من المهم التشخيص المبكر، والتشخيص المبدئي لحالة الطفل، والنظر إلى الطفل من الناحية العصبية والعضوية والنمائية والسلوكية والمدرسية والعقلية والنفسية، وكذلك إلى المهارات والأنشطة واللغة والتفاعل الاجتماعي.
ويفضل دراسة تاريخ حالة الطفل (Case History) بدءاً من الأبوين، ثم الحمل، ثم الولادة، وما بعد ذلك، وعدم التسرُّع في الحكم على الطفل وخاصة إذا كان الطفل ما زال صغيراً، والأعراض غير واضحة عليه، والطبيب لا يستطيع من خلال مقابلة الطفل لدقائق معرفة أعراض الطفل أو تشخيص حالته، وقد ثبت أن أفضل مصدر لتشخيص حالة الطفل هو من خلال مواقف الحياة الطبيعية داخل الأسرة، أو الروضة، أو في المدرسة، أو داخل مركز التأهيل، ويمكن تصوير الطفل في هذه المواقف، ودون دراية منه بذلك. ولا بد من تعاون أهل الطفل وباقي العاملين في الروضة أو المدرسة، كما يمكن مقابلة أسرة الطفل (أمه) مثلاً، أو ملاحظة سلوك الطفل بشكل عام، وكذلك مقابلة العاملين معه في الروضة أو في المدرسة أو في مركز التأهيل… ويمكن الاستعانة بالاختبارات النفسية المناسبة، وبقوائم الملاحظة، والالتزام بالمعايير الدولية في كتاب (DSM-IV TR (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders)) وفي الجمعية الأميركية للطب النفسي، ومنظمة الصحة العالمية (ICD – 10)، وكذلك تأكيد التشخيص الفارقي (differential diagnosis).
إن تشخيص طفل التوحد من العمليات التي تحتاج إلى خبرة عالية، وخاصة في الوطن العربي حيث يقل عدد الأشخاص المتخصصين في هذا المجال، والذين لديهم قدرة على التشخيص العلمي الدقيق، مما يؤدي أحياناً إلى وجود أخطاء أو خلط في التشخيص وخاصة الخلط بين اضطراب التوحد واضطرابات النمو الأخرى، مثل حالات التخلف العقلي، وفرط الحركة ونقص الانتباه، وصعوبات التعلم، والأمراض الذهانية مثل الفصام… وغير ذلك. وأشرنا سابقاً إلى خطورة تجاهل الأسرة والأهل لتشخيص أعراض التوحد في المراحل الباكرة من حياة الطفل، أو إحاطة مشكلة الطفل بسرية تامة وخاصة حالات الإناث، مما يؤدي إلى صعوبة في التشخيص في مراحل لاحقة. وبشكل عام لا يمكن تشخيص حالات التوحد دون ملاحظة دقيقة للطفل (observation)، ولساعات طويلة، وفي مواقف حياتية مختلفة، وكذلك إجراء مقابلة سريرية (clinical interview) للطفل، مع إجراء فحوص طبية، ومخبرية للدم، وللجهاز العصبي، والسائل الشوكي، والحواس، وفحص النشاط الكهربائي للمخ (EEG)، وبعد ذلك مقارنة النتائج بالمستويات العادية لنمو الأطفال. ولا بد من تعاون فريق العمل المتخصص في عملية التشخيص، مع الاستعانة بالأم والأسرة بالنسبة إلى الأطفال الذين توجد لديهم أسر، وتكون (أي الأسر) على مستوى من المعرفة والفهم، أما الحالات التي ليس لهم أهل (أو أسرة) فتصبح المشكلة أصعب.
