدة نفسك. كل الحب. أمك”. دهشت إيمان وفرحت. قالت لأمها، “كيف عرفت بأنني لا أحب أن يوقظني أحد؟” ابتسمت أمها وأجابت، “لقد استنتجت ذلك بنفسي”. وعندما رنّت الساعة المنبهة صباح اليوم التالي، قالت لإيمان، “إن الوقت مبكر جداً. لماذا لا تنامين لدقائق قليلة أخرى؟” قفزت إيمان من السرير قائلة، “لا، سأتأخر عن المدرسة”.
يجب أن لا ندعو الطفل الذي لا يستطيع الاستيقاظ بسهولة بالكسول، كما أن الطفل الذي لا يستطيع النهوض والتألق فوراً يجب أن لا يوصف بالمشاكس. لا يحتاج الأطفال الذين يجدون صعوبة بالتنبه والنشاط صباحاً، إلى التهكم. بدل أن نقحمهم في معركة، يفضّل أن نتركهم يتمتعون بعشر دقائق ذهبية أخرى من النوم أو بأحلام اليقظة. يمكن أن نصل لهذا الهدف بتوقيت الساعة المنبهة كي ترن بوقت أبكر. يجب أن تحمل تعابيرنا التعاطف والتفهم:
“من الصعب النهوض هذا الصباح”.
“إنه لمن الممتع البقاء بالسرير والتمتع بالأحلام”.
“خذ خمس دقائق أخرى”.
تجعل هذه التعابير الصباح مشرقاً. إنها تُحدث جواً من الدفء والألفة. بالمقابل، فإن تعابير الغضب أو التوبيخ التالية تُحدث جواً بارداً وعاصفاً:
“إنهض، يا كسول!”.
“غادر السرير هذه الدقيقة”.
هذه تعابير تدل على القلق بشأن صحتهم: “لماذا لا تزال في السرير؟ هل أنت مريض؟ هل يؤلمك شيء؟ أتعاني وجع بطن؟ وجع رأس؟ دعني أرى لسانك”. كل هذه التعابير توحي للطفل أن طريقة جذب اهتمام الأهل هي المرض. من المحتمل أن يعتقد الأطفال بأنه سيخيب أمل أهاليهم إن حُرم الأطفال من المرض الممنوح لهم بسخاء. يُمكن أن يشعر الأطفال بأنهم ملزمين كي يتظاهروا بالمرض.
طغيان الجداول
عندما يتم استعجال الأطفال، فإنهم يأخذون وقتهم. في معظم الأحيان إنهم يقاومون كلمة “هيا” الصادرة إليهم من الكبار بالعمل ببطء. إن ما يظهر لنا كعدم فعّالية هو بالحقيقة سلاح الأطفال الفعّال ضد طغيان الجداول المرسومة لهم التي لا يحبونها.
يجب أن لا يبلّغ الأطفال كي يستعجلوا أبداً. بدلاً من ذلك يجب أن يُمنحوا حدوداً واقعية لإنجاز أعمالهم، ويتركوا أمام التحدي بأن يكونوا جاهزين على الوقت:
“سيكون باص المدرسة هنا في غضون عشر دقائق”.
“يبدأ الفيلم عند الواحدة. إنها الثانية عشرة والنصف الآن”.
“سيبدأ العشاء عند الساعة السابعة. إنها الآن السادسة والنصف”.
“سيكون صديقك هنا بغضون خمس عشرة دقيقة”.
إن القصد من تعبيرنا المختصر هو أن ننقل للأطفال بأننا نتوقع على وجه التأكيد بأنهم سيجهزون في الوقت المحدد. تساعد الاحتمالات الإيجابية أحياناً. يمكننا أن نعرض عليهم “ما أن تجهّز نفسك للمدرسة، سيكون بإمكانك مشاهدة الصور المتحركة حتى نغادر إلى المدرسة”.
الفطور: وجبات بدون مواعظ
إن وقت الفطور ليس بالوقت المناسب لتعليم الأطفال الحكم الشائعة، المبادئ الأخلاقية أو العادات المهذبة. إنه الوقت المناسب للأهل لتحضير الوجبات المغذية في الوقت الذي يساعدونهم فيه بالخروج إلى المدرسة بالوقت المحدد.
