التصنيفات
رشاقة ورياضة | برامج حمية | نظام غذائي

تعريف التغذية المثلى – ج2

لعل معظم الناس هم من غير المختصين بأمور التغذية وهم غالباً ما يقتاتون بأغذية مُعَلَّبة سُجل عليها بعض محتوياتها الأساسية، فواحدة تقول أنها تحتوي على عدد معين من السعرات الحرارية والأخرى تدعي بأن كل قطعة من مكوناتها تحتوي على الثيامين أو الريبوفلافين أو النياسين… إلخ. وتعمل هذه المعلبات مع عدد كبير آخر من الإعلانات الغذائية على طمأنتنا بأن هذه الأغذية المتوازنة المحتوى تزود أجسامنا بكل ما نحتاجه. إنها بالحقيقة الكذبة الأكبر في مفهوم علم العناية الصحية الحديث فهي مفاهيم مبنية على معلومات خاطئة حول طبيعة الجسم البشري.

جسم الإنسان شبيه بالماكنة

إن مفهوم تشبيه جسم الإنسان بالماكنة هو نتيجة تفكير فلاسفة مثل نيوتن وديكارت وأيضاً الثورة الصناعية التي تصورت عالماً منتظماً وإنساناً كآلة مفكِّرة.

قبل مئتي عام، قضى أسلافنا ملايين السنين وهم يقتاتون بما يصطادونه، وعشرة آلاف سنة كفلاحين ومزارعين. وقد اتجهوا أخيراً إلى المدن إبان الثورة الصناعية لإشباع حاجة العمل. وقد اشتمل غذاء عمال المصانع الجديدة على الدهون والسكر والدقيق (ولعل البسكويت والكعك هما خير مثال على ذلك)، وقد كُرِّر الدقيق لكي يُحفظ من السوس وكذلك السكر والدهن. وقد اعتبرت هذه الأغذية الرخيصة التي تزود الطاقة بأنها وقود للإنسان (تماماً كما تقول إن البنزين هو وقود للسيارة). وعليه لا يكون مستبعداً أن تضعف الصحة حينئذ، ففي مقتبل القرن العشرين أخذ طول الإنسان بالانكماش قياساً بالأجيال السابقة. وقد أدى ذلك إلى اكتشاف البروتين، العامل الغذائي المهم للنمو، علماً أن السكر هو للطاقة والبروتين لتنمية العضلات. وبهذا المفهوم وُلد الغذاء الغربي الغني بالسكر والدهن والبروتين. ومع ذلك بقي الناس يعانون من الأمراض الناشئة عن سوء التغذية التي تم معالجتها بالتدريج واحدة أثر الأخرى. فقد تم التخلص من أمراض نقص الفيتامينات التقليدية كالاسقرباط والريكتس عندما اكتُشف فيتامينات جديدة. وبالوقت نفسه تم التعرف على أهمية المعادن أيضاً، إلا أن التعامل مع هذه العناصر الغذائية بقي ميكانيكياً، فكل ما يحتاجه الشخص هو ما يسمى بالمقرر اليومي المطلوب (RDA: Recommended Daily Allowance) من هذه العناصر الذي اعتبر كافياً للدفاع عن الجسم ضد أمراض النقص الغذائي، ولكن الدكتور جيفري بلاند الخبير العالمي بالكيمياء الحيوية وأستاذ الكيمياء السابق يقول بأن RDAs لا تمتلك أي علاقة بحاجة الفرد الغذائية وإنما هي معايير تشخيصية وضعت لتغطية حاجة الأفراد الأصحاء ومنع الإصابة بالاضطرابات الناتجة عن النقص الغذائي كالبريبري والبلاغرا والاسقربوط والكواشيوركور والركيتس والمرازموز، والتي ليس لها أي علاقة بالاضطرابات الشائعة في المجتمع الغربي.