ومما لا شك فيه أن التشخيص المبكر بعد الولادة وحتى عمر ثلاث سنوات ونصف السنة تقريباً يفيد في معالجة المشكلة، وفي معرفة الأطفال الذين يحتاجون إلى خدمات تربوية خاصة، أو إلى رعاية وتوجيه، ودعم ومساعدة للطفل وأسرته، وهذا أيضاً ما يسرِّع من عملية النمو، ويزيد من فرص تعلم الطفل، ويقلل من السلوكيات الشاذة فيما بعد، ومن مضاعفات أعراضه المرضية. ويمكن للأهل والطبيب والاختصاصيين الاستعانة بالقوائم والاختيارات التي نشير إليها فيما بعد، وعادة يتم الاستعانة بما يلي:
أولاً – إجراء الفحوص العضوية والعصبية والتحاليل اللازمة؛ للدم وللبول والهرمونات، والأيض، وحجم الجمجمة، وفصيلة الدم. وغير ذلك (التاريخ المَرَضي للأم).
ثانياً – دراسة تاريخ النمو للحالة؛ منذ الزواج والحمل والولادة، والعوامل الوراثية، والأيضية، واللقاحات..
ثالثاً – ملاحظات الاختصاصي أو الطبيب، والأسرة للسلوكيات التالية:
أ – ملاحظة التواصل اللغوي، وغير اللغوي (الإشارات والإيماءات) وتكرار النطق لدى الطفل.
ب – ملاحظة التواصل الاجتماعي مع الأم والآخرين.
جـ – ملاحظة التواصل العاطفي والانفعالي وتعبيرات الوجه، والابتسامة.
د – ملاحظة الاستجابات وردود الأفعال.
هـ – ملاحظة نمطية السلوك وتكراره.
و – ملاحظة الاستجابة للمثيرات (الألم، البرودة، الحرارة، الأصوات العالية…).
ولا بد من تسجيل الملاحظات بدقة، ويمكن الاستعانة بالتصوير، والأفلام التلفازية، والكاميرات (ملاحظة مسلحة) لمراقبة سلوك الطفل بدقة، وهناك قوائم مخصصة للملاحظة مثل:
رابعاً – إجراء المقابلة السريرية مع الطفل ووالدته أو ذويه:
وذلك من أجل جمع معلومات عن حالة الطفل ومعرفة أعراضه عن كثب، ويجب تحديد مكان المقابلة وزمانها، وبداية المشكلة، والعلاجات السابقة، والمشاكل التي ترتبت عنها، ويمكن للطبيب أو الاختصاصي تزويد الأهل (الأم) بقائمة خاصة لملاحظة نمو الطفل، أو بالدليل التشخيصي لأعراض التوحد، أو بإحدى قوائم سلوك التوحد… من أجل قراءتها وتسجيل ملاحظاتهم حول طفلهم، ويمكن أثناء المقابلة ملاحظة النظافة العامة للطفل، واللباس، والتواصل البصري (ضعيف، عادي)، والاتزان أو الهدوء الانفعالي (ضعيف، عادي)، والتواصل الفكري وترابط الأفكار (فهم السؤال وإعطاء إجابات منطقية)، وسلامة النطق (وضوح اللفظ والصوت)، وزمن الرجع (Reaction time)، وهو الفاصل الزمني بين السؤال والإجابة (بطيء، سريع، عادي)، والتعبير عن المشاعر والأحاسيس (حزن، فرح، مشاركة وجدانية..)، والتعبير عن الأفكار (القيم، والعادات، والآراء..)، والقدرة على القراءة، والقدرة على الكتابة،
ومهارة الاستماع لحديث الآخرين، (الصمت، التدخل أو المبادرة)، الأنشطة والهوايات (إن وجدت)، ومستوى الالتزام الديني… والتواصل الاجتماعي مع الأم أو مع أفراد الأسرة، يضاف إلى ذلك بالنسبة إلى طفل التوحد ملاحظة حركات الجسم (لغة الجسم Body Language)، وطريقة الجلوس، ووضع الأيدي، وحركات اليد والأصابع، النظر إلى اليمين، أو إلى اليسار، أو تنقل البصر، وكثرة حركات الجسم، الحركة إلى الخلف والأمام، تحريك الرأس، إغلاق الشفتين، عدم وجود رد فعل جسمي… إلخ.