عموماً وقت الفطور هو جزء صعب من اليوم. عادة ما يشعر الوالدين أو الأولاد بالنعاس أو بالتذمر. من السهل أن يتحول النقاش في هذا الوقت إلى اتهامات واتهامات مضادة، كما يوضح هذا المثال:
ناديا (تفتش في البرّاد، تاركة شيئاً بعد آخر): “ماذا أعددتِ للفطور؟ لا يوجد أي شيء للأكل في هذا البيت، إنك لا تشترِ لي أي شيء أحبه!”.
الوالدة (غاضبة وفي موقف الدفاع): “ماذا تعنين بقولك إنني لا أشترِ لك أي شيء تحبينه؟ إنني أبتاع لك كل شيء تحبينه – أنتِ التي لا تستطيعين تقرير ما تأكلينه. أريدك الآن أن تجلسي وتأكلي ما أمامك ثم توجهي بعدها للمدرسة!”.
تصرف ناديا جعل والدتها غاضبة. ردت الأم بأن جعلت ابنتها أكثر غضباً، وانصرف الكل بمزاج سيئ إلى المدرسة والعمل.
من المهم أن لا ندع الطفل يقرر ردة فعل الوالد أو الوالدة أو مزاجه. بدلاً من الهجوم المضاد، كان باستطاعة أم ناديا أن تعترف بشكوى ابنتها وتحتفظ بالصباح مبهجاً بهذه الطريقة.
الوالدة: “لا يبدو بأنك وجدت شيئاً تحبينه هذا الصباح”.
ناديا: “لا، لا يوجد شيء أحبه. بالحقيقة لست جائعة جداً. سأتناول موزة فقط”.
روت أم أخرى: “فيما مضى، كانت الحوادث الصغيرة تتحول إلى أحداث مؤلمة لي ولأولادي. إن التلة الترابية الصغيرة التي في الأمثال كانت تتحول إلى جبل عدة مرات كل يوم. لكني الآن تعلمت كيفية فهم رسائل أولادي وأستجيب لها بتعاطف، كما فعلت منذ أيام قليلة على مائدة الفطور عندما رفضت ابنتي نادين، وهي في الخامسة، أن تتناول فطورها واشتكت”.
نادين: “أسناني تشعر بالتعب. إنها تشعر بالنعاس في أعماقها”.
بدلاً من تعنيفها، اعترفت أمها بشكواها.
الوالدة: “أوه، إن أسنانك السفلية لم تستيقظ بعد”.
نادين: “لا، وهذا السن يحلم حلماً مزعجاً”.
الوالدة: “دعيني أرى. أوه، يا عزيزتي، إنه غير ثابت”.
نادين: “هل سيسقط إلى صحن حبوبي؟”.
أكدت لها أمها بأن السن ليس مخلخلاً لهذه الدرجة، ومع هذا فقد تحسنت معنويات نادين وأمسكت بملعقتها وبدأت تأكل صحن حبوبها.
ساهم والد بالحادثة التالية: “كان رد فعلي الأولي على أية حادثة مؤسفة مبالغ فيه بشكل يمهد الطريق لصراع مقبل. ثم أبدأ بإطفاء النار التي بدأتها بنفسي، تماماً مثل الرجل الذكي الذي يعرف كيف يخرج من حفرة لا ينزل فيها أبداً الرجل الحكيم. قررت حديثاً أن أتصرف كرجل حكيم وليس كرجل ذكي. بدل أن ألوم عندما يقع أولادي بمشاكل، فإنني أقدم المساعدة، كما فعلت من وقت قريب. ابني باسم، وهو في العاشرة، يحب أن يحضّر فطوره الخاص. سمعته ذات صباح يشكو في المطبخ. كان يسلق بيضتين، وواحدة منهما تناثرت على الأرض. بدل أن أصرخ “أنظر ماذا فعلت! يا للفوضى لماذا لا تكون أكثر حرصاً؟” قلت له، “لقد نهضت بهدوء، لقد حضّرت مثل هذا البيض الجميل لنفسك، وسقطت واحدة منها، هكذا بكل بساطة””.
باسم (بتواضع): “نعم”.
الوالد: “وأنت جائع”.