الغذاء والجينات والبيئة والأمراض

يتألف جسمك كلياً من جزيئات مشتقة من الغذاء فإنك تأكل خلال حياتك أكثر من مائة طن من الغذاء تتحلل إجمالاً بواسطة الإفرازات الغنية بالأنزيمات في قناتك الهضمية. تتكون هذه الإفرازات بمعدل عشرة ليترات في اليوم الواحد وتُمتص المغذيات الكبيرة (Macronutrients) كالدهون والبروتين والكاربوهيدرات والأخرى الدقيقة (Micronutrients) كالفيتامينات والمعادن من خلال القناة الهضمية التي يُعتمد في صحتها وتماسكها على ما تتناوله من غذاء أساساً. فحالتك الغذائية إذن تحدد بشكل ملموس قدرتك على اكتساب الصحة والمحافظة عليها. هذا وإن الخلل في التوازنات الكيميائية الحيوية الناتجة من التغذية غير الكافية أو غير المناسبة عبر الأجيال تسجل وراثياً بشكل فعاليات جسمية نشيطة أو ضعيفة. فالجينات تعزز ذاتها في بيئتك (من خلال الغذاء، والهواء والماء… إلخ). فإن كانت بيئتك معادية لهذه الجينات فإنك لا تتمكن من التكيف فتنتج الأمراض وإن كانت بيئتك مغذية ستتوفر لك فرص أعظم لمقاومة الأمراض وتعيش حياة ملؤها الصحة والحيوية.

ماذا تعني التغذية المُثلى؟

تعني التغذية المُثلى ببساطة الحصول على المغذيات Nutrients التي تجعل جسمك صحياً مما يؤهله للقيام بوظائفه بشكل جيد. فهي ليست بالضرورة مجموعة من التعليمات فلا يتطلب على سبيل المثال أن تكون نباتياً أو تتناول المضافات (Supplements) أو أن لا تتناول أي غذاء خاص بالرغم من أن هذه الاعتبارات قد تلاقي ترحيباً لدى البعض فحاجتك للغذاء حاجة فريدة تعتمد على مجموعة من العوامل بدءاً من عوامل الضعف والقوة التي ولدت عليها وحتى من التأثيرات الآنية التي تسلطها البيئة عليك. فما عليك إلا أن تعتبر التغييرات في أشكالنا وقدراتنا وشخصياتنا لكي تدرك أن حاجاتنا الغذائية ليست بالضرورة متطابقة. فغذاء أحدنا قد لا يكون مثالياً لأي شخص بالرغم من وجود خطوط مشتركة تُطبَّق علينا جميعاً. فغذاؤك الأمثل هو ذلك الغذاء الذي:

●    يعزز أداؤك الفعلي الأمثل وتوازنك العاطفي.

●    يعمل على تنشيط الأداء الجسماني المناسب.

●    ليس له علاقة بالإصابة بالأمراض وبمستواها الأدنى.

●    يرتبط بمسببات العمر المديد ودوام الصحة.

وقد عُرفت حتى الآن خمسون مادة مغذية ضرورية للصحة، وهي تعمل عند أخذها يومياً وبكمية مناسبة على تنشيط وإدامة صحتك. وبهذا تعمل تدريجياً على إعادة بناء وبعث الحياة في كامل جسمك وهيكلك ضمناً. عند تناول التغذية المثلى تتمكن من:

●    تحسين القدرة على الصفاء العقلي والتركيز.

●    زيادة معدل الذكاء IQ.

●    زيادة الأداء الجسماني.

●    تحسين نوعية النوم.

●    تحسين مقاومة الأمراض والعدوى.

●    حماية نفسك من المرض.

●    زيادة مدة الحياة الصحية.

قد تبدو هذه الأوصاف وكأنها ادعاءات جريئة إلا أن كل منها قد تم إثباته من خلال البحوث العلمية. وقد اتصلت هاتفياً باثنين من الأطباء من ذوي الممارسة الطويلة قبل اكتشاف مبدأ التغذية المثلى. فأخبرني أحدهما بأنه مقتنع تماماً بأن التغذية ستصبح الجزء الأهم من الطب في المستقبل المنظور وأنه يحصل على نتائج أفضل باستخدام الغذاء والمضافات مقارنة بالأدوية والعقاقير. وأخبرني الآخر، وهو ممارس عام في دبلن، بأن القرائن والإثباتات المستقاة من العلاج الغذائي تزداد قوة بحيث سيصبح علماء التغذية اليوم أطباء الغد إذا لم يتحول أطباء اليوم إلى علماء تغذية.