خامساً – قوائم الشطب والتقدير الذاتي والاستبانات: مثل:
1 – قائمة شطب سلوك التوحد (ABC) (Autism behavior Checklist):
2 – وسيلة التخطيط التعليمي لتصنيف التوحد (Autism screening instrument for educational planing) (ASIEP) وذلك لمعرفة سلوكيات طفل التوحد، ونماذج من النطق، والتفاعل الاجتماعي، والمستوى التعليمي، ومستوى الاستفادة من خطة التعلم، بالإضافة إلى ملاحظات المدرس وتقديره للاستعدادات الأكاديمية التي يلمسها (أي المدرس أو المدرب) من خلال تعامله مع الطفل داخل المدرسة أو داخل الفصل، بالإضافة إلى تقديره لسلوكياته، ومستواه التحصيلي في المواقف المختلفة مما يساعد على إعداد برنامج تعليمي فردي، والتخطيط اليومي للأنشطة التعليمية في الفصل.
3 – سجل ملاحظات نمو الطفل للآباء.
4 – الدليل التشخيصي السريري للتنبؤ بحالات التوحد.
5 – قائمة استبيان الآباء التابعة لمركز العلوم السلوكية والرعاية الصحية الأولية في واشنطن عام (Parents Questionnaire for Children).
6 – مقياس لورا وينج (Laura Wing)، مكون من (27) عبارة، لكل عبارة مقياس تقدير ثم تحسب الدرجة الكلية.
7 – مقياس مارفي وآخرين (Marvy Joel) لتحديد سلوكيات أطفال التوحّد في مجال الأسرة، ويتكون هذا المقياس من (33) عبارة موزعة على أربعة أبعاد، هي: التواصل الاجتماعي، والمشكلات السمعية، والمشكلات الإدراكية البصرية، والنشاط الحركي المفرط، وملحق بهذا المقياس (24) فيلماً لأطفال توحديين في مجال أسرهم.
8 – مقياس مارجريت كريك (Margret Greak) لقياس (15) مجالاً من أعراض التوحد، مع تسعة محكّات لكل منها (طبيعي إلى غير طبيعي)، وتم تعديل هذا المقياس بواسطة سكوبلر (Schopler).
9 – مقياس روتر (Rutter, M.) لتقييم سلوك الطفل التوحدي Behavioral rating instrument for autistic and atypical children (B. R. I. A. C)
ويتضمن هذا المقياس ثمانية مجالات هي:
– العلاقة مع الآخرين.
– التواصل.
– النطق.
– التخاطب.
– الصوت وفهم الحديث.
– التجاوب الاجتماعي.
– القدرة الحركية البدنية.
– النمو النفسي – العضوي.
10 – قائمة ملاحظة السلوك لفريمان (Freaman, L.) وآخرين (Behavior observation system)، وتفيد في تسجيل نحو (67) نوعاً من السلوكيات المميزة لحالات التوحّد.
11 – قائمة السلوك التوحدي من وضع (Almond) و(Krug) (Autism behavioral checklist) وهي عبارة عن قائمة مقننة مع والدي الأطفال من عمر (3 – 15) سنة، وتفيد في تسجيل سلوكيات الطفل (وليس الغرض من هذه القائمة التشخيص).
12 – قائمة التقييم السلوكي المختصر لأطفال التوحد من عمر (2 – 15) سنة. (The Behavioral Summarized Evaluation) (BSE).
وتتكون هذه القائمة من عشرين بنداً، ولكل بند مقياس تقدير من خمسة أبعاد أو درجات مثل:
لا يحدث أبداً. ويعطى درجة صفر.
يحدث أحياناً. ويعطى درجة واحدة.
يحدث كثيراً. ويعطى درجتان.
يحدث كثيراً جداً. ويعطى ثلاث درجات.
يحدث دائماً. ويعطى أربع درجات.