باسم (يظهر أكثر تألقاً): “لكن بقيت بيضة واحدة فقط في الصحن”.
الوالد: “في الوقت الذي تتناول فيه بيضة، سأسلق لك واحدة أخرى”.
الشكاوى: التعامل مع خيبات الأمل
يُواجه الأهل بصورة مستمرة بشكاوى من الأولاد، والتي عادة ما تثير غضبهم. من أجل أن لا يتضاعف الغضب والانغماس في نقاشات بالشكاوى المضادة أو أخذ موقف الدفاع، فإن عليهم أن يتعلموا الاستجابة للشكاوى عن طريق الاعتراف بشكاوى الولد. على سبيل المثال:
جهاد: “أنت لا تأخذني إلى أي مكان”.
الوالد: “إلى أين تريد أن تذهب؟” ليس: “كيف أستطيع ذلك، عندما تنتهي دائماً بعمل مشكلة”.
زكريا: “تأتين دائماً متأخرة”.
الوالدة: “أنت لا تحب انتظاري”. ليس: “وأنت ألا تتأخر أبداً؟ أنت غير مستعد للتذكر كم من الأوقات انتظرتك”.
جاهدة: “أنت لا تهتم بالذي يصيبني”.
الوالد: “إنك تتمنين لو كنت هناك عندما وقعت”. ليس: “كيف يمكنك قول ذلك بعد كل الذي ضحيته من أجل أن أجعلك سعيدة؟”.
كلمات “أبداً” و”دائماً” هي كلمات مفضلة عند الأطفال. إنهم يعيشون في عالم من المبالغات. لكن الأهل الذين تعلموا أن اللون الرمادي هو لون أكثر شيوعاً من الأسود والأبيض، يمكنهم تعليم أولادهم بواسطة منع أنفسهم من استعمال تلك التعابير.
ارتداء الثياب: معركة رباط الحذاء
ينشغل الأهل والأولاد في بعض المنازل بمعارك يومية حول أربطة الأحذية. يقول أحد الآباء، “عندما أرى أربطة حذاء ابني غير مربوطة، فإني أفقد صوابي. أريد أن أعرف إن كان علينا إجباره لربطها أو أن نتركه يتجول على راحته. ربما يكون سعيداً هكذا لكن ألا يجدر بنا تعليمه المسؤولية؟” من الأفضل أن لا نربط بين تعليم المسؤولية وبين ربط الأحذية. من الأفضل أن نتفادى النقاش عن طريق شراء زوج جديد من الأحذية الخفيفة دون أربطة للطفل أو عن طريق ربط الأشرطة دون تعليق. بإمكان المرء أن يطمئن بأنه عاجلاً أم آجلاً سيتعلم الطفل ربط أحذيته، إلا إذا كان رفاقه لا يفعلون ذلك.
يتعين على الأطفال أن لا يذهبوا لمدارسهم وهم يرتدون ثياباً غالية. ويجب أن لا ندعهم يقلقون بشأن إبقاء ثيابهم نظيفة. إن حرية الطفل بالركض، والقفز أو بلعب الكرة يجب أن يكون لها أولوية على الهندام أو المظهر. عندما يعود الطفل من المدرسة بقميص متسخة، يحتمل أن يقول الوالد، “تبدو وكأن يومك كان مليئاً. إن أردت أن تبدل قميصك، فهناك قميص آخر في الخزانة”. ليس من المساعد أن نخبر طفلة كم هي غير نظيفة أو كيف تبدو متسخة، وكم أصابنا التعب من غسل وكوي قمصانها. إن النهج الواقعي لا يعتمد على قدرة الطفل على وضع النظافة قبل اللهو. بدلاً من ذلك، علينا أن نعرف أن ثياب الطفل لن تبقى نظيفة لوقت طويل. تقوم دزينة من القمصان التي لا تحتاج لكوي بالمساهمة في الصحة الذهنية للطفل أكثر مما تقدمه اثني عشرة محاضرة في موضوع النظافة.
الذهاب إلى المدرسة المساعدة أفضل من إلقاء الخطب
من المتوقع وسط فوضى الصباح أن يقوم طفل بنسيان أخذ كتبه، نظاراته أو طعامه أو مصاريف الغداء. من الأفضل أن نقوم بتسليمه أغراضه المنسية دون إضافة أية تعليقات حول النسيان وعدم المسؤولية.