المغذيات الأساسية الخمسون

الدهون الأحماض الأمينية المعادن الفيتامينات إضافة ل
حامض اللينوليك الليوسين الكالسيوم A (الرتينول) الكربوهيدرات
حامض اللينولينك اللايسين المغنيزيوم B1 (الثيامين) الألياف
  ايسوليوسين الفوسفور B2 (الريبوفلافين) الضوء
  الثريونين البوتاسيوم B3 (نياسين) الأوكسجين
  التريبتوفان الصوديوم B5 (حامض
البنتوثنين)
الماء
  الميثيونين الكبريت B6 (البريدوكسين)  
  الفالين الحديد B12 (السيانوكوبلامين)  
  الفينلالانين الزنك حامض الفوليك  
  الهيستيدين النحاس البيوتين  
  التورين (لحديثي المنغنيز C  
  الولادة) الكروم D  
    السيلينيوم E  
    الكوبلت K  
    السيليكون    
    اليود    
    المولبدينوم    
    الفناذيوم    
    الزرنيخ    
    النيكل    
    القصدير    

اكتشف تغذيتك المُثلى

اعتمدت الطريقة القديمة في تقدير حاجتك للتغذية على تحليل ما تتناوله من غذاء ومقارنة ذلك بالتوصيات اليومية لكل مغذٍ. إلا أن هذه الطريقة أولية كون RDAs لا توجد لعدد من المغذيات الرئيسية وليس لها علاقة كبيرة بما يتطلب لتحقيق الصحة المثلى، إضافة إلى أنها لا تأخذ بالحسبان الاختلافات الفردية في الحاجة الغذائية وعوامل أسلوب الحياة التي تؤدي إلى تغيير هذه الحاجة كما في حالة التعرض للتلوث ومستوى الإرهاق والضغط النفسي.

يساعدك هذا الكتاب على تقدير مستوى تغذيتك المُثلى باستخدام ثلاث طرق مجربة يمثل كل منها جزء من الأحجية في حساب حاجتك، وكلما تعددت الطرق المستخدمة كلما أصبحت الخطة الغذائية أكثر فاعلية. إضافة إلى ذلك يجد مستشارو التغذية في الاختيارات الكيميائية الحيوية مداخل للتعرف بدقة على حاجة الإنسان الغذائية. وتأخذ الطرق الثلاث، المفصلة أدناه، بالحسبان أربعة مبادىء رئيسية هي:

علم الأجسام المتحركة التطوري (Evolutionary Dynamics): التفرد الكيميائي الحيوي (Biochemical Individuality) التضامن والزخم البيئي (Synergy and Environmental load) والتي هي أساسية لمنحى التغذية المُثلى والتي ستُشرح في الفصول التالية.

تحليل العوارض (Symptom Analysis):

ويُحقق لك ذلك إمكانية التعرف من خلال مجموعة من العلامات والعوارض (كفقدان الطاقة، التهابات الفم، التشنج العضلي، وسهولة الكَدْم وضعف القدرة على تذكر الأحلام… إلخ) على أي من المغذيات هو المفقود.

تحليل أسلوب الحياة (Lifestyle):

ويساعدك هذا في تشخيص العوامل التي تكيّف حياتك والتي تغير الحاجة الغذائية (كمستوى ما تؤديه من تمارين رياضية، التوتر والتلوث… إلخ).

تحليل الوجبات الغذائية (Dietary):

ولا يقارن هذا غذاءك مع RDAs وإنما مع المستويات المُثلى للمغذيات. ويأخذ بالاعتبار المواد المضادة للمغذيات (anti-nutrients) والتي تؤدي إلى تجريد الجسم من المغذيات.