13 – قائمة شطب سلوك التوحد لدى الأطفال الصغار (الدارجين) (Checklist for autism in toddlers) (CHAT)، وهي تصلح لقياس أعراض التوحد في عمر (24 – 30) شهراً. وهذه الأعراض هي أعراض التواصل؛ أي التطوّر البطيء في اللغة، أو عدم التطور، واستخدام الكلمات بشكل مختلف عن الأطفال العاديين من نفس العمر، والتواصل غير اللفظي عن طريق الإشارات، وقصر الانتباه والتركيز، كما تقيس التفاعل الاجتماعي، وعدم وجود صداقات، والاستجابة الاجتماعية بالابتسامة، والتواصل عن طريق العيون ضعيف جداً. بالإضافة إلى المشكلات الحسية، والاستجابة غير العادية للأحاسيس الجسدية، والإحساس الزائد للمس، وإحساس ضعيف للألم، والنظر، والشم، والسمع، والحرارة والبرودة… وضعف اللعب التلقائي، وضعف التقليد، وضعف الخيال، ونوبات السلوك غير السوي؛ مثل العض، وضرب الرأس، والعدوان، والعنف، وإيذاء الآخرين…
14 – قائمة التقدير الذاتي لأطفال التوحد (Childhood Autism Rating Scale) (CARS) من وضع سكوبلر (Schopler, E) ورفاقه، وهي تقيس خمسة عشر بعداً للتوحد، وكل بعد موزع على ثلاث درجات أو مستويات (توحد شديد، وتوحد متوسط، وتوحد عادي)، وتفيد القائمة في حالات التوحد الشديدة، وكذلك في التمييز بين التوحد والتخلف العقلي، وفي عام (1998م) قام سكوبلر بإدخال بعض التعديلات على القائمة تحت اسم (Psycho – educational Profile) (PEP – R) وهي تتكون من (174) بنداً معظمها عملية وتقيس سبعة محاور، وأربعة مجالات سلوكية مع بروفيل (أو مخطط) عام لأبعاد التقليد، والإدراك، تآزر اليد والعين، حركة العضلات الكبيرة، حركة العضلات الصغيرة، الإدراك المعرفي العملي، الإدراك المعرفي اللفظي، والمجالات السلوكية وهي العلاقات الاجتماعية والوجدانية، واللعب، واللغة، والاستجابات الحسية، وتصلح هذه القائمة (PEP – R) للأطفال بين عمر ستة أشهر إلى سبع سنوات، ويمكن استخدامها حتى عمر (12) سنة، وللقائمة صورة تستخدم مع المراهقين… أما عن أبعاد التوحد الخمسة عشر في القائمة الأولى الأصلية فهي كالآتي: العلاقة الإنسانية مع الآخرين، التقليد، استعمال الجسم، التكيف مع التغيرات ومقاومة التغيير، استعمال أشياء غير إنسانية وغير عادية، الاستجابة البصرية للمثيرات البصرية، الاستجابة السمعية للمثيرات السمعية، استجابة الشم والتذوق، الخوف والعصبية، الاستجابة الانفعالية للحسيات في البيئة، التواصل اللفظي وغير اللفظي، مستوى النشاط والفعالية، ثبات الاستجابة العقلية والمعرفية والسلوكية الحركية والنمطية، الانطباعات العامة). ويجاب عن كل بعد بأربع درجات من (1 – 4)، والدرجة الكلية تتراوح بين (15 – 60) درجة، والدرجة أقل من (30) ثلاثين لا تشير إلى الإصابة بالتوحد، والدرجة بين (30 – 36) تشير إلى وجود أعراض بسيطة للتوحد، والدرجة أكبر من (37) تشير إلى وجود توحد شديد.
15 – مقياس حددي مشكلة طفلك بنفسك، للأطفال من عمر (3 – 6) سنوات.
16 – مقياس بيركس لتقدير السلوك لدى الأطفال من عمر (2 – 6) سنوات.
17 – دليل المعلم والأسرة لتشخيص صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية لدى أطفال المدارس.
18 – استبيان الأسرة والمعلم لتشخيص حالات فرط الحركة، ونقص الانتباه، والاندفاع بالسلوك لدى الأطفال.
19 – مقياس كريجر (Kraijer’s Scale) لقياس الاضطرابات النمائية المعممة لدى الأطفال.