عبارة “هذه نظاراتك” هي أفضل من “أرغب في أن أعيش إلى اليوم الذي تتذكر فيه أن تضع نظاراتك”. “خذ مصاريف غدائك” هي أكثر قبولاً لدى الطفل من السؤال الساخر ” وكيف كنت ستشتري غداءك؟”.
يجب أن لا يعطى الطفل لائحة بالتوبيخ والإنذارات قبل مغادرته إلى المدرسة. “تمتع بيوم سعيد” هي عبارة وداع أفضل من التنبيه العام “لا تقحم نفسك في المشاكل”. “أراك عند الساعة الثانية ظهراً” هي عبارة أكثر إرشاداً للطفل من “لا تتسكع في الشوارع بعد المدرسة”.
العودة من المدرسة: توفير استقبال حار
من المفضل أن يقوم الوالد أو الوالدة أو أي بالغ آخر باستقبال الولد عند عودته من المدرسة. بدلاً من طرح أسئلة تستوجب أجوبة مستهلكة – “كيف كانت الدراسة؟” و”جيدة” أو “ماذا فعلت هذا اليوم؟” و”لا شيء” – يمكن للوالد أن يصوغ عبارات تحمل التفهم لمتاعب المدرسة واختباراتها:
“يبدو أن يومك كان صعباً”.
“أراهن بأنك لم تصدق بأن يوم الدراسة سينتهي”.
“تبدو سعيداً لعودتك إلى البيت”.
يفضل في معظم الحالات، صياغة عبارات بدل طرح الأسئلة.
مع تزايد عدد العائلات مع أب دون أم أو أم دون أب أو حتى مع أم عاملة، لا يجد الكثير من الأطفال من يستقبلهم شخصياً. إن ترك ملاحظة مكتوبة أو رسالة بريد إلكترونية تحمل المحبة تعوض غياب الوالد أو الوالدة. بعض الآباء الذين لديهم أولاد بسن الذهاب إلى المدرسة يستعملون الرسائل والملاحظات لتعميق علاقاتهم مع أولادهم. من الأسهل بالنسبة لهم التعبير عن تقديرهم ومحبتهم خطياً. يترك بعض الأهل رسائل على آلة التسجيل أو شريط فيديو. يمكن للطفل أن يستمع إلى كلمات والديه مراراً وتكراراً. تشجع مثل هذه الرسائل تواصلاً ذا مغزى بين الوالد والطفل وتقلل من شعور الأطفال بالوحدة عندما يعودون من المدرسة إلى بيت فارغ.
العودة إلى البيت: إعادة الاتصال في نهاية النهار
عندما يعود الأهل العاملون في المساء إلى بيوتهم، فإنهم يحتاجون إلى فترة هدوء فاصلة بين متطلبات العالم ومتطلبات العائلة. يجب أن لا يُستقبل الوالد أو الوالدة عند الباب بسيل من الشكاوى والطلبات أو بسيل من المتطلبات والاتهامات. إن فترة تحظّر فيها الأسئلة تساعد على إحداث واحة من الاسترخاء التي تساهم بشكل كبير بنوعية الحياة العائلية. منذ الطفولة المبكرة، يحتاج الأطفال إلى أن يتعلموا أنه عندما يعود الآباء متعبين إلى البيت من العمل، فإنهم يحتاجون إلى فترة من الهدوء والراحة. ومن جهة أخرى فوقت الغداء يجب أن يكون وقتاً للمحادثة. يجب أن يكون التركيز أقل على الطعام وأكثر على الغذاء الفكري. يجب أن يكون هناك القليل من الملاحظات حول كيف وماذا سيأكل الأطفال، القليل من الإجراءات التأديبية، والعديد من نماذج فن المحادثة القديم.
بعض الآباء يأخذون أحد أطفالهم مداورة إلى مطعم يفضله الطفل أو الطفلة للتمتع بوقت خاص لتبادل الحديث بين شخص وشخص. أثناء تناول قطعة هامبرغر أو بيتزا، ينتهز الطفل فرصة الاستحواذ على انتباه أمه أو أبيه الكامل ليشارك همومه معه.