20 – قائمة سلوك الأطفال المتوحدين وغير الأسوياء: (BRIAAC): (Behavior Rating instrument for autistic and Atypical children)
تم إعداد القائمة وتطويرها من قبل روتنبرج (Ruttenberg) وهي تتكون من ثمانية أبعاد، أهمها: العلاقات مع الآخرين، مهارات التواصل، حركات الجسم، الاستجابات الاجتماعية، النطق واللغة التعبيرية، ويكون لكل سلوك في هذه القائمة (10) درجات، وفي ضوء هذه الدرجات يتم الحكم على الطفل وتشخيص حالته.
21 – قائمة شطب أعراض توحد الطفولة الباكرة (Early infantile autism symptoms checklist) وضعها كل من بالون (Balon) وسبنسر (Spencer)، وهي تحتوي على (30) فقرة موزعة على خمسة أبعاد هي: الانسحاب الاجتماعي، والنشاطات التي تفتقر إلى الدمج، وتشويه اللغة وتحريفها، وخصائص العائلة ومميزاتها، وعدم العصبية والانفعالية.
22 – ويمكن للاختصاصي تقييم السلوك واللغة من خلال لعب الطفل من عمر (1 – 4) سنوات، وبالاستعانة بمواد مثل الدمى، والألعاب كالحيوانات، والأثاث، وأدوات المطبخ… ويتم ملاحظة الطفل أثناء اللعب معه، وتفيد هذه الطريقة في تنمية اللغة التعبيرية واستخدام الرموز للتواصل.
سادساً – الاختبارات والمقاييس النفسية:
الاختبارات والمقاييس النفسية مفيدة لتشخيص بعض الوظائف العقلية المحددة، مثل الذكاء العام، وكذلك من أجل
وضع برنامج تربوي تعليمي سلوكي يخص كل حالة من حالات التوحد على حدة؛ أي دراسة حالات التوحد وتقييمها بشكل فردي، هذا بالإضافة إلى أن هذه الاختبارات والمقاييس تعطي صورة عن مدى التحسن بعد عملية
التدريب والعلاج، حيث يكون هناك تقييم قبلي وتقييم بعدي لحالات الأطفال. من هذه الاختبارات للأطفال ما يلي:
1 – اختبار الذكاء غير اللفظي (Non Language multi – mental test)، وللاختبار تعليمات ويطلب من الطفل وضع إشارة (X) على الشكل المخالف من الأشكال الخمسة. وزمن الاختبار (30) دقيقة.
2 – مقياس وكسلر – بلفيو لذكاء الأطفال (WISC) (Wechsler intelligence scale for children). يحتوي هذا المقياس على اختبارات لفظية، واختبارات عملية، ويصلح للأطفال من (5 – 15) سنة، ويفضَّل في حالات اضطرابات الطفولة البدء بالاختبارات العملية، وعادة يتم استخراج نسبة ذكاء (IQ) لفظية وأخرى عملية، وثالثة كلية.
ويلاحظ التفاوت الكبير بين درجة الذكاء اللفظي والذكاء العملي لدى أطفال التوحد، وهذا لا نجده في حالات التخلف العقلي، كما أن ارتفاع الدرجة اللفظية عن الدرجة العملية يشير إلى أن الفرد ذو تركيب فصامي. والدرجة المنخفضة في اختبار المتشابهات تشير إلى عدم القدرة على التمييز من حيث الشبه والاختلاف. وكما يتضح تدهور التفكير من درجة رسوم المكعبات، مع العجز عن التركيز لمدة طويلة (رموز الأرقام). الاختبارات اللفظية هي: (المعلومات، الفهم، الحساب، المتشابهات، المفردات، إعادة الأرقام). والاختبارات العملية هي (تكملة الصور، ترتيب الصور، رسوم المكعبات، تجميع الأشياء، الرموز (الشفرة)، المتاهات).
3 – اختبار متاهات بورتيوس (Porteus Maze test) لقياس القدرات العقلية لدى الأطفال من عمر (2 – 20) سنة.
4 – لوحة سيجان (Seguin board for mental age test) وذلك لقياس القدرة العقلية لدى الأطفال من عمر (3 – 12) سنة.
5 – مقياس فينلاند لقياس النضج الاجتماعي والوظائف العقلية (Vinland social maturation scale): ويفيد هذا المقياس الأطفال من عمر شهر واحد حتى (25) سنة، وفي حالات التوحد. ويتكون من ثمانية أبعاد؛ الكفاية الذاتية، وارتداء الملابس، وتناول الطعام، وتوجيه الذات، والتنشئة الاجتماعية، والمهنة أو العمل، والتواصل، والتنقل أو الحركة.
6 – مقاس ليذر للأداء العام (Leither international – Perfomance Scale): وهو يقيس القدرات العقلية للأطفال من عمر (2 – 12) سنة، وهذا المقياس يتكون من صور ومكعبات، ويتدرج من السهل إلى الصعب، ولا يعتمد على اللغة، ويفيد في حالات التوحد.
وهناك اختبارات عقلية أخرى تناسب الأطفال، مثل اختبار رافن للمصفوفات، واختبار أوتيس لينون، واختبار رسم الرجل لجودانف، واختبار بندر جشتالت البصري – الحركي وغيرها من الاختبارات، وتفيد هذه الاختبارات ف ي معرفة قدرات الطفل العقلية، وقدرة الطفل على التعلم أو التدريب، وعلى الاستفادة من التعليمات التي توجه إليه من الاختصاصي أو المعلم أو من الوالدين، من أجل علاج حالته. وعادة تكون هناك صعوبات في تطبيق هذه الاختبارات على الطفل، لذلك يجب الاستعانة بالأم، وكذلك بتقديم المعززات؛ من حلوى، وشوكولا وغير ذلك.
ولا بدَّ للاختصاصي من الاعتماد على الملاحظة، والاستفادة من تقارير الأهل، أو المدرسة، أو الطبيب.
ويمكن تجزئة الاختبار الذي يتكون من عدة مقاييس فرعية إلى مراحل، وعلينا ألا ننسى أن قدرة طفل التوحد على التركيز والانتباه ضعيفة جداً، وكنا قد أشرنا سابقاً في حديثنا عن الأعراض العامة للتوحد ومراحل النمو إلى مستويات القدرة العقلية العامة ونسبة الذكاء (IQ)، ومستويات الضعف العقلي التي قد يتعرض لها أطفال اضطراب التوحد، والتي يجب مراعاتها عند تطبيق الاختبارات.
دور المعلم والمعلمة في الكشف عن أطفال التوحد
إن معظم الباحثين في مجال التوحد يؤكدون أن المعلم الناجح (والمعلمة الناجحة) يمكنهما أن يساهما وبشكل فعال وبفضل ملاحظاتهما المستمرة ومعايشتهما للأطفال في الروضة أو في المدارس، في الكشف عن حالات التوحد، وإعطاء معلومات أدق وأكثر موضوعية حول الطفل، وهذا لا يتوافر إلا للمعلم أو للمعلمة، أما الطبيب أو الباحث الذي يطبق بعض الاختبارات، ويستخلص نتائج سريعة، فإنه لا يستطيع تشخيص حالات التوحد، ولا بدَّ من متابعة الطفل، وملاحظة سلوكياته، وقضاء وقت أطول معه حتى يتم تشخيص حالته، وهذا لا يتم إلا بتعاون المعلم أو المعلمة مع الأسرة والطبيب… والمعلم (أو المعلمة) يلاحظ ضعفاً في تواصل الطفل، وفي لغته، وفي أداء واجباته، مع صعوبة في التعلم، وضعف الدافعية، وعدم الانتباه أو التركيز، وضعف الإدراك الحسي للموضوعات والأصوات، مع حركات غير عادية، وتكرارات نمطية، وأوضاع جسمية غير طبيعية… مما يشير إلى وجود مشكلة أو اضطراب في النمو.