وقت النوم: الحرب أم السلام
في بعض البيوت وقت النوم هو وقت المتاعب، مع واقع تشكيل الأولاد مع الأهل لمجتمع خيبات أمل متبادلة. يحاول الأطفال أن يبقوا مستيقظين لأطول فترة ممكنة، بينما تريد الأم أو الأب أن ينام الأطفال بأسرع وقت ممكن. تصبح الأمسيات وقت التذمر بالنسبة للأهل والتهرب التكتيكي بالنسبة للأولاد.
الأطفال الذين لم يبلغوا سن الدراسة بعد، يحتاجون إلى الأم أو الأب بشكل أكبر. بالإمكان استغلال وقت الذهاب إلى النوم للتحادث بحميمية مع كل ولد. يمكن أن يتطلع الأولاد بشوق إلى وقت النوم. إنهم يحبون أن يأخذوا “وقتاً للانفراد معاً” مع أمهم أو أبيهم. إن استطاع الأب توفير الوقت كي يُصغي، فإن الطفل سيتعلم كيف يشارك مخاوفه، آماله، ورغباته. هذه الاتصالات الحميمة تُريح الأطفال من القلق وتقودهم إلى نوم مريح.
بعض الأولاد الأكبر سناً يحبون أن يُجرّوا. يجب احترام وتنفيذ رغبتهم وأن لا يتعرضوا للتعنيف أو الانتقاد لكونهم يرغبون ما يبدو للأهل “أشياء طفولية”. يجب أن يكون وقت النوم مرناً بالنسبة للأطفال الأكبر سناً: “وقت النوم هو بين الثامنة والتاسعة (أو بين التاسعة والعاشرة). قرر أنت وقت ذهابك للنوم”. إن حدود الأوقات يجب أن تقرر من قبل الأهل. الوقت المحدد بين الحدود يقرره الولد.
من الأفضل أن لا ندخل في عراك إذا ادعى الطفل أنه نسي الذهاب إلى الحمّام أو أنه يريد كوباً من الماء. عموماً فالطفل الذي يداوم على مناداة أهله لغرفته يجب أن يُبلّغ، “إنني أعرف بأنك تتمنى أن أبقى معك لوقت أطول. لكن الوقت الآن هو لوالدك وأمك كي يكونان معاً”. أو “سيكون من المريح أن أبقى معك لوقت أطول لكن الآن هو وقت توجهي للنوم”.
الامتياز الأبوي رخصة الترفيه غير مطلوبة
يملك الأطفال في بعض البيوت حق نقض مسألة خروج والديهم وإيابهم. يتعين على الوالدين الحصول على إذن من عدة أولاد لتمضية سهرة خارج المنزل. بعض الآباء يتجنبون الذهاب إلى السينما أو المسرح بسبب المعركة المتوقعة في المنزل.
لا يحتاج الآباء إلى إذن أو موافقة أولادهم ليعيشوا حياتهم. إن كان الطفل يبكي بسبب خروج والده ووالدته إلى أمسية خارج المنزل، فإن مخاوفه يجب أن لا تُدان، لكن مثل هذه الرغبات يجب أن لا تنفذ. نستطيع أن نتفهم ونتعاطف مع الرغبة بعدم ترك الطفل وحيداً مع مربية، لكنه ليس من الضروري أن نشتري رخصة ترفيه من الطفل. يمكننا أن نقول للطفل الباكي بمحبة، “أعرف أنك تتمنى لولا نخرج هذه الليلة. أحياناً عندما لا نكون هنا فإنك تشعر بالخوف. إنك تتمنى لو نبقى معك، لكن أمك وأنا خارجان لنتمتع بفيلم (أو لنكون مع أصدقاء أو لعشاء) هذه الليلة”.
إن محتوى اعتراضات الطفل، وتوسلاته أو تهديداته يمكن تجاهلها. يجب أن يكون جوابنا قاطعاً ولطيفاً: “أنت ترغب لو أبقى معك، لكنه وقتي كي أخرج”.