ومن الطبيعي أن هذه المهمة ليست بالأمر السهل، فهي تحتاج إلى خبرة ومهارة ودقة ومعرفة تامة بالطفل، وقدراته، وسلوكياته، وللمعلم دور آخر مهم وهو التواصل مع أسرة الطفل لمتابعة حالته، وذلك للوقوف على حالته من كل جوانبها، ومن أجل التأكد من بعض المعلومات أو الأعراض، أو الاستجابات وأشكال السلوك والتي يقوم بها الطفل في الأسرة وفي المدرسة، وهذه العملية تساعد على تشخيص صحيح ومبكر، وهو أمر ضروري لتحسن حالة الطفل. ويمكن اعتبار المعلم أو المعلمة من المصادر الأساسية للحصول على استفسارات حول أطفال التوحد؛ بسبب الاتصال المباشر، وقضاء ساعات طويلة معه، إضافة إلى توافر فرص التفاعل المباشر، وملاحظة سلوكياته وتسجيلها، بحيث يمكنه ملاحظة أي سلوك شاذ أو غريب لدى الطفل، ويمكن للمعلم استخدام قائمة خاصة (أو دليلاً) يشبه دليل الأسرة لتسجيل استجابات الطفل في المواقف المختلفة، ويمكن أن تشمل هذه القائمة أبعاداً تصلح للأسرة كما تصلح للمعلم، مع مقارنة الإجابات حول الطفل فيما بعد.
وتحتوي هذه القائمة عادة على الأبعاد التالية: اللغة اللفظية، واللغة غير اللفظية، والاستجابة للمثيرات الحسية، وحركة الجسم والمشي، والجانب الانفعالي، والتواصل الاجتماعي، والعناية بالذات، والتحصيل الدراسي، وفيما يلي قائمة المعلم والأسرة لتشخيص حالات التوحد.
تقييم القدرة على التعلم (التقييم التعليمي) Educational assessment (ED)
إن عملية التقييم هذه عبارة عن تشخيص روتيني وسريع لحالات التوحد ومن أجل معرفة وظائف الطفل أو سبرها (To Probe)، ومعرفة مستواه في المجالات الخمسة التالية والتي تعتبر أساسية في تدريب طفل التوحد وتعليمه.
1 – في المقْعَد (In seat).
2 – اللغة الاستقبالية (Receptive Language).
3 – اللغة التعبيرية (Expressive Language).
4 – مفهوم الجسم (Body Concept).
5 – تقليد الكلام (Speech imitation).
من أجل معرفة التقييم التعليمي لدى الطفل لابد في بادئ الأمر من معرفة مستوى سلوكه الذي يشمل على معرفة مدى بقاء الطفل جالساً في مقعده، ومحتفظاً بيديه في حضنه أو على قدميه، والنظر إلى موضوعات محددة، حيث إن أي سلوك تخريبي (disruptive behavior) أو عدم استقرار يجعل هناك صعوبة في تطبيق الاختبار ويشتت كثيراً الانتباه… لهذا فإن نجاح هذه الإجراءات يساعد في نجاح تطبيق التعليمات وفي عملية التقييم هذه بشكل عام، كما أن عملية التقييم تزودنا بتوجيهات عامة من أجل البدء في التعامل مع طفل التوحد.
1 – في المقعد:
إن هذا النشاط يعتبر كاختبار فرعي منفصل (Subtest) وله وزن كباقي أوزان المجالات الأخرى، ولهذا الاختبار أهمية تتعلق بالسلوك، حيث إن الطفل (هو أو هي) الذي لديه قابلية للبقاء جالساً في مقعده ودون أي محاولة مجهدة للهرب يمهّد (أو يعتبر) سلوكه هذا أساسياً من أجل إجراء مزيد من الاختبارات، كما أن أي طفل نجده يجاهد من أجل الفرار من مقعده، ولا يكون متعاوناً، والاختصاصي يبذل جهداً كبيراً لإبقائه في مقعده، تبقى درجته (صفراً) في هذا المجال.
2 – اللغة الاستقبالية:
وهو اختبار فرعي يفيد في تقييم اللغة الاستقبالية لدى طفل التوحد، ويحتوي هذا الاختبار (مع الاختبارات الفرعية الثلاثة الباقية) على اثني عشر بنداً (Items)، وكل بند يعطى درجة قيمتها (واحد) إذا كانت الإجابة عنه بـ (نعم) (Yes)؛ أي إن السلوك حدث لدى الطفل، أو تعطى الإجابة (صفراً) إذا لم يحدث السلوك وكانت الإجابة بـ (لا) (No)، وقد اختيرت هذه البنود من العديد من اختبارات نمو الأطفال دون عمر أربع سنوات (48 شهراً)، ومن أجل سبر مستوى القابلية لدى الطفل في الفهم والاستجابة إلى العديد من المثيرات اللفظية – السمعية.