التلفزيون
لا تكتمل دراسة يوم الطفل دون تقدير تأثير التلفزيون على القيم والأخلاق. يحب الأطفال مشاهدة التلفزيون ولعب ألعاب الفيديو على حواسيبهم. يفضل الكثيرون هذه النشاطات على قراءة الكتب، الاستماع إلى الموسيقى أو الدخول في حوار. الأطفال بالنسبة للمعلنين هم مشاهدون مثاليون: يمكن اقتراح الأشياء لهم وهم يصدقون الإعلانات التجارية. إنهم يتعلمون الجلبة التافهة بسهولة مدهشة، وهم سعيدون بمضايقة آباءهم بشعارات سخيفة. إنهم يتطلبون القليل من البرامج: لا لزوم للأصالة والفن. يستثير انتباههم أبطال العنف أو البلاستيك. وهكذا لساعات وساعات، ويوماً بعد يوم، يُواجه الأطفال بمشاهد العنف والجريمة مختلطة مع الجلبة والدعايات.
يشعر الآباء بطريقتين حيال التلفزيون. إنهم يحبون حقيقة أن التلفزيون يُبقي الأولاد مشغولين وخارج المشاكل، لكنهم قلقون بسبب الضرر المحتمل على الأولاد.
يمكن للتلفزيون أن يشجع العنف، ويدعم القولبة، ويدمر السلوك الاجتماعي. أبعد من ذلك، فالتلفزيون يستهلك جزءاً مهماً من يوم الطفل. يقضي الطفل وقتاً أكبر أمام التلفزيون مما يقضيه مع أبيه وأمه. حتى لو كانت مشاهد العنف تهدف للتسلية فإنها تعيق الأولاد عن القيام بنشاطات بناءة أكثر. لاحظ أحد علماء النفس البارزين أن الناس ببساطة يفقدون الاتصال مع هذه التجارب المثالية وقت مشاهدتهم للتلفزيون. إن أفضل شرط للنمو هو عندما تكون” مهارات الشخص مشغولة كلياً بالتغلب على التحديات يمكن السيطرة عليها”. بالنسبة للأطفال فإن هذه النشاطات يمكن أن تعني كتابة القصائد أو القصص القصيرة أو نحت أشياء طينية أو بناء قلاع من الأحجار. يمكن أن تمتد لتشمل تمثيل المسرحيات مع الأخوة أو المغامرات مع صديق. يظهر أن النمو والرضا يأتيان من المجهود المركز أكثر من المشاهدة غير الواعية.
في بعض البيوت يُسمح للأطفال بمشاهدة التلفزيون لمدة ساعة واحدة في اليوم. في بيوت أخرى يُسمح لهم بمشاهدة برامج معينة لفترة محددة، تكون مختارة بموافقة أهلهم. هؤلاء الأهل يعتقدون بأن التلفزيون، مثل الدواء، يجب أن يؤخذ في أوقات معينة وفي مقادير مناسبة.
توصل طبيبان بارزان للأطفال إلى توصية محددة: “في السنوات الثلاث الأولى، يجب أن لا يُسمح بأكثر من نصف ساعة لمشاهدة التلفزيون يومياً. بعد عمر الثالثة، يمكن إضافة نصف ساعة أخرى لوقت التلفزيون أو الكمبيوتر بمشاركة أحد الوالدين”.
يشعر عدد متزايد من الأهل بأن مسألة اختيار البرامج لا يمكن أن تترك بالكامل للأولاد. أنهم غير مستعدين لترك شخصيات مشكوك فيها تؤثر في أولادهم. الأهل الذين يريدون حماية أطفالهم من التعرض لمشاهد كريهة بإمكانهم الآن تركيب “جهاز مراقبة أبوي” على جهاز التلفزيون والكمبيوتر. لا يحتاج الأطفال أن يُمنعوا من كل مشاهد المآسي، لكنهم يحتاجون الحماية من برامج التسلية حيث لا تكون فيها القسوة الإنسانية جزءاً من المأساة، بل من المعادلة.
ليس كافياً بالنسبة للآباء أن يراقبوا كمية وطبيعة مشاهدة أولادهم للتلفزيون. يمكن للآباء أن يفتحوا الأبواب أمام أولادهم كي يتعلموا، يتصلوا، ويشاركوا من خلال العلاقات الصحية، اللعب المفرح، والهوايات المرضية.
تأليف:هايم جينو
مراجعة وتحديث: د. اليس جينو ود. والس غودارد