3 – اللغة التعبيرية:
وقد استمدت بنود هذا المقياس الفرعي أيضاً من مقاييس نمو الأطفال دون عمر أربع سنوات، ويحتوي هذا المقياس على اثني عشر بنداً صممت من أجل استجرار (Elicit) أو الكشف عن الألفاظ (Verbalization)، والإشارات (Sign)، والحركات الإيمائية (gestive) التعبيرية، والتي تكون كاستجابات لتساؤلات (queries) حول بيئة الطفل الحالية (Student immediate Environment).
4 – اختبار مفهوم الجسم:
ويهدف هذا الاختبار إلى تقييم مهارات التقليد الحركية، وكذلك فهم أبعاد الجسم، والعمل على سبر مستوى المعرفة العامة لدى الطفل عن نفسه وجسده، مقترناً ذلك ببعض التعليمات أو ببدائل من البيئة (Vicariously from environment) (بيئة الطفل)، والمعلومات المستمدة من هذا الاختبار مفيدة في مجال برامج التنمية.
5 – تقليد الكلام:
صمم هذا الاختبار من أجل تقييم قدرة الطفل (الفرد) على عملية النطق (Articulate) للعديد من الألفاظ. والمعلومات المستمدة من هذا الاختبار تعتبر عاملاً هاماً ومساعداً في البدء في البرنامج التعليمي.
الأدوات اللازمة لإجراء الاختبارات السابقة:
من أجل تقييم مستوى القدرة التعليمية لدى الطفل يجب توافر الأدوات الآتية:
لعبة سيارة، فنجان، مكعبات مربعة للبناء، أوراق ملونة ومربعة (أحمر، أخضر، أصفر) بأبعاد طول وعرض ثلاثة إنشات، عصير، ملعقة، كعكة محلاة (Cookie)، ورقة سوليفان شفافة، ولعبة أو دمية أخرى يتم اختيارها، ويجب أن تكون غرفة الاختبار تسمح بترتيب هذه المواد في النظام نفسه، وبحيث يكون الدخول إلى هذه الأدوات (أو الوصول إليها) سهلاً لدى الطفل، مع توافر الهدوء، والحد الأدنى من الضجيج ومشتتات الانتباه.
تعليمات تطبيق الاختبارات:
1 – إحضار المثير اللفظي، وكذلك الإشارات (signs).
2 – إذا لم يستجب الطفل للمثير فإن الإشارة لا تعطى له بعد تقديمها ثلاث مرات فقط.
3 – يعطى الطفل درجة الصفر عن الإجابة الخاطئة (Incorrect)، وتعطى له درجة واحدة عن الاستجابة الصحيحة، وعلى الفاحص في حال الاستجابة غير الصحيحة الانتقال مباشرة إلى البند التالي.
4 – يجب تعزيز كل محاولة تالية، وسواء كانت ذات استجابة صحيحة أو استجابة خاطئة.
5 – يجب أن تكون استجابة الطفل خلال عشر ثوانٍ فقط من تقديم الإشارة (المثير)، حتى تعتبر الاستجابة صحيحة.
6 – يجب جلوس الفاحص على مسافة (30 – 40) سم وجهاً لوجه مع الطفل، ويفضل الجلوس إلى جانب الطاولة التي توضع عليها الأدوات
7 – يجب استخدام أي وسيلة تشجع الطفل على الاستمرار في الاستجابة الصحيحة أو استجرارها.
8 – إن مجموع الدرجات الصحيحة توضع في نهاية كل مجال أو كل اختبار فرعي، وتجمع كلها للحصول على المجموع الكلي للدرجات.
9 – إن تعليمات الاختبار تتطلب من الفاحص وقتاً نحو (10 – 20) دقيقة.